شاهد على العصر

مورو: بورقيبة عذّب الإسلاميين باستثنائي والغنوشي ج6

ركز عبد الفتاح مورو -أحد مؤسسي حزب حركة النهضة التونسية- في شهادته السادسة لبرنامج “شاهد على العصر” على مرحلة خروج الحركة الإسلامية إلى العلن وصدامها مع نظام الرئيس بورقيبة.
فاجأت الحركة الإسلامية في تونس نظام الرئيس (الراحل) الحبيب بورقيبة، وأعلنت في مؤتمر صحفي عقدته في السادس من يونيو/حزيران 1981 ميلاد حركة "الاتجاه الإسلامي"، وتقدمت في اليوم نفسه بطلب الترخيص لنشاطها العلني من وزارة الداخلية، لكن هذه الخطوة فتحت على الحركة ونشطائها أبواب الصدام والمطاردة وكذلك السجون.

ويروي عبد الفتاح -مورو أحد مؤسسي حزب حركة النهضة التونسية- في شهادته السادسة لبرنامج "شاهد على العصر" كيف أنه ورفاقه في الحركة قرروا عقد مؤتمر صحفي للإعلان عن ميلاد "الاتجاه الإسلامي"، بحجة أن المؤتمر الصحفي لا يحتاج إلى ترخيص، وكيف كان رد السلطة التي اتهمتهم بعقد اجتماع غير مرخص، وتوالت بعد ذلك اتهامات أخرى. 

فقد وجهت للإسلاميين في تلك الفترة ثلاث تهم، هي: أنهم دعاة عنف وانغلاق وتراجع عن النمط المجتمعي، وخاصة حقوق المرأة والحريات العامة والخاصة، وأنهم أتباع فكر إيديولوجي ديني قائم على أساس تكفير الغير، وأنهم لا يمانعون في الارتماء في أحضان أي نظام أجنبي، وهي التهم التي يقول مورو إنها ظلت تلاحقهم فترة طويلة.

ولكن رغم محاصرة نظام بورقيبة لهم، تمكن إسلاميو تونس من بسط سيطرتهم على الجامعات التي كانت في السبعينيات تحت تأثير اليساريين والشيوعيين، وباتت المدارس ترفع شعارات تتبناها الحركة الإسلامية، مما شكل -بحسب مورو- ضربة قاضية لنظام بورقيبة، الذي لجأ إلى مواجهة هذا الوضع برفع الحظر عن اليساريين بعد أن كان فرضه عليهم في الستينيات.

ويشهد ضيف "شاهد على العصر" أن معظم اليساريين -وليس كلهم- وقفوا ضد الإسلاميين، وأسهموا في قمعهم، ومع ذلك هناك من ساندهم في معركتهم من أجل التواجد القانوني، ومنهم المحامي والسياسي التونسي نجيب الشابي، وحزب الوحدة الشعبية والديمقراطيين الاشتراكيين وجزء من مناضلي الاتحاد العام للشغل.  

اعتقال وتعذيب 
وواصل أعضاء "الاتجاه الإسلامي" تحركاتهم ونشاطاتهم في مختلف ربوع تونس، رغم أن وزارة الداخلية لم ترد لا بالإيجاب ولا بالسلب على طلب الترخيص الذي تقدموا به في السادس من يونيو/حزيران 1981، لكن الأجهزة الأمنية كانت تتربص بهم، فجاء اعتقال مورو في 17 يوليو/تموز 1981 في العاصمة تونس بعد أن ألقى خطبة في أحد المساجد.     

ونقل مورو بعد اعتقاله إلى معتقل "الغورجاني"، وفي اليوم التالي -أي 18 من الشهر نفسه- فوجئ ببقية نشطاء "الاتجاه الإسلامي" وبينهم الشيخ راشد الغنوشي يحلون على المكان نفسه. ويكشف مورو أن الجميع وضعوا في زنزانة ضيقة وشديدة الحرارة، ما عدا المتحدث الذي خصصت له زنزانة خاصة مقسمة إلى قسمين: واحدة له وأخرى لنساء جيء بهن من أجل استفزازه، قبل أن يغادرن بطلب منه.

وبتدخل من وسيلة زوجة بورقيبة التي كانت قد حضرت متخفية في إحدى خطبه بجامع القصبة، نُقل مورو إلى مقر وزارة الداخلية التونسية وحجز في غرفة بالطابق الثالث، وهناك كان شاهدا -كما يؤكد هو نفسه في شهادته- على حالات التعذيب التي كان يتعرض لها المعتقلون وبينهم الإسلاميون.

ويقر مورو بأنه ولا الغنوشي تعرضا للتعذيب في زنازين الداخلية في تلك الفترة، والسبب أن النظام كان يخشى من الفضيحة، كون مورو والغنوشي من الشخصيات المعروفة في الداخل والخارج.

وبحسب ضيف "شاهد على العصر"، فإن زنازين الداخلية كان يمارس فيها أبشع أنواع التعذيب والتنكيل، منها قلع الأظافر وممارسات غير إنسانية وغير أخلاقية، لكنه يصف ذلك التعذيب بأنه عبارة عن "بسكويت" مقارنة بما حصل للإسلاميين في التسعينيات في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.    

ويذكر أن مورو يدلي بشهادته عن الحركة الإسلامية في تونس، والتي أسست نواتها الأولى عام 1969، تحت اسم "الجماعة الإسلامية". وفي عام 1981 غيرت الجماعة اسمها إلى "الاتجاه الإسلامي" لتصبح عام 1989 "حركة النهضة".