المشهد الثقافي

تأبين الشاعر سلطان العويس ومتابعات أخرى

ظاهرة هجرة المثقفين العرب وثقافة المنافي – تأبين الشاعر الإمارتي سلطان عويس أكبر داعم للثقافة في الوطن العربي – هوس انتشار الأدب العربي عالمياً – التقنية الحديثة وصعوبة تمييز اللوحة المزيفة عن الأصلية.
مقدم الحلقة سلام سرحان
ضيوف الحلقة – عدة ضيوف
تاريخ الحلقة 24/01/2000

undefined
undefined
undefined
undefined

سلام سرحان:

أعزائي المشاهدين، أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (المشهد الثقافي).

بداية الشهر الحالي رحل عن عالمنا الشاعر ورجل الأعمال الإماراتي سلطان العويس الذي كان أكبر داعماً للثقافة في الوطن العربي، فقد أسس أكبر جائزة ثقافية عربية تشرف على منحها مؤسسة مستقلة اتسمت قراراتها بقدر كبير من الموضوعية.

في هذه الحلقة ستكون جميع الآراء التي نبثها بين فقرات البرنامج لتأبين سلطان العويس.

هذه الحلقة ستبحث -أيضاً- في التساؤلات المحيطة بالأدب العربي الذي يكتب اليوم في بلدان المنفى والمهجر ومدى اتصاله وانفصاله عن الأدب المكتوب في البلدان العربية، وحوار مع الكاتب والمفكر السوري (بدر الدين عرودكي) حول ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الغربية.. الخيارات والقرار والنحوية.

ونتأمل في تقنيات جديدة ستجعل روائع اللوحات العالمية الجديدة متاحة للجميع في نسخ طبقاً الأصل يعجز الخبراء عن اكتشاف أنها مقلدة.

ظاهرة هجرة المثقفين العرب
تقرير ميشيل الكيك(مراسل الجزيرة -باريس)

سلام سرحان:

ونبدأ من باريس حيث نتأمل ظاهرة هجرة المثقفين العرب التي اتسعت بشكل كبير في التسعينات حتى أصبحت المنافي تنتج ثقافة هي أكثر من حيث الكم، وأسرع من حيث الانتشار من الثقافة التي تنتج داخل الأوطان.

فهل لهذه الثقافة هوية مستقلة، أم أنها جزء من ثقافة الوطن البعيد؟ وما هي حدود الاتصال والانفصال بين الثقافة الوطنية، وما ينتجه الأدباء والفنانون العرب في المنافي والمهاجر؟

التقرير التالي يسلط بعض الضوء على هذه الأسئلة:

ميشيل الكيك:

هل للأدب وطن؟ وهل يمكن أن تفرض الإقامة الجبرية على الكتاب والأدباء في أوطانهم؟ هذا ما يحاول أدب الشتات أن يجيب عليه، أدب المنفى أم أدب المهجر. باريس تحتضن الكتاب والأدباء العرب سواء اختاروا المنفى اضطراراً أم طوعيا؟

محمد حافظ يعقوب / كاتب فلسطيني:

حالياً أصبح العالم العربي مصدر للهجرة، والأسباب الداعية إلى ذلك كثيرة أهمها: غياب الديمقراطية من جهة، وسوء توزيع الثروات من جهة ثانية، الناس يخرجون من أوطانهم ليس لأنهم يحبون ذلك، بل لأنهم فقدوا أمكنتهم بهذه الأوطان، والناحية الثانية: اختراق الحواجز والرقابات العربية التي هي بعدد الدول العربية القائمة.. يعني إذا استطاع الكاتب العربي أن يصل إلى الجمهور العربي، فهو يصل بالكاد إلى قسم بسيط منه، لأن الرقابة هائلة، وعددها بعدد النظم العربية الحالية.

أما بخصوص كتابي الأخير وعنوانه: اللاجئون الفلسطينيين والسلام ضد الابارتايد، فإنني كتبته في الواقع بشروط منفى نستطيع أن نسميها منفى مثلث، ككاتب وكأجنبي وكفلسطيني يبحث عن وطن مستحيل ممنوع عليه حتى الآن.

شمعون بالاص / كاتب إسرائيلي من أصل عراقي:

الظروف التي أنا انتقلت من العراق لأسباب سياسية، وأخرى وانتقلت إلى عالم آخر، أنا أعيش في إسرائيل وبسبب بحكم حياتي في وسط آخر وعالم آخر، ولغة أخرى اضطرت إلى التحول إلى الكتابة باللغة العبرية، ومع ذلك أنا أواصل الكتابة بالعربية، والأبحاث باللغة العربية، والعراق واللغة العربية والأدب العربي هي جزء لا يتجزأ من كياني، من كياني الثقافي والحياتي، فأنا أختلف عن كتاب عرب يعيشون في الخارج ويواصلون الكتابة بالعربية، وهذه قضية التواصل بينهم وبين القراء.

بينما بالنسبة لهذا التواصل توقف بسبب الانقطاع، انقطاع الصلة بيني وبين العالم العربي، أو بين العراق بصورة خاصة، والعراق على ما فيه من أدب وذكريات.. وإلى آخره بقي بالنسبة لي، بالنسبة لي الصلة الوحيدة هي الذكريات، وليس القارئ نفسه هو الذي أستطيع أن أوصله من أدبي.

ميشيل الكيك:

وهكذا ينسج أدب الشتات بين ذكريات الماضي، وأمل العودة إلى الأوطان الأصلية، الكثيرون اختاروا المهجر أو المنفى ليبدعوا بدون أن ينسوا بالطبع بلدانهم الأصلية، وهكذا من المقاهي الأدبية الباريسية انطلقت كتاباتهم أمثال كتابات سهير إدريس، والطاهر بن جلون ورفاعة الطهطاوي وتوفيق الحكيم.. وغيره.

وهناك كتب ما كان يمكن لمؤلفيها أن يكتبوها في الداخل حيث تحولت الهجرة إلي حافز للكتابة، وعامل للإنتاج في ظل الحريات المتاحة في الخارج مثل كتاب شكري لطيف: الإسلاميون والمرأة…مشروع اضطهاد، الذي تحدث عنه الكاتب التونسي العزيز الأخضر، متحدثاً أيضاً عن تجربته في أرض الهجرة.

العفيف الأخضر:

في الحقيقة هذه الكتابات مهمة جداً، لأن هذه الكتابات تعبر يعني ما يجول في خاطر القراء ولا يجدون من يكتبه، يجدونه مكتوبا في المهجر لأن الحرية متوفرة أكثر، أنا كتبت كتاباتي في ألمانيا وفي بيروت في سوريا، وأنا بأوراق مزورة ومطارد الظروف كان صعبة جداً، ولكن الظروف أيضاً كان بالنسبة لي كانت حافزاً عن الكتابة.ولم تكن معوقاً أبداً ولا شيء يعوق كاتبا عن الكتابة، الكتابة أقوي من كل المعوقات، بالعكس بالعكس كانت حافزاً، حافزاً وأنا لا تبرز شخصيتي إلا في التحدي.

علاء طاهر / مؤرخ عراقي:

نرى ما يصدر في المنفى لمفكرين ومثقفين وأدباء وشعراء عرب مقروء تماماً بالداخل، وخاصة إذا كان ممنوع من قبل السلطة، نرى بأنه منتشر بشكل أكثر من الكتب المطبوعة في الداخل، فالآن عندما يكتب المثقف العربي يعرف بشكل أكيد أنه سيقرأ داخل البلد الأم خاصة إذا كان كتابه ممنوع، لأن السفر أصبح سهل جداً، تهريب الكتاب -إذا أضع كلمة تهريب بين قوسين- أصبح جيداً جداً لأن حقيقة مهما يكون المثقف العربي مهما يكون في الغرب تكوينه الثقافي وحسيته الذاتية أو الوجودية تكون عربية، إلا إذا تكون هو من أصل عربي، وولد في الخارج في بلد أوروبي تكون في هذه الحالة صلته بالبلد الأم صلة نظرية، وليست صلة معايشة يومية. لذلك كل الكتب ضروري تمس الواقع العربي.

ميشيل الكيك:

ومن دواعي هجرة الكتاب والأدباء افتقارهم إلى البنى التحتية الثقافية في أوطانهم الأصلية، وهاجسهم في تقديم حضاراتهم الأم إلى القارئ الغربي في البلدان المضيفة.

حسن نرايس / كاتب مغربي:

يعني الكتاب الذي كتبته الأول، يعني لم يكن ممكن أن أكتبه في الداخل، لا لشيء سوى ل يمس قضية العرب المهاجرين المتواجدين في فرنسا.. يعني صورة العربي في الفكاهة الفرنسية، وكان علي أن أكون فرنسا أن أشاهد أن أرى أستخلص أن أستنتج كيف مثلاً ترى هذه الفكاهة العرب المهاجر خاصة داخل فرنسا.

وبالفعل هناك يعني تسهيلات بالنسبة للكتاب العرب والمقاربة خاصة الذين يعيشون في فرنسا من حيث الامكانات والإمكانيات حيث لا يختلف في هذا اثنان، هناك مكتبات. هناك معاهد هناك يعني لا ينقصنا إلا الاجتهاد، والبحث الدؤوب، في الوقت نفسه نلاحظ فيه صعوبات كثيرة في المغرب مثلاً من أجل نشر أو إصدار كتاب.. مشاكل التوزيع..مشاكل الطباعة، مشاكل دور النشر القليلة جداً بالمقارنة مع المبدعين لدينا.

وكل هذه المعوقات والمثبطات لا نجدها في فرنسا.. يعني هناك تسهيلات للبحث والتنقيب والبحث الدؤوب الجاد إلى غير ذلك، لكن هناك مشكل آخر والمشكل أننا نعيش خارج أوطاننا.. يعني لا يمكن أن نتكلم بطريقة نزيهة -إن صح هذا التعبير- عن الواقع المجتمع الذي كنا نعيش، ولم نصلح لأننا هاجرنا.

افرام يوسف / باحث عراقي:

يشاهدون في الغرب حضارة متقدمة متطورة، فالغرب يريد أن يتعرف إلى حضارة الشرق، لأنه أصول الغرب متأتية من الشرق، فالشرق دائماً كان له شرائح متعددة من الحضارات، ومن التراث، فأراد الشرق في الماضي أن ينشر هذا التراث في العالم أجمع، ولهذا المفكر اللي يعيش في الغرب الآن يريد أن يعطي ثمرة من هذه الحضارة القديمة.

ولهذا السبب هذه ثنائية مستمرة وموجودة، ومن المؤكد ومن ثقتي في هذا الموضوع بأنه في العقود القادمة ستنتشر وتزدهر.

ميشيل الكيك:

وهكذا بين الهجرة والتواصل يبقى أدب الشتات رافداً هاماً من روافد ثقافتنا العربية، وهذا الأدب سيلهم القراء والأدباء على حد سواء بحقائق ومضامين جديدة..

(مشيل الكيك..الجزيرة..برنامج المشهد الثقافي..باريس)

تأبين الشاعر الإمارتي سلطان عويس

إدوارد سعيد / مفكر عربي:

لقد أنقذت جائزة سلطان عويس الثقافية الكثير من الكتاب والمثقفين العرب من التبعية السياسية وغير السياسية، وعملت على اختراق جدار الصمت والخوف فهو استخدم أمواله لخدمة المصلحة العربية العامة.

إصدارات جديدة
سلام سرحان:

كتب جديرة بالقراءة يقدمها لنا كل أسبوع أحد المثقفين العرب.. معنا الروائية والسينمائية الفلسطينية (ليانة بدر) لتقدم لنا الكتب التي تراها جديرة بالقراءة. ديانا بدر، ما هو خيارك الأول، ولماذا؟

ليانة بدر:

خياري الأول هو كتاب: التيجان لملوك حمير، وهو كتاب يتحدث عن تاريخ اليمن القديم، وربما عن تاريخ الخليقة كلها، لأنه يحيي أساطير وتاريخ وحكايات وقصص عديدة، تختلط فيها كل قصص الحياة في منطقتنا العربية مع خرافاتها وشاعريتها واختلاط معاركها وحروبها، وعلشان هيك أن بحس دائماً إن هذا الكتاب يمكن قراءة العديد، والعديد من المرات.. والمشاعر القوية التي صاغت في الملاحم الشعرية العربية لما بعد والقصص والحكايات العربية.

سلام سرحان:

طيب لننتقل إلى الخيار الثاني والكتاب الثاني.

ليانة بدر:

أختار ديوان (كافافيس) شاعر الإسكندرية الذي يجعلني أعيش في أجواء المدن المتوسطية القديمة، اللي مازالت تحمل عراقتها، ونبض تاريخها حتى الآن وفي هذه أجواء هذه المدينة والصراعاته الداخلية والشعورية، التي يختلط فيها الشعور بالمنفى مع المكان أحاول دائماً أن أبحث عن العصرية، لأنه كبابة تتكلم عن عصرنا بحكي علاقتنا مع المكان وعن علاقتنا مع المنافي وعلاقتنا مع الأدباء.

سلام سرحان:

طيب، ما هو الكتاب الثاني الذي ترشحينه للقراءة أو لإعادة القراءة؟

ليانة بدر:

أختار كتاب: رحلة جبلية..رحلة صعبة، وهي مذكرات للشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان، إذ أنه كتاب لا يمل الإنسان من قراءته ومطالعته، في هذا الكتاب نقرأ تاريخ فلسطين وتاريخ كفاح مبدعة فلسطينية استطاعت أن تكتب بجدارة في التحليق بعالم في عالم الإبداع، رغم كل السدود والأسوار والاحتجاج اللي عانته منذ طفولتها عندما منعت من الذهاب إلى المدرسة في سن صغيرة جداً، ولذلك أعتقد أنه من أجمل الكتب اللي ممكن الإنسان أنه يقرأها ويعاود قراءتها دائماً..

سلام سرحان:

ليانة بدر، هل من كتاب آخر تودين تسليط الضوء عليه؟

ليانة بدر:

نعم، هناك رواية: حافة القيامة لزهير الجزائري، وهي رواية يعني متشعبة وعميقة جداً، وتحكي عن تفاصيل القمع في المجتمع العربي، وربما تتناول أبعاد وطبقات لم تصل إليها الكتب العربية التي تتناول هذا الموضوع، بالنسبة إلي أعتقد أنها من مستوى كتابات أمريكا اللاتينية، مثل: ليس لدي الكولونيل من يكتب لماركيز، أو مثل (سيدي الرئيس) التي كتبت في أمريكا اللاتينية، هي رواية تاريخ القمع العربي بامتياز..

سلام سرحان:

الروائية والسينمائية الفلسطينية ليانة بدر شكراً جزيلاً.

جابر عصفور / ناقد من مصر:

خسارتنا وفاة السلطان عويس كبيرة على مستوى الثقافة العربية، فهو من أكبر حماتها ومشجعيها، ورحيله خسارة للمبدعين والمثقفين الذين يعرفون قيمته ويعرف قيمتهم.

هوس انتشار الأدب العربي عالمياً
تقرير غادة نبيل (مراسلة الجزيرة- القاهرة)

سلام سرحان:

هوس انتشار الأدب العربي عالمياً موضوع يثير الكثير من التساؤلات، فعظم الترجمات بين الأدب العربي تتم بشكل عشوائي أو بقرارات رسمية، وهناك مبدعون كبار لم تترجم أعمالهم، في حين أن آخرين أقل إبداعاً تُرجمت أعمالهم إلى لغات عديدة، كيف إذن يجري اختيار الأعمال للترجمة؟ وهل هناك نوايا ومصالح خلف اختيار الكتب للترجمة.

في فضاء هذه الأسئلة حاورنا الكاتب والمترجم السوري بدر الدين عرودكي، الذي التقته مراسلتنا في القاهرة غادة نبيل وسألته أولاً: هل على العرب أن يساعد على ترجمة أدبهم إلى اللغات الأجنبية؟

بدر الدين عرودكي:

من المؤكد أن على العرب أن يساعد على ترجمة أدبهم إلى اللغات الأجنبية لا أدبهم فحسب، وإنما أيضاً نتاج ثمرة فكرة.. أي الإبداع الأدبي والفكري أيضا، لماذا؟ لأننا نرى أيضاً اليوم في العالم كله أن كل أمة تسعى إلى التعريف بآدابها وفكرها ولغتها في لدى الأمم الأخرى ولدى الشعوب الأخرى.

نحن نعلم اليوم مثلاً أن المراكز الثقافية الفرنسية والأمريكية والإنجليزية تسعى للتعريف وبآدابها، وتساعد دور النشر العربية لنشر هذه الأعمال سواء عن طريق تمويل الترجمة أو حتى في -وكثير من الأحيان عن طريق- تمويل صناعة الكتاب وطبعه، فلماذا إذاً لا نفعل نحن شأنهم؟

غادة نبيل:

هل نترجم أدبنا رغبة منا في أن نكون موجودين على الخارطة العالمية، أم أن الأولى أن يقوم الآخر بهذه الترجمة إعجاباً بآدابنا كما نفعل نحن مع الآداب الأخرى؟

بدر الدين عرودكي:

الأمرين معاً، لماذا؟ أولاً يجب أن نتواجد على الخارطة العالمية، هذا لا شك فيه، ولدينا ما نفخر بتواجده على الخارطة العالمية، لكن أيضاً طبعاً نحن أيضاً نترك لمن يريد يعجب بآدابنا أن يترجم، وهناك الكثير من أعجب بآدابنا قبل أن نفكر نحن بطبيعة الحال بأن نترجمه، منذ القرن السادس عشر، وأوربا تحاول أن تترجم أعمالنا، طبعاً هذه الترجمة بدأت في البداية من أجل فهمنا، ومن أجل مقاومتنا في القرن السادس عشر بعد أن بلغت الحضارة العربية أوجها، وبدأ للأسف في ذلك الوقت عصور الانحدار..عندما ترجم القرآن للمرة الأولى ترجم من أجل فهمه ومن أجل السيطرة عليه طبعا والرد عليه.

وأريد أن أضيف شيئاً مهماً إن مجرد الترجمة ليست هي الأساس فقط، ومجرد المساعدة ليست هي الأساس، نحن نستطيع وأنا أعلم ونحن نعلم جميعاً أن عدد من وزارات الثقافة العربية قد طبعت ترجمات لبعض الأعمال الأدبية، ونشرتها في بلدانها باللغات الفرنسية والأجنبية .

هذا لا يفيد شيئاً على الإطلاق، إن التواجد هو التواجد في شبكة التوزيع الموجودة في أوربا في فرنسا، أو في إنجلترا أو في أمريكا، وأن يتواجد هذا الكتاب في كل المكتبات، يعني الأصل هو التوزيع بعد أن يتم الترجمة والطبع، أما إذا لم نقم بذلك فنحن كما لو لم نفعل شيء.

غادة نبيل:

معظم الترجمات من العربية تتم بشكل عشوائي أو بقرارات رسمية، هناك مبدعون كبار لم تترجم أعمالهم، في حين أن آخرين أقل إبداعاً ترجمت أعمالهم إلى لغات عديدة كيف يجري آلية اختيار الأعمال للترجمة؟.

بدر الدين عرودكي:

نحن نعلم تماماً أن من يمول هو من يحق له الاختيار، ومن يمول؟ من يمول اليوم؟ هناك ممولين، ممولان: الممول الأول هو الجمهور، يعني الآن مثلاً نجيب محفوظ أو أميل حبيبي أو أدونيس أو محمود درويش، لا يحتاج هؤلاء الكبار في الأدب العربي المعاصر لمن يمولهم من مؤسسات ثقافية أو من دول عربية، إن الجمهور هو الذي يمولهم باعتبار أن الناشر عندما ينشر ترجمة لمحمود درويش أو أدونيس أو نجيب محفوظ أو إميل حبيبي هو يعرف أن هذا الكتاب سيباع بآلاف النسخ.

أحد المترجمين قال لي: إنني لا أترجم إلا ما أحب من الكتب، لكن هذا لا يكفي طبعاً لوضع برنامج لترجمة واسعة المدى تشتمل على أهم ما تنتجه الإبداعية العربية المعاصرة، لذلك نرى فعلاً، وأنا موافق تماماً على ذلك، وهذا يلاحظ في فرنسا أن عدداً من الكتاب الذين لايكادون يُقرؤون في بلدانهم، تترجم أعمالهم أكثر من عمل وأكثر من عملين وثلاثة وأربعة، في حين أن أعمال هامة ومؤثرة وذات تاريخ وموقع في الخارطة الأدبية العربية لم يتم نقلها بعد إلى اللغة الفرنسية أو اللغة الإنجليزية.

غادة نبيل:

بتفصيل أدق، هل هناك نوايا ومصالح خلف اختيار الكتب للترجمة؟

بدر الدين عرودكي:

إن من السذاجة أن نعتقد أن مجرد الهدف الجمالي هو ما يدفع ناشراً أو ممولاً لتمويل ترجمة هذا الكتاب أو ذاك، طبعاً الناشر له مصلحة مادية، ثم له مصلحة أدبية أيضاً، الناشر الفرنسي لا ينشر كيفما اتفق من الكتب، لكن أيضاً إذا ما سوعد وإذا ماقيل له إن هذا مهم جداً في الأدب الذي تنقل منه ينقل منه هذا العمل أو ذاك.

من المؤكد أن المصالح موجودة، ومن المؤكد أنه من مصلحة العرب أن يساعدوا على ترجمة أعمالهم، ومن المؤكد أن من مصلحة العرب أن يعملوا كل ما في وسعهم، ولكن برصانه وبصمت، سأعطي مثلاً يخيل إلينا أن دور النشر الفرنسية أو دور النشر الأمريكية تنشر الأدب الياباني، والأدب الألماني مثلا مجانا، ولمجرد أن الجمهور يختاره ونجهل نحن تماما أن هناك مؤسسات كبرى اقتصادية يابانية وألمانية، أو مؤسسات ثقافية تقوم بهذه الترجمة وبالمساعدة على تمويل هذه الترجمة دون أن تطلب ذكر اسمها، في مقدمة صفحات هذه الكتاب.

غادة نبيل:

هل يعتبر الأدب الذي يكتبه المغتربون العرب منفذاً للعالمية، أم أنه لا يمثل أدب البلدان الأصلية؟

بدر الدين عرودكي:

إن الأدب هو اللغة، عندما كانت اللغة العربية هي لغة الثقافة العالمية منذ القرن الثامن وحتى القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، كان الأتراك والفرس والأوربيون يكتبون باللغة العربية، وكان هؤلاء يعتبروا أدباء عرباً وفلاسفة عربا وأطباء عرب، ورياضيون عرب، ومفكرين عرب إلى آخره، فلماذا نعتبر اليوم كاتباً من أصل عربي يكتب بالفرنسية أو بالإنجليزية كاتباً يسهم في تطوير الأدب العربي.

إنه يسهم في تطوير الأدب الفرنسي، إنني أعتبر أن كل الكتاب الذين يكتبون باللغة الفرنسية هم كتاب فرنسيين، يعني مثلاً منحت جائزة (كونكورد) الفرنسية الشهيرة إلى كاتب الطاهر بن جلون، وهي جائزة كما تعلمين لا تمنح إلا للكتاب الفرنسيين، فقد منحت لكاتب يسهم في تطوير الأدب الفرنسي لأنه كاتب، على أن اسمه عربي، وعلى أنه من أصل عربي، لكنه يكتب بالفرنسية ويفكر بالفرنسية ويطور -وحتى لو جدد- مخيلة الفرنسية أيضاً من خلال كتاباته بهذه اللغة لذلك منح جائزة -الكونكورد-.

وليد اخلاصي / روائي ومسرحي من سوريا:

كانت مؤسسة السلطان العويس التي غرسها في أرض البترول صديقة معطاءة تمنح الثقافة العربية روحًا متألقة، وقد كفرت عن ذنب المال الذي لم يهب المجتمع أكثر مما يأخذ.

سلام سرحان:

الجميع مدعوون لإرسال أي رأي أو نقد لموضوع ثقافي، وسوف نبثه إذا كان يساهم بإثراء وتوسيع الحوار الثقافي. نرجو إرسال الآراء على العنوان التالي مع صورة شخصية على ألا يتجاوز هالرأي 40 كلمة، البرنامج يرحب أيضا بجميع الآراء الاقتراحات وكل ما يمكن أن يساهم في جعل البرنامج في قلب المشهد الثقافي.

سلام سرحان:

التقنية الحديثة وصعوبة تمييز اللوحة المزيفة عن الأصلية
تقرير (دانة صباغ – قناة الجزيرة)

سلام سرحان:

مؤخراً ضبطت شرطة الجمارك في إيطاليا إحدى لوحات (مايكل آنجلو) وأكد بعض الخبراء أنها لوحة أصلية، لكن تبين لاحقاً أنها من إنتاج شركة كندية اقتربت من الكمال في تقليد الأعمال الفنية بتقنيات متطورة.

في التقرير، هذا نتأمل عمل الشركة التي لا تحسن للتزييف بل تسعي لجعل الأعمال الفنية الخالدة في متناول الجميع.

تقرير دانة صباغ:

هذه الأورقة ليست لمتحف (اللوفر)، وإنما هي مكاتب متواضعة خارج مدينة (ترانتوا) الكندية، يستمتع العاملون فيها بأروع اللوحات في تاريخ الفن أثناء ساعات الدوام الرسمي، ويعود الفضل في هذا بالطبع إلى التقنية الحديثة، التي وضعت أشهر الرسومات في متناول كل شخص يطلبها، وجعلت التمييز بين الأصل والصورة حكراً على العين المدربة المتميزة.

هارفي كلاف / صاحب معرض أمريكا:

حركات الفرشاة هنا تتبع بدقة متناهية، ما كانت عليه في اللوحات الأصلية. فإذا نظرت إلى هذه اللوحة، ونظيرتها الأصلية لوجدت أنهما تنطبقان في الشكل والملمس.

دانة صباغ:

في معرض أمريكا توجد التقنية بالحرفية لإدخال هذه اللوحات الرائعة سوق المستهلك العادي بعد أن اقتصر اقتناء رسومات (سيزا)، (وديغا)، و(مونيه) وغيرهم على المقاصف العالمية، وقلة قليلة من البشر يخفونها في مجموعات خاصة بعيداً عن الأعين والأيد، وتسخر آلة العصر لهذه الغاية، فيخط الكمبيوتر اللوحة بحذافيرها ثم تطبع، وليضع الرسامون عليها هذا لمساعدتهم، وتصب عليها مادة لزجة تجعلها ثلاثية الأبعاد بشكل يسمح بطبع نسخ جديدة عنها.

ومن جديد يتدخل فنان مخضرم ليضيف لمساتها، وتجعل نسخته مطابقة لتلك اللوحة التي رسمها عمالقة الفن منذ عقود وترسل صناديق مليئة من نسخ تلك اللوحات الفريدة إلى الأسواق العالمية، ليصبح بمقدور أي شخص أن يقتني نسخة من روائع الفن مقابل حفنة من الدولارات.

عبد العزيز المقالح / شاعر من اليمن:

سلطان العويس فتح أفقاً للأثرياء العرب كي يهتموا بالثقافة، ويسهموا في رفع مستوي الثقافة والآداب في الوطن العربي، لكن يبدو أن الفقيد لا يزال فريداً وحيداً في دوره هذا .

سلام سرحان:

أعزائي المشاهدين في نهاية لقاءنا نرجو أن تواصلوا إرسال آرائكم واقتراحاتكم التي أصبحت جزءاً فاعلاً في إعداد المشهد الثقافي.

تحية وإلى اللقاء.

المصدر : الجزيرة