قضايا الساعة

تأثير الشراكة الإستراتيجية الأميركية الروسية على مصالح إيران

تأثير الشراكة الإستراتيجية بين موسكو وواشنطن على مصالح إيران، الموقف الإيراني من تقسيم ثروات بحر قزوين والعلاقات الأميركية الروسية، وتأثير الموقف الأميركي من إيران على انقلاب الموقف الروسي.
مقدم الحلقة: مالك التريكي
ضيفا الحلقة: – د. إلهِه كولائي: عضو لجنة الأمن القومي في إيران
– د. ماكسيم شيفتشينكو: رئيس نادي السياسة الشرقية
تاريخ الحلقة: 18/08/2002

– تأثير الشراكة الإستراتيجية بين موسكو وواشنطن على مصالح إيران
– الموقف الإيراني من تقسيم ثروات بحر قزوين والعلاقات الأميركية الروسية
– تأثير الموقف الأميركي من إيران على انقلاب الموقف الروسي

undefined

مالك التريكي: مناورات عسكرية في منطقة بحر قزوين بقيادة روسيا ومباركة الولايات المتحدة الأميركية، تساؤلات عن دلالات التكتل ضد إيران في السباق لاستغلال موارد أحد أكبر حقول الطاقة في العالم.

أهلاً بكم، للحفاظ على الحياد في مسألة ما إذا كان الخليج عربياً أم فارسياً كانت صحيفة "لوموند" حتى عهد قريب تؤثر تسميته بالخليج العربي الفارسي ولو أن أحد أبرز المعلقين الخليجيين نبه إلى أن الدقة في الوصف السياسي تقتضي القول بأنه الآن الخليج الأميركي، سؤال الهوية أو سؤال الوضع القانوني هذا أصبح يُطرح الآن بإلحاح على منطقة بحر قزوين، هذه المنطقة الاستراتيجية التي بدأت تستحوذ على الاهتمام منذ بضعة أعوام، بعد أن ثبت أنها ستكون أكبر حقل للطاقة في العالم بعد الخليج وسيبريا، وليس أدل على أهمية احتياطي الطاقة في هذه المنطقة من أن روسيا قد أجرت فيها خلال الأسبوع الماضي مناورات عُدَّت درباً من الإهانة لإيران ورئيسها محمد خاتمي الذي ناشد الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) تأجيلها ريثما يتم التوصل إلى اتفاق تشارك فيها بمقتضاه كل الدول المطلة على بحر قزوين، كما أعرب خاتمي عن الأمل في أن يتحول بحر قزوين إلى منطقة سلام، وتأتي هذه المناورات في أعقاب قمة دولة الاتحاد السوفيتي السابقة في منتجع (سوتشي) الروسي أوائل هذا الشهر، حيث اتفقت روسيا مع أذربيجان وكازاخستان على حسم الوضع القانوني لبحر قزوين وذلك بعد عقد من المجادلات والمناورات السياسية، وقد أخذ في هذا الاتفاق الذي لم تُستشر فيه إيران أخذ بوجهة نظر أذربيجان الداعية إلى تقسيم ثروات بحر قزوين بين الدول المتشاطئة بحسب طول ساحل كل دولة عليه ويعني هذا أن لكل دولة الحق في أن تستغل حصتها بطريقة فردية، خاصة فيما يتعلق بالموارد الدفينة وأهمها طبعاً النفط والغاز.

إعلان

الموقف الروسي الجديد يثير كثيراً من التساؤلات لأن روسيا كانت حتى عهد غير بعيد تؤيد مساعي إيران لمنع أميركا من كسب نفوذ في منطقة بحر قزوين من خلال استثماراتها الاقتصادية وحضورها السياسي في كل من أذربيجان وكازاخستان.

عبد السلام أبو مالك يستعرض الملابسات التي أدت إلى تبخر آمال طهران في إقامة محور مع موسكو لإبعاد واشنطن من بحر قزوين.


تأثير الشراكة الإستراتيجية بين موسكو وواشنطن على مصالح إيران

عبد السلام أبو مالك: مناورات عسكرية روتينية أم استعراض للعضلات في منطقة لم تشهد مناورات بهذا الحجم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي؟ وهل مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات تستدعي كل هذا الحشد الضخم من العدة والعتاد؟

أسئلة تشغل بال كل متابع لتطور العلاقات بين دول منطقة بحر قزوين حيث أجرت روسيا مناوراتها بمشاركة أذربيجان وكازاخستان، بينما امتنعت تركمنستان عن المشاركة واكتفت إيران بإرسال مراقبين، ما يُعطي هذه المناورات طابعاً خاصاً كونها تجري في منطقة أسالت لعاب قوى إقليمية ودولية لما تحتويه من ثروات نفطية وغازية، لكنها تعتبر إحدى بؤر التوتر الكامنة في العالم وما لم يُنزع فتيل التوتر فإن أمن المنطقة سيظل عرضة للخطر.

جوهر الخلاف في المنطقة يكمن في الثروات التي يحتوي عليها بحر قزوين هذا الحوض المائي المغلق الذي يتغذى من أنهار عدة أهمها نهر فولجا أطول أنهار أوروبا، يبلغ طوله 1200 كيلو متر وعرضه 434 كيلو متراً، ومساحته الإجمالية حوالي 372 ألف كيلو متر مربع، أي ما يعادل مساحة بنجلاديش ثلاث مرات، وهو يعتبر ثالث أكبر مصدر للنفط بعد الخليج العربي وسيبيريا، وطبيعي أن تزيد حدة التنافس الإقليمي بين الدول الخمس المحازية لهذا البحر حول كيفية تقاسم ثرواته الهائلة وقد سعت إيران منذ تفكك الاتحاد السوفيتي إلى إقناع الأطراف المعنية بتبني خطة تعتبر بحر قزوين بحيرة داخلية تشترك كل الدول المطلة عليه في تنظيم الملاحة التجارية وتحديد الحصص الخاصة بصيد الأسماك وفيما يتعلق بموارد النفط والغاز تقترح الخطة اقتسامها بالتساوي وإعطاء كل دولة 20% منها، لكن أذربيجان وكازاخستان عارضتا الخطة الإيرانية واقترحتا تقسيم ثروات البحر حسب طول الساحل الذي تملكه كل دولة وفي هذه الحالة سيكون نصيب كازاخستان و29% وأذربيجان 21 وتركمنستان 20 وروسيا 19، أما إيران فلن تتجاوز حصتها 11% وستخسر وفقاً لهذا التقسيم حقولاً نفطية تتنازع عليها مع أذربيجان.

إعلان

وحتى العام الماضي كانت روسيا تؤيد الصيغة الإيرانية لمنع الولايات المتحدة من كسب نفوذ في منطقة بحر قزوين من خلال أذربيجان وكازاخستان إلا أن الموقف الروسي تغير بعد قمة (كروفورت) بولاية تكساس بين الرئيسين (فلاديمير بوتين) و(جورج بوش)، وقد وضعت الشراكة الاستراتيجية التي اتفقا عليها حداً لطموحات طهران في تشكيل محور مع موسكو لإبعاد واشنطن عن بحر قزوين.

وقد أظهرت قمة (عشق آباد) التي عُقدت في أبريل نيسان من العام الجاري عمق الخلافات التي تحول دون توصل الدول الخمس إلى أي اتفاق لتحديد إطار قانوني واضح لبحر قزوين واقتسام ثرواته بشكل يرضي جميع الأطراف ويعزو بعض المراقبين فشل القمة إلى واشنطن الحريصة على مصالحها النفطية والعسكرية في منطقة تقع في تقاطع طرق بين روسيا وإيران والصين، وفي ظل التعاون المشترك والوثيق بين واشنطن وموسكو في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول يبدو أن الطرفين يتجهان نحو سياسية جديدة تتفادى الصدام بينهما وتحفظ لكل منهما مصالحه في هذه المنطقة الواعدة، وخاصة فيما يتعلق باستغلال الشركات الأميركية لحقول النفط والغاز، والمسار الذي سيعتمد لمد شبكة ضخمة من خطوط الأنابيب مستقبلاً، وهنا تحرص الإدارة الأميركية على تأمين مصالحها ومصالح حلفائها وحرمان إيران من جني ثمار نفط بحر قزوين إلا في أضيق الحدود.

مالك التريكي: إذن الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وواشنطن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ستصب في النهاية في الحفاظ على مصالح الطرفين في منطقة بحر قزوين، وذلك على حساب مصالح أطراف أخرى وعلى رأسها إيران.

الموقف الإيراني من تقسيم ثروات بحر قزوين والعلاقات الأميركية الروسية

لبحث الموقف الإيراني من قضية تقسيم ثروات بحر قزوين في ضوء الاتفاق الأخير بين روسيا وأذربيجان وكازاخستان، معنا من طهران الدكتورة إلهِه كولائي (عضو لجنة الأمن القومي في إيران) دكتورة كولائي، لقد كانت طهران تعلق آمالاً كبيرة على إقامة محور مع موسكو لمنع امتداد النفوذ الأميركي إلى بحر قزوين ومن ثم إلى آسيا الوسطى، الآن وقد تجاهلت روسيا إيران أو حتى تجاوزتها في حسم الوضع القانوني لبحر قزوين ألا تعتقدون أن إيران قد أخطأت التقدير بوضع كل البيض في السلة الروسية، إذا جاز التعبير؟

إعلان

د. إلهِه كولائي: بسم الله الرحمن الرحيم إنها.. إنه سؤال مهم حقاً حول ما يخص عملية تطوير الخاصة بالمنطقة، ولكنني أعتقد أن فيما يخص الأوضاع الجيوسياسية والجيواستراتيجية فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي قد تعرضت المنطقة إلى مرحلة حرجة ومعقدة جداً من الأوضاع وأعتقد أن هناك الآن.. أن أموراً جديدة تحدث في منطقة بحر قزوين وهناك لاعبين جدد يأخذون الآن مكانهم وقواعد جديدة للعبة، وكذلك إن.. فهناك بالنسبة للموقف الروسي والموقف الأميركي فهذان هما عاملان بإمكانهما أن يمارسا دوراً كبيراً وقدراً كبيراً من النفوذ في المنطقة، فكلاهما يستمر في متابعة وملاحقة مصالحه الخاصة في المنطقة كما هي الحال بالطبع مع البلدان المتشاطئة لبحر قزوين.

ولكنني أعتقد إنه فيما يخص السياسة العدائية للولايات المتحدة إزاءنا فإنهم يحاولون زعزعة الاستقرار والسلام عن طريق.. نحن نحاول تعزيز الاستقرار في المنطقة عن طريق مد يد التعاون إلى.. الدول الأخرى وخاصة الاتحاد الروسي ومن المهم جداً لجمهورية إيران الإسلامية أن.. أن تعزز من استقرار الوضع ومن فرص السلام في المنطقة، لأن الوضع من أساسه وضع فريد جداً وخاص من نوعه في العالم، فبحر قزوين..

مالك التريكي[مقاطعاً]: دكتورة كولائي.. دكتورة كولائي كنتم.. دكتورة كولائي كنتم تعتقدون أن روسيا ربما ستساعدكم في وقف النفوذ الأميركي في المنطقة وقد وصفتم هذا النفوذ بأنه يزعزع الاستقرار، الآن ما هي حقيقة الموقف الروسي من وجهة نظر إيران، هل إيران مازالت متعاونة معكم في هذا الإطار بعد الاتفاق الثلاثي الأخير؟

د. إلهِه كولائي: أعتقد أن البلدان الرئيسية في العالم وكذلك بلدنا أيضاً يجب أن تهتم بحماية مصالحها القومية، ونحن في هذه المنطقة بالذات وفيما يخص التعاون وبجميع أوجهه مع روسيا والدول الأخرى، فنحن نشدد على حماية مصالحنا القومية، ولكن عندما تكون هناك نوع من العلاقات العدائية مع الولايات المتحدة، الولايات المتحدة تحاول اللعب على تناقضات بين الدول، فهي سياسة طبيعية لدولة مثلنا في.. من دول المنطقة، فأميركا في الماضي وعلى مدى الـ 22 عاماً الماضية لعبت دوراً معادياً لبلدنا وحاولت أيضاً أن توقف أي طريق باتجاه تحقيق مصالحنا أو ما نطمح إليه في المنطقة وهي سياسة معلنة من الولايات المتحدة، وعليه فإنه من الطبيعي لبلدنا أن يمارس ضمن سياسته اهتماماً بالدول الأخرى للوقوف بوجوه هذه السياسات الأميركية وعليه فإنني أعتقد أن علينا أن نوازن ونمارس سياسة متوازنة مع بعض الدول في المنطقة، وهذا هو هدف أساسي لنا في تفادي وقوع صراعات في المنطقة والعمل من أجل..

إعلان

مالك التريكي[مقاطعاً]: دكتورة كولائي.. دكتورة كولائي كان.. دكتورة كولائي كان السؤال عن دور روسيا.. عن دور روسيا الذي كان من المفترض أن يكون متعاوناً معكم في وقف المد أو النفوذ الأميركي وأنتم تركزون على الولايات المتحدة، بعض الأوساط الإصلاحية داخل إيران تعتبر أن الاتفاق الأخير بين روسيا وأذربيجان وكازاخستان مثال آخر على خسارة الفداحة التي لا تزال تمنى بها إيران كل الوقت بسبب مواقفها التي تعتبر في بعض الأوساط سلبية من واشنطن ويقولون إن طريق تطوير العلاقات الإيرانية بدول الجوار تمر عبر واشنطن؟

د. إلهِه كولائي: أعتقد إنها نوع من الدعاية السياسية التي تمارس ضدنا وعلى مدى العشر سنوات الماضية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، الولايات المتحدة وبعض المصادر المعارضة في المنطقة تحاول إظهارنا وكأننا جهة معادية وتقف ضد الاستقرار في المنطقة، ولكن سياستنا على مدى العشر سنوات الماضية أظهرت أن سياستنا في المنطقة تهدف نحو بناء وتعزيز الثقة وتعزيز آفاق التعاون بين الدول المتشاطئة لبحر قزوين وجمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز، وهي.. وليس من الحقيقة والفهم الصادق لسياستنا في المنطقة أن توصف هكذا وأعتقد أن سياستنا على مدى الأعوام الماضية قد أظهرت نوايا..

مالك التريكي[مقاطعاً]: دكتورة.. دكتورة كولائي من أهم أسباب.. من أهم أسباب التطور الأخير.. من أهم أسباب التطور الأخير دكتورة كولائي والذي يعتبر نوعاً ما إهانة لإيران هو أن المحللين السياسيين في روسيا يعتقدون أن الرئيس محمد خاتمي قد خسر صراع السلطة، إذاً إيران بسبب مشاكلها الداخلية واستدامة الصراع بين المحافظين والإصلاحيين قد أضعفت من الأوراق الاستراتيجية التي كان في إمكانها أن تلعبها في اللعبة الكبرى -إن صح التعبير- في.. في المنطقة.

د. إلهِه كولائي: لا يمكن لنا أنا ننكر أن السياسة الداخلية وضعها الداخلي ممكن أن تؤثر على السياسة الخارجية لبلد.. أي بلد كان، ومن ضمن ذلك بلدنا بالطبع، وأعتقد إن هناك علاقة واضحة بين سياساتنا الداخلية والخارجية والتطورات الداخلية بإمكانها أن تؤثر على قدراتنا وقوتنا على المسرح الدولي، وخاصة فيما يخص منطقة بحر قزوين، فإنني أعتقد أن هذا الوضع بإمكانه أن يجعل الوضع بالنسبة لنا معقداً جداً للغاية، ولكنني مع ذلك أرى أن هناك وضعاً جيوسياسياً في المنطقة يجعل موقفنا موقفاً فريداً من نوعه، وبإمكانه أن يساعدنا على تحسين الأوضاع وتحقيق المكاسب وجني الفوائد حماية لمصالحنا، وأعتقد أن هذا أيضاً يخص موقف جمهورية إيران الإسلامية التي بإمكانه أن يربط فيما بين منطقتين مهمتين جداً فيما يخص مصادر الثروة النفطية في العالم، وأخص منطقة الخليج وبحر قزوين أيضاً، لأن منطقتين مهمتين…

إعلان

مالك التريكي: دكتورة.. دكتورة إلهِه كولائي دكتورة إلهِه كولائي (عضو لجنة الأمن القومي في إيران) شكراً جزيلاً لك.

تعارض الولايات المتحدة كل المحاولات والمقترحات الإيرانية وتعترض على عدة مشاريع لتشييد خط أنابيب لنقل النفط والغاز إلى الأسواق العالمية عبر إيران.

بعد الفاصل نظرة في علاقة الموقف الأميركي من إيران بانقلاب الموقف الروسي في بحر قزوين.

[فاصل إعلاني]


تأثير الموقف الأميركي من إيران على انقلاب الموقف الروسي

مالك التريكي: قبل أشهر أعلنت روسيا والولايات المتحدة نهاية عقود من العداء وافتتاح عهد جديد من التعاون والتحالف، وقبل أسابيع قليلة قدمت ورقة عمل أُعدت لحساب الإدارة الأميركية وصفت روسيا بأنها شريك استراتيجي لأميركا في إدارة إمدادات الطاقة العالمية، فما هي علاقة هذه الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين روسيا وأميركا في مجال الطاقة؟ ما هي علاقة هذه الشراكة باستبعاد إيران من تحديد الوضع القانوني لبحر قزوين؟

معنا من موسكو لبحث الموقف الروسي من القضية الدكتور ماكسيم شفتشينكو (رئيس نادي السياسة الشرقية).

دكتور شفتشينكو، كان من المعروف أن روسيا في البداية كانت تؤيد الموقف الإيراني أي الاستغلال المشرك لبحر قزوين واعتباره ملكاً مشاعاً للدول الخمس المتشاطئة، خاصة أن روسيا لم تكتشف أي نفط في جانبها من الحدود المطلة على بحر قزوين، الآن انقلب الموقف الروسي، ما هو سبب هذا الانقلاب؟

د. ماكسيم شفتشينكو: إذا أردنا أن نبحث الموقف الروسي، فعلينا أن نفهم أولاً إن الموقف الروسي يعتمد على موقف أميركا الولايات المتحدة، فروسيا الآن هي شريكة للولايات المتحدة في أواسط آسيا وجنوب شرق آسيا، وأيضاً القواعد العسكرية الأميركية في كازاخستان وأوزبكستان وبلدان أخرى وبإمكاننا أن نرى الضباط الأميركيين في جورجيا، ويمكننا أيضاً أن نفهم أن روسيا الآن في منطقة بحر قزوين وفي أواسط آسيا لا تستطيع اتباع سياسات مستقلة كما كان عهدها سابقاً في الماضي.

إعلان

مالك التريكي: رغم ذلك لقد أظهرت إيران كثيراً من حسن النية بالتعاون مع روسيا مثلاً في مسألة طاجيكستان حيث قامت بوساطة وهي تؤيد المقاومة، هناك المعارضة الطاجيكية المتحدة وهي ذات طابع إسلامي، وروسيا تؤيد الحكومة، كذلك في الشيشان رغم الطابع الإسلامي للحركة الاستقلالية فإن إيران رفضت التدخل، وكل ذلك في مسعىً لإقامة محور استراتيجي لوقف النفوذ الأميركي الذي كانت تخشى منه موسكو حتى عهد قريب، ألا تثير المساعي الأميركية لبسط نفوذ واشنطن في المنطقة مخاوف روسيا؟ هل هذا الشراكة تؤخذ مأخذ الجد في روسيا في كل الأوساط؟

د. ماكسيم شفتشينكو: نعم، بإمكاننا أن نقول ذلك في الماضي كان الناس يقولون إنه صديق الصديق هل هو عدو لك أم صديق؟ وما تقوله الآن الولايات المتحدة هي عدوة لإيران وإسرائيل عدوة لإيران أيضاً، ولكن إسرائيل الآن والولايات المتحدة هي صديقة، فهل يمكن لإيران أن تقيم علاقات جديدة مع روسيا وفي نفس الوقت تستمر في دعم موقف روسيا فيما يخص الشيشان طاجيكستان أعتقد أن ذلك ليس بالأمر المهم، فبعد العمليات التي تشنها الولايات المتحدة ضد الإرهاب في أفغانستان وآسيا، فكل من روسيا وإيران دعمت هذه المواقف في إفغانستان، والآن نرى أن العلاقة بين روسيا وإيران ليست بتلك الأهمية التي كانت قبل شن الحرب ضد الإرهاب.

مالك التريكي: ولكن أميركا لا يبدو أنها دوماً تعامل موسكو بنفس الطريقة التي تعاملها بها روسيا، مثلاً كانت روسيا تأمل في أن يكون خط الأنابيب الذي ينقل النفط من منطقة قزوين إلى الأسواق العالمية يمر عبر روسيا أو على الأقل من.. من الشمال.. من الجنوب إلى الشمال أو من الشمال إلى الجنوب عبر.. عبر إيران، لكن أميركا استخدمت نفوذها عام 99 والخط الوحيد الموجود الآن هو الذي يربط بين.. الذي سيربط بين باكو وجيهان في.. في تركيا، وكانت تلك صفعة لإيران وروسيا في نفس الوقت، ألا.. ألا يجدر بروسيا أن تأخد هذا في الحسبان؟

إعلان

د. ماكسيم شفتشينكو: أعتقد أن مشكلة النفط ليست بتلك الأهمية في منطقة قزوين بحر قزوين بالنسبة لروسيا، المسألة مهمة بالنسبة لتركمنستان وإيران وأذربيجان ولكن هذه المشكلة ربما تكون ذات أهمية لواحدة من شركات النفط الكبرى الروسية مثل (يوكاس) أو (لوكول) أو غيرها، ولكن علينا أن نفهم إن السياسة الخارجية لروسيا الآن ليست سياسة مسار واحد وطريق واحد، عن طريق ممارسة التأثير داخل روسيا، وهي سياسة من حيث المنبع والأصل تلحق بها مصالح الشركات والنفطية، لا أدري ماذا.. ما هي مصالح شركات النفط الروسية في هذه المنطقة ولكنها ليست الشيء نفسه بالنسبة لحكومتنا، الوضع وأكرر هنا الآن إن الوضع بعد الحرب ضد الإرهاب في أفغانستان وبعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول تحديداً أصبح هو موقفاً مختلفاً فنحن لا يمكننا أن نرى في منطقة بحر قزوين كما كنا نراها قبل الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، فبعد هذا التاريخ نرى القوة الأميركية موجودة حوالي بحر قزوين وحوالي روسيا وإيران ونرى القوات الأميركية حوالي مناطق.. النفط والغاز أيضاً.

مالك التريكي: لكن هنالك مصالح قومية أضيق من هذه الاعتبارات التي ذكرتموها، مثلاً الاتفاق الثلاثي الأخير ينص على أن لكل دولة من الدول الثلاث الحق في المشاركة في التنقيب عن النفط والاستثمار في مجال النفط في الدول الأخرى، مما يعني أن روسيا سيكون لها حق النظر أو سلطة الإدلاء برأيها في كل الأنشطة النفطية التي تجري في بحر قزوين، وهذه مصالح اقتصادية بحتة لا تتعلق بأميركا.

د. ماكسيم شفتشينكو: إن مصالح.. مصالحنا القومية في بحر قزوين تعد.. هي بالحقيقة مصالح لخمس دول: إيران، وأذربيجان، وكازاخستان، وتركمنستان أيضاً، وروسيا اتفاقية مع كازاخستان هي اتفاقية ثنائية، وإيران كان موقفها معارضاً للدول المتشاطئة.. للدول للاتفاق الثنائي في هذه المنطقة، وبعد لقاء (عشق أباد) في أبريل من هذا العام فبإمكاننا أن نقول إن بين إيران وروسيا هناك مشاكل كبيرة حقاً.

إعلان

مالك التريكي: طيب دكتور شفتشينكو.. دكتور شفتشينكو، هنالك.. هنالك أوساط.. أوساط روسية، هنالك أوساط روسية تقول إن من أهم أسباب التجاوز أو التجاهل الروسي الأخير لإيران في مسألة بحر قزوين هو التوصل إلى قناعة بأن الرئيس محمد خاتمي قد خسر الصراع على السلطة، المثير في ذلك أن أميركا نفسها.. الإدارة الأميركية وصلت إلى هذه القناعة قبل حوالي شهر، وسربت هذه المعلومات إلى "الواشنطن بوست"، أليس غريباً أن يكون التطابق في.. في التحليل.. أن يصل التطابق إلى هذا الحد بين واشنطن وموسكو فيما يخص إيران؟

د. ماكسيم شفتشينكو: إن بإمكاننا أن.. إن المناورات العسكرية التي حدثت في منطقة بحر قزوين الرئيس (بوتين) وصفها بأنها مضادة للنشاطات الإرهابية في منطقة بحر قزوين، أي نشاطات إرهابية يمكن أن نراها في منطقة بحر قزوين؟ إن بإمكانك أن تقول أن هناك شيشانيون، ولكن الشيشانيين هم في منطقة القوقاز حقيقةً، وكذلك فإن وعلى سبيل المثال ما.. أن السياسة الأميركية تدعو أو تصف إيران بأنها ربما مساندة للإرهاب، وآخر التمرينات العسكرية والمناورات العسكرية هذه، والتي تمثل تغيراً في الموقف الروسي إنه بالحقيقة موقف يعتمد على الموقف الأميركي، وعلى زيارة الرئيس بوش إلى روسيا، والآن فالعلاقات بين روسيا وإيران تعاني من أزمة كبيرة، وتمر بمرحلة صعبة، ومن الصعب القول أن.. أن نتحدث عن دعم روسيا لموقف إيران، وعلى سبيل المثال فيما يخص برنامج.. البرنامج الذري الإيراني.

مالك التريكي: دكتور.. دكتور ماكسيم شفتشينكو (رئيس نادي السياسة الشرقية في موسكو) لك جزيل الشكر، وبهذا سيداتي سادتي تبلغ حلقة اليوم من (قضايا الساعة) تمامها، دمتم في أمان الله.

المصدر : الجزيرة