
البكوش: تونس كانت تدار بـ"حكاوي نسوان" ج7
وجاءت إزاحة الأدغم -كما يكشف رئيس الوزراء التونسي الأسبق الهادي البكوش– في إطار الخلاف والصراع على السلطة في ظل مرض بورقيبة وبقائه ستة أشهر يعالج في العاصمة الفرنسية باريس.
ووفق شهادة البكوش السادسة فقد اشتد الصراع على السلطة بين فرقاء سياسيين تونسيين عام 1969، انتهى بإقصاء أحمد بن صالح (سياسي ونقابي شغل عدة حقائب وزارية في فترة الستينيات) ومحاكمته بتهمة "الخيانة العظمى"، كما تم الإعلان عن فشل التجربة الاشتراكية.
ويقول البكوش إن البطانة التي كانت تحيط بالرئيس لم تكن تطمئن للأدغم الذي وصفه بالمناضل وأنه لم يكن رجل فساد مالي أو أخلاقي، كما أنه عارض حكم الإعدام بحق بن صالح مثلما كان يريد بورقيبة.
البكوش -وفي شهادته السابعة لبرنامج "شاهد على العصر"- يكشف أن هذه البطانة أقنعت بورقيبة بإزاحة الأدغم من رئاسة الحكومة التي بقي فيها 13 عاما، وكانت الخطوة الأولى إرساله في مهمة وساطة لم تكن من مهامه، ويؤكد أن الوضع الصحي لبورقيبة في تلك الفترة لم يكن يسمح له بإدراك كل ما كان يدور حوله.
وبعد إزاحة الأدغم -يضيف البكوش- عيّن الهادي النويرة رئيسا للحكومة لعدة أسباب منها أنه كان الوحيد من المسؤولين السياسيين الذي تحفظ على السياسة الاشتراكية التي أعلن بورقيبة إلغاءها في 1969.
وفي تقييمه لحكم بورقيبة، يؤكد البكوش لبرنامج "شاهد على العصر" أن الرئيس التونسي الراحل أراد البقاء في الحكم أكثر من الممكن رغم مرضه وعجزه، وكان يأتمر بما تقرره البطانة، وفي آخر فترة حكمه كان بورقيبة "يحكم ولا يحكم". وكان البكوش أكد في الحلقة السابقة من شهادته أن "بورقيبة لم يكن مؤهلا للحكم منذ عام 1969".
ويكشف البكوش أن بورقيبة كان قد انقلب على مجموعة من الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم يتقدمها وزير الدفاع والعدل التونسي الأسبق أحمد المستيري دعت إلى الانفتاح وتحقيق الديمقراطية والابتعاد عن الحكم المتسلط.
كما لاحق مجموعة أخرى داخل الحزب نفسه كانت مؤيدة لبن صالح (فر إلى الجزائر عام 1973)، وأشار رئيس الوزراء التونسي الأسبق إلى أن هذه المجموعة سعت لتأسيس تنظيم سياسي معارض لحكومة نويرة الذي قال إنه أصبح شخصية قوية تدعمه النقابات.
نفي
رغم الحكم عليه بخمس سنوات سجنا مع إيقاف التنفيذ وعزله من كل مهامه السياسية، عين البكوش من 1970 إلى 1974 في وظيفة إدارية عليا هي رئيس الديون القومي للصيد البحري، ثم في نفس السنة نفي إلى جندوبة (أقصى الشمال الغربي لتونس) بسبب وشاية -كما يؤكد هو نفسه في شهادته- باتفاق بين وزير الداخلية وقتها الطاهر بلخوجة وبين زوجة بورقيبة السابقة وسيلة لإبعاده من تولي منصب في حكومة النويرة (غادر الحياة السياسية نهائيا في 1980).
وردا على سؤال لمقدم برنامج "شاهد على العصر" أحمد منصور بشأن "أن الدولة التونسية كانت في تلك الفترة تدار بحكاوي نسوان (نساء)"، في إشارة منه إلى الدور الذي كانت تلعبه وسيلة، أجاب رئيس الوزراء التونسي الأسبق بالقول "يعطيك الصحة.. يعطيك الصحة"، يعني أنه موافق على ذلك.
بقي البكوش في المنفى من 1974 إلى 1976، وبعد عودته، يقول إن وسيلة اتصلت به واعترفت له بما حاكت ضده من مخططات، وإنها طلبت منه نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة معها.