
جمال الرحماني.. شاهد على الثورة التونسية
– انتقال عدوى الاحتجاجات إلى مدينة الرقاب
– حرق فرع البنك الفلاحي وتصاعد المواجهات مع الأمن
– سقوط شهداء وحملة سلب ونهب لمحال المدينة
– وصول قوات الجيش وخطاب بن علي
– فرار بن علي ونظرة مستقبلية لتونس بعد الثورة
![]() |
![]() |
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بكم في حلقة جديدة مع شاهد جديد على الثورة التونسية، شاهدنا على الثورة التونسية هو المهندس جمال الرحماني حيث يدلي بشهادته على الأحداث التي وقعت في مدينة الرقاب، التي لا تبعد عن سيدي بوزيد إلا خمسة وثلاثين كيلومتر، مهندس جمال مرحبا بك.
جمال الرحماني: ومرحبا بك.
أحمد منصور: حدثنا، عرفنا بمدينة الرقاب.
جمال الرحماني: مدينة الرقاب هي مدينة معتمدية، مركز معتمدية، تتبع إليه سيدي بوزيد، في الوسط الغربي من الجمهورية التونسية، سكانها لا يتجاوزون قرابة ستين ألف إذا حسبنا الأرياف، يعني سكان المدينة قرابة اثنا عشر ألف، مجتمع يغلب عليه الطابع الريفي، فيه عدد كبير من المعطلين عن العمل، ومن المهمشين، وممن افتكت أراضيهم من طرف البنوك التي كانت يحصل الشباب من خلالها على قروض ولا يستطيعون سدادها.
أحمد منصور: يعني البنوك تأخذ، تصادر الأراضي.
جمال الرحماني: طبعا.
أحمد منصور: ويجلس الشباب على المقاهي.
جمال الرحماني: أكيد.
أحمد منصور: نفس مشكلة المقاهي والبطالة الموجودة في كل المنطقة في الوسط والغرب موجودة عندكم.
جمال الرحماني: خاصة في الوسط إن المشكلة متعمقة أكثر، ربما في بقية ولايات الجمهورية، خاصة الساحل والشمال يعني مشكلة البطالة غير مطروحة بالشكل الذي تطرح به في ولايات الوسط الغربي.
انتقال عدوى الاحتجاجات إلى مدينة الرقاب
أحمد منصور: متى علمتم بحادثة قيام محمد البوعزيزي بحرق نفسه يوم سبعة عشر ديسمبر؟
جمال الرحماني: حادثة حرق البوعزيزي علم بها مجموعة من الأهالي منذ اليوم الأول.
أحمد منصور: كنتم تتواصلون مع سيدي بوزيد دائما.
جمال الرحماني: دائما، يوم بيوم.
أحمد منصور: تعتبر هي مقر المحافظة الخاص بكم.
جمال الرحماني: هي مقر المحافظة، نتواصل معاها بشكل يومي، لذلك لم يخف أمر أن شابا أقدم على حرق نفسه.
أحمد منصور: هل دا كان شيء عادي؟ شيء عادي إن في شباب بيحرقوا نفسهم، أو بينتحروا؟
جمال الرحماني: لأ، هذا أمر غريب لا نعلمه.
أحمد منصور: هل ملابسات الحادث، كون إنه في شرطية اعتدت عليه وهو حرق نفسه أمام مقر المحافظة هو الذي أعطى زخما كبيرا للموضوع؟
جمال الرحماني: لأ، لم يتوضح هذا الأمر منذ البداية لعامة الناس، وعلمنا به إلا مؤخرا عن طريق وسائل الإعلام، وخاصة فضائية الجزيرة، التي كانت ربما نشرت أكثر تفاصيل حول هذا الموضوع.
أحمد منصور: كيف تفاعل الناس في الرقاب مع حادثة البوعزيزي؟
جمال الرحماني: منذ البداية ثمة حالة تعاطف، لكن لا ننكر أن هناك حالة من الاستغراب، كيف يقدم شاب على حرق نفسه، يعني هذا هو الأمر.
أحمد منصور: كيف تفاعل الناس؟ ما هي الخطوات التي قاموا بها؟
جمال الرحماني: يعني كانوا يحكوا على إيش عمل البوعزيزي في نفسه، ليش أحرق روحه؟ وليش أحرق روحه وشو اللي خلاه يحرق روحه؟ يعني كانت هذه الأسئلة التي يطرحها المواطنون في الرقاب، وطبعا كانت تخلق رأي عام ربما يساهم في القضية التي ربما استشهد من أجلها البوعزيزي.
أحمد منصور: كيف تبلور الرأي العام، لأن الرقاب كانت من أوائل المدن التي خرجت فيها المسيرات والتظاهرات؟
جمال الرحماني: الرأي العام.
أحمد منصور: الحادث وقع يوم سبعة عشر، يوم التاسع عشر قيل أن المظاهرات بدأت تخرج في الرقاب، متى خرجت أول مظاهرة؟
جمال الرحماني: أول مظاهرة خرجت يوم عشرين ديسمبر.
أحمد منصور: أول مظاهرة في يوم الاثنين.
جمال الرحماني: يوم الاثنين، وسط، أسبوعية، خرج قرابة خمسون فرد، في مسيرة رفع فيها شعار، على ما أذكر، التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق.
أحمد منصور: أنت كنت شاركت في المسيرة؟
جمال الرحماني: شاركت في المسيرة.
أحمد منصور: هل شيء عادي إنه يبقى في مسيرات ولا دا كان شيء غريب أن يحدث؟
جمال الرحماني: لأ، هو شيء عادي طبعا، كانت تخرج مسيرات مساندة لغزة ومساندة للقضية الفلسطينية، وربما كان الإطار الوحيد الذي تستطيع أن تخرج من خلاله الأهالي في مسيرات، هو إطار الاتحاد المحلي للشغل برقاب.
أحمد منصور: وأنتم خرجتم من الاتحاد التونسي للشغل، خرجت المظاهرة.
جمال الرحماني: أي نعم، تحركت من أمام مقر الاتحاد.
أحمد منصور: مين اللي كان بيقود المظاهرة؟ كان في قائد ولا أنتم كنتم مجموعة شباب؟
جمال الرحماني: لا، مجموعة شباب، وربما الشباب هو الذي دفع عناصر الاتحاد وأعضاء الاتحاد للخروج في تلك المسيرة لأن الأصل لم أكن أتوقع.
أحمد منصور: استمرت كم المسيرة؟
جمال الرحماني: قرابة ساعتين أو ثلاثة، سلميا.
أحمد منصور: الناس كانوا يشاهدون، يتفرجون، ولا الناس بدأت تشارك معكم؟
جمال الرحماني: يعني قلة شاركت الحق، يعني.
أحمد منصور: متى بدأ الناس في المشاركة؟
جمال الرحماني: في المسيرات ربما في أيام لاحقة خاصة.
أحمد منصور: تكررت المسيرات بعد ذلك؟
جمال الرحماني: تكررت المسيرات.
أحمد منصور: تقريبا كل يوم كنتم تخرجوا.
جمال الرحماني: يوم الثلاثاء خرجنا مسيرات، كالعادة هي مسيرات محتشمة تقريبا، حتى يوم الجمعة على ما أظن.
أحمد منصور: يوم الجمعة كان خمسة وعشرين ديسمبر.
جمال الرحماني: خمسة وعشرين ديسمبر.
أحمد منصور: الجمعة خمسة وعشرين ديسمبر قيل إن مظاهرة كبيرة خرجت في هذا اليوم.
جمال الرحماني: طبعا كان لهذا الأمر دافع كبير، وكان لخروج هذه المسيرة دافع كبير وخاصة أنه قد استشهد، ووصل نبأ استشهاد شابين من مدينة منزل بوزيان..
أحمد منصور: أيوه، منزل بوزيان واستشهد منها اثنين
جمال الرحماني: اثنين.
أحمد منصور: نعم.
جمال الرحماني: وهما على ما أظن الشاب حمدي والشاب الآخر عماري.
أحمد منصور: منزل بوزيان بعيد تقريبا من الرقاب.
جمال الرحماني: خمسين كيلومتر على ما أظن.
أحمد منصور: أثر هذا الموضوع على ما حدث على تطور الأحداث..
جمال الرحماني: يعني هي أول مرة نسمع فيها أن قوات وحدات التدخل أو قوات الأمن أو البوليس بتاع بن علي يستعمل الرصاص بوجه المتظاهرين، رصاص حي..
أحمد منصور: آه.
جمال الرحماني: يعني هذا التطور لا يمكن السكوت عليه، خاصة وسط النخبة.
أحمد منصور: المظاهرة عندكم استمرت إلى يعني من بعد صلاة الجمعة، وحتى الساعة الثانية صباحا.
جمال الرحماني: وربما حتى أكثر يعني عدت إلى البيت الساعة الثانية صباحا.
أحمد منصور: أنت عدت إلى البيت الساعة الثانية صباحا، صف لنا ما حدث في هذه المسيرات، يوم الجمعة تحديدا.
حرق فرع البنك الفلاحي وتصاعد المواجهات مع الأمن
جمال الرحماني: يوم الجمعة تحديدا أهم ما حدث فيه هو إقدام بعض الشباب على إحراق جزئي لفرع البنك الوطني الفلاحي في تلك الليلة.
أحمد منصور: طبعا دا انتقاما لمصادرة أراضيهم، يعني هنا المعاناة شخصية.
جمال الرحماني: هذا يفسر أمرا كان يستبطنه هؤلاء الشباب الذين أقدموا على حرق، ولهذا في مؤشرات بالذات، أمور أخرى كانت إحراق الإطارات المطاطية بشكل مكثف و…
أحمد منصور: المؤسسة دي لأن في جزء كبير من الشباب كان مدين للبنك الفلاحي، أو البنك الفلاحي صادر أرضه.
جمال الرحماني: هو في جزء مدين، لكن تقريبا كل الشباب يحلم بأن يحصل على قرض، ورحلة الحصول على قرض تستمر ثلاث سنوات أو أربعة، يعني ممكن تأخذ الإدارة وتمشي للإدارة وتصدر الطلب بتاعك وتتابعه أسبوعيا تقريبا، ولا يمكن ربما أن تحصل على قرض في النهاية، يعني كانت الأمل الوحيد.
أحمد منصور: حدثت مصادمات يوم خمسة وعشرين مع الشرطة؟
جمال الرحماني: طبعا بعدما وصل نبأ لاحتراق الجزئي للبنك، لفرع البنك، وصلت تعزيزات من قوات وحدة التدخل، طبعا الشباب وقتها سال الدم في مدينة منزل بوزيان في يوم من الأيام لا أظن أنهم يستطيعوا أن يكتموا غيظهم، وأن لا يتضامنوا مع شقيقتهم مدينة بوزيان وخاصة أن أولئك بمعنى مجموعة كبيرة من أهالي مدينة بوزيان يقطنون رقاب.
أحمد منصور: يسكنون في الرقاب.
جمال الرحماني: يسكنون في الرقاب، تقريبا وكانوا هم مصدر المعلومات، وصول القوات، أنت عارف.
أحمد منصور: الشرطة أطلقت عليكم الغاز المسيل للدموع.
جمال الرحماني: بالضبط، يعني تعامل فيه خشونة، فيه عنف.
أحمد منصور: كان هناك مصابين؟
جمال الرحماني: لأ، كلها حالات اختناق.
أحمد منصور: كر وفر يعني.
جمال الرحماني: كر وفر.
أحمد منصور: الشعارات كانت كما هي أم تطورت؟
جمال الرحماني: كما هي وربما طرح أيضا مسألة أخرى، هي مسألة ذكرت ليلى بن علي بالاسم في الشعارات المختلفة، نعتها بأوصاف يعني، كذلك ذكر بن علي والطرابلسية بالاسم.
أحمد منصور: في هذا اليوم، خمسة وعشرين؟
جمال الرحماني: خمسة وعشرين.
أحمد منصور: بشكل مبكر يعني.
جمال الرحماني: بشكل مبكر.
أحمد منصور: فاكر بعض الشعارات؟
جمال الرحماني: ليلى يا حجّامة، مش عارف يعني هو حاجة من النوع هذا.
أحمد منصور: يوم الأحد تسعة يناير تفجر الوضع في الرقاب، الفترة من خمسة وعشرين، يوم أربعة المدارس، أو يوم ثلاثة عادت المدارس مرة أخرى، والمظاهرات يعني، لكن أجج الموقف يوم تسعة يناير.
جمال الرحماني: يعني حتى لا نفوت، وحدات التدخل هذه انسحبت فجر الجمعة، فجر السبت، يعني أتت لمدينة الرقاب، شتتت المتظاهرين وتناوشت معهم، وانسحبت فجرا يوم السبت، وفي المساء عادت بقوة كبيرة جدا، يعني مع تعزيز أكبر.
أحمد منصور: اللي هو يوم ستة وعشرين ديسمبر.
جمال الرحماني: يوم ستة وعشرين، وأخذ الشباب مرة أخرى على إحراق المحكمة الابتدائية.
أحمد منصور: آه.
جمال الرحماني: وإحراق الملفات، وإكمال ربما جزء كبير آخر من إحراق فرع البنك الوطني الفلاحي، وكانت يعني أقاموا الحواجز، أقمنا طبعا مع بعض، أقمنا الحواجز، وكنا نحذفه بالحجارة، يعني ربما تذكرنا خاصة فلسطين، قد استلهمنا منها الكثير، يعني كنا، كان بالنسبة لنا بن علي والنظام بتاعه ربما النظام الصهيوني قد يكون أرحم منه في تعامله مع الشعب ويعني في الظلم الذي.
أحمد منصور: مرت الجمعة التالية بعد ذلك، الجمعة التالية، إلى جمعة سبعة يناير، ثم سبعة يناير كان فيها مواجهات كبيرة بينكم وبين الشرطة أيضا.
جمال الرحماني: هو المواجهات هذه، والقمع اللي خلفه قوات، حدث تدخل ليلتها بالذات، وعدد المعتقلين في تلك الليلة يعني أدهش نوعا ما التحرك.
أحمد منصور: إزاي؟ عدد المعتقلين كان قد إيه تقريبا؟
جمال الرحماني: يعني تقريبا كل يوم ما بين عشرة حتى يوم الخميس، أذكر يوم الخميس من نفس الشهر، ومن نفس الأسبوع، قرابة الأربعين معتقل.
أحمد منصور: يعني في الأسبوع الأخير من ديسمبر اعتقل حوالي أربعين شخص.
جمال الرحماني: يومها، لكن يعتقل ثم يطلق سراحه وربما يعاد اعتقاله.
أحمد منصور: لكن كان اللي يعتقل يطلق سراحه، ما كانوش يأخذوا حد إلى.
جمال الرحماني: لأ يضرب وربما لن يسيبوه إلا ييجي باباه يلتزم عليه.
أحمد منصور: لكن هي كانت كر وفر.
جمال الرحماني: كر وفر طبعا.
أحمد منصور: الكر والفر استمر ليوم سبعة يناير.
جمال الرحماني: استمر ليوم سبعة يناير.
أحمد منصور: يوم سبعة يناير اللي هو كان يوم الجمعة، المسجد المركزي في الرقاب حدث فيه مواجهات وألقيت القنابل داخل المسجد ربما.
جمال الرحماني: طبعا المواجهات بحكم أن التلاميذ قد عادوا، فأصبح التصعيد أكثر وكذلك حدثت وفاة الشاب البوعزيزي يوم أربعة، التلاميذ كانوا دائما المحرك لتلك المسيرات، يوم الجمعة هذا بالذات، ليس التلاميذ وحدهم بل أصبح المصلون معهم، ولم تعد على الشباب، لم تعد المسيرات حكرا على الشباب، أصبح المصلين والرجال الكبار والشيوخ، هدفا لقوات وحفظ التدخل من خلال.
أحمد منصور: وفاة البوعزيزي أثرت على المشهد؟
جمال الرحماني: أثرت بشكل كبير، طبعا، خاصة التلاميذ لأنه يوم الاثنين، الثلاثاء Janvier يناير لم يخرج مسيرات.
أحمد منصور: يوم البوعزيزي دفن في اليوم التالي في مسقط رأسه، هل شارك أحد من قريتكم؟
جمال الرحماني: لم أعلم أن أحدا شارك.
أحمد منصور: الوضع أخذ يتطور لكن تفجر بشكل كبير في يوم تسعة يناير.
جمال الرحماني: مضبوط.
أحمد منصور: ماذا حدث يوم تسعة يناير، يوم الأحد؟
جمال الرحماني: يوم تسعة Janvier يناير حدث صراحة أمر لا يمكن السكوت عليه.
أحمد منصور: إيه اللي حدث لا يمكن السكوت عليه؟
جمال الرحماني: رجل عمره قرابة الأربعين سنة، واسمح لي أن أذكر اسمه هو الأخ محسن عيوني، حدث بالكاميون camion بتاعه أمام المسجد وهو ذاهب للعمل.
أحمد منصور: إيه الكاميون camion؟
جمال الرحماني: الكاميون camion هو الشاحنة، وهنالك مجموعة من قوات وحدات التدخل في الصباح الباكر، تقريبا مع صلاة الصبح، كانوا يعربدون يعني على حالة سكر.
أحمد منصور: سكرانين.
جمال الرحماني: سكرانين، فيعني أخذوا، طبعا هو انصرف إلى المعطية أو إلى الحمّاص على ما أظن، ليأخذ بعض الأشياء، أخذ، جاء الواحد بتاع البواب هذا، أخذ سرق فلوس بتاعه والهاتف بتاعه، وفك له المفتاح.
أحمد منصور: بتاع الشرطة.
جمال الرحماني: بتاع الشرطة، وأخذ المفتاح وخلاه في جيبه، لما قدم الأخ محسن، أراد أن يفتك منه ويسترجع منه ما سلبه منه، أهانه وقام بضربه وتعنيفه، وهو شخص الكل يعرفه ويعرف استقامته، يعني ما يوصلش روحه، طبعا الساعة الثامنة تجمع خاصة عشيرة محسن عيوني، ولاد عيوني خلينا نقول، أمام المعتمدية وحضرت معاهم بقية عمادات المعتمدية، وتضامنوا معه وطالبوا المعتمد، وكان مطلبهم الرئيس أن تخرج وحدات مقاومة التدخل من الرقاب.
أحمد منصور: يعني الآن حادثة الاعتداء على محسن العيوني يوم تسعة يناير هي التي أججت الموقف في الرقاب.
جمال الرحماني: تقريبا.
أحمد منصور: وجعلت الناس يتجمعون ويحتشدون أمام دار المعتمد، المعتمد اللي هو زي الوالي يعني.
جمال الرحماني: زي الوالي، بالمعتمدية، يعني هو أقل درجة من الوالي، هو ممثل الوالي في المعتمدية.
أحمد منصور: وطالبوا بخروج قوات مكافحة الشغب.
جمال الرحماني: كان هذا هو المطلب الرئيس، كان شعار يرفع من قبل التلاميذ، لا دراسة ولا تدريس إلا برحيل البوليس، ما فيش قراية إلا ما يخلوا البوليسية هذول، المعتمد فاجأهم بأنه لا حول ولا قوة له، وأنه يعني الأمر هذا كله متروك لقوات وحدات التدخل ولقائدهم واللي يتحكمون بالمعتمدية، أصلا هو دوره ثانوي ولا يرجعون إليه في أي أمر، توجهوا إلى قوات وحدات التدخل وقائدهم، وأثناء التفاوض يعني الأمر غريب جدا، يعني نحن نتفاوض ونبحث عن حل.
أحمد منصور: كنت معهم؟
جمال الرحماني: لأ، في تلك اللحظة لأ، لكن وصلتني الرواية، نتفاوض ونبحث عن حل، وكان قائد قوات التدخل، لماذا كان يتفاوض؟ لأنه كان نظام الغاز عليه وقتها، تبين لاحقا ان قنابل الغاز مش عارف إيش يسموها.
أحمد منصور: قنبلة غاز.
جمال الرحماني: قنبلة الغاز، قد، ما بقتش عنده.
أحمد منصور: آه، يعني هنا قائد قوات التدخل قبل أن يتفاوض مع الناس لأنه لم يعد عنده قنابل غاز مسيل للدموع يضرب بها المتظاهرين.
جمال الرحماني: يضرب بها المتظاهرين، ولما أتى التعزيز وجابه، يأتي واحد من خلف الصفوف.
أحمد منصور: ويضرب على الناس.
جمال الرحماني: ويضرب على نفس الذين كانوا يتفاوضون، أمر القائد أن يرجعوا ويصوّب عليهم الغاز، يعني مسافة تقريبا ثلاثة متر أو أربعة متر يحطها في وسطهم..
أحمد منصور: الساعة كانت كم تقريبا؟
جمال الرحماني: تقريبا الثانية، الثانية والنصف صباحا.
أحمد منصور: تأجج الموقف.
جمال الرحماني: تأجج الموقف لأن الكل تيقن أن لا حل مع هؤلاء، كان الأمر يشمل في الأول الشباب المعطّل عن العمل، أصبح التلاميذ والشباب، بعد أصبح.
أحمد منصور: العائلات وعموم الناس.
جمال الرحماني: العائلات وعموم الناس، يعني لم يعد لهم صديق..
أحمد منصور: أصبحت الآن المواجهة بين الشرطة وبين كل الشعب.
جمال الرحماني: وكل الشعب.
أحمد منصور: يوم تسعة.
جمال الرحماني: يوم تسعة، طبعا الوضع أصبح خطير، وقع استعمال الرصاص المطاطي تقريبا منذ الصباح.
أحمد منصور: مباشرة.
جمال الرحماني: لا في قنابل الغاز.
أحمد منصور: القنابل المسيلة للدموع.
جمال الرحماني: المسيلة للدموع، وبعد ذلك يعني تقريبا الساعة العاشرة إلى العاشرة والنصف، الرصاص المطاطي، إلى الحادية عشرة والنصف، صباحا، صراحة كنت أقوم بالتصوير، وفي الصفوف الأولى، يعني لم يخطر ببالي أنه يمكن أن يستعملوا الرصاص.
أحمد منصور: يعني حتى تلك اللحظة، إلى الساعة الحادية عشرة والنصف، في المواجهات التي وقعت في الرقاب يوم تسعة يناير، لم يتم استخدام الرصاص الحي، إلا الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع.
جمال الرحماني: فقط، ومن يأسرونه أو من يشدوه يعطوه ويوقفوه في مركز.
أحمد منصور: أنت جبت الكاميرا وبدأت تصور إيمتى؟
جمال الرحماني: من بداية الثورة وأنا أصور.
أحمد منصور: أيوة من بداية الثورة، لكن في هذا اليوم.
جمال الرحماني: دائما في جيبي، كل لحظة أصور.
أحمد منصور: الساعة كم بدأت تصور؟
جمال الرحماني: التحقت بالمواجهات قرابة التاسعة والنصف.
أحمد منصور: وهي بدأت من ثمانية ونصف، من التاسعة والنصف إلى الحادية عشرة والنصف، ساعتين وأنت بتصور مواجهات عادية، غاز مسيل للدموع وتظاهر، كان الناس بهتفوا بقولوا إيه؟
جمال الرحماني: ما كانتش هتافات، يعني كانت أفراد متفرقون، البصل منتشر على الشارع لأن البصل لديه مضاد للغاز المسيل للدموع، حواجز، اثنين يجيبون الأحجار ويجيبون العجل، ويحذفوا في.
أحمد منصور: الشرطة.
جمال الرحماني: في الشرطة، يعني كان المشهد مش مسيرة.
أحمد منصور: مواجهات.
جمال الرحماني: مواجهات أكثر منه مسيرات.
أحمد منصور: ماذا حدث في يوم تسعة الساعة الحادية عشرة والنصف؟
جمال الرحماني: الساعة الحادية عشرة والنصف، بالنسبة لي أنا على الأقل، وأنا أعتبره ربما أول حالة استشهاد، استشهاد الشاب رؤوف كدوسي.
سقوط شهداء وحملة سلب ونهب لمحال المدينة
أحمد منصور: كيف استشهد رؤوف؟
جمال الرحماني: كما جالسين، لسنا جالسين طبعا، واقفين وأتينا لحماية أحد الشباب الذي تتعرض مصاغته للنهب ويتعرض هو بداخلها للاعتداء، وقد أخبرنا أحد من فوق السطوح أن، يعني إحنا في الشارع هذا، والحادثة في الشارع الآخر.
أحمد منصور: الشاب إيه اللي بيتعرض، محله؟
جمال الرحماني: محله مصاغة، يعني بائع ذهب.
أحمد منصور: محل بيع الذهب يعني.
جمال الرحماني: بيع الذهب.
أحمد منصور: يتعرض للنهب.
جمال الرحماني: يتعرض للنهب، وهو يتعرض للاعتداء.
أحمد منصور: من قبل من؟
جمال الرحماني: قوات وحدات التدخل، طبعا هو كان.
أحمد منصور: يعني قوات الأمن بتسرق الذهب منه؟
جمال الرحماني: أيوة، قوات الأمن، وأنا حاجة أخرى، حتى محلات بيع الفواكه الجافة.
أحمد منصور: آه.
جمال الرحماني: ومحلات الحلويات، كانوا يقتحمونها ويكسروا ويهزوا ويعبوا معناها، بعض المحلات.
أحمد منصور: قوات الأمن.
جمال الرحماني: قوات الأمن، على مرأى ومسمع، يعني وفيه.
أحمد منصور: صورتهم؟
جمال الرحماني: بالنسبة لي أنا صورت الأشياء هذه اللي قاعد يسرق في الفواكه الجافة، مصور عندي الصورة، طبعا وجهه ما كانش ظاهر.
أحمد منصور: لكن يرتدي زي شرطة.
جمال الرحماني: يرتدي زي شرطة، لما أتينا لننقذ هذا الشاب الصايغي نجد أن هناك عون وحدث دخل سيطر على الشارع، متمركز في وسط الشارع، ربما أنت تجازف وتتقدم قد يصيبك، لذلك ارتأينا أن.
أحمد منصور: بسلاحه.
جمال الرحماني: آه سلاحه، طبعا كان واقف هو، ارتأينا أن ننتظر قليلا، في لحظة الانتظار تلك يتقدم خطوات ويجثو على ركبة ونصف، ويجلس على ركبة ونصف، يعني كنت أشاهد هذا الشخص وأذكره، يعني أوصافه أذكرها، كان رجل في قرابة الخمسة وأربعون سنة، ما بين الأربعين وخمسة وأربعين سنة، يعني شنب، فيهم البياض الشنب بتاعينه، يرتدي الزي الأكحل وفوقه فارملة خضراء، جلس على ركبة ونصف، تأخر تقريبا قليلا، ما إن التفت حتى وجدت الشاب رؤوف الكدوسي قد ثنى رجليه هكذا، وطاح، وسقط إلى الخلف، شاهدت المشهد لكن ما تخيلتش إنه هو قد أصيب برصاص ربما قد يقتله، ربما طلق برصاص.
أحمد منصور: مطاطي.
جمال الرحماني: في أقصى الحالات قد يكون رصاص مطاطي، سحبت الكاميرا من جيبي، طبعا لأني كنت حامل حجر، يعني كنت أحمل الحجر وأسعف، وأصور، يعني كنت، سحبت الكاميرا من جيبي، وتراجعت إلى الخلف و.
أحمد منصور: وصورته.
جمال الرحماني: صورت الشاب رؤوف كدوسي بتسجيل فيديو، يعني كيف سقط وأثناء حمله، وعندما تم نزع الثياب ووجدنا رصاصة في القلب.
أحمد منصور: رصاصة حية.
جمال الرحماني: رصاصة حية في القلب، يعني الثياب، اللحم فيه نقطة كحلة وهي رصاص في القلب.
أحمد منصور: يعني مات لفوره.
جمال الرحماني: مات لفوره.
أحمد منصور: وديتوه المستشفى؟
جمال الرحماني: وديناه المستشفى لكن ما كناش نصدق لأنه ما كناش نصدق أن ثمة حالة وفاة ممكن تصير.
أحمد منصور: في نفس الوقت استشهدت منال بوعلاقي.
جمال الرحماني: في الشارع الخلفي بعيدا تقريبا مئتي متر، عن المكان الذي استشهد فيه الشاب رؤوف الكدوسي، لما وصلنا إلى المستشفى نحمل جنازة الشاب رؤوف الكدوسي، علمنا أن هناك فتاة أخرى حضرت في تلك اللحظة، وهي أيضا مصابة بالرصاص، وقد نقلوها إلى صفاقس، طبعا الحالات الخطرة والتي لا يقدر المستشفى المحلي على علاجها ينقلوها إلى مدينة صفاقس.
أحمد منصور: لما وصلتم برؤوف كدوسي إلى المستشفى، ماذا قال لكم الأطباء؟
جمال الرحماني: بقيت خلفا، ما دخلتش إلى الداخل، لكن دخل معه مجموعة من الشباب، حاولوا إسعافه لكن تبين لهم أنه ميت.
أحمد منصور: سقط شهيد آخر أيضا، محمد بن علي جابلي.
جمال الرحماني: هذه أيضا قصة أخرى، يعني تخيل أن الشاب الذي يحمل جنازة.
أحمد منصور: رؤوف كدوسي.
جمال الرحماني: رؤوف كدوسي.
أحمد منصور: يعني رؤوف كدوسي الآن حملتم جنازته لدفنه.
جمال الرحماني: لأ، ليس لدفنه، أنا بقيت في المستشفى، إذ طلب مني أحد الإخوة أن أتابع الأخبار وأحصي الجرحى وأصور هناك، حملوه في مسيرة إلى قوات وحدات التدخل ليبينوا لهم أنكم قمتم بقتله.
أحمد منصور: آه، قتلوا شخص.
جمال الرحماني: قتلتم شخص، يعني كفوا أيديكم، قتلتم شخص، يعني ربما قد تكونوا أخطأتم، أفيقوا وحدثوا على الأقل، ولكن قتلتم فرد، كذلك واتجهوا به إلى المعتمدية بعد ذلك.
أحمد منصور: بجثته يحملونها.
جمال الرحماني: بجثته يحملونها فوق الأعناق، بعد أن قال لهم الأطباء قد فارق الحياة، الشاب محمد جابلي، يعني رغم، قد أمروهم بالتوقف، لم يتوقف طبعا، ناس حاملة جنازة شهيد، وبالرصاص وفي أمام أعينهم كان قبل قليل مثلهم يقذف الحجارة على قوات وحدات التدخل، لا أتصور أنهم سوف يتراجعون به بسهولة، أمام هذا الموقف، قام بعض اللي في الصف الخلفي من قوات وحدات التدخل بإطلاق وابل من الرصاص.
أحمد منصور: وابل.
جمال الرحماني: وابل، أصيب فيه مجموعة، على ما أظن أربعة أو خمسة من الشباب ومن المتظاهرين وقتل الشاب محمد بن علي جابلي، وهو أب لبنت، عمرها ما يقارب الثلاث سنوات، كذلك بالنسبة لمنال بوعلاقي، هي أم لبنت وولد، إياد وشذى، ورؤوف كدوسي كذلك هو أب لبنت، عمرها تسع أشهر عندما توفي.
أحمد منصور: تواكب الشهداء في هذا اليوم.
جمال الرحماني: طبعا.
أحمد منصور: استشهد شهيدان آخران معاذ خليفة ونزار سليمي.
جمال الرحماني: استشهد أيضا شابان آخران، وهذا تقريبا عند المساء.
أحمد منصور: هنا أصلحت المواجهة بالرصاص الحي، والشهداء تباعا.
جمال الرحماني: طبعا، وأيقن الأهالي أن لا رجوع في هذا اليوم، وأيقن الأهالي يعني ولو نستشهد كلنا.
أحمد منصور: الناس هنا تفاعلت بشكل كبير.
جمال الرحماني: بشكل كبير جدا، لا رجعة لأنه لازم يأخذوا الناس هذول ويبيدوا النظام هذا يجب أن يسقط، يوم تسعة Janvier يناير، بالنسبة لأهالي الرقاب، نظام بن علي لم يعد له وجود، الرقاب أصبحت محررة، وسط تلك الدماء تشعر بالحرية، تشعر أنك حر.
أحمد منصور: كيف استشهد معاذ ونزار؟
جمال الرحماني: معاذ ونزار يعني استشهدا في مكان متقدم، الثلاثة الشباب الأوائل استشهدوا في وسط.
أحمد منصور: وسط المدينة.
جمال الرحماني: وسط المدينة، لكن بعد أصبحت المواجهات في الأحياء، وقد استشهد في حي، تقريبا أول حي، قريب من وسط السوق، طلقا بالرصاص، يعني كان هناك على ما أظن.
أحمد منصور: قناصة.
جمال الرحماني: يقال، أنا لم أشاهد، لكن قد شاهد يعني الشباب أن هنالك شخصان أحدهم يتمركز فوق المئذنة للمسجد المركزي والآخر يتمركز فوق العامود بتاع الاتصالات ويُقال أنه ربما هذين اللذين قتلا الشابين.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: الآن في نفس اليوم هذا ثمانية، تسعة، عشرة، كان سقط أكثر من عشرين شهيد في المُدن الأخرى المُجاورة للقصرين وسقط شُهداء كُلها في تالا والآن الرقاب يوم تسعة سقط فيها خمسة شهداء كان هناك أيضاً كثير من الجرحى؟
جمال الرحماني: طبعاً.
أحمد منصور: أحصيت أنت الجرحى؟
جمال الرحماني: أحصيت تقريباً يومها من الساعة الحادية عشر والنصف أو الثانية عشر والنصف تقريباً الثانية عشر وقت تواجدي في المُستشفى حتى الساعة الثالثة والنصف قرابة العشرين جريح وقد أمدني بهم..
أحمد منصور: كلهم بالرصاص.
جمال الرحماني: كلهم بالرصاص إصابات مُختلفة يعني في الساق وفي يعني في أماكن مُختلفة..
أحمد منصور: ما الذي مثله هذا الأمر بالنسبة لأهل الرقاب؟
جمال الرحماني: كما قلت لك يعني هو يوم سقوط بن علي يوم رحيل الديكتاتورية بإذن الله.
أحمد منصور: يوم تسعة.
جمال الرحماني: كان تحديا يوم تسعة..
أحمد منصور: ماذا فعل الناس للرد على هذا الأمر؟
جمال الرحماني: طبعاً..
أحمد منصور: قوات مسلحة بالرصاص تطلق الرصاص على المدنيين استشهد خمسة وأُصيب عشرات آخرين..
جمال الرحماني: هو الحمد لله هو من فضل الله أن قوات الجيش الوطني قد دخلت..
أحمد منصور: يوم الأحد..
جمال الرحماني: يوم الأحد قد دخلت.
أحمد منصور: الآن من الجمعة إلى الأحد ماذا حدث؟
جمال الرحماني: طبعاً كانت من الجمعة إلى الأحد كانت مواجهات لكن يوم الأحد عصراً يعني بعد استشهاد الخمس شباب هدول..
وصول قوات الجيش وخطاب بن علي
أحمد منصور: يوم الأحد يوم تسعة نِزل الجيش..
جمال الرحماني: نِزل الجيش يوم الأحد يوم تسعة نزل يوم مساءاً عصراً يعني قبل المغرب بشوي..
أحمد منصور: كيف كان سلوك الجيش مع الناس؟
جمال الرحماني: الذي يحسب على أهل الرقاب أنهم قاموا بتحييد الجيش بحركة ذكية ويعني في غاية من الروعة..
أحمد منصور: كيف؟
جمال الرحماني: وأنا لا أقول أن الجيش من قرارة في نفسه هو من أراد أن يكون مُحايداً بل أهالي الرقاب هم من أرادوه أن يكون مُحايداً في هذه المواجهة التي كانت تدور بين أهالي تونس كافة وبين يعني نظام بن علي، كيف تمت العملية تسألني؟ النساء والنسوة عندما سمعن أن الجيش قدم من جهة المكناسي من جهة المكناسي تعرضن له في الشوارع واصطففن في شكل صفوف..
أحمد منصور: النساء؟
جمال الرحماني: النساء والشباب الصغار..
أحمد منصور: والمدينة مكلومة خمس شهداء وعشرين جريح..
جمال الرحماني: وفي نفس اللحظة عندما يدخل الجيش ترفع النساء أصواتهن وتزغرد..
أحمد منصور: بشكل تلقائي غير منظم.
جمال الرحماني: أنا بأيدي كنت مُتخيل أن بتصير مقتلة أن بتصير معناها مذبحة أخرى مجزرة أخرى على يد الجيش إنما لا نعلم أن الجيش سيتضامن مع الأهالي ضد النظام..
أحمد منصور: قوات الأمن انسحبت هنا..
جمال الرحماني: لا لم تنسحب.
أحمد منصور: كانت موجودة..
جمال الرحماني: كانت موجودة طبعاً لكن هي في الجهة المُقابلة والجيش دخل من هذه الجهة طبعاً هذه الحركة الذكية من النساء تركت أعوان الجيش وضباط الجيش في حيرة من أمرهم أظن أنا أتخيل هيك أنهم كانوا في حيرة من أمرهم وأنهم يستحيل أن يرفعوا رصاصة واحدة أو يعني أيديهم على أي مواطن من أهل الرقاب كفاية أنهم يزغردن وفرحان بهم لازم يكون متضامن، قصة التداول..
أحمد منصور: نعم؛ ما فحواها؟
جمال الرحماني: أن أحد أعوان ضباط الجيش اتصل بقائده بالهاتف وسمعه مواطن وأعاد هذه القصة يقول له إن لم ترحل إن لم تخرج هذه الشرذمة هذه سأقوم بقتلهم جميعاً..
أحمد منصور: على الأمن؟
جمال الرحماني: على الأمن، إن هذه بالمختصر..
أحمد منصور: في علامات استفهام كثيرة حول تدخل الجيش في ذلك الوقت في بعض المناطق بعض المواجهات التي حدثت والقتلى الذين حدث وقعوا لاسيما في تالا والقصرين والرقاب في تلك المنطقة لأن هنا أكبر تقريباً من شهداء الثورة الذين سقطوا في تلك المنطقة، الآن المدينة مكلومة يوم تسعة بشهدائها ماذا حدث يوم عشرة خرج بن علي وألقى خِطابه كيف تعاملت المدينة مع تطور الأحداث ومع دخول الجيش؟
جمال الرحماني: يعني نحنا لا زِلنا الساعة في يوم تسعة كيف هذه تلك العائلات وتلك البيوت باتت تذرف الدموع وتندب وحالة من السكون والذهول وحالة من البُهتان، بهتة، يعني حالة من الصدمة، كيف سيتم الرد على هذا الاعتداء؟
أحمد منصور: نعم.
جمال الرحماني: بِتنا في تلك الليلة على تلك الحالة يوم الاثنين يوم عشرة يناير Janvier فيه لم نسمع حقيقةً ولم ننتبه إلى خطاب بن علي وأنا اعتبره يعني عُدواناً وهو مثله مثل أي يعني عدو، ما لم يفيدنا بشيء يعني أخذ فلذ أكبادنا ماذا يُفيدنا أن نسمع منه في أي كلام؟
أحمد منصور: نعم.
جمال الرحماني: هل سيُحاسب هو شخصياً على..
أحمد منصور: كيف كانت ردة الفعل يعني؟
جمال الرحماني: في هذا اليوم يعني تقريباً منذ السادسة والنصف صباحاً خرجت إلى السوق تقريباً السادسة والنصف صباحاً وجدت مجموعة من الشباب والشيوخ والرجال الكبار وسط المدينة ووجدت يعني قُرابة الخمسين محل مُهشمة يعني مُجتاحة..
أحمد منصور: من الأمن؟
جمال الرحماني: من الأمن وآثار للأحذية بتاع قوات وحدة التدخل أمام عتبات المحلات وعلى الأبواب يعني وسرقوا منها ونهبوا إيش يعني..
أحمد منصور: قوات الأمن نهبت..
جمال الرحماني: قوات الأمن نهبوا حتى الأحذية، حتى الأحذية حتى الشلائك يعني يعني حتى الشلائك كل شيء..
أحمد منصور: الشلائك يعني الأحذية الخفيفة..
جمال الرحماني: يعني الأحذية الخفيفة يعطيك الصحة بتاع الفواكه الجافة الحلوى حتى الحلوى بتاع الأولاد الصغار نهبوها، يعني حادثة أخرى بصراحة أكثر لا يُمكن ربما أكثر ما آلمني وأكثر ما يعني حاجة خلتني نعرف حقيقة، لا أقول قوات وحدات التدخل يعني بصراحة ربما قد يفعلها شخص أنا أظن أنه مجنون تخيل أن يقوم بخلع باب الجامع المركزي لأنه كان تحت سيطرتهم في تلك الليلة طبعاً في ذلك المكان في مكان المواجهات لم يبت غيرهم في ذلك المكان وحدهم من..
أحمد منصور: الجيش كان فين؟
جمال الرحماني: الجيش، الجيش يعني..
أحمد منصور: لم يلتحم بهم..
جمال الرحماني: لا لم يلتحم بهم..
أحمد منصور: بقي بعيداً.
جمال الرحماني: نظراً بالتراجع فقط بقوا مُحافظون على الأماكن تمركزهم بتاعهم فصل بينهم..
أحمد منصور: يعني لم يحدث احتكاك..
جمال الرحماني: لا لم يحدث احتكاك فقط الأهالي تراجعوا وذهبوا لدفن..
أحمد منصور: خلعوا باب المسجد تقول..
جمال الرحماني: خلع باب المسجد وقام بالتغوط في باحة المسجد وهذه القصة رواها لي إمام الخُمس يعني سمعاً..
أحمد منصور: إمام المسجد.
جمال الرحماني: إمام المسجد نفسه رواها لي أنا شخصياً قال لي..
أحمد منصور: ما اسمه؟
جمال الرحماني: اسمه عبد الرزاق، عبد الرزاق، نقبه لا اعرف يعني قال لي إحنا نحل الصباح في الجامع مش نصلي العباد، الباب وجدته مخلوع ومردود ويوجد آثار آدمي يعني هذه يعني حاجات وحشية طبعاً آثار الأحذية للآن موجودة يعني اليوم قُرب سنة آثار الأحذية اللي الآن موجودة على الأبواب..
أحمد منصور: إحدى عشر، اثنا عشر، ثلاثة عشر، أربع عشر إلى أن أعلن عن فرار بن علي كيف كان الوضع في الرقاب في هذه الأيام؟
جمال الرحماني: سأقول لك بعض القصص الأخرى قد تُفيد، يعني تخيل أنهم خلال الأيام التي كانوا يتمركزون فيها في الرقاب يأكلون عند المطاعم ولا يدفعون ثمن مُقابل يحلقون ذقونهم ورؤوسهم ولا يدفعون المُقابل..
أحمد منصور: هذا كان يفعلون في كل مكان يعني.
جمال الرحماني: يعني هذا ما ساهم فيه التألب، تأليب الأهالي عليهم، يوم الاثنين صبحيه يوم الاثنين يعني أول اجتماع اجتماعين..
أحمد منصور: عشرة يناير.
جمال الرحماني: عشرة يناير أول اجتماعان أقوم بهم بعد ما شاهت تلك الأحداث وبعد ما شاهدته في المُستشفى يوم الأمس.
أحمد منصور: شهداء وجرحى..
جمال الرحماني: وقد ذكرت أسماء الشهداء في اجتماع عام وهو الأول لي منذ سنواتٍ الجامعة لأن في الجامعة كان شوي نفس يعني حرية لازم الواحد يتكلم لكن من وقتها بالنسبة لنا حاجز بن علي تكسر، النظام كله يمشي، وقد ذكرنا أسماء الشُهداء وذكرناهم بالتكبير وحاولنا دفنهم في مقبرة الشُهداء..
أحمد منصور: يعني لم يُدفنوا حتى يوم عشرة
جمال الرحماني: لم يُدفنوا دُفنوا يوم عشرة منتصف النهار وبعد..
أحمد منصور: في جنازة جماعية.
جمال الرحماني: لأ كُنا نُريد أن ندفنهم في جنازةٍ جماعية وذلك في مقبرة الشهداء نحن هُنا يعني شهداء الاستعمار الذين قتلتهم فرنسا يُقام لهم يعني أماكن مُخصصة..
أحمد منصور: مقبرة خاصة..
جمال الرحماني: مقبرة خاصة فأردنا أن ندفنهم في ذلك المكان تركونا حتى أتممنا تقريباً الحفر ثم خرجت فرقة طبعاً هُم يعني الصباح عند الصباح دخلوا إلى مراكز الأمن قوات وحدات التدخل والجيش أصبح يحرس الأماكن يعني الحساسة الحكومة يعني البنك أو مراكز الحرس ومركز الشرطة والمعتمدية والقباطة مال يعني هم تنازلوا ولا تنازلوا عن حراسة هذه الـ..
أحمد منصور: وأصبح الجيش يقف هو..
جمال الرحماني: طبعاً وهم في خلفهم يعني من خلفهم يعني ما نشوف همش لأن كان مطلب الأهالي أن يخرجوا زي اللي قالوا وقتها ما هموش بشغلهم لكن هنا ما يخرجش أصلاً من المكان هذا.
أحمد منصور: نعم.
جمال الرحماني: لما شارفنا على الانتهاء من حفر القبور خرجت قوة من الدراجات وهذه القوة كانت أكثر شيء يُرعب الشباب لأنها كانت خفيفة جداً الدراجات النارية التي يمتطوها وقامت أيضا بإطلاق وابل آخر من الرصاص ومن الغازات المُسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين..
أحمد منصور: في المقبرة!
جمال الرحماني: في المقبرة وعلى المُعتصمين في ساحة الشُهداء..
أحمد منصور: من المُركبات السريعة؟
جمال الرحماني: المركبات السريعة دي يعني كان أحد يعني يقود والآخر خلفه..
أحمد منصور: يضرب..
جمال الرحماني: يضرب وأدى إلى حالة اختناق لامرأة مُسنة اتصلت بها بالمستشفى قالت أنا عندي خمس عمليات يعني وصلت لحالة الاختناق واسمها مبروكة على ما أظن، طبعاً لم نستطيع دفنهم فكل معناها يعني الزبيدية دفنوا ولدهم..
أحمد منصور: آه كُل عائلة دفنت ابنها.
جمال الرحماني: كل عائلة دفنت ابنها.
أحمد منصور: ولم تقم جنازة جماعية.
جمال الرحماني: لم تقم جنازة جماعية طبعاً في مقبرة..
أحمد منصور: العائلة.
جمال الرحماني: العائلة، العادي..
أحمد منصور: الأمر فضل هادئ إلى يوم 14.
جمال الرحماني: هادئ طبعاً لأن ما كنتش القوات ما عادتش خشت..
أحمد منصور: خلاص أصبح الجيش هو اللي في الصورة أمام الناس..
جمال الرحماني: وفي نفس الوقت لم يفتح أحد محله، وأدخلت الرقاب يومها يومها عشرة يناير Janvier في أول عصيان مدني شامل يعني لا شيء يُباع ولا يُشترى ولا يُفتح محل ولا هُم يخرجوا للعمل ولا أي شيء الناس تأتي لتتجمع في الساحة وتداول الأمر وتبحث في كيفية إخراج قوات وحدة التدخل من دون التصادم مع الجيش..
أحمد منصور: كان في هُتافات..
جمال الرحماني: طبعاً كان في هُتافات..
أحمد منصور: ضد بن علي وصلت.
جمال الرحماني: بن علي، بالنسبة لِبن علي، يسقط يسقط حزب الدستور، يسقط جلاد الشعب، بن علي جلاد الشعب التونسي لا يُهان، تونس حُرة حُرة وبن علي على برا، الرقاب حرة حرة وبن علي على برا، معناها شعارات مُختلفة معناها طبعاً لم تعد قضية اجتماعية وأصبحت قضية حرية بامتياز..
أحمد منصور: كيف تلقيتم أحداث يوم الجمعة لاسيما وأن تونس أعلنت الإضراب العام والمحامون بدؤوا يتحركوا وبدأت وصلت المُظاهرات إلى تونس العاصمة؟
جمال الرحماني: بالنسبة للرقاب كان يعني كُنا نشعر أن الرقاب حررت، تحررت وكُنا ننتظر من بقية ولايات الجمهورية أن تتحرر، كنا نشعر بالعزة أصلا، وكنا نوجه الرسائل ونتصل بهم أن الرقاب تحررت فتحرروا يعني ليس غريباً أن تحدث معنا مواجهات عنيفة في القصرين وتالا وربما في تونس كذلك في حي التضامن يعني مدخل لسقوط بن علي هو حي التضامن..
أحمد منصور: كيف وصلكم خبر سقوط أو هروب بن علي؟
جمال الرحماني: أذكر ليلتها يعني حالة كبيرة، أذكر قصة أخرى الساعة يوم 19 يناير في خطاب بن علي..
أحمد منصور: خطابه الأخير..
جمال الرحماني: خطابه الأخير يعني ذلك الخطاب قام بالتأثير بعدد من الناس وخاصةً من الرجال الرجل الصالح الرجل يعني تاب الرجل سيصبح أفضل حاكم عربي وكُنا مجموعة من الشباب ومجموعة من المثقفين يعني ما عدناش مصدقين لكن تم حدث رأي عام قربنا قالوا الرئيس تاب تجمعنا قُرابة الخمسين أو الستين شاب ليلتها وطلبت من أحد الأخوة أن يُحضر لي قارورة ايسانس..
أحمد منصور: إيه الإيسانس؟
جمال الرحماني: الإيسانس هو البنزين، البنزين..
أحمد منصور: آه نعم.
جمال الرحماني: البنزين لأحرق به مركز دار التجمع يعني ليش لأنه..
أحمد منصور: مقر الحزب..
جمال الرحماني: مقر الحزب.
أحمد منصور: لأنه لا بد أن تجد وسائل الإعلام ما تتحدث عنه لأن أهالي القبير يرفضون خطاب بن علي ولا يتماشون معناها ولا يتجاوبون معه وإنه ربما كغيره خاصةً أنه خرجوا مسيرة في سيدي بوزيد مساندة للرئيس وتأييد له وكذا وخرجت مسيرة على ما أظن في المهدية وقتها، يعني خِفنا وترجع علينا إحنا لأن أصلاً لو كان يرجع بن علي يقضي علينا أصلا ما عدش في يدنا، فقلنا نود أن نفعل المُستحيل وأذكر ليليتها إني اتصلت بالأخ لطفي حجي قبل نشرة التاسعة وأخبرته يا لُطفي والله خرجت مسيرة فليعذرني خرجت مسيرة ضخمة في الرقاب ترفض خطاب بن علي ويعني كُنت وحضرها بعض الأخوة لي نحن نريد نعمل حاجة وينها وسائل الإعلام؟ هذه القصة، طبعاً استمر العصيان المدني ومن فضل الله أن أهلينا في المزيونة وأهلينا في السعيدة وأهلينا في سيدي بوزيد فكانوا يرسلوا لنا الخُبز والخضار والحليب ولا إله إلا الله محمدٌ رسول الله والغاز غاز الأكل يعني..
أحمد منصور: أنا كنت هأقولك كيف عاش الناس الأيام اللي كان فيها إضراب واللي كان فيها عصيان مدني؟
جمال الرحماني: كان كُل شيء يوزع مجاناً وكانت تُجمعُ الأموال والتبرعات يعني الكُل يجمع والكل يتبرع والكل يُعطي من عنده يعني حالة وحالة من الأمن لم نشهدها من قبل أنا شخصياً مواليد عام 1982 لم أشهد هذه الحالة من الأمن والاستقرار والراحة النفسية رغم أنه لا بوليس لا يعني والبلاد معناها يعني الدكاكين كُلها أبوابها مفتوحة لم يتجرأ أحد على سرقتها ومُلامستها تخيل..
فرار بن علي ونظرة مستقبلية لتونس بعد الثورة
أحمد منصور: سقوط بن علي كيف تقبلتموه، كيف مرت الليلة في الرقاب؟
جمال الرحماني: طبعاً ليلة من الزغاريد والفرح والسيارات تُسرع يعني جو احتفالي رُبما لم تحتفل الرقاب بيوم مثله في حياتها على ما أظن..
أحمد منصور: الآن بعد..
جمال الرحماني: تلك الليلة خاصة.
أحمد منصور: بعد يعني سقوط نظام بن علي تمت انتخابات جديدة تم انتخاب حكومة جديدة ومجلس نواب جديد كيف، أنتم أملكم إيه؟ كسُكان الرقاب وأمل التوانسة من المُستقبل..
جمال الرحماني: الثورة هي ثورة حُرية وكرامة وهذا لا نختلف فيه وبن علي قد ظلم وطغى وتجبر وهذا والحمد لله الذي أراحنا منه ومن حكومته ومن جماعته لكن لا يجب أن ننسى أن سيدي بوزيد هي منطقة يعني تُعتبر مُهمشة وأصحاب الشهائد فيها مُعطلون، المُعطلون عن العمل يعني يملئون المقاهي، عددهم كبير هُنالك أراضي يعني مرهونة لدى البنوك يعني هُنالك حالة إدارات معناها كل شيء حال..
أحمد منصور: هذا حال أعداد كبيرة من التوانسة يعني لكن هل لديكم أمل في المُستقبل بعد التغير الذي حدث؟
جمال الرحماني: أملي بإذن الله إن شاء الله أهلينا في تونس اختاروا، ناس صادقين بإذن الله نحسبهم كذلك وهو اختيار الشعب التونسي وإن شاء الله يكونوا في المستوى ويلبوا طموحات الشعب التونسي كُله في الحرية وفي الكرامة وفي العيش الكريم وكذلك هنالك معناها نصب يعني شعبي وهو اعتماد سبعة عشر ديسمبر يوم وطني لاندلاع الثورة في تونس
أحمد منصور: المُهندس جمال الرحماني شكراً جزيلاً لك على ما أدليت به حول أحداث مدينة الرقاب في الدولة التونسية، كما أشكركم مُشاهدينا الكرام على حُسن مُتابعتكم حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهد جديد على الثورة، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.