شاهد على العصر

منظمة التحرير الفلسطينية كما يراها شفيق الحوت ح11

شفيق الحوت أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان في شهادته على العصر يتحدث عن قيام جمهورية الفكهاني في بيروت والاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ودور الشهيد سعد صايل في الدفاع عن بيروت.

مقدم الحلقة:

أحمد منصـور

ضيف الحلقة:

شفيق الحوت: أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية

تاريخ الحلقة:

16/03/2003

– قيام جمهورية الفكهاني في بيروت
– الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982م

– دور الشهيد سعد صايل في الدفاع عن بيروت


undefinedأحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).

أستاذ شفيق مرحباً بك.

شفيق الحوت: مرحباً بكم.


قيام جمهورية الفكهاني في بيروت

أحمد منصور: بعد انتهاء الحرب في العام 76 كان هناك ما يشبه الهدنة أو الهدوء تدفقت الأموال على منظمة التحرير الفلسطينية، أموال البتلودولار.. البترودولار كما أطلقت أنت عليها، وبدأت معالم ما أطلق عليه جمهورية الفكهاني، حيث أسس ما يُشبه الدولة للفلسطينيين في الخارج، البناء العسكري للمنظمة بدأ أيضاً يأخذ شكل آخر غير ما كان عليه، بدأ السلاح يتدفق بشكل غير عادي، بدأت المنظمة تشتري دبابات، تشتري أسلحة، بدأت تدرِّب كوادرها في كليات عسكرية في دول مختلفة، فتحت هي كلية عسكرية كانت تدرِّب فيها حركات التحرر المختلفة، كيف كانت الصورة في ذلك الوقت؟

شفيق الحوت: أولاً: يعني تعبير جمهورية الفكهاني يثير شيء من الحقيقة، ولكن بأسلوب ساخر مقبول فعلاً يعني.. يعني لا تنسَ أن نصفي الآخر لبناني، وكنت أستشعر أكثر من غيري ثقل الوجود الفلسطيني في لبنان، وأفهمه على.. على الأقل يعني، يعني أنا هنا بين أفراد عائلتي من تضرروا من الوجود الفلسطيني وربما أكثر مما تضررت أنا من خروجي من مدينة يافا، ولكن يعني هل كان من الممكن تلافي هذه الظاهرة؟ يعني لا أملك فعلاً حق يعني القدرة على الإجابة على هذا السؤال، والسبب إنه لا نحن كفلسطينيين ولا الدول العربية المضيفة لنا كانت تملك استراتيجية للصراع ضد العدو الإسرائيلي أو لتقرير مصير الشعب الفلسطيني بعد كارثة 48.

أحمد منصور: حتى أنتم كمنظمة تحرير لم يكن لديكم استراتيجية لمواجهة إسرائيل.

شفيق الحوت: لأ طبعاً، يعني كان فيه أهداف، أنا مفهوم الاستراتيجية عندي فكر وتنظيم، يعني الأهداف محددة تماماً.

أحمد منصور: نقدر نقول إن.. إن الانتفاضة في الداخل الآن لديها هذه الرؤية..

شفيق الحوت: هنالك خلاف حول الهدف، لذلك تجد اليوم فيه بعض التباين، الانتفاضة بين مقولة تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني وبين مقولة الاكتفاء بإزالة آثار عدوان 1967.

أحمد منصور: همَّ الآن كلهم تقريباً بدءوا، حتى حماس بتقول إن مستعدين نوقف إطلاق النار وكذا لـ 67 كمرحلة يعني.

شفيق الحوت: هو منطق الأمور أن تنبع في التطرف وأن تصب في الاعتدال، هذا تاريخ الثورات في جميع أنحاء العالم، لا يستطيع المرء أن يدرك كل ما أضاعه من قبل.

أحمد منصور: نعود لجمهورية الفكهاني.

شفيق الحوت: نعود لجمهورية الفكهاني، أريد أن أقول كمان باستهلال محاولة الإجابة على هذا السؤال أنه لابد أن تكون فلسطينياً حتى تفهم معاناة الفلسطيني في الشتات، يعني مهما كنت متفهماً متضامناً مع الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تستوعب ما يعتلج في نفس الفلسطيني الذي كان يعيش في الشتات، وما كان يتعرض له قبل قيام منظمة التحرير الفلسطينية من ظلم لا مبرر له على الإطلاق، ومن عَسَفٍ لا مبرر له على الإطلاق فيما يتعلق في معيشته، في ظروف تنقلاته، في.. في مكان إقامته يعني تصور أنه.. أنه منذ الـ 48 كان قادة الدول العربية عندما تؤشر على وثيقة السفر التي تحملها كفلسطيني من بلد إلى بلد، أنا رايح مصر مثلاً تؤشِّر لي السفارة المصرية ممنوع أن أعمل بأجر وبدون أجر.

أحمد منصور: يعني حتى كمتطوع.

شفيق الحوت: حتى كمتطوع يعني مقابل يمكن أكلي وشربي، هذا كان ممنوعاً، يعني نوع من القسوة، "وظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضة". أضف إلى ذلك معاناة الشعب الفلسطيني السياسية والتنظيمية والإحساس بالكرامة المهدورة، فمن هنا لما استقرت منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بعد خروجها من الأردن في أيلول، وما عانت ما عانته من ذبح، الناس.. الناس أصبحت يعني تميل إلى شيء من وهج الدنيا إذا كان التحرير هو هدف الآخرة، يعني الهدف الاستراتيجي البعيد المدى اللي هو تحرير كامل التراب الفلسطيني بدأ يعني ينحسر مقابل الرغبة في بعض المكاسب الآنية في هذا البلد أو في ذاك البلد، رغم أننا لم نحقِّق شيئاً على الإطلاق من هذا التمني.

أحمد منصور: الشعوب دائماً بتوكل قضاياها إلى أناس بتنتخبهم وبتختارهم أو بيُفرض عليها هؤلاء الناس من أجل تبني قضاياهم، الشعب الفلسطيني أنا رحت المخيمات وشفت الناس عايشه إزاي وضع..

شفيق الحوت: مزري.

أحمد منصور: مزري.

شفيق الحوت: صحيح.

أحمد منصور: مؤلم، مبكي، أنا هنا بأتكلم عن القيادة التي أوكل إليها مصير هذا الشعب، وبأتناول هنا دور هذه القيادة وكيف فعلت في القضية، أنا لا أختلف مطلقاً على معاناة الشعب الفلسطيني بالعكس، الشعب الفلسطيني حتى الآن لم تدوَّن معاناته كما تستحق أن تدوَّن، كل شخص فلسطيني عنده قصة تصلح أن تكون قصة مؤلمة، إن الناس من الجانب الإنساني إن هم يتناولوها، لكن أنا الآن في إطار هذه القيادة التي أوكل إليها أو فرضت نفسها على هذا الشعب لتحل قضيته فراحت تناور هنا وهناك، والقضية الأساسية والأهداف الأساسية حتى غير واضحة حتى عندها هي.

شفيق الحوت: يا أخ أحمد، أنا أذكر في الـ 64 عندما تسلمت مهامي كرئيس مكتب منظمة التحرير في بيروت حاولت كإنسان يعني مثقف أن أحصي عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، هل في هذا العمل ما يدعو لاستنكار أو استهجان أو لمنع؟ وكأنني مسست قدس الأقداس.

أحمد منصور: لمن؟

شفيق الحوت: من قبل الدولة اللبنانية، إحصاء، فقط أردت أن أحصي، وحتى هذه اللحظة يعني من 48 إلى اليوم كم سنة.

أحمد منصور: 54، 55 داخلين..

شفيق الحوت: أعطني مصدراً يقول وأنت.. ويكون على ثقة بأن عدد الفلسطينيين في لبنان.

أحمد منصور: بالعكس أنا كل المصادر ملخبطة عندي، حتى المصادر حوالين قتلى أي حادث بألاقيها في كل كتاب مختلفة.

شفيق الحوت: يا سيدي، القتلى يمكن محرجة، لكن الأحياء.. الأحياء، يعني أنا أحياناً أسمع إنه في لبنان حدود 600 ألف، أحياناً أسمع 150، 200 ألف، وهكذا أكورديون.. يعني رقم..

أحمد منصور: الأرقام متباينة جداً.

شفيق الحوت: لأ، وأصبح لغزاً سياسياً وورقة سياسية، بتقول لي يعني أن تأتي قيادة منتخبة إذا مُنعت من إجراء إحصاء، وقيل لي يومئذٍ بعض يعني أصدقائي اللبنانيين..

أحمد منصور: دي حاجات كثيرة يا أستاذ شفيق.

شفيق الحوت: قالوا لي: يا أستاذ شفيق، إحنا اللبنانيين مش محصيين حالنا، كيف تحصوا حالكم؟ لأنه أي عملية إحصاء فيها تفاصيل بقى مين مسلم ومين مسيحي، مين سني، مين شيعي، مين درزي، إلى آخره، يعني القيادة الفلسطينية يأخذ علينا البعض أنها لم تأتِ نتيجة انتخابات..

أحمد منصور: أمامي..

شفيق الحوت: ما هي معظم الدول العربية مافيش لحد الآن مافيهاش انتخابات.

أحمد منصور: أنا هنا بس عندي أكبر مهمة فيما يتعلق بما أُطلق عليه جمهورية الفكهاني، في الوقت اللي أُتيح لمنظمة التحرير الفلسطينية أن تستريح من عناء القتال سواء مع السوريين أو الموارنة، أو القتال الداخلي في لبنان وجهت الطاقة والمال والجهد إلى أشياء غير إسرائيل، أصبحت.. نَمِّت علاقتها بجبهات التحرير في أماكن مختلفة، وده شيء كويس، لكن إن التدريبات تصبح لهؤلاء الناس، النفقات، إرسال طيارين للساندنست يقاتلوا معاهم، في أميركا الجنوبية طيارين فلسطينيين، مافيش توجه للعدو الحقيقي، عملية بناء.. استفحال، وكأن صارت دولة، فلسطين صارت دولة هنا في مخيم الفكهاني، تأسيس بناء إداري وبناء تنظيمي ومدني وكذا، وعمل الاتساع أيضاً في قضية الأجهزة الأمنية والشرطة، حتى كانوا بيبعثوا ناس من القوة 17 يعتقلوا ناس في المنطقة الغربية ويجيبوهم، ومحاكم وسجن ودنيا، دي القضية الفلسطينية في هذا الوقت كان يجب أن تفعل هذا؟

شفيق الحوت: لأ، طبعاً.. لأ هي ما عملته بقرار، ما جاء هذا بقرار، ما جاء نتيجة استراتيجية…

أحمد منصور [مقاطعاً]: هو فيه قرار حاجة؟ ده هي كل حاجة كده.

شفيق الحوت: لأ، معلش هناك..

أحمد منصور: اللي بيجي في دماغه حاجة بيعملها.

شفيق الحوت: ما هو هذه المأساة، يعني وكيف تأتي الأمور بالتدريج، أولاً: قلت في.. في الـ 73 ما هو يعني حتى بس يستفيد الكل من التجربة يا أخ أحمد.

أحمد منصور: ما إحنا بنتناولها عشان كده يا أستاذ شفيق.

شفيق الحوت: في 73 حدث حادثين مثلاً متناقضين مش معقولين، في الـ 73 صارت عملية (فردان) أنت تذكر ذلك.

أحمد منصور: طبعاً.

شفيق الحوت: وكان موقف الحكومة اللبنانية تجاهل ما جرى، يعني بنحلم يعني.

أحمد منصور: استقال رئيس الحكومة بعديها..

شفيق الحوت: معلش لأ.. لأ، يعني إنه الجيش اللبناني، السلطة اللبنانية، موقف الحكومة الرسمي إنه أنا لا أستطيع الدفاع عن الفلسطينيين، هم يدافعوا عن أنفسهم.

أحمد منصور: كان عندكم في فبراير 69.

شفيق الحوت: معلش خليني بس أكمل القصة يا أحمد، وهي مختصرة مش هأطوِّل عليك.

أحمد منصور: اتفضل.. اتفضل.

شفيق الحوت: في.. هذا في نيسان 73، في مايو/ أيَّار يعني بعد 30 يوم الطيران اللبناني قصف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، يعني هنا موجود الجيش، في.. في أيار موجود، في مايو موجود، وفي 73 يغتال ثلاثة قادة في الشارع، ولا يوجد من يتحرك، يعني كان فيه مواقف تدفع كذلك الفلسطيني باتخاذ قرارات هي التي يعني كانت بداية أو حجر الأساس في إقامة ما أسميته جمهورية الفكهاني، غلط -أنا في قناعتي- الرئيس سليمان فرنجية –رحمه الله- عندما اتخذ هذا الموقف قائلاً: أنا ما أني مستعد أدافع عن الفلسطينيين، فليدافعوا عن أنفسهم، فكانت فرصة لإخواتنا الموجودين في المخيمات المكبوتين عبر عشرات السنين، المحكومين من قبل الشعوب العربية.

أحمد منصور: أن يعيشوا وهم الدولة.

شفيق الحوت: مش يعيشوا وهم الدولة، أن يتحرروا، تحرير المخيمات، وليس ما.. ده كان يوم احتفالات عندما أُقفلت مخافر الدرك في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

أحمد منصور: ده كان صح أو غلط؟

شفيق الحوت: على المدى البعيد كان غلط، وكان هناك من يطالب بعودتها بين اللبنانيين وبين الفلسطينيين، ولكن حكم التطرف عند الفريقين في الموقف..

أحمد منصور: الآن كل اللي كان بيتعمل من بناء جمهورية الفكهاني هنا في لبنان كان من أجل فلسطين، من أجل مقاومة إسرائيل، أم من أجل البحث عن مقعد على مائدة المفاوضات؟

شفيق الحوت: في النهاية أي عمل ثوري، أي حركة تحرير وطنية فلسطينية كانت تستهدف الجلوس على طاولة المفاوضات في لحظةٍ ما، يعني أنت تناضل وتقاتل بالنهاية من أجل هدف سياسي.

أحمد منصور: هذا ما يتم داخل الاجتماعات والغرف المغلقة، ويطلعوا يخدروا الشعب بخطب، هنقاتل وهنمشي وهنعمل، والناس الفدائيين يأتوا من كل أنحاء الدنيا إلى هنا ومن أجل التطوع للقتال من أجل الثورة وضد إسرائيل، والقادة السياسيين بيلعبوا بالكل فوق.

شفيق الحوت: يعني أرى قسوة في هذا الحكم.

أحمد منصور: دي الصورة، أنا مش شايف صورة غيرها.

شفيق الحوت: شوف.. شوف يا أخ أحمد، يعني كما قلت وأكرر لست بموقف المدافع عن أخطاء منظمة..

أحمد منصور: لأ إحنا..

شفيق الحوت: لأ.. لأ..

أحمد منصور: أنا يا أستاذ شفيق هنا أمثل الرجل البسيط اللي في الشارع.

شفيق الحوت: وأنا أريد أن يعرفني المشاهد الذي لا يعرفني بأنني لست هنا يعني من غُزيَّا إن غوت غويت وإن ترشد غُزيَّا أرشد، أنا رجل عربي، لا فرق عندي بين لبناني وسوري ومصري وفلسطيني فعلاً على المستوى السياسي، وطبعاً عندي عاطفتي الفلسطينية لأني إنسان من أصول فلسطينية، الأخطاء موجودة وباستمرار، لكن لم يرتكبها فريق واحد، ليست.. ليس الفلسطيني وحده المسؤول، يعني الآن.. الآن خذ.. خذ.. خذ الآن..

أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن أنا الآن بأحاول أفهم.. أفهم الدور الفلسطيني نفسه.

شفيق الحوت: الدور الفلسطيني أن يدافع عن نفسه، وحتى يدافع عن نفسه يجب أن يكون –في قناعتي- على أحسن العلاقات مع محيطه العربي الذي هو في وضع لا يحسد عليه، متناقض بين حاكم أكاد أقول منحاز، وبين شعب مؤيد و.. ومدافع عن قضية فلسطين.

أحمد منصور: أنتوا كناس حوالين عرفات كيف سمحتم إن عرفات يبدأ يأخذ زمام كل شيء بإيديه، حتى كل صغيرة وكبيرة، وبالذات التحكم في المال وشراء الولاءات للناس، وهذه الأشياء، حتى أصبح هناك شيء من الديكتاتورية والاستبداد حتى للحركة وهي في الخارج؟ وأصبح الطقم اللي موجود حوالين الزعيم عرفات يتعامل بأُبوَّة مع هؤلاء يقرِّب هذا ويبعد ذاك ليس وفق ما تقتضيه أصول ناس مقاومين وناس في ثورة، وإنما يعني أصبحت القضية زي عزبة.

شفيق الحوت: أولاً كان هنالك دائرتين للتحرك بالنسبة للرئيس ياسر عرفات، للأخ أبو عمار كقائد في حركة اللي هي فتح، ثم فيما بعد كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، لا أعرف عندما تشير بسؤالك اللي أشرت نحن الذين حول ياسر عرفات، نحن نوعين من الناس كنا، نوع هم من الحركة، يعني مما يسمى اللجنة المركزية لحركة فتح..

أحمد منصور: لحركة فتح.

شفيق الحوت: أبو مازن، وأبو لطف، المرحوم أبو إياد، المرحوم أبو جهاد، المرحوم أبو الهول، هؤلاء هم القيادة المسؤولة مباشرة عن قيادة حركة فتح، اللي هي العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية ككل، هؤلاء يجب أن يوجه إليهم السؤال بالدرجة الأولى: كيف استطاع أو لماذا سمحوا؟ أو.. هل أُكرهوا؟ كيف أصبح ياسر عرفات…؟ وأنا في حلقة سابقة أشرت إلى بعض الأسماء إنه ياسر عرفات كان أكثرهم احترافاً ومهارة وقادة..

أحمد منصور: شيء عادي، ولذلك أصبح زعيم..

شفيق الحوت: و.. وأصبح زعيماً.

أحمد منصور: لكن أنا.. أنا أتحدث على ما بعد ذلك.

شفيق الحوت: بعد ذلك عندما أصبح رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية اكتسب أبو عمار بالإضافة إلى ما كان قد أضافه إلى رصيده كقائد ثوري.

أحمد منصور: هو لسه كان في البداية 69 كذا كان لسه بيضيف كل يوم..

شفيق الحوت: كان اسمه..

أحمد منصور: الأمور تضخمت هنا، بعد 76 تضخمت وصار الوضع مختلف.

شفيق الحوت: في.. يعني تضخمت بعد الـ 70 بالمجيء إلى لبنان، بالأول لم يكن هنالك للثورة مرتكز مادي حقيقي، يعني وين كان مقر الثورة الفلسطينية؟ نحن حسب الدستور مقرنا القدس، القدس راحت في 67، أين مقر القيادة الفلسطينية كان؟ كان في عمان، ولم يطل المقام به، أبو عمار إجا رئيس لمنظمة التحرير سنة 68، سنة السبعين كان أصبح خارج الأردن، يعني لم يكن أبو عمار ولا الحركة الوطنية إجمالاً قام..

أحمد منصور: أنا.. كل شويه بأرجع لاتفاق 69، هل اتفاق 69 كان تمهيد لمجيء الفلسطينيين فعلاً من الأردن إلى لبنان؟ اتفاقية القاهرة 69 بين عرفات وبين البستاني؟

شفيق الحوت: مش الاتفاقية، يعني الاتفاقية كانت نتاج واقع سياسي مادي، كان زي ما قلت في الماضي: إنه لم يكن أمام الفلسطيني من مفر غير اللجوء إلى جنوب لبنان، سوريا أقفلت الحدود، الأردن قاوم وحارب، فلم يكون هنالك غير الجنوب اللبناني، عندما أصبح للقيادة السياسية وجود في الجنوب، عندما أصبح لها بندقية في الجنوب طبعاً تمكن وجودها السياسي في الساحة اللبنانية، وهذه كانت البداية، وصارت ردات الفعل الإسرائيلية..

أحمد منصور: أنا بأرجع لقضية مَنْ حول عرفات، قلت لي فيه رجال حركة فتح، وقلت لي اسألهم همَّ.

شفيق الحوت: ثم بقية الفصائل وما يسمى بالمستقلين من أمثالي، يعني الشخصيات الوطنية الفلسطينية ما.. مش منظمة.

أحمد منصور: أنتوا بتمثلوا منظمة التحرير، هذه المجموعة.

شفيق الحوت: يعني ما.. لا أعتقد أننا نمثل غير أنفسنا، لأنه برضو نحن كمستقلين لم نكن سوية واحدة، لم نكن يعني تجمعاً واحداً.

أحمد منصور: بس المفروض.. منظمة التحرير هي المظلة التي..

شفيق الحوت: هي المظلة.. هي المظلة.. هي المظلة.

أحمد منصور: الكل يجتمع تحتها.

شفيق الحوت: يعني كنا من المقبولين على هويتنا الوطنية الفلسطينية مش على هويتنا التنظيمية.

أحمد منصور: كان فيه تمايز في معاملة أعضاء فتح وأعضاء المنظمة؟

شفيق الحوت: طبعاً هدولا كان إلهم كوتات مضمونة، يعني مثلاً بالمجلس الفلاني أو النقابة الفلانية أو الهيئة العلانية، كانت تُقسم ثلاثة فتح، اثنين شعبية، واحد ديمقراطية، واحد كذا كان، إلى آخره، إن تبقى مكان لمستقل يعني يتنافسوا عليه، يعني إنه هذا أقرب إلى فتح، لأ أقرب إلى الجبهة الشعبية، لا أقرب إلى الصاعقة، وهكذا، فهذه المنظمات كذلك ارتضت صيغة أنا بأعتقد ساهمت في إمساك ياسر عرفات بزمام الأمور، عندما ارتضت صيغة الكوتة أولاً، يعني الحصة والمخصص الشهري من منظمة التحرير الفلسطينية يعني أصبحت.. يعني بدل من أن يتجهوا كلهم اتجاه وحدوي ويكون هناك ميزانية واحدة ومجلس عسكري واحد، وراية تنظيمية واحدة أصبحوا دول صغيرة، وأنا مرة يعني في إحدى جلسات النقد لهم قلت لهم: لم يبق إلا أن تتبادلوا السفراء فيما بينكم، حتى في الفكهاني، يعني كل يوم نسمع فيه ذكرى انطلاقة للجبهة الفلانية، للتنظيم الفلاني، للتنظيم العلاني، ويحضروا يتجمعون ويقبلوا بعض و.. وبيسلموا على بعض، يعني حاجة فعلاً..

أحمد منصور: والناس جوه بتشرب مرار في فلسطين..

شفيق الحوت: والناس تشرب مرار، وأين هو..

أحمد منصور: و.. والغلابة في المخيمات.

شفيق الحوت: وأين الوحدة الوطنية؟ وين هي الوحدة الوطنية؟ كيف بدك تحارب وأنت حوالي 17 تنظيم في ذلك الحين، ثم تقلصت مع الزمن إلى عشر تنظيمات تقريباً، أكتر من هيك يعني كان.. كان يشتغلوا في البعض بنوع من الابتزاز، يعني تحريك جبهة في الجنوب مثلاً أحياناً كانت تقوم بها منظمة ابتزازاً لياسر عرفات، يكون مؤخر مثلاً المخصص تبع تنظيم صغير ما فيه غير مدفع هاون واحد.

أحمد منصور: يضرب له طلقتين هاون.

شفيق الحوت: ويضرب له رصاصتين.. طلقتين ويردوا الإسرائيليين، يسأل أبو عمار مين اللي ضرب؟ يقولوا له فلان (…) بيقولوا له اتأخرت يا أبو عمار، الشهرية ما جاش مع.. يعني إجا معادها وما دفعتش، يعني –للأسف- كان فيه شيء من هذا الكاريكاتير اللي عم بأحكيه، و.. وهو من النوع المضحك المبكي.

أحمد منصور: والمضحك، والمفروض يبكي والله.

شفيق الحوت: لأ هو المضحك المبكي، لكن واقع.. واقع يعني أخ أحمد أنا قضيت العمر، وحتى هذه اللحظة داعياً وساعياً للوحدة الوطنية الفلسطينية، ولكني سلمت في النهاية إنه لأ، فلتكن تعددية، لكن خلينا ننظم ها الفوضى، ننظم ها التعددية، للأسف.. للأسف كل فصائل الثورة الفلسطينية تآمرت على منظمة التحرير الفلسطينية، كل فصيل مهما صغر كان يحاول أن يكون أكبر مما يسمى منظمة التحرير الفلسطينية، حوَّلوها في فترة من الفترات وكأنها صندوق بريد وعنوان لا أكثر ولا أقل، ومصرف يتقاضوا منه مخصصاتهم الشهرية، مع إنه المنظمة -في رأيي- كانت الإطار الأساسي الذي كان يجب أن يُرعى، وأن يُحافظ على مؤسساته، وأن تكون هي البوتقة التي تصهر جميع منظمات العمل الفلسطيني، ولكن للأسف لأ، كانت بقرة حلوب آخر الشهر يأخذوا منها المخصصات، حتى يوم ذكراها لا يحتفلوا بيه.


الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982م

أحمد منصور: انتشر الفساد، تجارة السلاح والبضائع المهرَّبة والسجائر، في ظل جمهورية الفكهاني، كان هناك أكثر من مائة مكتب دبلوماسي، وكان مشهور الدبلوماسيين الفلسطينيين بتهريب الأشياء –للأسف- كما دوَّن يزيد صايغ بدقة جداً، والمصادر في كتابه، مش من عندي، ومصادر تانية، بس هو لأنه أكثرها دقة ومرجعية فأنا بأرجع ليه، أصبح التنظيمات -كما أشرت- كل تنظيم له حصة، و.. وقضية الحصص، وبدأت تتفاقم أزمة أو.. أو شكل جمهورية الفكهاني إنها جمهورية المنافع بالنسبة للذين يريدون الانتفاع والمغانم والأموال التي كانت تأتي من الخليج ومن الجزائر ومن ليبيا، ومن غيرها بشكل كبير جداً للمنظمة، في هذا الوقت اللي كان هذا الأمر يتضخم كانت إسرائيل تعد لعملية اجتياح كبيرة للبنان، مصادر منظمة التحرير الفلسطينية وصلتها معلومات إن إسرائيل بتُعد لهجوم كبير، إيه المعلومات اللي وصلتكم قبل عملية الاجتياح اللي تمت سنة 82؟

شفيق الحوت: الحقيقة يعني لم يكن سراً أنه سبق 82 إشارات أكثر من واضحة تدل على إمكانية حدوث اجتياح صهيوني للبنان، موضع الخلاف كان حجم ومدى هذا الهجوم، يعني إلى أين سيصل؟ هل سيصل إلى الجسر الأولي، إلى صيدا، إلى ما هو أبعد من ذلك، أم سيصل إلى بيروت؟ وكانت إسرائيل يعني كيف الآن يُحكى عن العراق والتحضير لحرب ضد العراق كانت إسرائيل تحكي وتتكلم وتذيع عن مساعي غزوها إلى لبنان، وقال بوقتها (بيجين) إنه أي عملية استفزاز فلسطينية واحدة تكون كافيةً لأن نهاجم لبنان حتى لو كانت سيارة مفخخة في عكا أو مقتل سفير أو دبلوماسي إسرائيلي في الخارج، وقُتل أو صارت محاولة قتل لهذا السفير في.. في بريطانيا.

أحمد منصور: نعم..

شفيق الحوت: وكانت السبب المباشر -كما قيل يومئذٍ- لحرب 1982، طبعاً السفارة السوفيتية، السفارة الفرنسية، العديد من الدبلوماسية الأجانب من الأصدقاء حذرونا، لا بل أن ياسر عرفات نفسه في جميع المناسبات التي سبقت يعني بداية عام 82.. بداية عام 82، وهو يحذر من إمكانية هذا الهجوم، حتى أنه..

أحمد منصور[مقاطعاً]: كان تصوركم أيه لهذا الهجوم؟ مجرد إسرائيل تؤمن حدودها على 40 كيلو؟

شفيق الحوت: يعني شيء من هذا.

أحمد منصور: لأن كانت بعض المدفعية الموجودة في جنوب لبنان تقصف من آن لآخر وبشكل مستمر المستوطنات.

شفيق الحوت: لم يكن.. لم يكن من المتوقع يعني قلة الذين ارتأوا إمكانية اجتياح بيروت.

[فاصل إعلاني]

أحمد منصور: أنا رجعت لمذكرات (شارون) باعتباره كان وزير الدفاع وكان قائد هذا الغزو، قال: أنه سئل في اجتماع مجلس الوزراء في 16.. في 5 يونيو 82 سئل من نائب رئيس الوزراء آنذاك (سمحا إيرليخ) إذا كانت العملية ستشمل بيروت، فقال: إن بيروت ليست جزءاً من المخطط. وقال: إن (بيجن) قال: لو اضطر الأمر لاحتال بيروت فسيتم احتلاله، لكن هو هنا قال شيء هام جداً في صفحة ثانية، الكلام دا قاله في 604 في 615 لقيته قائل شيء ثاني، بيقول: إن إسرائيل لم تكن تفكر في احتلال الجولان في 67، لكن حينما وجد (ديان) الفرصة مناسبة اقتنصها، وكذلك فعل في سيناء عام 67، وهو قرر أن يسير على نهجه إذا وجد الفرصة مواتية لاحتلال بيروت فلما لا، لكن الذين كانوا يعرفون أن بيروت هدف، كانوا هم القادة الشماليين واجتمع معاهم شارون في مارس 82 وقال لهم: إن بيروت هي الهدف والهدف هو إخراج الإرهابيين من لبنان، وكان يقصد طبعاً الفلسطينيين، ولكن في اجتماع مجلس الوزراء قال لهم: إن المسافة فقط هي 40 كيلو، ولما رجعت ليزيد صايغ لقيت إن مصادر كثيرة قالت فعلاً إن مجلس الوزراء لم يكن يعرف الهدف الأساسي لشارون إن هو كان بيهدف ولم يُفضح ذلك إلا في سنة 94 تقريباً، المصادر اللي أنت قلت لي عليها إن.. إن فيه أصدقاء ليكم فرنسيين أو السوفييت..

شفيق الحوت: أي نعم..

أحمد منصور: أبلغوكم فعلاً والمصريين أبلغوكم حتى إن هنا لما دخلوا الإسرائيليين إلى مكتب منظمة التحرير حصلوا على وثائق عبارة عن اجتماعات كانت بين المصريين وبين الإسرائيليين، وأعطوها للفلسطينيين حتى يعرفوا بعض الأسرار منها، لكن وقعت في إيد شارون وشارون قرأ بعضها في الكنيست الإسرائيلي، المقصد هنا إن كان هناك عملية ترتيب واضحة، ولكن كان فيه عملية ارتخاء على الجانب الآخر وأقصد الجانب الفلسطيني تحديداً، واستنعام بجمهورية الفكهاني وما كان يحدث فيها.

شفيق الحوت: أعود مرة أخرى وأكرر إن الهدف الإسرائيلي المرضي عنه أميركياً هو تصفية منظمة التحرير الفلسطينية، بكل ما تعنيه وترحيلها عن المنطقة، إن لم يكن إبادتها، وكانت إسرائيل تتربص بالفرص المناسبة..

أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن كانت قيادة منظمة التحرير قريرة العين بأن إسرائيل لن تصل إلى بيروت، وأن أقصى مدى يمكن أن يصل هو 40 كيلو، وبالتالي المجموعات اللي كانت موجودة ومش عايز أقول الحجم بتاعها قد أيه، المقاتلين اللي في الجنوب، لو قُتل منهم شوية وكم مدفع طأطأوا طأطأتين وخلاص إسرائيل هتقف عند هذا الحد؟

شفيق الحوت: يعني مرة أخرى.. مرة أخرى أتساءل ماذا كان باستطاعة القائد الفلسطيني أن يفعل؟ أشهد لله أن أبو عمار كان..

أحمد منصور[مقاطعاً]: دا أنتم الآن صار لكم دولة وصار فيه جيش، وصار فيه نظام..

شفيق الحوت: لا.. لا هذا.. دولة..

أحمد منصور[مقاطعاً]: وصار فيه تدريب..

شفيق الحوت: دولة.. اتفقنا..

أحمد منصور[مقاطعاً]: وصار فيه أسلحة، واشتريتم دبابات، وعندكم طيارين يعني..

شفيق الحوت: حديث..

أحمد منصور: الدنيا ربيع صارت؟!

شفيق الحوت: حديث يا أحمد.. حديث يعني 30دبابة شو رومانيا.. صنع الثلاثينات يمكن قبل ما تصير رومانيا دولة اشتراكية..

أحمد منصور[مقاطعاً]: جالكم دبابات إنتاج سنة 44 من مخلفات الحرب العالمية الثانية من اليمن الجنوبي.. اليمن بعث لكم دبابات؟

شفيق الحوت: دبابتين.. ثلاثة، أربع دبابات.. خمس دبابات، يعني مش حرام.

أحمد منصور: ليه الإسرائيليين بيقولوا خدوا 40 دبابة من عندكم..

شفيق الحوت: يعني إسرائيل ما أنها..

أحمد منصور[مقاطعاً]: وبعدين هأسألك عن السلاح اللي باقي بعد كده، لأن أنت اللي اتصرفت فيه..

شفيق الحوت: منزهة عن الكذب.. منزهة عن الكذب إسرائيل؟ ما شارون أكبر كذاب في العالم.. أكبر كذاب، يعني.. حكايته بصبرا وشاتيلا الحالة شاهدة على..

أحمد منصور: دا مطلع نفسه في مذكراته..

شفيق الحوت: كذب..

أحمد منصور: بريء خالص، وكأنه ماكانش يعرف حاجة..

شفيق الحوت: آه لا طبعاً.. طبعاً بريء لكن..

أحمد منصور: واحد صحَّاه من النوم قال له دا حصل كذا وكذا.

شفيق الحوت: آه صحيح، صحيح، وهو.. وهو الذي يعني يديه مدميتان حتى الرسغ على كل حال..

أحمد منصور: ربما يكون صادق في اللي قاله هنا.

شفيق الحوت: في اللي قاله صادق، لأن هو كان طموحاً، طول عمره شارون معروف إنه رجل يسعى لأن يصبح..

أحمد منصور[مقاطعاً]: حقق طموحاته.. رجل بيخدم بلده..

شفيق الحوت: خدم بلده، وذبح في الجبهة المصرية..

أحمد منصور[مقاطعاً]: بيخدم بلده، المهم اللي عندنا يخدموا بلدهم..

شفيق الحوت: لأ معلش.. فيه كثير ضباط يمكن خدموا، لكن ماكانش لديهم نفس الطموح الذي كان عند شارون، شارون كان واضح إنه رجل يسعى نحو مستقبل، فيه كثير خدموا، ما صدقوا يخلصوا من الجيش الإسرائيلي، يعني ليس كل جنرالات الجيش الإسرائيلي أصحاب طموح سياسي، لكن هو من بينهم كان من أكثرهم طموحاً، لذلك كان مستعد هو.. هو يُقال في رواية أخرى أنه تحدى (بيجن) كذب على بيجن وأنه بيجن لم يكن على علم..

أحمد منصور[مقاطعاً]: أهه هنا كذب عليه.

شفيق الحوت: آه.

أحمد منصور: وهو في كتابه قايل كده.

شفيق الحوت: آه، فيعني.. وكان يعني يرضى ويتحمل كقائد إسرائيلي.. ضابط إسرائيلي.. جنرال إسرائيلي نوع من المغامرة، لكن غيره من الضباط الإسرائيليين أكثر التزام وأكثر انضباط، المهم إنه ماذا كان باستطاعة المقاومة الفلسطينية أن تفعل أكثر من أن تفضح هذا المخطط وأن تضع الأمم المتحدة وأن تضع الأمة العربية والحكام العرب أمام هذا الوضع؟

أحمد منصور: لكن كان واضح عندكم كل معالم المخطط، في نهاية مايو 82 اجتمع أبو جهاد خليل الوزير في سوريا مع مصطفى طلاس (وزير الدفاع السوري) ورئيس الأركان رفعت الشهابي وأبلغهم بالترتيبات الإسرائيلية بالكامل، لكن هم اعتبروا هذه المعلومات مجرد أمر رتيب ورفض طلب منظمة التحرير بنشر مزيد من الوحدات، فعلاً السوريين عرقلوا نشر مزيد من الوحدات السورية لمقاومة هذا..؟

شفيق الحوت: لا أعرف بالتفصيل بس ما .. أتوقع، سوريا لها استراتيجيتها الخاصة، سوريا لا تسمح لأحد أن يقرر لها خوض المعركة أو عدم خوض المعركة، حتى هنالك من قال أن السوريين فوجئوا حتى في 82 بذلك الهجوم الذي استهدف قواتهم في البقاع الشرقي..

أحمد منصور[مقاطعاً]: لأن كل المعلومات هنا بتقول إنه كان فيه ترتيب إن هم بعثوا للسوريين..

شفيق الحوت: ألا يُمسوا..

أحمد منصور: تطمينات إن.. إن هم مش هيمسوهم، بس يفتحوا لهم الطريق.

شفيق الحوت: إنه وفقاً للاتفاق فك الاشتباك الماضي الأمور مستمرة على.. على الساحة، ولكن إسرائيل لقت الفرصة مؤاتية، ولذلك كان غضب الأسد غضباً شديداً إنه.. إنه انضرب الجيش العربي السوري ضرباً مبرحاً.

أحمد منصور: سوريا ضُربت ضرباً شديداً.

شفيق الحوت: آه معلوم..

أحمد منصور: حجم خسائرها كان هائل..

شفيق الحوت: هائل.. هائل..

أحمد منصور[مقاطعاً]: سواء في المعدات..

شفيق الحوت: وكان غير متوقع..

أحمد منصور: أو في الطيران أو في القوات حتى..

شفيق الحوت: في الدبابات وفي الطائرات وفي الصواريخ سام وعلى جميع المستويات.

أحمد منصور: أنا حصلت على معلومات لكن ربما آتيها في النهاية.

شفيق الحوت: فكان من الطبيعي إنه سوريا أن لا تربط نفسها.. سواء بما تخططه إسرائيل للفلسطينيين أو يخططه الفلسطينيين للإسرائيليين..

أحمد منصور[مقاطعاً]: كان واضح عندكم إن الهدف إخراجكم من لبنان؟ أم دفعكم إلى مائدة المفاوضات؟

شفيق الحوت: يعني إخراجنا على الشكل الذي تم لم يكن في.. يدور في خلد إلا..

أحمد منصور[مقاطعاً]: حتى فيليب حبيب نفسه كان يعني في مفاوضاته مع الإسرائيليين كانت ترتيباته الخروج بالشكل الذي تم لم يكن وارداً، لكن شارون هو الذي فرضه أو الإسرائيليين فرضوه.

شفيق الحوت: صحيح.

أحمد منصور: واستجابت له الولايات المتحدة.

شفيق الحوت: صحيح، لأنه..

أحمد منصور[مقاطعاً]: حتى هم عرضوا إن بس تُجردوا من السلاح، ويبقى الفلسطينيين في لبنان، لكن أيضاً هم رفضوا.

شفيق الحوت: يعني هم ما بإيدهم أي حل الأميركان يرضي إسرائيل، لكن بنفس الوقت مابدهمش.. بدهم يعني يتفادوا إغضاب ما يمكن أن يغضب من العرب، إذا كان غضب أحد يعني هه.. يعني كان مضطرين العرب، ولو على مستوى تبييض الوجه إنه يبعثوا مذكرة احتجاج يا (ريجان) أفندي وبعدين.. إلى آخره، كفاية ما يجري، إسرائيل ما بيهمها هذا الأمر، يعني ما عندها علاقات تحرص عليها مع الدول العربية، وبالعكس كان يلذ لها ويفيد مصلحتها أن تضع الدول العربية في مزيد من الحرج، ولذلك -كما سيتضح فيما بعد- أن فيليب حبيب كان يعرف مدى صعوبة إخراج منظمة التحرير وجماهير منظمة التحرير من لبنان لأنه إلى أين يريد أن يذهب بهم وقسم كبير من وقته قضاه في السعي لدى الدول العربية أن تقبل، ولاحظ إنه معظم الدول العربية اللي قبلت هي اللي بعيدة في أقصى المغرب العربي، الجزائر وتونس، وفي السودان وفي اليمن..

أحمد منصور[مقاطعاً]: طبعاً تبقوا في آخر الدنيا، روحوا قاتلوا إسرائيل..

شفيق الحوت: في آخر الفيافي..

أحمد منصور: وإذا أنتم جنب إسرائيل وماكنتوش بتضربوا عليها فما بالك بهناك؟

شفيق الحوت: في.. في هنا..

أحمد منصور: في 3 يونيو أطلق مسلحون النار على السفير الإسرائيلي في لندن (شلو مارجوف) فأصابوه بجراح وكان هذا ذريعة لـ.. دائماً الحروب بتبدأ بطلقة.

شفيق الحوت: آه طبعاً.

أحمد منصور: لبدء الهجوم الإسرائيلي –كما قال شارون في مذكراته- كانت الشرارة التي كان عليها أن تشعل فتيل الحرب.

شفيق الحوت: آه يعني إسرائيل كانت مليانة، بقى ما ناقصها غير ها الضربة، حتى تقتحم..

أحمد منصور: مستنيين رصاصة.

شفيق الحوت: (…..) يعني معروف كانت..

أحمد منصور: يعني بس أنتم كنتم هنا في ترقب للاجتياح وللحرب؟

شفيق الحوت: كنا متوقعينها.. كنا متوقعينها.

أحمد منصور: استعدادكم لها كان أيه؟

شفيق الحوت: الاستعداد العادي شو.. قدرات، تعرف منظمة التحرير وقوات منظمة التحرير، ويمكن كمان هذا نتحمل جزء من مسؤوليته كانت دعايته أكثر من حقيقته يعني.. يعني قواتنا اللي بيسمع قواتنا..

أحمد منصور[مقاطعاً]: دا كان واضح أنا لما تابعت الحرب اللبنانية، طلع إن فيه حاجات صغيرة خالص، القوات بتاعتكم لا كانت متدربة..

شفيق الحوت: لا.. لا..

أحمد منصور: وفعلاً كانت واخدة هالة ضخمة، وحاجات كثيرة في الحرب ما قدرتش تعمل فيها حاجة.

شفيق الحوت: لا طبعاً.. لا.. لا طبعاً.. طبعاً.. طبعاً.

أحمد منصور: مش الحرب دي، حتى الحرب الأهلية.

شفيق الحوت: وحتى يعني..

أحمد منصور[مقاطعاً]: والحرب دي كمان فيه بطولات الحقيقة يعني.

شفيق الحوت: حتى الضخامة..

أحمد منصور[مقاطعاً]: تستحق إنها توصف.

شفيق الحوت: كانت نقطة ضعف، يعني الضخامة المظهر اللي حكيته، لأن عن طيارات وعن دبابات..

أحمد منصور: زي الفيل…

شفيق الحوت: هذه كانت مؤذية هه ها لا.. لا تجدي حركة تحرير وطني هذا بالجيش النظامي اللي..

أحمد منصور: عصابات.. حرب عصابات.

شفيق الحوت: إحنا حرب عصابات..

أحمد منصور: أسلحة خفيفة وعمليات..

شفيق الحوت: إحنا كنا.. أبداً..

أحمد منصور: كمائن كذا.

شفيق الحوت: قاذفات RBJ وبنادق..

أحمد منصور: إنما دا ما يتناسبش مع حجم الأموال اللي كانت بتيجي ومع الدولة اللي يجب أن تقوم..

شفيق الحوت: للأسف.

شفيق الحوت: والزعيم، والبساط الأحمر اللي هو عقدة العقد..

شفيق الحوت: للأسف.. للأسف.. للأسف، هذه من الأخطاء اللي يمكن أن الواحد يعني يبصم عليها بأصابعه العشرة، وبدليل..

أحمد منصور: أنا بأتكلم..

شفيق الحوت: وبدليل أنها..

أحمد منصور: بأحاول أتكلم بلسان المواطن الفلسطيني العادي، اللي أنا رحت المخيمات وشفت معاناته، بأحاول أعكس نبضه هنا.

شفيق الحوت: صح، فماذا وجدت؟

أحمد منصور[مقاطعاً]: وأنت بتذهب.. بتذهب للمخيمات أكثر مني.

شفيق الحوت: طبعاً.

أحمد منصور: ولما قلت لك تعالَ نروح المخيمات مع بعض، قلت لا أتحمل، لأن فعلاً الوضع هناك..

شفيق الحوت: مزري.. مزري وهذا برضو كمان مسؤوليته مشتركة. يعني أنا لا أفهم تحت أي ظرف من الظروف أن يمنع عربي عربي آخر من إيجاد سقف له على الأقل في فصل الشتاء، أنا لا أفهم هذا، لا بقوانين قومية ولا بقوانين وطنية ولا حتى في.. في.. في إطار يعني نظام أسرى حرب، وأكثر من ذلك، أنا بأعرف إنه فيه عائلات عربية فلسطينية مشتتة بسبب.. طب يا سيدي قبل أيام.. قبل أيام لاجئ فلسطيني صار له 6 أشهر أظن في.. في موسكو في.. في.. في المطار رفضت 5 دول عربية أن تستضيف هذا اللاجئ الفلسطيني الذي يحمل وثيقة لاجئ مصري، استضافته السويد، ماذا.. ماذا تريد يا أخ أحمد أكثر من ذلك؟

لذلك قلت: عليك أن تكون فلسطينياً لتعرف معنى المرارة التي يتحسسها الإنسان، صار له في مطار موسكو أشهر، 6 دول عربية، البلد اللي معطية وثيقة مصر للأسف لم تقبل أن يدخل، سوريا رفضت، لبنان رفض، العراق رفض، السعودية رافضة، وأخيراً تطوعت السويد وقالت: أهلاً وسهلاً به لاجئاً سياسياً.

أحمد منصور: في 4 يونيو 82 بدأت الغارات الإسرائيلية على بيروت، هل أدركتم أن هذا بداية الهجوم الإسرائيلي؟

شفيق الحوت: أي نعم، لأنه يعني أصلاً لم نسترح بعد هذه الغارة التي أودت يومئذٍ بحوالي 120 إنسان وجرحت حوالي 800 آخرين في محيط الدائرة.. المدينة الرياضية، في محيط ما تسميه جمهورية الفكهاني، في اليوم الثاني مباشرة صباحاً كانت إسرائيل قد اقتحمت الجنوب وتحدياً للأمم المتحدة من معابر يُشرف عليها قوات الأمم المتحدة واحتلت النبطية أهم مدينة في الجنوب، ثم استمر بعد ذلك أظن يوم 9 حزيران كانوا قد وصلوا إلى أطراف بيروت.

أحمد منصور: في 11.. في 6 يونيو بدأ الهجوم على الجنوب، 5 آلاف جندي تابعين للقوات الدولية (اليونيفيل) أيه كان موقف هؤلاء؟

شفيق الحوت: بيتفرجوا اليونيفيل تفرجوا، وبعتوا تقارير للأمم المتحدة إنه صار فيه هجوم إسرائيلي وطبعاً حسب المادة تبعهم لا يملكون أن يفعلوا شيئاً يعني إلا إنه.. لا يستطيعوا.. لا يملكوا حق المقاومة، ولكن حق إبلاغ الأمم المتحدة بما جرى.

أحمد منصور: عرفات وصل السعودية صباح 6 يونيو عند الظهر كان الاجتياح الإسرائيلي واضحاً، 75 ألف مقاتل إسرائيلي، 1240 دبابة، 1520 ناقلة جند مدرعة، على الجانب الفلسطيني عدد المقاتلين لا يزيد عن ستة آلاف مقاتل أسلحتهم طبعاً غير متناسبة مع حجم الأسلحة، ومع ذلك أعتقد استطاع هؤلاء أن تكون لهم بطولات وأن يعرقلوا المخطط الإسرائيلي كان -كما قال شارون- كان مخطط في عدة أيام أن يحققوا أشياء ولكن ظهرت بطولات كثيرة عرقلت هذا الوضع، لكن في نفس الوقت حدثت انسحابات..

شفيق الحوت: مشينة.

أحمد منصور: مشينة.

شفيق الحوت: صح.

أحمد منصور: وأنا أقرأها كأني كنت بأقرأ ما حدث في سيناء سنة 67، وكانت تصدر أوامر لكثير مما لديهم استعداد لمقاومة الإسرائيليين ومواجهتهم بأن ينسحبوا.

شفيق الحوت: هذا صحيح، وهذه يعني عملت إشكال طويل عريض في أول جلسة للمجلس الوطني بعد الاجتياح في الجزائر سنة 83 ومن المؤسف أن بعض رموز هذا الانسحاب بقيت في مواقعها واستلمت فيما بعد حتى مراكز مهمة في السلطة بعد توقيع اتفاقية أوسلو، ولكن في نفس الوقت هنالك العديد من الضباط ومن الشباب الذين استشهدوا في معارك كان من المعروف ومن المؤكد أنهم لن ينتصروا بها، ولكن رفضوا الاستسلام لقوات العدو قبل أن ينفذ آخر واحد منهم، ولا يتمكن من الفرار بعد انتهاء الذخيرة التي لديه، يعني هنالك في الراشدية، وفي مخيم عين الحلوة، وفي جوار صيدا وفي منطقة الساعدية وفي الأوزاعي على مداخل بيروت هنالك ملاحم وأعتقد أكاد أقول: إنه يعني في هذا الجوار المحيط في بيروت هنالك مئات من الجثث التي أهل أصحابها لا يعرفون عن.. عن وجودها، يعني طمرت في أرض المعركة.

أحمد منصور: المدن والمخيمات الفلسطينية بدأت تسقط تباعاً.

شفيق الحوت: ولكنها لم تهاجر أماكنها، وهذه الظاهرة مثيرة للإعجاب والتقدير، يعني الفلسطينيين في مخيمات الجنوب لم يغادروا الجنوب، بقوا في مخيماتهم رغم تعرضهم إلى ما تعرضوا إليه من عذاب ومن يعني من احتلال ومن اعتقالات إلى آخره، تجربة..

أحمد منصور[مقاطعاً]: القادة الفلسطينيين اللي أصدروا أوامر لقواتهم بالانسحاب، يعني بعد المجلس الوطني الفلسطيني أجري تحقيق مع أكثر من مائة ضابط بما فيهم قائد قوات القصر الحاج إسماعيل جبر اللي خد منصب بعد ذلك في السلطة.

شفيق الحوت: أي نعم.


دور الشهيد سعد صايل في الدفاع عن بيروت

أحمد منصور: قائد قوات الكرامة غازي عطا الله، سعد صايل كان حريص أن يتم هذا لولا أنه هو استشهد طبعاً بعد أيام قليلة في فلسطين.

شفيق الحوت: من أشرف الضباط.. أشرف الضباط الذين عملوا في الساحة الفلسطينية رحمه الله.

أحمد منصور: سعد صايل كان له دور كبير.

شفيق الحوت: كان رجلاً وقائداً يعني محترفاً..

أحمد منصور: أتمنى أن تعطي المشاهد نبذة عن هذا الرجل الذي لا يعرف عنه الكثير من الناس شيئاً.

شفيق الحوت: لأنه كان يعني أصلاً يبتعد عن الإعلام، لأنه رجلٌ كان الصامت الضاجُّ أسميه أنا، صمته كان يخيف دائماً، لأنه ما كان يقول غير الضروري، هو خرِّيج الجيش العربي الأردني، أصلاً خدم في الجيش الأردني برتبة عقيد ومسؤول عن لواء اليرموك، في السبعين كان أحد الضباط الذين يعني احتجوا مع جنودهم على ما أصاب الفلسطينيين في أيلول الأسود المشهور، فاستقال وتحرك هو ومجموعة من الضباط ومجموعة من العناصر وانضموا للثورة الفلسطينية، ولم.. في بدايته لم يكن دخوله إلى.. إلى قيادة العمل أمراً سهلاً، يعني لأنه كان من البداية واضح أنه رجل له شخصيته وله وزنه العسكري الحقيقي، يعني ماكانش ما هو كان أبو عمار كل يوم يعني يعطي رتب عقيد ومقدم ولواء يعني..

أحمد منصور: وهذا كان عقيد حقيقي.

شفيق الحوت: هذا كان عقيد حقيقي وخريج حتى كليات عسكرية في.. في الولايات المتحدة الأميركية.

أحمد منصور: أيه ظروف استشهاده في 27 سبتمبر؟

شفيق الحوت: يعني مازالت هذه لغز، يعني قُتل في منطقة المفروض ضمن..

أحمد منصور: في 82.

شفيق الحوت: ضمن الحماية السورية.

أحمد منصور: في سهل البقاع.

شفيق الحوت: كان.. كان في طريقه إلى دمشق، من قتله يعني ربنا أعلم، غالباً يعني إسرائيل.

أحمد منصور: لكن هذا الرجل قام بأدوار بطولية غير عادية.

شفيق الحوت: كان.. كانت يعني.. كنت أنا على مقربة إلى حدٍ ما..

أحمد منصور: دا من خلال ما قرأت في الصفحات وقلت لابد أن تعطي المشاهد صورة عنه.

شفيق الحوت: يعني كان هو القائد الحقيقي، الأخ أبو عمار هو القائد العام، بيشتغل سياسة وتنظيمات و.. ومنظمات واجتماعات ولقاءات، بينما الذي كان يقود المعركة والذي استطاع أن يحمي بيروت الغربية مدة الحصار اللي امتد حوالي 80 يوماً يعود الفضل فيه.

أحمد منصور: 88 يوم.

شفيق الحوت: 88 يوماً هو سعد صايل، أذكر أنني كنت أنا مكلف بملف الاتصال بالأمم المتحدة وانعكاسات الحرب على ما يجري هناك، فكنت على اتصال، وجئت مرة قلت له: نحن بحاجة إلى.. إلى.. إلى 72 ساعة كي نتمكن من عقد مجلس الأمن و.. و.. وإلى آخره، فقال لي: يا أخ شفيق –بأذكر هذه الكلمة- قال لي: أنتو ناسيين إنه.. إنه الدبابة الإسرائيلية عم بتكون أسرع من برقياتكم أنتم الدبلوماسيين، فأنت عم تطلب مني مستحيل الصمود 72 ساعة ليس أمراً سهلاً، لكني مع ذلك سأحاول جهدي، وقام بعملية شاهدت جزءاً منها في إعادة ترتيب القوات المرابطة في ضواحي بيروت، وصمد، قال لي بأعطيك 48 ساعة، حاول أن يعني تصلوا إلى قرار في مجلس الأمن بحدود 48 ساعة لأن الوضع متأزماً، وكان يقود المعركة بهدوء ينام كما ينام الناس، يلبس مهندماً باستمرار، يعني مافيش ها المظاهر الادعاء الثوري، أشير لك حذاؤه كان دائماً يلمع، هادئاً وأسرته بقيت طيل إقامته في لبنان في دمشق يزورها كأي جندي يأخذ إجازة في الشهر مرة ويزور هذه العائلة، لم يسجل أي اتهام له فساد أو ارتكاب أو سوء ائتمان أو إساءة…

أحمد منصور: معظم الشخصيات النظيفة ذهبت شهداء.

شفيق الحوت: آه، ذهبت شهداء.

أحمد منصور: بدأ الفلسطينيين.. الإسرائيليين يصلوا إلى بيروت في 10 يونيو ربما أدركت القيادة الفلسطينية إن الهدف بيروت وليس مجرد الأربعين كيلو في الجنوب، بدأت وساطات من أجل يعني إنهاء الحرب، فيليب حبيب رايح جاي على المنطقة، في 18 يونيو احتُل قصر الحكم في بيروت في.. وصل الإسرائيليين إلى المطار، في كتابك "لحظات لها تاريخ" فيه قصة لطيفة حوالين سقوط قصر بعبدة.

شفيق الحوت: بعبدة، (….) القصر في منطقة بعبدة، والقصر الجمهوري في منطقة بعبدة، وراوي القصة هو جوني عبده.

أحمد منصور: رئيس المكتب الثاني أو المخابرات.

شفيق الحوت: رئيس المكتب الثاني.. المخابرات العسكرية.

أحمد منصور: اللي كانت بتخوفكم دائماً.

شفيق الحوت: اللي كانت تخوفنا دائماً.

أحمد منصور: بتخوف الناس في كل حتة في العالم العربي.

شفيق الحوت: آه طبعاً مخابرات وعسكر يعني شيء يعني غير محبب إلى القلب عادة، وإن كانت مهمة ضرورية يعني عندما تخدم الوطن، هو الذي روى لنا ذلك في بيته، وكان ذلك في لقاء حضره ياسر عرفات وهاني الحسن والمرحوم سعد صايل وكان الموضوع موضوع انسحاب القوات الفلسطينية من لبنان فروى لنا القصة، قال: كنا قاعدين في القصر الجمهوري فاتصل بنا ضابط من بيت الحسن كان مسؤولاً عن مقر المحافظ في.. في بعبدة، اتصل في القسم الجمهوري فرد عليه جوني عبده فقال له شو؟ قال له وزير الداخلية عندنا؟ قال له: جوزيف بك شو جابه عندكم؟

أحمد منصور: وزير الدفاع أصلاً.

شفيق الحوت: مشيراً إلى (جوزيف إسكاف) رحمه الله، وكان وزير الدفاع آنذاك، ومن أهالي زحلة، قال له: وشو جابه على بعبدة؟ قال: لأ، أنا بأحكي عن شارون.

أحمد منصور: وزير الدفاع الإسرائيلي.

شفيق الحوت: نعم.

أحمد منصور: شارون طبعاً بيروي .. بيروي شارون إن هو التقى مع (جوني عبده) مساء 15 يونيو، جوني عبده التقى معك أنت وعرفات مساء 18 يونيو، والتقى مع شارون مرة ثانية بحضور (فيليب حبيب) بعد ذلك بأسبوع.

شفيق الحوت: نعم.

أحمد منصور: في مساء 18 يونيو 1982 فوجئت بياسر عرفات يطرق..

شفيق الحوت: باب بيتي و..

أحمد منصور: باب بيتك، في الحلقة القادمة نبدأ من هذا الأمر، باقي تفصيلات الحرب اللبنانية والخروج الفلسطيني من لبنان، وأيضاً اتفاقية أوسلو نختم بها. أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة والأخيرة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ شفيق الحوت (أحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان).

في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر : الجزيرة