شاهد على العصر

غالي يقرّ بهزيمة الأمم المتحدة وأميركا بالصومال ح11

خصص الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس غالي شهادته الحادية عشرة للحديث عن التدخل الأممي والأميركي في الصومال، وأسباب الانسحاب من هذا البلد الذي عانى المجاعة والحروب.

أقر الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس غالي في شهادته الحادية عشرة لبرنامج "شاهد على العصر" بفشل عملية الأمم المتحدة وأميركا في الصومال عام 1994، لكنه شدد على أن الخلاف بين القيادات الأميركية التي كانت موجودة هناك كان هو السبب في ذلك الفشل.  

وأشار غالي إلى أن "أزمة ثقة" وقعت بينه وبين الأميركيين بعد فشل المهمة في الصومال، وذلك ردا منه على سؤال بشأن بيان الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1993 الموجه لمجلس الشيوخ الذي قرر فيه سحب القوات الأميركية من الصومال، واتهم الأمم المتحدة بأنها أسندت للقوات الأميركية مهمة ينبغي أن تقوم بها الشرطة.

وجاء قرار الانسحاب بعد أن مُنيت القوات الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول 1993 بهزيمة فادحة، حيث أُسقطت طائرتا هليكوبتر، وقُتل 18 جنديا أميركيا، وأصيب 84 آخرون، وذلك بعد هجوم فاشل على أحد مواقع أمير الحرب محمد فرح عيديد، ليقوم بعدها صوماليون بجر جثة أحد الطيارين الأميركيين في شوارع مقديشيو، وصوّر ذلك الإعلام العالمي.

وكانت القوات الأممية وصلت الصومال أوائل عام 1993 بهدف إقامة السلام والإغاثة الإنسانية، ثم قررالرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الآب قبل أسابيع من خروجه من البيت الأبيض التدخل الأميركي في الصومال بـ27 ألف جندي تحت ستار إعادة الأمل إلى الصومال،  وذلك بعد ورود تقاريرعن فشل الأمم المتحدة في إدارة أزمة المجاعة في هذا البلد.

وبحسب غالي فإن سبب التدخل الأميركي في الصومال يعود إلى رغبة بوش في إنهاء ولايته الرئاسية بتحرك إنساني، وقلل من أهمية الصومال من الناحية الإستراتيجية بالنسبة للأميركيين، وقال إنهم كانوا يبحثون أيضا عن مخرج لعدم الاشتراك في العمليات التي كانت تجري في يوغسلافيا. 

مع العلم أن غالي ذكر في كتابه "خمس سنوات في بيت من زجاج" أن الولايات المتحدة كانت متلهفة للخروج  من الصومال.

وعن مقارنته لدور قوات الأمم المتحدة في الصومال ودورها في البوسنة، أوضح غالي أن الوضع في الصومال كان يختلف عن يوغسلافيا التي قال إن العملية فيها كانت أصعب بكثير، لأن القوات الموجودة كانت خاضعة للدول الأعضاء. وردا على سؤال بشأن رفضه نزع أسلحة الصرب في البوسنة والهرسك، قال إنه لا مجال للمقارنة بين الأسلحة التي كانت موجودة في الصومال وتلك التي كانت موجودة في يوغسلافيا.

ويذكر أنه في 12 يونيو/حزيران 1993، تحولت قوات الأمم المتحدة في الصومال من مهمة القضاء على المجاعة إلى قوات محاربة يصدر عنها قرار بالمواجهة والدخول في حرب، وذلك إثر هجوم على وحدة باكستانية تابعة للأمم المتحدة قُتل خلالها 26 جنديا باكستانيا وجُرح آخرون.

وفي السياق نفسه، ذكرت تقارير سابقة أن الأمم المتحدة رصدت 166 مليون دولار فقط للمجاعة، لكنها رصدت للعمليات العسكرية وملاحقة عيديد 1.5 مليار دولار خلال عام واحد. ونفى غالي علمه بصحة أو عدم صحة هذه الأرقام.

من جهة أخرى، كشف الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة أنه كان قد أقال مبعوثه إلى الصومال الدبلوماسي الجزائري المحنّك محمد سحنون، لأنه كان على خلاف مع القيادات العسكرية الموجودة في الصومال وكان لا يتعاون معها، وأشار إلى أن أميركا طلبت منه تعيين الأميركي جوناثان هاو بديلا عنه.

وكان سحنون انتقد الأمم المتحدة على موقفها من المجاعة وتسبُبها في هلاك مئات الصوماليين كل يوم.