الاقتصاد والناس - الشباب العربي المهاجر - صورة عامة
الاقتصاد والناس

أوضاع المهاجرين العرب في أوروبا

تتساءل الحلقة: لماذا لا يزال حلم الهجرة إلى أوروبا يراود أهل دول جنوب المتوسط مثل مصر والمغرب والجزائر وتونس وسوريا والسودان رغم المرض الاقتصادي الذي تعانيه أوروبا حاليا؟

– دوافع الهجرة ونوعية المهاجرين
– أوضاع المهاجرين بين رمضاء الوطن ونار الغربة

 

أحمد بشتو
أحمد بشتو
 عادل وليم
 عادل وليم
عبد العظيم درويش
عبد العظيم درويش

أحمد بشتو: مشاهدينا أهلا بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من الاقتصاد والناس والتي نقدمها في نصفها الأول من هنا من العاصمة المصرية القاهرة مع الحالمين بالهجرة إلى الشمال الأوروبي، كما سنواصل تقديمها مع المهاجرين العرب في بلاد المهجر الأوروبي وتحديدا هنا في العاصمة اليونانية أثينا. نتساءل في هذه الحلقة لماذا لا يزال حلم الهجرة إلى أوروبا يراود أهل دول جنوب المتوسط مثل مصر والمغرب والجزائر وتونس وسوريا والسودان رغم المرض الاقتصادي الذي تعانيه أوروبا حاليا؟ هل يستجير الناس في هذه الحالة من الرمضاء العربية بالنار الأوروبية؟ إذ كيف سيحصل ذلك الحالم بالهجرة إلى أوروبا على فرصة عمل رغم أن نسب البطالة في أوروبا وصلت لأعلى مستوياتها في عشر سنوات تقريبا وما هي الظروف المعيشية التي سوف يحياها ذلك الحالم بالهجرة إلى أوروبا، هل حسب حساباتها قبل أن يحزم أمتعته ويولي وجهه؟ مشاهدينا أهلا بكم مرة أخرى إلى الاقتصادي والناس حيث نتابع،

– نصف الأجر أنت آخذه هناك أي نعم أنت داخل غير شرعي وما معكش إقامة وما أنت شغال رسمي، فصاحب العمل بيستغلك.

– نعم سأهاجر أقل شيء لعشر سنوات، كنت بحاجة أن أكون بعيدا عن بلدي.

– هلق طلعت أدور على عمل علشان أقطع تذكرة وأروح لبلدي ما قدرت أروح.

– ولكن في ظل الأزمة بالتأكيد هذه الجالية بتواجه مشكلة القادرة على أنها تستمر بسبب الوضع الاقتصادي.

أحمد بشتو: حلقة ترصد أحلام الراغبين في الهجرة من بلادهم إلى الشمال الأوروبي كما سنرى هنا في مصر، كما نتابع كيف هي صخرة الواقع التي يصطدم بها هؤلاء المهاجرون هنا في اليونان وتابعونا.

دوافع الهجرة ونوعية المهاجرين

أحمد بشتو: حسب إحصاءات البنك الدولي يوجد حوالي عشرة ملايين عربي من دول جنوب المتوسط يقيمون في دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 بلغت قيمة تحويلاتهم النقدية أكثر من عشرين مليار يورو عام 2008 إلا أنه يلاحظ انخفاض قيمة التحويلات المالية من المهاجرين المغاربة بنسبة 5% العام الماضي بسبب الأزمات الاقتصادية التي تعانيها أوروبا، مع ذلك فموجات الهجرة غير الشرعية من مصر والمغرب والسودان والصومال زادت بنسبة 270% في السنوات العشر الماضية، يكفي أن نعرف أن 65%من العرب المقيمين في أوروبا يقيمون بصورة غير قانونية، نتيجة تبدو منطقية إذا ما قورنت بنسبة البطالة العربية التي تخطت الـ 25% ونسبة الفقر العربية التي تخطت الـ40%، وأيمن جمعة في التقرير التالي يحاول لملمة أجزاء الصورة.

[تقرير مسجل]

أيمن جمعة: ضاقت عليهم الدنيا في بلادهم وهفت نفوسهم للجانب الآخر من البحر المتوسط أوروبا أملا في حياة أفضل، ربما باعوا كل غال ونفيس مقابل تحقيق هذا الحلم وللأسف فقصص الكثير منهم تنتهي بشكل مأساوي، وطبقا لإحصائيات رسمية فقد دخل الاتحاد الأوروبي نحو 52 ألف مهاجر غير قانوني العام الماضي 70% منهم عبر البوابة الشرقية اليونان، فحدود اليونان البحرية شاسعة وتتضمن نحو ألف جزيرة بما يجعل من الصعب للغاية السيطرة عليها، يوجد حاليا نحو ربع مليون مهاجر غير قانوني في اليونان وكما هو الحال في دول أوروبا الأخرى فالسلطات تضعهم في معسكرات تجميع شديدة الازدحام ويعانون أوضاعا تقول منظمات حقوق الإنسان إنها تنطوي على مخالفات جسيمة، ويبدو وكأن غالبية الأحزاب السياسية في أوروبا وعلى اختلاف أهدافها ومبادئها تقف جميعها في خندق واحد ضد المهاجرين.

مشارك: صعب جدا الحصول على الجنسية أنا هنا منذ 1983 مرت علي حكومات عديدة وما زلت خارجا عن القانون.

أيمن جمعة: لكن لماذا تنطلق وفود المهاجرين إلى أوروبا نحو اليونان تحديدا؟ السبب بسيط فكثير من عصابات التهريب تنطلق في محطاتها الأخيرة من تركيا عبر بحر إيجة وعندما يسقطون في قبضة السلطات اليونانية فإن تركيا ترفض استقبالهم ويصبح مأواهم الوحيد هو اليونان، تتلاشى الآمال ويتحقق ما لم يكن في الحسبان بل وقد يدرك بعضهم ولكن بعد فوات الأوان أن وضعه في بلاده كان أفضل بكثير من الجنة الموعودة ورغم ذلك فقوافل المهاجرين غير القانونيين لا تتوقف.

[نهاية التقرير المسجل]

أحمد بشتو: سيد عبد الفتاح أنت كانت لك عدة تجارب للسفر إلى أوروبا ولم تنجح هذه التجارب؟

عبد الفتاح: الأصدقاء أعتقد أنهم أصدقاء سوء لأنه كانت تجربة قاسية وخسرت فيها كثيرا.

أحمد بشتو: كم خسرت من الأموال؟

عبد الفتاح: أكثر من 120 ألف جنيه.

أحمد بشتو: كم عدد مرات المحاولة للسفر؟

عبد الفتاح: أكثر من ست مرات، منهم مرة شفت الموت خمسة أيام بلياليهم في البحر، لو مال الدنيا كله ما يعوضنيش.

أحمد بشتو: يعني عدة مرات في محاولات السفر يعني هناك إصرار كان؟

عبد الفتاح: هو مش إصرار، هو فشل مني أنا أنه أنا أصريت على الفشل في حين أنه أنا كنت في عوض عن الكلام ده كله أنه أنا أبني مستقبلي هناك والبلد مش حتقول لي لا.

أحمد بشتو: هل كانت لك أحلام معينة كنت تبتغيها؟

عبد الفتاح: كانت الأحلام زي أي شاب أسرة وبيت وعربية زي ما بيقولوا واكتشفت أنه أنا ممكن أعمل ده كله وأنا موجود هنا في بيتي في بلدي في وسط إخوتي وعيالي وأهلي، والحمد لله نجحت ونجحت كويس جدا.

أحمد بشتو: حين فكرت في السفر هل كانت لديك مقومات للعمل في أوروبا؟

عبد الفتاح: لا، ما فيش أي مقومات للعمل، كنت حأسافر وأشتغل زيي زي أي شاب يغسل صحون ويشتغل في الدهانات أو المطاعم، كلها أشغال مهينة لأي شاب بيحلم بس كانت أحلام زي ما بيقولوا وردية مش أكثر من كده يعني.

أحمد بشتو: نعيم أنت أحد من يفكرون في السفر لأوروبا للعمل، لماذا أوروبا؟

نعيم: أوروبا لأنه فيها فلوس، يعني دول الخليج ما عادش فيها فلوس، يعني كنا بنسمع زمان أن دول الخليج البترول، البترول بيروح اليوم خلاص.

أحمد بشتو: لكن حاليا أوروبا فيها أزمة مالية.

نعيم: بس بالنسبة للفلوس عندهم كثيرة والشغل كمان بالساعة وبعدين بتعمل فلوس سريعة.

أحمد بشتو: ما الذي يضمن لك عندما تسافر إلى إيطاليا أن تعمل وتحصل على فلوس؟

نعيم: هو ربنا سبحانه وتعالى، أنا بأسعى وربنا سبحانه وتعالى معي.

أحمد بشتو: يعني فكرت في عمل ما في الحصول على لغة مثلا.

نعيم: لا لغة ما معيش لغة، وبأبص للي حواليي اللي حواليي ما شاء الله عاملين بيوت وراكبين عربيات وبيتزوجون أحسن الزواجات، لكن أنا ما فيش.

أحمد بشتو: سيد عائق أنت أحد أبناء إحدى قرى دلتا مصر وكانت لك تجربة في السفر إلى إيطاليا، كيف كانت البداية كيف كانت أحلامك أفكارك قبل السفر؟

عائق: أحلامي كانت زي أي شاب عايز يبني أحلامه خلاف ما أكون مدرس هنا في داخل الوطن فحبيت أن أخوض التجربة لإيطاليا بحيث إنه أنا أكون نفسي.

أحمد بشتو: هل كنت تعتقد أن التجربة ستكون سهلة؟

عائق: من الكلام اللي كنت بأسمعه من بعض الإخوة اللي بيسافروا تكون الأحلام سهلة جدا لكن الواقع كان مؤلما.

أحمد بشتو: كيف كان الواقع؟

عائق: الواقع بالنسبة لفرص العمل بالنسبة للغة بالنسبة للعمل داخل البلد أنت مش مدرب عليه ولا عندكش خلفية على أي حاجة.

أحمد بشتو: أنت دخلت إيطاليا بشكل غير شرعي.

عائق: دخلت غير شرعي، مصر رومانيا ومن رومانيا على المجر ومن المجر إلى النمسا ومن النمسا على إيطاليا. الطيران بس مصر رومانيا بوخارست العاصمة ومن بوخارست في مافيا تهريب بتدفع دولار وبيأخذك من قلب رومانيا بيعديك تهريب مرورا بالمجر والنمسا وإيطاليا.

أحمد بشتو: ما نوعية الوظائف التي عملت فيها؟

عائق: هي متوفرة هناك ممكن تكون متوفرة نسبة غسال صحون وفي المعمار وفي النظافة وشركات النظافة.

أحمد بشتو: السيد عادل وليام رئيس مركز أولاد الأرض، رغم الأزمات الاقتصادية الحالية في أوروبا ما زالت أحلام فئة من الشباب في دول الجنوب المتوسط ومنها مصر تحلم بالهجرة إلى أوروبا، لماذا؟

عادل وليم: لعدة أسباب أولا الفقر، رقم واحد موجود في مصر كان بشكل أساسي وبشكل عال جدا، رقم اثنين عدم وجود تنمية في الأماكن المهجر منها وهذه الأماكن المهجر منها هي موجود في ريف مصر بالتحديد وخاصة في ريف الدلتا ومحافظة الفيوم في جنوب مصر، بالإضافة للقوانين المنحازة ضد الفقراء والقوانين التي أدت إلى إفقار الفلاحين المصريين مثل القانون 96 لسنة 1992 واللي سمح بطرد حوالي 940 ألف مستأجر أرض زراعية كانوا بيعيلوا حوالي خمسة مليون شخص.

أحمد بشتو: لكن وجود تلك الأزمات الاقتصادية الحادة في أوروبا ألا تمنع الشباب من المجازفة بالهجرة إليها؟

عادل وليم: هو قد لا يعلم من خلال الإستراتيجيات أو الرؤى أو الأخبار لكنه يعلم معلومات كثيرة من خلال المهاجرين من نفس القرية، أنه حصل على فلوس اشتغل ما اشتغلش عندهم معلومات كثيرة من هذا النوع. لكن أيا كان الفقر الموجود وأيا كانت البطالة الموجودة فهي بتساوي ثراء في مصر، لأنه هو في الآخر إذا قبض ألف يورو حتى بتساوي ستة سبعة آلاف جنيه في مصر ممكن يوفر منهم ثلاثة آلاف جنيه في مصر. فالثلاثة آلاف جنيه يعني حوالي أربعين ألف جنيه، هو في مصر ما بيقدرش يكفي حاجته.

أحمد بشتو: يعني هذا المبلغ الذي يوفره الشاب للهجرة سواء الشرعية أو غير شرعية لأوروبا يمكن أن  يقيم به مشروعا في بلده؟

عادل وليم: أعتقد أن المبلغ اللي بيتم فيه السفر هو مبلغ صغير جدا حوالي أربعين ألف جنيه أو ثلاثين ألف جنيه، يسافر به، المبلغ ده في ظل البيروقراطية الموجودة في مصر وفي ظل الإجراءات الروتينية لا يساوي صفرا لأنه يعني ما يجيبش محلا يفتح به بقالة حتى في الريف، بالإضافة إلى التعقيدات في البنوك، بنك التنمية يجيب فوائد في الريف 18% بنك التنمية يؤدي إلى حبس مائة ألف مزارع في مصر لأنهم غير قادرين على الدفع، ده بنك التنمية! المسمى بالتنمية فوائده 18%.

أحمد بشتو: هل بهذا نوعية المهاجر تحديدا تتركز في الريف المصري أكثر من المدن المصرية؟

عادل وليم: آه، قطعا الريف المصري لأن الريف المصري هو الأشد فقرا هو الأكثر تقدما في عمالة الأطفال، بالتالي نسبة عمالة الأطفال في ريف مصر 49% نتيجة الفقر، في تدني في التعليم في مجموعة حاجات كثيرة جدا في الريف المصري لأنه في الأطراف وغير مهتمة به الحكومة فنسبة البطالة إلى آخره عالية جدا وده بيؤدي إلى عملية الانتحار اللي هي عن طريق المراكب اللي بنسميها الهجرة غير الشرعية.

أحمد بشتو: السيد عادل وليم رئيس مركز أولاد الأرض شكرا جزيلا. إذاً كان قرار الهجرة يحتاج إلى بعض الشجاعة وبالتأكيد أيضا مدفوع بالكثير من خيبة الأمل وتابعونا.

[فاصل إعلاني]

أوضاع المهاجرين بين رمضاء الوطن ونار الغربة

أحمد بشتو: تدفق المهاجرين تسبقهم أحلام الثراء إلى بلاد المهجر الأوروبي يحمل معه الكثير من المشاكل كانتشار البطالة وضعف الكفاءة وقلة الخبرة وصعوبة الاندماج في المجتمع الأوروبي، ومنذ عقدين يتزايد باضطراب أعداد المهاجرين العرب والأفارقة إلى بلاد المهجر الأوروبي بسبب تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وغياب الديمقراطية وانتشار الفساد في بلادهم، إلا أن الواقع الجديد هو مرض أوروبا بداء الاقتصاد مما زاد فيها نسب البطالة بين أبنائها، ألمانيا وحدها يوجد بها نحو خمسة ملايين عاطل وهنا في اليونان تقفز نسبة البطالة لأكثر من 7% أمور تزيد من صعوبة العمل أمام المهاجر الشرعي فما بالنا إذا كانت هجرته غير قانونية، هذا الأمر ولّد في العاصمة اليونانية أثينا أحياء كاملة يسكنها المهاجرون العرب والأفارقة سمتها الأساسية تدني مستوى المعيشة وتؤكد النظرة الأولى لها افتقارها لمستوى الحياة الكريمة، مشاهدينا أهلا بكم مرة أخرى إلى الاقتصاد والناس هذه المرة من العاصمة أثينا. نحن الآن في أحد مواقع البناء في العاصمة أثينا نلتقي أحد المهاجرين العرب هو السيد خالد عرفة سوري الجنسية، سيد خالد منذ كان أنت هنا في بلد المهجر؟

خالد عرفة: من عام 1989، 21 سنة.

أحمد بشتو: منذ 21 سنة كانت البدايات سهلة كمهاجر؟

خالد عرفة: طبعا كانت صعبة كثيرا، عملنا عدة أعمال في مجال الزراعة في مجال البناء، كنا كل عشرة أيام نعمل عمل حتى استقريت أخيرا في مجال الدهان.

أحمد بشتو: أنت لم تكن دارسا أو متعلما لهذا المجال أو ممارسا له من قبل؟

خالد عرفة: لم أكن أعمل بهذه الأعمال الحرة، هنا تعلمت هذه الأعمال واستقريت فيها من أجل أنه ما في مجال كان قدامنا هذا المجال أعمال البناء كعامل أجنبي.

أحمد بشتو: بدايتك تتشابه مع بدايات عرب كثيرين؟

خالد عرفة: طبعا كل العرب هون جاؤوا اشتغلوا عدة أعمال في البناء وفي الزراعة وفي الباطون.

أحمد بشتو: كلهم أيضا جاؤوا بلا خبرة سابقة؟

خالد عرفة: 90% بلا خبرة سابقة.

أحمد بشتو: خالد أنت قلت لي إن هذا المكان قبل 15 عاما كان خاليا تقريبا.

خالد عرفة: نعم كان كله أشجار زيتون، كان مليئا بالأشجار وبعض البيوت القديمة كانت.

أحمد بشتو: هذه المنطقة إذاً بنيت على أيدي المهاجرين؟

خالد عرفة: نعم على أيدي المهاجرين الأجانب منها العربية وبعض الدول الشرقية.

أحمد بشتو: خالد كم نسبة الناجحين من العرب هنا في اليونان؟

خالد عرفة: نسبة قليلة جدا، حوالي 20% تقريبا.

أحمد بشتو: ولماذا يفشل الـ 80%؟

خالد عرفة: في اليونان هناك يوجد أيام عطل كثيرة فينفقون الأموال في الصيف على البحر والكافتيريات وعندهم مجال الإنفاق كثير.

أحمد بشتو: ينفق إذا وجد عملا.

خالد عرفة: طبعا العمل كان من سنوات موجود بكثرة.

أحمد بشتو: لكن هل من السهل للعربي هنا أن يجد عملا في هذه الأيام؟

خالد عرفة: هذه الأيام صعبة جدا فهنا يرحل الكثير من العرب وكثير من الأجانب يرحلون.

أحمد بشتو: خالد بعد عشرين سنة في المهجر، ما حسابات المكسب والخسارة يعني أراك ما زلت تعيش في بيت للإيجار ليس بيتا ملكا لك؟

خالد عرفة: من الناحية المادية لا شيء يذكر كثيرا، أما من ناحية الاستقرار فالاستقرار أفضل في مجال عملي كان في تأمين لصحتي وصحة أولادي من الأمراض، هذا لم أجده في بلدي، التأمين الصحي وقمت بسياحة لعدة مناطق في اليونان، في بلدي لم أستطع أن أذهب.

أحمد بشتو: يعني لو كنت بذلت نفس الجهد في بلدك كنت حققت نتيجة ربما تكون مساوية إن لم تكن أفضل؟

خالد عرفة: لو عملت نفس ساعات العمل في بلدي لكنت ماديا تقريبا نفس الشيء.

أحمد بشتو: خالد لو عاد بك الزمن عشرون عاما هل كنت ستعيد حساباتك بشأن الهجرة أم كنت أيضا ستصر عليها؟

خالد عرفة: نعم سأهاجر أقل شيء لعشر سنوات، عشر سنوات كنت بأهاجر بعيدا عن بلدي، كنت أفكر الاستقرار النهائي كنت مفكر في بلدي، بس طبعا سأعيد حساباتي كثيرا من أجل الاستقرار في بلدي وليس الاستقرار في اليونان.

أحمد بشتو: وليد أنت شاب جزائري عمرك 19 سنة لماذا جئت إلى هنا، ما الذي كان يغريك في الهجرة إلى المهجر؟

وليد: ما كانش يا أخوي إحنا في بلادنا ما كانش الخدمة أنا رجال صغير عندي 18 سنة 19 سنة، أنا في بلادي مع دارنا ووالدي ونخدم، وندير.. ونكبر، بس ما كانش الخدمة ما كانش فإحنا لازم نيجي لأوروبا، في أوروبا كاين الدراهم تخدم، كانت تدير دراهم  في يورو ماشي قيمة الدينار والأورو ماشين كيف كيف، نيجي لهو نحن الغرباء.

أحمد بشتو: يعني كنت تحلم بأشياء أفضل من التي أنت فيها الآن؟

وليد: أنا أحلم وقت أكبر أقدر أدير داري مع والدي، منشان هيك نحن بنيجي هون إلى أوروبا.

مشارك1: لأن اليونان أوضاعها المعيشية أسوأ من غزة، بالنسبة للاجئين، عدم إعطاء أي حقوق للاجئ نهائيا.

أحمد بشتو: يعني في غزة يمكن أن تجد عملا ويمكن أن تجد سكنا؟

مشارك1: في غزة آه ممكن أكثر من اليونان.

أحمد بشتو: لماذا جئت إذاً؟

مشارك1: الأوضاع أجبرتني في غزة.

أحمد بشتو: هل توقعت وأنت في السودان أن تحصل على هذا العمل عندما تأتي؟

مشارك2: لا، لا، لم أتوقع هذا.

أحمد بشتو: ولماذا جئت في الأساس؟

مشارك2: جئت لأعبر لدولة ثانية يعني، الدولة هذه اليونان ما تحصلت على شيء.

أحمد بشتو: هل الوضع في السودان حاليا أسوأ أو أفضل من الحال في اليونان؟

مشارك2: الوضع في السودان أحسن، أحسن من الحال اللي نحن بها الآن.

أحمد بشتو: تفكر في العودة؟

مشارك2: أكيد لو الوضع بهذه الطريقة الواحد أحسن يفكر يرجع لبلده.

أحمد بشتو: قيس أنت جئت من تونس بأية أحلام جئت لأوروبا؟

قيس: علشان أعمل مصاري بس.

أحمد بشتو: وفعلت هذه المصاري؟

قيس: ولا شيء، بس سجن.

أحمد بشتو: وماذا تعمل هنا؟

قيس: هلق طالع من خمس سنوات سجن.

أحمد بشتو: بأية تهمة؟

قيس: تعاطي المخدرات.

أحمد بشتو: جئت لأوروبا لتعاطي المخدرات؟

قيس: لا هم يمسكوا معك حاجة صغيرة بيزيدوا عليك كميات أخرى.

أحمد بشتو: بعد السجن لماذا لا تعود إلى تونس؟

قيس: هلق طلعت أدور على عمل علشان أقطع تذكرة وأروح لبدي ما قدرت أروح.

أحمد بشتو: دكتور عبد اللطيف درويش أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية وجامعة أثينا، مشاكل العرب في بداية هجرتهم إلى أوروبا هي عدم الكفاءة المالية عدم الكفاءة التعليمية وأحيانا عدم القدرة على الاندماج في المجتمع، وماذا أيضا؟

عبد العظيم درويش: هناك طبعا الجالية العربية في اليونان تنقسم إلى قسمين الجالية المؤهلة اللي أساسا بدأت بالدراسة في هذه البلد وجزء كبير منها من الأطباء المهندسين أساتذة الجامعة استطاعت أن تتأقلم إلى حدما في المجتمع اليوناني وهناك أيضا الجزء الأعظم منها هي الجالية التي أتت بأسلوب قانوني أو غير قانوني لهذه البلد وهي عمالة غير مدربة غير مؤهلة، عاشت جزء من الازدهار في فترة بناء الثورة البنائية في أثينا بناء المؤسسات بناء البيوت ولكن في ظل الأزمة بالتأكيد هذه الجالية بتواجه مشكلة القدرة على أنها تستمر بسبب الوضع الاقتصادي أيضا القدرة على التأقلم بسبب الاختلاف الثقافي بينها وبين المجتمع اليوناني.

أحمد بشتو: إلى أي مدى قد يكون الواقع الاقتصادي في أوروبا في دولة اليونان صادم لأحلام الكثيرين الراغبين في الهجرة؟

عبد العظيم درويش: بالتأكيد المجتمعات الأوروبية مجتمعات غير مؤهلة وغير جاهزة لاستقبال هذه الأعداد الكبيرة اللي تأتي بأسلوب خاصة بطريقة غير شرعية، هي أساسا غير مؤهلة لاستقبالها غير جاهزة لاستقبالها، فبالتأكيد ستعيش على هامش المجتمع وستعاني من الأزمات وتعاني من الاستغلال المهني والوظيفي وفي كثير من الأحيان لا تأخذ حقوقها في الإقامة لا تأخذ حقوقها في الهجرة لا تأخذ حقوقها في الأجر لا تأخذ حقوقها في الحياة الطبيعية في المجتمع.

أحمد بشتو: طيب برامج التأهيل التي تقدمها بعض الدول الأوروبية للمهاجرين الجدد إلى أي مدى هي مفيدة بالفعل؟

عبد العظيم درويش: طبعا المجتمعات الأوروبية عاشت حالة من الواقع الذي أجبرها على التعامل مع هذه الهجرة، وقد اضطر الاتحاد الأوروبي للتعامل مع هذه الهجرة لإعادة توطينها في مناطق أخرى من أوروبا، جزء منها إعادته إلى بلده، جزء منها عملية تأهيله، فهناك رؤوس أموال كبيرة من الاتحاد الأوروبي لتأهيل هذه الناس لتعليمهم اللغة، وتدريبهم على بعض المهن تدريبهم على الكومبيوتر على سبيل المثال ولكن الأعداد الكبيرة بالتأكيد سيكون هناك مجموعة كبيرة من هذه الناس غير قادرة على الانصهار في المجتمع أو مواجهة أعباء الحياة القاسية أو الصعبة في المجتمع الأوروبي.

أحمد بشتو: يعني قد يقول لك المهاجر إنه إذا وجد وضعا أفضل في بلده لماذا يهاجر أصلا يعني هو كالمستجير من الرمضاء بالنار أليس كذلك؟

عبد العظيم درويش: في الحقيقة حسب معلوماتي أن هذه الناس تأتي إلى هذه المجتمعات وتكلفها الرحلة سواء بأسلوب شرعي أو غير شرعي أموالا طائلة وقد يقوم الكثير منها ببيع بيوت أو أراض للوصول إلى أوروبا، أنا في رأيي من الأفضل أن تقوم الحكومات المحلية لهذه الدول بتأهيل هؤلاء الأشخاص على سبيل المثال إنشاء المؤسسات الاجتماعية التي تسمى باللغة الإنجليزية social enterprises بعملية تدريبها بعملية الإقراض لخلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة لكي تبقى في مجتمعاتها وليس أن تأتي إلى هنا، أو إذا كان لا بد من أن يكون ذلك فيمكن عملية تنسيق مع الحكومات الأوروبية حتى لا تكون هذه المجموعات البشرية ضحايا وكثير منها تنتهي حياته في الطريق قبل أن يصل إلى أوروبا.

أحمد بشتو: الدكتور عبد اللطيف درويش أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية وفي جامعة أثينا أشكرك جزيل الشكر. في هذه الحلقة حاولنا تقديم نماذج مختلفة للحالمين بالثراء والهجرة إلى أوروبا وآخرين نجحوا في هجرتهم أو فشلوا آملين أن تكون قصص النجاح هي الغالبة على قصص الضياع التي تابعناها، من القاهرة وأثينا تقبلوا أطيب التحية من مخرج البرنامج صائب غازي ومني أحمد بشتو، طابت أوقاتكم وإلى اللقاء.