شاهد على العصر

حزب البعث العراقي كما يراه صلاح العلي ح7

صلاح عمر العلي عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق لحزب البعث في العراق يتحدث عن دور أهل تكريت في تدعيم نظام حكم صدام حسين, ومحاولة ناظم كزار الفاشلة التخلص من البكر وصدام, وتوقيع الأخير اتفاقية الجزائر مع شاه إيران.

مقدم الحلقة:

أحمد منصـور

ضيف الحلقة:

صلاح عمر العلي: عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق

تاريخ الحلقة:

29/06/2003

– حقيقة دور أهل تكريت في تدعيم حكم صدام حسين
– محاولة ناظم كزار الفاشلة للإطاحة بالبكر وصدام

– عملية تأميم النفط العراقي ومردوداتها على حكم البعث

– توقيع صدام حسين اتفاقية الجزائر مع شاه إيران


undefinedأحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق). أستاذ صلاح، مرحباً بك.

بعد تعيين صدام حسين في أعقاب انقلاب البعث وسيطرته على السلطة في 30 تموز سنة 1968 نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة بدأ يتقاسم السلطة مع الرئيس أحمد حسن البكر، وربما أصبح أكثر نفوذاً منه شيئاً فشيئاً، بعدما أصبح صدام مسؤولاً عن الأجهزة الأمنية في الدولة التي كان يدير من خلالها كافة المرافق، كيف تدرج صدام في السيطرة على السلطة في عهد البكر؟

حقيقة دور أهل تكريت في تدعيم حكم صدام حسين

صلاح عمر العلي: بطبيعة الحال أنا ذكرت لك فيما سبق بعض المعلومات اللي تتعلق بهذا الأمر.

أحمد منصور: نريد أن نبني عليها.

صلاح عمر العلي: من المفيد أن نعيدها من جديد، الواقع بعد أن استلم السلطة كانت الصيغة الحزبية بقدر معقول هي السائدة، بمعنى أنه كان هناك مسؤول للحزب اللي هو أحمد حسن البكر وأعضاء في القيادة القطرية يمارسون دورهم وفق النظام الحزبي، بعد أن استلم السلطة مباشرة برزت ظاهرة خير الله تلفاح، وخير الله تلفاح هو خال صدام حسين ومن أقرباء الرئيس أحمد حسن البكر.

أحمد منصور: لا نريد أن نعود لهذا الموضوع، ولكن تحدثنا عن تأثير خير الله تلفاح على أحمد حسن البكر.

صلاح عمر العلي: نعم.

أحمد منصور: وكذلك تأثيره في أن يكون صدام هو النائب له والمسرحية التي تمت بخصوص صالح مهدي عماش..

صلاح عمر العلي: لأ لم.. أنا ما راح أتطرق إلى هذا الأمر، بس راح آخذ آخر مقطع من.. من تأثيرات خير الله تلفاح على هذا الموضوع اللي سألتني عنه.

أحمد منصور: اتفضل.

صلاح عمر العلي: يبدو لي أن خير الله تلفاح يعني كان ركَّب برأس صدام حسين أو أقنع صدام حسين أو وجَّه صدام حسين لتبني مشروع شخصي خاص بصدام حسين، بعيداً عن مشروع الحزب..

أحمد منصور: على أن يكون الحزب هو المطيَّة لتحقيق هذا المشروع.

صلاح عمر العلي: بالضبط ليس الحزب فقط، إنما الدولة والسلطة كلها كانت وسائل لتنفيذ مآرب صدام حسين ومشروع صدام حسين، هذا هو في تقديري اللي حصل، وأنا طبعاً أبني هذا الموضوع ليس فقط على مجرد استنتاجات، إنما كنت أسمع من خير الله تلفاح مباشرة أفكار ومعلومات كانت تؤكد أو تشير إلى أنه كان هو يتبنى هذا الموضوع.

أحمد منصور: مثل؟

صلاح عمر العلي: كان في كثير من الأحيان يتحدث عن أنه الحزب شو دوره؟ شو يقدر يسوي الحزب؟ هذا الحكم ما ممكن يستقر إلا بأن تمسك به أسرة عائلة عشيرة، النظام إذا يستقر ها، لازم يشوف هذه الأنظمة المحيطة في العراق ليش مستقرة؟ لأنها تعتمد على الأسرة، حزب البعث غير قادر أن يحميكم، لو كان قادر على أن يحمي السلطة لحماها بالـ63 مثلاً، ليش انهار؟ لأنه ما كانت أكو أسرة تحكم، كان دائماً يشير إلى هذه الإشارات.

أحمد منصور: في أي وسط كان يشيع خير الله تلفاح هذه الأفكار؟

صلاح عمر العلي: كان طبعاً هو رجل ليس له علاقة بالحزب، بل هو أصلاً معادي للحزب منذ البدء معادي للحزب، لكن فيه كثير من المناسبات الاجتماعية وغيرها كان يبشر بهذا..

أحمد منصور: على الملأ وليس..

صلاح عمر العلي: لا.. لا ما.. لا.. لا مو على الملأ، إنما كان في نطاق اللقاءات اللي بتحصل كان يتحدث عن هذا الموضوع.

أحمد منصور: وأنت مباشرة سمعت منه؟

صلاح عمر العلي: نعم، أنا سمعت العديد من هذه الأفكار، وبما أني كنت أتصدى دائماً لهذه الطروحات اللي يطرحها خير الله تلفاح، فكان شديد العداء والخصومة إلي بطريقة اعتبرني أنا خصمه الأكبر في العراق.

أحمد منصور: رغم أنك تكريتي مثله.

صلاح عمر العلي: لأ، هو الحقيقة مثل ما ذكرت لك سابقاً هو من.. من قرية العوجة وأنا من مدينة تكريت، وهناك خلط كبير جداً بين.. بين ها المسألة هاي، الحقيقة..

أحمد منصور: كل من ينتمي إلى المنطقة صار تكريتياً بعد ذلك.

صلاح عمر العلي: يمكن من المفيد يا سيدي ممكن يكون من المفيد أن توضح ها المسألة، المدينة تحاط.. محاطة بقرى عديدة، قُرى يسكنوها مثلاً آل بوعجيل، آل بومحمد، الجبور، عشائر كثيرة، قرية اسمها العوجة جنوب تكريت في مسافة تقرب من 9 كيلو مترات تسكنها.. تسكنها عشيرة اسمها آل بوناصر التي ينتمي إلها صدام حسين وأحمد حسن البكر.

أنا لست من هذه القرية، أنا من المدينة، وهذه المدينة حقيقة ظُلمت مرتين، ظُلمت على يد صدام حسين، وظُلمت على يد الآخرين عندما اعتقدوا بأن صدام حسين يعني ابن مدينة تكريت..

أحمد منصور: كيف..

صلاح عمر العلي: واعتبروا أهالي تكريت هم داعمين لصدام حسين بالوقت اللي أؤكد لك الآن أؤكِّد لك بشكل قاطع ما قدمته مدينة تكريت من ضحايا على يد صدام حسين يفوق أي مدينة أخرى.

أحمد منصور: مثل مَنْ؟

صلاح عمر العلي: نعم؟

أحمد منصور: مثل مَنْ؟ مَن أبرز الضحايا؟

صلاح عمر العلي: عشرات من الشهداء والضحايا على يد صدام حسين ومعروفين لدى العراقيين عموماً.

أحمد منصور: يعني أنا سعيت في المصادر إلى إني أطلَّع أو أبحث عن التكريتيين تحديداً الذين قُتلوا أو أبرزهم يعني، طاهر يحيى كان تكريتياً.

صلاح عمر العلي: تكريتياً نعم.

أحمد منصور: رئيس وزراء سابق اعتُقل بعد انقلاب 17.. 30 تموز ولم يُفرج عنه إلا إلى في عام 73 بعدما أُصيب بالعمى ولزم بيته حتى وفاته، في عام 1970 سيق رشيد مصلح وهو وزير داخلية إلى السجن، وكان بعثياً وأُعدم، عدنان التكريتي الذي كان قائد الحرس الجمهوري بعد 68 مات في ظروف غامضة سنة 1980، تركي الحديثي قُتل في 1993، هل صحيح أنه شقيق وزير الخارجية ناجي صبري الحديثي أو أن..

صلاح عمر العلي: تركي ليس من تكريت، تركي من مدينة..

أحمد منصور: من الحديثة نعم.

صلاح عمر العلي: في الفرات.. نعم هو..

أحمد منصور: صالح مهدي عمَّاش كان تكريتياً؟

صلاح عمر العلي: لأ.

أحمد منصور: لم يكن تكريتياً، يعني بعض القيادات التي يعني حاولت أن أبحث في بطون المراجع عن نسبتها إلى تكريت، ولكن عندي عشرات من الأسماء بعد ذلك، وأنت قلت معلومة ربما لا يعتقد الكثيرون شيئاً عنها، وهي أن أهل تكريت ظُلموا أكثر من غيرهم من صدام حسين.

صلاح عمر العلي: هذا هو الواقع..

أحمد منصور: والشائع أن صدام حسين اعتمد على أهل تكريت في ترسيخ أركان حكمه.

صلاح عمر العلي: صدام حسين لم يعتمد على أهالي تكريت، صدام حسين اعتمد على.. على كل من يمنحه الولاء، اعتمد على الشيعي، واعتمد على السني، واعتمد على الكردي وعلى العربي، اعتمد على مختلف المواطنين اللي كانوا يمنحوه ولاء مطلق دون مناقشة راح…

أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن التكريتيين كانوا بارزين، كيف اعتمد على أهل تكريت؟

صلاح عمر العلي: أذكر لك مالي أستاذ أحمد، أذكر لك مالي طوال 35 عام من الحكم في العراق، واللي كان الشخصية البارزة فيه صدام، سواء كان نائب رئيس أو رئيس، لم ينطق شاعر من مدينة تكريت في تمجيد صدام حسين أو مدحه، لم يتقدم مغني في مدينة تكريت للغناء لصدام حسين، إنما كل المغنيين والشعراء والأدباء الذين تغنوا لصدام حسين ومجَّدوا صدام حسين هم من خارج تكريت، فالحقيقة هذه مسألة يعني ربما كثير من الناس لا يدركوها.

أحمد منصور: ألم يأتِ صدام…

صلاح عمر العلي: أهالي تكريت عندما.. عندما يزور صدام حسين مدينة تكريت كانوا فوراً يسكروا مخازنهم ويدخلوا إلى بيوتهم حتى لا يحرجوا أنفسهم بلقاء صدام حسين، مدينة تكريت كانت أكثر مدينة تعارض صدام حسين، وهذه المقولة الحقيقة فيها يعني شيء من.. من الظلم ومن عدم الدقة في ها المسألة هذه..

أحمد منصور: ألم يكن مجرد جندي في حرس صدام حسين أمي لا يقرأ ولا يكتب تفوق صلاحياته صلاحيات وزير في الدولة؟

صلاح عمر العلي: هذا صحيح 100%..

أحمد منصور: هذا كان من نفس منطقتكم، اعتمد على الجنود الأساسيين من تكريت.

صلاح عمر العلي: أستاذ أحمد، يعني أرجو أن نكون دقيقين في ها المسألة هاي، هذه.. هذا التأريخ الآن نتحدث عنه..

أحمد منصور: تفضل.

صلاح عمر العلي: صدام حسين اعتمد على الناس الموالين له الولاء المطلق، من أبرز هؤلاء هم أقاربه من مدينة العوجة، وأنا أذكر جيداً الآن بهذا المقام، أذكر لك القصة التالية.

أحمد منصور: اتفضل.

صلاح عمر العلي: بعد أن استلمنا السلطة ببضعة أسابيع كنا نجلس أنا وإياه..

أحمد منصور: يعني نقدر نقول.. نستطيع أن نقول أنتم تسلمتم السلطة في 30 يوليو، نقول في سبتمبر 68.

صلاح عمر العلي: لأ، قبل سبتمبر بالتأكيد..

أحمد منصور: يعني في يوليو 68.

صلاح عمر العلي: يعني..

أحمد منصور: أغسطس.

صلاح عمر العلي: بأغسطس يعني على وجه التقريب، كنا نجلس في إحدى غرف القصر أنا وصدام حسين، فصدام حسين وجه لي السؤال التالي، قال لي: يعني مَن تعتقد أخطر الجهات على.. على.. على الحزب أو على الثورة؟

فأجبته قلت له: أنا أعتقد إنه كل الفئات اللي راح تضر.. تتضرر من مسيرة الثورة هي اللي راح تكون الخطر على.. على الحزب وعلى الثورة.

فأجابني قال لي: أنه هؤلاء بلا شك أنه سيكونوا خطرين على.. على.. على الثورة وعلى الحزب، ولكن أنا أسألك سؤال محدَّد، مَنْ تعتقد أخطر هذه الفئات؟

قلت له: والله أنا ما عندي إجابة على هذا السؤال، لأنه الحقيقة ما أعرف القصد من هذا السؤال، يعني هناك بالتأكيد فئات وطبقات ستتضرر من مسيرة الثورة هي اللي راح تكون يعني خصم أو يعني يشكلوا خطر على الثورة، أكثر من هذا لا أعرف، قال لي: أنا أعتقد أن من يشكِّل خطر علينا الأخطر.. الأخطر حقيقة قال: هم الأقارب، واستعمل كلمة الحواشي، يعني لماذا يكونوا الأخطر؟ قال لي: الأخطر -من وجهة نظره- أخطر.. هؤلاء أخطر الناس علينا، لأنه هؤلاء الناس لا تعبانين، لا مناضلين، لا شافوا سجون، لا اعتقالات، لا تعذيب، فجأة يستيقظ من النوم فيجد صدام حسين ابن عمه أو ابن خاله في السلطة، فيجي هذا الإنسان يعني يتحرك بسرعة متناهية جداً من أجل انتهاز هذه الفرصة واستغلال وجود أقاربه في السلطة من أجل الاستغلال و.. و.. إلى آخره، هؤلاء في تقديري هم أخطر الناس علينا، صدام حسين الذي تحدث عن هؤلاء بعد فترة لا تزيد عن شهر فاجأنا بجلب حوالي 50 شاب من قرية العوجة ومن أقاربه تحديداً، وأغلبهم أميين لم يدخلوا المدارس، ولم يشاهدوا مدينة بغداد في حياتهم، جابهم إلى بغداد سلَّمهم أسلحة، أعطاهم سلطة، وزَّع عليهم دور وجعلهم مرافقين له أو جهاز حماية إله، نفسه هذا الشخص اللي كان يحذر من الأقارب هو بالتحديد أول من خالف هذه المقولة، وجلب هؤلاء لكي يكونوا حراس له في مدينة بغداد، ومنحهم سلطة.. سلطة منحهم، لم يجرؤ أي إنسان يتحدث معه.

أحمد منصور: مين اللي يجرؤ إلا أنتم.. أنتم أعضاء القيادة..

صلاح عمر العلي: نعم؟

أحمد منصور: حتى أنتم أعضاء القيادة القطرية لم تجرءوا على أن..

صلاح عمر العلي: لأ، الحقيقة هذا أيضاً غير دقيق، تحدثنا وكنا جريئين في حينها، والأمر الذي بدأ مسلسل الإطاحة بنا واحد بعد الآخر، تحدثنا عن هذه الظواهر وعن ظواهر أخرى ربما سنأتي على ذكرها.

أحمد منصور: بدأت عملية الإطاحة بكل من يقفون في وجه صدام حسين الواحد تلو الآخر، وأنا وجدت قائمة طويلة، حتى إنه قيل أن هناك ما يقرب من 500 قيادي حزبي تم الإطاحة بهم في الفترة من 68 إلى 79، تقريباً من.. فيهم قيادات شفيق الكمالي، عبد الخالق السامرائي، فؤاد الركابي 71 قُتل بطعنة سكين وهو أول أمين قطري لحزب البعث في العراق، منيف الرزاز الأمين القومي، يعني وضع في السجن وذاق عذاباً أليماً حتى مات، محيي عبد الرشيد كثير من الأسماء التي..

صلاح عمر العلي: عدنان الحمداني..

أحمد منصور: في مارس 71 قتل حردان التكريتي، صُفي اللواء مهدي صالح السامرائي في بيروت، وبعد ستة أشهر في 28 سبتمبر 71 أعفي صالح مهدي عمَّاش من كل مناصبه أثناء وجوده في المغرب، وعُيِّن سفيراً في فنلندا ثم مات في ظروف غامضة في العام 75، عبد الكريم الشيخلي أعفي في نفس اليوم من جميع مناصبه الرئاسية في بغداد، وعُيِّن سفيراً في الأمم المتحدة ثم عاد إلى بغداد وقُتل في ظروف غامضة 82، عبد الرزاق النايف اغتيل في لندن أمام فندق الإنتر كونتننتال في عام 1978، بدأ صدام يصفي كل من يقف أمامه، أنت في العام 1970 حينما قدمت استقالتك لا أدري هم تخلصوا منك أم أنت الذي تخلصت منهم؟

صلاح عمر العلي: هذا سؤال جميل حقيقة، في الواقع أستاذ أحمد أنا بكوني من مدينة تكريت وعلى اطلاع مباشر بخلفية العائلة وبتصرفات صدام حسين وأحمد حسن البكر، بدأت أول عضو في القيادة القطرية بالاصطدام فيها بحكم هذه المواصفات وبحكم كوني مسؤول عن تنظيمات الحزب خارج بغداد، فبدأت تصلني عديد من التقارير عن مخالفات وعن ارتكابات يمارسها أقارب صدام حسين، وأبلغهم وأبرزهم هو خير الله تلفاح خال صدام حسين، فبدأت أول شخص بالاصطدام مع صدام حسين ومع أحمد حسن البكر، ومن حسن الحظ أنه بما أني كنت أول شخص يتعرض لهذا الموضوع ويتصدى لهذه الانحرافات وبما أنه مسألة القتل لازالت بعدها ما كانت يعني ظاهرة للعيان، كانت العقوبة آنذاك عقوبة عضو القيادة هو أن يُعيَّن سفير، فأول ما عُرض علي بعد الإطاحة بي من القيادة أن أكون سفير، وعندما رفضت فُرض علي اللجوء إلى.. يعني السفر إلى مصر، كذلك أيضاً سرى.. سرت هذه العقوبة على عدد آخر من أعضاء القيادة بما فيهم صالح عمَّاش وعبد الكريم الشيخلي لم يقتلوا، بعد.. تقريباً بعد محاولة ناظم الكيزار الفاشلة للإطاحة بهم بدأت عملية القتل وبدأ مسلسل الدماء بشكل أوضح، مع أنه مورس قبل هذه الفترة يعني عمل عنفي ضد فئات وأحزاب أخرى.

أحمد منصور: من أخطر الأشياء التي قام البعثيون في العراق بتصفيتها هو الجيش العراقي، حيث سُرِّح ما يقرب من ثلاثة آلاف ضابط عراقي من خيرة الكفاءات بتهمة عدم الانتماء للبعث أو عدم الإخلاص، أُعدم عشرات الضباط بعد ذلك بتهم المؤامرات التي كانت تُساق الواحد تلو الآخر، ورغم تأكيدك في حلقة سابقة أن إحدى المؤامرات وقعت، لكن ليس هذا بالضرورة أن كل المؤامرات التي تمت أو كل من اتهم بالتآمر كان اتهامه صحيحاً، كيف قضيتم كبعثيين عراقيين على الجيش العراقي وعلى نظام المؤسسة العسكرية العريقة فيه؟

صلاح عمر العلي: شوف يعني أحمد حسن البكر باعتباره كان منحدر من الجيش، وبرتبة كبيرة، ويعرف نظام الجيش ويعرف أهمية الموقع العسكري والنظام العسكري، كان حريص على أن لا تُمسَّ المؤسسة العسكرية بمثل هذا العمل كان حريص.. حق واضح، عملية يعني انهيار المؤسسة العسكرية وعملية تغييرها ومسخها بشكل صحيح بشكل شامل وقع بعد أن سُلِّم صدام حسين السلطة بشكل كامل، بعد أن أصبح رئيس جمهورية، لكن حتى لغاية عهد أحمد حسن البكر، حتى وهو بدأ يفقد السلطة.. مواقع السلطة..

أحمد منصور: البكر بدأ يفقد السلطة مبكراً، حتى أنه كان في 74-75 لا يجرؤ أن يوقع على ورقة دون إذن وموافقة صدام حسين.

صلاح عمر العلي: لا، هو الحقيقة لغاية 75 يعني كان يمارس السلطة وأنا أقول لك بصراحة، يعني أنا فهمي أنه كان أحمد حسن البكر لغاية 75 قادر لو أراد..

أحمد منصور [مقاطعاً] قادر لو أراد..

صلاح عمر العلي: نعم، قادر أن يطيح في صدام حسين لو أراد..

أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي منعه من الإطاحة به؟

صلاح عمر العلي: أنا حكيت لك في الحلقات السابقة.

أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن الأمر لما بيصل إلى.. إلى نقطة إما أنا أو أنت، الأمر بيتغير.

صلاح عمر العلي: ما هو المشكلة وين؟ المشكلة تكمل بالشكل التالي: أحمد حسن البكر بعد أن بدأ يكتشف مشروع صدام حسين الخاص باستلام السلطة بشكل منفرد، بهذه الفترة أصبح حسن البكر فاقد للسلطة، فاقد القدرة على الإطاحة بصدام حسين، هاي هي المفارقة الحقيقية.

محاولة ناظم كزار الفاشلة للإطاحة بالبكر وصدام

أحمد منصور: صدام حينما بدأ يسيطر على الأمور ويبرز النزاع بينه وبين البكر بدأ بعض من ربَّاهم صدام على عينه ويديه مثل ناظم كيراز القيام بمحاولة كيراز.. كيزار عفواً القيام بمحاولة في 30 يونيو 1973، كنت أنت وقتها سفيراً في فنلندا؟

صلاح عمر العلي: كنت سفيراً في السويد.

أحمد منصور: في السويد، قام العقيد ناظم كيزار (مدير الأمن العام في العراق) الذي كان رجل صدام بمحاولة انقلابية فاشلة، قتل فيها وزير الدفاع حمادي شهاب، وجُرح وزير الداخلية سعدون غيدان، ما هي معلوماتك عن هذه المحاولة؟

صلاح عمر العلي: أنا بناء على المعلومات اللي يعني توفرت إلى فيما بعد، أنا أسميها هذه المسألة أسميها مؤامرة صدام حسين على البكر، وهي مؤامرة ناظم كيزار على صدام حسين والبكر.

أحمد منصور: من هو ناظم كيزار أولاً؟

صلاح عمر العلي: ناظم كيزار مدير الأمن العام، حزبي، يتصف بدموية شديدة جداً، وقسوة غير يعني متناهية في..

أحمد منصور: كأننا نشعر أن هذا الحزب ليس فيه واحد قلبه رحيم.

صلاح عمر العلي: عندما عُين..

أحمد منصور [مقاطعاً]: إلا ربما حينما صادفتك أنت..

صلاح عمر العلي: لو.. لو سمحت.. لو سمحت، عندما عُين ناظم كيزار، عندما عين ناظم كيزار مدير للأمن العام، واجه هذا التعيين رفض واحتجاج لدى كافة قادة الحزب، الأمر الذي أجبر صدام حسين على عقد ندوة لكادر الحزب المتقدم، لغرض فقط إقناعهم بمبررات تعيين ناظم كيزار في هذه الدائرة، وكنت حاضر أنا في هذه الندوة وعندما عُقدت الندوة، كافة أعضاء الحزب القياديين اعترضوا بشدة وهددوا بالانسحاب من الحزب وترك الحزب إذا أصريتم على بقاء ناظم كيزار في الأمن العام، صدام حسين أخذ الحديث وأقنعهم بطريقة براجماتية يعني عجيبة، تحدث معهم، قال لهم: نعم أنا كل ما حكيتوه عن ناظم كيزار أنا مؤمن به، وأنا أعرفه، لكن الآن إحنا بين إيدينا دولة، هذه الدولة فيها دوائر، دوائر فيها اختصاصات، لدينا دائرة اسمها الأمن، الأمن يجب أن نختار شخص يحمل مؤهلات..

أحمد منصور [مقاطعاً]: دموية.

صلاح عمر العلي: مؤهلات قادرة على إدارة هذه الدائرة وتنفيذ واجباتها، فهل ترون هناك شخص أكفأ من هذا ناظم كيزار الذي يحمل عقل أشبه بالكمبيوتر؟ وهذا الإنسان الذي يعرف كل من يعارض الحزب وكل المنتمين للأحزاب الأخرى يفهمهم واحد واحد، تريدون من عندنا نجيب عبد الخالق السامرائي أو صلاح عمر العلي نحطه مدير أمن؟ ناظم كيزار شخص مؤهل لهذا العمل فإذن عليكم أن تفهموا هذا البعد الآن إحنا مو في إطار عملنا الحزبي فقط أمامنا دولة، فطبعاً بوقتها قبلوا الناس على مضض..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هنا سؤال مهم..

صلاح عمر العلي: ناظم كيزار إذن هو مدير الأمن العام، كُلِّف من قِبل صدام حسين بأن يقتل أحمد حسن البكر القادم من تشيكوسلوفاكيا على ما أعتقد في المطار، لكن ناظم كيزار في نفس الوقت كان يخطط للإطاحة بصدام وأحمد حسن البكر في نفس الوقت.

أحمد منصور: يعني كان الرجل يعد لانقلاب ثنائي يتخلص فيه حتى من الرجل الذي كلفه بالإطاحة، لصالح مَنْ كان يقود هذا الانقلاب؟

صلاح عمر العلي: أنا لا أعرف حقيقة لصالح من، لكن في الواقع هو بالقدر اللي قدمت لك إياه.. بقدر المواصفات القاسية والدموية اللي يحملها ناظم كيزار، إلا أنه من جانب آخر كان مؤمن بشيء اسمه حزب البعث، كان حزبي.. كان يعني يعني ناظم كيزار عَذَّب وقتل كثير من الناس، لكن لم يعتدِ على البعثيين أبداً..

أحمد منصور[مقاطعاً]: لماذا.. يعني.. يعني هنا مفهوم الحقيقة ربما يعاني منه معظم.. تعاني منه معظم الشعوب العربية أن هناك أناس مجرمين وفي نفس الوقت الذين يطاردونهم مجرمون مثلهم، ويتم اختيارهم بإجرام كأنما يجب أن تتوفر في رجل الأمن صفات إجرامية في الوقت الذي يمكن أن يكون فيه رجل الأمن هو رجل مصلح للنفوس بالدرجة الأولى وليس رجلاً دموياً ليقتل ويصفي ويعذب الناس.

صلاح عمر العلي: هذا ما يجب أن يكون، هذا ما يجب أن يكون، وتشوف الدول المتحضرة الآن، مدير الأمن.. مدير الاستخبارات، مدير المخابرات ناس إما أكاديميين أو مثقفين أو كُتَّاب ومهمتهم هي ليس للإرهاب وتصفية الناس والاعتداء على الآخرين.

أحمد منصور [مقاطعاً]: ما معنى قبول.. قبولكم أنتم البعثيين بأن يكون قائد الأمن هو شخصية دموية تقتل وتعذب وتدمر الآدمية في نفوس الناس..

صلاح عمر العلي: أنا.. أنا حكيت لك حقيقة، أنا حكيت لك يعني اللي حصل، كل قيادي الحزب رفضوا، كله بالإطلاق رفض هذا التأييد.

أحمد منصور: هذا لا يبرر طبعاً.

صلاح عمر العلي: لأ، طبعاً لا يبرر لا.. لا..

أحمد منصور: وأن يحدث..

صلاح عمر العلي: لا أريد أن أبرر، أنا أقدم لك هذا الوصف، أقدم لك ما حصل.

أحمد منصور: ماذا تعرف عن تفاصيل المحاولة أو المخطط؟

صلاح عمر العلي: المحاولة هي محاولة صدام حسين للإطاحة بأحمد حسن البكر بواسطة ناظم كيزار..

أحمد منصور: كان..

صلاح عمر العلي [مستأنفاً] وناظم كيزار عندما اكتشف يعني مبكراً السلوكيات الملتوية التي يمارسها كلٌ من أحمد حسن البكر وصدام حسين، وعندما كُلِّف بهذه.. بهذه المؤامرة اللي أُطلق عليها اسم مؤامرة توصل إلى قناعة بأن هناك لعبة خارج يعني خارج ما هو منطقي ومقبول، بمعنى أنه كل ما يدور هو عبارة عن صراع بين شخصين من أجل استلام السلطة على حساب الحزب وعلى مبادئ الحزب وأفكار الحزب، فإذن صَمَّم وقرر أن يستغل هذه الفرصة من أجل أن ينتقم من الاثنين، أن يُخلِّص الشعب العراقي من الاثنين، فراح وضع خطته على هذا الأساس، بطبيعة الحال يعني هناك تفاصيل في هذه المسألة هذه، أحمد حسن البكر كان مقرر أن يصل في ساعة معينة إلى مطار بغداد..

أحمد منصور: تأخر..

صلاح عمر العلي: وطبعاً الهيئات الدبلوماسية وكبار المسؤولين العراقيين خرجوا لاستقباله، ناظم كيزار.. ناظم كيزار في هذه.. في هذه الساعات استدرج أحمد.. حمادي شهاب اللي كان وزير دفاع، وسعدون غيدان اللي كان وزير داخلية، وعدد آخر من الأشخاص اللي كان يخشى من تأثيراتهم عليه، استدرجهم للمجيء إلى دائرة الأمن واعتقلهم، اعتقلهم حتى يعني يضمن نجاح العملية وهيَّأ أشخاص وضعهم على.. على سطوح المطار كانوا يحملوا مدافع رشاشة وهم قناصة ومبلَّغين عندما ينزل أحمد حسن البكر من طائرته سيتقدم صدام حسين باستقباله ومصافحته ففي هذه اللحظة تضربون الاثنين وتقتلوهم، اللي حصل أنه وزير الدفاع ووزير الداخلية معتقلين.. اعتقلوا، وهؤلاء الموجودين على السطح، الطيارة تأخر وصولها إلى مطار بغداد، عندما تأخر وصولها إلى مطار بغداد بدأ ناظم كيزار يتحسس من الموضوع، أولاً وزير الدفاع ووزير الداخلية ما موجودين في الاستقبال، فإذن راح يحصل سؤال أنه وين وزير الداخلية والدفاع، هذا أولاً.

اثنين فيه قناصة على السطح، ومجهز عدد من.. من المنتسبين لدائرة الأمن لمهمات تحيط بالمطار وإلى آخره كان الوضع غير طبيعي، فتأخير وصول الطائرة خلق حالة من الارتباك لدى ناظم كيزار، الأمر الذي دعا فيه إلى الهرب بصحبة المختطفين عنده، المعتقلين عنده، واتجه إلى الحدود الشرقية مع.. مع إيران، وطبعاً صدام حسين يعني فهم العملية، فبعد ذلك وصل أحمد حسن البكر بطائرة فوجد بالمطار يعني.

أحمد منصور: الوضع غير طبيعي.

صلاح عمر العلي: ليس هناك.. ليس هناك بروتوكول، وليس هناك استقبال، وليس هناك صدام حسين وإلى آخره، بعدها بُلِّغ بالموضوع بأنه هناك مؤامرة وإلى آخره واكتُشفت مؤامرة ويقودها ناظم كيزار، ثم طورد ناظم كيزار، ناظم كيزار كان يحمل معه جهاز إرسال، وجه رسالة عبر هذا الجهاز وجهها إلى.. إلى القصر الجمهوري، كانت الرسالة تقول بأنه أنا مستعد أستسلم وأقترح أنه يصير نوع من.. من الاتفاق على شكل الاستسلام في منزل عبد الخالق السامرائي، الأمر الذي أطاح بيعني بعبد الخالق السامرائي ودخل السجن في زنزانة لمدة سبعة سنوات لم يره إنسان إطلاقاً، ثم رُفض هذا العرض، بعد ذلك أُلقي القبض على ناظم كيزار بعد أن قتل حمادي شهاب وجرح سعدون غيدان وجرح الآخرين أيضاً اللي كانوا معه من المعتقلين.

أحمد منصور: كيف كان شعورك الآن ورفاقك بيتساقطون الواحد تلو الآخر بأيدي القيادة البعثية؟

صلاح عمر العلي: والله يا أستاذ أحمد.. والله أصدقك القول أنا قبل أن تحصل هذه المؤامرة بحوالي شهرين كنت في بغداد، والتقيت المرحوم عبد الخالق السامرائي وكان عبد الخالق السامرائي يوجه لي اللوم بأني كأني استعجلت الصِّدام مع أحمد حسن البكر وصدام حسين، كان يوجه لي اللوم وكان يقول لي بالمعني التالي، يقول لي: شايف أنه الأمور بتتجه باتجاه التمسك بصيغة الحزب من خلال الرفيق صدام حسين، تصور إلى.. يعني الفاجعة وين، كان يراهن على صدام حسين…

أحمد منصور: رغم أن التصفيات بدأت في وقت مبكر.

صلاح عمر العلي: كان يراهن على صدام حسين أنه السلطة التدريجية تنتقل إلى صدام حسين، وهذا ابن الحزب وهذا يعني مدني وهذا شخص نما من شباب الحزب، بينما كان يعتقد أنه أحمد حسن البكر هو الخطر الحقيقي، فأنا والله في هذا اللقاء يعني جاوبته بالشكل التالي، قلت له: يا عبد الخالق، اسمع مني، والله هذا الكلام ستندم عليه قريباً جداً وستكتشف أن الخطر الحقيقي يكمن في شخص صدام حسين اللي أنت الآن تراهن عليه. هذا الكلام قبل أن يدخل الزنزانة بما لا يزيد عن ثلاثة أشهر، وربما شهرين فقط كنت في بغداد وحصل هذا اللقاء، الحقيقة يعني كان هذا الموضوع شديد الالتباس، شديد الغموض، يعني المسألة ما كانت واضحة عند كثير من أعضاء الحزب، كانت مفارقة عجيبة صدام حسين يبرز وجه نظيف وممارسته بشعة، ممارسته على عكس ما كان يظهر فيه.

أحمد منصور: لكن ممارسته مين اللي كان بيلمسها غيركم؟ ومين اللي كان بيشعر بها أكثر منكم؟

صلاح عمر العلي: ولهذا السبب حقيقة.. هذا اللي حصل.

أحمد منصور: طبعاً السامرائي أعدم بعد ذلك في أثناء المحاولة.

صلاح عمر العلي: بعد سبع سنوات من السجن.

أحمد منصور: طبعاً ألم تلاحظ في مسيرتكم أنتم كقيادات بعثية أنكم لم تكونوا تفيقوا إلا حينما كانت السكين على رقبة الواحد منكم؟

صلاح عمر العلي: بطبيعة الحال.. هذا ما دعانا أن..

أحمد منصور[مقاطعاً]: أنتم شايفين زملاءكم ورفقاءكم بيقتلوا الواحد تلو الآخر ولم تكونوا تفيقوا إلا لما السكينة تأتي إلى رقبتكم.

صلاح عمر العلي: لا يا أستاذي، القتل وهذا أنا كنت.. كنت طالع بالسبعين، القتل.. لا.. لا.. خليني..

أحمد منصور: أنت أنا ما بأتكلمش عليك أنت، بأتكلم عن هذا السامرائي الذي كنت تقنع فيه ويرى رفاقه يُصَفُّون ومع ذلك له.. يتكلم كلام آخر وغيره ممن بقوا إلى جوار القيادة لحد ما صُفُّوا بعد ذلك.

صلاح عمر العلي: هو حتى.. نعم.. حتى.. للدقة أكثر حتى لغاية اعتقال عبد الخالق السامرائي لم تكن هناك ظاهرة التصفية بشكل واسع.

أحمد منصور: كانت.

صلاح عمر العلي: يعني البعثيين لم يصفوا..

أحمد منصور: كانت وأنا ذكرت لك بالتواريخ يعني تواريخ عملية التصفية بدأت بالأسماء من 68 وكانت في 70، 71 عالية، 71 كان حردان التكريتي، 28.

صلاح عمر العلي: حردان ما كان بعثي.. ما كان بعثي.

أحمد منصور: لكن كان الرجل قدَّم للبعث خدمات لم يقدمها أي بعثي آخر.

صلاح عمر العلي: نعم.. هذا.. نعم صحيح، أنا لا أنكر هذا.

أحمد منصور: الآخر كان له جزاء سنمار كما يُقال.

صلاح عمر العلي: نعم، هذا صحيح.

أحمد منصور: ويعني أيضاً آخرين قتلوا وتم تصفيتهم في العام 70 رشيد مصلح كان بعثي وكان وزير الداخلية في العام 70.

صلاح عمر العلي: لا.. لا.. لم يكن بعثياً أبداً.

أحمد منصور: كان بعثي.

صلاح عمر العلي: لا يا أستاذ أنا يعني أنا عضو قيادة.

أحمد منصور: عدنان التكريتي لم يكن بعثي؟

صلاح عمر العلي: عدنان شريف نعم، عدنان شريف التكريتي، نعم.

أحمد منصور: طيب، يعني.. يعني الآن عملية التصفية كانت بدأت لكن أخذت الزخم العام بعد ذلك..

صلاح عمر العلي: ما بشكل واضح، ما كانت كتير.

عملية تأميم النفط العراقي ومردوداتها على حكم البعث

أحمد منصور: إلى أن وصلت في 79 إلى أن 55 من قيادات الحزب يُنادى عليهم ويشارك الرفاق في حفلات الإعدام التي ربما آتي لها تاريخياً في حينها، الآن في الأول من يونيو عام 1972 أذاع راديو بغداد رسائل ثورية ثم أطلق يوم النصر على يوم تأميم النفط العراقي، ما الذي عاد به تأميم النفط في العراق على حكم البعث.

صلاح عمر العلي: طبعاً أنا كنت آنذاك خارج العراق وليس لي أي دور في هذه العملية مع أنه إحنا.

أحمد منصور: كنت ممثلاً للنظام العراقي في الدول الاسكندنافية..

صلاح عمر العلي: لاشك في ذلك، بس خلينا نكون يعني دقيقين وواضحين وإحنا الآن في.. في ندوة تليفزيونية، نعم أنا كنت خارج السُلطة.. خارج السُلطة السياسية، أنا كنت سفير مُبعد، أنا.. أنا شخص مُبعد ومعاقب بتعييني سفير، عملية التأميم أنا ما مشارك فيها ولا إلي دور فيها، إنما كان عندنا إحنا أحد الشعارات الأساسية اللي كنا دائماً نحملها ودائماً نرددها واللي دائماً نكتبها في أدبياتنا هو القول بأن نفط العرب للعرب، دائماً كثير ما رددناه، فإذن عملية تأميم النفط كان هو مبدأ من مبادئنا اللي كنا نعمل ونكرس جهودنا من أجل الوصول إله، أُمِّم النفط، بمجرد تأميم النفط طبعاً فُرض حصار اقتصادي على العراق أيضاً وطبعاً هُدد الوضع في العراق وصل إلى مرحلة يعني خطيرة للغاية، لكن تم تجاوز هذه الأزمة وفُتحت الأسواق النفطية ابتداءً وأول دولة كسرت هذا الحصار هي إسبانيا، أول حاملات نفط اتجهت للعراق بعد التأميم هي إسبانية بأمر من (فرانكو) وبدأت…

أحمد منصور: طبعاً أنظمة استبدادية بتدعم بعضها..

صلاح عمر العلي: بدأت عملية كسر.. بدأت عملية كسر الحصار الاقتصادي، طبعاً بعد أن بدأت العملية أول شيء حصل أن واردات العراق من النفط قفزت قفزة هائلة جداً وأصبحت مليارات من الدولارات.

أحمد منصور: كانت في العام 72، 575 مليون دولار، في العام 74 أصبحت عشرة أضعاف 5.7 مليار دولار.

صلاح عمر العلي: نعم.. نعم، يعني إحنا قبل أن يؤمم البترول بالسنوات اللي كنت أنا عضو قيادة فيها أصلاً كنا من الفقر.. من العوز للدرجة أنه طلبنا قرض من إحدى الدول العربية بما لا يزيد عن 5 ملايين حتى نمشي أمور الدولة، كان وضعنا الاقتصادي متدهور للغاية…

أحمد منصور: إذن بدأت العراق بعد العام 1972 فترة النمو الهائلة في ظل حكم البعث. وبدأ..

صلاح عمر العلي: نعم.. نعم.. نعم، والله هذه الحقيقة العبارة لازم نحط تحتها شرطة.

أحمد منصور: لأ، ما حطيتش ليه أيامها.. ما حطيتش ليه أيام..

صلاح عمر العلي: أبداً.. هو ليس حكم البعث.

أحمد منصور: هو حكم البعث شئتم أو أبيتم حكم صدام حسين العراق إلى 9..

صلاح عمر العلي: لا أبداً.. أبداً.. أبداً، واقعياً حزب البعث أول.. أول فئة سياسية تُقمع على يد صدام حسين، أول فئة سياسية.

أحمد منصور: مالناش دعوى، قبلتم بهذا.

صلاح عمر العلي: من الذي قبل؟

أحمد منصور: أنتم قبلتم تستحقون.

صلاح عمر العلي: أنا قبلت؟

أحمد منصور: لا أتكلم عنك.

صلاح عمر العلي: أو عبد الخالق السامرائي قبل، أو عبد الكريم الشيخلي قبل أو صالح عمَّاش قبل؟ لا يا أستاذ…

أحمد منصور: تستحقون ما.. تستحقون ما جرى لكم لأنكم دعمتم الذي حز السكين على رقابكم.

صلاح عمر العلي: حتى إذا سلمت بهذا القول.. هذا.

أحمد منصور: لماذا لم تجتمعوا كبعثيين سابقين الآن وتقرروا أن هذا النظام لا يُشكِّل، كان الرفيق الكبير الأكبر.. المؤسس الأكبر كان يقول أن صدام هو هبة البعث من السماء إلى الأمة العربية وإلى البعث، قولوا ما شئتم أنتم في الخارج لن يسمع أحد منكم، الرجل كان عنده الغطاء الشرعي والغطاء التاريخي الذي كان يحكم من خلاله، وحرص على بقائه إلى النهاية، الآن تقولون لم يكن يمثل البعث!! يعني كان الكلام يجب أن يُقال وقتها وكان تجردوا الرفيق الأكبر أو المؤسس أو الزعيم من أن يكون هو الغطاء الذي كان صدام حسين يحكم به.

صلاح عمر العلي: فيه.. على ما يبدو أنت إلى الآن رغم كل ما حصل في العراق مبسط الأمور إلى درجة يعني تعتبر أنه مجرد.. يعني من البساطة بمكان أن نُعقد اجتماع ونتخذ قرار..

أحمد منصور: الذي يُبسط هو حضرتك الآن..

صلاح عمر العلي: أستاذي الكريم، صدام حسين.. صدام حسين.. صدام حسين…

أحمد منصور: لأن أنا الآن أتكلم.. صدام حسين كان يحكم باسم البعث، كان هناك قيادة قومية في العراق وقيادة قطرية في العراق ونظام بعث وشبيبة وأعضاء منتسبون وشعارات وزعيم مؤسس كل المقومات عنده…

صلاح عمر العلي: أستاذ أحمد صدام.. صدام حسين، لو سمحت لي صدام حسين بمنتصف السبعينيات صدام حسين شرى من الأجيال العربية من الكُتَّاب للشعراء، للصحفيين، كذا، اشترى، خارج المنطقة العربية قطاعات هائلة جداً من المثقفين والكتاب والسياسيين.. بدأ.. بدأ يرتبط بأجهزة مخابرات..

أحمد منصور: كلهم في مزبلة التاريخ، كل من، كل صحفي وكل كاتب يخرج عن نطاق أن يكون إنساناً ينشر الحقيقة ويقدمها للناس دخل مزبلة التاريخ.

صلاح عمر العلي: بحيث أصبح.. يا سيدي أصبح صدام حسين أخطبوط قادر على أن يجر أي إنسان بأي بلد كان، كان يخطف الناس من.. من بلدان أجنبية.

أحمد منصور: شخصية متميزة، مسحكم جميعاً وسيطر على السلطة.

صلاح عمر العلي: هذا صحيح، أنا ما لا أنكر هذا، نعم مسحنا جميعاً ووثب على كرسي السلطة بشكل منفرد بعد أن يعني نصب مسلة إله من جماجم الأبرياء سواء البعثيين أو غير البعثيين.

أحمد منصور: دعمتموه حتى وصل إلى تحقيقها في البداية..

صلاح عمر العلي: لأ كيف هذا تقول أستاذ أحمد؟

أحمد منصور: كان يمكن أن تزيلوه.

صلاح عمر العلي: من الذي دعمه، أنا تارك من السبعين، كيف تقول هذا يا أستاذ أحمد؟

أحمد منصور: أنا الآن لا أتناول تاريخك الشخصي وشهادتك هي ممزوجة.. ممزوجة.. ممزوجة، أنا أقول الآن ما تقوله هو ممزوج بصفتك عضو قيادة في الحزب، وممزوجة بتاريخ الحزب ومساره في العراق.

صلاح عمر العلي: يا سيدي، أنت تقول أنتم…

أحمد منصور: أنتم الآن كبعثيين.

صلاح عمر العلي: أنتم كيف أنا عندما يبدأ اصطدامي بصدام حسين منذ الأشهر.. منذ الأشهر الأولى بدأت اصطدامي معه، ثم استمرت هذه الأزمة كما تعرف…

أحمد منصور: رفاقك كانوا يدعمونه، أنا أقصد أنتم كبعثيين تتحملوا المسؤولية كاملة فيما حدث.

صلاح عمر العلي: سيدي هذا.. هذا.. هذا الوصف غير دقيق، من الذي كان يساعده؟ صدام حسين أطاح بهم واحد بعد الآخر، لماذا؟ لأنه كانوا يدعموه! لماذا أطاح بهم؟ لأنهم كانوا يدعمون صدام حسين! لماذا لم يطح بعزت الدوري؟ لماذا لم يطح بطه الجزراوي؟ لا يجوز هذا الحكم.. لا يجوز هذا الحكم.. هذا الحكم غير مُنصِف.

أحمد منصور: كل واحد بيختار طريقه طالما.. طالما أن الأمر وصل إلى السلطة، فكل واحد بيختار طريقه، الذي يبحث عن الامتيازات، ويبحث عن دعم الزعيم حتى يبقى إلى جواره شيء، والذي يريد أن يعارض ويتمسك بالمبادئ والأفكار يدفع الثمن.

صلاح عمر العلي: هذا هو اللي حصل، ولذلك أطاح بالجزء الأكبر من القيادة بينما احتفظ باثنين من أعضاء القيادة.

أحمد منصور: كان عنده الزعيم الأكبر للقيادة كلها ميشيل عفلق، ظل إلى جواره إلى اللحظة الأخيرة، وظل يدعمه ويكون غطاءً أساسياً له، شئتم أم أبيتم، تقولوا أنكم بعثيون أو غير بعثيون، البعث الذي كان يحكم العراق إلى 9 إبريل 2003.

صلاح عمر العلي: هذا صحيح.. هذا رأيك.

أحمد منصور: لا مش رأيي، هذا التاريخ ومعطياته يا سيدي.

صلاح عمر العلي: لأ هذا رأيك أستاذي، حزب البعث.

أحمد منصور: من الذي كان يحكم العراق إلى 9 إبريل 2003؟

صلاح عمر العلي: إذا سمحت لي.. إذا.. إذا نعرِّف حكم الحزب تعريف دستوري أو سياسي.

أحمد منصور: هو فيه دساتير دلوقتي، فيه حد بيحترم دساتير؟!

صلاح عمر العلي: أنت سمعت يوم.. أنت سمعت يوم من الأيام أن.. هذه الأزمة الأخيرة اللي حصلت إلى أن أطيح بالنظام، سمعت يوم من الأيام أن قيادة الحزب اجتمعت واتخذت قرار، هل هناك دور لقيادة الحزب القطرية أو القومية؟ سمعت يوم من الأيام؟ صدام حسين منفرداً، كان يقرر كل شيء حتى..

أحمد منصور: وهم كانوا يطبلون له ولم يكن أحدهم فعلاً.

صلاح عمر العلي: هذا شيء آخر بس إن.

أحمد منصور: لأ، مش شيء آخر، هذه سياسة حزب، سياسة ناس مسؤولين عن الحزب.

صلاح عمر العلي: لا يا أستاذي.. لا.. أنت عندما تسمع أن القرارات تتخذ من قبل.. من قبل قيادة الحزب عند ذلك تقدر تعتبر أنه هذه فعلاً قيادة الحزب وتجربة في الحزب، وأن الحزب هو مستأصل.

أحمد منصور: إذا الرجل هبة السماء، عايزين تجتمعوا معاه ليه؟ إذا قال عنه ميشيل عفلق أنه هبة السماء..

صلاح عمر العلي: شو اللي بقى من حزب صدام حسين عندما.. عندما يدشن..

أحمد منصور: لما واحد.. لما أنت تجي تقول لي أنت هبة السماء، يعني بيني وبين الرسول شعرة، وهو جاء وغير التاريخ وقال إنه بينتسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يعني فيه شيء من الخلافة عايز بقى تجيب بعض الناس ويقعدوا يناقشوه ويقولوا له ماذا تفعل؟

صلاح عمر العلي: يا سيدي، هذه كله مزور، طيب عندما يدشن..

أحمد منصور: ألم يضفِ عليه هذه الهالة المؤسس الأكبر والزعيم الأكبر للحزب؟

صلاح عمر العلي: بس.. بس.. يا أستاذ أحمد.. عندما يدشن صدام حسين عهده كرئيس جمهورية بقتل 54 قائد حزبي خلال 48 ساعة، ثم بعد أسبوع يختفي ما لا يقل عن 300 كادر حزبي من هذا الحزب، كيف يجوز أن نعتبر أنه الحزب كان يحكم؟ كيف؟

أحمد منصور: ما هو أنا قلت لك أنتم.. قلت لك يا سيدي..

صلاح عمر العلي: أنا الآن عندما أتحدث.. أنا.. أنا الآن ليس لي صلة بالحزب، أنا تركت الحزب من عام 70، لكن أنا.. أنا..

أحمد منصور: لكن.. لكن.. كل البعثيين مسار التاريخ يؤكد إنه كل القيادات البعثية في العراق لم تكن تفيق إلا والسكين تحز رقبتها، هؤلاء الـ50 قائد كادر و 300 وكل هؤلاء الذين أعدموا وسآتي بشكل مفصَّل إلى حفلات الإعدام التي تمت، أليس هؤلاء الذين دعموا صدام حسين وكانوا يصفقون له؟ ألم يكن يصفق في الفيلم التليفزيوني أناس كانت تنادى على أساميهم بعد ذلك ليخرجوا إلى المذبحة؟

صلاح عمر العلي: والله.. هؤلاء.. نعم، والله هذه يا أستاذ أحمد، إذا نكون منصفين خليني أقول لك إياها بصراحة، صدام حسين عندما فرض هذا السطوة والرهبة من خلال العقاب الجماعي والقتل الجماعي أصبح المواطن العراقي يعني مواطن من نوع آخر، المواطن العراقي أصبح مغلوب وخائف..

أحمد منصور: إذا كل شيء..

صلاح عمر العلي: وأي شخص صدام حسين عندما يقف ويقول أنا أعرف الشخص المتآمر من نظرتي لعيونه، تخيل عنده مقولة تقول إنه أنا أقدر أميز الشخص المتآمر عليَّ أو ضدي من خلال النظر إلى عيون هذا الشخص، تخيل كيف ترك من آثار نفسية لدى المواطن العراقي عموماً ولدى البعثيين خصوصاً…
أحمد منصور: كانوا يصفقون له حينما كان يقول هذا، كان ينادي على رفيقه.. رفاقه ورفاقهم وهم يصفقون وهم كلهم شاركوا وقتلوا رفاقهم…

صلاح عمر العلي: نعم، إلى.. إلى.. لأ، ما شاركوا لا.. لا.. هذه.. هذه.. هذه غير حقيقة، هذه..

أحمد منصور: جمعوا وشاركوا في عملية القتل..

صلاح عمر العلي: لا.. لا، أبداً هذا غير صحيح، وأنا راح أوضح لك هذا الأمر فيما بعد، هذا غير صحيح.

توقيع صدام حسين اتفاقية الجزائر مع شاه إيران

أحمد منصور: طب خليني حتى أصل بالتسلسل التاريخي، في 6 من يونيو عام 1975 وعلى هامش اجتماع الأوبك في الجزائر وبمبادرة من الرئيس الجزائري هواري بومدين وقَّع صدام حسين الذي كان نائباً للرئيس العراقي آنذاك، وكان هو الرئيس الفعلي للبلاد اتفاقية مع شاه إيران تحقق تسوية لمشكلة الملاحة في شط العرب، ما هو أثر هذه الاتفاقية على صدام ومكانته في العراق؟

صلاح عمر العلي: طبعاً الاتفاقية حصلت في ظل الأجواء التالية، كان هناك ما يُسمَّي بالثورة الكردية في شمال العراق وكانت هناك مواجهات بين الميليشيا الكردية وبين وحدات الجيش العراقي، وطبعاً الجيش العراقي آنذاك كان ضعيف بعده لم يُبنَ ولم يعني تتوفر له المستلزمات اللازمة، وطبعاً أُنهكت وحدات الجيش وضعفت بالمقابل بدأت تقوى الميليشيا العسكرية الكردية واحتلوا كثير من المواقع الاستراتيجية في المنطقة، فأصبح نظام الحكم يعني مهدد حقاً، الأمر الذي اعتبر صدام حسين فرصة اللقاء بشاه إيران في الجزائر فرصة مهمة جداً، فرصة مهمة للغاية، طبعاً أنا لا أعرف كيف حصل هذا اللقاء؟ هل هي بمبادرة من صدام حسين؟

أحمد منصور: لكن رفعت أسهم صدام.

صلاح عمر العلي: نعم.. نعم خليني أجاوبك، أنا لا أعرف هل هي بمبادرة من شاه إيران أم من صدام حسين أم من الجزائر؟ لأنه أيضاً شاه إيران آنذاك كان أيضاً الحكم في العراق يمارس شيء من الممارسات داخل إيران ضد الشاه، كان بالاعتماد على عناصر معارضة كانت توجد في إيران، فالمهم وقَّع الاتفاق في هذه الأجواء، في ظل هذه الأجواء صدام حسين تنازل عن مسألة مهمة جداً للغاية في هذا الاتفاق.

أحمد منصور: ما هي؟

صلاح عمر العلي: وهو موضوع شط العرب، حقيقة هذه كانت أيضاً مفارقة تأريخية هامة للغاية، إنه مسألة حق تاريخي وطبيعي ليس من حق صدام حسين ولا أي إنسان يتنازل عنها، مهما كانت الظروف لكن صدام تنازل باستخدام هذه وسيلته.. وسائله في المناورة والمراهنات والمقامرة على كثير من الأشياء اللي برزت فيما بعد، ظهرت بشكل واضح للعيان، صدام تنازل عن هذا الموضوع مقابل.. مقابل ضمان شاه إيران الذي كان يمد الحركة الكردية بمستلزمات المقاومة والسلاح وإلى آخره، أنه تتوقف الحركة الكردية نهائيا، ووُقِّعت هذه الاتفاقية في أجزاء مع بنود أخرى، لكن هذا..

أحمد منصور: وفعلاً كان من أهم نتائجها أن توقف الدعم الإيراني للأكراد..

صلاح عمر العلي: وانهارت فوراً الحركة الكردية نعم.. نعم.. انهارت فوراً..

أحمد منصور: انهارت في يوم وليلة كما يقال وذهب مصطفى البرزاني إلى أميركا ومات هناك في العام 79..

صلاح عمر العلي: وطبيعي.. صح.. صدام حسين استفاد من هذه الاتفاقية يعني استرجع أنفاسه من جديد، فتفرغ للداخل، تفرغ بمعنى للداخل شوف بدأ يصفي كافة القوى التي يشك في ولائها إله، سواءً في داخل الحزب أو خارج الحزب.

أحمد منصور: هل صحيح أن هذه الاتفاقية حولت أحمد حسن البكر إلى صفر حقيقي في حكم العراق؟

صلاح عمر العلي: نعم، نعم، هو فعلاً تمكن أن يعني اعتبار الاتفاق الذي حصل بين صدام والشاه هي نقطة التحول فيما يتعلق بهذه المسألة.

أحمد منصور: كان هناك صراعات داخلية كثيرة؟ كان هناك تصفيات للشيعة؟ كان هناك مشاكل مع دول الجوار إيران وحتى سوريا كان هناك معها مشاكل، وقام الرئيس حافظ الأسد في زيارة للعراق في تشرين أول/ أكتوبر 1978، وقيل أنها رُتبِّت مع صدام حسين، وقيل أن صدام حسين كان يهدف إلى سحب البساط بشكل نهائي من تحت أقدام البكر، وإعلان وحدة مع سوريا من خلال هذه الزيارة.

صلاح عمر العلي: لا العكس هو الصحيح.

أحمد منصور: آه البكر عفواً هو الذي كان يهدف صح.

صلاح عمر العلي: البكر.. يعني أنا ذكرت فيما سبق أنه قبل استلام السلطة وبعد استلام السلطة، كانت تصلنا من المرحوم حافظ الأسد رسائل شفوية أو تحريرية تؤكد باستمرار على موقفه الإيجابي تجاهنا، وعلى رغبته الحقيقية في توحيد الحزب، فكان مقابل هذا أحمد حسن البكر يثق ثقة كبيرة جداً بالرئيس حافظ الأسد، وكان يعني دائماً يدفع باتجاه التجاوب مع هذه.. هذا الموقف اللي يعني دائماً يوصلنا إله الرئيس حافظ الأسد باستمرار، أحمد حسن البكر عندما بدأ يشعر بأنه ضعف وأن السلطة أصبحت لصالح صدام حسين، واحدة من وسائل يعني التخفيف من سلطة صدام حسين أو إخراج صدام حسين بالحقيقة من السلطة هو الضغط باتجاه الدفع باتجاه التوقيع على ميثاق وحدة بين سوريا وبين العراق، فعندما وُقِّع هذا الميثاق بين البلدين كان ينص على أن أحمد حسن البكر يكون رئيس الجمهورية.. الجمهورية يعني الموحدة والرئيس حافظ الأسد يكون نائب رئيس الجمهورية، ولم يكن هناك موقع لصدام حسين في هذا المشروع، طبعاً هذا المشروع استفز صدام حسين، وعرف إنه هذا يعني أو هكذا فسرها بأنها لعبة تستهدف إخراجه من السلطة، فبدأ صدام حسين يلعب لعبته.

أحمد منصور: وبالفعل لم يعد لصدام قناعة بأن يكون الرئيس غير المباشر فأزاح أحمد حسن البكر من السلطة في 16 يوليو/ تموز 1979، وبدأ يرسخ لآل صدام في السلطة، صدام كان رئيساً للدولة، ابن خاله عدنان خير الله وزيراً للدفاع، لجيش يضم 400 ألف بعثي، برزان أخوه غير الشقيق رئيساً للمخابرات وعطبان التكريتي محافظ لتكريت، مسؤول الأمن القومي سعدون شاكر، أما سبعاوي فقد كان نائباً لرئيس الشرطة…

صلاح عمر العلي: سعدون شاكر ليس تكريتياً.

أحمد منصور: سبعاوي.

صلاح عمر العلي: سبعاوي، نعم.. صحيح.

أحمد منصور: كان رئيس الشرطة، وأصبح الحزب يضم حوالي مليون شخص أو مليون منتفع على وجه الدقة بمفهوم أوضح، علاوة على الجيش الشعبي، هنا اختلط النظام بالعائلة بالحزب وأصبح كياناً واحداً، وبعد يومين فقط من القيام بإزاحة أحمد حسن البكر من السلطة في 16 تموز أعلن صدام حسين في 18 يوليو/ تموز أمام المؤتمر العام للحزب عن وجود مؤامرة كبيرة تم تصفية العشرات من قيادات الحزب، نبدأ بها الحلقة القادمة.

أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ صلاح عمر العلي (عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية في حزب البعث العربي الاشتراكي الأسبق في العراق).

في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر : الجزيرة