شاهد على العصر

حزب البعث السوري كما يراه أبو صالح ح9

أحمد أبو صالح عضو مجلس قيادة الثورة وعضو القيادة القطرية الأسبق لحزب البعث السوري، يتحدث عن الانقلاب ضد أمين الحافظ والانقلاب الفاشل الذي رتبه أبو صالح ضد الانقلابيين ووسائل التعذيب التي مورست ضد المعتقلين في سجون سوريا.

مقدم الحلقة:

أحمد منصـور

ضيف الحلقة:

أحمد أبو صالح: عضو قيادة مجلس الثورة حزب البعث السوري الأسبق

تاريخ الحلقة:

14/09/2003

– إرهاصات انقلاب 23 فبراير 1966 على أمين الحافظ
– اعتقال أحمد أبو صالح

– هزيمة عام 1967 وتأثيرها على الأحداث في سوريا

– اعتقال أحمد أبو صالح للمرة الثانية في 1968 وتعذيبه

undefined

أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع في هذه الحلقة لشهادة الأستاذ أحمد أبو صالح (عضو القيادة القُطرية الأسبق والوزير الأسبق في سوريا).

أبو طموح، مرحباً بك.

أحمد أبو صالح: أهلاً وسهلاً.

إرهاصات انقلاب 23 فبراير 1966 على أمين الحافظ

أحمد منصور: قبيل انقلاب الثالث والعشرين من فبراير/ شباط 1966 على نظام حكم أمين الحافظ الذي كنت قبل هذا الانقلاب بمدة أحد أركانه وعضو في مجلس قيادة الثورة ووزيراً لعدة وزارات وتتحمل مسؤوليات عديدة فيه، ربما كانت كل سوريا تدرك أنه في الساعة الحادية عشر من صباح 23 فبراير سوف يتحرك صلاح حاطوم وآخرين للقيام بانقلاب ضد أمين الحافظ، ما هي الإرهاصات التي سبقت الانقلاب؟

أحمد أبو صالح: فعلاً كان فيه ترقُّب وتوقُّع من قبل كثيرين وخاصة من ينتمون إلى حزب البعث أو يدورون في أفلاكهم، كان هناك توقع بأنه خلال الأيام القليلة القادمة سيقع انقلاب، لأن الأمور تأزمت لدرجة أنها أصبحت لا حل لها إلا بانقلاب، مثلاً أتت القيادة القومية التي لا حول لها ولا قوة، وأقدمت على حل القيادة القُطرية ذات الحول والقوة المطلقين، زائد رفضت القيادة القومية عن طريق منصور الأطرش في المجلس الوطني هذا يعني بعد توسيع المجلس الوطني لقيادة الثورة عملوا مجلس وطني مثل مجلس نيابي، الأعضاء اللي أكثريتهم إلى جانب القيادة القطرية المنحلة طلبوا.. طلبوا مناقشة هذا الأمر، فرفض منصور الأطرش بأمر من القيادة القومية مناقشة الأمر في المجلس الوطني، إذن يعني طوقوهم لدرجة إنه ما عاد فيه أمامهم مفر من أن يقوموا بانقلاب، قاموا بانقلاب واعتذروا إنه أيه نحنا كنا آسفين لم يكن أمامنا سوى هذه الوسيلة.

أحمد منصور: كيف نجح الانقلاب بهذه السهولة التي تمت؟

أحمد أبو صالح: يا صاحبي نجح الانقلاب بهذه السهولة لأن أمين الحافظ لم يقبل بالتحرك، أنا اتصلوا بي وكنت على موعد مع صلاح جديد الساعة 11 من صبيحة 23 شباط.

أحمد منصور: من الذي اتصل بك؟

أحمد أبو صالح: اتصل فيني سليم حاطوم وعبد الغني برُّو وآخرون..

أحمد منصور: اللي هم قاموا بالانقلاب.

أحمد أبو صالح: اللي منهم من شارك بالانقلاب، لأنه بهذاك الوقت مو معروف بالضبط مين مع مين يعني صاير الولاءات عم تتغير.

أحمد منصور: لكن سليم حاطوم هو اللي قام..

أحمد أبو صالح: سليم حاطوم كان رئيس الحرب فعلاً هو أول من حرك قواته وهاجم، فالمهم يعني أنا سافرت فوراً مرِّيت بحمص على بدر جمعة كان بالكلية العسكرية، ويعني جمعنا بعض رفاقنا، وقلنا أنا بكره على موعد مع صلاح جديد المفروض يعني نحنا نحزم أمرنا، وفعلاً بيوم صبيحة 23 -عفواً- وصلت بـ 22 رحت رأساً عند أمين الحافظ على قصر الضيافة وقاعد وعدد من الضباط بين 13 إلى 15 ضابط من ذوي الرتب الكبيرة اللي عم بيحاولوا يقنعوه بإنه يتحرك قبل ما هادوليك يتحركوا..

أحمد منصور: يعني خلاص.

أحمد أبو صالح: إذن الأمور ظاهرة، وظاهرة..

أحمد منصور: إما ينقلب أمين الحافظ على نفسه ويزيح الآخرين وإما سينقلبوا هم عليه.

أحمد أبو صالح: أيوه.. أيوه صح، وإما سينقلب الآخرين، اللي حدث إنه أمين الحافظ رفض، وقت جيت أنا اعتبرت..

أحمد منصور: أيه مبررات رفضه؟

أحمد أبو صالح: أمين الحافظ غير قادر على اتخاذ القرار، أمين الحافظ ليس جباناً، لكن أمين الحافظ لم يبلغ مستوى سواء بتكوينه كإنسان أو بثقافته العسكرية أو.. أو، ما بيتخذ قرار بينتظر من الآخرين هم يبادروا وهم..

أحمد منصور: عشان كده حطوه في السلطة وحطوا في إيديه كل الصلاحيات..

أحمد أبو صالح: أيوه، لاعتقادهم ومعرفتهم بأن هذا الإنسان يعني ليس من السهل إنه يغير ولاءه، إنه هو ولاه لما يُسمى بحزب البعث العربي الاشتراكي، بالنسبة إلى حزب البعث العربي الاشتراكي ميشيل عفلق مثلاً، الرفاق العسكر اللي هم يعني وضعوا كل ثقلهم وجابوه من الأرجنتين وضموه للجنة العسكرية، واستلم وزارة الداخلية إذن هو مدين مدى الحياة لهؤلاء الناس، هيك منطقه هو، فما بيقبل يعمل يعني يسبقهم وهو رئيس دولة وأقسم على الدستور بأنه يحمي البلد ويحمي الدستور وإلى آخره، لكنه لم يفعل، عندما جئت أنا في الحقيقة تلقفوني تلقفاً، الضباط إنه أبو طموح علاقته في الأصل وطيدة بأمين الحافظ وبيمون عليه فإجا بوقته طلعت أنا عند أمين الحافظ مع الأسف الشديد حسب العادة قاعد وعم بيشرب وحده، دخلت أنا قعدت معه، قلت أبو عبده أنا هادول جماعة اتصلوا فيني بحلب وعرضوا علي رئاسة الدولة، قال لي: إلي خبر.

أحمد منصور: عرضوا عليك أنت رئاسة الدولة؟

أحمد أبو صالح: طبعاً، إنه تعالَ يا أبو طموح أنت أحق واحد بعد الإطاحة بأمين الحافظ بأن يكون رئيس دولة ومو يعني.. لإنه نحنا عندنا.. عندنا أكثر من نصف الانقلابيين شايف، فبدهم يعني..

أحمد منصور: اللي أنتو اليساريين يعني البعثيين.

أحمد أبو صالح: نحنا.. وهم كانوا يعني طارحين نفسهم كيسار للحزب والقيادة القومية بهذيك..، فقال لي أبو عبده، قال لي: أيه بأعرف أنا إجا لعندي الرائد عبد الغني برُّو وهذا مسؤول مخابرات كان بحمص وقال لي، قلت له: طيب، بس أنا على موعد بالساعة 11 بكره الصبح مع صلاح الجديد للإجابة حتى أقول لهم إنه أنا موافق ولا ما أني موافق يعني أنا بأوافق معناها أنت ما عدت موجود، فأبو عبده خلينا نفطرهم قبل ما نتغدى.. يتغدوا.. ما فيه أسهل منا، أنا هلا بأطلع على اللواء سبعين وبأذيع البيان رقم واحد، قلت له: يللا، الله يؤيدك والشباب تحت عم ينتظروا، قال لي لأ، أنا بدي قرار من القيادة القومية، طبعاً القيادة القومية كلهم هاربين المساكين ومختفين…

أحمد منصور: بس لا حول ولا قوة، أجدع ناس تجري وتهرب.

أحمد أبو صالح: صحيح، ما ضربوا..

أحمد منصور: ميشيل عفلق هرب كم مرة؟

أحمد أبو صالح: دايماً هي ما بينعدوا المرات، منصور الأطرش اجتمعت في بيت أنا في بيت مهران يوسف مذيع كان بالإذاعة بأذكر اسمه لأنه صار مرور زمن، قال لي: أنا موافق، بس يا أبو طموح ما بأقدر بأجمع لك أنا القيادة القومية، فمنين بدي أجيبهم، جينا لعنده، قال لي أنا بأقبل من ميشيل عفلق، ميشيل عفلق كان مغادر البلد كلها، قلت له: أنت عم يعني توجد ذرائع حتى ما تتحرك.

أحمد منصور: طيب ليه ما خلتوش أمين الحافظ واتحركتوا أنتوا؟

أحمد أبو صالح: مين؟

أحمد منصور: أنتوا يعني..

أحمد أبو صالح: ما نحنا نصفنا صاير مع الطرف الآخر.

أحمد منصور: مع أمين.. مع الآخرين، مع صلاح جديد والآخرين…

أحمد أبو صالح: لأنه ما.. ما.. ما عرضنا على أمين الحافظ، وراح كشفنا بالمؤتمر العسكري صار يعني ما عاد فيه إلنا أمل بأمين الحافظ فصار جزء كبير من جماعتنا مع الآخرين على أساس نتقاسم، يعني نحنا وإياهم نحكم البلد.

أحمد منصور: ليه ما تجاوزتوش أمين والحافظ وتجاوزتم الدماء التي سالت في المعركة وعملتوها ودي كده وأنت تبقى رئيس الدولة الجديدة.

أحمد أبو صالح: لأ، نحنا كنا.. لأ، نحنا كنا متفقين يعني على الإطاحة بأمين الحافظ وصلاح جديد أي فيما بيننا.

أحمد منصور: آه.

أحمد أبو صالح: اللي رفضه.. اللي رفضه حافظ الأسد في بيته وعرضت.. هو عرض عليَّ الإطاحة بالاثنين، أنا قلت له: لأ بصلاح جديد، جينا نحن..

أحمد منصور: عرض عليك حافظ الأسد أيه؟

أحمد أبو صالح: طبعاً في بيته.

أحمد منصور: تفتكر إمتى؟

أحمد أبو صالح: وهو اللي اتصل فيني.

أحمد منصور: امتى تفتكر؟

أحمد أبو صالح: كان وزيرا للدفاع..

أحمد منصور: تفتكر..

أحمد أبو صالح: يعني قبل 23 شباط بفترة منيحة.

أحمد منصور: شهرين، ثلاثة.

أحمد أبو صالح: شي أربع خمسة أشهر.

أحمد منصور: يعني إرهاصات الانقلاب بدأت مع الصراعات.

أحمد أبو صالح: يعني اكتشف حافظ الأسد صار.. صرنا نحنا مشكوفين عم نجتمع دون خشية أو خوف من أي جهة، لأنه معتبرين حالنا نحنا القوة الضاربة القادرة على التغيير، فنجتمع في مكتب سليم حاطوم مثلاً بالإذاعة والتليفزيون، نجتمع في بيتي.. نجتمع..

أحمد منصور: عشان تخططوا للانقلاب.

أحمد أبو صالح: مع الأسف أيه على المكشوف يعني، لأنه ما إنا خايفين، حافظ الأسد..

أحمد منصور: وإسرائيل ما بتفكروش فيها ولا لحظة..

أحمد أبو صالح: ما إلها علاقة إسرائيل بالموضوع، ما أخذنا رأيها.

أحمد منصور: أنا بس بآخذ.. لأ يعني ما بتفكروش إنكم بلد مواجهة مع إسرائيل، وفيه حرب..

أحمد أبو صالح: يا سيدي..

أحمد منصور: وفيه ناس ثانية عمالة تعمل اجتماعات وإسرائيل عدو وكذا، مافيش تفكير في..؟

أحمد أبو صالح: يا سيدي، راح أقول لك شيء أخطر من هيك طالما قاطعتني ترتب علينا بمؤتمر القمة عندما قلت لك في مرة سابقة إنه جمال عبد الناصر كان عم بيقلب صفحات وبيقرأ مقررات أو أعمال وزارات.

أحمد منصور: نعم، نعم وزراء.. وزراء الدفاع..

أحمد أبو صالح: وأمين الحافظ بيخترق إسرائيل بخلال 24 ساعة، يعني تقرر إن فيه التزامات على كل دولة من الدول.

أحمد منصور: نعم صحيح.

أحمد أبو صالح: إنه تقدم مبالغ لتهيئة بعد عشر سنوات بعد (….) أيه.

أحمد منصور: اللي هي اللجنة العسكرية المشتركة العليا برئاسة علي علي عامر.

أحمد أبو صالح: اللي حدث إنه حصة سوريا اللي ترتبت علينا نأخذ أكثر مما نعطي نحنا.

أحمد منصور: عشان تعملوا انقلابات على بعض..

أحمد أبو صالح: كدولة مواجهة نأخذ أكثر ما بنعطي، نحنا الحقيقة بدنا نأخذ من دون ما نعطي، مع الأسف أنا عم بأقول لك، يعني إنه يعطونا هم بالأول يعطونا.. تقرر مثلاً سوريا تدفع 100 مليون مثلاً وبتأخذ 200 مليون، طيب عطونا الـ 200 مليون.

أحمد منصور: نديكم.. منين؟

أحمد أبو صالح: ونحنا بعدين ندفع، وبدنا ندفع.. يعني بمعنى.

أحمد منصور: أنا بس عايز أفهم الصورة..

أحمد أبو صالح: بمعنى أنه نحنا كنا منتظرين إنه نحنا لحالنا ما إنا قادرين أنه تقرر تحويل مجرى الأردن، وكنا نرتفع 10، 20، 30 سنتيمتر عن وجه الأرض تيجي إسرائيل تدك.. تدك بالطيران الأسس اللي حفرناها من شان نحول مياه الأردن، نرجع نبدأ من الصفر، كان مهندس كبير أصله وزير صبحي كحَّالة هو المسؤول بعدين توقفنا.

أحمد منصور: أنا بس هنا عشان نشوف إزاي هزيمة 67 وقعت بعد ذلك بعدة أشهر واخد بالك أو بسنة وإزاي أنتوا كنتوا عمالين بتفكروا في أيه في الفترة دي؟ جالك حافظ الأسد وعرض عليك أنكم تطيحوا بالاثنين.

أحمد أبو صالح: إنه نطيح بالاثنين بأمين الحافظ وبصلاح جديد لأنه أنا قلت له: نحنا ما عم نتآمر، أصر قلت له: طيب لو فرضنا إنه عم نتآمر، اتفضل شارك، قال نضرب الاثنين، قلت له: لأ، نضرب واحد وهو صلاح جديد لأنه خيوط الجيش كلها بإيده، وهاذاك أمين الحافظ عمليته سهلة إذا ما مشي مثل ما بنريد، رفض الرجل، بعدين وقت اعتقلوني قلت له خلينا نكملِّ يا أخي ما أنت اللي اقترحت الاثنين، فضربتوا فلان خلينا نكمِّل قال لي لأ، هذا أبوه لحركة 23 شباط..

أحمد منصور: حافظ الأسد يعني؟

أحمد أبو صالح: لحافظ الأسد.

أحمد منصور: بعد الاعتقال؟

أحمد أبو صالح: اعتقلوني .. قبل ما يأخذوني على المزة أخذوني على.. على..

أحمد منصور: أنا قبل ما أسبق الأحداث بس هآجي لها، أنا خليني معاك لحظة بلحظة، الآن رحت لأمين الحافظ بالليل ليلة يعني صابحين 23 الصبح.

أحمد أبو صالح: وأردت أقنعه بأن نتحرك.

أحمد منصور: ورفض هذا..

أحمد أبو صالح: قبل ما هم يتحركوا لأنه 100% بدهم يتحركوا.

أحمد منصور: رفض.

أحمد أبو صالح: رفض، ووصلت الأمور لميشيل عفلق، ميشيل عفلق غير موجود، قلت له: طيب وليش ميشيل عفلق مو منيف الرزاز، لأنه منيف الرزاز.

أحمد منصور: صار الأمين العام.

أحمد أبو صالح: كان.. كان أمين عام، وكان مختفي بدومة على بعد 20 كيلومتر من دمشق عند خالد الحكيم.

أحمد منصور: أحلى حاجة الزعيم يختفي دي؟

أحمد أبو صالح: نعم، وكان في بيت خالد الحكيم.

أحمد منصور: الزعماء كلهم بيهربوا وبيختفوا.

أحمد أبو صالح: أيه فما رضى بمنيف الرزاز، نزلت أنا بعد منتصف الليل وشباب تحت عم بينتظروا قالوا لي حسين ملحم قال لي: حنطة أو شعير، ضحكت أنا قلت له: شعير، التفت على الجماعة قالوا يا شباب كل واحد يروح يدبِّر حاله، يعني على مسؤوليته يتصرف.

أحمد منصور: اللي يروح ينضم لدول ينضم واللي..

أحمد أبو صالح: أيوه، إن كل واحد فيهم يدبر حاله، رحت أنا على الفندق قبل ما يعني أرتاح بالفندق جاني بدر جمعة -الله يرحمه- من حمص، وهذا اللي كان.. العسكري، سألني شو أبو طموح صار معك؟ قلت له هيك.. هيك القصة قال لي رايح أنا أجرِّب أيضاً، راح لعند أمين الحافظ وما وصل لنتيجة، رجع وقال لي ما وصلنا لنتيجة.

أحمد منصور: وصار الانقلاب الصبح.

أحمد أبو صالح: صار انقلاب دمروا بيته وبنته بأظن شذى فقدت عينها، وابنه بشار أيضاً انشلت إيده، لأنه أُصيب..

أحمد منصور: روى القصة كلها في شهادته على العصر، انتهى الانقلاب الآن، قُبض عليكم؟

أحمد أبو صالح: لأ، أنا.. أنا كنت موجود في دمشق، أنا حكيت لك أنا موجود قبل 23 شباط في دمشق..

أحمد منصور: كيف تابعت أحداث الانقلاب، لاسيما إن سليم حاطوم قعد من الصبح لبليل يقاتلوا 14 ساعة كما روى؟

أحمد أبو صالح: اجتمعت أنا بسليم حاطوم قبل ما أرجع لحلب، اجتمعت فيه بفندق متواضع في..

أحمد منصور: بعدما قُبض على أمين الحافظ..

أحمد أبو صالح: بعد.. طبعاً بعد، فقلت له لك أبو زوقان الخطوة الثانية قال لي اتصلوا فيني أصلاً من الجبهة شريف الشاقي وعدد.. عدد من الضباط أيضاً سألوني نفس السؤال، بس يا أبو طموح أنا انتهكت قواتي، فعلاً.

أحمد منصور ]مقاطعاً[: الخطوة الثانية اللي هي صلاح جديد يعني..

أحمد أبو صالح: نعم.

أحمد منصور: اللي هي صلاح جديد.

أحمد أبو صالح: لأ. انهكت قوتي لأنه هو اللي داهم بيت حافظ..

أحمد منصور: الخطوة الثانية صلاح جديد.

أحمد أبو صالح: أيوه إنه الخطوة الثانية ضربتوا أمين الحافظ، نضرب نكمل نضرب صلاح جديد، هو حجته سليمة وقتها أنه أنا خلاص أنهكت قواتي ما عدت قادر أصلاً، ولكن حدث إنه بعد فترة تضامن مع ضباط القيادة القومية واكتشف أمره، سليم حاطوم هو عم بيحكي معاهم بالسجن بعد اعتقالهم إنه عم بيقول لهم اصمدوا بس 24 ساعة، هاي قبل محاولته في جبل العرب اللي أشرت إليها حضرتك..

أحمد منصور ]مقاطعاً[: طبعاً عمل محاولة بعد ذلك، لأن سليم حاطوم باعتباره درزي شعر بعد ذلك بأن موضوع الدروز.. الدروز أهينوا في الموضوع دا وهم الذين قاموا بهذا الانقلاب ولكن العلويين سيطروا على الأمور فعمل انتفاضة في جبل الدروز وبعد ذلك هرب بعد هزيمة 67 رجع فعُذِّب حتى كسرِّت أضلاعه وكان نصف ميت قبل أن يطلق..

أحمد أبو صالح: وهو وبدر جمعة..

أحمد منصور: عليه الرصاص و(باتريك سيل) جاب الرواية بالكامل في كتابه..

أحمد أبو صالح: توفي قبل تنفيذ حكم الإعدام بدر جمعة نُفذ فيه حكم الإعدام وهو حي بس بدر جمعة.. عفواً سليم نفذ به حكم الإعدام في المزة وهو ميت.. خوزقوه..

أحمد منصور: يقول أنه تم التخلص منه وأُعدم بعد تكسير أضلاعه في 26 يونيو

أحمد أبو صالح: صح.. صح، خوزقوه حطوا قضبان من الحديد في (الشرج) الاثنين خوزقوهم بدر لم يمت، هذاك مات، فأخذوهم للتنفيذ كان ميت سليم حاطوم.

اعتقال أحمد أبو صالح

أحمد منصور: كيف قُبض عليك بعد ذلك؟

أحمد أبو صالح: لأنه أنا أردت أرد إنه وقت اللي أفلست من سليم حاطوم هاي بعد 23 شباط أردت أنا أرد، فجمعت الناس اللي يعني ممكن نستفيد منهم، كانوا عندي هادول الضباط اللي اختفوا عند لمياء الجابري، هادول اللي كانوا بحلب يعني كنا دائماً على اتصال وبدأنا نوسع اتصالاتنا بالناس اللي نحنا متصلين فيهم سابقاً إنه للرد على 23 شباط

أحمد منصور: انقلاب جديد.

أحمد أبو صالح: يعني خلال أيام بعد 23 شباط رأساً..

أحمد منصور: يكونوا التانيين لسه ما رتبوش حالهم..

أحمد أبو صالح: أيوه، فاللي حدث مع الأسف الشديد وهذا خطأي أنا بصراحة، يعني كنت مثل مشيخة العشيرة عم أشتغل..

أحمد منصور: عمال تلم الضباط علنا والدنيا كلها

أحمد أبو صالح: وفي بيتي.. وفي بيتي مستخف بالآخرين وفي بيتي، ونحن اخترُقنا بها الحالة، مثلاً.. مثلاً حمد عبيد اللي كان وزير الدفاع..

أحمد منصور: كان درزي.

أحمد أبو صالح: كان بحلب هو جبته أنا واعتقلني بعدين هو بدر.. هو.. أنا اعتقلت، اللي اعتقلني حمد عبيد بس أنا.. أنا هربت بالطريق لأنه ما رضي يأخذ بنزين فيه طلمبة بنزين، جماعة الطلمبة من جماعتي أنا يعني..، هاجموا السيارة وأنا كان فيه سيارتي ورائي قدت سيارتي وكملت طريقي، ورحت عند هادول الشباب المختفين وبلغتهم إنه فشلت العملية..

أحمد منصور: مختفين في بيت زوجة مصطفى طلاس؟

أحمد أبو صالح: طبعاً.. طبعاً..

أحمد منصور: ومصطفى طلاس طبعاً مع الآخرين وكان بيحاكمكم بعد كده؟

أحمد أبو صالح: مصطفى طلاس.. مصطفى طلاس موجود بحمص، زوجته بحلب هي اللي أخذته للشباب، بس هو بحمص..

أحمد منصور: طيب، وبعدين

أحمد أبو صالح: فرحت هربت وهربت هادول الشباب، عادوا لبرات سوريا واتصلت بالتليفون أنا بأحمد السويداني موجود بحلب بعد ما رحت على المكتب..

أحمد منصور ]مقاطعاً[: مين أحمد السويداني؟

أحمد أبو صالح: هذا كان رئيس الأركان وإجا لحلب بقصد اعتقالي، فأنا اتصلت فيه بعدما صفيت أموري بالمكتب والوثائق وإلى آخره.. واتصلت فيه بالتليفون

أحمد منصور: قلت له تعالَ اعتقلني.

أحمد أبو صالح: قلت له أنا جاهز لو بدك مني شيء..

أحمد منصور: رحت السجن..

أحمد أبو صالح: رحت السجن، وظلينا لا إجا..

أحمد منصور: كان مين في السجن؟

أحمد أبو صالح: معي أنا؟

أحمد منصور: آه.

أحمد أبو صالح: يا سيدي اعتقلوا صلاح الدين البيطار -الله يرحمه- واعتقلوا شبل العيسمي واعتقلوا منصور الأطرش واعتقلوا علي غنام، هادول من القادة.. علي غنام قيادة قومية..

أحمد منصور: كل دي القيادات القومية؟

أحمد أبو صالح: اعتقلوه واعتقلوا عدد من العسكريين بعدما نفذ مهمته حمد عبيد، هو اللي راح لحمص فحماة فحلب، وأسقطوا كثير من الأمور لمصلحة الانقلابيين، حطوه بالسجن معانا بتهمة الفساد.

أحمد منصور: ما هو سهل الآن في ظل..

أحمد أبو صالح: لأنه درزي بالسهل.. وحطوا معنا عثمان كنعان قائد الأمن الداخلي، أيضاً بتهمة الفساد وحطوا معانا اثنين علويين سليمان العلي وجميل حداد للتجسس علينا، وفعلاً كل ما كنا نحاول الهرب كل ما تنكشف العملية ويجوا يعاقبونا على ذلك.

أحمد منصور: بدأت..

أحمد أبو صالح ]مقاطعاً[: وبقينا بالسجن.. يعني 10 حزيران 1967..

أحمد منصور: حكم سوريا ثلاثة أطباء الأتاسي ويوسف زعيم و(الناقوس) وحتى إن فيه صحيفة بيروتية قالت ساخرة يعني أن سوريا يحكمها ثلاثة أطباء لابد أنها مريضة، صحيفة "لوريان" ونقلها (باتريك سيل) اللي قال: "أثبتت الحكومة التي أصبح الأسد عضواً فيها أنها أكثر الحكومات التي عرفتها سوريا تطرفاً، وكانت متهورة في الخارج ومتشددة بشكل جذري في الداخل، فقد أدخلت البلاد في حرب وحاولت إعادة ترتيب المجتمع من السقف إلى القاع كما اكتسبت سمعة بأنها تقمع الشعب وتتخلص بوحشية مما.. ممن يتحدونها"، كيف كان وضعكم في السجن باختصار؟ عذبتم في السجن؟

أحمد أبو صالح: نحن، أول مرة بعد 23 شباط عوملنا معاملة جيدة وكان حافظ الأسد يأتي ليلاً..

أحمد منصور: إلى السجن.

أحمد أبو صالح: في منتصف الليل إلى مكان قريب من السجن، ما فيه 200 متر، ويطلعني أنا من السجن وخالد الحكيم ونروح نقعد معاه ونيجي هو وسليم حاطوم وشريف الشاقي ومجموعة من الناس اللي محسوبين علينا بيجوا للسجن يطلعونا ويخيروني إلي بالذات إذا بأريد أروح على البيت شي كام يوم أقول لهم لأ إما إفراج كامل أو أنا بالسجن ما بأتزحزح.

أحمد منصور: ما كنت تقبل الرئاسة وخلاص.

أحمد أبو صالح: ما كان أحسن، كان صفوني مثل ما.. مثل ما صفوا نور الدين الأتاسي مسكين شايف خيو، يعني..

أحمد منصور: ما هو أنتم عندكم يا رئيس يا السجن..

أحمد أبو صالح: أبداً. يا قبر يا قمة فالمهم يعني نحنا بأول مرة عوملنا معاملة جيدة، الأكل حتى يجينا من المطعم وإذا ما أردنا نطبخ لحالنا كان يجي من المطعم الأكل..

أحمد منصور: صحيح كل يوم كان بيجي..

أحمد أبو صالح: ويجونا أطباء ونروح على المستشفيات، بس السجنة الثانية كان فيها..

أحمد منصور: اللي هو إمتى الثانية؟

أحمد أبو صالح: كان فيها هي أخذونا نحنا اكتشفوا اتهمنا أيضاً بمؤامرة جديدة وأخذوا المقدم حسين زيدان هذا.. حكيت مرة بيني وبينك أنه هذا كان درجة أولى في الدورة اللي صارت بأميركا بالنسبة للمظليين وكتبوا على جهاته إنه جاء ليستفيد فأفاد وعندها الأفندي النميري قال إنه ها وجهي أو أنفي أو كذا بينم على إنه عربي وهذاك، فحسين زيدان كان في الطبقة، يعني هي المنطقة اللي بعدين سموا السد فيها سد الأسد، فهو من التعذيب يعني وقت اللي جابوه واعترف علي كان منتهي يعني ما بقي يعني فيه شيء، كله دماء وقروح وجروح، ويعني آثار الكهرباء يعني مهزوز كلياً..

أحمد منصور: المخابرات بتاعتكم اتعلمت وسائل التعذيب دي فين؟

أحمد أبو صالح: لا ما إحنا جبنا خبراء من يوغسلافيا والألمان ساعدونا وجهات مختلفة حتى ما نصل لعبد الناصر تقول لي والسراج، هادول كانت وسائلهم بسيطة وبدائية..

أحمد منصور: آه، يعني اللي عملوا حتى موضوع الأسيد..

أحمد أبو صالح: لا لا تجاوز..

أحمد منصور: والكلام دا كان..

أحمد أبو صالح: النظام في سوريا تجاوز.. تجاوز بكثير، يعني هاي هاي شغلات بدائية..

أحمد منصور: ما كنتوش بتدركوا وأنتم بتجيبوا الخبراء دول إن الناس

أحمد أبو صالح: مو نحنا، أنا بأقول لك عن اللي استعملوهم للتطوير..

أحمد منصور: لا لا ما أنتم برضو..

أحمد أبو صالح: لا لا..

أحمد منصور: ما أنتوا برضو في وقتكم كان فيه تعذيب يعني مش معقول الناس في يوم وليلة..

أحمد أبو صالح: يا سيدي.. أنا لا أنكر بأنه موجود تعذيب، لكن لم يُثر هذا الأمر على أساس إنه شيء خطير كثير، قلت لك إنه مثلاً هذا خالد البستنجي مثلاً انشل وبالصدفة أنا اطلعت أخوه قال لي رحت شفته فعلاً مشلول بالسجن..

أحمد منصور: خلينا في المرحلة دي، الخبراء اللي جبتوهم..

أحمد أبو صالح: ما نحنا جبناهم، هم جابوهم بعد ما عملوا الانقلاب 23 شباط وانفردوا بالحكم، صار الحكم حكم الطائفة النصيرية، شايف بلا منازع، فهم من شان يعني يقضوا على أي احتمال.. مجرد احتمال إنه يقوموا ناس بعمل ما ضدهم يشكل خطر عليهم استعانوا بكل الجهات، يعني كما هو معلوم، حتى بنوا زنزانات جديدة ملساء ويعني..

هزيمة عام 1967 وتأثيرها على الأحداث في سوريا

أحمد منصور: فيه كلام كثير قرأته عن عملية التعذيب اللي تمت لاسيما بعد ما حدث للدروز على سبيل المثال، المحاولة الانقلابية اللي سعوا أن يقوموا بها في 20 أغسطس 66 اعتُقل 200 ضابط درزي وسليم حاطوم هرب للأردن وبعدين رجع واتعرض للتعذيب، وكده وطلعت الطائرات فوق السويداء وهدد حافظ الأسد بضرب المنطقة فهرب وقتها، وقعت هزيمة العام 1967 وكنت لازلت في السجن..

أحمد أبو صالح: كنت في السجن نعم..

أحمد منصور: هل توقعتم الهزيمة؟

أحمد أبو صالح: يا سيدي إحنا بـ31 آيار رفعنا مذكرة من السجن عسكرييين ومدنيين بأن نحنا نطلب الإفراج عنا للمشاركة فقط في صد العدوان ونأمل أن تنتصروا في هذه المعركة، وفي حينها رجعونا نحنا للسجون والمعتقلات، ردوا إجا واحد قال بيقولوا لكم إنه نحنا منتصرين.. منتصرين وفيكم وفي بلاكم يعني إن طلعتوا أو بقيتوا جوه، نحنا منتصرين، هذا البلد، لكن مع الأسف الشديد تبين أنه ما بيعرفوا وين موجودة غرفة العمليات هم جايين يفتشوا عن غرفة العمليات ظنينا نحنا جايين يفرجوا عننا دخلوا وطلعوا، وظنينا طبعاً يعني هلا بدهم يفرجوا علينا، وإذ تبين إنهم عم يبحثوا عن غرفة العمليات.

أحمد منصور ]مقاطعاً[: يعني هم بقى لهم..

أحمد أبو صالح: وزير دفاع ورئيس أركان وإلى آخره ما زاروا.. ما زاروا غرفة العمليات..

أحمد منصور: يعني من ساعة ما عملوا الانقلاب وهم لا يعرفوا أين غرفة العمليات؟

أحمد أبو صالح: ما بيعرفوا غرفة العمليات..

أحمد منصور: لحد هزيمة 67؟

أحمد أبو صالح: ضابط يا سيدي قال لي نحن ظانين جايين يفرجوا عننا استناداً إلى المذكرة اللي رفعناها وإذ تبين إنه جايين عم يسألوا عن ما.. عن غرفة العمليات، قيل لهم إنه غرفة العمليات موجودة بمدرسة الشرطة، ظنوا مدرسة الشرطة العسكرية وهذا طبيعي لأن هم عسكر، إجوا على مدرسة الشرطة العسكرية اللي كان فيها سجن القابون اللي نحنا كنا مسجونين فيه، قالوا لهم لأ لمدرسة الشرطة المدنية وليس لمدرسة الشرطة العسكرية، وطلعوا ما مروا علينا وراحوا لمدرسة الشرطة المدنية..

أحمد منصور: تقييمك أيه لهزيمتكم؟

أحمد أبو صالح: والبيان اللي نزلوه القيادة في ذلك الحين في 31 آيار بينم على إن شمتانين بعبد الناصر وخليه يندبح عبد الناصر وهاي أنت الساعة واحدة بعد.. الساعة واحدة بعد ظهر الخامس من حزيران جايين يفتشوا عن غرفة العمليات بعدما انتهى كل شيء.

أحمد منصور: مع إن قيل إن سوريا قُدِّمت طعماً لعبد الناصر علشان عبد الناصر يقع في عملية 67، تحليلك أيه لهزيمة 67 ومين المسؤول عنها لاسيما وإن هضبة الجولان كما يقال من أصعب المواقع الاستراتيجية العسكرية في العالم التي يمكن أن تسقط في أي معركة؟

أحمد أبو صالح: نعم، يا سيدي، بالنسبة لسوريا تبين إنه التسريحات الكبيرة جداً..

أحمد منصور: اللي كنتم بتعملوها.

أحمد أبو صالح: واللي شملت، واللي بدأنا فيها نحنا، واللي شملت ألوف من الضباط واستبدلوا بآخرين ما لهم علاقة بالجيش، يعني ضباط احتياط أو معلمين مدارس أو من أبناء الطائفة اللي معهم شهادة كفاءة أو ثانوية أو كذا، جابوهم، فجابوهم إلى الجيش وحكموهم في رقاب العسكريين المحترفين، وبالتالي الضابط المحترف غير البعثي غير المسيس بقي بالجيش، لكن بإمرة من هو أقل منه رتبة وبالتالي ما بيقدر هو يتخذ قرار، اللي بيتخذ القرار هو ممثل القيادة الطائفية، فلذلك وقت اللي نشبت الحرب، أولاً القيادة ما بدها، ما بدها تشارك، بدها ينضرب عبد الناصر يعني بالنشرة اللي أشرت إليها، هم بدهم ينضرب عبد الناصر هذا أولاً، لكن وقت اللي يعني صار لابد من المشاركة بشكل أو بآخر أمام الشعب أمام العرب وإلى آخره دخلوا بالموضوع لا أكثر ولا أقل، ولكن ما كان بيدور بخلدهم إن بها السرعة بده ينهزم جيشهم وإسرائيل تحتل الجولان لأنه كانوا مطمئنينهم، إسرائيل مطمئنيتهم بإنه نحن لن نتحرش بسوريا إذا سوريا ما تدخلت بالمعركة، لكن بعد أن أنهت إسرائيل موضوع مصر خلال ساعات معينة التفَّت لسوريا..

أحمد أبو صالح: السوريين هربوا بدون..

أحمد أبو صالح: سوريا لا.. هرب كَيْفي بقرار من القيادة، إنه كل واحد يدبر حاله، فأحمد نمير هذا اللي هذا إسماعيلي اللي كان هو قائد الجبهة وهذا معروف.. إذا طلع نشرات أو شغلات إنه.. إنه أحمد نمير هو اللي هرب على الحمير لأنه أخذ حمار من حمير إحدى القرى وهرب على ظهر حمار، يعني قائد الجبهة..

أحمد منصور: زي ما أصدرت قائد الجبهة المصرية عبد الحكيم عامر أصدر قرار قائد الجيش بإن الناس تنسحب انسحاباً كيفياً، السوريين انسحبوا بدون ما يطلقوا..

أحمد أبو صالح: صح.

أحمد منصور: طبعاً بقي بعض الأبطال على الجبهة يقاتلون بدون شك..

أحمد أبو صالح: صحيح، هادول اللي عصوا الأوامر أصلاً حوسبوا، فيه منهم حوسب لعصيانه الأوامر إنه ما انسحبوا، قالوا..

أحمد منصور: كما قيل أن الذين هربوا وهزموا تم ترقيتهم بعد ذلك.

أحمد أبو صالح: أيه.

أحمد منصور: خرجتم..

أحمد أبو صالح: والأكتع الطبيب الأكتع كان رئيس قسم إن لم يكن رئيس للجامعة في حلب كان وزير صحة واتصل بحافظ أسد، قال له يا أبو سليمان أنا بمستشفى من مستشفيات القنيطرة كنت عم بأتجول في المدينة ما فيه جندي إسرائيلي، ما فيه حدا، قال له البعيد يقول كذا، شايف، وقت اللي إجه إلى الشام يحتج مجلس الوزراء صفعه إنه أنت شو علاقتك بالموضوع؟ يعني أعلن عن سقوط القنيطرة باتفاقية تمت بين باريس ومدريد وإلى آخره وبوساطات مختلفة إنه أعلنوا عن سقوط القنيطرة وإلا الجيش الإسرائيلي بيوسع.. بيوسع.. بيحتل دمشق وهربوا من دمشق حتى هرَّبوا الذهب، الذهب الغطاء للعملة السورية من البنك المركزي شالوه هرَّبوه يعني توقعوا إن خلاص إسرائيل لن تقف، وإن إحنا وقت طلعنا من السجن ما فيه البلد شاغرة والجيش وصَّل للطايفة يعني في جنوب دمشق.. عفواً في شمال دمشق في خمسين كيلو متر الجيش وصل ما عاد فيه عسكري، (..) ما سوت إجه بدر جمعة وسليم حاطوم دخلوا من الأردن على أساس قال إنه بدهم يساعدوا بشكل ما راحوا على الشرطة العسكرية قالوا له يا أخي اهربوا لأنه ما بقي حدا، فاتصلوا في أمين الحافظ بالتليفون من بيت منصور الأطرش وقالوا له سيدي البلد فارغة فخلينا نقوم بعمل ما نحمي البلد، فمع الأسف الشديد بعت لهم مرته.. زوجته على بيت منصور الأطرش تقول لهم اهربوا لأن التليفونات مراقبة، فهربوا الجماعة، وين؟ باتجاه جبل العرب على أساس يحتموا بالدروز لأنه سليم درزي فاعتقلوهم على الطريق وحاكموهم محاكمة صورية ومصطفى هذا طلاس هو اللي نفذ فيهم حكم الإعدام مع العلم كانوا مختبئين في بيت حماه بيت الجابري في حلب.

أحمد منصور: خرجت من السجن في 10 يونيو 67 بعد الهزيمة كما خرج أمين الحافظ، بات ليلة واحدة وطلعوه على لبنان، أنت ذهبت إلى حلب، كيف كانت إقامتك في حلب بعد خروج..

أحمد أبو صالح: وصلت لحلب الحقيقة يعني الناس مو شرط يكون حباً في، ولكن نكاية بالنظام بعد الهزيمة النكراء وإلى آخره، استقبلوني استقبال يعني حافل ومنقطع النظير، عندما حست أجهزة المخابرات بعدما اطمئنوا على أنه خلاص إسرائيل احتلت القنيطرة والاتفاقية فعلاً عُمل بها ولن تستمر صاروا يرجعوا بقى الجماعة لأماكنهم في دمشق، والأجهزة بدأت أيضاً تنشط كما كانت سابقاً بعد عدة أيام من وصولي إلى حلب وإذ يجي جهاز المخابرات.. عدد من الضباط بيدخلوا البيت بيقولوا لي: إما بترجع إلى السجن أو بتغادر البلد أما أن تبقى في مدينة حلب فلا، طب ما أنتم عم بتقولوا إن القنيطرة صارت مثل لينينجراد المقاومة في القنيطرة مثل لينينجراد ونحنا عم نحكي بلينينجراد في وجوب المقاومة وإلى آخره، طيب هلا شو يعني بدا حتى إنه أنا لازم أغادر أو أرجع للسجن قال من دون فلسفة، فاخترت أنا أغادر.. ما أرجع للسجن.

أحمد منصور: ذهبت فين؟

أحمد أبو صالح: رحت لعزاز وعفري المناطق، هاي عزاز المدينة القريبة من قرية الجابري اللي منها سامي الويسي اللي راح لحمص ومعه هدايا وقابل لمياء وإلى آخره.

أحمد منصور: أنت الآن بدأت تحضر لانقلاب جديد ضد النظام، صح؟

أحمد أبو صالح: أيه، صح..

أحمد منصور: يعني الأمور ماشية معاك بشكل مترتب، كيف.. كانت خطة انقلابك أيه ومين اللي كان بيدعمك فيها؟

أحمد أبو صالح: يا سيدي في الحقيقة، كل الضباط الذين سرحوا وجُلُّهم من السُّنة وجُلُّهم من السُّنة كانوا على استعداد لأي عمل يستهدف إنقاذ البلد، ومنهم من ضباط الشرطة، وبأضرب لك مثال وخليه يسمعني الآن هو عضو مجلس شعب في سوريا، منذر الموصلي، عضو مجلس الشعب اللي قال استعجلنا بتعديل الدستور فقاموا ألقوه.. ألقموه حجر هذا عبد القادر قدورة والشلة بهدلوه ورجع بالجلسة اللي بعدها استقال، هذا كان مقدم وكان هو مسؤول عن منطقة جبل سمعان أحد الأقضية التابعة..، هذا كان منظم معا، مثلاً وكثيرين على شاكلته.

أحمد منصور: مش هتبهدل الراجل بالكلمتين دول؟

أحمد أبو صالح: نعم؟

أحمد منصور: مش هتأثر عليه أنت بالكلمتين دول؟

أحمد أبو صالح: خليه يأثر لأنه بدأ يشخط بدأ يعني مع الأسف يعني استسلم، خليه ياخدوه يسجنوه يدفع الثمن يا أخي..

أحمد منصور: مش فتنة على واحد كان معاك؟

أحمد أبو صالح: لا لا، دا كان بالعراق يا أخي وقعد سنين بالعراق وبعدين ترك العراق ورجع لسوريا.

أحمد منصور: طيب، خلاص كمل لي.. كمل لي المخطط بتاعكم.

أحمد أبو صالح: ترك المعارضة ودخل مجلس الشعب، كيف يدخل مجلس الشعب؟ المفروض ما يدخل مجلس الشعب إذا معارض فعلاً.

أحمد منصور: طيب، أيه اللي أفشل مخططك؟

أحمد أبو صالح: يعني هذا حسين زيدان، ذكرت لك قصته.

أحمد منصور: عمل أيه حسين زيدان؟

أحمد أبو صالح: حسين زيدان هذا بالطبقة الرجل، وحزبي قديم وضابط ممتاز جداً جداً، وبعثي جيد جداً، فيعني كان على اتصال هو وكل الضباط الموجودين بالطبقة فيني أنا وطبعاً على أساس إن نحنا.. فاعتقل هو شو سوَّى المسكين؟ راجل ظهر أمام حافظ الأسد، اتصل بحافظ الأسد رحَّب فيه حافظ الأسد راح لعنده، قال له بصراحة العراقيين عم يتصلوا فيني لإقامة تنظيم عسكري، هو في ذهنه إنه عملية ذكية حتى يبعد الشبهة عنه، لكن هو موافق بالمشاركة، وأساسي هو بالنسبة إلنا، لكن بالاتفاق أنا ما كان لي خبر بس فهمت بعدين بالاتفاق مع اللي موجودين بالعراق إن يدوبل بيسوي حاله بأنه..

أحمد منصور: عميل مزدوج..

أحمد أبو صالح: هو مع حافظ الأسد..

أحمد منصور: عميل مزدوج.

أحمد أبو صالح: و.. هتبلغه حتى إذا اكتشفو في يوم من الأيام إنه عم بيتصلوا فيه من العراق يكون هو مبلغ سلفاً، اكتشفوا بعدين إنه هو مدوبل بشكل أو بآخر، أخذوه وبدأوا بتعذيبه فاعترف عليَّ.

اعتقال أحمد أبو صالح للمرة الثانية في 1968 وتعذيبه

أحمد منصور: قبض عليك أنت بعد ثورة العراق اللي قامت في 18 لـ 31 تموز 68، قُبض عليك وعُذِّبت، كيف كان.. كيف ما تعرضت له في السجن من تعذيب؟ أغسطس 68 قُبض عليك.

أحمد أبو صالح: يا سيدي، التعذيب في السجون السورية الآن أعتقد أنه أشد من ذي قبل، ومع ذلك عندما اُعتقلت أنا وأُدخلت غرفة فيها أشخاص بأعرف جُلُّهم منهم العقيد محمود الحاج محمود اللي قلت لك عضو مجلس قيادة الثورة وكان مسؤول مخابرات، أنا لم أعرفه عندما دخلت لأن شعره أصبح شائباً أكثر من شعري، الآن، وشفت على أنه فيه قطن يعني قطع صغيرة ظننتها أسنانه لأنه كان تمه مطبق، قال لي واحد من الموجودين، قال لي أبو طموح ما عرفت أبو الحاجي؟ مين أبو الحاجي، قال لي العقيد محمود، الحاج محمود؟ قال نعم، جيت هنا انتقلت لجنبه أبو الحاجي مرحباً ما جاوب، رجعت لممدوح نصير هذا اللي.. قال لي ما بيسمع علِّي صوتك، عليت صوتي، أبو الحاجي شو قصتك؟ قلعوا لك أسنانك؟ ظنيت أنا، أجبني بجملة واحدة وقال لي يا أبو طموح اعترف وإلا مصيرك مثل مصيري، هذا محمود الحاج محمود، وفيه آخرين طبعاً وفيه جاسوس عليهم حاطين له العنب والفواكه و..، ضابط أيضاً رتبوا له أمره يبعتوه على الملحق العسكري مثل شو واعترف بعدين..

أحمد منصور: أنت كيف عذبوك؟ قل لي بقى أشكال التعذيب اللي صارت؟

أحمد أبو صالح: يا سيدي، أول وسائلهم اللي استخدموها معي واستخدموا أمر وأدهي وأقسى منها مع غيري، أنا استخدموا معي الدولاب.

أحمد منصور: أيه الدولاب دا؟

أحمد أبو صالح: بيحطو الإنسان بيحطوا له ساقينه داخله، داخل الدولاب وبيدخلوا له رأسه أيضاً، دولاب سيارة (كاوتشوك) وبيتركوه، طبعاً أيش لون بتخدر جسمه كله لأن الدم ما بيعود بيسري يصل إلى الأطراف من تحت وللرأس وإلى آخره، ومع ذلك بيدحرجوا الدولاب وبيجلدوا الشخص اللي داخل الدولاب، بيجلدوه بقسوة وعنف، يعني بكابلات داخلها.. داخل الكابل الكاوتشوك فيه سلك فولاذي معقوف بحوالي طول 5، 6 ميليمتر هذا في كل مرة بيخترق الجسم في 5، 6 ميليمتر بعدين بيربطوا أحاليل السجناء بأسره من حديد، وبيطلبوا منهم بيجروها وبيعزوفوا مثل زي واحد بيعزف على وتر عود بيعزفوا، وبعدين بيحطوا الدولاب برقبة السجين وبيخلوه يهرول وفي كل مرة، في كل شوط بيضيفوا شي كيلو جرام بيظل بيهرول، وعم بيزيد بالدولاب، بيحطوها.. وفي مقدروه يصمد فبيسقط هوه و الدولاب، بيسقط، بيزدادوا ضرب فيه.. في جسمه، وحتى يسقط يصير بحالة غيبوبة، ممكن يرجعوه يزتوه بالزنزانة، بعدما يزتوه الزنزانة بيحسوا إنه صحي، إنه فيه طاقة، بيجيبوا له ورقة وقلم ناشف، وبيقولوا له اكتب، شو أكتب؟ اكتب مذ.. مثلاً.. أصبحت برات الحكم، أو مذ من سنة كذا حتى اليوم شو صار معاك، يا أخي حدد لي، ما فيه تحديد، دا تكتب كل شيء، كتبت إنه زارني أحمد منصور، جابوا أحمد منصور، أحمد منصور ما بيعرف شو أنا حكيت عليه وأيش لون إجه هو؟ كمان بيعطوه، بيعذبه وبيعطوه ورقة، وبيقول له اكتب، شايف، بعدين قصة مثلاً إنه تقف على رجل واحدة ورافع الرجل الثانية، وإيديك لفوق، ووجهك للجدار، بحيث ما تشوف السجان إنه صار وراك أو صار بعيد عنك، مجرد ما تغير رجل برجل، أيضاً بيجلدوك، وأنا أقول لك قد لا تصدقني، إني أنا كنت أنام في حالات كثيرة وأنا مرفوع اليدين، وإحدى الرجلين وأنام راسي يلتوي على كتفي، فكيف فسر لي يا أبو طموح يمكن مالها تفسير عندك؟ إنه كيف سجين يعذب، وجسمه كله قروح وجروح، وقادر ينام وهو على رجل واحدة، وأكثر من ذلك أنا راح أموت من الجوع، أكلت خبزات شاخخ عليها واحد مصاب بمرض.. بمرض السكر، كان يناشدهم، يصيح لهم، أرجوكم أنا مريض، معي سكر، طلعوني، ما يطلعوه على المرحاض، يبول داخل الزنزانة، أخدونا بعد لوين.. حطوني بالزنزانة، الخبز الموجود كله شخاخ، بعد.. بعد أيام راح أموت من جوعي، اضطرت غصب عني.. غصب عني آكل الخبز المبتل بالبول مع الأسف الشديد، بعدين، آسف يعني إنت اللي سألتني يعني، بالمرحاض بيطلعوا الإنسان مرة واحدة، بيتركوا باب المرحاض مفتوح، حتى ما يشرب ميه، وكيف ممكن الإنسان يروح على المرحاض، وباب المرحاض مفتوح، وعشرة من الزبانية عم.. عم يراقبون من شان ما يشرب ميه، يعني هاي.. يعني هاي غيض من فيض، قصصه كثير، قصص، يعني فيه كثيرين مثلاً بنقوله، أمين الحافظ، عدنان الحافظ من التعذيب من الطابق الثالث أراد يرمي نفسه من الشباك على الحديقة، وهجم على البلور واتجرحت إيديه، ولولا مسكوه من ساقه كان نزل، مات بالحديقة، والكهرباء يجيبوا الإنسان، جابوني كذا مرة، يسطحوه على البلاط، وهو عاري، غطاء هذا اللباس الداخلي، وبيربطوه من رجله وبأيده أسلاك الكهرباء، وبيتحكموا بالفولتاج، هم اللي بيتحكموا، بيظلوا بيزيدوا الفولتاج لحتى الإنسان يعني يبدأ يتصبب عرقه، ويرتجف جسمه كله، وبعدين يغمى عليه، فحسين زيدان وقت اعترف علي كان تعرض لكل هذه الوسائل، وأنا بعد 57 يوم من التعذيب قررت الاعتراف لأنه ما عدت أقدر..

أحمد منصور: كملت 57 يوم.

أحمد أبو صالح: لعلمك أستاذ أحمد، توصل الأمور لدرجة إنه الإنسان بيختل، ما عادت موازينة بتكون دقيقة، صمدت ها الفترة كلها بعدين قررت إنه أنا لازم أحكي…

أحمد منصور: 57 يوم..

أحمد أبو صالح: 57 يوم أنا عاري، وبزنزانة من.. من الزنك.. من الزنك، وبالشتاء.. بالشتاء بالزنك يعني درجة حرارة تصير 10 تحت الصفر ممكن، أو 5 تحت الصفر وعاري أنا، وما فيه.. ما فيه شيء داخل الزنزانة، أنا أجمع أوراق السندويشتات أحياناً بيعطونا كل يوم 3 سندويشتات، الصبح واحد، والظهر واحدة، والمساء واحدة، أجمع الورقة المصرور فيها الساندوتش من شان يعني أحطها تحتي من البرودة، ما في برد يعني، حتى بعد 57 يوم، (…….) لحافظ الأسد، هو اللي قال له هذا عبد الكريم الجندي، قالوا أبو حسين بيكفي إذا كل ها المدة ما طلع منه شيء، ما.. ما عنده شيء، معناها اتركوه يا أخي حاله بيكفي، فاليوم اللي أنا كنت مقرر أعترف، ولم أدرك ما حدث، لأنه المشرف الملازم إبراهيم بركات من النصيرية هو راح بيشرف على التعذيب، ومحمد حربه أيضاً نصيري، هو اللي أيضاً عم بيعذب، قال لهم بس اكتفوا، ما عادوا يستمروا أنا قررت أعترف، وصرت أصيح، يا أخي بأحكي خلاص، أنا راح أحكي، راح أحكي، وأنا بأحكي ها الكلام وانفتح الباب ودخل هذا الملازم، وقال لهم بيكفيه تعالَ، فرفعوا التعذيب، طلعت حلقوا لي وجهي، جايبين لي بنطلون وقميص، شغلة جديدة، وجابوا لي فواكه، وبعد ساعة جات أم طموح وبنتي أنا، وعندها رفعوا التعذيب، بعد 57 يوم، وقت اللي اكتشفوا بعد فترة إنه فيه محاولة هرب أخذوني للشيخ حسن وعاودوا أيضاً بالشيخ حسن للتعذيب، هذا سجن مشهور بحلب في قلب تربة.. تربة موتى وبضمنها في هذا السجن، بجدران عالية جداً، وكله زنزانات كان معي جورج حبش، كان معي عصام المحايري، كان.. كان معي بوشناق، مجموعة يعني من ها الشخصيات، كان معي شيخ مسكين، لحيته طويلة، حرقوا له إياها حرق.. حرقوها، فصرنا نصيح له نحن من الزنزانة يعني المسكين هيك، يبكي إنه.. إنه لها الدرجة إنه يحرقوا له لحيته، لأنه إله لحية، ويسبوا محمد، ويسبوا الله، وكل ها القيم، ويقولوا أنتم أخطر من الإسرائيليين، أنتم يا سنة أخطر علينا من الإسرائيليين.

أحمد منصور: أيه اللي ممكن يوصل إنسان إلى إنه يفعل في إنسان آخر مثل هذه الأشياء التي ربما لا يحتمل الإنسان أن يسمعها، فضلاً عن إنه يشاهدها، أو إنه هو -لا قدر الله- تحصل له؟

أحمد أبو صالح: يا سيدي يعني أنا بتقديري إنه الناس اللي تربوا على الحقد، والكراهية والتعبئة ضد جهة ما، وبيكونوا هم بسطاء ومتخلفين، وعايشين على قمم الجبال، يعني يصيروا أقرب إلى الوحوش.

أحمد منصور: الأنظمة العسكرية كلها تمارس مثل هذه الأفعال التي تتحدث عنها، هذا لم يحدث في سوريا فقط؟

أحمد أبو صالح: صح مع الأسف الشديد، لأنه ما فيه حقوق للإنسان، فيه حالة طوارئ يحكمها في..

أحمد منصور: كل الأنظمة العسكرية اللي تسلطت على رقاب الشعوب العربية، مارست مثل هذا وأكثر، وكلها -كما ذكرت- جابت خبرتها من ألمانيا الشرقية، من يوغسلافيا، ومن الاتحاد السوفيتي ومن دول كثيرة، لتمارس التعذيب ضد أبناء الوطن، الذين من المفترض أنهم جاءوا لخدمتهم، وليس للقضاء عليهم، انتهاك آدميتهم، وانتهاك إنسانيتهم، وبعد ذلك يتحدثوا عن الحضارة وما وصلوا إليه..

أحمد أبو صالح: هذا صحيح.

أحمد منصور: أما تعتقد معي أن أي نظام حكم، مهما ادعى أنه قام بإنجازات، إذا قضى على الإنسان وعلى قيمته، وعلى إنسانيته، وعلى رجولته، وفعل فيه هذه الأفاعيل، أما يستحق أن يدوَّن كنظام حكم إجرامي في حق هذا الشعب؟ مش شعبكم، أنا بأتكلم بشكل عام..

أحمد أبو صالح: يا أستاذ أحمد.. أنا.. أنا.. أنا من القائلين الآن، إنه هاي محكمة العدل الدولية في لاهاي، يجب أن يحال إليها كل الحكام العرب بلا استثناء، وكل من والاهم، لو حدث ذلك لوجدت كل هذه الأنظمة ومن يدور في فلكها موضوعين في السجون مثل (ميلوسوفيتش) وأمثاله.

أحمد منصور: وأنت أيضاً شاركت في الحكم فترة، وكان هناك مظالم كثيرة؟

أحمد أبو صالح: صح شاركت وكان فيه هناك تعذيب، وإن كان أقل درجة لكن كان موجوداً، لكن كما قلت لك، كنت أحاول عندما أطَّلع أن يعني أتصرف كإنسان، لست حاقداً، والآن أنا أتكلم وأنا لست حاقداً على أبناء هذه الطائفة النصيرية، لأنه أبناء الطائفة النصيرية أناس عايشين على رؤوس الجبال، لا يعرفون ماذا يفعل من يحكم باسمهم، ما بيعرفوا وهم معظمهم فقراء، اللي استفادوا حفنة من الناس، ركبوا الطائفة، واستغلوا الطائفة لتنفيذ مآربهم، وهادول الحرس القديم والحرس الجديد وإلى آخره، هادولي كلهم مخضبة أيديهم بالدماء، لذلك هادولي مثلاً رأيي أنا لا يمكن بشكل من الأشكال أن يصدروا عفواً في يوم من الأيام، لأنه قتلوا عشرات الألوف، وانفقد أيضاً 15، 20 ألف إنسان مفقودين حتى اليوم، وتشرد مئات الألوف، طب كيف ممكن يصدروا عفو هؤلاء؟ مستحيل، لأنه إذا أصدروا عفو تتكشف كل الحقائق، أنا بنت أخوي، عم تنتظر زوجها اللي صار من سنة 82 مثلاً منتصر، واحدة أخرى عم تنتظر زوجها عدنان، وكثيرين على شاكلة هؤلاء الناس ما بيعرفوا مصير أبنائهم أو أختهم ما بيعرف، الآن فيه بصيدنايا 500 معتقل من الإسلاميين، مضى على اعتقالهم أكثر من 20 سنة وأهلهم ما بيعرفوا كيف عايشين، حتى تبين على أنه هادول المساكين فقدوا اعتبارهم، فقدوا شخصيتهم، اهتز تفكيرهم، حتى طُلب إليهم أن يصوموا، ما أدركوا قيمة الصيام، مع العلم شوف بكل بلاد الأرض، بيجي المعتقل السياسي بيصوم عن الطعام حتى يحرك قضيته، يحرك منظمات حقوق الإنسان، في سوريا المساكين اللي مضي عليهم ربع قرن بالسجون، ما عادوا على استعداد حتى يصوموا، وهم فقدوا كل شيء ليش؟ لأنه فقدوا اعتبارهم، فقدوا إنسانيتهم، يعني بعد كل ها السنين، ووسائل التعذيب التي استخدمت معهم، وصلوا لدرجة إنهم يعني انشل تفكيرهم، ما عاد له قيمة، قصة الصيام، والإضراب عن الطعام، حتى مواطنَّا، حتى المحامي والمهندس والطبيب وصلوا لدرجة إنه فقدوا أملهم بالتغيير بعدما تذكر ويمكن أو قرأت قبل مثلاً 20 سنة، طلعت كل النقابات المهنية بقيادة الأطباء والمهندسين والمحامين، وقاموا الشارع كله، لكن قمعوا قمع يعني ما بيتصوره عقل إنسان فيه عنده ذرة إنسانية.

أحمد منصور: أنا آسف أنا دائماً أحاول السيطرة على مشاعري وعلى عواطفي، لكن لا أعتقد إنه فيه إنسان يستطيع أن يستمع إلى هذه الأشياء ولا يتأثر، بقيت محاور مهمة في حياتك مثل قصة هروبك من سوريا، ولجوءك إلى العراق، وأنا اسمح لي مضطر أعمل حلقة إضافية، لأنه فيها أحداث مهمة، حتى تكون هي الحلقة الخاتمة، وليست هذه الحلقة، أشكرك شكراً جزيلاً، أعتذر عما بدر مني.

أحمد أبو صالح: بالعكس أبديت إنسانيتك أنت، عبرت تعبير صادق وأمين عن.. عن إنسانيتك…

أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، وأعتذر إليكم، في الحلقة القادمة -إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ أحمد أبو صالح.

المصدر : الجزيرة