شاهد على العصر /صورة عامة
شاهد على العصر

عبد الهادي بوطالب.. عصر الملوك في المغرب ج5

يستكمل وزير الخارجية والإعلام والعدل المغربي الأسبق عبد الهادي بوطالب شهادته على عصر الملوك الثلاثة في المغرب، ويتحدث عن الاحتفال بيوم الشباب وعيد ميلاد الملك.


– الاحتفال بيوم الشباب وعيد ميلاد الملك
– مفاجأة الاقتحام ومحاولة الانقلاب
– فشل الانقلاب وإعدام الانقلابيين
– المناقشة حول الانقلاب وتمسك الملك بأوفقير
– تدخل أوفقير في البرلمان واستقالة بوطالب منه

 أحمد منصور
 أحمد منصور
عبد الهادي بوطالب
عبد الهادي بوطالب


أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر. حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد عبد الهادي بوطالب وزير الإعلام والعدل والخارجية والمستشار الخاص السابق لملك المغرب الحسن الثاني. معالي الدكتور مرحبا بك.

عبد الهادي بوطالب: أهلا وسهلا.

الاحتفال بيوم الشباب وعيد ميلاد الملك

أحمد منصور: كانت المؤامرات لا تتوقف ضد الملك الحسن الثاني وكذلك المحاكمات للمعارضين له، في 14 يونيو/ حزيران عام 1971 بدأت محاكمة مؤامرة اتهم البعثيون في المغرب بأنهم كانوا وراءها وبينما كان البعثيون أو المتآمرون يحاكمون كان الملك مع حكومته وحاشيته يقضون في التاسع من يوليو عام 1971 سهرة فنية جُمع لها كبار الفنانين من العالم العربي بمناسبة يوم الشباب وعيد ميلاد الملك في نفس الوقت، حضرت هذه الحفلة؟

عبد الهادي بوطالب: نعم.


أحمد منصور: كيف كانت هذه الحفلة؟

عبد الهادي بوطالب: هذه الحفلات كانت تقام كل سنة، ذكرى ميلاد جلالة الملك وأقيمت في التاريخ الذي ذكرته ودعي لها ما يزيد على ألف من الناس، كان قصر الصخيرات الواقع على البحر قريبا من الدار البيضاء، هو بين الدار البيضاء والرباط، كان يؤمه جميع السفراء المعتمدين في المغرب في الرباط وتحضره الحكومة ويحضره الجيش ويحضره الجميع، ودعينا كالعادة كل مرة وعادة كان يُطلب من المدعوين أن يأتوا بلباس خفيف..


أحمد منصور (مقاطعا): لا، أنا في الحفلة في السهرة الفنية.

عبد الهادي بوطالب: الحفلة في الليل، أنا أقول لك على الصبح الآن.


أحمد منصور: لا، الحفلة، من أهم الفنانين اللي حضروا الحفلة؟

عبد الهادي بوطالب: من أهم الفنانين الذين أذكرهم كان محمد عبد الوهاب كان فريد الأطرش كانت مغنية مصرية..


أحمد منصور: شادية.

عبد الهادي بوطالب: شادية، كانوا خمسة أو أكثر من هذا..


أحمد منصور: وعبد الحليم حافظ.

عبد الهادي بوطالب: وعبد الحليم حافظ، وكلهم جاؤوا بأغاني مدحوا بها جلالة الملك و..


أحمد منصور (مقاطعا): كله كان بيمدح في الملك.

عبد الهادي بوطالب (متابعا): أحيوا الذكرى، ذكرى ميلاد جلالة الملك وبينما نحن..


أحمد منصور (مقاطعا): كان الملك سخيا في العطاء لهؤلاء؟

عبد الهادي بوطالب: كان يعطي طبعا، هذا من حاجات الملك، اشترى لعبد الوهاب عمارة في بيروت، تبرع له بها وأعطى الكثير، أغدق الكثير من عطاياه على عبد الحليم حافظ..


أحمد منصور: عبد الحيم حافظ، كان بيجي هنا كثير..

عبد الهادي بوطالب: كان بيجي كثيرا..


أحمد منصور: وكان بيمدح الملك كثيرا.

عبد الهادي بوطالب: يمدح الملك ويغني يعني كان أغاني، الغناء للملك مش هو، مش كل ما يقوله غناء للملك، كل الأغاني التي كان يعرف بها وكانت السبب لتخليد ذكره في عالم الأغاني كان..


أحمد منصور (مقاطعا): يغنيها للملك.

عبد الهادي بوطالب (متابعا): لها أغراض غير مدح الملك، كان يلقيها هنا.


أحمد منصور: ذهبتم في الصباح إلى قصر الصخيرات حيث كان الملك يحتفل، وذهبتم كما قلت بلباس خفيف، كيف كان الجو في الصخيرات صباح يوم العاشر من..

عبد الهادي بوطالب (مقاطعا): أن يقع ما وقع لم يكن يشعر أحد بشيء، الدقيقة اللحظة التي دخل فيها الجنود وأخذوا يضربون يرمون بالمفرقعات أو بالبطاريات السلاح لم يكن أحد يصادر أحدا، مثلا..


أحمد منصور (مقاطعا): قبل أن ندخل إلى هجوم جنود مدرسة أهرمومو بقيادة محمد أعبابو إلى القصر، كيف كانت الأجواء التي سبقت هجوم الجنود على القصر؟

عبد الهادي بوطالب: الأجواء كانت.. الناس كانت من شاء أن يسبح في المسبح يسبح ومن شاء أن يمشي على قدميه يعمل شوية رياضة يكون، وكانت يعني مش.. وكان الناس يلبسون لباسا خفيفا وكان الصيف يعني وبالصيف كانوا يلبسون لباسا خفيفا. أنا كنت أسبح وبعد ذلك طالع من السباحة وجاؤوا عندي قالوا لي هذا وقت الغداء تفضل معنا في مائدة جلالة الملك، كنت رئيس مجلس النواب كنت الرابع في الدولة، جلالة الملك يليه ولي العهد يليه رئيس الحكومة يليه رئيس مجلس النواب، فقلت لهم لا خطاؤون يعني نحن الآن في عدة اللباس الخفيف ونذهب في بروتوكول يطلب منا، قالوا لي لا، جلالة الملك يلح على حضورك لأن زميلك وصديقك ابن الرئيس بورقيبة، جونيور هذا اللي هو..


أحمد منصور: الحبيب..

عبد الهادي بوطالب: هو معه في المائدة ولا يمكن أن لا تكون، قلت لهم والله أرجوكم اعفوني أنا ما.. ولكن ذهبت فأخذت مقعدي وسط، بين وبين السيد سفير تونس الحبيب الشطي وبين السيد أحمد باحنيني اللي كان رئيس الحكومة وجلست بينهما، لاحظت هناك وأنا بينهما لاحظت أن الكاتبين اللي كانا يعملان حسابات في البرلمان موجودين بعيدا مني عن عشرة أمتار، ذهبت لأسلم عليهما وإذا بالجماعة..


أحمد منصور (مقاطعا): والاقتحام يتم. يعني الناس كانت في أمن تام اللي بيأكل بيأكل واللي بيلعب بيلعب..

عبد الهادي بوطالب: ما كان أحد يتوقع..


أحمد منصور: واللي بيسبح بيسبح..

عبد الهادي بوطالب: والمائدة أمامي الرئيسة كان فيها الناس منشغلون بغير هذا.


أحمد منصور: هل تفتكر أنواع الأكل والشرب والأشياء الممتعة اللي كانت محطوطة للناس؟

عبد الهادي بوطالب: كيف أفتكر، كل الأنواع، كانت موائد الملك موائد ملكية يعني بمعنى تليق به، بالداعي، الداعي كان يكرم الناس ويستقبلهم خير استقبال يعني. ودخلوا، دخلوا وأخذوا يضربون، فأنا لما وقفت بينهم لأرجع إلى مكاني، الشظية، القنبلة التي كانوا يرمون بها دخلت الشظية هنا في هذا المكان في ساقي..


أحمد منصور: في رجلك..

عبد الهادي بوطالب: في رجلي، في فراغ هذا في الركبة. وذهبت، نقلوني إلى المستشفى في السيارة وأعطاني واحد عصا أتكئ عليها لكنني الحمد لله قضيت يومين في المستشفى وأخرجت.


أحمد منصور: قبل أن تذهب إلى المستشفى بعد هذا الهجوم الذي وقع ما أول شيء وقعت عليه عينك؟

عبد الهادي بوطالب: قبل كل شيء اللي كان عندي هو أنه كان عندي يعني شبه شعور أو هاجس أن شيئا سيقع، لأنه كانت تروج الإشاعات والأكاذيب وكل ما يهيء لأجل تقبل الناس الانقلاب الذي كان يدبر له ولكن ما كانش في دلائل محسوسة يعني.


أحمد منصور: لكن ما كانش عندك شعور ما شكل الذي يمكن أن يقع؟

عبد الهادي بوطالب: لا، لا.


أحمد منصور: جيدي بيرو في كتابه "صديقنا الملك" يصف المشهد فيقول "كان هناك أكثر من ألف شخص يلتفون حول الملك…

عبد الهادي بوطالب (مقاطعا): أنا حكيت لك هذا، أكدت لك هذا.


أحمد منصور: نعم، "أدهشت فخامة الموائد المدعوين، جبال من القشريات البحرية والقريدس وأكداس من أسماك السومو أو الكافيار بالمغارف، وفواكه وحلويات وأشربة متنوعة، عشرات الخراف تدور على أسياخ الشواء بينما يقوم الطهاة بتحضير المشهيات وتقديم المشروبات غير الكحولية والشاي على الموائد. غير أن هواة الويسكي والشمبانيا يمكن أن يغبوا منها ما يشاؤون في خيمة نصبت خارج حرم القصر قريبا من ملعب الغولف حتى لا يسيئوا إلى مشاعر العلماء وحراس الشريعة". كان هذا هو المشهد؟

عبد الهادي بوطالب: يعني أنا ما.. ولكن دائما إذا كان المدعوون أجانب يقدم لهم المشروبات التي يرغبون فيها، لا أستغرب أنه كان هناك قارورات شمبانيا أو الويسكي أو..


أحمد منصور (مقاطعا): لم تشاهد الملك؟

عبد الهادي بوطالب: لا لم أشاهد، الملك بعث ليقول تعال معنا في المائدة ولم أسلم عليه في ذلك اليوم.


أحمد منصور: لكن كان له مائدة في الخارج؟

عبد الهادي بوطالب: لا مش في الخارج، قصر الصخيرات واسع وعنده يعني شاطئ بجانبه والناس.. والمسافة فارغة يمكن الإنسان يمشي فيها ما يقرب من نصف كيلومتر.

مفاجأة الاقتحام ومحاولة الانقلاب

أحمد منصور: نعم. كيف تحول المشهد من أناس أمامهم هذه الجبال من الأطعمة والخراف المشوية والناس تلهو ومن يسبح يسبح ويلعب يلعب ومن يتحدث وفجأة فوجئوا بقنابل و..

عبد الهادي بوطالب: إيه كانت مفاجأة، مفاجأة. ونشوف كل واحد يتفرج بما فيهم جلالة الملك نفسه، يعني الذين قاموا بالانقلاب لم يضربوا موعدا له ولم يعلنوا عنه سالفا، جاؤوا واتخذوا واتخذوا جميع..


أحمد منصور (مقاطعا): لكنهم تحركوا منذ الفجر وحتى الظهر ولم يرقبهم أحد أو لم يوقفهم أحد ولم يدر أحد أن هناك محاولة انقلابية.

عبد الهادي بوطالب: لأنه بلا شك أنه كان يدبر هذا الانقلاب ناس عندهم سلطة الشرطة وسلطة الجيش.


أحمد منصور: من؟

عبد الهادي بوطالب: اللي بيحضرهم، يعني أوفقير كان واحدا منهم..


أحمد منصور (مقاطعا): لكن أوفقير كان ملاصقا للملك.

عبد الهادي بوطالب: لا، هو دبر المؤامرة معهم وأنا سأقول لك كيف وقع.


أحمد منصور: قيل إن الجنرال المدبوح هو الذي كان يقف وراء المؤامرة.

عبد الهادي بوطالب: جنرال مدبوح كان يقف..


أحمد منصور: والمدبوح كان المسؤول الأول أمام الملك.

عبد الهادي بوطالب: المدبوح كان جاء تقرير به من المخابرات الأميركية إلى أنه يدبر انقلابا ثلاثة أشهر قبل حادثة الصخيرات، وصل إلى جلالة الملك وقُدم للملك هذا التقرير وهو يلعب الغولف فألقى عليه نظرة وقال له مدبوح تعال اقرأ ما يقال عنك، قال له أنا أعرف أنك بريء، هذا كلام لا نأخذه، شيلوا هذه الورقة لا قيمة لها. يعني هو الملك كان عادة من وصله خبر عنه يؤدي الخبر إلى صاحبه ليقول له رح كل ما تفعله سيعرف. فإذا هذا أحسن أحواله كسبه وإذا هو لا يستطيع أن يمضي في برنامجه إلى النهاية لأنه يقول الملك اطلع على بعضه، باش خافي على أشياء ما قالهاليش.


أحمد منصور: أنت أصبت في قدمك، من من الذين تعرفهم..

عبد الهادي بوطالب (مقاطعا): كثير من الناس هم، القتلى تجاوزوا الثلاثمائة.


أحمد منصور: من أبرز الذين قتلوا أمامك؟

عبد الهادي بوطالب: من الخدم الذين يشتغلون من الذين يهيئون الغداء من كانوا سيقدمون خدمة عندما يكون الناس على موائد الطعام، الأمر كله شيء جانب شيء مختلط..


أحمد منصور: قتل أيضا سفراء، وزراء؟

عبد الهادي بوطالب: أنا مما رأيته، هذا مهم جدا، أنني لما مررت وأنا خارج وجدت واحدا أخذ لقمة لحم..


أحمد منصور: قطعة لحم.

عبد الهادي بوطالب: قطعة من اللحم ووضعها على.. فمات، فظلت القطعة خارجة من بين شفتيه وشفتاه مفتوحتان. يعني الناس كانت كل واحد كيف كان، ما كان أحد ينتظر، هذا المثال جبته لك باش نقول لك كانت مفاجأة للجميع، هذا اللي كان يطلع بقطعة اللحم يتوقع أنه سيموت بالرصاص؟ ما كان أحد يتوقع هذا الشيء.


أحمد منصور: من أبرز من الذين تعرفهم قتلوا في هذا؟

عبد الهادي بوطالب: مات واحدات مات كثير، مات الطبيب الخاص للملك، فرنساوي، مات واحد العدادي ، الطبيب الخاص له أيضا مات، واحد العدادي مات..


أحمد منصور: الذين كنت تجلس معهم على المائدة؟

عبد الهادي بوطالب: لم يصابوا لأن المائدة كانت بعيدة شوية من مدخل القصر وأنا لم أذهب إليها لأني قلت هذا مشقة وأننا نمشي ونحن في حفلة يراد منها أن لا يكون فيها تكلف ولا..


أحمد منصور (مقاطعا): لا، لا، الذين كنت تجلس معهم على المائدة؟

عبد الهادي بوطالب: هذا رئيس الحكومة وكذلك السيد الحبيب الشطي، السفير.


أحمد منصور: أصيبوا؟

عبد الهادي بوطالب: لا.


أحمد منصور: لم يصابوا.

عبد الهادي بوطالب: أنا أصبت وأنا قائم..


أحمد منصور: لأنك ذهبت لتسلم على هؤلاء. كيف تطور المشهد بعد ذلك؟

عبد الهادي بوطالب: لا، الصح البحنيني أصيب.


أحمد منصور: البحنيني أصيب؟

عبد الهادي بوطالب: إيه أصيب، قلت ما أصيب الشطي، الشطي لم يصب.


أحمد منصور: لكن البحنيني أصيب؟

عبد الهادي بوطالب: إيه أصيب.


أحمد منصور: كيف تطور المشهد بعد ذلك؟

عبد الهادي بوطالب: تطور المشهد إلى خلط و يعني ما كان أحد يعرف وين أحد كل ما هناك أنه اصطُحبنا والآلات الحربية..


أحمد منصور: الأسلحة.

عبد الهادي بوطالب: وراء ظهورنا وخرجنا.


أحمد منصور: جمعوكم في مكان واحد؟

عبد الهادي بوطالب: جمعونا وركعونا، ركعونا وأيدينا فوق مدة ساعة تقريبا.


أحمد منصور: كل من بقي على قيد الحياة..

عبد الهادي بوطالب: كله، لا أحد بقي واقفا.


أحمد منصور: من الذي رأيت جثته أمامك؟

عبد الهادي بوطالب: هو من جملة الذين جاؤوا، جاؤوا بالنساء اللي في القصر، أخرجوهم وركعوهم، واحدة وقفت أمامهم، شاجية، شادية، قالت لهم، وكشفت عن صدرها وقالت أنا لن أركع اضربوا صدري تفضلوا. ما استطاعوا أن يركعوها ظلت واقفة تشتمهم وتوبخهم. هذه كانت بطلة في الحادث.


أحمد منصور: أخذوا ينادون على بعض الناس وأعدموهم أمامكم.

عبد الهادي بوطالب: أنا سمعت بأذني نداء على الدليمي..


أحمد منصور: الدليمي.

عبد الهادي بوطالب: والمليجي، سمعت النداء على بعض الكبراء..


أحمد منصور: القادة العسكريين.

عبد الهادي بوطالب: ولم يجيبوا. وأخيرا وقع اللي وقع هو أنه اتصل الملك قال له لمدبوح.. يظهر..


أحمد منصور: أعبابو.

عبد الهادي بوطالب: أعبابو، قال له بأنه، الكولونيل أعبابو هو رئيس الانقلاب وهو أن الجماعة العسكرية لهم شروط عليك إلى رغبة أنهم يرجعون إلى طاعتك وموالاتك، قال لهم أنا مستعد للمفاوضة..


أحمد منصور: الملك؟

عبد الهادي بوطالب: الملك. فراح يبشرهم المدبوح، قال لهم انتظروا لا تضربوا أحدا الملك على استعداد لأن يدخل معكم مفاوضات وأنا أضمن ذلك، ضربه أعبابو وأرداه قتيلا.


أحمد منصور: هل قتل أمامك المدبوح؟

عبد الهادي بوطالب: لا، المكان كان فسيحا جدا وواسع، وقلت لك إنه أكثر من ألف من الناس كانوا موجودين واختلط الحابل بالنابل ما بقى أحد يعرف هذه جهة السفراء وهذه جهة الوزراء وهذه..


أحمد منصور: يعني كأنما يوم القيامة.

عبد الهادي بوطالب: يوم القيامة، يوم الهول..


أحمد منصور: هل وضعوكم فوق بعضكم بعضا؟

عبد الهادي بوطالب: يوم الفزع الأكبر.


أحمد منصور: صحيح وضعوكم فوق بعضكم؟

عبد الهادي بوطالب: أيوه، أنا رأيت من فعلوا بهذا، أنا من الناس، أنا ركبت ظهر السيد الفلالي، اللي رجع وزير أول فيما بعد..


أحمد منصور: عبد اللطيف الفلالي.

عبد الهادي بوطالب: عبد اللطيف فلالي، وكان تحت في السيد محمد الشقراوي هو الآخر، وكان يقول لي..


أحمد منصور: محمد الشرقاوي هو..

عبد الهادي بوطالب: الآن صهر الملك، كان وزيرا في الدولة، يسألني ماذا ترى؟ فكنت أقول هامسا أرى فلان فوق فلان وأرى فلان قد قتل والآخر.. يعني كان كل واحد يسأل ولا أحد يعرف ولما خرجنا خرجنا رافعي الأيدي كلنا وانبطحنا على بطوننا ويدانا مرتفعتان.


أحمد منصور: أين كان أوفقير؟

عبد الهادي بوطالب: مع الملك، كان مع الملك وكان يقول إن من هذا الذي، من قام بهذه المهمة، جلالة الملك سوف ننتقم منه إلى آخر هذا.


أحمد منصور: إذا كان أوفقير وراءها كما تقول أنت وكانت الفرصة هذه أمامه ليقتل الملك أو يتخلص منه، لماذا لم يقتل الملك ويتخلص منه؟

عبد الهادي بوطالب: هو الملك ما ظن أن أوفقير، بدليل أنه الملك لما قالوا له الآن الانقلابيون رجعوا عن انقلابهم ذهب إليهم وأوفقير بجانبه وقال لهم أنتم غالطين وقولوا يحيا الملك، فصاروا يقولون يحيا الملك، يحيا الملك. أنا بعيدا على تقريبا خمسين مترا، سألت واحدا من الناس من يبايعون؟ الجديد؟ ما ظننت أنه..


أحمد منصور: آه ظنيت أن هناك ملكا جديدا؟

عبد الهادي بوطالب: ملك جديد. من يبايعون؟ عرفت بعد ذلك أن الملك هو اللي كان وقف وقال لهم اقرأوا الفاتحة، لما قرؤوا الفاتحة هديتهم الفاتحة.

فشل الانقلاب وإعدام الانقلابيين

أحمد منصور: كيف تغير موقف الانقلابيين بهذه الصورة؟

أوفقير كان متفقا مع الانقلابين ولكن حكم عليهم بالإعدام ليتخلص منهم ولا يعترفون أن من كان وراء الانقلاب هو أوفقير

عبد الهادي بوطالب: هو أنا الفكرة اللي عندي أوفقير كان متفقا معهم ولكن ما مشاش يشارك هو بنفسه، خلاهم، وهو الذي حاكمهم وحكم عليهم بالإعدام وهو كان.. وكانوا يستطيعون أن يقولوا إن أوفقير وراءهم ومعهم فحكم عليهم بالإعدام، بعضهم وهو يعدم وسمع بصوت هذا في الإذاعة كان يقول إحنا مع جلالة الملك، هو زعيمنا هو ملكنا اللهم أنت نحن لم نشارك في هذا أبدا.


أحمد منصور: كان أعبابو قد خرج مع كثير من قواته وتوجهوا إلى الرباط..

عبد الهادي بوطالب (مقاطعا): لاحتلال الإذاعة.


أحمد منصور (متابعا): لاحتلال الإذاعة ومقر قيادة الجيش والإعلان عن الانقلاب وفعلا أصدروا بيانا عسكريا ونقلت وكالات الأنباء هذا الأمر وكتبت بعض الصحف ومنها الأهرام المصرية عن هذا الخبر..

عبد الهادي بوطالب (مقاطعا): وطال هذا ساعات يعني. الانقلاب وقع حوالي الساعة.. العصابات التي جاءت حوالي الساعة 12,30، ثم..


أحمد منصور (مقاطعا): هؤلاء كانوا أكثر من ألف طالب ينتمون إلى المدرسة العسكرية في أهرمامو التي كان يقودها أعبابو والذي كان من أحد القادة العسكريين البارزين في المغرب..

عبد الهادي بوطالب: صحيح، هذا كله صحيح.


أحمد منصور (متابعا): هجم وكان باتفاق مع الجنرال المدبوح الذي كان مسؤولا عن أمن الملك وقاموا بهذه المحاولة الانقلابية. الحسن الثاني روى في مقابلة صحفية لاحقة مع ريمون تورنو مندوب مجلة بريماتش الفرنسية أن أحد الطلاب جاء إلى الملك فارتعش وأدى التحية العسكرية إلى الملك حينما رآه ثم سيطر الملك على الموقف وطلب منه قال له لماذا لا تقبل يدي؟ فأقبل التلميذ وقبل يده وهتف باقي الطلبة. الذين بقوا في القصر كانوا قلة من الجنود والآخرون كانوا ذهبوا إلى الرباط وهذا ما أعان الملك على استعادة الأمر.

عبد الهادي بوطالب: لكن إضافة إلى ما تفضلتم به، كل معلوماتك كلها صحيحة كلها حقيقية، الملك خلع على أوفقير رداء أو كسوة عسكرية وقال له قم لتهدئ البلد.


أحمد منصور: وجه الملك أوامره إلى أوفقير قائلا، جنرال أوفقير قف إنني عهدت إليك بجميع السلطات المدنية والعسكرية، تول إنهاء القضية. فبدأت عملية القمع والردع للانقلابيين. هل كان هذا هو المشهد؟

عبد الهادي بوطالب: إيه نعم.


أحمد منصور: ارتدى أوفقير البزة العسكرية؟

عبد الهادي بوطالب: أنا الكلمات اللي قلتها ما سمعتهاش إنما حتى لو لم يقلها أخذ أوفقير نيابة عن الملك جميع السلطات.


أحمد منصور: جميع السلطات، وبالتالي أطلق الملك يد أوفقير ليفعل ما يشاء؟

عبد الهادي بوطالب: إيه تركه، هو ما طالش هالشيء بين 24، 48 ساعة.


أحمد منصور: أعبابو حينما ذهب إلى قيادة الجيش واجهه الجنرال البوهالي وكان البوهالي أحد القادة المسؤولين عن الجوانب الأمنية وظهر الرجلان أمام بعضهما وانتهى المشهد بأن قتل كل منهما الآخر في مشهد هولييودي يعني..

عبد الهادي بوطالب (مقاطعا): أنا كنت بعيدا من المشهد اللي وقع فيه هذا، أنا كنت بعيد شوي ما تتبعتوش يعني، مش كل الناس.. كانوا حاطين وجوههم في الأرض.


أحمد منصور: أنت بعد ذلك انشغلت في إصابتك وذهبت إلى المستشفى وعولجت وكان هناك مئات من المصابين.

عبد الهادي بوطالب: إيه كان، كانوا بالمئات وكان المصابون زعماء وطنيين كبار منهم الأستاذ محمد حسن الوزاني قطعت يده من هنا..


أحمد منصور: قطعت يده في هذا الأمر.

عبد الهادي بوطالب: مات وهو لا يكتب إلا بيد واحدة.


أحمد منصور: في صباح الثلاثاء 13 يوليو الساعة 11 صباحا، اقتيد أربعة جنرالات هم الجنرال حمو وبوقرين ومصطفى وحبيبي وخمسة عقداء ومقدم إلى معسكر مولاي إسماعيل قرب الرباط وشدوا إلى عشرة أعمدة وفي حضور الجنرال أوفقير، وقيل إن الحسن الثاني حضر هذا، وتم تنفيذ..

عبد الهادي بوطالب(مقاطعا): من بعيد.


أحمد منصور: حضر من بعيد؟

عبد الهادي بوطالب: من بعيد.


أحمد منصور: حضر تنفيذ حكم الإعدام. حكم الإعدام نفذ في 13 يوليو في الضباط العشرة حاكمهم أوفقير وحكم عليهم بالإعدام في خلال 24 ساعة ونفذ الحكم.

عبد الهادي بوطالب (مقاطعا): وكان فيهم من يقول أنا بريء، يحيا الملك الحسن الثاني. وهم يعدمونهم.


أحمد منصور: كان فيهم..

عبد الهادي بوطالب (مقاطعا): لأن من دبر الانقلاب كان يريد أن يموت حديث الانقلاب بموتهم.


أحمد منصور: نعم، فمات الكثير..

عبد الهادي بوطالب: في حين لو زادوا لفضحوا.


أحمد منصور: فمات كثير من البرآء.

عبد الهادي بوطالب: صحيح.


أحمد منصور: كان الجيش المغربي فيه 15 جنرالا، قتل ومات تسعة في هذا..

عبد الهادي بوطالب: ما عنديش إحصاءات.


أحمد منصور: في هذه المحاولة. أنت إلى أين ذهبت؟ كيف خرجت من القصر؟

عبد الهادي بوطالب: أنا أخرجني طبيب وضعني في سيارتي وذهب بي إلى المستشفى يعني لأنه ما بقى أحدا يعرف أحدا ولا يعرف فلان أين يوجد وفلان أين يوجد، وقع خلط وجلط كما يقال، فذهبت إلى المشفى في المستشفى تعرفت على الجرحى حتى ولا أقدر أقول تعرفت على الجميع، بعضهم، لأنني كنت في غرفة وكانوا..


أحمد منصور (مقاطعا): من أبرز من تعرفت عليه من الجرحى؟

عبد الهادي بوطالب: هناك.. أنا رحت لزيارة الأستاذ محمد حسن الوزاني اللي كان معنا زعيم حزب الشورى والاستقلال وجدته وقد قطعت يداه وهم يعالجونه، الموتى ما جوش المستشفى، مشاوي المحلي و.. اللي باش يدفنوا فيه الموتى أو سلموا إلى أهلهم، المهم هو أنه يعني اختلط الحابل بالنابل، من الصعب أن تقول بأن فلان كلان يتكلم مع فلان وفلان.


أحمد منصور: أنت صف لي الحالة النفسية لك وللآخرين.

عبد الهادي بوطالب: أنا الحالة النفسية أنني كنت سعيدا بأنني لم أمت، وكان يمكن أن أموت..


أحمد منصور (مقاطعا): توقعت الموت في أي لحظة؟

عبد الهادي بوطالب: الضربة اللي جاءت هنا كان يمكن أن تجيء في مقتل، الحمد لله، ما كان جاتش. ذهبت أولا وأنا لم أذهب إلى بيتي كان عندي شاب صغير متزوج فعرض علي أن أروح إلى بيته قبل البيت، قال لي البيت هناك قد يجوا يخبطوك الانقلابيون، لأنه ما عرفناش اللي وقع، فذهبت وقضيت عنده 48 ساعة لا يعرف أهلي سوى أنني استطعت أن آخذ التلفون وأتصل بزوجتي لأقول أنا حي، كل شيء انتهى الحمد لله.


أحمد منصور: ومتى عرفت أن الحسن الثاني لا زال على قيد الحياة؟

عبد الهادي بوطالب: لا، حينها عرفنا نحن لأنه صارت يقال على الإذاعات إن الملك بخير..


أحمد منصور (مقاطعا): لكن علمت هذا من الراديو ليس قبل أن..

عبد الهادي بوطالب: أنا ما شفته إلا في وقت آخر لما جاءني أحمد العراقي يزورني في البيت في اليوم الثالث في بيتي وجاب لي ما كتبه حسنين هيكل عن الانقلاب وقال إنه جاؤوه ضباط وهو في غرفته وقالوا سنقوم بانقلاب على غرار ما فعل القذافي وتريد أن تكون أنت مطلعا على الحالة حتى تكتب إذ ذاك ما سيقع، قال ورافقتهم عشر كليومترات وذهبنا إلى المدينة الفلانية..


أحمد منصور (مقاطعا): هذه القصة التي تحدثت عنها أنت..

عبد الهادي بوطالب: هذه القصة التي تحدثت عنها سابقا. لما، هذه أول مرة لقيت الملك لأنه جاءني.. يعني تتمة الحديث، جاء عندي الوزير الأول حاملا معه لفافة القصاصات الأخبار، الأنباء، ومقال حسنين هيكل وقال لي جلالة الملك يطلب منك أن تكتب مقالا لك وأن يقرأه اليوم في..


أحمد منصور: لترد على هيكل.

عبد الهادي بوطالب: ترد عليه، قرأت أنا المقال واطلعت عليه وأخيرا لما قرأته قلت للوزير الأول الذي أتاني بالملف، هل اطلع جلالة الملك على هذا؟ قال لي لا جلالة الملك، قلت له لا يريد أن يطلع على الأخبار السيئة، لك الأمر قل ما تشاء، قلت له لا أنا إذا ما اطلعش على.. معناها أن شيئا لم يقع، من الآن فصاعدا على الملك أن يطلع قبل الأشياء حتى لا يقع ذاك الذي وقعنا فيه جميعا، أنا لا أكتب شيئا إلا بعد أن يطلع الملك عليه ويقول لي إش نبغى نقول فيه. وأخيرا قلت له..


أحمد منصور (مقاطعا): وكان من طبيعة الملك أنه لا يطلع على الأشياء؟

عبد الهادي بوطالب: يعني الأشياء اللي غاد مثلا كانوا عادة الصحف اللي كانت تتكلم عليه أو تنتقده أو تقول عليه السوء يقول ما أقرؤها اقرؤوها أنتم.


أحمد منصور: أنت تعتبر هذا كان شيئا غير جيد.

عبد الهادي بوطالب: ربما كان يجعله أنه ما يتأثرش بما يسمع، يبقى الخطة دياله..


أحمد منصور (مقاطعا): على الأقل يطلع يشوف الدنيا شكلها إيه.

عبد الهادي بوطالب: لا يعني هو ما كانش من هذا النوع اللي فيه لم يكن كما يقال في المثل رجل طُلعة، هذا يطلع على كل شيء، لا، يعني يحب الاطلاع على..


أحمد منصور (مقاطعا): على ما يروق له.

عبد الهادي بوطالب: على ما لا يزعجه ولا يقلقه.


أحمد منصور: كثير من الزعماء الذين لا يطلعون على حقائق الحياة..

عبد الهادي بوطالب (مقاطعا): مش لا يطلعون، لا يطلعون على ما يقال عنهم..


أحمد منصور: ما يقال عنهم.

عبد الهادي بوطالب: وأعتقد أنه ربما، ممكن، أنه كان يقول لنا أنا لا أطلع وهو يطلع، ربما.

[فاصل إعلاني]

المناقشة حول الانقلاب وتمسك الملك بأوفقير

أحمد منصور: هل رددت على هيكل؟

عبد الهادي بوطالب: أنا أول ما قرأت الكتاب قلت له ما اطلعش؟ قال لي لا، قلت له نطلبه في التليفون قلت له أنا نطلبه بالتليفون، قمت أنا للتليفون قلت له جلالة الملك ما اطلعتش على مقال حسنين هيكل؟ قال لي لا قلت له هذا مش معقول لأن حسنين هيكل قال أمورا حقيقية، من جملة ما قال يصفه عندما جلالة الملك والرئيس عبد الناصر عندما جاء الرئيس عبد الناصر إلى المغرب في زيارة رسمية.


أحمد منصور: سنة 1969.

عبد الهادي بوطالب: ويقول فيها إن الملك جاء يلبس ثيابا فضفاضا رياضيا وفي ورود.. قلت له يقول كلاما صحيحا ولكن ما كتبه عن علمه بالانقلاب الذي سيقع واستقبال أربعة من الضباط الصغار هذا كله كذب، قلت له ما زلت قائلا يا جلالة الملك أقول لك شيئا لماذا ندخل في هذه المعركة نحن مع حسنين هيكل لماذا ندخل في هذه المعركة مع صوت العرب؟ إحنا ما عندناش الإذاعة التي تُسمع على بعد كيلومترات من المغرب إحنا ما عندناش القدرة على منازلة الإعلام هذا المصري بإعلام مغربي هذه كل ما هناك إذا إحنا علقنا يعرف المغاربة أن حسنين هيكل قال وقال، إذا سكتنا يكون أحسن. قال لي هذا كلام يكون فيه المناقشة تعال نحن سنلتقي اليوم في القصر وأريد أن تحضره لنا، فوصلنا، قال لي جلالة الملك أنا فكرت في الموضوع اللي قلت لي الحق معك لا ترد عليه، لما وصلنا قال لأوفقير يا أوفقير صف لي ما وقع كيف وقع.


أحمد منصور: آه جلستم.

عبد الهادي بوطالب: جلسنا، قال لي صف لي ما وقع.


أحمد منصور: هذا بعد كم يوم بعد إعدام..؟

عبد الهادي بوطالب: ثلاثة أيام من بعد، من بعد الإعدام.


أحمد منصور: بعد الإعدام. جلست أنت والملك..

عبد الهادي بوطالب: أنا، الوزير الأول أحمد العراقي رئيس الديوان مدير الديوان، والجنرال مولاي حفيد التشريفات الملكية والأوسمة، مجموعة من الناس لا يتعدون.. وزير الخارجية إذ ذاك بلعباس وزير خارجية، قال له صف لي؟ قال له -شوف هذه مهمة – قال له جلالة الملك أقول لك وقع شيء غريب، والله سبحانه وتعالى أنقذني، قال له كيف؟ قال له هم جاؤوا قالوا لنا الخبر اللي عندي أنهم كلهم يلبسون لباسا أصفر اللون يتعارف فيما بينهم وأنا كما قلت لك كما تفضلت جلالة الملك لما جئنا عندك بالأمس بالليل وكنا في الصخيرات..


أحمد منصور: في الحادثة.

عبد الهادي بوطالب: في الصخيرات وجاء الانقلاب وهذا كله أنا بقيتش معك، أنا بقيت معك إلى آخر واحد خرج. وهو كذاب لأنه كان يجب في البروتوكول.. انسحب خفية في حوالي الساعة 12 بالليل ولم نره حتى وقع الانقلاب الساعة أربعة أو ثلاثة وهو يقول كنت بجانبك لأنه يستر عن أنه كان مع المتآمرين، وقال لجلالة الملك عنا حاجة بسيطة ممكن نعملها باش نطلع على كل شيء، الآن كانوا المدعوين للقصر تعطينا إدارة القصور الملكية القائمة ونستدعيهم إحنا ونستنطق واحدا منهم إثر الآخر ونجيب قصة الانقلاب وكيف وقعت دقيقة بدقيقة وثانية بثانية. الملك سكت يفكر وأنا دخلت في الموضوع.


أحمد منصور: ما خلاص ما اللي عملوا الانقلاب أعدِموا.

عبد الهادي بوطالب: إيه عُدموا. بعدها دخلت في الموضوع قلت له كيف الجنرال أوفقير؟ 1400 من الناس كانوا من المدعوين فيهم أكثرهم سفراء ناس أجانب مدعوين كبار من الخارج أتستنطقهم كلهم في القوميسارية ليقولوا لك الحقيقة؟! يعني قلت له أنت تضحك على جلالة الملك، ما قلتش تضحك عليه..


أحمد منصور: نعم لكن..

عبد الهادي بوطالب: قلت له جلالة الملك ما يصدقش، قال له جلالة الملك ما نقدرش نعمل الأعمال اللي يقولها أوفقير، احكي على حاجة أخرى. قال له ولكن يا صاحب الجلالة وقع علي حاجة، أنا بقيت معك إلى آخر الليل وذهبت إلى بيتي ونمت نوما هانئا ولم أقم إلا الساعة عشرة قمت مستعجلا..


أحمد منصور: أنتم سهرتم ليلتها للساعة اثنين ونصف، ثلاثة فجرا؟

عبد الهادي بوطالب: لا، يعني هو للعشرة بيقنا صباحا..


أحمد منصور: للصباح سهرانين؟

عبد الهادي بوطالب: هو هكذا يقول ذهب إلى بيته ونام.


أحمد منصور: لا لا، أنا أقول لك في الحفلة بتاعة عبد الحليم حافظ وعبد الوهاب دي سهرتهم للساعة اثنين نصف، ثلاثة؟

عبد الهادي بوطالب: إيه معلوم سهرنا.


أحمد منصور: فكله صحي الصبح مرتاح، الساعة عشرة.

عبد الهادي بوطالب: فهو قال له بقيت معكم، وما بقاش، ما بقاش خرج، لأنه ما كانش، في مكتوبة ورقة..


أحمد منصور: لكن أنت لم تقل هذا.

عبد الهادي بوطالب: أنا قد قلته قد كتبته.


أحمد منصور: أخبرت به الملك؟

عبد الهادي بوطالب: لا لا هذا من بعد، من بعد خبر الملك. فهو قال لجلالة الملك أنا كنت مستعجلا فأخذت أحلق ذقني وإذا به سال دم فجففته وخرج ووضعت كبوت قال هذا على جسدي وشافتني مرتي قالت لي يا أوفقير وجهك اليوم منزعج غير جيد هذا اللون الأصفر ما يجيش معه قم وأعطتني لونا آخر، والله يا جلالة الملك تصور يا جلالة الملك لو أنني جئت بالثياب الأصفر الذي لبسه الجميع لقالوا لكنت معهم. يلعب!..


أحمد منصور: وكل هذا والملك لم يشك.

عبد الهادي بوطالب: لم يشك.


أحمد منصور: والملك فوض كل الصلاحيات العسكرية والمدنية إليه؟

عبد الهادي بوطالب: الملك كان عنده شغلة إذا كان يثق في أحد فهو يكون…


أحمد منصور: ثقة عمياء يعني. أنت لم يطن في رأسك في ذهنك الجلسة التي تحدثت فيها مع أوفقير قبل ذلك، زيارتك إلى طهران وما حدث خلالها..

عبد الهادي بوطالب: طبعا طبعا وأنا نفسي رح أحكي لك هذا هالشيء كله. فإذا بي مشينا من هناك وفلينا وأنا بعد ذلك…


أحمد منصور (مقاطعا): إذا أوفقير تخلص من كل مناوئيه بالإعدام في حفلة الإعدام التي..

عبد الهادي بوطالب: وكان يدافع عن نفسه بأنه لم يكن منهم حتى أنه كان يخاف ستنسب إليه هذه الجناية..


أحمد منصور: المحاولة الانقلابية.

عبد الهادي بوطالب: على أنه هو اللي قام بها بحكم أنه كان سيلبس سترة صفراء. بعد ذلك بعد عشر ليالي أنا عيط لي جلالة الملك نادى علي، كان دُعينا إلى وليمة هي بنت الأمير مولاي علي كان رُزق بنتا فذهبنا والملك جاء واستدعوا بعض الناس عملوا حفلة، لما وصلت قال لي جلالة الملك بمحضر الوزير الأول سيدي أحمد العراقي وبمحضر السيد إدريس اللاوي المدير العام للديوان الملكي، سيد عبد الهادي اجمع البرلمان حالا وأزل الهاجس اللي عندهم بأن البلاد فيها خطر وفيها كذا وتعود المياه إلى مجاريها واشتغلوا، قلت له ماذا سأقول لمجلس النواب؟ قال لي قل لهم إنه لا شيء جماعة من الصعاليك عملوا وقُتلوا وماتوا. لا جلالة الملك ما وقع في الصخيرات يحتاج إلى جلسة تأمل واعتبار وأخذ العبرة منها وتغيير السياسة، قال لي كيف من أجل هؤلاء الصعاليك نغير..؟ قلت له إيه نغير سياسة، قال لي كيف؟ قلت له أنا مستعد نقول لك ولكن رأسا لرأس وأن أكون معك على انفراد.


أحمد منصور: كان هؤلاء يجلسون.

عبد الهادي بوطالب: قام إدريس اللاوي وخرج ما قال له اخرج الملك وبقي أحمد العراقي واقفا وما زال عايش، أحمد العراقي واقفا قال له جلالة الملك ما سمعتش أن هذا الرجل يريد أن يكلمني رأسا لرأس تفضل قال له اخرج، فخرج، قال لي تفضل، قلت له عندي وقت ربما يضيق عندك الوقت لي ولا ما عندكش؟ قال لي كم تريد من الوقت؟ قلت له ساعة رأسا لرأس، لا ساعة ما عنديش أنا الآن سأرجع إلى البلاط وأذهب إلى القصر وما عنديش وقت.


أحمد منصور: تعال للغولف.

عبد الهادي بوطالب: لا، قال لي ما عنديش وقت، مشى هو ومن بعد عيطوا لي مشيت لعنده، وقع الشيء اللي يوقع.. ولكن بعد هو قال لي إيش نويت تقول لي؟ جاب معه الغداء قال لي أنا ماشي للصخيرات، اليوم الثالث هذا أو الرابع، صخيرات لأول مرة ولن يرافقني أحد، أنا قلت له أرافقك رأسا لرأس، جاب الذي يشتغل علينا في تقديم الأكل فرنساوي من أوتيل هيلتون لا يفهم العربية، قال لي نتكلم العربية أنا وإياك بالعربية هذا لا يفهم شيئا، قلت له خذ الوقت، أخذت الوقت، جلست..


أحمد منصور: ماذا قلت له؟

عبد الهادي بوطالب: ووضعت يدي على هذه الركبة قلت له جلالة الملك تثق في أوفقير؟ كيف؟ قلت له تثق فيه؟ قال لي لماذا؟ قلت له أنا أسألك، قال لي وتقول لي أنا أثق فيه، قلت له أنا أسألك جاوبني إذا كان تثق أو لا تثق، قال لي أثق فيه، قلت له خذ بالك أنا لا أثق فيه، قال لي ليه؟ قلت له يدبر شيئا، ما قلتلوش أن..


أحمد منصور (مقاطعا): يعني كم يوم كان مضوا على محاولة الصخيرات؟

عبد الهادي بوطالب: أربعة أيام.


أحمد منصور: أربعة أيام فقط.

عبد الهادي بوطالب: أربعة أيام.


أحمد منصور: وفي هذه اللحظة كانت كل السلطات المدنية والعسكرية في يد أوفقير.

عبد الهادي بوطالب: كل شيء. الحاصل أنه لما جاء قال لي شنو هذا؟! قلت له أبدا أنا لا أثق فيه، قلت له شوف جلالة الملك لا تثق في هذه البدلة اللي أنت لابسها.


أحمد منصور: لا تثق في البدلة اللي أنت لابسها.

عبد الهادي بوطالب: البدلة اللي تلبسها أنت. شك في كل أحد وكن حذرا، وهناك أشياء أنا أظن لا دليل لي عليها ولكن عندي صرت أشم أن شيئا ما أن شيئا يقع والرجل خذ بالك منه، قال لي أنت بقيت على حالك مع أوفقير كما كنت منذ خمس سنوات أو أربع سنوات.


أحمد منصور: كان بينكما..

عبد الهادي بوطالب: كنت أردت منذ أن قلت لكم اجتمع بي بقضاة وبوكلاء الدولة التابعين للقاضي ومن جهة أخرى الولايات والآخرين..


أحمد منصور: حينما كنت وزيرا للعدل ورفضتَ…

عبد الهادي بوطالب: العدل ورفضت أن يكون الجنرال معكم وآخرا قلت يكون لي في وزارة العدل ورأست أنت الاجتماع وخضع أوفقير إلى ما قلت، هو لماذا لا يقول فيك إلا خيرا أنت بقيت دائما… الأمر أشد من هذا وأهول ليست قضية خلاف أنا أقول من البداية هل تستطيع أن تثق به، قال لي شوف مثلا امرأة زوجة أوفقير جاءت إلى القصر الملكي..


أحمد منصور: فاطمة.

عبد الهادي بوطالب: ودخلت عندنا وأخذت وانبطحت على الأرض وأخذت تقول وتعلي صوتها كان سيضيع عزنا ومجدنا كان سيموت لنا ملكنا كنا سنبقى يتامى بعده، قال لي شو، لا لا خذ بالك منه أوفقير..


أحمد منصور: لم يتح لك المجال ليسمع أو ينصت أو يفكر كان عشقه أو كان اعتماده على أوفقير.

عبد الهادي بوطالب: أولا أنا ابتدأته بكلمة قلت له يا جلالة الملك جئت لعندك أحدثك عن أشياء خطيرة تتعلق بشخص أرجوك أن تستمع لي وتعطيني الوقت الكافي وثانيا جلالة الملك سأقول لك أشياء إذا يوم من الأيام بعد أن أحدثك بهذا الحديث شاع الخبر بأن أبنائي بأنني مت وقُتلت فلا تستغرب ولكن أرجوك أن يبقى سرنا بيني وبينك وإلا فستكون مسؤولا عن أولادي اليتامى، يعني عملت له..


أحمد منصور: قدمت له مقدمة مرعبة حتى تلفت انتباهه ولكن هو لم يلتفت، وبالتالي لم يسمع منك ما كنت تريد أن تقوله، كانت ثقته في أوفقير عمياء.

عبد الهادي بوطالب: قلت له إنه يُدبَر لخطر وأشم رائحة أوفقير في هذا.


أحمد منصور: كنت ستروي ما حدث بينك وبين أوفقير هنا وما سمعته في..؟

عبد الهادي بوطالب: لا لا ما قلتش لا. بعد ذلك مشيت أنا وسمعت الخبر ديال كيف كلمني حردان وكيف كلمني السفير، أصبحت متأكدا أن شيئا..


أحمد منصور: كنت ستروي للملك هذه الروايات؟

عبد الهادي بوطالب: لا ما رويتش.


أحمد منصور: لا، كنت سترويها؟

عبد الهادي بوطالب: كنت سأرويها.


أحمد منصور: ولكن هو لم يتح لك المجال؟

عبد الهادي بوطالب: لا لم يتح لي المجال.


أحمد منصور: لم يتح لك المجال، وظل يعطي لأوفقير كل شيء.

عبد الهادي بوطالب: لا، بقي بقي.


أحمد منصور: وكان أوفقير مسلطا على الشعب.

عبد الهادي بوطالب: أنا خرجت ما بقيتش رئيس مجلس النواب ودخلت في العزلة عزلة لبيتي.


أحمد منصور: أنا أريد أن أفهم منك الآن لماذا قررت أن تتنحى عن رئاسة البرلمان؟

عبد الهادي بوطالب: أولا جو المؤامرة التي كانت.. الطبيخ الذي كان يطبخ سرا كان يجعلني في قلق دائم 24 ساعة على 24 ساعة.


أحمد منصور: كيف؟

عبد الهادي بوطالب: خوفا الشيء الذي سيقع متى سيقع وما أشك فيه.


أحمد منصور: آه يعني أنت كنت متأكدا أن اللي حصل هذا يعني ليس شيئا وأن الحادث الأكبر سيقع.

عبد الهادي بوطالب: سيعود المتآمرون سيرتهم الأولى، قلت أنا ما دام أنا أشك في أشياء من ناس هم الآن الملك عاطيهم الثقة ماذا أفعل أنا في هذا العمل؟ أنا أمشي في حالي قررت أن أمشي.

تدخل أوفقير في البرلمان واستقالة بوطالب منه

أحمد منصور: لكن الملك كيف كان يتعامل مع البرلمان الذي كنت ترأسه؟

عبد الهادي بوطالب: يتعامل بواسطتي ما يتعامل مع البرلمان.


أحمد منصور: كان يتعامل معه كبرلمان..؟

عبد الهادي بوطالب (مقاطعا): أوفقير كان يتعامل مع البرلمان، كان يأخذ البرلمانيين إلى بيته ويعشيهم ويغديهم ويعطيهم أي شيء منحة أو.. يعطيهم، كان ينوي تأسيس حزب نواته هو برلمانيون طيعون يبقون معه.


أحمد منصور: كان هذا بعلم الملك؟

عبد الهادي بوطالب: لست أدري، هذا عمله هذا مؤكد..


أحمد منصور (مقاطعا): هل بلغت الملك وأن رئيس..؟

عبد الهادي بوطالب (متابعا): لأن البرلمانيين كانوا يخرجون من بيته ويأتون إلي ليحكوا لي، ما عمر الملك قال لي شيئا أنا.


أحمد منصور: هل أبلغت الملك كرئيس للبرلمان بهذا؟

عبد الهادي بوطالب: لا.


أحمد منصور: لكن الملك كان بيعتبر البرلمان جزءا من ممتلكات القصر.

عبد الهادي بوطالب: مش لهذه الدرجة مش من ممتلكات القصر، يعني يعتبر أنه مرفق حكومي.


أحمد منصور: مرفق حكومي؟

عبد الهادي بوطالب: يعني، مرفق حكومي يشاركه في الحكم.


أحمد منصور: من المفترض أن البرلمان ليس مرفقا حكوميا وإنما مرفق للشعب.

سلطات الحكم ثلاث، الملك وسلطة الحكومة وسلطة البرلمان، وكان البرلمانيون وحتى المعارضون منهم يتعاونون مع الحكم ويراقبونه ويقدمون له الاقتراحات

عبد الهادي بوطالب: لا، سلطات الحكم ثلاثة، الملك وسلطة الحكومة وسلطة البرلمان، كلهم في الحكم، أنا أقول مش الحكومة هي التي تحكم على رأس إقليم أو على الوزارة، كل البرلمانيين حتى اللي يعملوا معارضة هم في الحكم ماشيين في الحكومة، فرق بين الحكم والحكومة، هذا فرق شيء مؤكد أنهم يتعاونون مع الحكم يسائلونه يراقبونه يقدمون اقتراحات يشتغلون في الحكم.


أحمد منصور: أنت في أكتوبر 1970 أصبحت رئيسا للبرلمان ولمدة عام، كيف قدمت استقالتك من البرلمان وإلى من؟

عبد الهادي بوطالب: أنا قدمت استقالتي من البرلمان بعد الأشياء التي كانت عندي لأن الحكومة لا تريد أن تترك للبرلمان سلطاته كاملة، وكنت أنا أدافع عن سلطات البرلمان. أنا في طبيعتي بكل صراحة ديمقراطي وما أزال، أنا كنت في أول الحزب ما كانش اسمه حزب الاستقلال تغير إلى حزب الاستقلال وعملنا حزب الشورى والاستقلال لأنه في الفرنساوية قالوا [لغة أجنبية] الترجمة الحرفية حزب الاستقلال الديمقراطي تمييزا له عن حزب الاستقلال بدون نعت، وكان الأستاذ محمد حسن الوزاني هو الذي غير الاسم من حزب الاستقلال الديمقراطي إلى حزب الشورى والاستقلال لأجل أن نعطي الصورة الصبغة الدينية ديال الحكم وهو الشورى، بحيث أنا كنت ومشيت من بعد اليسار وكنت في اليسار، أنا كنت رفيق المهدي بن بركة في مدة عشرة أشهر من الاتحاد.. كان معروفا والملك يعرف هذا مني، يعني ربما هذه الأشياء التي تتناقض مع مذهب اليسار أو مذهب يعني خاص غير الخاص بحزب غير الوسط أو حزب اليمين كان الملك يحترم إرادتي ولا يثير معي الأشياء التي سأقول له هذا غير ديمقراطي هذا غير لا يتفق مع الديمقراطية ولا مع حقوق الإنسان ولا مع..


أحمد منصور: هل وافق الملك على استقالتك؟

عبد الهادي بوطالب: لا، أنا مش استقلت من عنده مش له قدمتها قدمتها للمجلس.


أحمد منصور: لكن هو رفض هذا.

عبد الهادي بوطالب: لا، هو نصحني ألا أقدم استقالة للمجلس.


أحمد منصور: وإلى من ستقدمها؟

عبد الهادي بوطالب: المجلس هو اللي انتخبني، رئيس المجلس هو منتخب مش من الملك.


أحمد منصور: أنا أعرف.

عبد الهادي بوطالب: إذاً أنا قدمتها له.


أحمد منصور: لكن الملك حينما طلب منك أن ترشح نفسك للانتخابات حتى تكون رئيس برلمان كان هذا إيحاء بأن الملك اختارك.

عبد الهادي بوطالب: هذا قبل، إذ ذاك كنت وزيره في الخارجية، كان يتكلم معي كوزيره.


أحمد منصور: أنت كنت بتتكلم مع الملك هنا باستقلالية، ألست رئيسا للبرلمان؟

عبد الهادي بوطالب: لا، لما دخلت البرلمان ما كنتش كان أتلقى منه التعليمات أو ماذا يجب أن أفعل أو لا أفعل، الجلسة نعملها ولا ما نعملهاش، نعقد البرلمان ولا ما نعقدوش هذا شغلي هذا مستقل.


أحمد منصور: هل أغضبت الملك باستقالتك؟

عبد الهادي بوطالب: آه كثيرا.


أحمد منصور: كيف؟

عبد الهادي بوطالب: لأنه عندما تقدمت قررت أن أستقيل لم أشاور الملك لم أخبره أخبرت أولا مكتب المجلس قلت لهم أنا بعد ثلاثة أيام ستكون مضت سنة على انتخابي من لدنكم، الرئيس ينتخب لسنة، تجديدها يقتضي انتخابا جديدا أنا لن أقدم نفسي وأرشح، أنا منصرف.


أحمد منصور: كان التجديد في أكتوبر 1971.

عبد الهادي بوطالب: أيوه. بعد ذلك أخبرت الملك بأنني قدمت استقالتي إلى المجلس، كان سيأتي من أجل أن يدشن المجلس كما يفعل دائما في العاشر من أكتوبر، الجمعة الأولى من أكتوبر فلما قلت له إني مستقيل بعث لي الجنرال مولاي حفيد العلوي ليناقشني في الموضوع، قال لي جلالة الملك يقول لك إنه لا يقبل الاستقالة، قلت له لا جلالة الملك نحن ما نقدمش الاستقالة له مش هو اللي سماني أنا الآن غير معين في المجلس بظهير ملكي أنا معين بإرادة النواب، النواب مو الملك يقبلون استقالتي. وقدمت استقالتي إلى النواب، قال لي جلالة الملك يرجوك ألا تفعل هذا، قلت له لا، قال لي الملك محتاج لك وخصوصا.. قلت له لا أنا حزمت أمري في الموضوع وقررت، بعد ذلك رجع إلى قال لي جلالة الملك يقول لك إذا استقلت فلن يدشن..


أحمد منصور: مجلس النواب، البرلمان.

عبد الهادي بوطالب: وأرجوك ألا تعمل أن جلالة الملك يكون مضطرا إلى تعطيل بند من بنود الدستور اللي يقال فيه هو الذي يفتتح كل سنة البرلمان، قلت له أنا قررت جلالة الملك يقرر ما يشاء، قال لي يقول لك الملك..


أحمد منصور: كنت عنيدا.

عبد الهادي بوطالب: إيه معلوم. عندي أنا دائما هذه.. طبعا أنا ما نقولش الكلمات الجارحة، أنا مثلا لما كنت يتكلم هو ويقول شي كلام أي كلام أو نظرية وأخالفه فيها لا أقول أنا غير متفق معك أقول جلالة الملك رأيك عظيم ومهم جدا ولكن لي وجهة نظر أخرى هل تستمع إلي؟


أحمد منصور: كنت تجيد انتقاء كلماتك.

عبد الهادي بوطالب: أيوه، لأن..


أحمد منصور: تعرف كيف التعامل مع الملوك.

عبد الهادي بوطالب: التصرف الملكي ونعرف اللغة التي تناسبه واللي يجي لعنده يصرفه شر صرفة ولكن أنا كان يحترمني وبكل صراحة ما سمعت منه قط أنه بالفرنساوية يعني [لغة أجنبية] تقول للقريب إليك [لغة أجنبية] لما تحترمه أو تبعده الرجل لا يقول لخادمه [لغة أجنبية] يقول له [لغة أجنبية]، أنا مثلا أقول له جلالة الملك كذا كان يجيبني بالـ [لغة أجنبية] عمره ما عمل [لغة أجنبية]، وكان الذي يقول الأوامر جلالة الملك هو قائد المشروع.. الخزينة يخرج ويقول يتكلم سيدي يصيح لي عبد الهادي بوطالب أو الأستاذ.


أحمد منصور: كان لك خصوصية.

عبد الهادي بوطالب: يقول هذا ما يقوله سيده، ما احترمناش إحنا واحترمك أنت.


أحمد منصور: أنت كنت أستاذه أيضا فعلى الأقل يعني يحفظ لك شيئا غير الآخرين.

عبد الهادي بوطالب: كنت أستاذه وكنت بالنسبة لأساتذته أصغر الأساتذة سنا قريبا من سنه، كان يتفاهم معي، إذا كان عنده شيء كان يجي يشكي لي.


أحمد منصور: في النهاية استقلت من البرلمان.

عبد الهادي بوطالب: استقلت. عيط لي قال لي أستاذ عبد الهادي شاوشيسكو رئيس دولة..


أحمد منصور: رومانيا.

عبد الهادي بوطالب: رومانيا، في زيارة رسمية وهو يريد أن يأتي إلى البرلمان ليلقي خطابا في البرلمان فأنت إن شاء الله تستقبله يوم الاثنين، وكان يوم جمعة، تستقبله يوم الاثنين وتتبادل الخطب سوية، قلت له لا يوم الجمعة سأكون مستقيلا سيدي، قلت له أنا مقرر الاستقالة غدا وأخبرت بها مجلس النواب، قال لي ما تستقبلوش؟ قلت له لا، قال لي.. أيوه استقبله بعدها لأن برنامج عملنا ينمسك ما نغيره، استقبله وأرجو أنه من ثم تكون غيرت رأيك، دخل إلى ما.. وتركني وأخذ القلم واختط بعض النقاط وقال من يجلس على كرسي رئيس البرلمان ينبغي أن يعرف أنه ليس رئيس الدولة.


أحمد منصور: آه يوجه لك نقدا شديدا، أنت حطيت رأسك برأس الملك.

عبد الهادي بوطالب: خرجت سلمت عليه وذهبت إلى بيتي، فلم أحضر في جلسة المجلس كلها عملت الخطاب نهار الاثنين ومشيت لحالي.


أحمد منصور: في 16 آب/ أغسطس عام 1972 بعد عام وأيام من المحاولة الانقلابية التي وقعت في الصخيرات كان الملك في طريق عودته من فرنسا إلى المغرب لاحقت طائرته البوينغ سرب من الطائرات المغربية وأصابوا الطائرة في خمسة مواضع وعُطل محركان، وبكل المعايير لم تكن الطائرة لتنجو مما هي فيه ولكن الملك نجا وكانت هذه هي المحاولة الأخرى لأوفقير..

عبد الهادي بوطالب: الثانية.


أحمد منصور: أبدأ معك بها الحلقة القادمة، شكرا جزيلا لك. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الهادي بوطالب وزير الإعلام والعدل والخارجية والمستشار الخاص لملك المغرب الراحل الحسن الثاني. في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.