الاقتصاد و الناس / صورة عامة
الاقتصاد والناس

واقع الزكاة وسبل توزيعها

تتناول الحلقة واقع فريضة الزكاة في العالم العربي بمختلف أنواعها وأوقات إخراجها كزكاة المال والتجارة، وآثارها الشرعية الاقتصادية.

– ديوان الزكاة السوداني.. جوانب النجاح والتقصير
– الزكاة في مصر بين صمت حكومي وهواجس شعبية

أحمد بشتو
أحمد بشتو
إبراهيم حسن إبراهيم
إبراهيم حسن إبراهيم
عبد الحميد الغزالي
عبد الحميد الغزالي

أحمد بشتو: مشاهدينا أهلا بكم إلى حلقة جديدة من الاقتصاد والناس. مع اقتراب شهر رمضان من نهايته صار لزاما على المسلمين إخراج زكاة الفطر وهذه مناسبة في الواقع لنناقش واقع الزكاة في العالم العربي، الزكاة بمختلف أنواعها وأوقات إخراجها كزكاة المال والزروع والتجارة وغيرها، ليس من الناحية الشرعية ولكن من ناحية اقتصادية سؤالها العريض أين تذهب أموال الزكاة؟ وهل تنفق في مصارفها الشرعية أم لا؟ وإذا كان الأغنياء منتظمين في دفعها فلماذا ترتفع نسب الفقر في بعض الدول العربية لتقع بين التصنيفات الأفقر عالميا؟ وما مدى نجاح أو فشل تجارب عربية لتنظيم جمع وإنفاق الزكاة؟ سنحاول استعراض أسئلة كثيرة في هذه الحلقة ولكن من خلالها نتابع

– ديوان الزكاة في السودان على المحك بين النجاح والفشل في تحقيق أهدافه التكافلية.

– ردود فعل متباينة في مصر على فكرة جمع الزكاة وإعادة توزيعها على الفقراء من خلال جهة واحدة.


أحمد بشتو: حلقة تتمنى أن تنجح الزكاة كما أرادها الله حصنا ودرءا للناس من الفقر، وتابعونا.

مع تقلص الدور الحكومي في رعاية الفقراء تتنامى أهمية الأدوات الإسلامية كالزكاة والصدقات لتخفيف حدة الفقر، والزكاة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في أكثر من ثمانين آية هي الجزء المخصص للفقير والمحتاج من أموال الغني وهناك قاعدة شرعية عامة تقول إن في كل مال نام زكاة، لهذا فهي تشريع يستوعب كل تطور اقتصادي عالمي. وللزكاة ثمانية مصارف رئيسية فهي للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل. مزيد من الإيضاح في التقرير التالي:

[تقرير مسجل]

محمد فاوي: هي في الشريعة الإسلامية تشكل حقا للفقراء في أموال الأغنياء وفي الخطاب الاقتصادي المعاصر تعد آلية اجتماعية تكافلية قادرة على المساهمة في تقريب الفوارق بين الطبقات وإعادة توزيع الثروة داخل المجتمع الواحد، إنها الزكاة. الواقع الاقتصادي والاجتماعي الراهن للعالم الإسلامي يسلط الضوء بقوة على هذه الآلية التي هي في الأصل الركن الثاني من أركان الإسلام وفريضة على المسلم البالغ العاقل بل إن هناك من العلماء من ذهب إلى وجوبها في المال العام أي في القطاع العام الحكومي، فهناك أكثر من 250 مليون مسلم في شتى أرجاء العالم الإسلامي الذي يضم بين جنباته أكثر من مليار شخص يعيشون في فقر مدقع أي على أقل من دولار واحد يوميا، كما أن معدلات البطالة بين المسلمين هي أعلى المعدلات في العالم فيما تصل نسبة الأمية بين المسلمين إلى ما يقارب 50%، يأتي ذلك في الوقت الذي وصل فيه عدد المليارديرات في العالم العربي وحده إلى ثلاثين مليارديرا خلال العام الحالي بزيادة نسبتها 25% عن العام الماضي، ويبلغ إجمالي ثروة هؤلاء الملياديرات أكثر من 125 مليار دولار، كما تبلغ قيمة ثروة أثرياء الخليج وحدهم أكثر من ألف مليار دولار فيما بلغ حجم الطفرة النفطية العربية الراهنة حتى الآن 1500 مليار دولار ناهيك عن الاستثمارات العربية والإسلامية في الخارج التي قد تصل قيمتها إلى عدة مئات من المليارات.

[نهاية التقرير المسجل]

أحمد بشتو: رئيس الوزراء الماليزي عبد الله بدوي دعا الشهر الماضي الدول الإسلامية لإنشاء صندوق الزكاة والوقف العالمي مؤكدا أن بلاده تسعى لجمع مليار رينغت من أموال الزكاة عام 2010. ماليزيا بالإضافة إلى السعودية واليمن وليبيا والسودان وباكستان هي فقط الدول التي ألزمت مواطنيها بأداة الزكاة للأجهزة الرسمية هذا بالإضافة لنماذج مؤسسية للزكاة غير ملزمة قانونا كما في بنك ناصر الاجتماعي في مصر وصندوق الزكاة في لبنان وبيت الزكاة الكويتي. تعالوا نتعرف على التجربة الملزمة في السودان، هل هي ناجحة أم تطالها انتقادات التطبيق؟ هذا التقرير من عبد الباقي العوض من الخرطوم.

ديوان الزكاة السوداني.. جوانب النجاح والتقصير

[تقرير مسجل]

عبد الباقي العوض: 17 عاما على تأسيس ديوان الزكاة في السودان، تجربة الهدف منها محاربة الفقر ومساعدة الضعفاء، 150 مليون دولار هي جملة ما يخرجه أغنياء السودان سنويا من زكوات أموالهم في بلد سجلت فيه معدلات الفقر أرقاما قياسية، هذه الأموال قال المسؤولون في الديوان إنها توزع سنويا بواقع 64% للفقراء و14% لمن يعملون عليها و22% لفئات أخرى.

محمد عبد الرازق/ نائب الأمين العام لديوان الزكاة: نحن يعني بموجب القانون نأخذ الزكاة ولكن ندعو المواطنين أولا ونفعّل خطاب الزكاة ثم بعد ذلك نأخذ الزكاة هذا ما يعني يميزنا والأمر الذي يعني حقق لنا إيرادا الحمد لله كبيرا في تحصيل الزكاة.


عبد الباقي العوض: انتقادات عديدة ظلت تلاحق عمل الديوان أهمها الترهل في الهيكل الإداري وما صحبه من تجاوزات في بعض بنود الصرف زادت عن 50% من حجم المال المرصود لتسيير دولاب العمل في الديوان وبعض الفئات الأخرى. وهو ما أيده تقرير للمراجع العام الذي كشف عن هذه التجاوزات، هذا إضافة لما هو مثار من حديث حول قصور الديوان في معالجة مشكلات الفقر في البلاد.

محمد الماير/ رئيس تحرير الوسط الاقتصادي: هناك تجاوز في بندين من البنود الخاصة لمصارف الزكاة اللي هو بند العاملين عليها حصل تجاوز فيه بنسبة 6% من الحجم المرصود له وحدث تجاوز في بند في سبيل الله بنسبة 5% وأظهر التقرير أيضا تجاوزا في بند التسيير بلغ بمجمله حوالي 43%.


عبد الباقي العوض: مهمة التصدي لمشكلات الفقراء تعدت أشكال الدعم الفردي إلى الجماعي المتمثل في بعض المشروعات التنموية وإن كانت هذه المشروعات نفسها لا تخلو من انتقادات. على الرغم من الانتقادات المثارة حول ديوان الزكاة في السودان إلا أن مساهماته أيضا في معالجة كثير من حالات الفقر تجعل من هذه التجربة أنموذجا تحاول الآن عدة دول عربية وأفريقية الاقتداء بها خاصة في الطريقة التي يتبعها الديوان في جمع وتوزيع أموال الزكاة على الفقراء والمساكين. عبد الباقي العوض، الجزيرة، الخرطوم.

[نهاية التقرير المسجل]

أحمد بشتو: من الخرطوم ينضم إلينا الدكتور إبراهيم حسن إبراهيم نائب الأمين العام لديوان الزكاة لشؤون المصارف. دكتور إبراهيم، يعني بعد 17 عاما من إقامة ديوان الزكاة في السودان ما زال الفقر منتشرا، الفجوة فجوة الفقر تزيد لا تقل، لماذا برأيك؟

إبراهيم حسن إبراهيم: حقيقة أن نسبة الفقر في السودان نسبة عالية جدا يمكن كل الإحصاءات بتوري أن أكثر من 70% وفي بعض الإحصاءات بتوري 80% أو 90% فديوان الزكاة لوحده يعني المال اللي بيجمعه وبيوزع للفقراء والمساكين لا يكفي يمكن 40% من عدد الفقراء الموجودين، فالفقر يمكن الدول اللي اقتصادها كبير واقتصادها أعلى من السودان ومستقر أكثر من السودان تعاني من هذه المشكلة أما في السودان رغم الظروف الموجودة في السودان والاقتصاد المؤثر عليه الظروف الداخلية لا زالت نسبة الفقر كبيرة، لذلك نحن كل الجباية التي نجبيها ونوزعها للفقراء والمساكين تغطي فقط يمكن 40% من نسبة الفقر الموجودة. فما زالت هناك 60%.


أحمد بشتو (مقاطعا): لكن دكتور إبراهيم أنتم في المقابل متهمون ربما بترهل الهيكل الإداري لدى الديوان، إنفاقكم زاد بـ 50% على المصارف غير التي يرجى منها من الديوان، لماذا برأيك؟

إبراهيم حسن إبراهيم: لا، نسبة العاملين عليها عندنا 14,5%، 14,5% نسبة العاملين عليها..


أحمد بشتو (مقاطعا): يعني هي هذه النسبة دكتور زادت بنسبة 6% عن المقرر.

إبراهيم حسن إبراهيم: لا ليست هناك زيادة يعني حتى الآراء الفقهية بالنسبة للمصارف الأخرى 12,5% لكل مصرف، فنحن يمكن نسبة الفقراء والمساكين مدينها 64%، نسبة المصارف الأخرى مدينها نسبا مختلفة، العاملين عليها 14,5% فقط.


أحمد بشتو: اسمح لي أذهب إلى الشارع السوداني لعله يقيم أداءكم في شأن الزكاة.

[شريط مسجل]

مشارك1: بتشكي من أنه في يعني سميها نقول جبايات يعني ما نقول زكاة لكن يعني ما في عائد على المواطن، المواطن بيعاني بيشيلوا منه ما بيدوه، يعني أنا ما أعرف إذا كانوا يعني، المسائل الإيجابية وين مثلا؟ في منشآت في مدارس في شنو في بنية تحتية في.. لكن المواطن ما انعكست عليه ابدا.

مشارك2: الزول الإنسان، بيجونا في الجوامع وغيرها بتاع بيمشي عليه مستندات ونحن من الزكاة وغيرها وغيرها وبتاع وما تحصلنا على حاجة وجايين عشان نشحد هنا في الجامع، كثير، عدد كبير جدا جدا من الناس بيعانوا هالوقت.

[نهاية الشريط المسجل]

أحمد بشتو: دكتور إبراهيم يعني كما تابعت المساجد لا تزال تقوم بدورها في إعانة الفقراء إذاً أين دوركم أنتم يعني ما زالت أدوار الجمعيات الأهلية أو الجهات الأهلية موجودة أيضا؟

إبراهيم حسن إبراهيم: نعم كما ذكرت لك أن ديوان الزكاة هو واحد من الجهات التي تعمل على معالجة مشكلة الفقر وليس هو المسؤول الأول عن هذه المشكلة هو واحد من الجهات الأخرى يعني هنالك منظمات طوعية وخلافها رسمية وغير رسمية وخيرون كثيرون يحتاج أن يعملوا ليسدوا ضيقة الفقر، ديوان الزكاة مسؤوليته أن المال الذي يجمعه ينفقه وينفقه في المصارف الشرعية التي تحدد له نحو الفقراء والمساكين.


أحمد بشتو (مقاطعا): طيب صف لي أين هي المصارف الشرعية التي تنفقون فيها هذه الأموال؟

ديوان الزكاة هو إحدى الجهات التي تعمل على معالجة مشكلة الفقر في السودان وليست المسؤول الأول، فهناك منظمات طوعية رسمية وغير رسمية وخيرون كثيرون، وننفق أكثر من 64% على صحة وتعليم وكفالة طلبة جامعيين

إبراهيم حسن إبراهيم: نعم المصارف الشرعية الفقراء والمساكين ننفق عليهم أكثر من 64% في أوجه صرف مختلفة في العلاج والصحة والتعليم، عندنا كفالة طالب جامعي، نكفل أكثر من 35 ألف طالب جامعي سنويا بإعانة شهرية لهؤلاء الطلاب، عندنا مركز للعلاج الموحد نعالج فيه كل الأمراض المستعصية داخليا وخاريجا..


أحمد بشتو (مقاطعا): دكتور هل تتحدث عن عدد تقدمون له الخدمة أم جودة الخدمة نفسها يعني هل الخدمة كافية لهؤلاء الناس؟


أحمد بشتو: أتحدث عن العدد وعن الجودة لكن في محدودية يعني في ما يلينا من مال يعني في المبالغ المتوفرة لنا وهي لا تكفي كل العدد كما ذكرت لك إذا كفت 40% هناك 60% ما زالوا يحتاجون للإعانة، فهؤلاء الذين  يذهبون إلى المساجد ويذهبون للجهات الأخرى ويحتاجون إلى تضافر الجهود مع ديوان الزكاة حتى تسد هذه الفجوة لأن نسبة الفقر كبيرة جدا أكثر مما يجبيه ديوان الزكاة، فإذا كان 40% نحن نقدم لهم خدمات عندنا برامج نقدمها موسمية وبرامج كما ذكروا الأخوة برضه كيس الصائم وفرحة العيد وبرنامج رمضان وشعيرة الزكاة ومشاريع إنتاجية كل هذه برامج نحن نقوم بها ونقدمها للمواطن..


أحمد بشتو (مقاطعا): طيب دكتور اسمح لي أن أذهب مرة أخرى إلى الشارع السوداني وتقييم ربما لأدائكم.

[شريط مسجل]

مشارك1: كون أنك أنت تقدم زكاة ده تطهير لمالك وأنا ما عندي، أطهر شنو؟ أصلا أنا مديون أجيب البضاعة دي بالدين علشان أجي ألقى منه حاجة عشان أأكل أولادي وفي النهاية لما يجي الحول يجي بذات هذا الشيء اللي أنا جبته من تاجر الإجمال هذا بالذات بيكون دافع على مديونية، ما عندي شيء وبيكون كاهل علي ثقيل جدا ديون.

مشاركة1: أنا أول شيء أرملة عندي أربع أطفال وبعدين جئت يعني بوسط الزول، امشي وتعالي امشي وتعالي أظن مدة شهرين وامشي آخر الشيء هالسنة يعني وريتهم مستنداتي وقاعدة في بيت إيجار وما في اي إنسان بيساعدني وأنا دايرة مشروع منكم علشان أقدر أسدد يعني دخلي للإيجار ولأولادي ولسه هسة آخر حاجة قالوا تيجي بعد العيد، يعني ديوان الزكاة كذا يعني ما عندك واسطة الواحد ما يلقى منه أي خير.

[نهاية الشريط المسجل]

أحمد بشتو: دكتور إبراهيم يعني ماذا على هذه الأرملة أن تفعل؟ هي تتحدث عن الواسطة ودورها في ديوان الزكاة، تتحدث عن روتين صعب يعوقها، يعني هل أنتم في الديوان تشعرون حقا بالفقراء؟

إبراهيم حسن إبراهيم: حقيقة الناس المترددين يترددون للأمانة العامة، نحن عندنا الزكاة عندنا 14 ولاية في الشمال كل هذه الولايات الجباية تكون في الولاية والصرف يكون في الولاية ويكون عبر لجان الزكاة العائدية على مستوى الأحياء هي اللي تعرف الناس وتحدد الناس وتصنفهم وتسمي أسماءهم عشان يتم مساعدتهم، لكن هؤلاء الذين يترددون للأمانة، الأمانة العامة هي وضع سياسات، الناس بيترددوا للأمانة العامة دول هم ناس مترددون ما مشوا ولاياتهم ما أخذوا في ولاياتهم وقد يكونوا أخذوا في ولاياتهم وعايزين يأخذوا للمرة الثانية في الأمانة العامة، الأمانة العامة نحن نحاور الناس ما يأتوا للأمانة العامة حتى في ولاية الخرطوم هناك أمانة للزكاة تجبي وتصرف على هؤلاء وفق قنوات محددة، لا يمكن للذين يتسولون.. ما مشوا عبر القنوات الرئيسية عنا.


أحمد بشتو (مقاطعا): دكتور بعيدا عن وصف الناس بالتسول، يعني أنتم تتعاملون مع الناس كأنكم جمعية خيرية فقط توزعون حقائب الإفطار حقائب العيد حقائب غذائية فقط يعني لماذا لا تفكرون في دور تنموي أكثر من ذلك دور دعم المشروعات الصغيرة ربما دعم مشروعات إنتاجية؟

إبراهيم حسن إبراهيم: نحن نفكر، عندنا هذا، المشروعات الإنتاجية مدينها نسبة أكثر من.. هذا الصرف نسميه الصرف الأفقي في مناسبات معينة إفطارات ورمضان وغيره من المواسم المعينة، هذا صرف أفقي نعتبره صرفا أفقيا، في كفالة أيتام وتأمين صحي ورعاية لكن لدينا صرف في المشروعات الإنتاجية، ندخل في مشروعات إنتاجية ومشروعات خدمية في مجال الصحة في مجال المياه في مجال التعليم في مجال المشروعات الفردية، عندنا إدارة كاملة للمشروعات تقوم بهذا العمل لأنه وجدنا المشروعات هي التي تستطيع أن تخرج الإنسان من دائرة الفقر ولكن العطاء المباشر ده لا يخرج الإنسان من دائرة الفقر، يتردد من مرة لأخرى، تعطيه مبلغا يصرف هذا المبلغ ويعود مرة أخرى، فبالنسبة للمشروعات.


أحمد بشتو (مقاطعا): نعم. دكتور إبراهيم حسن إبراهيم نائب الأمين العام لديوان الزكاة لشؤون المصارف شكرا جزيلا لك.

بعد الفاصل، وماذا عن وضع الزكاة في مصر؟ تابعونا.

[فاصل إعلاني]

الزكاة في مصر بين صمت حكومي وهواجس شعبية

أحمد بشتو: يقدر البعض أن أموال الزكاة في مصر تتراوح ما بين 12 مليارا و18 مليار جنيه لهذا تقدم مفتي مصر السابق الدكتور نصر فريد واصل عام 1999 بمشروع للحكومة بتأسيس هيئة قومية للزكاة تستثمر تلك الأموال وبالفعل جرى تطبيق جزء من الفكرة من خلال مشروع الشجرة الطيبة لتقديم قروض تكافلية تصل لألف جنيه. إلا أن فكرة سيطرة الدولة على أموال الزكاة واجهت رفضا شعبيا وقتها فقد تخوف الناس من أن توجه الحكومة تلك الأموال لحل مشكلاتها المتعاظمة كالدين الداخلي أو أن تسيء إدارتها كما فعلت مع أموال التأمينات الاجتماعية والمعاشات. محمد البلك من القاهرة وهذا التقرير.

[تقرير مسجل]

محمد البلك: دائما ما تبدو الحلول في الأفق لمشكلة ما لكن قضية تزايد أعداد الفقراء في مصر تظل مثيرة للمخاوف خاصة مع تعهدات حكومية بدون ضمانات لتقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء. على مرمى البصر بدت أموال الزكاة فرصة ثمينة لمواجهة البطالة والعنوسة وغلاء المعيشة في حال تم جمعها من خلال جهة واحدة، الفكرة تبدو مثالية وعلى الرغم من تعدد الأصوات التي تنادي بها فإن الحكومة قد لاذت بالصمت. ومما يدفع الفكرة إلى أرض الواقع وجود عدد من المؤسسات الخيرية التي تعمل في ظل غطاء شرعي من الحكومة المصرية لمواجهة تزايد أعداد الفقراء مثل بنك الطعام دار الأورمان للأيتام ودار الرسالة بالإضافة إلى موائد الرحمن والتي تتسع للآلاف بشوارع القاهرة.

[نهاية التقرير المسجل]

أحمد بشتو: وينضم إلينا من القاهرة الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. دكتور الغزالي، برأيك ما الشكل الأمثل لاستغلال الزكاة في عالمنا العربي؟

عبد الحميد الغزالي: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، أما بعد، فبداية أهنئ الأمة الإسلامية بهذا الشهر الفضيل وأؤكد حقيقة معلومة من ديننا العظيم بالضرورة وهي أن الزكاة في الواقع هي فريضة دينية وملزمة بقوة الشرع وهي دائمة لكي تسد حاجة المحتاجين فقراء ومساكين بجانب المصارف الشرعية الأخرى..


أحمد بشتو(مقاطعا): دكتور عبد الحميد في هذه الحالة هل تؤيد ربما إقامة مؤسسة حكومية في مصر تدير أموال الزكاة التي تقدر بمليارات الجنيهات؟

إذا أديت الزكاة لن تكون هناك حالة حادة من الفقر والعوز الذي تعاني منه كثير من مجتمعاتنا الإسلامية ومنها مصر ومن هنا نرى أنه لا بد من تفعيل هذه الفريضة

عبد الحميد الغزالي: هو بصفة عامة إذا ما أديت الزكاة بحقها في الواقع لن يكون هناك حالة حادة من الفقر والعوز الذي تعاني منه كثير من مجتمعاتنا الإسلامية ومنها مصر ومن هنا في الواقع نرى أنه لا بد من تفعيل هذه الفريضة، تفعيل الزكاة من خلال إنشاء هيئة أو مؤسسة أو جهاز أو صندوق لتحصيل الزكاة من دافعي الزكاة بشروطها ثم إنفاق هذه الحصيلة على مستحقي الزكاة الثمانية وبالذات الفقراء والمساكين وهذا في الواقع الذي.


أحمد بشتو (مقاطعا): دكتور عبد الحميد اسمح لي أن أذهب إلى الشارع المصري استطلع رأيه في كيفية أو الشكل الأمثل لجمع الزكاة في مصر.

[شريط مسجل]

مشاركة1: أنا شايفة أن الجمعيات الخيرية بتبقى عارفة، قادرة توصل للناس وعارفة إيه هي الحاجة بالظبط اللي تديها لهم يعني ناقصين أكل ولا لبس ولا مدارس ولا حاجات كده.

شارك1: مفروض يبقى في مراكز موجودة اللي هي توزعها بطريقتها على الناس.

مشارك2: مفروض أن اللي يلمها جهات خيرية مش الحكومة والجهات الخيرية موجودة كثيرة في البلد بس الحكومة مش أهل ثقة دلوقت.

[نهاية الشريط المسجل]

أحمد بشتو: دكتور عبد الحميد واضح إن الناس في الشارع المصري لا يثقون كثيرا في الأداء الحكومي أو إدارة الحكومة لأموال الزكاة إذا جمعت، لكن ما رأيك في فكرة رئيس الوزراء الماليزي عبد الله بدوي في إنشاء صندوق زكاة عالمي؟

عبد الحميد الغزالي: حقيقة مسألة جمع الزكاة تعد إحدى المسؤوليات الرئيسة للدولة في المجتمع الإسلامي، أما أننا ننظر من واقع الدولة المعاصر فده يحتاج إلى أن نؤكد أن مؤسسة الزكاة يتعين أن تكون مستقلة تماما عن ميزانية الدولة وعن وزارة المالية، في هذه الحالة نستطيع أن نقابل تشكك المواطنين بالنسبة لإنفاق الدولة لمصارف الزكاة بمعنى أن تكون صندوق الزكاة أو مؤسسة الزكاة مستقلة تماما وبقانون مستقل عن ميزانية ومالية الدولة، في هذه الحالة يضمن دفع..


أحمد بشتو (مقاطعا): لكن دكتور عبد الحميد يعني فكرة المفتي السابق دكتور نصر فريد واصل كانت أثبتت إلى حد ما يعني نجاحا مبكرا يعني هو دعا في البداية إلى مشروع الشجرة الطيبة للمشروعات التكافلية ثم مشروع الشجرة المباركة لاستصلاح الأراضي مع أن المشروع كان حكوميا يعني لا مانع أن تديره الحكومة مادامت الأهداف جيدة في النهاية.

عبد الحميد الغزالي: تدير الحكومة فعلا إذا كانت لا تتسم بما – ليس يشاع وإنما حقيقة- يعني مثلا إذا ما أخذنا في الاعتبار التجربة المصرية، التجربة المصرية وفقا لآخر تقرير للشفافية الدولية أو الفساد وصلت مصر إلى مرتبة 105 هذا العام بينما كانت في الثلاث سنوات السابقة مرتبة 70 يعني تدهور الأداء العام في مصر حوالي 35 درجة بسبب استشراء الفساد، في هذه الحالة في الواقع لا نثق حقيقة في أن تتولى الدولة جمع الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية وإنما نرى أن تسن الدولة قانون خاصا..


أحمد بشتو (مقاطعا): ويبدو أن الناس أيضا دكتور عبد الحميد لهم رأي متفق ربما مع رأيك سأذهب إليه الآن وأعرضه لكم.

[شريط مسجل]

مشارك1: جهاز بيتعمل وكلنا راضيين عنه بيبقى جهاز يعني بس لازم يبقى مسموح به ومرخص وناس معروفة لأن دي حاجة الدين شرعها يعني.

مشارك2: يعني في الوقت الحالي الله أعلم إيه اللي بيحصل ما هو عشان كده الواحد بيخاف بصراحة يطلع أي حاجة، يعني في تبرعات قال لك في تبرعات اللي بتبقى للسرطان ومركز القلب والحاجات دي كلها بصراحة أنا بخاف أطلع فيها.

مشاركة1: الحكومة ساعات برضه بتلم فلوس كثير لمصالح كثيرة وبرضه ما.. بيأخذوا الفلوس وخلاص على كده يعني ما بيعملوش بها حاجة.

[نهاية الشريط المسجل]

أحمد بشتو: دكتور عبد الحميد يعني بعيدا عن الحالة المصرية، تطبيق الزكاة في العالم الإسلامي يتناقض مع وجود 250 مليون مسلم تحت خط الفقر ومع وجود 30 مليارديرا عربيا يملكون 135 مليار دولار، يعني هذا التناقض كيف تراه؟

عبد الحميد الغزالي: هو في الحقيقة يعني العالم الإسلامي يعني شديد التخلف الآن باستثناء ماليزيا، بسبب أنه بعيد عن شرع الله وبعيد عن تطبيق فعلا أمين لصحيح الشرع ومن هذا البعد هو عدم تطبيق فعلا فريضة الزكاة، فريضة الزكاة بنص الكتاب والسنة مسؤولية ولي الأمر مسؤولية.. {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها..}[التوبة:103] خذ، يعني ولي الأمر يأخذ إذاً هي مسؤولية ولي الأمر، في الحالة التي نعيشها يتعين كما قلت أن تكون هناك مؤسسة على مستوى كل دولة للزكاة مستقلة تماما عن الجهاز التنفيذي وعن الحكومة ثم بعد ذلك من هذه المؤسسات يكون اتحاد دولي للزكاة بحيث إذا كان هناك فائض للزكاة في دولة ذات فائض استثماري أو دولة غنية يمكن أن يوجه هذا الفائض إلى دولة ذات عجز مالي وبالتالي يتم التكافل على مستوى الأمة ككل، أيضا في داخل كل دولة هذا الصندوق يمكن أن يكون له صناديق على مستوى الأقاليم والمحافظات بحيث تنفق متحصلات الزكاة تنفق في محلها لأن محلية الزكاة هامة لكن إذا كان هناك فائض في منطقة أو إقليم يذهب هذا الفائض من خلال الصندوق العام للدولة إلى الإقليم والمنطقة ذات العجز، بهذا في الواقع..


أحمد بشتو (مقاطعا): نعم، ونتمنى أن ينتهي الفقر من عالمنا الإسلامي كما حدث في عز الدولة الإسلامية أيام الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز. من القاهرة الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أشكرك جزيل الشكر.

في ختام الحلقة نذكر أن للفقراء حقا معلوما في أموال الأغنياء لو التزم به الناس لذهب الفقر عنا ولكنا أمام العالم نموذجا يحتذى. دائما راسلونا عبر بريدنا الإلكتروني

iqtsad@aljazeera.net

لكم تحيات الفريق العامل في البرنامج ومخرجه صائب غازي وتحياتي أحمد بشتو، إلى اللقاء.