
صالح حشاد.. محاولة انقلاب أوفقير وسجن تزمامارت ج1
– النشأة ودوافع دراسة الطيران
– التدريب مع الفرنسيين وتأسيس الطيران المغربي
– استقلال الطيران المغربي والمشاركة في حرب الرمال
– انتهاء النفوذ السوفياتي والتدريب في المدرسة الأميركية
![]() |
![]() |
أحمد منصور: ولد الطيار صالح حشاد في بني ملال في المغرب عام 1938 للميلاد، التحق بالمدرسة العسكرية في مراكش في فبراير عام 1957، ثم ابتعث للتدريب على الطيران الحربي في فرنسا حيث أكمل دراسته عام 1959. كان أحد طياري الميغ التي أهداها السوفيات إلى الملك محمد الخامس في العام 1960، كما كان صالح حشاد آخر طيار ودع الميغ السوفياتية عام 1965 في استعراض جوي جرى في المغرب وذلك بعد التحالف الكامل الذي أقامه الحسن الثاني ملك المغرب آنذاك مع الولايات المتحدة الأميركية. ابتعث بعدها حشاد للدراسة والتدريب على الطائرات F5 الأميركية فائقة السرعة وذلك في قاعدة فنس إيرفورس في ولاية أوكلاهوما الأميركية حيث بقي هناك إلى العام 1967 وكان الأول على دفعته حيث تفوق حتى على الطيارين الأميركيين وحصل على درع الـ top gun وهو أعلى درع عسكري أميركي يمنح للطيارين المقاتلين آنذاك. عاد صالح حشاد إلى المغرب ليصبح طيارا في قاعدة القنيطرة الجوية ثم ابتعث مرة أخرى إلى الولايات المتحدة الأميركية عام 1968 وبقي عاما كاملا يدرس أحدث التقنيات العسكرية في الكلية الجوية في قاعدة مونتغمري في ألاباما وكان الطيار الوحيد غير الأميركي الذي شارك بطائرته في حفل التخرج وذلك بسبب تفوقه وبراعته العسكرية. عاد بعد انتهاء دراسته في الولايات المتحدة إلى قاعدة القنيطرة الجوية في المغرب حيث تدرج في المسؤوليات بها من قائد سرب إلى قائد فيلق جوي ثم رئيسا للعمليات في القاعدة. وفي السادس عشر من أغسطس عام 1972 انقلبت حياته رأسا على عقب، فقد كان قائد سرب الطائرات التي أقلعت من قاعدة القنيطرة الجوية لمرافقة طائرة ملك المغرب الحسن الثاني حال دخول الأجواء المغربية قادما من فرنسا، فوجئ حشاد الذي كان قائدا للسرب بثلاثة من الطيارين المرافقين له يفتحون نيران أسلحتهم على طائرة الحسن الثاني المدنية التي أصيبت في معظم أجزائها، ورغم إصابة طائرة الملك إصابات قاتلة حتى أن بعض محركاتها بدأت تحترق إلا أنها تمكنت من الهبوط ونجا الحسن الثاني في تلك المحاولة الانقلابية الشهيرة الفاشلة التي قادها الجنرال محمد أوفقير وزير الدفاع آنذاك والتي كانت الثانية ضد الحسن الثاني خلال عام واحد بعد محاولة انقلاب الصخيرات التي وقعت في العاشر من يوليو/ تموز عام 1971، قبض على الطيار صالح حشاد وعلى من بقي على قيد الحياة من المشاركين في المحاولة الانقلابية وعلى رأسهم قائد سلاح الطيران وقائد قاعدة القنيطرة الجوية وأعدم الكثير من الطيارين والضباط. أما قائد المحاولة الجنرال محمد أوفقير فهناك روايات متعددة عن مصيره، بعضها يشير إلى أنه قد انتحر بينما تشير أخرى إلى أنه قد نحر، وحكم على صالح حشاد بالسجن عشرين عاما قضى منها ثمانية عشر عاما في أهوال سجن تزمامارت الرهيب. نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر الحسن الثاني من خلال محاولة انقلاب أوفقير وسجن تزمامارت الرهيب. الرائد حشاد مرحبا بك.
صالح حشاد: أهلا وسهلا، شكرا.
أحمد منصور: أخيرا بعد ما يقرب من عامين من المفاوضات والضغوط من قبلي قبلت أن تجلس وتدلي بشهادتك معنا على الفترة التي عشتها ولا سيما أحداث محاولة الانقلاب عام 1972 وما حدث في تزمامارت. أود أن أبدأ معك منذ العام أو تحديدا في العام 1938 حيث ولدت في بني ملال في جبال الأطلس الصغير، كيف كانت نشأتك وطفولتك؟
صالح حشاد: بسم الله الرحمن الرحيم، أولا أشكرك على الوقت واعذرني لأنه كان عندي عذر صحي، مشاكل صحية التي جعلتني أن أؤخر اللقاء.
أحمد منصور: ربنا يديك الصحة والعافية.
صالح حشاد: ولدت في قرية ليست بعيدة عن مدينة بني ملال التي تسمى بقرية ولادي عش في سنة 1938 وفي سن السابعة ذهبت إلى بني ملال هي المدينة التي تبعد عن قريتي بـ 12 كيلومترا، وهنا بدأت دراستي الابتدائية والثانوية في بني ملال كتلميذ داخلي لمدة تسع سنين.
أحمد منصور: داخل المدرسة.
صالح حشاد: نعم، داخل.
أحمد منصور: ما الذي دفعك إلى دراسة الطيران؟
صالح حشاد: هو من بعد، في هذه الفترة الدراسة الابتدائية والثانوية كنت دائما من صغري أحلم بالطيران يعني حيث من صغري كنت أنام وأحلم بأنني أطير فوق قريتي، وثانيا الحدث الثاني الذي دفعني إلى الطيران وهو الأستاذ الفرنسي الذي يسمى بمسيو شوفو كان هذا فرنسيا يدرسنا الفرنسية، كان دائما، لأنه شارك في الحرب العالمية الثانية، وكان يقص علينا..
أحمد منصور: قصص الحرب.
صالح حشاد: قصص الحرب كيف كانوا يدخلون إلى بلاد العدو وكان القصف كثيفا ومرارا كانوا مضطرين للهبوط ويعني هذه الأشياء في السن الذي كنت فيه جعلتني أن أرى في هذا الأستاذ الـ hero يعني البطل، ولكن الحدث الذي دفعني إلى الطيران وهو عشت مرحلة في.. الملك محمد الخامس..
أحمد منصور (مقاطعا): حينما نفي إلى مدغشقر.
صالح حشاد: نفي إلى مدغشقر في عام 1953. في هذه الفترة في 1954 وقعت يعني انتفاضة كبيرة، مظاهرات كثيفة وكان فيها يعني قوية، قوية العنف..
أحمد منصور (مقاطعا): من المغاربة ضد الفرنسيين.
صالح حشاد: من المغاربة ضد الفرنسيين، ضد الاستعمار الفرنسي، وكنت في خوريبقه عند العائلة وشاركت في هذه المظاهرة على الساعة.. يعني وأظن كانت مجزرة كبيرة يعني..
أحمد منصور (مقاطعا): المغاربة هم الذين هاجموا؟
صالح حشاد: المغاربة هم الذين هاجموا وقتلوا المئات من الفرنسيين ولهذا الغد الفرنسيون كانوا مستعدين لخوريبقه وخرجت ولكن للأسف كان ذلك اليوم يوم سوق وكلهم الناس، البادية التي تمر حول خوريبقه..
أحمد منصور: مشغولون في السوق.
صالح حشاد: يعني جاؤوا إلى المدينة ليشاركوا في السوق، ولهذا كانت ناس كثيرة وفي العاشرة خرجت الناس بالمظاهرات تطالب تهتف برجوع الملك محمد الخامس من المنفى، وهذه شاركت في هذه المظاهرة، خرجت وأنا في سن 16 من عمري، وكنا متحمسين، خرجنا وهتفنا برجوع الملك وقطعنا الأسلاك وأشعلنا النار، يعني قمنا بمظاهرات عنيفة ولكن ويا أسفاه الفرنسيون كانوا مستعدين لهذه المظاهرة.
أحمد منصور: ماذا فعلوا فيكم؟
صالح حشاد: ماذا فعلوا فينا؟! استعملوا الطائرة، الطائرة التي كانت مركزة في مراكش، كانت مستعملة لتدريب الطيارين في مراكش، وهذا استعملوا الطائرة وقتلوا المئات، مئات من الناس في الطائرة، وأنا كنت بعيدا عن المنزل وثانيا..
أحمد منصور (مقاطعا): وشاهدت الطائرة وهم يطلقون النار على المتظاهرين؟
صالح حشاد: شاهدت الطائرة وهي تقصف وشاهدت الدبابات وهم يرمون الفيول، غازوال، على (كلمة فرنسية) يعني على منطقة الصقيع في وسط المدينة وشعلوا فيها النيران، وهكذا الدخان غطى المدينة كلها..
أحمد منصور: من الحرائق.
صالح حشاد: نعم. ولهذا كنت بعيدا من المنزل ولما لاحظت الطائرة، لما شفت الدخان والطائرة تقصف يعني كثافة الدخان جعلتني أن أرجع إلى المنزل يعني في غطاء ذلك الدخان، ولكن في الوقت الذي دخلت إلى المنزل بدأت الرشاشة ترمي عليّ الرصاص..
أحمد منصور (مقاطعا): من الطائرة.
صالح حشاد: لا كان واحدا فرنسيا في رأس الدرب.
أحمد منصور: الطريق.
صالح حشاد: في رأس الطريق رمى علي الرصاص، والله سبحانه وتعالى نجيت من الرصاص ولكن فقط بقيت الأمارة يعني في الدار في الباب يعني..
أحمد منصور (مقاطعا): أثر الرصاص في الباب. في هذا اليوم أخذت قرارك أن تصبح طيارا؟
صالح حشاد: لما شفت الطائرة كيف تطير وكيف تضرب هنا بدأت أشعر بأنني سأكون طيارا، يعني جعلتني -في السن 17 كنت متحمسا- أريد أن أطير.
أحمد منصور: رغم أن المغرب كانت تحت الاحتلال الفرنسي لم يكن هناك طيارين مغاربة آنذاك؟
صالح حشاد: لم يكن أي طيار مغربي.
أحمد منصور: ولكن كان هذا الحلم يراودك وانطلق معك في هذا اليوم.
التدريب مع الفرنسيين وتأسيس الطيران المغربي
أحمد منصور: لم يكن هناك فارق كبير، عاد محمد الخامس في العام 1955، حصلت المغرب على الاستقلال، التحقت لدراسة الطيران في فبراير 1957، يعني فترة كانت قليلة جدا، تعلمت الطيران في البداية على يد الفرنسيين.
صالح حشاد: أيوه، من بعد بني ملال الدراسة الابتدائية والثانوية ذهبت إلى الدار البيضاء لأكمل دراستي العليا في ليسيه ما يسمى ليسيه مولاي الحسن، وهنا جاءنا نقيب من الدرك آنذاك كان ملازما وطلب منا يعني بأن المغرب محتاج إلى تلاميذ للتدريب على الطيران ولا يوجد عندنا في البداية لم يكن لنا طيارون ولهذا كنت ما بين التلاميذ الذين غادروا..
أحمد منصور (مقاطعا): كنت من أوائل الذين التحقوا..
صالح حشاد (مقاطعا): يعني الفوج الثاني. كان فوج قبلنا الذي ذهب إلى فرنسا ونحن جئنا من بعد..
أحمد منصور: ذهبتم إلى فرنسا أيضا.
صالح حشاد: ذهبنا إلى فرنسا لمدة أربعة أشهر، هي في الحقيقة لي قصة أخرى لأنه لما طلبوا منا أن نذهب إلي الطيران طلبوا منا أن نكون تلاميذ ضباط يعني نذهب لفرنسا..
أحمد منصور (مقاطعا): لتصبحوا ضباطا.
صالح حشاد: لنصبح ضباط طيران، لكن في فرنسا كانت المقاعد محدودة في المدرسة ولهذا طلبوا منا أن نتعلم الطيران، أن نصبح طيارين من بعد سنذهب لفرنسا لتكميل التدريب العسكري.
أحمد منصور: آه، فقط تدرسوا الدراسة النظرية وبعد ذلك الدراسة العملية بعد ذلك.
صالح حشاد: نعم، الدراسة العملية لأصبح طيارا من بعد الدراسة العسكرية.
أحمد منصور: آه، تدرس طيار عملي أولا.
صالح حشاد: أيوه، أكون خريج ضباط.
أحمد منصور: لكنكم عدتم بعد ذلك وذهبتم..
صالح حشاد (مقاطعا): ذهبنا إلى فرنسا لمدة أربعة أشهر، طرنا على طائرات خفيفة من بعد فرنسا من بعد أربعة أشهر رجعنا إلى مراكش، كانت في مراكش مدرسة فرنسية لتدريب الطيران الفرنسي ولهذا أصبحنا أول فوج اتصلنا في مراكش للتدريب على الطيران مع الفرنسيين وهذا في الوقت كانت الحرب على أشدها في الجزائر وكانوا يدربون الطيارين في مراكش ويذهبون بهم إلى الجزائر ليقصفوا..
أحمد منصور (مقاطعا): من المغاربة؟
صالح حشاد: من مراكش، أيوه، الطيارون من مراكش لما يكمل التدريب يذهب إلى الجزائر.
أحمد منصور: يعني الآن، الجزائر، الثورة الجزائرية بدأت في العام 1954 وظل الجزائريون يقاتلون إلى العام 1962 حتى حازوا على الاستقلال. في الوقت الذي حازت فيه المغرب على الاستقلال عام 1955 لكن بقي الفرنسيون في المغرب. في المغرب بقوا وكانوا يدربون الطيارين المغاربة على الطيران ويطلبون منكم أن..
صالح حشاد (مقاطعا): لا، لا، نحن الفوج الأول الذي ذهبنا إلى مراكش لنتدرب على الطيران مع الفرنسيين، إذاً قلت كانوا يدربون الفرنسيون للطيران، ومن بعد تدريبهم الفرنسيون يذهبون بهم إلى الجزائر..
أحمد منصور: هم الفرنسيون وليس أنتم المغاربة.
صالح حشاد: لا، ليس. إذاً من بعد تدريبنا على الطيران في مراكش رجعنا إلى الرباط لنكون أول مغاربة الذين يبدؤون الطيران على الطائرات المغربية وآنذاك تأسس من بعد القوات المسلحة الملكية تأسس الفيلق الأول للطيران المغربي وكان يرأسه الرائد أومو هو فرنسي ومعه تقنيون وطيارون فرنسيون وكنا أول فوج الذي خرج من مراكش ليلتحق بالفيلق الأول للطيران وبدأنا نطير على الطائرات المغربية..
أحمد منصور (مقاطعا): نقطة على السطر. نقطة على السطر حتى نفهم كيف كانت تسير الأمور، فرنسا منحت (الجزائر) الاستقلال عام 1955 لكن الفرنسيين بقوا في المغرب.
صالح حشاد: أيوه.
أحمد منصور: وكان سلاح الطيران أو فيلق الطيران الرئيسي في المغرب حتى بعد الاستقلال يقوده فرنسي، والفرنسيون هم الذين كانوا يقومون بتدريبكم أنتم على الطيران.
صالح حشاد: على الطيران.
أحمد منصور: وكانت الطائرات تقلع من مراكش لتقصف الجزائريين الذين كانوا يقومون بالثورة ضد الفرنسيين؟
صالح حشاد: يعني لم تذهب الطائرة.. الطيارون الذين أكملوا دراستهم في مراكش.
أحمد منصور: هنا نستطيع أن نقول إن الذي أسس القوات أو الفيلق الجوي للقوات الجوية المغربية هم الفرنسيون؟
صالح حشاد: هم الفرنسيون، لأنه نحن جئنا من بعد مراكش وبدأنا نخوض زمام الأمور في المعرفة، ولكن بقوا معنا إلى أن، إلى حدود 1959، 1960.
أحمد منصور: 1959، أنت في 1959 تقريبا نستطيع أن نقول إن أول فوج من الطيران المغاربة بدؤوا في العام 1959؟
صالح حشاد: الفوج الأول بدأنا من بعد مراكش، يعني لما جئنا إلى الرباط، بدأنا نطير على الطائرات المغربية ولكن كانت ذلك الوقت في سنة 1959 أو 1958، لما جئنا من مراكش كان الطيران المغربي ضعيفا جدا، كانوا عشر طائرات صغيرة، يعني..
أحمد منصور (مقاطعا): لم تكن حربية؟
صالح حشاد: حربية.
أحمد منصور: بالمراوح؟
صالح حشاد: بالمراوح، كانت تقدر تستعملها في الحرب لأنها عندها زوج مدافع عيار 12,7..
أحمد منصور: 12 ملم صغيرة يعني.
صالح حشاد: وكانت تحمل الصواريخ.
أحمد منصور: صواريخ أيضا.
صالح حشاد: قنابل صواريخ، وكانت تحمل قنابل صغيرة يعني مش كبيرة يعني كانت مسلحة، وهذه الطائرات كنا نستعملها للتدريب على السلاح.
أحمد منصور: الأميركان أدركوا قيمة الجزائر بشكل مبكر وتواجدوا في قواعد أميركية هنا حتى مع وجود الفرنسيين كانت لهم قواعد.
صالح حشاد: كان الأميركيون والفرنسيون موجودين منذ قديم، يعني مستغلين مطارات في المغرب.
أحمد منصور: الأميركان في ذلك الوقت لم يكن لهم علاقة في تدريبكم؟
صالح حشاد: لا. هذا غاد يجي من بعد من بعد..
أحمد منصور (مقاطعا): فقط الفرنسيون. هذه الفترة فترة الحرب الباردة بين السوفيات وبين الأميركيين أو بين الغرب بشكل عام في ذلك الوقت، بعد استقلال المغرب في العام 1955 ووجود محمد الخامس أحب السوفيات أن يدخلوا على الخط فأهدوا محمد الخامس في العام 1960 بعض طائرات الميغ. مظبوط.
صالح حشاد: مظبوط، مظبوط.
أحمد منصور: أنت في تلك الفترة كنت من الطيارين..
صالح حشاد (مقاطعا): قبل هذا يعني من بعد ما بدأنا نطير على الطائرات المغربية في الفيلق الأول، من بعد ذهبنا إلى، تفرقنا إلى ثلاثة أفواج، الفوج الأول ذهب إلى فرنسا ليقوم باختصاص في النقل، من بعد فوج ذهب للتخصص على الهليكوبتر، أصبح طيار هليكوبتر، وأنا من الفوج الذين ذهبنا إلى مدرسة فرنسية لنتخصص على الطيران الحربي، وهذا في 1959 ذهبنا إلى مدرسة فرنسية التي كانت في مكناس في المغرب، لا زالت في المغرب، وتدربنا على الطائرة النفاثة..
أحمد منصور (مقاطعا): أنت الذي اخترت أن تكون طيارا حربيا أم هم الذين اختاروك؟
صالح حشاد: لا، والله هم اللي فرقونا في مراكش، لما تخرجنا من مراكش قالوا هذا فوج الطائرة النفاثة على حسب يعني الطيار كيف يرونه، هذا يليق للنفاثة..
أحمد منصور (مقاطعا): تذكر من كانوا زملاءك في هذا الفوج؟
صالح حشاد: كانوا كثيرين زملائي، يعني الآن هم كلهم في التقاعد ويعني رتبة كولونيل ماجور، كولونيل يعني كلهم أصبحوا ضباطا في التقاعد.
أحمد منصور: عددكم كان كم تقريبا؟
صالح حشاد: والله ذهبنا لأول مرة في 1957، ذهبنا إلى فرنسا وكنا 15 طيارا.
أحمد منصور: آه، في الـ 1959 كانوا.
صالح حشاد: أيوه، الفوج الثاني للطيران.
أحمد منصور: لما ذهبت تدرس الآن طيران حربي كان معك كم؟ طيران حربي.
صالح حشاد: كنا ثلاثة.
أحمد منصور: فقط؟!
صالح حشاد: والله، ثلاثة فقط.
أحمد منصور: لا، قل لي الاثنان الثانيان من؟
صالح حشاد: والله كنا ثلاثة، واحد ما أراد..
أحمد منصور: لم يقبل.
صالح حشاد: ورجع وصار طيار نقل. والثاني لم أره معي في التدريب، رجع إلى الوراء..
أحمد منصور (مقاطعا): بقيت أنت الطيار المغربي الوحيد الحربي. وكنت أول طيار حربي مغربي مقاتل؟
صالح حشاد: لا، كنت الرابع، كانوا قبلي أربعة.
أحمد منصور: فوج.
صالح حشاد: لا، كانوا قبلي ثلاثة، يعني ما بينهم قباج والكولونيل..
أحمد منصور (مقاطعا): قباج الذي أصبح بعد ذلك طيار الملك.
صالح حشاد: بعد ذلك طيار الملك، الكولونيل ماجور بامعروف، النقيب عمار، وأنا كنت الرابع الذي رشحني الكولونيل بامعروف يعني في المدرسة العسكرية للدبلوم، الطيار يعني الرابع للنفاثة.
أحمد منصور: إيه نوعية الطيارات التي قدتها في تلك المرحلة؟
صالح حشاد: في مكناس كنا نطير على طيارة من نوع هي أميركية يعني يسمى بـ تشي 38، وكانت فوغا ماجيستر هذه طيارة فرنسية وأخيرا نتم التدريب على طائرة ما تسمى اللوراغان، اللوراغان هي اسم للبرد القوي في فرنسا، وهذه اللوراغان لها مقعد واحد يعني (كلمة فرنسية).
استقلال الطيران المغربي والمشاركة في حرب الرمال
أحمد منصور: قدت طائرات الميغ أيضا؟
صالح حشاد: من بعد مكناس يعني هنا غادين رجعوا فعلا في 1961 لما أكملت دراستي في مكناس، رجعنا إلى القاعدة الجوية في الرباط وهنا أهدى الاتحاد السوفياتي أهدى إلى الملك محمد الخامس أظن 14 طائرة من نوع ميغ.
أحمد منصور: 14.
صالح حشاد: 14، والثاني طائرات من نوع ميغ 15 يعني للتدريب، يعني عندها زوج من المقاعد. أقدر أقول هنا هي البداية الصحيحة للقوات الجوية الملكية وكان يترأس القاعدة آنذاك الكولونيل الماجور، بعد الكولونيل قباج لأن قباج من بعد غادر القوات الجوية الملكية وذهب إلى فرنسا ليصبح طيار النقل، طيار البوينغ يعني المدني طيار المدني. وأخذ زمام الأمور الكولونيل الماجور بامعروف لمدة خمس سنوات.
أحمد منصور: خلاص لم يعد قائدكم فرنسيا؟
صالح حشاد: لا، لا، انتهينا من الفرنسيين.
أحمد منصور: أصبح الطيارون مغاربة والقيادة مغربية.
صالح حشاد: الطيارون مغاربة هم الذين يقودون زمام الأمور.
أحمد منصور: والقيادة مغربية؟
صالح حشاد: مغربية.
أحمد منصور: ونستطيع أن نقول إن العام 1961..
صالح حشاد (مقاطعا): إن الفرنسيين أسسوا لكن لم يكن طيران في المغرب، ولكن لما جئنا من المدارس من فرنسا من جميع.. من إسبانيا، إذاً انتهى أمر الفرنسيين، الفرنسيون انتهوا في 1959، 1959، 1960انتهى الأمر.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: البداية الحقيقية للقوات الجوية المغربية كانت في العام 1961 بعد إهداء السوفيات 14 طائرة من طراز ميغ إلى محمد الخامس، بدأت أنت تقود طائرات الميغ وبدأت تشكل الدعامة الأساسية للسلاح المغربي، تفتكر أول مهمة عسكرية قمت بها؟
صالح حشاد: والله هم مهمات كثيرة للميغ، الميغ يعني الذي بقى في ذهني وكمثل يعني، صحبنا الرواد الجزائر يعني قاعدة الجزائر، لما عادوا من فرنسا بن خدا وبن بلاّ يعني صحبناهم لما جاؤوا حطوا في الرباط وكنت أنا والكولونيل ماجور بامعروف يعني صحبناهم في الطيران..
أحمد منصور (مقاطعا): هذه رحلة مشهورة حينما أفرجت عنهم فرنسا في العام 1962 حتى يعودوا إلى الجزائر فهم فضلوا كما روى لي بن بللا في شهادته على العصر أن يأتوا إلى المغرب إكراما لمحمد الخامس وأن تكون عودتهم إلى الجزائر من هنا إلى المغرب، صحبتهم أنت في العملية.
صالح حشاد: صحبناهم أنا وبامعروف، كان الطقس سيئا وقال لي بامعروف نذهب يعني ولو كان الطقس شوية سيء، الحالة يعني كان الجو شوية صعبا، وجئنا مع الطائرة الرواد وطلب منا الطيار، الطائرة التي تحمل..
أحمد منصور (مقاطعا): فرنسية؟
صالح حشاد: فرنسية. وطلب منا ألا نهبط لأن الريح كان قويا، ولكن بعد أن هبطت الطائرة قال لي بامعروف سنهبط وهبطنا بالطائرة وذهبنا ودخلنا على الرؤساء الجزائريين ويعني..
أحمد منصور (مقاطعا): هذا شيء تاريخي بالنسبة لك؟
صالح حشاد: بالنسبة لي تاريخي، ولكن نقطة أخرى في هذا العام في 1961، قمنا بأول استعراض للطيران المغربي أمام آنذاك كان الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، هذا الاستعراض دخل في التاريخ لأنه أول استعراض تسع طائرات ميغ قاموا بهذا الاستعراض..
أحمد منصور (مقاطعا): كنت من بينهم؟
صالح حشاد: كنت من بينهم وكان على رأسنا القباج كان لا يزال في الطيران، وكنا تسعة من أول الرواد، الأوليين..
أحمد منصور (مقاطعا): تفتكر مين من الطيران؟
صالح حشاد: كان بامعروف، قباج، عمار، حشاد، زياد، العربي، كلهم هؤلاء يعني الأصدقاء التسع يعني وهي الصورة الذي أظن أن تكون لي، من بعد أخذنا صورة مع الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، الصورة تبين جميع الضباط الذين الطيارين الذين شاركوا في هذا الاستعراض. ولكن نقطة هنا اللي بقيت في الذهن ديالي وهم السفراء أو السلك الدبلوماسي الذي كان مع الملك في المنصة ورأوا الاستعراض يعني استعراض عظيم، قالوا للملك والله هؤلاء السوفيات يعني عظام، قال لهم هؤلاء ليسوا بالسوفيات هؤلاء طيارون مغاربة، لم يصدقوه بأن هذه التسع طائرات طائرات يقودهم طيارون مغاربة..
أحمد منصور (مقاطعا): من كان قائد السرب؟
صالح حشاد: قباج. هو أول طائرة، يعني كان قباج، بامعروف، عمار، حشاد..
أحمد منصور (مقاطعا): قباج له تاريخ مميز في المغرب كما سيأتي فيما بعد.
صالح حشاد: يعني الملك الحسن الثاني قال للسفراء تعالوا معي وجاء إلى القاعدة وطلبوا منا أن نبقى واقفين يعني أمام الطائرة التي كنا نقودها في تلك..
أحمد منصور (مقاطعا): حتى يتأكدوا أنكم مغاربة ولستم سوفيات.
صالح حشاد: حتى يتأكدوا أننا مغاربة، وسلموا علينا جميعا وأخذت الصورة التاريخية.
أحمد منصور: صحبت الطائرة التي أقلت القادة الجزائريين بعد إفراج فرنسا عنهم، حتى هذه الطائرة وهذا يعني بالنسبة لك شيء تاريخي وهذه رحلة تاريخية أيضا ولها دور رئيسي في استقلال الجزائر ولكن في أكتوبر من العام 1963 وقعت حرب الرمال بين المغرب والجزائر واستمرت ثلاثة أيام ولعب الطيران فيها دورا، هل شاركت في هذه الحرب؟
صالح حشاد: شاركت فعلا يعني عام 1963 طلب مني أن أذهب بسرب من الطائرات ميغ إلى مراكش من حيث كانت القيادة العامة تحولت إلى مراكش يترأسها الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، ومن هنا من مراكش كنت أقوم برحلات أولا، كنت أقوم برحلات لأصحاب أصدقائي الطيارين، يعني النقل، كانوا ينقلون البضائع إلى تشين دو..
أحمد منصور (مقاطعا): حراسة يعني.
صالح حشاد: حراسة، ومن بعد كنت أقوم باستطلاعات فوق التراب الجزائري لأرى ما التحركات ديال للجنود الجزائريين وفي هذه الطلعات كنت أرى بأن الجزائريين كان يصلهم الماء على متن شاحنات كبرى وقمنا بقصف هذه الشاحنات لمنع وصول الماء إلى الجنود، وهكذا اضطر فيلق بكامله أن يرجع يعني أن يحط السلاح لأن الماء كان، كان الماء بين يدينا.
أحمد منصور: كان هناك طيارون مصريون شاركوا في هذه الحرب.
صالح حشاد: هو في هذه الفترة فعلا جاء الخبر بأن هيلوكوبتر حط في نواحي إيرفود والقائد لم يسمح للطيار أن يقلع..
أحمد منصور (مقاطعا): مرة أخرى.
صالح حشاد: وكان أوفقير في مراكش فطلب من الطيار وهو طيار صديق قال له بالحرب اذهب فائتني بهذه الضباط إن لم تأتني بهم سأقطع لك رأسك، هذه صورة لأوفقير، يعني كان صعبا، وفعلا جاؤوا بالضباط إلى مراكش وكان من بين هؤلاء الضباط الرئيس الحالي..
أحمد منصور (مقاطعا): لمصر، الرئيس حسني مبارك.
صالح حشاد: حسني مبارك.
أحمد منصور: الضابط الذي قبض عليهم في صحيفة العالم ذكر القصة قبل أيام.
صالح حشاد: كان بينهم، كان برتبة أظن ذلك الوقت ملازما أو نقيبا.
أحمد منصور: أنت عايشت هذه.
صالح حشاد: عايشت هذه الأحداث، كنت في مراكش.
أحمد منصور: الآن نتائج هذه الحرب، حرب تندوف أو حرب الصحراء أو حاس البيضاء والأسماء الكثيرة عليها لا زالت إلى اليوم لها مشكلاتها بين المغرب والجزائر ولم تنقض، بصفتك أحد الذين شاركوا هذه الحرب وعايشوها في عام 1963 كيف تنظر إلى هذه الحرب؟
صالح حشاد: والله يا أخي في الحقيقة هم الجزائر الذين بدؤوا الحرب، كانت لنا فرصة، لأن فرنسا طلبت من المغرب من الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، طلبت منه أن يتفاوض لينهي هذه المشكلة، المشكلة الحدودية ما بين الجزائر، ولكن الملك محمد الخامس رفض لأن الجزائر كانت لا تزال تقاوم للاستقلال، إذاً جاءت هذه الفرصة الثانية التي كنا نستغلها لأننا كنا في موقف قوة ويعني كنا في تلك الفترة نستغلها ونطلب من أخواننا الجزائريين أن نتفاوض لحل هذه المشكلة ولكن لم يكن كذلك.
أحمد منصور: مر أكثر من 54 عاما وهنا أزمة لا زالت موجودة وبلدين عربيين يتطاحنان من أجل منطقة حدودية يمكن أن تحل.
صالح حشاد: يمكن أن تحل بسهولة في ذلك الوقت كانوا يعني على حلها ولكن الملك الحسن الثاني لم يقل بهذا، يعني هذه كانت فرصة، فرصة للمغرب بأن يقوم بحل هذه المشكلة.
انتهاء النفوذ السوفياتي والتدريب في المدرسة الأميركية
أحمد منصور: في العام 1965 ضغطت الولايات المتحدة على الحسن الثاني حتى ينهي العلاقة مع السوفيات وينهي العلاقة مع طائرات الميغ التي كنت أنت أحد طياريها وبالفعل تم عمل حفل وداعي واستعراض وداعي لطائرات الميغ، قمت أنت به؟
صالح حشاد: فعلا في 1965 انتهى أمر الميغ لأنه كانت الحرب الباردة ما بين الولايات المتحدة والسوفيات، والولايات المتحدة يعني شعروا بأن السوفيات يحاولون أن يدخلوا إلى المغرب ولهذا في 1965 أمرنا بأن نوقف الطيران على الميغ وجاء الجنرال، كان الجنرال، والله لا أذكر ما كان اسمه، المهم كان..
أحمد منصور (مقاطعا): قائد القوات الجوية.
صالح حشاد: قوات الملكية في ذلك الوقت، وقمنا باستعراض كبير..
أحمد منصور (مقاطعا): للميغ. استعراض وداعي.
صالح حشاد: وكنت أنا وبامعروف يعني وشحنا بالوسام الصليب للحرب وقبلها يعني بشهور من بعد 1963 كان لي الشرف أن يكون، وشحني الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه بالوسام، وسام العرش من درجة ضابط، من بعد أحداث 1963، ولهذا انتهى أمر الميغ وكنت آخر من طار في الميغ 17، قمت بمعرض بهلواني أمام.
أحمد منصور: انتهاء طيران الميغ هو انتهاء نفوذ السوفيات في المغرب.
صالح حشاد: أيوه.
أحمد منصور: وبداية نفوذ كبير للولايات المتحدة وللأميركيين.
صالح حشاد: نعم.
أحمد منصور: وكان لا بد للطيارين الذين يطيرون على الميغ أن يذهبوا إلى الولايات المتحدة.
صالح حشاد: في 1965 بدأنا بتدريبنا على اللغة أولا..
أحمد منصور (مقاطعا): اللغة الإنجليزية، طبعا ثقافتكم فرنسية.
صالح حشاد: أيوه. من بعد ذهبنا إلى الولايات المتحدة لنقوم بنفس التدريب في مدرسة أميركية على طائرات نفاثة..
أحمد منصور (مقاطعا): أنت في الفترة دي ذهبت إلى قاعدة فنس إيرفورس ولا في 1965؟
صالح حشاد: لا، هذه في 1965 ذهبنا إلى الولايات المتحدة لمدة بعض شهور إلى تكساس، يعني إلى ولاية تكساس لدراسة اللغة، اللغة فقط، من بعد تكساس توجهنا إلى القاعدة الجوية للتدريب على الطيران الأميركي ما تسمى بـ فانس إيرفورس بيث التي كانت..
أحمد منصور (مقاطعا): هذه في ألاباما.
صالح حشاد: لا، أوكلاهوما.
أحمد منصور: تفتكر مين من زملائك كانوا معك في نفس المجموعة؟ كنتم أنتم أول مجموعة طيارين تذهب إلى الولايات المتحدة.
صالح حشاد: أيوه.
أحمد منصور: من كان معك؟
صالح حشاد: كنا تقريبا، كنت أنا والمقدم أمقران والرائد قويره..
أحمد منصور (مقاطعا): أنا أرجو من المشاهدين لا تنسى هذه الأسماء لأن الأسماء دي لها دور كبير فيما سيحدث بعد ذلك، أمقران، قويره.
صالح حشاد: المساعد أو المهدي، النقيب البلقاسم، وجاؤوا من بعد نقيبين، وجاؤوا من بعد ضباط آخرين، الطويل..
أحمد منصور (مقاطعا): مبارك الطويل.
صالح حشاد: الزموري. كلهم هؤلاء لا زالوا، كلهم الفوج يعني الأسماء، وكان النقيب العربي، الملازم أول زياد.
أحمد منصور (مقاطعا): زياد والعربي دول مهمين جدا.
صالح حشاد: أيوه. يعني هؤلاء في تلك الفترة اللي كانوا معي في الطيران. وإذاً لمدة سنة ونصف قمنا كامل إعداد على الطيران ولكن الفارق ما بين المدرسة الفرنسية والأميركية، هنا قمنا بالتدريب على الطائرات التي سرعتها تفوق سرعة الصوت، الصوت هذا يعني..
أحمد منصور (مقاطعا): يعني أنت الآن أخذت المدرسة الفرنسية في الطيران، المدرسة السوفياتية في الطيران وطرت على الميغ خمس سنوات والآن على المدرسة الأميركية في الطيران في الطائرات الأسرع من الصوت وكانت الـ F5 الطائرة الأساسية التي تدربتم عليها، الفرق بين هذه المدارس آنذاك في الطيران، قلت لي الفرنسية تحتاج إلى تدريب بعد ذلك؟
صالح حشاد: أيوه. بعد المدرسة.
أحمد منصور: السوفياتية؟
صالح حشاد: لا، السوفياتية لا، يعني السوفيات كنت يعني طيارا، يعني السوفيات أهدوا للمغرب الطيران وجاؤوا الطيارون السوفيات..
أحمد منصور (مقاطعا): دربوكم هنا؟
صالح حشاد: دربونا هنا في المغرب.
أحمد منصور: وجدت فارقا هائلا بين السوفيات والأميركان حتى في إمكانات الطائرة؟
صالح حشاد: والله السوفيات يعني الفرق كان فرقا ما بين تدرييب السوفيات وتدريب..
أحمد منصور (مقاطعا): كيف كانت الحياة داخل القاعدة في الولايات المتحدة؟
صالح حشاد: الحياة يعني كانت جميع الأشياء متوفرة في الولايات المتحدة، يعني الإنسان له متوفر، وهذا وقع مشكل من بعد رجوع التلاميذ من الولايات المتحدة..
أحمد منصور: ما هو؟
صالح حشاد: لأن التلميذ يعني نقول على سبيل المثال المساعد المهدي مثلا يذهب إلى، يعني يقوم بنفس التدريب كتلميذ أميركي يعني نفس التدريب ونفس الذي، ويصبح طيارا، يعني الأميركي يخش ملازم، والمساعد يرجع إلى المغرب ويلقى في حالة.. لما كان في الولايات المتحدة كان يتمتع بجميع الحقوق بما فيها العيش والمادة ولكن لما يرجع إلى المغرب يلقى رأسه في حالة سيئة يعني يعيشها، غير في مستواه..
أحمد منصور (مقاطعا): هذه مهمة جدا أنه إحنا نفهمها لأنها ستفسر كثيرا من الأحداث التي سنتناولها فيما بعد. طيار يقود طائرة ربما بالملايين..
صالح حشاد: طائرة نفاثة، بالملايير. لا..
أحمد منصور (مقاطعا): لكن الدخل بتاعه أيضا لا يكفيه أن يعيش حياة كريمة.
صالح حشاد: لما كان في الولايات المتحدة كان يتمتع بجميع الحقوق ويحس يعني واحد يفتخر لأنه طيار نفاث ولكن لما يرجع إلى المغرب يشعر بالحرقة ويشعر يعني بحياة يعني لم تكن له لا إمكانيات ولم يتمتع بجميع الحقوق.
أحمد منصور: هذا ينطبق على جميع الطيران؟
صالح حشاد: على جميع الطيران.
أحمد منصور: وهذا جعل الطيارين المغاربة يرجعون وفي داخلهم فجوة وغصة من الحياة داخل المغرب.
صالح حشاد: أيوه هذا هو، هذا هو.
أحمد منصور: لا يوجد تقدير من الدولة له، لمكانته، ولا لدخله، يعيش حياة فقيرة وهو يطير بطائرة!
صالح حشاد: وهنا يبدأ يحقد ويبدأ يعني.
أحمد منصور: هذه نقطة مهمة، أنا حرصت في الحلقة دي أدخل معك في الكثير من التفاصيل، حتى يفهم المشاهد كثيرا من التفاصيل التي ربما ستأتي بعد ذلك في تفصيل الأحداث.
صالح حشاد: ربما هذا يجيء من بعد، بداية الانقلابات يعني، في الصخيرات هذه، هنا..
أحمد منصور (مقاطعا): ستظهر الأمور، ولكن إحنا لا زلنا في هذه الفترة، فترة الابتعاث إلى الولايات المتحدة، ما الذي تركته الحياة في الولايات المتحدة في نفوسكم وفي بنائكم وفي تكوينكم كأول مجموعة طيارين مغاربة تذهب للدارسة هناك؟
صالح حشاد: والله شيء كثير يعني، من ناحية تدريب الطيار يعني يرجع الطيار كاملا متخصصا يعني جاهزا للذهاب إلى، وثانيا الشعور بالحرية والشعور الديمقراطية، والشعور يعني نحس لما عشنا في الولايات المتحدة لمدة عام ونصف يعني شفنا كيف الشعوب ذهبت إلى الأمام ولما رجعنا يعني كانت صدمة كبيرة، ترجع إلى المغرب ترى لا شيء كأن المغرب لا شيء فيها، هذه يعني دي الصدمة الأولى والله يعني بعض الأخوان يعني الدموع، يعني تقول ولماذا لا نكون يعني نتقدم في هذه البلاد، هذه؟ وثانيا التخير، يعني الإنسان يذوق الحرية، يذوق، يأتي ويصبح يعني تحت الدكتاتورية..
أحمد منصور (مقاطعا): تحت الدكتاتورية والكبت.
صالح حشاد: وعيشة أخرى يعني هناك تكون صدمة شوية كثيرة.
أحمد منصور: كل هذا ترك أثرا في المجموعة كلها، حتى في المجموعات التي ذهبت بعد ذلك، يعني بشكل عام كل من كان يبتعث ربما كان..
صالح حشاد (مقاطعا): كل من ذهب ورجع إلى المغرب، لأنه في تلك الفترة كانت ظروف المغرب يعيش في ظروف صعبة يعني صعبة جدا، ما نسميه الآن بسنوات الرصاص، كان القمع سيد الموقف كانت الرشوة، كانت، يعني كله كان مباحا في تلك الفترة.
أحمد منصور: طبعا فترة الستينات كانت فترة سوداوية في حياة المغاربة، كان أوفقير يمارس ألوانا من التعذيب مرعبة روى كثير منها..
صالح حشاد (مقاطعا): كان يعني جهاز يقود المغرب تحت القمع وتحت، وكان أوفقير سيد الموقف والدليمي والمجموعة يعني التي كانت المخابرات بين أيديهم وكانوا يعني خارجين عن السلطات المركزية يعني، لأن الحكومة في تلك الفترة فقدت توازنها، ما كانت تقود المغرب بل المغرب كانت تقوده هذه الفئة التي كانت يعني السلطة كانت بين يدي أوفقير والدليمي وإلى آخره.
أحمد منصور: أنتم كمجموعة عسكريين الآن ذقتم طعم الحرية في الولايات المتحدة، وجدتم فارقا كبيرا بين الحياة والحرية والديمقراطية ورجعتهم إلى حياة الكبت مرة أخرى، هل كنتم تتهامسون، تتحدثون فيما بينكم، أم الخوف أيضا كان يملأ نفوسكم؟
صالح حشاد: كان شيء من الخوف، يعني الخوف ولكننا رغم هذا كنا نناقش، كنا ساخطين على الأوضاع التي يعيش فيها المغرب لأنه ولو كنا نعيش في القاعدة لأنها من الولايات المتحدة القاعدة لم يتغير شيء، لأن القاعدة هي الولايات المتحدة، يعني جميع الإمكانيات في القاعدة، يعني استمر عيشنا في القاعدة كأننا في الولايات المتحدة.
أحمد منصور: يعني نقدر نقول إن النظام حرص على أن تظلوا معزولين عن الشعب، رجعتم من الولايات المتحدة إلى قاعدة القنيطرة التي هي أيضا قاعدة أميركية هنا..
صالح حشاد: قاعدة أميركية وكانت جميع التسهيلات فيها.
أحمد منصور: كنتم تعيشون داخل القاعدة؟
صالح حشاد: لم نكن جميع الطيارين يعيشون في الداخل، البعض والأكثر من الطيارين كانوا يعيشون خارج القاعدة ويعيشون مع الشعب ولهذا تخيل أن نقيبا أو مساعد طيار نفاثة يقود الـ F5 سرعتها تفوق سرعة الصوت يذهب من بعد يقوم بعمله ويسكن مع الشعب..
أحمد منصور: ويركب المواصلات العامة.
صالح حشاد: وفي الصباح يجيء لم تكن له سيارة، في الولايات المتحدة كانت له سيارة وكان يعني يعيش.. ويجيء إلى العمل مع الموظفين على شاحنات النقل وبعد ساعتين يطير فوق طائرة تفوق المليار يعني يحس بالحرقة ونشعر بأنهم كانوا تربى فيهم حقد وكانوا حاقدين على الوضعية وكانوا، وهذا يعني قدرنا نقول لأنهم كانوا مستعدين لأي شيء يغير الموقف في المغرب.
أحمد منصور: أنا سأبدأ معك الحلقة القادمة من الحياة داخل قاعدة القنيطرة الجوية، كيف كنتم تعيشون داخل القاعدة التي كانت قاعدة أميركية فيها طيارين أميركيين وقوات أميركية وكانت قاعدة شبه معزولة تقريبا في كل ما فيها من تفاصيل الحياة عن باقي حياة المغرب. أشكرك شكرا جزيلا، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الرائد طيار صالح حشاد قائد سرب الطائرات التي قامت بمحاولة الانقلاب على الحسن الثاني في محاولة انقلاب أوفقير عام 1972. في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.