
مورو يروي قصة الرسالة الشهيرة إلى بورقيبة ج8
في الحلقة الثامنة من شهادته لبرنامج "شاهد عن العصر"، يروي عبد الفتاح مورو، أحد مؤسسي حزب حركة النهضة التونسية، قصة الرسالة الشهيرة التي كتبها بتوافق جميع قادة حركة "الاتجاه الإسلامي" إلى الرئيس (الراحل) الحبيب بورقيبة، وذلك في يوليو/تموز 1984.
ويؤكد مورو أنه خلال إقامته الجبرية كان على اتصال سري مع حمادي الجبالي الذي انتخب رئيسا للحركة عندما أدخل قادتها إلى السجن وبينهم راشد الغنوشي، ومن هنا جاءت فكرة عرض مبادئ الحركة على بورقيبة، لكنه نفى -أي مورو- أن يكون ذلك من باب طلب العفو من الرئيس مثلما روّج البعض.
ويضيف أن الرسالة هي نتاج نقاشات ومداولات مطولة بين قادة الحركة داخل وخارج السجن، لكنه تحمل مسؤولية -كما يقول- إرسالها إلى بورقيبة الذي وصفه بالرجل الداهية الذي يدرك المرامي.
ومن النقاط التي تضمنتها الرسالة أن حركة الاتجاه الإسلامي "لا تقدم نفسها ناطقا باسم الإسلام" وأنها "ترفض مسلك العنف وتعتمد الحوار والإقناع".
ويقول مورو إن رئيس حكومة تونس في تلك الفترة محمد مزالي (1980-1986) أخبره أنه عندما قرأ على بورقيبة مستهل الرسالة "تحية تليق بمقامكم" استوقفه الأخير قائلا له "أنا أعلم أن مقامي عندهم هو مقام كلاب"، ويقصد مقامه عند الإسلاميين.
ويكشف في السياق ذاته أن جميع قادة الاتجاه الإسلامي رفضوا بشكل قاطع خلال سجنهم أن يطلبوا العفو من الرئيس، رغم إلحاح مزالي ومدير السجن عليهم للقيام بمثل هذه الخطوة التي يقول مورو إن الهدف منها كان إخراج بورقيبة من المأزق الذي كان يمرّ به.
وبحسب ضيف "شاهد على العصر" فقد كانت هناك محاولات ووساطات للإفراج عنه وعن بقية رفاق السجن من الإسلاميين، قام بها مزالي وكذلك وزير الداخلية وقتها، إضافة إلى القيادي الإسلامي الدكتور توفيق الشاوي الذي جاء عدة مرات إلى تونس للغرض نفسه، وهو ما جعل بورقيبة يبدي بعض الليونة في موقفه إزاء هذه القضية.
إقامة جبرية
ويكشف مورو في شهادته السبب وراء الإفراج عنه شخصيا ووضعه تحت الإقامة الجبرية عام 1983، حيث أبلغه مزالي في أغسطس/آب من ذلك العام بقرار بورقيبة الإفراج عنه بعد مقال قوي ولين منسوب لوالدة مورو نشر في جريدة "الرأي" التونسية.
وكان بورقيبة أكد أن قرار الإفراج هو بسبب الظروف الصحية التي يمر بها مورو، لكنه شدد على هذا الأخير بعدم ممارسة أي نشاط سياسي.
وخلال إقامته الجبرية كان مرو شاهدا من شرفته على مظاهرات 29 ديسمبر/كانون الأول 1983 التي اندلعت احتجاجا على ارتفاع أسعار المواد الأساسية على رأسها الخبز.
ويذكر أن قادة الاتجاه الإسلامي اعتقلوا في يوليو/تموز 1981 بعد أن وجهت لهم ثلاث تهم قانونية هي "الاعتداء على كرامة رئيس الجمهورية بسبّه وشتمه"، و"الاحتفاظ بجمعية غير قانونية"، و"إشاعة أخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام"، وهي التهم التي بسببها حاكمهم نظام بورقيبة وأدخلهم السجن بأحكام مختلفة ورد ذكرها في الحلقة السابعة من شهادة مورو.