شاهد على العصر

الهادي البكوش: اغتيال بن يوسف "جريمة دولة" ج3

تحدث رئيس الوزراء التونسي الأسبق الهادي البكوش في شهادته الثالثة لبرنامج “شاهد على العصر” عن استفراد الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة بالسلطة، وكذلك اغتيال الصالح بن يوسف.

أكد رئيس الوزراء التونسي الأسبق الهادي البكوش أن "كل الدولة التونسية، حزبا وحكومة" شاركت في اغتيال صالح بن يوسف -وهو أبرز قادة الحركة الوطنية التونسية- في أغسطس/آب 1961، واعتبر ذلك "جريمة دولة".

وقال البكوش -في الجزء الثالث من شهادته لبرنامج "شاهد عل العصر"- إنه لم ير أي تنديد من المسؤولين التونسيين وقتها باغتيال بن يوسف، وكان أمينا عاما للحزب الدستوري الجديد الذي كان بورقيبة من بين مؤسسيه عام 1934، وأضاف "الداخلية التونسية مسؤولة لأنها نسقت، وبورقيبة وافق على العملية".  

نقل الهادي البكوش عن الرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلة قوله لنجل صالح بن يوسف بعد أن التقى به "لو كان صالح حيا لأصبح رئيسا لتونس"

ورجع بذاكرته إلى سنوات الصراع بين بورقيبة وبن يوسف وبالتحديد إلى مارس/آذار 1961، حيث عقد مؤتمر في زيورخ بسويسرا، وكان بورقيبة يعتقد أن بن يوسف مستعد للتصالح والعودة إلى تونس، لكن بن يوسف بقي محافظا على موقفه ولم يقل "عفا الله عما سلف"، مما أحدث قطيعة بين الرجلين رغم محاولات الصلح بينهما.

وأكد أن اليوسفيين (نسبة إلى بن يوسف) سعوا بدورهم إلى اغتيال بورقيبة عام 1958.

وربط البكوش أيضا في شهادته قضية اغتيال بن يوسف بالثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، ونقل عن الرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلة قوله لنجل صالح بن يوسف بعد أن التقى به "لو كان صالح حيا لأصبح رئيسا لتونس". وكان البكوش كشف في الجزء الثاني من شهادته أن بن يوسف حاول أن يكون الرجل الأول في تونس بالاعتماد على بعض الأطراف داخل الثورة الجزائرية.   

وتحدث ضيف "شاهد على العصر" عن بداية استفراد بورقيبة بالحكم بعد تشكيل أول حكومة بعد استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي في 16 أبريل/نيسان 1956 برئاسة الباهي الأدغم، وقيامه بعزل محمد الأمين باي (آخر البايات التونسيين) في 25 يوليو/تموز 1957.    

وعن شخصية الرئيس التونسي الراحل، أكد البكوش أنه "لم يكن دكتاتورا وقتها وإنما كان محررا وزعيم تونس"، لكنه أقر بأنه -أي بورقيبة- كان يبعد أي شخصية يراها تحد من نفوذه ليبقى هو الحكم والمرجع والرئيس.  

وقال أيضا إن بورقيبة رفض تولي مسؤولية الحكومة بعد انتخابات أبريل/نيسان 1956 لأنه كان يفضل أن يكون زعيما ومرجعا على أن يكون وزيرا، ولأنه كان يعتقد أنه أكبر من رئيس حكومة. وبرأي البكوش فقد نجح بورقيبة في أن يكون هو الأول في تونس.
 
وكشف في هذا السياق أن بورقيبة طلب من مؤتمر للحزب الدستوري عقد في سوسة عام 1959 انتخاب النقابي أحمد بن صالح وعبد الله فرحات، لكن أعضاء المؤتمر لم يصوتوا لهما، وبعد مدة أدخل الرجلين في الديوان السياسي بالتعيين.

استقلال تام
وبشأن استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي، قال البكوش إن الاستقلال الداخلي جاء بالمقاومة والنضال، أما الاستقلال التام فجاء في وقت قصير، بسبب اندلاع الثورة الجزائرية في نوفمبر/تشرين الثاني 1954 بصفة قوية وعارمة، حيث خشيت فرنسا من تحالف قوى المقاومة الجزائرية والتونسية والمغربية، ما يجعلها تعجز عن مجابهة الثوار في شمال أفريقيا.

وأشار إلى أن بورقيبة طالب بعد الاستقلال عام 1956 بجلاء الجيوش الفرنسية عن كامل التراب التونسي، غير أن الجنرال شارل ديغول وبعد مجيئه للسلطة في فرنسا قال إنه مستعد للجلاء من كل ثكنات تونس، لكن بنزرت "قاعدة عسكرية نووية بحرية لا يمكن تسليمها الآن." حتى جاء بورقيبة وقام بمعركة بنزرت في يوليو/تموز 1961.   

كما تناول "ضيف شاهد على العصر" أحداث ساقية سيدي يوسف في الثامن من فبراير/شباط 1958 عندما هاجم الطيران الفرنسي انطلاقا من الجزائر قرية سيدي يوسف، وأوقع بها عشرات الضحايا، وكيف أن بورقيبة استغل الحادث استغلالا كبيرا، من خلال الحملة العالمية والضغط الداخلي إلى حد أن الأميركيين والبريطانيين (حلفاء فرنسا) كونوا لجنة وساطة لحل مشكل جلاء فرنسا عن تونس.

وأوضح أن التدخل الأميركي والبريطاني بعد أحداث ساقية سيدي يوسف جاء لمنع سقوط الجزائر وتونس في الدائرة السوفياتية، ونفى في نفس السياق أن يكون بورقيبة وقتها رجل أميركا وأكد أنه لم يمنح أي قاعدة عسكرية لهذه الدولة.