المشهد الثقافي

معرض أدب المهجر ومتابعات أخرى

معرض لرسوم رائد أدب المهجر العربي (جبران خليل جبران) – دار (الأوبرا الملكية) في لندن -حوار مع الروائي الجزائري (واسيني الأعرج) حول جدل الأدب العربي والعالمية بين المقولة والأوهام – أكبر متحف خاص في النمسا.

مقدم الحلقة

سلام سرحان

ضيوف الحلقة

– عدة ضيوف

تاريخ الحلقة

17/01/2000

undefined
undefined
undefined
undefined

سلام سرحان:

أعزائي المشاهدين أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (المشهد الثقافي)، هذه النافذة التي تسعى إلى إعادة الثقافة إلى المشهد الحياتي للمجتمع العربي وتبث بعض الحرارة في جسد الأوساط الثقافية التي أرهقها الإقصاء المتعمد لتعود إلى دورها الفاعل والاستثنائي.

في هذا الأسبوع الذي لم يشهد أي نشاط ثقافي عربي كبير نتأمل معرضاً لرسوم رائد أدب المهجر العربي، لنكمل صورة جبران خليل جبران، الشاعر والكاتب بإضافة تاريخه كرسام، وحوار مع الروائي الجزائري (واسيني الأعرج) حول جدل الأدب العربي والعالمية بين المقولة والأوهام، وفي النمسا نتجول في أكبر متحف خاص، وأكبر مجموعة شخصية من الأعمال الفنية في العالم..

معرض لرسوم رائد أدب المهجر(جبران خليل جبران)
تقرير بشرى عبد الصمد (مراسلة الجزيرة -بيروت)

سلام سرحان:

يقام في متحف (سورسوك) في بيروت هذه الأيام معرض فريد يسلط ضوءاً على جانب خفي من إبداعات رائد أدب المهجر العربي الشاعر والكاتب جبران خليل جبران.. إنه معرض استعادي لرسوم جبران، هذا الجانب الذي لم يسبق أن ُسلطت عليه الأضواء، وهي مناسبة لنحتفي بمجمل تاريخ جبران الذي يعد بين أكبر أدباء العالم وأوسعهم انتشاراً في معظم لغات العالم.

بشرى عبد الصمد:

جبران خليل جبران رساماً، هذا هو موضوع المعرض الاستعادي الذي يقيمه متحف (سورسوك) في بيروت، فمن خلال 167 لوحة منفذة بالقلم والفحم والأصباغ الزيتية والمائية نرافق جبران في تحولاته الروحية وتقلباته الأسلوبية.. أسئلة كثيرة يثيرها هذا المعرض الذي يعيد اكتشاف جانب لا يزال غامضا من حياة جبران، خاصة وأن هناك 70 لوحة يكشف عنها النقاب للمرة الأولى.

فؤاد حنا الظاهر/ رئيس لجنة جبران الوطنية:

رسومه موجودين بمتحفه بمسقط رأسه وهذه رغبته، التأخير فيه تقصير شويه من السلطات اللبنانية وشويه من ِقبَل القيِّمين على ها المتحف يعني اللجنة اللي مؤقتاً بارأسها.

أحمد نوار / رسام من مصر:

قضية عدم وضع أعمال جبران خليل جبران الفنية موضع الاهتمام على المستوى العربي أنا في رأيي بيقع تحت مظلة عدم الاهتمام المتحفي على مستوى العالم العربي.

بشرى عبد الصمد:

حضور عوالم جبران الأدبية في رسوماته تطرح تساؤلات عن علاقة الرسم بالكتابة في شخصية جبران.

هنري زغيب / شاعر من لبنان:

جبران شاعر بريشته رسام بقلمه، ليس عندنا جبرانان، بل جبران واحد بث رسالته الإنسانية الكونية الشاملة عبر ريشته في اللوحة، وعبر جملته بالقلم، سواء بالإنجليزية أو بالعربية، وهذا ما أتاح له أن يكون أديباً عالمياً، وصدر الطبعة 38 بعد المائة لكتابه: النبي، وهذا جواب عن كل ما قيل.

جوزيف أبو رزق / مؤرخ فن من لبنان:

الرسام ما تأثر بالشاعر ولكن الرسام أعطى رسوم بيانية عن الشاعر، عن الفكر الجبراني، عن الفلسفة الجبرانية، ما نقدر نقدم فن جبران على فكر جبران وعلى أدب جبران، ما بيسوى على إنا نقول إن جبران هو بيانى يعني (illustrateur).

فيصل سلطان / رسام وناقد من لبنان:

العودة للروحانية بأدب جبران خلال كتابته للنبي، وخلال كتابته للمجنون، والعديد من الكتابات وروائعه الأدبية، حاول يجسدها ضمن عالمه الفني، ولذلك ما فيه فواصل بين جبران الرسام وجبران الأديب.

أحمد نوار / رسام من مصر:

إحنا أمام نموذج عبقري، لأن العبقرية هنا تجسدت في الكلمة وتجسدت في الصورة، والتكامل ما بين الكلمة والصورة فيما بين الشعر والفن التشكيلي، يعني أنا في اعتقادي أنها عملة ذات وجهين.

بشرى عبد الصمد:

رسوم جبران لم تجد اهتماماً يوازي أهمية كتاباته مع أن الرسم كان حاضراً في حياة جبران، فقد درس الرسم في المحترفات الحرة في بيروت وباريس، وزين برسومه كتب الآخرين الشعرية قبل أن يلحق بكتابه (المواكب) عدداً من رسوماته التي كانت هي الأخرى تجسيداً لتأملاته الصوفية، البعض يقول: إن جبران تأثر برسوم (وليم بليك) ومنحوتات (رودام).

جوزيف أبو رزق / مؤرخ فن من لبنان:

وقف جبران كثير وقت اللي راح صديقه أمين الريحاني على إنجلترا، توقف كثير قدام أعمال (وليم بليك)، وبنعرف إن (وليم بليك) شاعر وبنعرف إن (وليم بليك) كان يتأثر كمان شويه بالصوفية الشرقية وبالديانات الشرقية كان مطلع عليها شأن جبران.

فيصل سلطان / رسم وناقد من لبنان:

صحيح أخذ واكتسب من فنون القرن التاسع عشر خاصة من (وليم بليك) و(رودام) و(كريار)، وها المزيج اللي طالع كلياتن [كله] من فنون عصر النهضة.. حاول جبران يعمله بنكهة مشرقية.

بشرى عبد الصمد:

جبران الشاعر والرسام لا يزال يشكل حدثاً ثقافياً إشكالياً قابلاً للاكتشاف باستمرار، لكن الاهتمام بكتاباته ورسومه في العالم العربي تقل كثيراً عن مكانته في معظم لغات العالم، سواء في أوروبا أو حتى في الصين واليابان.

هنري زغيب / شاعر من لبنان:

لا يمكنني أن أقول أن ليس هناك اهتمام بأدب جبران، ولكن أشدد أن يجب الاهتمام أن يكون أكبر وأكثر وأهم، على الأقل كي نتشبه بعض الشيء بجبران العظيم في الغرب وخاصة في الولايات المتحدة، نعرف بأن جبران ترجم إلى الصينية وإلى كل اللغات الحية.

بشرى عبد الصمد:

البعض يقول إن أهمية جبران جاءت من كونه قدم رؤية فنية للفكر المسيحي، فيما يقول بعض آخر إنه قدم رؤية وفلسفة جديدة.

فيصل سلطان / رسم وناقد من لبنان:

ها الحياة هي جحيم، ها الجحيم هذا الخلاص منه لا يأتي إلا بالروحانيات.. إلا بالمثاليات الروحانية، ولذلك بتلاقي بأفكار، بتأليف أعمال جبران الرؤية اللي فيها نوع من التطهر.

بشرى عبد الصمد:

وأياً تكن التساؤلات التي يطرحها المعرض لرسوم جبران، يبدو أنه تكريم ضروري لواحد من عمالقة الأدب العربي، مع أن هذا التكريم جاء متأخراً.

بشرى عبد الصمد لبرنامج المشهد الثقافي- الجزيرة – بيروت.

رضوى عاشور [نص مكتوب على الشاشة]:

إننا كنساء عانينا طويلاً من المساحات الضيقة، فلماذا نقيد أنفسنا بمصطلح: أدب نسوي بدلاً أن نخرج إلى حيز أكبر وقضايا فكرية وأدبية أعمق؟!

إصدارات جديدة
سلام سرحان:

كتب جديرة القراءة يقدمها لنا كل أسبوع أحد المثقفين العرب، معنا القاصَّة والروائية الكويتية فاطمة يوسف العلي، لتقدم لنا الكتب التي تراها جديرة بالقراءة، فاطمة ما هو الكتاب الأول الذي ترشحينه للقراءة؟ ولماذا؟

فاطمة يوسف العلي:

أرشح -بداية- كتاب: الأجنحة المتسترة، لجبران خليل جبران، وهذا الاختيار لا ينقص من قيمة وقدر أعماله الأخرى التي شكلت في مجملها وجداننا الفكري والأدبي، وزرعت فينا معاني القيمة والحرية والديمقراطية والتآخي الإنساني والعدالة.

طبعاً نعرف أن أيضًا إبداعات هذا الفنان لفتت انتباه الأوساط العالمية، وكان فيه مؤتمر دولي في جامعة (ميرلاند) بالولايات المتحدة شارك فيه عن جبران خليل جبران، وهذا الكتاب -الأجنحة المتحررة- أرشحه للقراءة لما فيه من أبعاد إنسانية تجعل المرء ينتصر على ذاته الفردية، ويتواصل مع الآخر لصنع حضارة للأجيال جميعاً في كل الأزمنة.

سلام سرحان:

طيب، لننتقل إلى الخيار الثاني والكتاب الثاني.

فاطمة يوسف العلي:

أختار كتاب: ثلاث أديبات مبدعات، للناقد الدكتور (غبريال وهبة)، والمبدعات اللواتي اختارهن الدكتور (غبريال وهبة) هن: (توني مارسون) وإقبال بركة وفاطمة يوسف العلي، يفتح قراءة هذا الكتاب ثلاث نوافذ على أنماط أدبية تجمعها قواسم مشتركة كثيرة من خلال دراسات اجتماعية ونفسية تهدف إلى ترميم صدع الشقوق التي تسببت فيها الأحداث والحوادث الإنسانية، وإعادة هيكلة دور الإنسان بعامة والمرأة بخاصة لإصلاح البنية الاجتماعية، وهو كتاب يتناول بالنقد والتحليل إسهامات الكاتبات الثلاث قراءة للحاضر واستشرافاً للمستقبل، من خلال لحظة الوجود الحاضرة، وما يدور على الساحة الاجتماعية والإنسانية من تداعيات وتفاعلات.

سلام سرحان:

طيب، ما هو الكتاب الثالث الذي ترشحينه للقراءة أو لإعادة القراءة؟

فاطمة يوسف العلي:

أرشح كتاب: أمن الخليج لمجموعة من المؤلفين منهم (روبرت بالكي)، (ديفيد لونج)، (روزماري هوليدج)، (جوزيف بنهان) وغيرهم أدعو لقراءته لأنه يتناول مصادر الثروة من نفط ومياه ومنتجات، وتأثير هذه المصادر في خلق الصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية في المنطقة، واستقطاب قوىً خارجية للدخول إلى المنطقة وتأزيمها، ويعرض أيضاً تحليلاً علمياً موضوعياً لكيفية الاستفادة من هذه المصادر، وجعلها مصدر أمن وأمان لجميع الأطراف من خلال أعمال منتِجة تنشر ربوع الخير وترفض سنابك القتال والاقتتال .. هذا الكتاب دعوة لإعادة استيعاب مفهوم التعاون الإنساني لتحقيق الحضارة والتحرر.

سلام سرحان:

القاصَّة والروائية الكويتية فاطمة يوسف العلي .. شكراً جزيلاً.

أدونيس / شاعر من سوريا:

النقد أصبح مرتبطاً بمواقف شخصية .. أنا أنقدك سلباً لأن علاقتنا سلبية وأنقدك إيجابياً لأن علاقتنا إيجابية، جو العلاقة الشخصية أصبح يهيمن على الجو النقدي كما تهيمن الانتماءات الأيديولوجية والسياسية بل والطائفية.

دار (الأوبرا الملكية) في لندن أعرق دور الأوبرا في العالم

سلام سرحان:

الشعب الإنجليزي من أكثر شعوب العالم ميلاً إلى ترك الملامح التاريخية على ما هى عليه، إلى درجة تثير التندر أحياناً.. فهو لا يريد أن يرفع ذرة من غبار الماضي عن أي من المعالم التاريخية، ومع ذلك فقد سمح بإجراء واحدة من أكبر عمليات التوسعة والتطوير على دار (الأوبرا الملكية) التي تعد من أعرق دور الأوبرا في العالم، لكنه لم ينفق الكثير من غبار العصر الفيكتورى.

تقرير هناء زكريا:

قد يبدو المبنى عادياً من الخارج، لكنه يملك كل المقومات التاريخية والعصرية معاً بعد إضافة التقنيات الحديثة إليه لجعل هذه الدار من أكثر دور الأوبرا تقدماً في العالم .. إنه مبنى دار الأوبرا الملكية في لندن بعد أن جرى تطويرها وتضاعف حجمها، لكن دون أن يؤثر ذلك على محيطها العريق في حي (جوفنجاردن) الذي يعود أيضاً إلى القرن الثامن عشر.

عشاق الأوبرا ورقص الباليه أبهرهم الاهتمام بالخصائص السمعية وتنظيم المساحة المخصصة للمقاعد في القاعة الرئيسية، بينما عشاق الفن المعماري امتدحوا الشرفات المطلة على ساحة (جوفنجاردن)، لأنها جاءت بمثابة نافذة تمكن زائر الأوبرا من متابعة المشهد الحي كما يجري على مسرح الحياة في الساحة، ومقارنته مع ما يجري على خشبة المسرح الداخلي حيث يشاهدون العروض الأوبرالية.

قاعة الزهور أعيدت لصورتها الأصلية، كما صممت عام 1858، وجرى تحديثها لتحقق هدف القائمين على هذا المشروع الفني، وهو فتح أبواب دار الأوبرا للجميع لتوسيع شريحة المهتمين بهذا الفن، ابتداء من المبتدئين والأطفال وانتهاء بالخبراء فيه، كي لا تظل الأعمال الأوبرالية مقصورة على من يدعون بالنخبة.

ضياء العزاوي / رسام من العراق

أنا مقتنع بقدرة الفنان على تجاوز منطق المناسبات، وطنية كانت أم أيديولوجية، وبقدرته على تحصين نفسه من الإهانات المهذبة وتفادي القبول بمنطق الانحاء الفطري الذي يسوِّغه بعضهم.

حوار مع الروائي الجزائري واسيني الأعرج
تقرير غادة نبيل (مراسلة الجزيرة- القاهرة)

سلام سرحان:

في مؤتمر الأدب العربي والعالمية الذي عقد مؤخراً في القاهرة قدم الروائي الجزائري واسين الأعرج بحثاً بعنوان: العالمية والأدب العربي: المقولة والأوهام، حول هذا الموضوع حاورنا واسيني الأعرج الذي التقته مراسلتنا في القاهرة غادة نبيل وسألته: أولاً هل العالمية -حقيقة- موضوعية خارج السياسة أم أنها صورة المهيمن التي ينتجها المركز وتقلدها الأطراف؟

واسيني الأعرج:

أشعر بأنه ليست دائماً النصوص الجيدة على الأقل بالنسبة لنا كقراء، أو بالنسبة لي شخصياً كقارئ عربي، أنها هي الممثلة فعلاً لصورة الإنسان العربي فإذا هناك مجموعة من الصور الموجودة عن الوطن العربي وعن الإنسان العربي عادة النصوص التي ترشح للترجمة عليها أن تغطي هذه الصور، وإذا لم تغطِ هذه الصور ربما لا تجد طريقها نحو النشر.

لما نقول الصور عادة عادة هذه الصور سلبية نسبياً عن صورة المرأة، عن صورة المجتمع الشرقى الاستبدادى، وغيرها من الصور الأخرى، فإذا توافرت يمكن يصبح إمكانية انتشار النص الأدبي مسألة قائمة، ولماذا .. فى الحقيقة نطرح سؤال يعني لماذا ها التصور؟ ناهيك عن كون الجانب الأيديولوجي والسياسي والثقافي وربما حتى الحضاري، هناك مسألة موضوعية لأن القارئ الغربي لا يريد أن يتذوق أو أن يستهلك مادة هو يعرفها ويستهلكها في وطنه.

غادة نبيل:

ما هو حجم الوهم في تراقي الأدب العربي لجدار العالمية؟

واسيني الأعرج:

شوفي .. من بين الأوهام أن نبني مشاريعنا الثقافية مثلاً على هذا المصطلح، وهذه المقولة -مقولة العالمية- فيما قلت قبل قليل أن العالمية هي -نقدر نقول- حالة اشتهاء عامة عند كل المثقفين العرب وغير العرب، حتى المثقفين العالميين يعني في أوروبا وغيرها، المسألة تكاد تكون مشروعة وطبيعية، ولكن كذلك أن نربط مفهوم العالمية بكامله فقط بالترجمة إن الإنسان لما يترجم إلى لغة أخرى نقول إنه صار عالمي لأ.. غير صحيح وغير دقيق.

غادة نبيل:

ما هي الشروط الواجب توافرها في العمل الأدبي المؤهل للترجمة؟

واسيني الأعرج:

لا توجد هناك شروط مطلقة يعني في المطلق يتفق عليها الجميع، ولكن مع ذلك هناك شرط أراه عام يعني ويشمل كل النصوص على الأقل التي حققت، النصوص العالمية التي حققت نوع من النجاح بما فيها آخر جائزة نوبل في (مونترغراس).. فما هي هذه الشروط؟ مثلاً أن يعبر النص الأدبي عما هو عميق في مجتمعه، ولما نقول عما هو عميق ليس شرط أن يعبر عن التفاصيل اليومية للناس، ولكن عما يصنع المخيلة الشعبية في مجتمع ما من المجتمعات، لماذا؟

لأن نقول مثلاً لماذا نجح نص مثل نص: ألف ليلة وليلة، واخترق كل الحدود، ويمكن هو النص العالمي الوحيد بعد النص الديني – في رأيي- الذي حقق هذا النوع من الشيوع، لأن في نص ألف ليلة وليلة –ناهيك عن كونه جاء في فترة ازدهار يعني ثقافي عربي إلى آخره وحضاري- ولكن كذلك إنه هو عبارة عن اختصار ثقافي وأدبي وفكري وحضاري بهذه المخيلة الفنية التي استطاعت أن تلملم كل المكونات وكل التفاصيل الثقافية والحضارية لزمانها.

غادة نبيل:

هناك أدباء ترجمت أعمالهم قبل أن يكون لها مكان فى الأدب العربي، هل هناك نوايا ومصالح خفية خلف اختيار الأعمال للترجمة؟

واسيني الأعرج:

هذا أنا لا أرى الترجمة خارج سياق منظومة مجهزة مركبة ممولة من طرف الوطن العربى نفسه لتصدير ثقافتها إلى الآخرين، بدون ذلك يظل العمل عمل هواة، بينما عمل الهواة يعني طريقه محدود، بينما نحن في حاجة إلى (cette une professionalism) نوع من الاحترافية والمهنية في هذا الميدان، ولهذا قلت بقدر ما أُبعد صيغة الشبه عن الموضوع.

ولكن مع ذلك هناك نصوص –للأسف- تترجم أحيانا بعلاقات شخصية ونحن نعرف الوضع العام، أحيانا بعلاقة شخصية مع الدار، أحياناً بعلاقة شخصية مع المترجم، أحيانا ظروف موضوعية يمر بها البلد، مثلاً آخد مثال الجزائر يعني وتأثير الوضع الأمني في الجزائر، وكذا يتم تفضيل النصوص التي تتحدث عن هذا الوضع، وبالتالي عندها أهلية أكثر للترجمة.

فإذن الظرفية كذلك تلعب دور، ولكن كل هذا هو شئ طارئ. أنا أقول الأبقى هو المعبر عن عمق هذه المخيلة، وبدون ذلك لن تكون هناك ترجمة كافية، ولن تكون -فى الحقيقة – هناك نصوص ممثلة لهذه الهواجس الموجودة في أعماقنا.

غادة نبيل :

الأدب العرب لا يزال سجين المحرمات، وتقديمه للآخر قليلاً بهذا الشكل ألا ينطوى على فضيحة؟

واسيني الأعرج :

خليها فضيحة .. وماله يعني، يعني تظنين أن الآخر لا يعرفنا، أنا أظن أن الآخر يعرفنا بالشكل الكافي، وكل الاستراتيجيات المجهزة لمقاومة الوطن العربي من تنشيط الحركات الإسلاماوية إلى استعمال سلط، هم من ورائها.. كل هذا دليل قاطع على أنه يعرفنا في تفاصيلنا، وأحياناً أنا أقول حتى النقاشات التي تدور الآن في الوطن العربي –بما فيها العالمية التي نتحدث عنها والعولمة والديمقراطية وحقوق الإنسان- ليش ما كنا نتحدث عنها قبل عشر سنوات وتتحدث عنها الآن؟! طيب مين اللي وراها؟ أنا أعرف أن النظام العالمي الجديد هو الذي يفرق مساحات النقاش، فإذن –على ذكر فضايحنا يعني – مهي موجودة، أنا بالعكس أقول إن الكاتب العربي مقصر في الحقيقة، لأن الفضائح الكبرى اللي هي الفضائح السياسية، الفضائح اللي أوصلت الوطن العربي إلى عنق الزجاجة، وأوصلته إلى حالة من التخلف لأنه منذ –على الأقل– قرنين على النهضة العربية، ومازلنا نراوح مكاننا بنفس الخطى.

أقول بأن الكاتب العربي لم يقل ما يجب أن يقوله، ويوم يولد هذا النص المشابه –مثلاً- لألف ليلة وليلة بمخيلتى بقدرته بقوته على قول ما هو عميق، أقول وقتها إن آه فيه نص عالمي ولد في عصرنا، ولا ندرى إذا كنا سنعيش هذا العصر الذي يولد فيه هذا النص أم لا.

غادة نبيل:

ما جدوى ترجمة الأدب العربي؟

واسيني الأعرج:

حتى الآن لا توجد فيه استراتيجية عربية حقيقية لمسألة الترجمة، ولكن مع ذلك جدوى الترجمة.. أنا أظن أنها مسألة ضرورية، لأنه بواسطتها يتحقق عبارة عن نافذة صغيرة نصل بها إلى الآخرين، وربما قد نقوم بعض الصور الموجودة عنا كعرب، الآخر ليس فقط الغرب الأوروبي وليس فقط (الأنجلوساكوني)، الآخر كذلك اليابانى، الآخر كذلك الصينى. فإحنا مازلنا محصورين في الحقيقة، في المركزية الأوربية، عندما نفكر بالعالمية نفكر مباشرة بالمركزية الأوروبية، بينما العالم أوسع من ذلك.

نور سلمان / كاتبة من لبنان:

أعتقد أن الثورة الفكرية النابعة من الشرق ومن تراثه والتي تكون المرأة فيها ركنا أساسياً وحدها القادرة على الوقوف في وجه الانحطاط الاستهلاكي والتكنولوجي المدمر الذي يسود العالم.

سلام سرحان:

عدد كبير من المثقفين والمشاهدين بعثوا بآرائهم واقتراحاتهم التي أصبحت جزءاً فاعلاً في إعداد المشهد الثقافي، وهنا ندعو الجميع لإرسال أي رأي أو نقد لموضوع ثقافي، وسوف نبثه إذا كان يساهم في إثراء الحوار الثقافي .. نرجو إرسال الآراء على العنوان التالي مع صورة شخصية على ألا يتجاوز الرأي 40 كلمة.

البرنامج يرحب أيضاً بجميع الآراء والاقتراحات، وكل ما يمكن أن يساهم في جعل البرنامج في قلب المشهد الثقافي.

من أسباب الخلل في الحياة الثقافية العربية قلة أو انعدام دعم رجال الأعمال والأثرياء العرب للنشاط الثقافي، وإقامة المؤسسات الثقافية، وهو أمر تزهو وتزدهر به الحياة الثقافية في البلدان المتقدمة.

افتتاح أكبر متحف خاص في النمسا
سلام سرحان:

مؤخراً جرى في العاصمة النمساوية افتتاح أكبر متحف خاص في العالم ليضم أكبر مجموعة شخصية من الأعمال الفنية في العالم. في التقرير التالي تتجول في المعرض، وتتأمل الجهد الذي بذله مالك المجموعة الذي هو مدير المتحف أيضاً.

تقرير هناء زكريا:

متحف (إسل) خارج فيينا بُنِي خصيصاً ليكون مقراً لواحدة من أكبر المجموعات الفنية الخاصة، وقد زاد عددها عن أربعة آلاف عمل فني جمع بمجهود فردى، الرئيس النمساوي (توماس فيستن) لم يبخل بوقته على القائمين بهذا المجهود الفني، فقام بافتتاح المتحف وعبَّر عن شعوره بالفخر لهذه المجموعة، لأنها ستعرف الزوار -محليين وأجانب- على جزء أساسي من الهوية الثقافية النمساوية العالمية، وعلى مدى حب النمساويين للفن.

المتحف يضم عدداً من الأعمال الفنية العالمية من شتى أنحاء العالم .. (كارل هاينز) وزوجته اللذان يملكان هذه المجموعة كانا يهدفان إلى أبعد من إشباع رغبتهما بجمعها وامتلاكها.

كارل هاينز اسيل / مالك الأعمال الفنية ومدير المتحف:

أعتقد أنه سيكون بإمكاننا القيام بعمل قيم من خلال تعريف الفنانين النمساويين بنظرائهم من الفنانين العالميين، وهذا هو هدفنا الأساسى.

هناء زكريا:

في فيينا متاحف عدة تتبنى مدارس فنية مختلفة، تتراوح ما بين الفنون القديمة والزخرفية وأعمال لفنانين من مطلع القرن الماضي، لكن متحف (إسل) هو الأول من نوعه في النمسا، فهو يضم أعمال الفنانين من حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية من محليين وعالميين مثل أعمال الفنان النمساوى الشهير (هيرمانيش) الذي برز في الستينات، وهو يرى أن المتحف من أفضل المتاحف في أوروبا.

هيرمان نيتش / رسام من النمسا:

بإمكاني القول أن ما يعرض في المتحف بشكل أفخم مجموعة فنية في أوروبا، وأنه أمر يسر أن يصبح بإمكان الجمهور رؤيتها والتعرف عليها.

هناء زكريا:

الثراء الذي يفخر به المتحف نابع من التنوع الكبير للأعمال الفنية التي يضمها، لذلك فهو يمثل حلقة وصل بين الفنانين المحليين والعالميين .. ويؤمل أن يلهمهم المزيد من الإبداعات الفنية الإنسانية.

سلام سرحان:

أعزائي المشاهدين، في نهاية لقائنا نجدد دعوتك بإرسال آرائكم واقتراحاتكم لتساهموا في إعداد المشهد الثقافي، تحية وإلى اللقاء.

المصدر : الجزيرة