صورة عامة - شاهد على الثورة - المحامي / خالد عوينية - ناشط من مدينة سيدي بو زيد - 20/05/2012
شاهد على العصر

خالد عوينية.. شاهد على الثورة التونسية ج1

نستمع إلى شهادة المحامي خالد عوينية حول أحداث الثورة التونسية، وتحديداً مدينة سيدي بوزيد التي شهدت الانطلاقة أو الشرارة الأولى للثورة التونسية، بعدما قام محمد البوعزيزي بحرق نفسه في 17 من ديسمبر/كانون الأول عام 2010.

– سيدي بوزيد.. بطالة وفقر وتهميش
– بداية انطلاق شرارة الثورة التونسية
– مواجهات عنيفة بين الأمن وشباب الثورة
– إعلام التواصل الاجتماعي ودوره في الثورة
– الثوار وتبادل الأدوار بين الليل والنهار

‪شاهد على الثورة‬ شاهد على الثورة
‪شاهد على الثورة‬ شاهد على الثورة
‪خالد عوينية‬ خالد عوينية
‪خالد عوينية‬ خالد عوينية

أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقةٍ جديدةٍ مع شاهدٍ جديدٍ على الثورة حيث نستمع إلى شاهدنا المحامي خالد عوينية حول أحداث الثورة التونسية وتحديداً مدينة سيدي بوزيد التي شهدت الانطلاقة أو الشرارة الأولى للثورة التونسية بعدما قام محمد البوعزيزي بحرق نفسه في 17 من ديسمبر من العام 2010 أستاذ خالد مرحباً بك.

خالد عوينية: أهلاً وسهلاً.

أحمد منصور: ممكن بداية تعرفنا بمدينة سيدي بوزيد؟

خالد عوينية: مدينة سيدي بوزيد هي محافظة تقع في مناطق الداخل للجمهورية التونسية، وهي تنتمي إلى أطلس وحوض الفقر الذي ترتبط به ولاية القصرين وقفصة ويصل إلى حدود جندوبة وسليانة لأنه المعلومة أنه منذ، بين معقبتين، استقلال البلاد يعني وقع تقسيم البلاد إلى منطقتين، منطقة ساحلية محظوظة وهناك اهتمام بها  ومنطقة أخرى يعني التي متواجدة على حدود الجزائر، تبدأ من الجندوبة، الكاف، القصرين، سيدي بوزيد، وقفصة، لذلك سيدي بوزيد هي تنتمي إلى منطقة أطلس الفقر كما يحلو ربما لبعض المناضلين في الجهة تسميتها.

سيدي بوزيد.. بطالة وفقر وتهميش

أحمد منصور: هل عملية التهميش هذه كانت مقصودة، أنت قلت أن تم تعمد هذا بعد الاستقلال؟

خالد عوينية: هي عملية التهميش في الحقيقة لم تبدأ من الآن، هي العملية ابتدأت في هذه المنطقة منذ الاستعمار التركي، فثورة علي بن غذاهم سنة 1864 التي أدت إلى إيقاف العمل بدستور1861 وهو تقريباً أول دستور في المنطقة العربية، جاء على ضوء أن البيات قد همشوا هذه المناطق فها هي تالا بلدة على بن غذاهم والمناطق المحيطة بها كسيدي بوزيد، لأن سيدي بوزيد هي تسمية إدارية، يعودون من جديد بعد حوالي قرنين ويحتجون من أجل نفس الأسباب، لذلك فالتهميش والمعاقبة ليست جديدة على المنطقة، أكثر من هذا يعني ربما محاولات رد الاعتبار لهذه المنطقة أخذت أشكالاً متعددة، ففي خمسينات القرن الماضي كانت أولى الرصاصات ضد المستعمر الفرنسي كانت من تلك المناطق من سيدي بوزيد تحديداً من جبال تدعى جبال القباة وجبال القرط حديد وأيضاً أولى محاولات العمل النقابي بصفة عامة كانت في هذا أطلس الفقر في منطق الرديف، إذا ليس غريباً أن تعيد منطقة الرديف ويعيد ذلك الأطلس أو هذا المارد يعيد التحرك من جديد، ربما وقعت مجموعة من المحاولات.

أحمد منصور: هل قبل أن يقوم البوعزيزي بحرق نفسه في 17 من ديسمبر، كان في إرهاصات أو مقدمات لهذه الثورة أم أن هذا الحادث هو الذي أجج الوضع بالنسبة لسيدي بوزيد؟

خالد عوينية: كانت فعلاً مجموعة من المؤشرات على المدى القريب، يعني لأشهر شهدنا مجموعة من الحركات الاحتجاجية في معتمدية الرقاب بمناسبة أحكام قضائية جائرة بموجبها تم..

أحمد منصور: بحق من الأحكام؟

خالد عوينية: صدرت لفائدة متنفذين، لفائدة مجموعة تحاول أن تفتك هذه الأراضي بطرق ملتوية، ووقع استعمال القضاء لهذه الطريقة، فوقعت حركة احتجاجية  في معتمدية الرقاب، ووقعت حركة احتجاجية أمام الولاية على بعد أمتار أين حرق البوعزيزي نفسه، لا ننسى أيضاً أنه في معتمدية أخرى تتبع ولاية سيدي بوزيد معتمدتين منزل بوزيان والمكناسي، احتج الأهالي ونصبوا الخيام على قارعة الطريق من أجل إصلاح الأوضاع العقارية، تصور منطقة قدمت أكثر من نصف شهداء الحركة الوطنية ولا زال سكانها إلى الآن يعيشون على أراضي لا يملكون أي سندات لها، إرهاص آخر أو مؤشر آخر كان يدل على أنه ثمة تسونامي قادم، ثمة شيء ما قادم، كان ذلك في أوت بمناسبة مهرجان صيفي في معتمدية بن عون حصلت مواجهات بين الأهالي وأعوان الحرس الوطني، أدى إلى عملية إحراق سيارة رئيس الفرقة وتم يعني تمت المواجهات بالحجارة وبالقنابل المسيلة للدموع، يعني كان الوضع ينبئ بأن ثمة شيء قادم، قبل أن يستشهد البوعزيزي، هناك حادثتان مرتا بمدينة سيدي بوزيد.

أحمد منصور: ما هما؟

خالد عوينية: حالة انتحار في حي أولاد بوالهادي وحالة انتحار أخرى في حي الفلاحة، ولكن ربما في تقديري وملفات هاتين الحالتين موجودة لحد الآن في المحكمة، ربما للأسباب الجغرافية، المكان في أحياء معزولة وبعيدة عن وسط المدينة، وأيضاَ أن هاتين الحالتين جاءتا ليلاً، لذلك لم تنجح هاتين الحالتين قبل محمد البوعزيزي رحمه الله، الذي استغل الزمان المناسب والمكان المناسب ربما ليقع إيصال هذه الرسالة.

أحمد منصور: أنا قمت بجولة في هذه المناطق، حينما ذهبت إلى سيدي بوزيد ووجدت أعداد هائلة من الناس تجلس على المقاهي، حتى أن وقفت فترة حتى جاءوا لي بكرسي، لأنه ما فيش كراسي، المقاهي كلها Full، وأخبروني أن السبب هو البطالة، ليس أن الناس معاها، يعني عندها أموال، لكن السبب هو أن الناس لديها بطالة وبالتالي المقاهي هي الملجأ للناس، الفقر والتهميش والبطالة وهذه الأشياء عوامل هل لعبت دوراً في أنك أيضاً كنت محامياً لبعض المجموعات الإسلامية التي ظهرت في تلك المناطق، هل لعبت دوراً أيضا في أن يبحث الناس عن ملجأ لمواجهة الحكومات في التطرف الإسلامي كما يقال؟

خالد عوينية: هي بين المقهى والمقهى مقهى، السلطة المركزية في العاصمة لم تلتفت أصلاً إلى هذه المناطق كان بإمكانها أن تتعامل بشكل جدي، كانت بإمكان الدولة أن تكون هي المشرفة على التشغيل، الدولة لأسباب مختلفة غضت الطرف عن هذه المناطق، وكان من النتائج حينما لم يقع التركيز على المصانع ولم يقع التركيز على مشاريع لها طاقة تشغيلية كبرى حقيقية، يعني وقامت بربما الدعوة إلى المستثمرين الخواص للتواجد داخل هذه المناطق، بطبيعة الحال عندما يأتي مستثمر خاص إلى هذه المناطق يجد أن البنية التحتية من طرقات وكهرباء وماء غير متوفرة الأكيد والثابت أنه لن ينتصب مستثمراً بتلك المناطق، الذي حصل هو أنه  شهدت المنطقة موجة خاصة للشباب من ردود الأفعال، في البداية ركبوا قوارب الموت إلى إيطاليا..

أحمد منصور: نعم.

خالد عوينية: ثم جاءت موجة ثانية من الحلول الأخرى، التوجه إلى ليبيا، ثم لم يبق أمام يعني الشباب ويضاف إليهم يومياً خاصة المعطلين عن العمل أصحاب الشهادات العليا، لم يبق لبعض الشباب أية لغة إلا لغة الانتحار ربما وهي لغة جديدة ساعدت ربما..

أحمد منصور: هذا السؤال مهم هل كان شائعاً إقدام الناس على الانتحار؟

خالد عوينية: لأكثر من سبب ربما لسبب الفقر.

أحمد منصور: هل كان شائعاًَ، هل منتشر إقبال الناس على الانتحار؟

خالد عوينية: ليس لذلك الحد، ولكن ربما لأنه حتى عندما توصد السلطة أبواب التحاور والتعاطي مع هؤلاء بطبيعة الحال يكون الملجأ الأخير هو سكب البنزين على الجسد.

بداية انطلاق شرارة الثورة التونسية

أحمد منصور: ما الذي جعل حادثة البوعزيزي تحديداً، يعني تشعل الفتيل الذي أدى إلى هذه الثورة التي أطاحت بهذا النظام؟

خالد عوينية: هو بداية كان المناخ العام مغير، الشهيد البوعزيزي كان بمثابة عود الثقاب الذي ألهب به نفسه وألهب ربما نظاماً بأكمله وأنظمة استبدادية بأكملها، كان هناك مناخ جاهز لنجاح الثورة في تونس، لا يجب أن ننكر أنه وقع استغلال هذه الحادثة وقع التقاطها من قبل مناضلين ونقابيين وحقوقيين في الجهة، بداية عندما ألهب البوعزيزي جسده تواجد حول أو في المكان ذلك أمام الولاية الذي شاهده العالم مجموعة من الناشطين، في البداية قمنا وكان هذا يوم 17 ديسمبر.

أحمد منصور: خليني الأول أجي لك، أنت متى علمت بالخبر؟  

خالد عوينية: حوالي..

أحمد منصور: في أي وقت؟

خالد عوينية: حوالي منتصف النهار..

أحمد منصور: بعد مدة كام من حرق البوعزيزي لنفسه؟  

خالد عوينية: بعد حوالي نصف ساعة..

أحمد منصور: مكتبك يبعد كثيراً عن؟

خالد عوينية: لا تبعد كثيراً،  الولاية لا تبعد كثيرا، في وسط البلدة..

أحمد منصور: ذهبت إلى المكان ماذا وجدت؟  

خالد عوينية: وجدت الناس جماعات وفرادى ومجموعات صغير، مجموعات صغيرة، كانت البداية كنا نتابع الأخبار أنه وقع نقل الشهيد البوعزيزي في سيارة حماية مدنية إلى المستشفى اللي بجوار سيدي بوزيد، وتوجه معه مجموعة من النقابيين ومجموعة من الحقوقيين وبقينا مجموعة أمام الولاية، بدأت الأعداد تتزايد شيئاً فشيئاَ، بدأ الناشطون يتوافدون وكانت هناك حالة من الغضب خاصة من الأهالي.

أحمد منصور: وماذا كان يدور في أذهان الناس وحديثهم؟

خالد عوينية: الأسباب، يعني لماذا أحرق جسده؟ من المسؤول؟ يعني كانت هذه، كنا حاولنا في البداية الترديد، كان صعد أحد الشبان على عربة البوعزيزي وقام برمي الولاية، مقر الولاية بالبرتقال الذي تبقى في عربة البوعزيزي.

أحمد منصور: شاهدت هذا المنظر أنت..

خالد عوينية: شاهدته.

أحمد منصور: كانت لازالت بقايا السيارة موجودة؟  

خالد عوينية: كانت موجودة وتواجدنا قلت وحاولنا التأطير في البداية، كان هناك صياح كان أهالي خالة محمد البوعزيزي وأمه كانوا يصرخون ويبكون فرددنا معاهم شعار "بالروح بالدم نفديك يا محمد"، أتذكر هذا جيداً، كمحاولة لتنظيم هذه التجمعات البشرية المتفرقة، ثم رددنا النشيد الرسمي التونسي، هذا كان في البداية، وأتذكر أنه أحد النقابيين تواجدا ورفع الشعار حرفياً "لا خوف بعد اليوم انزعوا عنكم جبة الخوف"، يعني لم يبق أمام أمامنا شيء وأمام هذه المنطقة شيء سوى التصريح والحديث بصوت عالي أمام الولاية وأمام الوالي وأمام أعوان قوات الأمن للتعبير على طبيعة مشكلة الجهاز.

أحمد منصور: ما الذي جعل الخوف يموت في لحظة في نفوس الناس ويصرخ أحدكم ليقول "لا خوف بعد اليوم"، وأنتم جمهورية الخوف؟

خالد عوينية: هو، هو يعني بلغ القيح إلى الحنجرة، الهم وصل إلى السقف، لم يعد هناك مجال، في اليوم الموالي أتذكر..

أحمد منصور: لسه اليوم الأول، أنا لسه في يوم 18 لأنه..

خالد عوينية: 17.

أحمد منصور: 17 عفواً، في يوم 17 بقيت الأمور في تدافع أمام الولاية..

خالد عوينية: وهو كذلك.

أحمد منصور: في هذا اليوم الناس بدؤوا يتوافدوا، يتوافدوا إلى المكان.  

خالد عوينية: إلى المكان.

أحمد منصور: وبدأت بعض الهتافات، تذكر بعض الهتافات في يوم 17 تحديداً؟

خالد عوينية: أتذكر جيداً، كان هناك شعار "بالروح بالدم نفديك يا محمد"، وأذكر جيداً النشيد الرسمي، كانت هذه هي الشعارات العامة التي التقت حولها تقريباً أغلب المحتجين، وكان في كل مرة تأتي مجموعة ويعني تصل وتتجمع أمام الولاية فكبر العدد.

أحمد منصور: كانت الناس تأتي وتقف لا ينصرفوا؟  

خالد عوينية: كانت تأتي وتقف وكنا معتصمين، يعني كنا أمام الولاية في تلك الصورة التي شوهدت أمام وسائل الإعلام، اعتصمنا قلنا سوف نعتصم هنا أمام الولاية.

أحمد منصور: مطالبكم إيه كانت؟

خالد عوينية: مطالبنا كانت فتح بحث تحقيق جدي حول أسباب الوفاة ومن المسؤول؟

أحمد منصور: الآن البوعزيزي لم يتوف وإنما نقل إلى المستشفى ومازال على قيد الحياة؟  

خالد عوينية: ويعني في تلك الفترة أتذكر جيداً بعد مرور حوالي ساعةً أو ساعتين جاءنا خبران ونحن معتصمون أمام الولاية، جاء الخبر الأول وقيل إن محمد البوعزيزي متوفي، ومتوفي لا محالة وسيقع نقله إلى مدينة صفاقص، والتي تبعد حوالي 120 كيلو، ثم جاءنا خبر..

أحمد منصور: صفاقص 120 كيلو وتونس 265 كيلو؟

خالد عوينية: وتونس 265 كيلو بالضبط، ثم جاءنا خبر أخر أنه مازال ينبض ومازال هناك فيه بقية حياة وكنا نطالب الوالي بالخروج وأتذكر جيداً أنه الوالي رفض الحديث مع المعتصمين وكانت المنطقة محاطة بعدد كبير من أعوان قوات الأمن الذين كانوا متواجدين داخل صور الولاية بزيهم النظامي، طبعاً أنت.. 

أحمد منصور: هل حدثت أي اشتباكات في هذا اليوم؟

خالد عوينية: في البداية اشتباكات أمام الباب فقط، محاولة منع الشبان، هناك شبان حاولوا اقتحام الولاية.

أحمد منصور: نوعيات الناس المتجمعة إيه أمام الولاية؟ أنتم نقابيون، أنت محامي؟

خالد عوينية: النقابيون، المحامون، يعني نشطاء المجتمع المدني وخاصة الشباب، كان الشباب لمحمد البوعزيزي يعني أصدقاء وخلان، وكان محبوباً بين الناس فتوافدا أهاليه وخاصة الشباب، يعني الذي اعتبر أن محمد البوعزيزي قد عبر ربما بصدق على حالتهم وخاصة أنهم يعيشون نفس الوضع البطالة والفقر والتهميش.

أحمد منصور: اليوم الأول ما الذي انتهى إليه الناس؟ يوم 17 الآن الناس اجتمعوا، هتفوا، طلبوا من الوالي أن يخرج لم يخرج، كانوا من شتى تركيبة المجتمع إلى أي شيء انتهى اليوم؟

خالد عوينية: انتهى الأمر إلى التفرق..

أحمد منصور: في أي ساعة تقريباً؟

خالد عوينية: حوالي أعتقد حوالي الساعة السادسة مساءاً بدأ الظلام يعني يحل وتفرق الناس في اليوم الموالي..

أحمد منصور: اللي هو يوم السبت 18 ديسمبر.

خالد عوينية: السبت 18 ديسمبر، في اليوم الموالي يعني صباحاً توجهت إلى المكتب تناهى إلى مسامعي أنه وقع تشكيل لجنة بين الوالي وأحد رموز النظام للتعاطي وربما للحديث على مشكلة الجهة، بطبيعة الحال توجهت هناك وكنا في حالة غيظ أن هذه اللجنة وكما جاء ذلك ربما في فيديو منشور على الفيسبوك أن هذه اللجنة خطبت في الناس بدايةً وقمت بمثابة الاجتماع العام أمام الولاية، أمام حشد كبير وتدخلت تدخل مطول..

أحمد منصور: ماذا قلت لهم؟

خالد عوينية: قلت أن هذه اللجنة هدفها هو امتصاص غضب الناس، هذه اللجنة لا تلزم الناس في شيء وكان على السلطة أن تتولى تشريك مكونات المجتمع المدني في سيدي بوزيد ثم..

أحمد منصور: معنى ذلك أن الخبر وصل إلى تونس العاصمة.

خالد عوينية: محمد البوعزيزي..

أحمد منصور: لأ الخبر وصل إلى تونس العاصمة وهم أرسلوا أحد من المسؤولين ليتفاوض معكم من اللجنة أم شكلت محلياً؟

خالد عوينية: لا محلياً، بين والي سيدي بوزيد وبين، وبين الشخص التجمعي..

أحمد منصور: في الحزب..

خالد عوينية: شخص في الحزب يعني الذين حاولوا سمعنا هذا الخبر توجهنا وقلنا أن هذه اللجنة لا تلزمنا في شيء وهذه اللجنة يعني هدفها امتصاص غضب الناس ثم تحدثت بتدخل مطول تحدثت على أن سيدي بوزيد تعيش الهم، الرشوة منتشرة في المستشفى الرشوة منتشرة في إدارة الفلاحة الرشوة منتشرة في المحكمة والرشوة أيضاً منتشرة في الولاية نفسها التي أحرق أمامها البوعزيزي نفسه..

أحمد منصور: يعني الآن القصة خرجت في اليوم التالي مباشرةً من قصة أن البوعزيزي أحرق نفسه إلى الأزمة الكبرى في الدولة؟

خالد عوينية: وهو كذلك، الفساد، انتشار الفساد والرشوة وربما حالة عدم أو التوزيع غير العادل للثروة في البلاد تحدثت هذا بشكل مطول و..

أحمد منصور: تحولت القضية إلى قضية اجتماعية شاملة.

خالد عوينية: تحولت إلى قضية جماعية وتحولت إلى يعني من مجرد حالة فردية إلى حالة بها سلطنا الضوء على ربما ما يجري في سيدي بوزيد وفي البلاد عموماً.

أحمد منصور: الساحة هذه لا يوجد فيها مقر الولاية فقط وإنما يوجد فيها مقر المحكمة ومقر البلدية والأمن والحزب الحاكم  والبنوك والحرس الوطني..

خالد عوينية: غير بعيدة على بعض.

أحمد منصور: كل ده قريب من بعضه..

خالد عوينية: قريب من بعضه.

أحمد منصور: هذا العدد الهائل حينما تجمع الناس، الناس عادة في أول يوم لأي حادث يكونون متجمعين ثاني يوم يقل العدد، في اليوم التالي كان العدد مقارنة باليوم الأول…

خالد عوينية: كان العدد أضعاف مضاعفة للتجمع الموجود في اليوم الأول وربما كان لتدخلي بحكم مهنتي في المحاماة وربما في الخطابة ولاستغلال هذا الحدث أيما استغلال من أجل ضرب، ضرب استبداد وفضح النظام وفضح الرشوة التي كانت منتشرة تقريباً في مفاصل الدولة وفي مفاصل الإدارة هذا التدخل عندما شاهد، ونحن منطقة صغيرة ولاية ريفية وهذا الشخص المحامي تدخل هو ربما الذي.. 

أحمد منصور: ألهب الناس..

خالد عوينية: هو الذي حمس الناس وهو الذي شجعهم، نحن بمثابة التدخل نتفاجئ باستعمال العنف من قبل الأمن..

أحمد منصور: مباشرةً..

خالد عوينية: مباشرةً لم..

أحمد منصور: ماذا فعل الأمن؟

خالد عوينية: تدخل بالهراوات وبالعصي وتدخل بالقنابل المسيلة للدموع وقام بتفريق تلك، ذلك التجمع..

أحمد منصور: تتوقع العدد كان كم؟

خالد عوينية: أتوقع أنه كان يعني أكثر من 500.

 [ فاصل إعلاني]

مواجهات عنيفة بين الأمن وشباب الثورة

أحمد منصور: وكالة رويترز نشرت في ذلك اليوم أن مواجهات عنيفة وقعت انتهت باعتقال العشرات تكسير واجهات المحال تهشيم السيارات ما حقيقة ما وقع؟

خالد عوينية: بدايةً كانت المواجهات متقطعة أتحدث الآن نحن حوالي الساعة الواحدة كانت مواجهات متقطعة ردود فعل شباب يعني أحس بالغضب وبدأت المواجهات متقطعة على امتداد الشارع الرئيسي للمدينة وحاول بطبيعة الحال الشباب تنظيم نفسه ضمن مجموعات وكنت ترى في عيون الشباب الإصرار والتحدي على الذهاب نحو الأخطر ليس لديهم ما يخسرون، ليس لديهم أي شيء ليست لديهم ممتلكات وليس هناك أموال وليس هناك أفق ربما رح ينتظر هؤلاء الشباب فكانت المواجهات متقطعة في البداية ثم في الليل وهنا ابتدع شباب سيدي بوزيد الذي يستحق ربما تاج الشرف صراحةً هو شباب سيدي  بوزيد ابتدع أدوات آليات جديدة للمواجهة.

أحمد منصور: ما هي؟

خالد عوينية: كان يستدرج أعوان الأمن إلى الأحياء..

أحمد منصور: إلى الشوارع الفرعية..

خالد عوينية: إلى الشوارع الفرعية ثم يتولى غلق هذه الشوارع ثم تأتي مجموعة أخرى وتتولى غلق الشوارع وتتم المواجهات بشكل شرس وصل الأمر إلى حد التلاحم الجسدي وتمكن شباب سيدي بوزيد من الافتكاك حتى تلك البندقية التي يطلق بها أعوان الأمن القنابل المسيلة للدموع وصل الشباب في سيدي بوزيد إلى حد افتكاك تلك الواقيات، واقيات الحجارة التي يستعملها وهي محجوزة على فكرة وموجودة الآن..

أحمد منصور: عاملين لها متحف ولا إيه؟

خالد عوينية: يا ريت يعني ننتظر أن يقع الالتفات حتى ترمم المحكمة وحتى ترمم الإدارات على أية حال هي في الحفظ والصون و..

أحمد منصور: يعني الآن الشباب في اليوم الأول استطاعوا من خلال هذه الكمائن التي قاموا بها لرجال الأمن أن يسلبوهم البنادق التي يطلقون منها..

خالد عوينية: يسلبوهم البنادق التي يطلقوا منها القنابل..

أحمد منصور: والدروع الواقية..

خالد عوينية: والواقيات وسوف آتي ربما أتذكر يعني أنه من بين الطرائف هذا في يوم السبت ليلاً جيء بآلاف الأعداد، آلاف الأعداد..

أحمد منصور: طبعا وصلت أعداد هائلة من قوات الأمن إلى سيدي بوزيد.

خالد عوينية: يعني التي ترتدي كل الأزياء الأخضر والأزرق والأسود وكل الألوان رأيناها والدراجات النارية والحافلات..

أحمد منصور: كل دول كناية عن أجهزة الأمن التي يتبعوها؟

خالد عوينية: يعيني لا بد من وأد هذه بالنسبة للسلطة كانت تتطلع إلى وأد هذه الانتفاضة في مهدها.

أحمد منصور: الآن أنت تقول جاءوا يرتدون كل الألوان كل زي منها يدل على جهاز أمني مختلف.

خالد عوينية: وهو كذلك الحرس والشرطة أنواع وأشكال وأنواع من الدراجات النارية، في المواجهات أتذكر ربما حتى لا أنسى  ربما هذه المعلومة أن الشباب استدرج واستدرج هؤلاء بعض أعوان قوات الأمن استدرجوهم إلى داخل الأحياء ووضعوا ذلك الخيط، حبل غير المرئي وأسقطوا الأعوان وافتكوا الدراجات النارية واستعملوا هذه الدراجات النارية التي..

أحمد منصور: أخذوها منهم؟

خالد عوينية: أخذوها منهم وفر الأعوان هاربين واستعملوها وتفاوضوا مع المسؤول عن الأمن آنذاك في المنطقة وقاموا بالإفراج على أصدقائهم المحتجزين والموقوفين في المنطقة.

أحمد منصور: أخذوا أسرى يعني.

خالد عوينية: دراجات نارية.

أحمد منصور: آه دراجات نارية.

خالد عوينية: الدراجات النارية.

أحمد منصور: يعني الآن وضعوها في، إيه الحبل غير المرئي هذا؟

خالد عوينية: يعني سلك زي سلك الكهرباء، غير مرئي وينتظرون مرور الدراجة النارية ثم يجذبون هذا السلك فوقعت الدراجة النارية، ودراجتين بمن فيهما، فر الأعوان واحتجزوا وقاموا بالتفاوض مع أعوان قوات الأمن، كانوا أيضا.

أحمد منصور: الآن معركة صارت.

خالد عوينية: أصبحت معركة، استمرت لذلك أقول إنه أحداث جدت في سيدي بوزيد وفي معتمديتها.

أحمد منصور: يوم بيوم لأني.

خالد عوينية: الآن.

أحمد منصور: يوم الثامن عشر في الليل، يوم السبت الثامن عشر في الليل.

خالد عوينية: يوم الثامن عشر في الليل.

أحمد منصور: الآن في الليل حصلت المواجهات هذه.

خالد عوينية: حصلت المواجهات، ووقع الاستدراج، يوم الأحد صباحا.

أحمد منصور: التاسع عشر من ديسمبر.

خالد عوينية: تفاجئنا بأن هناك أعوان رهيبة جدا من أعوان قوات الأمن.

أحمد منصور: رويترز قالت أن  قوات إضافية من الشرطة وصلت الأحد إلى سيدي بوزيد لتعزيز الإجراءات الأمنية وإعادة الهدوء للمدينة.

خالد عوينية: بالطبع، هذا كان مطلوب وشاهدناهم بأم أعيننا، تواجدنا كمكونات.

أحمد منصور: أنتم الآن دوركم إيه، المحامين؟ الشباب بيلعبوا دور وأنتم الآن.

خالد عوينية: هو اتضحت الأدوار، تشكل المشهد ربما و..

أحمد منصور: تلقائيا.

خالد عوينية: تشكل المشهد في البداية كانت هكذا ثم أصبحت الأمور مدروسة تقريبا من يوم الأحد.

أحمد منصور: يعني الأحد التاسع عشر من ديسمبر.

خالد عوينية: التاسع عشر من ديسمبر، تشكلنا، اجتمعنا مجموعة من النقابيين والحقوقيين وشكلنا لجنة الدفاع عن المواطنة والمهمشين.

أحمد منصور: أيوة.

خالد عوينية: كان فيها أطباء وكان فيها محامين، وكان فيها نقابيين، وكان فيها يعني ناشطين سياسيين.

أحمد منصور: كلهم من سيدي بوزيد.

خالد عوينية: كلهم من سيدي بوزيد المدينة، وهي أصدرت بيانات في الغرض، ثم مباشرة كان يوم الثامن عشر في الليل.

أحمد منصور: التاسع عشر.

خالد عوينية: يوم الثامن عشر في الليل كان هناك موقوفين، فتوجهنا في شكل مسيرة يوم التاسع عشر إلى منطقة الأمن الوطني، ورفعنا شعار: " شادين شادين في إطلاق سراح المساجين"، في شكل مسيرة فتم..

أحمد منصور: مشيتم في الشارع الرئيسي.

خالد عوينية: مشينا في الشارع.

أحمد منصور:  حتى وصلتم إلى.

خالد عوينية: قبل أن نصل إلى المنطقة، وكانت هناك أعداد ضخمة، وقع قمع هذه المسيرة بالهراوات والعصي والقنابل المسيلة للدموع، طبعا تفرقنا وحاولنا التجمع في أماكن أخرى، الشباب، يعني قمنا بمجموعة من الاتصالات الهاتفية آنذاك.

أحمد منصور: بمن؟

خالد عوينية: ببعض وسائل الإعلام، ببعض الناشطين الموجودين في تونس العاصمة، حاولنا أن تصل هذه الصورة إلى خارج مدينة سيدي بوزيد.

أحمد منصور: أنتم هنا موضوع الفيس بوك والانترنت لعب دور مهم في الموضوع.

خالد عوينية: بطبيعة الحال.

أحمد منصور: شباب سيدي بوزيد طبيعة الدور اللي لعبوه إيه في هذه القصة؟

خالد عوينية: كان يقوم، أنا عندما تدخلت لم أكن أتوقع أن هناك من تولى التصوير، كان هناك شباب يقومون بهذا الدور حتى أنه يوم الأحد أول محامي في المسيرة كان معنا وقع إلقاء القبض عليه.

أحمد منصور: من هو؟

خالد عوينية: الأستاذ بسام وقع إلقاء القبض عليه وهو بصدد تصوير هذه المسيرة، ثم أطلق سراحه بعد ذلك على إثر يعني.

إعلام التواصل الاجتماعي ودوره في الثورة

أحمد منصور: إحنا هنا برضه أمام ثورة في وسائل الإعلام، كل شخص أصبح مراسل وأصبح يستطيع أن يصور ويضع المادة وتصل إلى الدنيا كلها ويشاهدها الناس.

خالد عوينية: ما هو على مستوى الإعلام أجمعنا على أنه لا بد من إيجاد خطة إعلامية،  لا بد من إيجاد خطة إعلامية..

أحمد منصور: في أي وقت؟ مبكر؟

خالد عوينية: كان هذا يوم الأحد تقريبا وفي الأيام الموالية.

أحمد منصور: يعني دا يوم التاسع عشر من ديسمبر.

خالد عوينية: يوم التاسع عشر من ديسمبر قلنا لا بد من إخراج هذه الصورة إلى العلن، لا بد أن تعرف تونس ويعرف الناس ويعرف العالم حقيقة ما يجري في سيدي بوزيد.

أحمد منصور: هذا اليوم أيضا المدينة أصبحت شبه محاصرة.

خالد عوينية: وهو كذلك حوالي ثمانية آلاف عون أمن، هكذا روج العدد ثمانية آلاف عون، في الليل الشباب.

أحمد منصور: قبل الليل بدأ إلقاء القبض على الناس من على المقاهي، من الشوارع بشكل عشوائي. 

خالد عوينية: فمنذ ذلك الوقت أنا أتذكر حادثة إيقاف المحامي بسام ثم تقريبا كل من تواجد في الشارع إلا وأخذوه إلى المنطقة كان من يضرب بالهراوات والعصي ويفرج عنه ، وهناك من بقي موقوف، وهناك من وقع تحرير محضر في شأنه وسوف آتي إلى اللجنة التي شكلناها كمحامين في سيدي بوزيد، المهم أنه يوم السبت بالليل.

أحمد منصور: الأحد، آه السبت بالليل عايز تقول حاجة.

خالد عوينية: أيوة، وهو كذلك، يوم السبت بالليل انطلقت تقريبا أشرس المواجهات، وكانت تقريبا على امتداد الشارع الرئيسي وفي كل الأحياء، بطبيعة الحال.

أحمد منصور: شكلها إيه؟

خالد عوينية: شكلها يعني يمكن القول أنها حرب شوارع.

أحمد منصور: كر وفر.

خالد عوينية: كر وفر.

أحمد منصور: أنتم في أيديكم إيه؟ وهم في أيديهم إيه؟

خالد عوينية: يعني كان الشباب، كانوا متسلحين بالحجارة، كانوا يستفزونهم، من بين الأشياء كانوا يخرجون كرسي حلاق يعني الذي يتولى الحلاقة، ويخرجونه إلى الشارع ويبدأ الشباب يصيح على قوات الأمن، أنظروا أنتم تحرسون حلاقة يا ولاد كذا، يا ولاد كذا، وكانوا يعني يستفزون أعوان الأمن بشكل كبير جدا.

أحمد منصور: يعني هنا من أول يوم اللي هو يوم الثامن عشر تم التطاول على زوجة بن علي.

خالد عوينية: من أول يوم، من يوم الثامن عشر كانت هذه الشعارات وهي موجودة موثقة في الفيسبوك.

أحمد منصور: إيه الشعارات؟

خالد عوينية: على الطرابلسية يعني كانت..

أحمد منصور: خلي الناس تعرفها.

خالد عوينية: هي موجودة، لا أتذكر بالضبط، ولكن شعارات تسيء وتلعن وتسب وكلام حول الطرابلسية، موجودة هذه ومسجلة، وبإمكاني أن أمدك بهذا التسجيل، المهم قلت أن الشباب ابتدع هذه الأشكال من بين إخراج واستفزاز أعوان قوات الأمن، وكانت هناك نوع من حرب الأعصاب على أعوان قوات الأمن، كانوا يستفزون أعوان قوات الأمن ويقولون لهم إن هذه القنابل المسيلة للدموع ويأخذها الشاب هكذا بيده والغاز يخرج منها لا تعمل لنا شيء، ولا تضيف شيء ويعيدون رميها إلى أعوان قوات الأمن، كان أيضا الشباب يطيل أمد المعركة، ليس لديهم.

أحمد منصور: كيف إيه الوسائل اللي أطالت أمد المعركة؟

خالد عوينية: اللعب على الوقت، إطالة أمد المواجهات إلى الرابعة والخامسة صباحا، يعني لم تكن مواجهات بل كانت عبارة عن حرب شوارع وفيها استنزاف لطاقة الأمن ولأعصاب الأمن، كان كل ما يضيق الخناق على حي من الأحياء يقع إشعال بعض العجلات المطاطية في أحياء أخرى حتى يقع فك الخناق.

أحمد منصور: أنا عندي هنا الأحياء اللي كانت الأكثر مواجهة أولها حي النور، حي البراهمية.

خالد عوينية: حي النور، حي البراهمية، حي الرفالة، حي أولاد بن هادي، حي الفرايجية، كان الشباب، كانت مليشيا أعوان قوات الأمن وكانت مليشيا أعوان قوات الأمن كانت صحبة مليشيا الحزب الحاكم، يأتون إلى الليل، ابتدع الشباب آلية جديدة وهي آلية تغيير الأفراد، كان شباب مثلا حي النور الغربي يذهب إلى شباب حي الخضرة، وكان شباب حي الخضرة يذهب حتى يكونوا غير معروفين من قبل المشاة ربما والمتعاملين مع الأمن والحزب الحاكم.

أحمد منصور: هل حدث تغير في المشهد يوم التاسع عشر أكثر، الآن أنتم شكلتم لجنة، ذهبتم إلى الولاية، قمعت اللجنة..

خالد عوينية: أولها حاولنا أن نذهب إلى المنطقة من أجل أن.

أحمد منصور: قمعت اللجنة قبل أن تذهبوا، الشرارة بدأت تنتقل إلى المدن الأخرى، وصلكم ما بدأ يحدث في المدن المجاورة لكم الرقاب مثلا بدأت من يوم الثامن عشر في التحرر.

خالد عوينية: بالضبط، يعني كان للفيسبوك دور كبير جدا، كان في مدينة الرقاب في اليوم الموالي يوم السبت لما تلقت هذا بدأت احتجاج، حركة احتجاجية على مستوى ربما أن الاتحاد، اتحاد الشغل على مستوى أيضا الساحة العامة، تلقفتها أيضا بشكل ربما محتشم يوم الثامن عشر في بن عون وفي الرقاب وفي منزل بوزيان، وفي المكناسي، فعندما كبرت وبدأت بقعة الزيت تتسع على مستوى سيدي بوزيد في المدينة، كانت الاحتجاجات تكبر شيئا فشيئا في مستوى المعتمدية.

أحمد منصور: طيب أنا الآن خليني، يعني سأبقى في سيدي بوزيد حتى من يوم التاسع عشر ليوم أربعة وعشرين، اللي هو اليوم اللي سقط فيه أول شهداء للثورة في سيدي بوزيان، من التاسع عشر إلى يوم الرابع والعشرين كيف كان الأمر يتفاعل داخل سيدي بوزيد لأن أنتم كنتم شايلين الثورة لوحديكم في الفترة دي؟

خالد عوينية: كان هناك قسمت الأدوار.

أحمد منصور: كيف؟

خالد عوينية: في النهار كان النقابيون والمحامون ومكونات المجتمع المدني من خلال وقفات احتجاجية للنقابيين أمام مقر الاتحاد، في البداية المحامين كنا قلة قليلة، كان أغلب المحامين منتمين للحزب الحاكم، فحاولت أنا ورفقة بعض زملاء لي استدراج.

أحمد منصور: أذكر لنا بعض أسماء زملائك أيضا للتاريخ.

خالد عوينية: كان الأستاذ معز الصالحي، الأستاذ الجلالي، الأستاذ محمد بن نصري، وكان أيضا الأستاذ ثابت وبسام بياوي وغيرهم من الزملاء والزميلات، قررنا، قلنا أنه لا بد أن نقوم بالحد الأدنى مع أهالينا وأن نعبر كلسان دفاع أننا يعني متضامنون معهم، فقمنا بالتخطيط لهذه الوقفة الاحتجاجية، ولتاريخ كانت أول وقفة احتجاجية التي ظهرت على France Broadcast وعلى الجزيرة، قمنا في التنسيق فيمنا بيننا وهناك من تولى تصوير هذا المشهد وإرساله فيما بعد عبر الانترنت إلى وسائل الإعلام ورفعنا شعارات أتذكر كانت فيها العدالة، العدالة، ومن أجل يعني توزيع عادل للثروة نحن معكم، وكان هدفي أنا صراحة أنا شخصيا برفقة الأستاذ معز هو أن نخرج هذا المشهد إلى وسائل الإعلام، يعني لا بد أن يدخل المحامون إلى ساحة المعركة.

أحمد منصور: هذا الذي   أجج  المحامين في تونس فعملوا وقفتهم يوم الثامن والعشرين.

خالد عوينية: بالضبط، كان هناك استنساخ للمشهد الذي شوهد في France broadcast وفي الجزيرة التقفه الزملاء وفي اليوم الموالي تقريبا كانت كل محاكم الجمهورية بنفس هذا الشكل الذي قمنا به في مدينة سيدي بوزيد.

أحمد منصور: مطالبكم كانت إلى هذا الوقت ما هي؟

خالد عوينية: كانت المطالب، كانت الشعارات التي رفعت في تلك الفترة هي مطالب التشغيل استحقاق يا عصابة السراق، وكان الشعار أيضا يعني التوزيع العادل للثروة، ولكن لم يغب أصلا فكرة يسقط نظام السابع يسقط عميله التابع، المقصود بالنظام إنه نظام سبعة نوفمبر رفع هذا الشعار في سيدي بوزيد قبل حتى احتراق البوعزيزي وفي هذه الفترة بالذات رفع أمام مقر الاتحاد العام للتشغيل والشغل.. 

أحمد منصور: الشعار ده شعار مهم لأنه أصبح شعار للثورات فيما بعد، الشعب يريد إسقاط النظام، أنتم قلتموه بشكل ما ثم تطور لإسقاط النظام بعد ذلك، ما هي الطريقة لو تعيدها مرة أخرى؟

خالد عوينية: هي هذه الشعارات لم تغب.

أحمد منصور: لأ الشعار ده تحديدا، شعار إسقاط نظام سبعة نوفمبر.

خالد عوينية: "يسقط نظام السابع يسقط عميل وتابع" كان هذا الشعار الذي رفع أمام؛ خاصة النقابيون رفعوا هذا الشعار أمام مقر الاتحاد وقرب المحكمة وقرب استشهاد محمد البوعزيزي.

أحمد منصور: هذا ضرب مباشر في زين العابدين بن علي.

خالد عوينية: مباشرة، ورفعت إلى جانب الشعارات الأخرى، التشغيل استحقاق يا عصابة السراق والتوزيع العادل للثروة.

أحمد منصور: الشباب كان لهم شعارات أخرى أكثر تطرفا أو أكثر اقتحاما من شعاراتكم أنتم؟

خالد عوينية: الشباب بطبيعة الحال كان همه الوحيد كان يعني عامل كيف على قوات الأمن كان يتسلى بهذه المواجهات، ولكن قام بالدور الحقيقي في الليل في بث ربما كرامة الأمن في التراب، قام بأداء هذا الدور بشكل كبير جدا.

الثوار وتبادل الأدوار بين الليل والنهار

أحمد منصور: أنا هنا أنتم تقوموا بدور في النهار، كمحامين ونقابين.

خالد عوينية: بالضبط.

أحمد منصور: والشباب يقوم بدور في الليل في إنهاك قوات الأمن.

خالد عوينية: بالضبط، وخلافا لما يروج أن الثورة كانت عفوية، أبدا لم تكن الثورة عفوية.

أحمد منصور: هي اشتعلت في البداية عفوية، لكن الآن لم.

خالد عوينية: في الساعات الأولى كانت عفوية ولكن دعني.

أحمد منصور: هذا تنسيق تلقائي أيضا ولا كان بالاتفاق؟

خالد عوينية: كان بإجماع.

أحمد منصور: كان بإجماع.

خالد عوينية: كان بإجماع.

أحمد منصور: أنتم كنتم بتعملوا إيه بالنهار؟ والشباب كانوا بيعملوا إيه في الليل؟ قل لي.

خالد عوينية: هذا هو الدور، وكنا نحاول فك الطوق الإعلامي، وأتذكر للتاريخ أنه إلى جانب هذه اللجنة شكل النقابيون لجنة أخرى أطلقوا عليها اسم لجنة المتابعة، للتاريخ حتى تبقى، لجنة المتابعة، كانت هناك اتصالات.

أحمد منصور: ما هي طبيعة دورها، لجنة المتابعة؟

خالد عوينية: متابعة الأحداث، والأحداث الجادة في تلك الفترة في سيدي بوزيد، وحاول المناضلون كسر الحصار الإعلامي لأنه تونس سبعة آنذاك وتونس واحد وعشرين لم تخبر ولم تبين طبيعة ما يجري في سيدي بوزيد، كنا نريد أن نوصل الصورة إلى العالم، لا بد من شم الأوكسجين، نشمه في قناة France broadcast، كان هناك محمود الغزلاني، قام بالتواصل مع France broadcast، ناصر ظاهري في قناة البي بي سي، عطية العثموني، ولطفي عباسي، وعلي زارعي، ومنصور الجمهودي في قناة الجزيرة، وعلي البوعزيزي كذلك في قناة الجزيرة، وغيرهم من المناضلين الذين قاموا بطبيعة الحال بكسر هذا الطوق الإعلامي لإرسال المشهد كما هو في مدينة سيدي بوزيد.

أحمد منصور: هذا مشهد جديد في الإعلام في إيصال الصوت من أعماق أي قرية أو نجع إلى العالم كله، يعني كانت الثورة التونسية كانت بداية له والآن نشوفه في كل الثورات التي تتابعت بعد ذلك، فالترتيب لهذا الأمر لم يتم بعفوية وإنما رتب على عجل.

خالد عوينية: رتب على عجل، لم يكن عفويا ولكن وضعوا اليد في اليد المناضلون والنقابيون، وضعوا اليد في اليد، من أجل ربما ترجمة هذه الشعارات الموحدة فيما بينهم، وللتاريخ نذكر صراحة أن هناك من لعب دورا هاما على مستوى تونس العاصمة وكان بعض المناضلين يأتوننا إلى سيدي بوزيد المدينة، أتذكر أننا كنا متواجدين وكان هذا أحد المناضلين حينما جاءنا خبر استشهاد أول شهيد في الثورة، محمد العماري من منزل بوزيان، كان هناك شخص متواجد معنا من تونس وهو ناشط نقابي وسياسي، لا ننسى دور بعض النقابيين في تونس، كانوا يتصلون بنا.

أحمد منصور: عايزك تقول لي تكنيك بعض الشباب ليلا في إنهاك الأمن، أنت قلت لنا كم حاجة، في وسائل أخرى كانوا يتبعونها ليلا لإنهاك قوات الأمن؟

خالد عوينية: كان الشباب بطبيعة الحال، أخذ شكلا تنظيميا غير مسبوق وطرق مواجهة غير مسبوقة وغير معروفة، ولكن كما يقال أنه بالميدان، للميدان لغته الخاصة وللميدان ربما شيفرته الخاصة، لم يفكها بطبيعة الحال إلا الشباب الذين ابتدعوا هذه الطرق الجديدة.

أحمد منصور: أنتم الآن في يوم أربعة وعشرين ديسمبر، المشهد تغير مع سقوط أول شهيد، محمد العماري في سيدي بوزيان.

خالد عوينية: بالضبط.

أحمد منصور: ما تأثير هذا على مسار الثورة؟

خالد عوينية: هو في سيدي بوزيد المدينة دعني أرجع هناك واقع حتى لا ننسى.

أحمد منصور: قل لي.

خالد عوينية: بعد يومين، يوم اثنين وعشرين على ما أعتقد، أو ثلاثة وعشرين.

أحمد منصور: ديسمبر.

خالد عوينية: أحسسنا وكأنه هناك نوع من الخفوض، وتأتي واقعة استشهاد الشهيد محمد ناجي، الشهيد محمد ناجي الذي أعاد نفس الكرة في الشارع الرئيسي.

أحمد منصور: محمد ناجي استشهد في سيدي بوزيان.

خالد عوينية: في سيدي بوزيد المدينة.

أحمد منصور: سيدي بوزيد المدينة.

خالد عوينية: في سيدي بوزيد المدينة، بعد محمد البوعزيزي، الشهيد محمد ناجي الذي استشهد عندما صعد على عامود كهربائي وسقط وتوفي على عين المكان، وقبل عملية السقوط على الأرض كان هناك المئات المتجمهرين على العامود المتواجد أمامه وسقط..

أحمد منصور: انتحر يعني؟

خالد عوينية: انتحر، هذا محمد ناجي، هو الذي أجج الثورة، يعني الثورة في تونس في سيدي بوزيد وفي تونس عموما هي بمثابة اللوحة، يعني كل طرف قام، وهي بمثابة حتى ربما السيارة التي تريد بنزين وزيت فكان محمد ناجي، نأتي الآن إلى الشهيد محمد العماري. 

أحمد منصور: محمد العماري في مواجهات مع الأمن، هذا شهيد.

خالد عوينية: هذا شهيد حقيقي، وأول شهيد كما قلت، هو أول شهيد للثورة التونسية.

أحمد منصور: أربعة وعشرين ديسمبر.

خالد عوينية: يوم أربعة وعشرين ديسمبر وهو جعل النقابيين والناشطين يصلون إلى حقيقة مفادها أنه كشر النظام عن أنيابه، وأحد الأمرين، كشر النظام على أنيابه وأبرز مخالبه وتوجه إلى هذه المنطقة، فقلنا لا بد من عدم التوقف، لأننا كنا متيقظين ومتيقنين من أمر، كنا متيقنين لو توقفت هذه العجلة، عجلة المواجهات، سواء بالنهار عبر النشاط النقابي والحقوقي والسياسي، أو بالليل عبر معارك الشباب سيأتي علينا الدور وسننتهي وسنسحق لذلك لا بد من المواصلة بأي شكل من الأشكال.

أحمد منصور: الأحداث اشتعلت الآن في القصرين وتالا وسيدي بوزيد ورقاب وسيدي بوزيان، وأصبحت المنطقة كلها مشتعلة، ألقى بن علي خطابه الأول في محاولة لامتصاص غضب الناس، توفي البوعزيزي يوم أربعة يناير ودفن في اليوم التالي وتأججت الثورة في كل أنحاء تونس، أكمل معك في الحلقة القادمة.

خالد عوينية: شكرا.

أحمد منصور: شكرا جزيلا لك، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ خالد عوينية المحامي حول الأحداث في سيدي بوزيد، وتطورات الثورة التونسية، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.