الانتخابات البرلمانية المغربية
مقدم الحلقة: | مالك التريكي |
ضيوف الحلقة: | خديجة مفيد: حزب العدالة والتنمية إدريس الأشقر: رئيس فريق حزب الاتحاد الاشتراكي الحاكم |
تاريخ الحلقة: | 29/09/2002 |
– تجربة حكومة التناوب وتحديات الحكومة القادمة
– مستقبل الخارطة السياسية المغربية في ضوء الانتخابات الحالية
– موقع الإسلاميين في المرحلة السياسية المغربية المقبلة
مالك التريكي: بعد نجاح السلطات المغربية في امتحان الحياد الإيجابي في الانتخابات البرلمانية، تساؤلات عن دور الشرعية السياسية الجديدة في تحقيق آمال الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.
أهلاً بكم، منذ أربعة أعوام ونصف تحكم المغرب حكومة ائتلافية عرفت بأول حكومة تناوب منذ الاستقلال أي أول حكومة يكلف بتشكيلها زعيم حزب من أحزاب المعارضة.
وقد أثار هذا التحول آمالاً واسعة في التنمية الاقتصادية والاصلاح السياسي والتقدم الاجتماعي، ولكن هذه الآمال لم تتحقق، لأسباب يعتقد أن أهمها هو اصطدام حكومة التناوب بمراكز القوى والمصالح التقليدية التي شكلت جيوب مقاومة مؤسسية ضد مساعي التحديث.
ولهذا فإنه يبدو أن الملك محمد السادس الذي اعتلى العرش قبل ثلاثة أعوام قد آلَ على نفسه أن تكون أول انتخابات برلمانية في عهده بداية لتحول فعلي يؤسس لشرعية سياسية جديدة.
إذ كان من أبرز مظاهر الانتخابات البرلمانية التي عُقدت يوم الجمعة في المغرب أن التجاوزات التي سجلت أثناء عمليات الاقتراع لم تصدر عن السلطات مثلما كان معهوداً بل إنها صدرت هذه المرة عن بعض المرشحين، وإذا كان في ذلك دليل سياسي على جدية التعهدات التي قطعتها السلطات بضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها أو ما يسمى في المغرب بحياد الإدارة الإيجابي فإن فيه كذلك دليلاً اجتماعياً على صعوبة التخلص من عادات انتخابية لعب فيها شراء الذمم دوراً مركزياً طيلة عقود.
وبالإضافة لضمان الحياد الإيجابي فإن الوسائل التي اعتمدها المغرب في تحقيق الرغبة الرسمية في أن تكون انتخابات هذا العام نزيهة وشفافة قد شملت اعتماد نظام انتخابي جديد هو نظام الاقتراع على القوائم الموحدة الذي تشمل إيجابياته تقليل احتمالات شراء الأصوات.
ورغم كثرة عدد الأحزاب التي لا تقل عن 26 حزباً فإن كل برامجها قد تشابهت إلى حد حصر الرهان الأساسي للانتخابات في مسألتي نسبة الإقبال والشفافية.
أما نسبة الإقبال فقد كانت أضعف من المؤمل، نظراً لقلة الثقة الشعبية في المسار الانتخابي، ولانتشار الأمية.
وأما امتحان الشفافية فقد نجحت فيه السلطات على ما يبدو بينما سقطت فيه الطبقة السياسية.
ولهذا فإن الخارطة السياسية يبدو أنها قد أعادت إنتاج نفسها إجمالاً باستثناء تعزز موقع حزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الإسلامية، فهل ستكون الحكومة المنبثقة عن أول انتخابات جادة في تاريخ المغرب أقدر من أول حكومة تناوب على معالجة المشكلات الجوهرية، التي يعاني المغرب من تراكماتها منذ عدة عقود، ولاسيما مشكلات الفقر والبطالة والأمية وقلة مشاركة المرأة في الحياة العامة.
عبد السلام أبو مالك يستعرض تجربة حكومة التناوب والتحديات التي تواجه الحكومة القادمة.
تجربة حكومة التناوب وتحديات الحكومة القادمة
عبد السلام أبو مالك: مثل هذا المشهد تكرر كثيراً في المغرب، وتعود عليه الناخبون المغاربة، لكن مشهداً كهذا اختفى الآن، ولم يعد منه في الذاكرة سوى حديث عن التزوير والتلاعب، الذي كان مقروناً بأي انتخابات في عهد وزير الداخلية السابق إدريس البصري، والفرق بين العهدين القديم والجديد هو حرص على ضمان نزاهة الانتخابات بكل الوسائل الممكنة.
الملك/ محمد السادس (ملك المغرب): حرصنا على توفير كل الشروط والضمانات اللازمة، لتكون الديمقراطية هي الفائز الحقيقي في هذه الانتخابات، وإننا لننتظر من الأحزاب السياسية أن تتنافس في طرح برامج حكومية واقعية وقابلة للإنجاز محددة في وسائل تمويلها ومدة تحقيقها، وتتضمن حلولاً للقضايا الأساسية للأمة.
عبد السلام أبو مالك: ويبدو أن حرص الملك محمد السادس على نزاهة هذه الانتخابات يمنح أملاً في أن تشهد البلاد تحولاً حقيقياً نحو ترسيخ أسس التجربة الديمقراطية في المغرب، وبناء دولة الحق والقانون.
انتخابات هذا العام يراد لها إذن أن تكون مختلفة تماماً عن الانتخابات التشريعية الست التي جرت في البلاد منذ استقلالها عام 56.
ولذلك تم اعتماد نظام الاقتراع الفردي لصالح الأحزاب بدل نظام الاقتراع السابق لصالح الأشخاص.
إرهاصات الإصلاح السياسي كانت قد بدأت في المغرب عام 98، عندما اختار الملك الراحل الحسن الثاني المعارض السابق عبد الرحمن اليوسفي على رأس حكومة توافقية عرفت باسم حكومة التناوب، وقتها قال اليوسفي إنه قبل بهذه المهمة كواجب وطني لمواصلة نضاله من أجل بلاده التي كانت مهددة بالسكتة القلبية على حد تعبير الملك الحسن الثاني.
لكن الائتلاف الحكومي الذي أفرزته انتخابات 97 لم يكن منسجماً لأنه جمع أحزاباً يسارية إلى جانب أحزاب من اليمين والوسط ذات برامج متضاربة ومتصارعة، وبعد 4 سنوات ونصف على تولي اليوسفي منصبه كرئيس للوزراء يقول إن حكومته الائتلافية استطاعت أن تحقق خلال هذه السنوات ما عجزت الحكومات السابقة عن تحقيقه خلال 20 عاماً، سواء في مجال خفض الديون الخارجية أو التعليم أو الصحة، فضلاً عما تحقق في مجال الحريات العامة.
غير أن حكومة اليوسفي لم تكن في منأىً عن الانتقادات، إذ عابت عليها المعارضة عدم استثمارها الجيد لرصيد الثقة الذي كانت تحظى به شعبياً، واتسام أدائها بالبطء وسوء التقدير، وإخفاقها في تلبية المطالب الشعبية الملحة خاصة ما يتعلق بزيادة فرص العمل وتخفيف أزمة البطالة والسكن ومحو الأمية ومكافحة الفقر.
وهذه التحديات هي ذاتها التي ستواجهها أي حكومة مقبلة، وحتى تتمكن من النجاح في مهمتها الصعبة يجب أن تتوافر في أحزابها الحدود الدنيا من التفاهم، ولذلك يبدو أن مصير الائتلاف الحكومي الحالي غير المتجانس إلى زوال، لكن الناخب المغربي الذي تعود على سماع الوعود المعسولة في كل حملة انتخابية، أصبح يشك في قدرة أي حكومة على معالجة قضايا باتت مع مر السنين قضايا مستعصية لا يرى لها حلاً إلا في التعايش معها أو الهروب منها نحو الضفة الأخرى من البحر المتوسط.
السابع والعشرون من أيلول/ سبتمبر من هذا العام أُريد له أن يكون يوماً مشهوداً وعيداً للديمقراطية في المغرب، فهل ستكون هذه الانتخابات فعلاً قفزة إلى الأمام أم قفزة في نفس المكان؟!
مستقبل الخارطة السياسية المغربية في ضوء الانتخابات الحالية
مالك التريكي: الناخب المغربي أصبح إذن يشك في قدرة أي حكومة على معالجة القضايا الجوهرية، ولهذا فإنه يجدر طرح السؤال الذي طرحه التقرير: هل ستكون هذه الانتخابات فعلاً قفزة إلى الأمام أم مجرد قفزة في نفس المكان؟
معنا من الرباط لبحث مستقبل الخارطة السياسية في المغرب السيد إدريس الأشقر (العضو في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) سيد الأشقر، لقد كان الشعب المغربي على موعد مع الأمل مرتين –على الأقل- مرة عند تشكيل حكومة التناوب ومرة أخرى عند اعتلاء الملك محمد السادس العرش، الآن هل ستكون هذه الانتخابات التي أريد لها أن تكون نقطة قطيعة مع الماضي بداية لتحول ديمقراطي فعلي؟
إدريس الأشقر: مؤكد، إننا نشكر فيك أنك قلت أن الشعب المغربي كان مع محطتين:
الأولى: الأمل في الإنقاذ لأن البلاد كانت مهددة بالسكتة القلبية.
التانية: هي بعد تولي جلالة الملك محمد السادس والذي راهن إلى جانب حكومة التناوب على إقامة ديمقراطية حقيقية في البلاد، المنتصر اليوم هو المغرب، المغرب الذي استطاع أن يعطي نموذجاً في إجراء انتخابات نزيهة حرة ديمقراطية في العالم التالت، يمكن أن نعتبر أن ما جرى يوم 27 شتنبر [سبتمبر] هو قفزة نوعية إلى الأمام من أجل مغرب جديد.
مالك التريكي: بعض المحللين سيد الأشقر، بعض المحللين يرون أن الرأي العام رغم استيائه من أداء الحكومة لأنه لم يقيِّم أداء الحكومة على أنه كان إيجابياً ربما جدد لنفس الأحزاب الكبرى لأنه لا يعتقد في وجود بديل فعلي؟
إدريس الأشقر: لا، ربما هذا تحليل خاطئ لدى بعض هؤلاء المحللين المشاكل الكبرى التي ورثتها حكومة التناوب لا يمكن البت.. الجواب عنها بهذه السرعة، لقد كان حجم التركة يتطلب وقتاً من أجل إنجاح.. نجاح الحكومة في مواجهة هذه التركة، المؤكد أن الإنقاذ قد تم اليوم بعد 27 شتنبر [سبتمبر] ما هو مطروح هو بناء المغرب القوي، المغرب الحداثي الديمقراطي، مغرب المستقبل هذا المغرب الذي يجب أن نبنيه جميعاً يتطلب مدة من الوقت لمواجهة التركة الثقيلة في البطالة، في الصحة، في التعليم، في السكن.. وهي..
مالك التريكي[مقاطعاً]: هنالك رأي آخر أستاذ الأشقر، هنالك رأي آخر يقول إن التجديد لنفس الأحزاب الكبرى في هذه الانتخابات هو اعتقاد قطاعات واسعة في الجمهور المغربي أن الحكومة ليست المسؤول الأول عن تعثر مساعي الإصلاح خلال السنوات الأربع الماضية، أقصد أن المقاومة كانت مقاومة إدارية لإرادة.. لإرادة الإصلاح.
إدريس الأشقر: هي المقاومات يكون.. يمكن أن تكون من جانب كل الذين استفادوا في المراحل السابقة، استفادوا خلال أربعة عقود، ممكن أن يكون هو المركب المصالحي الاقتصادي الذي استفاد من مجموعة الامتيازات، مما لاشك فيه أن هؤلاء تحركوا وراء رموزٍ وألوانٍ وأحزابٍ مختلفة في هذه الانتخابات، ومما لاشك فيه أنهم راهنوا على الرجوع إلى الماضي إنما جواب الشعب المغربي الذي اختار بكل حرية وتلقائية الأحزاب التي ستمثله في البرلمان القادم كان جواباً واضحاً على كل هؤلاء على رموز الماضي ما قبل التناوب، رموز الفساد الذي عرفه المغرب قبل سنة 98، وأعتقد أن اختيار الشعب المغربي كان اختياراً موفقاً.
مالك التريكي: هنالك رأي يقول إن الهدف الأساسي من الحرص الرسمي على تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة –ويبدو أن هذا الرهان قد تم كسبه- هو الرأي العام الدولي وخاصة اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، هل نوع المشاكل التي يعاني منها المغرب وخاصة الفقر وبطالة حملة الشهادات الجامعية هو من النوع الذي يجدي معه اجتذاب الاستثمارات الأجنبية؟
إدريس الأشقر: أولاً: ألا تعتقدون أن الشعب المغربي يستحق الديمقراطية حتى نقول أن الديمقراطية التي نؤسس لها كانت بضغط من الخارج ومن الأجنبي حتى نجذب الاستثمارات أعتقد أن كل.. أن الشعب المغربي يستحق كل الخير ومن حقه أن ينعم بديمقراطية حقيقية.
ثانياً: أعتقد أن بلادنا تواجه من الأزمات الاجتماعية ما يواجهه غيرها من شبيهاتها في العالم التالت، فقط هل هناك إرادة للبناء من طرف الحاكمين، هذا ما كان مفتقداً لمرحلة من الزمان نعتقد اليوم أن المغرب على السكة الحقيقية ومما لاشك فيه أنه بعد أن وصل إلى معالجة المسألة السياسية سينجح في معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
مالك التريكي: السيد الأشقر مما لوحظ أنه رغم كثرة عدد الأحزاب المتنافسة فإن برامجها إجمالاً كانت متشابهة ولكنها جميعاً –ربما باستثناء حزب واحد- تجنبت إثارة قضية الإصلاح الدستوري وخاصة تحديد صلاحيات الحكومة في مقابل القصر، لماذا؟
إدريس الأشقر: مما لاشك فيه أنكم كمتتبعين لما يجري في الحياة السياسية في المغرب ستعلمون جيداً أن الاصلاحات السياسية التي تمت في البلد هي إصلاحات مهمة، كذلك لابد أن تكونوا عالمين على أن الدستور المغربي يفوض.. يخوِّل للحكومة وللبرلمان ولكافة السلط سلطات واسعة، ما كنا نشكو منه في زمان غابر هو أن هذه السلطات المنصوص عليها في الدساتير وفي القوانين لم يكن يُسمح بممارستها بشكل تام.
في عهد جلالة الملك محمد السادس يمكننا أن نؤكد أن كل سلطة مارست مهامها، ومارست سلطتها كما هو منصوص عليه في الدستور.
مالك التريكي [مقاطعاً]: ما أُعلن رسمياً..
إدريس الأشقر [مستأنفاً]: إذن فكل حديث عن إصلاح دستوري قبل الأوان هو إصلاح.. هو حديث سابق لأوانه، الآن بعد (…..) هذه المرحلة…
مالك التريكي [مقاطعاً]: سيد الأشقر، ما أعلن رسمياً.. ما أعلن رسمياً بالنسبة لهذه الانتخابات هو أنها ستحدد الخارطة السياسية الحقيقة.. الحقيقية في المغرب، كيف يمكن ذلك في ظل غياب أهم تيار إسلامي، وهو جماعة العدل والإحسان؟
إدريس الأشقر: من قال لكم أن العدل والإحسان هي التيار الإسلامي الأساسي والمهم؟ مما لا شك فيه أن هناك تيار إسلامي مؤسساتي، وقد أكدت انتخابات اليوم أنه بالفعل أهم تيار سياسي إسلامي، فقد ضاعف عدد مقاعده، وربح الرهان، وما أعتقد أن أي محلل يمكن له برجم الغيب أن يقول عن العدل والإحسان أنها أهم تيار سياسي إسلامي.
مالك التريكي: السيد إدريس الأشقر (عضو الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية من الرباط) لك جزيل الشكر.
الانتخابات عديمة الجدوى، ولن يكون هناك تغيير فعلي حتى يتحقق الإصلاح الدستوري، هذا هو موقف جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة، أما حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي كان ممثلاً في البرلمان السابق فقد عزز في هذه الانتخابات حضوره كقوة سياسية كبرى تضاهي القوى التقليدية.
بعد الفاصل: نظرة في دور حزب العدالة والتنمية في المرحلة السياسية المقبلة في المغرب.
[فاصل إعلاني]
موقع الإسلاميين في المرحلة السياسية المغربية المقبلة
مالك التريكي: عزز حزب العدالة والتنمية الإسلامي موقعه الانتخابي، وبرز كقوة سياسية تضاهي القوى التقليدية في المغرب، بحيث أنه لم يعد من المستحيل تصور وجوده في الحكم في المستقبل، وقد فُسرت مسارعة وزير الداخلية إلى إعلان إحراز حزب العدالة والتنمية تقدماً في الانتخابات، وذلك قبل يومين من إعلان النتائج الرسمية على أنها تأكيد على أهمية هذا الحزب الإسلامي في المشهد السياسي في المغرب، مثلما تبين إقبال إلهامي في هذا التقرير من الرباط.
تقرير/إقبال إلهامي: أن يحرز حزب العدالة والتنمية الإسلامي تقدماً في الانتخابات التشريعية في المغرب أمر كان متوقعاً، لكن أن يختار وزير الداخلية المغربي إدريس جطو الإعلان عن ذلك بـ 48 ساعة قبل ظهور النتائج الرسمية يحمل أكثر من دلالة أقلها أن الإسلاميين صاروا جزءاً بارزاً في اللعبة السياسية، وأنهم سيشكلون محور أي تحالف مقبل إن لجهة تشكيل غالبية نيابية تنبثق عنها الحكومة، أو لجهة اختيار البقاء في المعارضة، وفي الحالتين يظل لافتاً تقدم الحزب الإسلامي برغم تعرضه قبل الانتخابات لانتقادات لاذعة من اليسار المغربي، ذهبت حد اتهام بعض أجنحته بالعنف ودعم الإرهاب، إيحاءً بتجربة الإنقاذ الجزائرية.
عبد الله باها (حزب العدالة والتنمية): أنا أعتقد أن المغرب يعني محصن يعني اجتماعياً وتاريخياً ودينياً ضد مثل هذا التطور، وليس أدل على ذلك من الجزائر، الآن.. أكثر من عشر سنوات وهي تعيش هذه الأحداث الدامية التي نأسف لها، ولكن المغرب الحمد لله لم.. لم تصبه العدوى.
إقبال إلهامي: عاملان أسهما في تقدم العدالة والتنمية، الأول تدني نسبة المشاركة في الاقتراع، بما اعتُبر نوعاً من العقاب ضد سياسة أحزاب الائتلاف الحاكم، والثاني أن العدالة والتنمية راهن على خطاب معتدل مقارنة بجماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة، التي دعت إلى مقاطعة الانتخابات.
نادية ياسين (ابنة زعيم جماعة العدل والإحسان): تصر جماعتنا أن لا تدخل في هذه اللعبة السياسية، بل بالأحرى في هذه الأُلعوبة السياسية، لأن من مبادئها ألا تخالط المخزن، لعلمها بأن ليست هذه الانتخابات إلا تمثيلية جديدة، أو تمويه جديد على الشعب المغربي.
محمد ضريف (محلل سياسي): عندما تقاطع جماعة العدل والإحسان الانتخابات لا يعني أنها لا تشارك سياسياً، فهي حاضرة في الساحات تؤطرِّ، وتؤطَّر لعدد كبير من المواطنين، لذلك فأعتقد بأن وجود الحركة في.. أو الحركة الإسلامية في المغرب هو وجود فاعل، وتشارك سياسياً بشكل فاعل، والمشاركة لا تعني دائماً لعباً من داخل المؤسسات المنتخبة الموجودة، بل قد تكون فعالة أكثر أحياناً، لأنها خارج هذه المؤسسات.
إقبال إلهامي: وإذا كانت العدل والإحسان تختلف مع العدالة والتنمية حول مفهوم الاندماج في اللعبة الديمقراطية، فإن تلك الخلافات تترك المجال لمزيد من التنسيق كلما تعلق الأمر بالتعاطي وقضايا قومية مثل الوضع في فلسطين أو العراق، أو قضايا محلية مثل الجدل حول تعديل قوانين الأحوال الشخصية.
صراع السلطة مع الإسلاميين يعالج جزئياً الآن سياسياً، لكن السؤال يظل حول ما إذا كان الملك محمد السادس سيعيد تجربة والده الراحل الحسن الثاني ويمنح المعارضة الإسلامية السلطة؟
مثل هذه المظاهرات الحاشدة للإسلاميين تطرح تساؤلات حول إمكان تكرارها في ظل وضع العدالة والتنمية الجديد ضمن الخارطة النيابية، فانضمامه إلى المعارضة سيتحول إلى استقطابٍ للغاضبين، وهذا يعني عودة ممكنة للمواجهة مع السلطة، أما استقراره في الحكومة فهو أكثر من مفاجأة، وقد يشكل سابقة مغربية على غرار تولي المعارضة برئاسة الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي السلطة في 1998، وأياً كان الموقع فحالة العدالة والتنمية المغربي تفيد على الأقل في عدم تكرار المغرب تجربة الجزائر في إقصاء الإسلاميين، وإن كان الوضع الدولي في سياق الحرب ضد الإرهاب سيكون له تأثير في التحالفات المطروحة.
مالك التريكي: الحالة المتميزة لحزب العدالة والتنمية قد تساعد المغرب إذن في عدم تكرار تجربة الجزائر في إقصاء الإسلاميين، فهل سيسعى حزب العدالة والتنمية إلى الخروج من المعارضة حتى لا يتحول إلى مركز استقطاب للغاضبين، بما يعنيه ذلك من احتمالات المواجهة مع السلطة؟
معنا من الرباط لبحث موقع الإسلاميين في الخارطة السياسية المقبلة السيدة خديجة مفيد (الناشطة السياسية في حزب العدالة والتنمية).
سيدة خديجة مفيد، الآن وقد حقق حزب العدالة والتنمية تقدُّماً واضحاً في.. في الانتخابات ما هو الأدعى لتحقيق الحزب أهدافه وأولوياته أن يبقى في المعارضة ليحافظ على شعبيته أم يشارك في الحكم مع ما يعنيه ذلك من تحمل للنقد والمسؤولية والمحاسبة؟
خديجة مفيد: بالفعل حزب العدالة والتنمية يعتبر إضافة نوعية في المشهد السياسي، وقد حاز على مصداقية كبيرة من خلال نشاطه السياسي الذي أضاف مجموعة من المفاهيم إن على مستوى المفاهيم أو إن على مستوى النشاط السياسي المتفهم للواقع والمستوعب للمنظور السياسي الإسلامي، وبالتالي فشروط أن يتحول.. أن يتحول النشاط الإسلامي في المغرب إلى الوضع في الجزائر غير واردة بالمرة، لأن حزب العدالة والتنمية حزب معتدل وواعي بالشروط المحلية والدولية، وبالتالي فكل أنشطته تنبني على تفكير مؤسس على هذا الاعتبار، وعلى اعتبار مصلحة الوطن والتحديات الدولية التي تواجه المغرب، فحزب.. وبالتالي فحزب العدالة والتنمية ليس له موقف راديكالي بحيث أنه يختار بشكل جاهز ومسبق أن يكون في المعارضة أو أن يكون في تحالف من أجل الدخول في.. في الحكومة، بقيت (….) عن الإعلانات النهائية للنتائج ولتحديد الخارطة السياسية للمغرب ساعة أو قليل من ذلك، وبعد ذلك سيتخذ الحزب…
مالك التريكي [مقاطعاً]: سيدة مفيد، سيدة مفيد، من التصريحات.
خديجة مفيد: نعم.
مالك التريكي: من التصريحات التي نُسبت لأحد قياديي حزبكم السيد عبد الإله بلكيران هو أن الحزب لو أراد لفاز بأكثرية الأصوات، ولكنه امتنع عن ذلك.
خديجة مفيد: نعم بالفعل.
مالك التريكي: لأنه.. لأنه لا يريد أن يُكلَّف بتشكيل الحكومة في سياق داخلي ودولي غير مؤاتٍ حسب قوله، هل هذا.. هل هذا كلام يؤخذ مأخذ الجد؟
خديجة مفيد: نعم، هذا كلام يؤخذ مأخذ الجد، لأن الحزب اختار ألا يغطى 100% الدوائر، واختار فقط أن يغطي 53% من الخارطة السياسية، (ومع ذلك) فهو قد حقق..
مالك التريكي [مقاطعاً]: ولكن يمكن أن يُفسر ذلك، آسف على المقاطعة، عذراً على المقاطعة سيدة خديجة، لكن يمكن أن يفسر ذلك..
خديجة مفيد: فهو قد حقق اكتساحاً..
مالك التريكي: آسف على المقاطعة، يمكن أن يُفسر ذلك أنه قدم مرشحين في 56 من الدوائر فقط وليس في.. في جميعها، أنه يعرف أين تكمن قوته الانتخابية، لأن قاعدته الانتخابية منحصرة في المدن وفي الضواحي الفقيرة.
خديجة مفيد: حزب العدالة والتنمية لا يعمل على أساس الشائعات، وهذه الشائعة هي مردودة، لأن هذا الحزب حاز على المقاعد القوية ليست الأماكن التي فيها الفقر، وإنما في أماكن البرجوازية، فمثلاً في عمالة (أنفا) التي هي عمالة البرجوازية، وفيها القطاع قطعة من.. أو شريحة من المجتمع تتكون من الأطر ومن الطبقة البرجوازية، حاز على مقعدين في مقابل خمسة مقاعد مخصصة لهذه العمالة، إذاً فهذه المسألة مردودة، وإنما اختياراته هي مبنية على عمق وعلى نضج سياسي كبير مبني على استيعاب الواقع المحلي والواقع الدولي، والنظر إلى مصلحة البلاد، لأن دخول حزب العدالة والتنمية للمشهد السياسي هو مؤسس أصلاً على منظومة شاملة للإصلاح تنطلق أساساً من الفكر السياسي الذي.. الذي بنته حركة الإصلاح والتجديد، والتي تعتبر أصلاً أن المشاركة السياسية هي إسهام في إصلاح شامل للمواطن، وإنقاذ المغرب من الأزمة أزمة القيم التي غابت في الممارسة السياسية.
مالك التريكي: ماذا.. سيدة خديجة مفيد.
خديجة مفيد: والتي تنبني على شرطين أساسين هما الاستقامة والأمانة.
مالك التريكي: سيدة خديجة مفيد، ماذا عن الإصلاح الدستوري؟ ما رأيكم في الموقف القائل بأن ليس هناك من جدوى في الانتخابات وفي البرلمان إذا لم يتم الإصلاح الدستوري وخاصةً تحديد صلاحيات القصر الملكي بالنسبة للحكومة؟
خديجة مفيدة: من الناحية الدستورية ومن الناحية القانونية هناك.. هناك الكثير مما يُقال في الدستور، وخاصةً في بعض الفصول، ولكن خصوصية المغرب تعتبر أن الملكية لها دور كبير في.. في تحقيق استقرار في المغرب، وباعتبار المغرب يشع على عالمين، سواء على إفريقيا أو على أوروبا، فالملكية لها دور تاريخي لعبته في توازن هذه المنطقة، واقعها مختلف عن دول أخرى، وبالتالي يمكن أن يُناقش أمر إصلاح الدستور في إطار مما يمكِّن لمصلحة البلد، وليس على التصورات الراديكالية التي كانت تتبناها مجموعة من الأحزاب وتراجعت عنها، لأنها لا تؤدي لأية مصلحة سواء في النشاط السياسي داخل المغرب، ولا في النقلة النوعية للعمل السياسي داخل المغرب، وبالتالي فالملكية نرى حتى أن الدول الكبرى التي اعتمدت النظام الجمهوري نجد أن الملكية حاضرة كرمز وكقوة روحية وكإطار يجمع عليه.. تجتمع عليه كل الفصائل السياسية.
مالك التريكي: السيدة خديجة مفيد.. السيدة خديجة مفيد (عضو.. عضو حزب العدالة والتنمية الإسلامي) من الرباط، لكِ جزيل الشكر.
وبهذا سيداتي سادتي-تبلغ حلقة اليوم من (قضايا الساعة) تمامها، دمتم في أمان الله.