الاقتصاد والناس

أوضاع الاقتصاد في بلدان الربيع العربي

تناقش الحلقة التداعيات الاقتصادية لثورات الربيع العربي، ومستقبل التنمية الاقتصادية في عصر الإسلاميين. والتحديات التي تواجه الإسلاميين في النهوض الاقتصادي وبناء الدولة.

– التداعيات الاقتصادية لثورات الربيع العربي
– برامج الإسلاميين الاقتصادية

– الإسلاميون وتحديات النهوض الاقتصادي وبناء الدولة

 

‪أحمد بشتو‬ أحمد بشتو
‪أحمد بشتو‬ أحمد بشتو
‪السيد الصيفي‬ السيد الصيفي
‪السيد الصيفي‬ السيد الصيفي
‪معبد الجارحي‬ معبد الجارحي
‪معبد الجارحي‬ معبد الجارحي
‪راشد الغنوشي‬ راشد الغنوشي
‪راشد الغنوشي‬ راشد الغنوشي
‪حاتم القرنشاوي‬ حاتم القرنشاوي
‪حاتم القرنشاوي‬ حاتم القرنشاوي
‪لؤي‬ لؤي صافي
‪لؤي‬ لؤي صافي

أحمد بشتو: في بطون هذه الكتب لطالما وضع الإسلاميون أفكارهم ورؤاهم لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والحياتية للناس في بلداننا، لكن كيف يدير الإسلاميون الآن الملفات الاقتصادية في البلاد التي وصلوا فيها لكراسي الحكم؟ وهل من المبكر الحكم على أداءات الحكم الإسلامي لمشاكل ورثوها مثقلة بكل أنواع المشاكل، من تقلص شديد في النمو وصعود مقلق لمعدلات الفقر والبطالة وتدهور في احتياطيات العملات الأجنبية وارتفاع في أسعار السلع ونسب التضخم، بهذا وصف رئيس صندوق النقد العربي حال مشكلات دول الربيع الثوري العربي يضاف إليها ربما الاضطرابات الفئوية المستمرة المعيقة للإنتاجية، الطبقية الحادة ربما أيضا، بطء التحرك في حل كل هذه المشاكل حتى الآن، لم يجد الناس مثلا أو لم يسمعوا عن قرارات اقتصادية ثورية وأفكار غير تقليدية تنبئ بتحسن اقتصادي وشيك، هل انشغل الإسلاميون بالعوائق السياسية وما الذي يعطل انطلاق ثورة اقتصادية يتمناها الناس؟ مشاهدينا أهلا بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من الاقتصاد والناس، حيث نتابع…

يحيى ولد أحمد الواقف: أنا أعتقد أن الإسلاميين أولا وجهتم الرئيسية هو كونهم باحثين عن الحكم وعن السلطة وبالتالي لم تكن لديهم المعلومات الكافية لتقييم الوضعية الحقيقية..

معبد الجارحي: ممكن في نوع من المساواة أو نوع من العدالة بحيث إن إيه إن الغني يدفع أكثر من الفقير يعني..

راشد الغنوشي: لأن هناك أشغال التونسيون لا يريدونها الآن، يعني مثل أعمال البناء وأعمال الفلاحة، جزء من الزيتون لم يقع جنيه..

منذر قحف: بالنسبة لمصر ولتونس هم ما زالوا مشغولين بقضايا أساسية يا اللي هي نفس وجود الاتجاه الإسلامي في الحكم..

حاتم القرنشاوي: كم الوعود والأحلام التي أطلقت دون وجود برامج متكاملة، أو تصور متكامل لكيفية تحقق هذه الوعود.

أحمد بشتو: حلقة تحاول تفاهم فارق بين الأحلام والنظريات الاقتصادية وتطبيقها على أرض الواقع، وتابعونا..

تقول تقديرات أن ثورات الربيع العربي كلفت دولها 56 مليار دولار، نصيب ليبيا منها 15 مليار دولار ومصر 10 مليارات وتونس 4 مليارات، أما النصيب الأكبر فهو لسوريا ولا تزال، مع استمرار حالة عدم الاستقرار فالاقتصاد التونسي يعاني عجزا تجاريا بـ 50% وتراجعا في أحجام النقد الأجنبي لا تكفيه إلا لستة وتسعين يوما فقط مقابل تراجع في نسبة البطالة بـ1% إلى 17.6% ، كذلك الحال في اقتصاد مصر الذي تراجع فيه معدل النمو إلى 1% فقط مما يزيد نسب البطالة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتضخم وعجز واضح في الميزانية مع حاجة ملحة لاستثمارات ليست أقل من 30 مليار دولار، حتى في المغرب التي تحكمه حكومة إسلامية تعاني الميزانية عجزا بـ60% من الناتج المحلي أدى لفقدان آلاف الوظائف، مع ارتفاع المديونية الخارجية بـ 8.6% إضافية، والحال في اليمن والسودان بالتأكيد ليس أفضل حالا، والمزيد في التقرير التالي..

]تقرير مسجل[

عمار طيبي: أسقطت رياح الربيع العربي أنظمة اتهمتها الشعوب بالتسبب في معاناتها المعيشية وفي سوء أوضاعها الاقتصادية، وذهب التغيير بحركات سياسية انتقلت من صف المعارضة إلى كرسي السلطة، وفي مقدمة هذه الحركات الأحزاب الإسلامية في مصر وتونس والمغرب، بين الواقع والمأمول طرح الشارع العربي سؤالا كبيرا، هل سينجح الإسلاميون اقتصاديا فيما فشلت فيه الأنظمة السابقة؟ ورث القادمون إلى السلطة تركة ثقيلة، البطالة في هذه البلدان تجاوزت الـ 30% وبلغت معدلات الفقر 40%، كما التهم الفساد الكثير من إمكانات هذه الدول، ومع كل هذا تخلف كبير في البنية الاقتصادية، بشر الإسلاميون على مناظر المعارضة خلال العقود الماضية بأن الحل ممكن وبأنهم سيعملون على إخراج الأوطان وشعوبها مما هي فيه إلى أوضاع أحسن، وطرح هؤلاء في خططهم المقترحة مشاريع للنهضة وأخرى للإصلاح وتحسين مستويات التنمية، بين الخطاب والممارسة وجد الإسلاميون أنفسهم في مواجهة تحديات اقتصادية صعبة، فتركة الأنظمة السابقة أضيفت لها فاتورة الثورات حيث أصبحت هذه الحركات السياسية مجبرة على الإتيان بالملموس في نظر الشعوب، فرغيف الخبز والوظيفة والمسكن والراتب في مقدمة أولويات مطالب الشارع، مضت أشهر على ممارسة بعض الأحزاب الإسلامية للحكم في تونس والمغرب ومصر، المنتقدون لحصيلتها يرون أن أدوات التفسير الاقتصادي لم تختلف عن العهود السابقة، وينتقدون خيارات الاستدانة والتمويل والاستثمار التي انتهجتها هذه الأحزاب، ويعتقدون أن ما حقق من مستويات نمو تبقى متواضعة، لكن أصحاب الرأي الآخر يعتبرون أن مدة أشهر لا تكفي للحكم على تجربة الإسلاميين في القيادة الاقتصادية لبلدانهم، ويؤكدون أن ما هدم في عقود الفساد والاستبداد يحتاج لسنوات لإعادة البناء.

]نهاية التقرير[

التداعيات الاقتصادية لثورات الربيع العربي

أحمد بشتو: دكتور بعد أشهر من وصول الإسلاميين للحكم في تونس ومصر مثلا، لم يلاحظ الناس اختلافا في المشهد الاقتصادي، ظلت المشاكل الاقتصادية على حالها، هل المشاكل كبيرة لهذه الدرجة أم الحلول لم تكن كافية لهذه المشاكل؟

السيد الصيفي/ أستاذ الاقتصاد والتمويل الإسلامي: يعني هو ده الخطاب الإعلامي الذي يسبق الجولات الانتخابية للحد أنه يبقى فيه دايما مبالغات شديدة ويبقى في وعود كثيرة جدا، ولكن عندما يتحول الشخص الذي كان يقوم بهذا الكم من الدعاية لنفسه لخوض انتخابات معينة، عندما يصطدم بأنه هو الذي بيده سدة الحكم بالكامل، فيفاجئ بأن هناك أمور كثيرة جدا لا يمكن أن تقوم بهذه السرعة التي هو كان يتمناها، في الحقيقة الإخوان المسلمين على مستوى العالم العربي بقى لهم 80 سنة في موقع المعارض، في الموقع الذي يعطي عهود ولم يحاسبه أحد لان  ليس بيده الحكم، ولكن عندما انتقلت له الحكم وبصورة سريعة جدا أكثر كثير مما كان يتوقعها، لأننا إحنا كلنا عارفين في الحقيقة أن الإخوان المسلمين هم ليسوا، هم من قاد الثورة ولكنهم التحقوا بالثورة وقاموا بدعمها بصورة كبيرة، ثم استفادوا منها بأنهم وصلوا من خلالها إلى سدة الحكم، عندما أصبحوا في سدة الحكم، أصبحوا مطالبين بتنفيذ ما كانوا يعدوا به، وفوجئوا بأرض الواقع أنها ليست بهذه السهولة تنفيذ ما كانوا يعدوا به، وخاصة أنهم انخرطوا في معارك سياسية كثيرة جدا للقرارات السياسية الأخرى، ولم يلتفتوا إلى الشأن الاقتصادي، من وجهة نظري الشأن الاقتصادي في مصر لن يحظ بأكثر من نسبة من 10 الـ 20%، بينما حظي الشأن السياسي بأكثر من 80% من جهد جماعات الإخوان المسلمين لتوطئة الأمور في داخل الدولة.

أحمد بشتو: أيضا قبل أن يصل الإسلاميون إلى الحكم، قدموا ربما أفكارا غير تقليدية خارج الصندوق للمشاكل الاقتصادية الحالية، لماذا بعد أن وصلوا إلى الحكم نسوا هذه الأفكار واتجهوا للتطبيقات والحلول التقليدية القديمة؟

السيد الصيفي: تركوا الأصل في الموضوع، تركوا الأصل في إثبات أنهم قادرون على إيجاد حلول اقتصادية، وحلول اقتصادية سريعة للنهوض بالدولة، وانخرطوا في الرد على ما اللي يصار ضدهم من مشاكل، وبالتالي في الحقيقة ده أخذ جهد كبير جدا منهم ولم يصبح هناك تفرغ للقيام بالعملية الاقتصادية وده في الحقيقة اللي خلى ما فيش برنامج قومي اقتصادي كبير يقوم بتوحيد الطاقات الموجودة داخل المجتمع المصري الذي ضربت فيه البطالة لأكثر من 20%، وهذا وسبب البطالة هو السبب الذي أدى إلى قيام الثورة.

برامج الإسلاميين الاقتصادية

أحمد بشتو: ما الذي فات على الإسلاميين فعله حتى الآن في دول كمصر وتونس، حتى يقدموا نموذجا اقتصاديا إسلامي، يعني يطمئن الناس على الأقل في الفترات الأولى لحكمهم؟

منذر قحف/ أستاذ الاقتصاد الإسلامي: بالنسبة لمصر ولتونس، هم ما زالوا مشغولين بقضايا أساسية يا اللي هي نفس وجود الاتجاه الإسلامي في الحكم، ما زال لم يستقر ذلك بعد في هذه البلدين، ونفس الشيء بالنسبة للمغرب، بس أنا أعتقد أنه كان ينبغي عليهم أن يبدؤوا بهذا، يمكن أن تسألني هذا السؤال، لماذا لم تفعل الحركة الإسلامية في السودان مثل ذلك؟ أنا أعتقد ذلك تقصير كبير، بل أن الحركة الإسلامية في السودان، وأرجو أن تقبل كلمتي الصريحة قد خيبت آمال الإسلاميين كلهم في نشاطها وفي دورها التنموي، رغم أن عملت انجازات تنموية بسبب البترول، ولكن الأسباب الحقيقية اللي هي تغيير نظام التعليم، توجيه الاقتصاد نحو الإنتاج الحقيقي، إزالة المحسوبيات والفساد فشلت بذلك الحركة الإسلامية بالسودان وأرجو أن لا تكون نموذج للحركات الأخرى.

أحمد بشتو: لكن هل تغشى دكتور أن تقع هذه التجارب الإسلامية في مصر وتونس في المحاذير التي وقعت فيها التجربة السودانية كما تفضلت؟

منذر قحف: أنا أقول لك يمكن أن تقع، إذا بقيت الحركة واتجاهاتها الاقتصادية بأيدي معلمي المدارس، معلمو المدارس الثانوية اللي هم العمود الفقري للحركة الإسلامية في تونس وفي مصر، لو كانت قيادة النشاط الاقتصادي والنشاط السياسي الذي يحارب الفساد، بأيدي هؤلاء قد ينجحون في جانب الفساد ولكنهم لن يستطيعوا أبدا أن ينجحوا بإعادة البنية الاقتصادية، نحتاج إلى فنيين متخصصين، ولا يكفي أبدا القول بأن نكتفي بالعزيمة والحماس الديني لتغيير الاقتصاد.

أحمد بشتو: قضيتم وقتا طويلا في المعارضة وفي الكفاح والجهاد خارج وداخل تونس، وحينما وصلتم إلى الحكم ربما ليرى الناس منكم أداء اقتصاديا كانوا يتمنونه، لماذا تأخر هذا الأداء؟

راشد الغنوشي/ رئيس حركة النهضة الإسلامية في تونس: الحكومة بذلت جهودا كبيرة في تخصيص ميزانية عالية أضخم ميزانية استثمارية واجتماعية في تاريخ البلاد هي التي خصصتها الحكومة يعني حوالي ست مليارات مخصصة للاستثمار وللمساعدات الاجتماعية وللتنمية الاجتماعية إلا أنه أي ميزانية تحتاج إلى مدة حتى تظهر ثمارها هاد أولا، ثانيا العمل ليس يسيرا من جهة أن هناك معيقات، هناك روتين إداري معيق هناك قوانين أيضا تجعل مثلا أن تحول طبيعة الأرض من طبيعة زراعية إلى طبيعة صناعية كي لا إجراءات معقدة  جدا، الجانب الثالث هو أنه أنت بالتالي كي تنشأ بناية جديدة تحتاج إلى أرض مستقرة، الأرض متحركة لأنه هذا هو الحال بعد الثورات خاصة هذه المناطق التي حرمت طويلا من التنمية نفذ صبرها تريد الآن، ولكن الآن هنالك الأرض متحركة إضرابات وقطع طرقات مما يجعل أي عمل تنموي أمامه إعاقة حقيقية لأنه يحتاج إلى أرض مستقرة.

أحمد بشتو: لكن الناس بحاجة إلى أمل اقتصادي لماذا  تأخر هذا الأمل لماذا تأخرت الحركة الاقتصادية كي يشعر الناس بأن هناك جديد اقتصادي سيحدث؟

راشد الغنوشي: بطبيعة الحال أي نظرية تنزل بها إلى الواقع يعني لا يمكنه أن تتطابق التطابق الكامل يعني وبالتالي فنحن مخططاتنا لم تكن خيالية بالذات لم تكن قطعا، ولكنها تحتاج إلى؛ ولكن المعيقات التي أمامها لم تكن منتظرة كما هي في الواقع يعني المعيقات الإدارية والمعيقات القانونية والمزايدات السياسية والمزايدات النقابية هذه كلها يعني كان منتظرا أن يكون هناك تعاون بين كل هذه الأطراف.

أحمد بشتو: مفاجأة فجرها جوزيف ستيغليتز الخبير الاقتصادي العالمي بأن مكافحة الفساد ورفع شعارات العدالة الاجتماعية لا يكفيان وحدهما لحل مشاكل اقتصاد الدول  الربيع العربي مقولة تستحق منا التأمل بعد أن نعود إليكم بعد هذا الفاصل وتابعونا.

[فاصل إعلاني]

الإسلاميون وتحديات النهوض الاقتصادي وبناء الدولة

أحمد  بشتو: يقول الخبراء إن الاقتصاد والاستثمار قلق بطبعه ويحتاج لخطط مستقبلية مفصلة وإن إعادة البناء تحتاج لحوار مجتمعي لا يزال غائبا عن دول الربيع العربي فالحمل أثقل من أن تحمله فئة بعينها دون مساعدة الآخرين، أما النماذج التنموية الاقتصادية في العالم فهي كثيرة ومتنوعة كنموذجين التركي والماليزي الذين ينظر إليهما دوما عربيا على أنهما المثال الأعلى لكن دون تجاه التحرك في تطبيق أي منهما نسمع مثلا عن دعوة لمشروع اقتصادي جامع يلتف حوله الناس ويعطي إشارة البدء للنهوض الاقتصادي الجديد، مشاهدينا أهلا بكم مرة أخرى إلى هذه الحلقة من الاقتصاد والناس.

[نص مكتوب]

الاقتصاد في دول الربيع العربي:

  • تراجع الاهتمام بتحسينه وسط الصراعات السياسية.
  • عدم تحسينه يضع الإسلاميين في امتحان صعب.
  • لم يشهد حوارا مجتمعيا أو مشروعا جامعا.

أحمد بشتو: دكتور حسب تقييمك المشكلة الاقتصادية الآن في دول الربيع العربي تكمن في إدارة الإسلاميين للملفات الاقتصادية أم في طبيعة هذه المشاكل الاقتصادية وتشعبها ربما وعصيها على الحل؟

حاتم القرنشاوي/ عميد كلية الدراسات الإسلامية بمؤسسة قطر للتربية: أعتقد أن يعني ما يواجه دول الربيع العربي الآن يعني  التي نجحت ثوراتها في إزاحة نظم الحكم القديمة وأن هناك جانبين ينبغي النظر إليهم: الجانب الأول أن هناك ثورة تطلعات مشروعة وثورة توقعات ضخمة جددا من جانب الجماهير، هذه الثورة يعني تغذيها عقود وليس سنوات من الحرمان من القهر من سوء توزيع الدخل من البطالة من كل المشاكل التي تعاني منها هذه المجتمعات من التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفي نفس الوقت من كم الوعود والأحلام التي أطلقت دون وجود برامج متكاملة أو تصور متكامل لكيفية تحقق هذه الأمور، تلاقى الاثنان ليوجد حالة من الترقب والتوقع التي لا يمكن مقابلتها على أرض الواقع بالشرع التي تدور بها مخيلة الجماهير أو أحلامهم فتكون النتيجة إحباط.

أحمد بشتو: لكن حتى الآن أيضا تدار نفس الملفات الاقتصادية بنفس الطريقة القديمة الأحادية بدون إشراك مجتمعي كامل لإيجاد حلول يعني أزيحت الوجوه القديمة وجيء بوجوه جديدة والملفات الاقتصادية تدار بنفس الطريقة.

حاتم القرنشاوي: يعني كما أنا في تصوري أنها يعني مرحلة تعلق أنا اتفق أنها مرحلة تعلق، والمهم ليس هو الحوار المهم أن يكون هناك إيمان بأنه لا بد من الحوار ومن تحليل نتائج هذا الحوار وان يكون لدى القوى كلها يعني إحنا في بعض البلاد بنرى أن القوى الأخرى بتصر على رفض أي حاجة يقدمها الإسلاميون في الجانب هناك إسلاميون يرفض أي شيء يقدمه الآخرون لن نصل إلى شيء بهذا الحل.

لؤي صافي/ مدير مركز الحكم الراشد بمؤسسة قطر للتربية والعلوم: هو بالتأكيد هناك تحدي أمام هذه الدول بشكل خاص مصر وتونس بسبب قدوم قوى إسلامية محسوبة على الحركة الإسلامية إلى السلطة طبعا عملية التنمية الاقتصادية ستتطلب التعامل مع مراكز القوى الاقتصادية في العالم وهي معظمها غالبية، فإذن هذا سيتطلب بناء ثقة وقدرة على التعامل وربما يكون هذا التحدي، هل ستستطيع الحكومات الجديدة في مصر وتونس أن تنفتح وتقيم نظام يحترم رؤوس الأموال وتنقلها؟ وفي نفس الوقت هي طبعا عندها برنامج إصلاحي يهتم بأمور المواطن العادي ويرفع مستوى المعيشي.

أحمد بشتو: وإذا وضعنا هذه الدول وهذه التجارب القديمة منها كالسودان مثلا والأحدث كالمغرب كيف تقيمها هل أدت أداء جيدا أم كانت عليها ضغوط ربما حدت من هذا الأداء؟

لؤي صافي: دعني أخذ مثل السودان، السودان طبعا عندها تجربة طويلة في الحكم على أداء الحكومة التي تحمل صفة الإسلامية طبعا لأنها يعني أقطابها من المحسوبين على الحركة الإسلامية في السودان، طبعا هذه الحكومة في فترة معينة استطاعت أن تطور بنيتها التحتية قليلا بالاستفادة من النفط واكتشاف النفط، لكن مع الأسف ما استطاعت أن تطور القدرات الشعبية بحيث أنها طورت التعليم واستطاعت أن تقدم نماذج متميزة لشركات خارج الدائرة النفطية لتكون منافسة في السوق الدولية، هذه طبعا مشكلة تتعلق بكل الدول العربية بالاعتماد على الثروات الطبيعية والسياحة هذا لا يكفي لتنمية الاقتصاد لا بد من تطوير مهارات اقتصادية وإنتاجية  يتم من خلالها التنافس في السوق الدولية.

أحمد بشتو: دكتور أنت أحد أعضاء لجنة صياغة الدستور المصري الجديد ما بعد الثورة هل سنجد اختلافا في المواد الدستورية الجديدة يتماس مع الحالة الاقتصادية المصرية الحالية يختلف ربما عن الدساتير المصرية السابقة؟

معبد الجارحي/ عضو لجنة صياغة الدستور المصري الجديد: بالطبع لأن آمال الشعب ومطالبه أن يعني وخبرته في السنين الطويلة اللي فاتت خاصة بعد حكم عسكري استمر ستين سنة لا بد أن تختلف وبالتالي الدستور سوف يختلف.

أحمد بشتو: كيف الاختلافات تحديدا؟

معبد الجارحي: في الناحية الاقتصادية هناك يعني جانبان مهمان في هذا المجال، الجانب الأول هو جانب العدالة الاجتماعية أن الدستور الآن ينص على أن المواطن المصري له حقوق على الدولة خاصة في مجال توفير الاحتياجات الأساسية في مجال توفير العمل وأيضا في مجال يعني الملكية الخاصة يعني أنه ملكيته أو ممتلكاته غير قابلة للمصادرة وأيضا بالنسبة للتساوي أو للعدالة في توزيع أعباء ونفقات الحكومية يعني بالنسبة للضرائب وما إلى ذلك ..

أحمد بشتو: لكن ألا ترى تباطؤ في حل الملفات الاقتصادية المصرية الحالية ما بعد الثورة ووصول رئيس إلى سدة الحكم ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين؟

معبد الجارحي: هو في الواقع يعني المشكلة أنه الدولة المصرية حاليا ليست متكاملة الأجزاء يعني هناك رئيس وهناك جهاز تنفيذي ولكن ليس هناك جهاز تشريعي وهناك جهاز قضائي طبعا، فلكي تنفذ أي خطة اقتصادية لابد من أن يكون هناك يعني سلطات الدولة متكاملة مكتملة..

أحمد بشتو: الرئيس لديه سلطة التشريع؟

معبد الجارحي: طبعا هو له سلطة التشريع ولكن هذا استثناء ويبدو أن الرئيس الحالي الرئيس الدكتور مرسي لا يريد أن يستخدم سلطة التشريع إلى حد بعيد، ولكن مصر فعلا تحتاج إلى سلطة التشريع وإلى عدد كبير من القوانين الجديدة التي تفتح الباب للعمل الاقتصادي.

أحمد بشتو: ما الفرق بين اتخاذ القرار الاقتصادي بين جماعة سياسية أو شخص سياسي قبل وصوله للحكم وبعد وصوله إلى الحكم، هل تختلف الرؤية في شيء؟

يحيى ولد أحمد الواقف/ رئيس الوزراء الموريتاني السابق: الفرق الرئيسي هو أنه قبل الوصول إلى الحكم وبدون توفر معطيات دقيقة يمكن أن يتوقعها انه بإمكاننا الحصول على أكثر بينما عندما تصل إلى الحكم تصطدم بالواقع الحقيقي وهنا تبدأ تفكر وتبدأ تشعر بأن ما كنت تحلم به ليس سهلا ولا يمكن تحقيقه بالسرعة التي كنت تتوقعها.

أحمد بشتو: لكن الإسلاميين مثلا في تونس ومصر قبل وصولهم للحكم كانت لديهم دراية بالمشاكل الاقتصادية وبالأرقام الاقتصادية السلبية في بلادهم بالتالي بنوا عليها رؤيتهم لماذا لم نرى حلولا مبتكرة أو تطبيقا للحلول التي رأوها سابقا حينما وصلوا إلى الحكم فيما بعد؟

يحيى ولد أحمد الواقف: أنا اعتقد أن الإسلاميين أولا من وجهتهم الرئيسية هو أنهم كانوا بعيدين عن الحكم وعن السلطة وبالتالي لم تكن لديهم المعلومات الكافية لتقييم الوضعية الحقيقية، وهذا ما جعل منهم أكثر طموحا من الواقع ولكن بعد وصولهم إلى السلطة أنا شخصيا اعتقد أنهم برهنوا على نوع من الواقعية ومن التكيف بدأ يعطي بعض النتائج ولكن شعوب متعطشة وتريد نتائج سريعة وهذا صعب لاسيما أنهم صادفهم نوع من الاحتجاجات ونوع من الضغوط لم تكن هي الأخرى مساعدة على تحقيق أهدافهم.

أحمد بشتو: الجسد الاقتصادي في دول الربيع العربي مريض ولا يزال مريضا هذا واضح، والأمراض معروفة والعلاجات أيضا لكن الأكيد هو أن التأخر في العلاج سيؤدي إلى مزيد من التدهور، الغريب والطريف أنه رغم مرور كل هذه الأشهر لا يزال السؤال مطروحا؛ من أين نبدأ العلاجات والحلول الاقتصادية؟ تقبلوا أطيب التحية من مخرج البرنامج صائب غازي ومني أحمد بشتو شكرا لكم وإلى اللقاء.