تأمـــــلات

الاختلاف لا يفسد للود قضية.. من قائلها وماذا تعرف عنه؟

رصدت حلقة (2022/7/5) من برنامج “تأملات” قصة مقولة: يا عدو الله أنت تصلب مع هؤلاء ولا كرامة لك؟ وقدمت سيرة قائل عبارة “الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”.

يا عدو الله أنت تصلب مع هؤلاء ولا كرامة لك؟!

قال الأصمعي: كان رجل من أهل البصرة بذيئًا شرّيرا، يؤذي جيرانه ويشتم أعراضهم، فأتاه رجل فوعظه، فقال له: ما بال جيرانك يشكونك؟ قال: إنّهم يحسدونني. فقال له: على أيّ شيء يحسدونك؟ قال: على الصَّلب. قال: وكيف ذاك؟ قال: أقبِل معي.

فأقبل معه على جيرانه، فقعد متحازنًا، فقالوا له: ما بك؟ قال: طَرَق الليلة كتاب معاوية أن أُصلَب أنا ومالك بن المنذر وفلان وفلان، فذكر رجالا من أشراف البصرة، فوثبوا عليه وقالوا: يا عدوّ الله، أنتَ تُصلَب مع هؤلاء ولا كرامة لك؟! فالتفت إلى الرجل فقال: أما تراهم قد حسدوني على الصلب، فكيف لو كان خيرًا؟!

الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية

يلقب أحمد لطفي السيد بأستاذ الجيل، ووصفه العقاد بأنه بحق أفلاطون الأدب العربي، وغالبا ما تُستعمل جملته الشهيرة: "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية"؛ وهو صحفي ومحام ومدير الجامعة المصرية، ورئيس حزب الأمة المصري.

ولد أحمد لطفي السيد في قرية برقين بمحافظة الدقهلية المصرية سنة 1872، ونشأ في أسرة ميسورة الحال، تمكنت من تكفل تعليمه حتى التحاقه بمدرسة الحقوق.

بعد تخرجه، عمل أحمد لطفي السيد في النيابة المصرية، وعين نائبا للأحكام بالفيوم. وبدأ نشاطه السياسي في الوقت ذاته، فاشترك مع صديقه القديم عبد العزيز فهمي في تأسيس جمعية سرية باسم جمعية تحرير مصر؛ والتي دعمها الخديوي عباس حلمي أملا في أن تساعده في نيل سلطات كبرى من الاحتلال البريطاني.

ومن القرارات التي اقترحها الخديوي، أن يسافر أحمد لطفي السيد إلى سويسرا لمدة سنة، ما يتيح له نيل الجنسية، والعودة إلى مصر لإنشاء جريدة تتمتع بحصانة من الإنجليز بفعل الجنسية الأوروبية. أمضى السيد سنة في دراسة الآداب والفلسفة في سويسرا، لكن الخطة أحبطت بقرار الباب العالي الذي رفض تجنس لطفي السيد، فعاد إلى القاهرة وقدم تقريرا إلى الخديوي جاء فيه: "إن مصر لا يمكن أن تستقل إلا بجهود أبنائها، وإن المصلحة الوطنية تقضي بأن يرأس سمو الخديوي حركة شاملة للتعليم العام".

ألف لطفي السيد عددا من المؤلفات الفكرية منها "صفحات مطوية من تاريخ الحركة الاستقلالية"، "تأملات"، "المنتخبات"، "تأملات في الفلسفة والأدب والسياسة والاجتماع". كما ترجم عدة مؤلفات لأرسطو منها "علم الأخلاق"، و"علم الطبيعة"، و"السياسة"، إضافة إلى مذكرات بعنوان "قصة حياتي".

وتوفي أستاذ الجيل سنة 1963، رافعا شعار العلم بابا للنهوض بالأوطان: "أعدوا الأمة قبل كل شيء وعلموا الشعب الجاهل، وانظروا إلى ما تقدرون عليه لا إلى ما تريدون، فعبثا تقولون للمُقعد سر فرسخا، وباطلا تقولون للطفل اطلع جبلا، بل تعهدوا الطفل حتى يكبر ويترعرع، والمريض حتى يشفى ويشتد ساعده!".