
الاقتصاد والناس-التونسيون والموازنة الأكثر جدلا منذ الثورة
بالرغم من أن الناس العاديين لا يهتمون بأرقام الموازنات، فإنهم مع سياسات شد الأحزمة التي تتبعها الحكومات، باتوا يتابعون هذه الأرقام لما تشكله من تأثير كبير على حياتهم وجيوبهم.
وفي تونس بعد ست سنوات عجاف تراجعت معها المؤشرات الاقتصادية، قدمت الحكومة مشروع موازنة يعتبر الأكثر جدلا بين موازنات ما بعد الثورة، وعنوانها الرئيسي التقشف والإصلاحات الضريبية.
ويبلغ حجم موازنة 2017 حوالي 14.8 مليار دولار، أي بزيادة %12 عن العام السابق. أما عجز الموازنة فيقدر بـ5.4% من الناتج المحلي الإجمالي. وستقترض تونس مبلغ 2.78 مليار دولار لسد العجز، وهو تقريبا ضعف ما اقترضته العام السابق للغرض ذاته.
قطاعات كبيرة معطلة
وزير الاستثمار التونسي فاضل عبد الكافي قال لبرنامج "الاقتصاد والناس" حلقة (2017/12/10)، إن ميزانية الدولة ارتفعت في السنوات السابقة من 18 مليار دينار تونسي إلى 32 مليارا، ولكن في نفس الوقت كانت قطاعات كبيرة -كالفوسفات والسياحة والاستثمار والفلاحة- معطلة.
هذا -كما يضيف- ما جعل العجز في الميزانية عام 2010 يصل إلى %1 والنمو إلى 5%، لكن خلال السنوات الخمس بلغ العجز 6% وتضاعفت المديونية، مما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات صعبة.
وطالب عبد الكافي اتحاد الشغل والشركات والحكومة والشعب عموما بالتضحية حتى تعبر تونس هذه المرحلة الاستثنائية.
بدوره قال مقرر اللجنة المالية في البرلمان التونسي شكيب باني إن النص الأصلي للموازنة المرسل من الحكومة اشتمل على الجباية من قطاعين خاصين هما المحامون والأطباء، ولكن البرلمان عمم هذه الجباية لتشمل كل القطاع الخاص.
حد لا يطاق
وكان رئيس الحكومة قال إن العجز الاقتصادي وصل حدا لا يطاق وإن الميزان التجاري في خطر، بينما رفضت النقابات المهنية بعض بنود الميزانية وهددت بالتصعيد.
أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية رضا الشكندالي قال إن ثمة أرقاما ضخمتها الحكومة ولا يمكن لها أن تنجزها، ومن ذلك رصد مبلغ 6.2 مليارات دينار لنفقات التنمية، والحال "أننا بعد الثورة لم نتمكن من تجاوز مبلغ 4.8 مليارات".
ويخلص إلى أن الدولة كان عليها أن تحترم إمكانات الاقتصاد التونسي. من ناحية ثانية قال إن هناك شكا في قدرة الحكومة على تعبئة الموارد الجبائية.
جباية المهن الحرة
من جانبه قال عميد المحامين عامر المحرزي إن قانون المالية لعام 2017 خص المحامين فقط بقانون اسمه "جباية المهن الحرة"، وقد "رفضناه جملة وتفصيلا".
ومضى يقول إن الحكومة التي تقول إنها تريد شد الأحزمة، عوض ذلك تزيد من الميزانية وتفتح الأبواب على مصاريعها أمام فئة من الأثرياء في تونس.
ويضرب مثلا على ذلك بالقول إن الحكومة تخفض تعرفة الضريبة على القمار وتزيد الجباية في مهن أخرى، والهدف في رأيه هو السعي لإفقار الطبقة المتوسطة.