شاهد على العصر

ثورة اليمن ودور مصر كما يراه البيضاني ح3

عبد الرحمن البيضاني نائب رئيس مجلس قيادة الثورة اليمني نائب رئيس الجمهورية الأسبق في الحلقة الثالثة من شهادته على العصر، يتناول الغيبوبة الكبرى للإمام أحمد في إيطاليا وإفاقته قبل تحرك البدر للسيطرة على الحكم.

مقدم الحلقة

أحمد منصـور

ضيف الحلقة

عبد الرحمن البيضاني – نائب الرئيس اليمني الأسبق

تاريخ الحلقة

23/07/2001

– صفقة الملح مع اليابان وبناء ميناء الحديدة
– صفقة السلاح مع موسكو ونتائجها
– وصول البعثة العسكرية المصرية الثانية إلى اليمن
– حقيقة مرض الإمام ومحاولة البدر الانقلاب على أبيه
– فشل الانقلاب ورد فعل الإمام
– هروب البيضاني من اليمن

undefined
undefined

أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن المراد البيضاني (نائب رئيس الجمهورية اليمني الأسبق، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية). سيادة النائب مرحباً بك.

د. عبد الرحمن البيضاني: أهلاً وسهلاً.

أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند انتهاء محاولة الانقلاب التي قام بها المقدم "أحمد الثلايا" والتي انتهت بإعدامه وفرار بعض المشاركين له وعودتك إلى اليمن باستدعائك من الإمام من ألمانيا، ولقائك مع السادات، الذي أصبحت تلتقي به بشكل مستمر، بعد ما كلف رسمياً من الرئيس عبد الناصر بأن يشرف على ملف اليمن معك.

د. عبد الرحمن البيضاني: وكنت أعلم أنه يتصل بالرئيس عبد الناصر ويخبره يوم بيوم، كلمة بكلمة، كل ما أقوله للسادات.

أحمد منصور: ألم يطلعك السادات على شيء بالنسبة لموقف البعثة العسكرية المصرية وموقف مصر خصوصاً من انقلاب 56؟

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم أطلعني.. 55.

أحمد منصور: 55 عفواً.

د. عبد الرحمن البيضاني: أطلعني وقال: إن هم مصر التزمت فعلاً بالحياد الكامل، والبعثة العسكرية المصرية لم تتحرك ولم تحرك ساكناً.

أحمد منصور: لماذا ومصر لها رغبة في تغيير الوضع في اليمن؟

د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. هو أنا كنت التقيت بالسادات في تقريباً في 14 مارس 55 في (فرانكفورت) واتصل بي من لندن بالتليفون وقال لي: أنا في الطريق إلى القاهرة وسأمر بفرانكفورت أرجو أن نلتقي ساعة أو ساعتين في.. في القنصلية في فرنسا. وفعلاً التقينا وكما سبق قلت له: إن هذا انقلاب فاشل لأن كان محمد قائد سيف مُصِّر على هذا انقلاب، قلت.

أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا قبل وقوعه.

د. عبد الرحمن البيضاني: قبل وقوعه، وقلت له: هذا الانقلاب محكوم عليه بالفشل، وأرجو أن تتجنب مصر الاشتراك في أمر فاشل، وسأكتب لمحمد قائد سيف أحاول أثنيه عن عزمه، ولذلك أعتقد إن مصر يعني كانت تثق في حسن تقديري، هكذا ظننت في تلك الأيام، والتزمت فعلاً الحياد، والبعثة العسكرية المصرية التزمت الحياد حتى..

أحمد منصور [مقاطعاً]: على اعتبار أن..

د. عبد الرحمن البيضاني [مستأنفاً]: حتى إن أحمد.. أحمد يحيى الثلايا طلب بعض مدافع (هاون) من البعثة العسكرية المصرية فرفضت.

أحمد منصور: على اعتبار أن المصريين كانوا ينظرون إليك على أنك رجلهم أيضاً في اليمن.

د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، هو ليس هذا هو.. ليس هذه هي النظرة، ولكن نظرتهم إني يعني لي وجهة نظر محل تقدير ومحل احترام لدى القيادة المصرية.

صفقة الملح مع اليابان وبناء ميناء الحُديدة

أحمد منصور: رجعت إلى تعز، رجعت إلى اليمن، سافرت إلى طوكيو في أبريل 56 لتوقيع اتفاقية اقتصادية مع اليابان، بأي صفة سافرت؟

د. عبد الرحمن البيضاني: كان فيه خلاف ما بين الحكومة اليمنية –الإمام أحمد يعني- وبين الحكومة اليابانية على تصدير ملح الصليف، عندنا.. عندنا منجم.. أو يعني حجري.. ملح حجري، وكنا نصدر منه إلى اليابان وكانت هي المستورد الوحيد، وفجأة اليابان قررت التوقف عن استيراد الملح اليمني من اليمن اكتفاءً بإنها ستأخد ملح من الصين، والملح من الصين هيكون أرخص، لأن الـ C.I.F.

أحمد منصور: التكلفة أقل.

د. عبد الرحمن البيضاني: سعره C.I.F، free cost insurance بيكون من الصين أرخص من cost insurance من (الصليف).

أحمد منصور: تأمين يعني.

د. عبد الرحمن البيضاني: قول التكلفة والنقل والتأمين. فأرسل الإمام وفد سابق لليابان وفشل، فأرسلني أنا لليابان للمفاوضات مع اليابان على رأس وفد يمني، وأمضينا هناك حوالي أسبوعين أو 3 أسابيع –على ما أظن- ونقاش طويل عريض لغاية ما وصلنا إلى اتفاقية مع اليابان على إنها تستورد بدل أن كانت تستورد حوالي 250.. 200 ألف طن قمح.. 200 ألف طن ملح.

أحمد منصور: ملح.

د. عبد الرحمن البيضاني: اتفقنا على 500 ألف طن ملح، ولأني رفعت شعار "المقاطعة". إذا لم تستوردوا منا ملح فسوف نقاطع بضائعكم بالكامل، وكنت أستأذنت الإمام في إني ألقي هذا..

أحمد منصور [مقاطعاً]: أنتو هل تملكوا إنكم تقاطعوا منتجات اليابان؟

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، نعم لأن كان كل منتجات اليابان تأتي عن طريق عدن، فممكن..

أحمد منصور: ليس عن الطريق ولكن أنتم في حاجة إلى هذا.

د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، لأن.

أحمد منصور [مقاطعاً]: دائماً اللي يهدد بالمقاطعة يكون عنده بدائل.

د. عبد الرحمن البيضاني: هي الأشياء اللي كانت بتأتي من اليابان يمكن الاستغناء عنها تماماً.

أحمد منصور: في ذلك الوقت.

د. عبد الرحمن البيضاني: في ذلك الوقت.

أحمد منصور: لكن اليابان.. أميركا لا تستطيع الاستغناء عنها!!

د. عبد الرحمن البيضاني: فكنا نستورد من اليابان ما قيمته 5 مليون جنيه إسترليني كل العام، بينما نصدر لها 200 ألف طن.

أحمد منصور: ملح.

د. عبد الرحمن البيضاني: ملح، الطن حوالي 2 جنيه، يعني تافه، الموضوع تافه، فقلت للإمام نهددهم بإن إحنا كل صادراتهم تتوقف عن اليمن، وفعلاً قبلوا هذا وانتهزت الفرصة لنحقق الركن الثاني من.. الركن الأول أو العنصر الأول.

أحمد منصور: الميناء.

د. عبد الرحمن البيضاني: الميناء، وطلبت منهم أن يشترطوا علينا، يبقى الشرط جاء من اليابان وليس مني أنا، شرط اليابان أن.. أن ننشيء ميناء في الحُديدة وننشئ بنك الحديدة. يعني يعني أغريتهم أن يشترطوا علينا حتى..

أحمد منصور: يعني تبدأ عناصر الدولة وعواملها تكتمل.

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، حتى لما يسألني الإمام: لماذا وقعت على هذه الاتفاقية، أقول والله هذا كان شرط من شروط اليابان حتى نصدر إليهم. فتحقق أول ركن من أركان القيام بثورة في اليمن وهو بناء.. الاشتراط على اليمن أن تقوم ببناء ميناء في الحديدة وفعلاً كلفني الإمام بالعودة إلى.. إلى ألمانيا للاتفاق مع شركات ألمانية وتوقيع العقد بالنيابة عن الحكومة اليمنية لإنشاء.. لتوسيع ميناء الحديدة، ميناء الحديدة للعلم يعني كصورة مبدئية يعني سطحية إن كانت السفن ترسو على بعد 150 متر من ميناء الحديدة، الميناء كان مفيش ميناء في الحديدة، وكانت الزوارق تصل إلى.. إلى.. إلى السفن، الزوارق بيسموها في اليمن "سنابيك"، "سنيك" سنبك يعني "زورق"، كان الزوارق تصل إلى 150 متر على بعد 150 متر من الشاطئ لتصل إلى.. إلى السفن، ثم تحمل الركاب والأمتعة في هذه الزوارق، والزوارق..

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني لم يكن هناك عمق للميناء ولا بحاجة إلى…

د. عبد الرحمن البيضاني: والزوارق، والزوارق كانت لا تصل إلى ميناء، لا تصل إلى الشاطئ، كانت تقف على بعد 20، 25 متر من الشاطئ، ثم يأتي الحمالون يحملون الأمتعة والركاب على أكتافهم إلى.. إلى الميناء، فكيف يمكن أن نستورد أسلحة من هذا.. بهذه الكيفية؟.. هذا…

أحمد منصور: وهذه النقطة الثانية في استيراد السلاح حينما ذهبت إلى الاتحاد السوفيتي مع الأمير البدر.

د. عبد الرحمن البيضاني: وصلت إلى ألمانيا وإذا بالإمام –بناءً على رغبة من البدر- إني ألحق به في مفاوضات مع.. مع.

أحمد منصور: الاتحاد السوفيتي.

صفقة السلاح مع موسكو ونتائجها

د. عبد الرحمن البيضاني: مع موسكو، وفي موسكو التقينا بـ (خروتشوف) و (وبولكالين)، وكنت أنا المتحدث الرسمي باسم الوفد اليمني، وأقنعت البدر بإنه يطلب من الاتحاد السوفيتي أسلحة، وهذا يحقق هدفنا في استيراد أسلحة من الاتحاد السوفيتي ولا ندفع فيها أي ثمن.

أحمد منصور: لكن هذا أغضب الإمام.

د. عبد الرحمن البيضاني: وهذا أغضب الإمام، ولأنه لم نكن مكلفين بطلب أسلحة من الاتحاد السوفيتي، لكن أنا كنت متصور إن (خروتشوف) سيفرح جداً عندما نطلب منه أسلحة باسم الدفاع عن اليمن ضد العدوان البريطاني المستمر من عدن.

أحمد منصور: على اعتبار أن عدن أو اليمن الجنوبي كان تحت الانتداب البريطاني.

د. عبد الرحمن البيضاني: كان.. كان تحت الاستعمار البريطاني. فالبدر قال لي: أنا لا أستطيع أن أطلب هذه السلاح من.. من الروس، لأنه لم أكن مفوضاً من قبل الإمام، قلت له: أنا سأتطوع بهذا وأتحمل المسؤولية. وفعلاً قلت لخروتشوف أثناء الاجتماع والبدر.. بحضور البدر.

أحمد منصور [مقاطعاً]: المهم إن.. يعني بدون تفصيلات، لأن أنا لا أستطيع أقف عند التفصيلات أنا دايماً عند النتائج.

د. عبد الرحمن البيضاني: طيب وهو كذلك.

أحمد منصور: فالنتائج الآن أنه تم الموافقة على إمداد اليمن بالسلاح.

د. عبد الرحمن البيضاني: بالسلاح.

أحمد منصور: هذا لم يوافق رغبة الإمام والإمام غضب للغاية،

د. عبد الرحمن البيضاني: غضب للغاية.

أحمد منصور: وحينما رجعتم إلى اليمن.

د. عبد الرحمن البيضاني: رجعنا إلى.. أنا قلت للبدر أنا أتحملها، وصلتنا برقية من الإمام بعد التوقيع بقطع الزيارة –كنا المفروض نزور تشيكوسلوفاكيا بعد ألمانيا الشرقية- إن إحنا نقطع الزيارة ونعود إلى اليمن فوراً، لأن كان حسن إبراهيم –هو الوزير المفوض في اليمن.. اليمني في لندن- كان استدعاه مستر (إيدن) وكان وقتها وزير.. (أنتوني إيدن) وزير خارجية بريطانيا، وأظهر له انزعاج بريطانيا من حصول اليمن على أسلحة. فحسن إبراهيم –رحمه الله- وصل إلى الإمام وخلق في قلبه الذعر، فطلبنا الإمام، وكان الإمام في غاية الغضب، والبدر يعني حسب..

أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هي مشكلة الإمام في أن تصل إليه أسلحة من الاتحاد السوفيتي؟

د. عبد الرحمن البيضاني: لأنه لا يريد، لأنه لا يريد أسلحة..

أحمد منصور: لأن معنى وجود أسلحة وجود جيش ممكن أن يهدد نظامه.

د. عبد الرحمن البيضاني: ممكن أن يهدد نظامه، فلذلك لما البدر تخلى عن المسؤولية وقال: البركة في القاضي عبد الرحمن هو اللي كان له الفضل في أخذ هدية الأسلحة من الاتحاد السوفيتي، الإمام غضب مني فقلت: يا مولانا، المسألة لا.. لا.

أحمد منصور: لكن ماذا فعل في البدر؟

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟

أحمد منصور: ماذا فعل في البدر؟

د. عبد الرحمن البيضاني: ركله، كان جالس على الأرض، ركله برجله حتى أسقطه على الأرض.

أحمد منصور: أمام الناس؟

د. عبد الرحمن البيضاني: أمامي وأمام عبد الملك العمري كان مدير مكتبه، وأمام القاضي أحمد الحضراني وأمام بعض الآخرين. فأنا قلت للإمام: يا مولانا لا داعي إطلاقاً لهذا الغضب.. لهذا الغضب.

أحمد منصور: لكن شخصية البدر كأنها كانت ضعيفة أمام أبيه؟

د. عبد الرحمن البيضاني: كانت ضعيفة، فإذا وصلت الأسلحة ستأتي في صناديق مغلقة دعها في الشاطئ يأكلها الصدأ، إن شئت فتحتها، إن شئت أغلقتها.

أحمد منصور: لكن كان لديك الجرأة أن تتكلم مع الإمام بهذه الطريقة؟

د. عبد الرحمن البيضاني: وهو، أنا أتكلم في مصلحته قلت له يا مولانا

أحمد منصور [مقاطعاً]: ليست قضية مصلحة هنا، وإنما قضية حدود وضوابط دائماً يضعها من يعني يديرون شعوبهم بنظام ديكتاتوري أو مستبد، لا يسمحوا للناس أن.. وإلا لو سمحوا للناس أن يتكلموا معهم لصار نظاماً ديمقراطياً. ولكن دائماً الأنظمة المستبدة والحكام المستبدون لا يسمحون للناس أن يتكلموا معهم.

د. عبد الرحمن البيضاني: لكن ما حدث إن الإمام لما غضب على البدر وركله في ساقه ووقع على الأرض.

أحمد منصور: إذا هذا ما فعله مع ابنه فكيف بك أنت؟

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، فوجه الكلام إليَّ: كيف تطلب هذا السلاح من دون إذني؟ قلت له: يا مولانا هذه هدية.

أحمد منصور: وتعامل معك برأفة.

د. عبد الرحمن البيضاني: هذا كان الغضب، قلت له يا مولانا، لا داعي لهذا الغضب.

أحمد منصور: إذا كان ركل ابنه فكيف يتعامل مع الآخرين؟

د. عبد الرحمن البيضاني: يعني ضع في اعتبارك إن أنا كنت وزيره المفوض في الخارج.

أحمد منصور: ابنه ولي عهده.

د. عبد الرحمن البيضاني: ولكن له، دلال على الابن أكتر من دلاله على شخص غريب، ولا يريد أن يضمني إلى المعارضين لأن لو.. لو ركلني مثل ما ركل البدر كنت سأنضم للمعارضين، وهذا ما يخشاه، هو ضامن ابنه البدر في حضنه، لكن ليس ضامن عبد الرحمن البيضاني، ثم إني..

أحمد منصور: هل مؤهلاتك العلمية..

د. عبد الرحمن البيضاني: ثم إن ماذا قلت للإمام؟ أنا قلت يا مولانا، لا داعي للغضب، السلاح سيأتي في صناديق مغلقة، وستأتي إلى الشاطئ، دعها على الشاطئ يأكلها الصدأ، إذا أردت أن تستخدمها أهلاً وسهلاً، إذا أردت أن يأكلها الصدأ أهلاً وسهلاً، لكن في كلا الحالتين سنستفيد فائدة كبرى وهي: أن بريطانيا تشعر أننا لسنا جثة هامدة يمكن أن نتحرك في يوم من الأيام..

أحمد منصور: هو لا يريد هذا أيضاً.

د. عبد الرحمن البيضاني: لا، هو كان يريد هذا، يريد إنه يشعر الشعب اليمني إنه يعني ضد الاحتلال البريطاني.

أحمد منصور: في هذا الوقت طُردت البعثة العسكرية المصرية الأولى من اليمن.

د. عبد الرحمن البيضاني: أيوه، نعم.

أحمد منصور: وبدأ الإمام يخشى من عبد الناصر بشكل كبير، أليس كذلك؟

د. عبد الرحمن البيضاني: هو حسن إبراهيم لما وصل إلى اليمن وصل في يوليه 56.

أحمد منصور: 56.

د. عبد الرحمن البيضاني: 56، أبلغ الإمام نقلاً عن مستر إيدن (وزير خارجية بريطانيا) أننا.. أن عبد الناصر الآن في طريقه إلى النهاية كان قبل تأميم قناة السويس –خد بالك- كان بعد الجلاء وقبل التأميم.

أحمد منصور: قبل 26 أكتوبر.. العدوان الثلاثي، نعم.

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، وقال له: إن عبد الناصر في نهايته، وسوف نبشرك بنهايته في أقرب فرصة. فالإمام فرح بهذا الخبر من جانب حسن إبراهيم، ولذلك كان القاضي محمد العمري –وهو عضو في الوفد معانا- كان وكيل وزارة الخارجية، عزل محمد العمري وكيل الخارجية لأن اشترك معانا في موضوع السلاح، وعين حسن إبراهيم –مجاملة لبريطانيا- وكيلاً للخارجية.

أحمد منصور: أنت لم تعاقب بأي شيء في موضوع السلاح.

د. عبد الرحمن البيضاني: لم أعاقب.. أعادني إلى (بون).

أحمد منصور: أعادك إلى بون مرة أخرى.

د. عبد الرحمن البيضاني: أعادني إلى بون مرة أخرى.

أحمد منصور: أنت كنت طبعاً في (بون) كنت..

د. عبد الرحمن البيضاني: يعني.. يجب أن تدخل.

أحمد منصور: كنت المفوض كنت.. بس حتى نوضح طبيعة العمل الذي كنت فيه في ألمانيا، وأنك أيضاً حصلت على الدكتوراه من هناك في تلك المرحلة، كنت المفوض للحكومة اليمنية هناك في بون.

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.

وصول البعثة العسكرية المصرية الثانية إلى اليمن

أحمد منصور: البعثة العسكرية المصرية الثانية وصلت في منتصف فبراير 57 برئاسة.

د. عبد الرحمن البيضاني: 21 فبراير بالضبط.

أحمد منصور: العقيد حسن فكري إلى..

د. عبد الرحمن البيضاني: الحسيني.

أحمد منصور: الحسيني إلى اليمن، حتى تقوم بعملية التدريب مرة أخرى بعد ما استدعيت أو رجعت البعثة العسكرية الأولى والتي كانت بقيت حتى محاولة الانقلاب التي وقعت في 55، بعدها رجعت إلى مصر في 59.. صيف 59 تحديداً –سافر الإمام [للعلاج] روما للعلاج.

د. عبد الرحمن البيضاني: لأ هو فيه نقطة، نقطة مهمة، لماذا عادت البعثة المصرية الثانية برئاسة حسن فكري الحسيني؟ لماذا وصلت؟ لماذا.. الأول عرفنا لماذا أبعد البعثة الأولى، طيب لماذا قبل البعثة الثانية؟ ما هو السبب؟ هذا هو بيت القصيد هنا.

أحمد منصور: باختصار، نعم.

د. عبد الرحمن البيضاني: بيت القصيد هنا إن بعد ما انتصرت مصر، يعني بعد العدوان الثلاثي وانتصرت مصر، وخرج آخر جندي بريطاني من مصر يوم 23 ديسمبر 56 الإمام حب يركب الموجة من جديد، أعلن في اليمن ما سماه بـ"الصيحة الكبرى" وهو غزو عدن، وأخذ يرسل إليَّ برقيات.

أحمد منصور: خلاص البريطانيين بقوا حيطة واطية كدا!!

د. عبد الرحمن البيضاني: مثلاً، وأرسل.. أرسل إليَّ عدة برقيات إن فيه معارك بينه وبين الإنجليز، وأنا كنت آخد البرقيات وأعمل مؤتمر صحفي.. أعقد مؤتمرات صحفية في السفارة اليمنية، وفتحت باب التطوع للإنجليز.. للألمان لدرجة إن مستر (إيدن) عقد مؤتمر.. طلب عقد انعقاد مجلس الأمن.

أحمد منصور: تطوع يعملوا أيه الألمان؟

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟ يرجعوا اليمن، يحاربوا ضد.. يحاربوا الإنجليز، وحصل عندي قائمة من مئات..

أحمد منصور: ليردوا على ما فعل بهم في الحرب العالمية الثانية.

د. عبد الرحمن البيضاني: مثلاً.. مثلاً، فكانت النتيجة الإمام استدعاني إلى اليمن، وقال لي: أنا يعني لا أوافق مطلقاً على دعوة.. على السماح بوجود ألمان معنا هنا في اليمن.

أحمد منصور: يعني كنت تتحرك.. تتحرك كأنك رئيس اليمن.

د. عبد الرحمن البيضاني: قلت له.. قلت له: أنا لم أطلب، قلت له: أنا لم أطلب.

أحمد منصور: كأنك رئيس اليمن!!

د. عبد الرحمن البيضاني: لا، لحظة لحظة واحدة، قلت له: أنا لم أطلب، أنا أنت أرسلت لي بيانات عن معارك فأنا أعلنت هذه البيانات في الصحافة، فجاء لي متطوعين، فإذا شئت أخذتهم وإذا شئت تركتهم، وفي نفس الوقت قال لي: أنا عينت القاضي أحمد الصياغي –كان أمير.. لواء (إب)، إنه سيزحف على عدن، قلت له: مستحيل نزحف على عدن، لأن الأسلحة لا تزال في الصناديق، ليس معنا أجهزة طبية، لم ندرب الجيش اليمني، فكيف نزحف على عدن؟! اطلب بعثة مصرية جديدة لفتح هذه الصناديق وتدريب الجيش اليمني حتى يمكن أن نبدأ فعلاً في معاركنا مع بريطانيا إذا أردنا، والمعارك لن تكون معارك دولة بين دولة ودولة، المعارك عبارة عن قبائل، يعني معارك قبلية، كانت النتيجة الإمام وافق، أنا كنت موجود عنده في.. وأنا موجود عنده في مكتبه.. في.. في غرفته، كان البدر في.. في القاهرة، فأرسل للبدر برقية بالشفرة يطلب منه إرسال.. أن يطلب من عبد الناصر إرسال بعثة عسكرية مصرية ثانية، فعبد الناصر أرسل العقيد حسن فكري الحسيني رئيساً وصلاح المحزري وعادل السيد.

أحمد منصور: عشان تحقيق الصيحة الكبرى!!

د. عبد الرحمن البيضاني: تحقيقها، هذا سبب وجود البعثة الثانية.

حقيقة مرض الإمام ومحاولة البدر الانقلاب على أبيه

أحمد منصور: في صيف العام 1959م مرض الإمام أحمد وسافر إلى روما للعلاج، واعتقد الأمير البدر أن والده في نهايته لا سيما وأن الإمام كان يدخل في غيبوبة وبدأ عملية إصلاح. كنت في ذلك الوقت أنت في ألمانيا، أين كان موقعك مما كان يحدث؟

د. عبد الرحمن البيضاني: أنا لم أكن في ألمانيا، أنا استدعيت لمرافقة الإمام ضمن الحاشية في روما، فكنت باستمرار جليس الإمام طول فترة مرضه الفترة الأخيرة.

أحمد منصور: ما حقيقة هذا المرض؟

د. عبد الرحمن البيضاني: الإمام كان ينام على الأرض فعلاً على مرتبة، وكنا حوله كنت أنا والقاضي محمد العمري والأمير الحسن و.. أخو شقيقه، عدد من الحاشية السيد أحمد عباس وغيرهم، وكنا نقرأ الفاتحة حتى –يعني- يسهل الله –سبحانه وتعالى- عليه آخر لحظاته.

أحمد منصور: يعني للدرجة دي كان؟

د. عبد الرحمن البيضاني: لهذه الدرجة.

أحمد منصور: كان حقيقي هذا أو كان تمثيل؟

د. عبد الرحمن البيضاني: علمت فيما بعد إنه كان غير حقيقي.

أحمد منصور: يعني يمثل دور الميت أو المتحضر؟!

د. عبد الرحمن البيضاني: علمت.. علمت هو كان عنده روماتيزم فعلاً لكن ليست لهذه الدرجة، والبدر بلغه هذا الخبر فبدأ لإصلاحات التي كنت متفق.. متفقاً عليها معه في سنة 50.

أحمد منصور: استغرق مرض الملك.. الإمام قد إيه؟

د. عبد الرحمن البيضاني: الفترة اللي بقيناها في روما حوالي 30 يوم تقريباً.

أحمد منصور: يعني خلال الـ 30 يوم لم يصبر الأمير البدر وبدأ عملية الإصلاح.

د. عبد الرحمن البيضاني: هو أي إصلاح عمله البدر؟ هو اللي حصل إنه شك.. يعني أنا كنت متفق معاه على إلغاء التفرقة العنصرية وإلغاء التفرقة الطائفية و

أحمد منصور: يعني إيه تفرقة عنصرية وتفرقة طائفية؟

د. عبد الرحمن البيضاني: ما هي أنت قلت هنؤجلها للمستقبل..

أحمد منصور: ما هو دوراً ها جه الآن.

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟

أحمد منصور: جاء وقتها.

د. عبد الرحمن البيضاني: جاء وقتها.. وهو كذلك. المذهب الزيدي –وهو مذهب سمح جداً، أقرب المذاهب الشيعية إلى السنة- يساوي بين جميع الناس، ويقول إن الإمام الأفضل يكون من سلالة فاطمة بنت.. من أولاد علي، ولكن إذا وجد الأصلح فهو الأصلح يجب الأفضل. الإمام الهادي يحيى بن الحسين كان وقتها سنة ألف.. سنة 284 هجرية كان في المدينة المنورة.

أحمد منصور: أنا كده ها أدخل في تاريخ ألف سنة!!

د. عبد الرحمن البيضاني: لأ.. باختصار باختصار.

أحمد منصور: أنا عايز ما أردته مع البدر في سنة 59.

د. عبد الرحمن البيضاني: ما أنت سألنتي ما هي التفرقة العنصرية والتفرقة الطائفية؟ ما أقدرش أجيبها في (لا تقربوا الصلاة..) وإلا سيساء فهمها أمام المشاهدين.

أحمد منصور: طب عايزين ناخد كل 100 سنة في 30 ثانية.

د. عبد الرحمن البيضاني: وهو كذلك، ما عنديش.. ليس عندي مانع.

أحمد منصور: اتفضل.

د. عبد الرحمن البيضاني: فانتشر في اليمن دعوة القرامطة والإسماعيلية سنة 284 هجرية، فذهب بعض اليمنيون. بعض اليمنيين إلى المدينة وجاؤوا بالإمام الهادي يحيى بن الحسين، والإمام الهادي يحيى بن الحسين أعلن في دعوته للإمامة أنه سيلتزم بكتاب الله وسُنَّة رسول الله، وإن خرجت على ذلك فلا طاعة لي عليكم. وهذا مكتوب في ورقة 35 لديكم هنا في دار الكتب المصرية مخطوطات الإمام الهادي يحيى بن الحسين، لكن أتباع.. أتباع.. خلفاء الإمام الهادي لم يتبعوا تعاليم المذهب الزيدي حقيقة، وأنشأوا ونشروا المذهب الزيدي، ووجدوا في شمال اليمن.. فوجدت.. فوجد انقسام في اليمن ما بين أتباع المذهب الزيدي الشيعي وأتباع المذهب الشافعي السني، المفروض أن الإمام لا يميز بين هذا وذاك، لأن الله –سبحانه وتعالى- قال: (ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليماً) الآية (40) سورة الأحزاب وقال..

أحمد منصور [مقاطعاً]: بدون ما ندخل في تفصيلات تقنين للوظيفة.. إحنا قدام واقع.

د. عبد الرحمن البيضاني: تقنين، فكانت.. فكانت النتيجة إنه ميز سلالة.. السلالة الهاشمية بامتيازات معينة تحتكر السلطة، ويأتي من بعدها الطبقة الزيدية.

أحمد منصور: كل ده موجود في الأنظمة الملكية والأنظمة الوراثية.

د. عبد الرحمن البيضاني: لكن.. لكن صبغها بمذهب ديني، في الأنظمة الملكية ليست هناك مذهب ديني.

أحمد منصور: فيه ناس صابغينها وعاملين حاجات!!

د. عبد الرحمن البيضاني: يعني.. يعني، ولكن أن بأتكلم عن اليمن لا دخل لي بأي دولة أخرى، ولا أتدخل في أي دولة أخرى، أنا بأتكلم عن اليمن. فكان في اليمن تفرقة عنصرية بين الهاشميين وبين بقية أبناء الشعب سواء زيود أو شوافع، وبين تفرقة طائفية ما بين الزيود وبين الشوافع، وقلنا إن الدولة أنا.. أنا كرجل اقتصاد لا أرى إطلاقاً إمكانية أي نهضة اقتصادية في أي دولة في العالم إذا وجد تمييز بين مواطن ومواطن داخل دولة واحدة، المفروض جميع المواطنين درجة أولى متساويين في الحقوق والواجبات. كان هذا متفق عليه من البدر، والبدر كان موافق.

أحمد منصور [مقاطعاً]: إزاي متفق عليه -عفواً سيادة النائب- إزاي متفق عليه، لإن هذا النظام يعني زوال نظام الإمامة باختصار.

د. عبد الرحمن البيضاني: البدر كان.

أحمد منصور [مستأنفاً]: لا يمكن أن يكون هناك إمامة في ظل تحقيق هذا، قبول هذا يعني إنهاء نظام الإمامة.

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، فعلاً، ولكن البدر كان لا يزال يافع السن وإنه عنده شبق أن يكون حاكم وإمام، ونفس المذهب الزيدي حقيقي يقر المساواة بين أبناء اليمن الحقيقي.

أحمد منصور: دايماً تقول أنا قلت للبدر، اتفقت مع البدر، أنا قلت لفلان، اتفقت.. أين الآخرون؟

د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأتكلم.. أنت بتسألني أنا أم وبتسأل الآخرون.

أحمد منصور: هل كنت وحدك الذي تشير في كل هذا؟

د. عبد الرحمن البيضاني: مع آخرين طبعاً مع آخرين، لكن أنت تسألني.. تسألني الآن عن.. تسأل عبد الرحمن البيضاني، فعبد الرحمن البيضاني بيرد عليك فالمهم إن البدر أنشأ فعلاً مجلس نيابي برئاسة أحد أبناء الشعب، وهو القاضي "أحمد الصياغي".

أحمد منصور: خلال 30 يوم.

د. عبد الرحمن البيضاني: خلال الـ 30 يوم، لأن قبل أن ينشئ هذا المجلس كان فيه احتفال للجيش اليمني.. يحتفل.. فيه احتفال للجيش اليمني في صنعاء، فألقى خطاباً نارياً في هذا الجيش –الجيش اليمني- ضد الإمام.

أحمد منصور: كان بينسق مع مين البدر الحاشية من اللي موجودين حوالين أبيه، واللي كانوا بيبلغوه إن أبوه بيحتضر وأبوه خلاص في النهايات، وبدأ هو يتحرك بهذا الشكل.

د. عبد الرحمن البيضاني: البدر كان له رسل مندسة بينا في السفارة اليمنية بروما، وكان الاتصالات مستمرة وبعدها.

أحمد منصور: هل كان لك أنت اتصل معه؟

د. عبد الرحمن البيضاني: ويمكن.. محتمل يمكن.. لأ، هو محتمل أن يكون هنالك مندسون بيحاولوا إنه يوجدوا ثغرة ما بين الإمام وبين ابنه.

أحمد منصور: وأنت كنت من أنصار البدر.

د. عبد الرحمن البيضاني: أنا كنت لكنني لم أكتب إليه أي شيء في تلك الأيام.

أحمد منصور: ولم تتصل به مطلقاً.

د. عبد الرحمن البيضاني: اللي حصل إني.. إني أنا كنت متصور فعلاً إن مقتنع مع جميع المقتنعين داخل.. مع حاشية الإمام أن الإمام يتحضر، فطلب طلب مني الإمام أن أسافر إلى.. إلى (بون) لاستئجار يخت.

أحمد منصور: هيطلب منك إزاي وهو بيحتضر؟

د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو بأقول لك إحنا إحنا متصورين إنه بيحتضر، لكن كان بيجي له حالات إفاقة، فطلب مني إن ينتقل إلى اليمن حتى يلقى ساعته الأخيرة في اليمن، فطلب مني إن أنا أتصل بالألمان وآتى بيخت من ألمانيا، وصلت إلى ألمانيا وجدت.. التقيت بالدكتور (فون…) وهو كان صديق عزيز وزير خارجية ألمانيا، وقال لي: إحنا لا توجد لدينا في.. الألمان.. لا يوجد لديهم يخوت، ليست لديهم أوقات لهذا الكلام. عدت من ألمانيا رأساً إلى الإمام، ولم يكن هنالك بيني وبين الإمام أي حاجز، أدخل عليه في أي لحظة وأخرج من عنده في أي لحظة، فأنا دخلت على الإمام، قرعت الباب خفيف، قرعت وجدت الإمام.. يمشي في الغرفة، يمشي ولا كأنه … ولا كأنه مريض، إن أنا تركته نايم على الأرض وجدته بيمشي في الغرفة.

أحمد منصور: صدمت بهذا.

د. عبد الرحمن البيضاني: طبعاً صدمت، فقال لي: يا عبد الرحمن..

أحمد منصور: يعني الراجل فاق.. فاق واستفاق وأصابكم بصدمة!!

د. عبد الرحمن البيضاني: الإمام قال لي: يا عبد الرحمن، هو لاحظ طبعاً إن فيه تغير في موقفه، ولاحظ دهشتي أنا، فقال لي: يا عبد الرحمن، المرض يأتي ويزول، قلت له: ونحمد الله على زواله، فكتبت للبدر رسالة.

أحمد منصور: عن طريق مين بقى؟

د. عبد الرحمن البيضاني: عن.. مع شخص مسؤول، مع شخص صديق عزيز كان معانا في الحاشية، وأرسلت.

أحمد منصور [مقاطعاً]: كنت على دراية بما قام به البدر من تغييرات في البلد؟

د. عبد الرحمن البيضاني: طبعاً علمناها، لأن ما..

أحمد منصور [مقاطعاً]: والإمام نفسه علم بها أيضاً؟

د. عبد الرحمن البيضاني: اللي حصل ما هو اللي حصل بالضبط إنه لما.. لما البدر قام بهذه الإصلاحات بعض الهاشميين ثاروا ضد البلد، فقامت مظاهرات في (تعز) قتلوا.. حرقوا بيت، قتلوا أحمد الجبري، حاكم تعز وأخيه علي الجبري، أخي.. أخ.. أخ الحاكم وهو من أبناء الشعب، وحرقوا بين عامل صنعا وهو.. العامل في اليمن يعني محافظ، حرقوا بيته وحرقوا مكتبة حسين العامري عم القاضي.. القاضي محمد.. عبد الله.

أحمد منصور: بدون تفصيلات كثيرة يعني.

د. عبد الرحمن البيضاني: المهم إن حصلت ثورة ضد البدر، فالبدر استعان بالقبائل، فالقبائل وصلت إلى اليمن، منهم الشيخ حميد بن حسين الأحمر شقيق الشيخ عبد الله، ومنهم الشيخ عبد الله.. ومنهم الشيخ حسين الأحمر أبو الشيخ عبد الله، وللأسف الشديد الدكتور محمد علي الشالي كتب في صفحة -أظن- (108) إن القبائل جاءت لإبادة الهاشميين، ليس لمجرد تأييد البدر، وإنما لإبادة الهاشميين من اليمن وطردهم من اليمن. هذا ما كتبه محمد علي الشالي وهو سيد من ضمن الهاشميين، طبعاً هذا خطأ، لا.. عبد الله الشيخ.. لا الشيخ حسين الأحمر ولا الشيخ حميد كانوا يريدو إطلاقاً المساس بأي هاشمي، يريدوا.. يريدوا فعلاً الإصلاح وتأييد البدر في إصلاحاته بلغ الخبر.. وصلنا الخبر، لم يجرؤ أحدنا أن يقول هذا الكلام للإمام، فواحد اسمه السيد أحمد عباس ابن أخت الإمام تبرع بإنه، أو تطوع بإنه يحكي القصة هذه للإمام، فلما كان بيحكيها كان بيحكيها بتردد ممل، الإمام شعر بملل وهو يسمع كلمة ثم كلمة ثم كلمة، الآخر عرف إن المسألة وقعت في أربعة من أبناء الشعب فقال: ما.. ما.. شغلتني.. ماذا..

أحمد منصور: رجع الإمام، رجع الإمام إلى اليمن، وحاول أن يسترد ما قام ابنه بتغييره ابتداء من وصوله إلى الميناء.

د. عبد الرحمن البيضاني: فيه نقطة مهمة، نقطة مهمة إن فيه رسالة وصلت إلى.. إلى الإمام، وأنا موجود من أحد الأذناب يقول إن البدر اتفق.. اتفق مع الرئيس عبد الناصر على اعتقال الإمام أحمد في القاهرة أثناء عودته إلى اليمن.

أحمد منصور: وهذا الذي أخافه وجعله لا ينزل من.

د. عبد الرحمن البيضاني: لا ينزل من المركب، هذا مهم جداً لأنه.. بينما القصة غير صحيحة، لا عبد الناصر اتفق مع البدر ولا البدر اتفق مع عبد الناصر.

أحمد منصور: لكن كان فيه اتصال وترتيب ما بين عبد الناصر والبدر؟

د. عبد الرحمن البيضاني: لكن لم يكن اتصال بقصد إن.. إن.. يحجز عبد الناصر يحجر الإمام أحمد في مصحة داخل القاهرة.

أحمد منصور: هذه القصة التي اشتهرت أو أذيعت.

د. عبد الرحمن البيضاني: أذيعت.

أحمد منصور: أنه أثناء مروره في القاهرة سيتم احتجازه ويبقى البدر على ما هو.

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم، يعني أنا بأحكي لك هذا الكلام ليه؟ حتى تعرف إن فيه أقاويل كثيرة ليست لها أصل، فيه أقاويل كثيرة تقال ليست لها أصل.

أحمد منصور: هذا هو التاريخ. رجعت أنت مع الإمام إلى اليمن؟

د. عبد الرحم البيضاني: الإمام لما عرف بقصة.. ما حدث داخل صنعاء وتعز وقتها كان عبد الكريم قاسم بيحكم العراق، وكان فيه محكمة اسمها محكمة الهنداوي أنت تذكرها.

أحمد منصور: نعم.

د. عبد الرحمن البيضاني: أراد الإمام أن يمثل هذا الدور فقال: يا عبد الرحمن، أنت سترأس محكمة لمحاكمة هؤلاء الخونة، من أحاكم؟‍‍! من أحاكم؟! فاستأذنت من الإمام فعلاً إني أرجع إلى بون.. يعني أعود بملابسي وما إلى ذلك وألحق بيه في روما، وصلت إلى بون، شعرت بفتور في صحتي فعلاً، وفوجئت إني أصبت بمرض السكر نتيجة للانفعال العصبي، فلما بلغت الإمام بهذا الخبرن وطلبت منه أن يعفيني من السفر معاه وإن أنا ألحق بالحديدة، اعتبر إن هذا يعني..

أحمد منصور: مخالفة لأوامره.

د. عبد الرحمن البيضاني: اعتذار.. اعتذار غير مهذب، فنقلني إلى السودان فوراً.

أحمد منصور: سفير هناك؟

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم.. و..

أحمد منصور: عقاباً يعني؟

فشل الانقلاب ورد فعل الإمام

د. عبد الرحمن البيضاني: عقاباً، وسافر الإمام إلى.. إلى الحديدة، وبمجرد ما وصل إلى الحديدة البدر خرج لاستقباله، طبعاً أنا أرسلت رسالة –كما قلت لك- للبدر إن هذا كلام يعني أنت استعجلت، وهذا كلام كان لا يجوز منك أن يحدث الآن في حياة الإمام. فبمجرد ما وصل الإمام أحمد إلى إلى الحديدة البدر حشد حشود كبيرة لاستقبال الإمام العائد، وإذا بالإمام يلطم البدر على وجهه أمام كل المشاهدين، يلطم ولي العهد!!

أحمد منصور: في الميناء أمام الناس!

د. عبد الرحمن البيضاني: في الميناء أمام المشاهدين، ثم دعا رئيس المجلس النيابي الجديد وهو القاضي أحمد الصياغي، قال له: أهلاً برئيس المجلس القحطاني، قحطان يعني من أبناء الشعب. فكانت النتيجة إنه هرب إلى عدن، وبدأ الإمام يخرج عن وعيه، وألقى خطاب ناري في قصر [البويني] في الحديدة وقال: سيشق رأس كل من يكسر بيضه الإسلام –حسب نظره إن الخروج على الإمام خروج كسر لبيضه الإسلام وهذا الفرس وهذا الميدان، وطلب جميع المشايخ اللي أخدوا أموال من البدر أو أسلحة أن يعيدوها إليه، هرب 11 شيخ منهم إلى.. إلى السعودية، فرجعوا بوجه من الملك.. بوجه يعني بضمانة من الملك سعود رحمه الله، ولكن الإمام اعتقلهم أعطاهم للبدر، فالبدر أمر بذبحهم.

أحمد منصور: رغم أنهم..

د. عبد الرحمن البيضاني: ذبح.. ذبح من كانوا معه.

أحمد منصور: حلفاؤه.

د. عبد الرحمن البيضاني: حلفاؤه، ومن هنا بدأت الشقة.. الشقة تتسع بيني وبينه، وللحديث بقية حسب أسئلتك.

أحمد منصور: أنت في هذه الفترة قررت أن تهرب إلى القاهرة، وأن –يعني- تضم –كما يقال بشكل رسمي الآن- الآن صفوف المعارضة؟

د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، أنا كنت في السودان، ولما وصل الإمام إلى.. إلى الحديدة اطلع على.. الرسالة اللي أنا أرسلتها إلى البدر، فاستدعاني من.. السودان، السفير المصري في تلك الأيام –على ما أظن- اسمه محمود سيف اليزن خليفة سلمني رسالة من الرئيس جمال عبد الناصر بينصحني بعدم السفر إلى اليمن لأني سأعدم.

أحمد منصور: من الخرطوم.

د. عبد الرحمن البيضاني: من الخرطوم، عدم السفر إلى اليمن من الخرطوم لأني سأعدم، فأنا وجدت إني –يعني-لا أكون كالفأر الذي أول من يهرب من السفينة الغارقة، فقلت: أذهب إلى اليمن.. ويفعل الله ما يشاء، لأني لو رجعت إلى القاهرة يبقى انتهت كل آمالي وكل طموحاتي، فسافرت إلى اليمن، فلم أهرب إلى القاهرة، وإنما سافرت إلى اليمن، وواجهت الإمام، والتقيت مع الإمام و..

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أيه واجهت الإمام والإمام لم يكن يستطع…؟

د. عبد الرحمن البيضاني: واجهت.. "المواجهة" في اليمن يعني "اللقاء" وليست الصدام، يعني فيه فرق في اللغة في بعض الأحيان يعني، المواجهة في اليمن –يعني- حتى الإمام كان يسمي يوم المواجهة.

أحمد منصور: اللغة المصرية تغلب على لغتك اليمنية على طول.

د. عبد الرحم البيضاني: ولو، ولكن أنا عشت في اليمن. فترة.. بأقصد بمواجهة الإمام يعني لقاء الإمام.

أحمد منصور: رد فعل الإمام إيه عليك؟

د. عبد الرحمن البيضاني: رد فعل الإمام كان يريد أن يتخلص مني بأي شكل، لأنه اعتبر إن أنا –يعني- يعني كنت من خلف ما اتخذه البدر.

أحمد منصور: ما الذي منعه أن يعدمك أو يقتلك وهو أعدم..؟

د. عبد الرحمن البيضاني: هو أسرف في القتل، قتل عشرات.

أحمد منصور: آه ما أنا بأقول قتل الكثيرين.

د. عبد الرحمن البيضاني: وكان يعني يحاول أن يقتل –يعني- بعد ما أسرف في القتل، ابتكر طريقه جديدة وهو يطلب المطلوب قتله من الحديدة إلى السخنة كان مقيم في منطقة اسمها السخنة على بعد 60، 70 كيلو من.. من الحديدة، مصحة –يعني- مش مصحة، يعني فيه.. ينبوع ماء معدني للروماتيزم، فكان (…) وهو هناك في هذا في هذا المكان، يطلب المطلب قتله من الحديدة إلى.. إلى السخنة ثم يقتل في الطريق، ويبدأ الإمام يبحث عنه و..

أحمد منصور: على إنه هارب.

د. عبد الرحمن البيضاني: على إنه هارب والعكس صحيح، يرسله من الحديدة من السخنة إلى الحديدة ويقتله في الطريق، أنا كنت عرفت هذا الكلام من أصدقائي فكانوا باستمرار لما يطلبني الإمام من الحديدة يأتي معي عدد من السيارات نمشي جماعة، ولما يرجع أرجع من السخنة إلى الحديدة أرجع بأربع خمس سيارات، وأنا راكب سيارة الحكومة، فعقاباً لي عيني ضابط مكافحة جراد، أكافح جراد يعني من سفير، لوزير مفوض، لكذا لكذا، إلى إني أكافح الجراد، عامل من عمال مكافحة الجراد!!

أحمد منصور: علاقتك إيه كانت بالسادات والمصريين في ذلك الوقت؟

د. عبد الرحمن البيضاني: العلاقة لا تزال كما هي، لم تتغير.

أحمد منصور: هل كان هناك اتصال دائم بعد ما طلب طلب منك عبد الناصر ألا تذهب إلى..؟

د. عبد الرحمن البيضاني: ده كان آخر طلب.

أحمد منصور: آخر طلب آه.

أحمد منصور: أما يعتبر ذلك..؟

د. عبد الرحمن البيضاني: آه، اقتصرت.. انقطعت العلاقات.. لأنه كان.. لم تكن هنالك وسيلة.

أحمد منصور: يعني ما هو التنسيق أو الرد الذي أرسلته وأنت تعتبر رجلهم الذي يتحرك معهم في…

د. عبد الرحمن البيضاني: مش راجلهم، أنا آسف في كلمة "راجلهم"، أنا أقول "صديق" وليس "رجل"، يعني فرق بين إن أنا أكون صديق لعبد الناصر وفرق أن أكون..

أحمد منصور: التفسير الآخر يرى أنك رجل عبد الناصر.

د. عبد الرحمن البيضاني: يقول ما يشاء.

وإذا أرد الله نشر فضيلة

طويت، أتاح لها لسان حسود

وإذا جاءت مذمتي من ناقص

فتلك شهادة لي بأني كامل

الشعر –يعني- الكلام ده ليس ابتكار الآن ما بيني وبينك الآن، الكلام ده كان من..

أحمد منصور [مقاطعاً]: ما هو مش ابتكار، أنا أردد ما يقول الآخرون.

د. عبد الرحمن البيضاني: أنا عارف، الكلام هذا من زمان، يعني من آلاف السنين من مئات السنين كانوا الشعراء يقولون هذا الكلام، كان فيه حساد وفيه ناس ناقصين.

أحمد منصور: كنت تدرك أنك ستقطع الخيط الذي بينك وبين عبد الناصر؟

د. عبد الرحمن البيضاني: لأ، وأنا لم أقل، لم أعارضه في شيء، أنا.. كوني اضحي بحياتي هذا لا يغضب عبد الناصر، أنا.. أنا صديقي نعم، أنت نصحتي أشكرك على هذه النصيحة، أنت نصحتني بإني لا لا أدخل اليمن في هذا.. في هذه الظروف والإمام في هذا الانفعال، وبيقتل..

أحمد منصور [مقاطعاً]: كان عبد الناصر هو الذي.. كان السادات عفواً هو الذي لديه ملف اليمن وهو الذي كان على صلة بك، فكيف الآن تصلك رسالة من عبد الناصر.

د. عبد الرحمن البيضاني: هذا ما حدث عن طريق السفير، السفير هو اللي بلغني، رسالة.. ليست..

أحمد منصور: شفهية طبعاً.

هروب البيضاني من اليمن

أحمد منصور: حدث الانفصال بين مصر وسوريا في 28 سبتمبر، أولاً أنت كيف عدت إلى ألمانيا من.. من اليمن؟ كيف هربت من اليمن وخرجت؟

د. عبد الرحمن البيضاني: أنا.. كيف هربت شيء، وكيف ذهبت إلى اليمن شيء آخر.

أحمد منصور: كيف هربت أولاً؟

د. عبد الرحمن البيضاني: كيف هربت أولاً، كنا في.. لما عيني الإمام مكافح في الجراد السيد محمد أحمد أحمد باشا أمين لواء الحديدة.. لواء يعني.. يعني محافظة، كان صديق عزيز جداً هو وبعض أصدقاء.. آخرين، أقنعوا الإمام بإن هذا خطأ إن وزير مفوض وكذا وكان يمثلك في كل المحافل الدولية.. والجامعة العربية تعينه عامل جراد مش معقول هذا الكلام..

أحمد منصور: وأنت كيف قبلت هذا؟

د. عبد الرحمن اليضاني: لأني أريد أبقى، ووجدت إنها فرصة فرصة إن أنا آخذ سيارة جيب وأمشي بين القبائل أكافح جراد وأتكلم، وأبشر بوجهات نظري، أهلاً وسهلا، العملية منصب وزير أو منصب عام مكافحة جراد.

أحمد منصور: كان فيه.. تنسيق بينك وكثير من المعارضين؟

د. عبد الرحمن البيضاني: وبين البدر، نعم؟

أحمد منصور: كان فيه معارضة كثيرة داخل اليمن في ذلك الوقت؟

د. عبد الرحمن البيضاني: داخل اليمن.

أحمد منصور: لم يكن هناك تنسيق بينك وبينهم؟

د. عبد الرحمن البيضاني: وكلها ما هو كلنا كنا منسقين.

أحمد منصور: مين أهم الناس اللي كنت تنسيق معهم؟

د. عبد الرحمن البيضاني: أحمد هاشم طالب (مدير مكتب البدر) محمد الرعيني (مدير أمن الحديدة) حسين المقدمي (مدير مستشفى الحديدة) وكل هؤلاء أحياء ما عدا محمد الرعيني.. قُتل.

أحمد منصور: العسكريين من كنت تنسق معهم؟

د. عبد الرحمن البيضاني: محمد الرعيني.. محمد الرعيني، هو العملية ليست مسألة عسكرية، عسكرية وقبلية، ومحمد يحيى منصر بن الشيخ يحيى منصر، لا سيما إن الإمام لما رجع إلى.. إلى.. إلى السخنة أو إلى اليمن طرد الحرس الملكي كله، لأنه كان منتمي.. منتمي إلى قبيلة "حاشد"، وقبيلة حاشد كانت ثائرة على الإمام، قبيلة الشيخ عبد الله والشيخ حميدو والشيخ حسين هاربين في الجبال وبيطاردهم، فكانت النتيجة نزع الحرس الملكي.

أحمد منصور: أنت كان لازال لديك أي ثقة في البدر بعد كل ما فعله؟

د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو لسه أنا أقول لك ما هو ما هي القشة اللي قصمت ظهر البعير، لم أصل إليها حتى الآن.

أحمد منصور: ما هي؟

د. عبد الرحمن البيضاني: إن لما أعتقل.. لما الإمام استطاع اعتقال الشيخ.. الشيخ حسين الأحمر أبو الشيخ عبد الله.

أحمد منصور: وابنه.

د. عبد الرحمن البيضاني: وابنه، وبقوا معاهم الشيخ نعمان بن راجح، وبعد ما قاتل (11) شيخ بيده، مش بيده، بأمره، فأنا كنت مقيم في غرفة واحدة أنا والشيخ عبد الله.

أحمد منصور: الأحمر.

د. عبد الرحمن البيضاني: الأحمر في السخنة، مقيمين في غرفة واحدة، قلت للشيخ عدب الله. أنا سأرسل إلى البدر، سأذهب إلى البدر في السخنة في الحديدة لأراجع.. أراجع يعني يعني أتشفع.

أحمد منصور: تطلب منه الشفعة.

د. عبد الرحمن البيضاني: آه، المراجعة في اليمن يعني الشفاعة، إننا أتشفع أطلب منه الشفاعة لدى والده في أبيك وأخيك، ذهبت إلى البدر قال لي: أنا أريد من يتشفع لي، أنا لا أستطيع أتشفع لأحد، أنت سمعت إن الإمام لطمني أما الناس، كيف أتشفع؟! أنا أريد من يتشفع لي. قلت له: طيب إذاً إحنا اتفقنا إن الإمام خرج عن وعيه، لا سيما إنه بعد ما نزع سلاح الحر الملكي، واحتمى بقبائل الزرانيق اللي كانوا أصلاً أعداء له، الحرس الملكي طلب منه في برقية: يا مولانا، طالما أنك فقدت الثقة فينا، اتركنا نعود إلى بلادنا (نتزيرع) بنفس النص نص البرقية (نتزيرع) يعني نزرع، ما دام إحنا نزع سلاحنا نزعت الثقة. خرج الإمام بدون حذاء، حافي القدم، عاري الرأس في الفجر يطلب منهم اختيار أربعة من المشوقين –يعني المحرضين- لإعدامهم، خرج عن وعيه فعلاً فالمهم بأقول للبدر: طالما إن الناس كلها عرفت إن الإمام خرج عن وعيه لدينا القوة التي تستطيع –في داخل اليمن- أن تعتقل الإمام، لأنه كان الآن أبعد الحرس الملكي ومعاه قبائل (الزرانيق) وقبائل (الزرانيق) معانا، لأنه كان هم أعداء الإمام أصلاً وابنهم محمد يحيى ابن الشيخ…

أحمد منصور [مقاطعاً]: بدون أدخل في تفاصيل سيادة النائب..

د. عبد الرحمن البيضاني: آه،.. أصل لابد.. فيه تفاصيل لابد من ذكرها لأنه وإلا الكلام هيكون (لا تقربوا الصلاة..) فالمهم في الموضوع إن.. إن قلت للبدر نحن نستطيع أن نعقل الإمام.

أحمد منصور: تتحدث معه هكذا عن أبيه؟!!

د. عبد الرحمن البيضاني: آه، وتعلن أنت –بحضور هاشم طالب مدير مكتبه- وتعلن أنت إماما على اليمن.

أحمد منصور: آه طبعاً، ما أنت جيت له على الجرح اللي بيريحه!!!

د. عبد الرحمن البيضاني: وتعلن أنت إماماً على اليمن، ما رأيك؟ قال: أنا موافق، أنا كان عندي.. بندقية بتليسكوب كنت دايماً أحملها..

أحمد منصور: قناص يعني!!

د. عبد الرحمن البيضاني: كان.. من أيام ما كنت بأصطاد غزال وأنا في ألمانيا، وكان الهدية دي من (فون..) أعطيتها للإمام.. للبدر كرمز للاتفاق اللي بينا وقرأنا الفاتحة على هذا الأساس، على إني أخرج من عنده وأبلغ أصحابي إن نمسك الإمام ونعلن البدر ولياً على العهد، خرجت من.. من عند البدر، وأنا على الباب باب قصر (اللودي) دعاني هاشم طالب، مدير مكتبه، وقال: كلم مولانا، دخلت على مولانا البدر وجدته يتصبب عرقاً، قال لي أنا لا أستطيع أنا أغامر بهذه المغامرة، أولاً: لا أستطيع إلغاء الطائفية ولا العنصرية، الامتيازات هذه..

أحمد منصور [مقاطعاً]: أمَّال كيف أنت تقول لي إنك طول الفترة اللي فاتت إنك اتفقت معه؟

د. عبد الرحمن البيضاني: أنا بأقول لك ما حدث أحكي براوية ما حدث بالضبط بدون تعليق، يعني معنى ذلك إنه لما وجد إنه حصلت ثورة ضده وفي هذا الموضوع أيام غياب أبوه يمكن تراجع، المهم تراجع عن هذا الرأي نمرة (1)، نمرة (2) قال لي: افعلوها أنتوا كما شئتم وأنا إذا نجحتم فأنا معاكم وأحاول إن أنا –يعني- أقوم بالإصلاح اللي أقدر عليه، وإذا فشلتم لا تذكروا اسمي ولا أذكر اسمكم فخرجت..

أحمد منصور [مقاطعاً]: حتى الآن ليس واضحاً لنا مين الذين سوف يتحركون معك للقيام بهذا الانقلاب.

د. عبد الرحمن البيضاني: قبائل أولاً اللي كان موجود الإمام في حماية قبائل (الزرانيق)، وكان ابن.. ابن شيخ (الزرانيقي) يحيى منصّر، محمد كان من ضمن الثوار اللي موجودين معانا، وكان معنا.. يعني مجموعة من الضباط اللي موجودين في الحديدة.

أحمد منصور: في حد عايز يعمل انقلاب أو ثورة بيتحرك على المكشوف كده؟!!

د. عبد الرحمن البيضاني: … أي مشكوف؟

أحمد منصور: ما أنت عمال تتكلم مع ولي العهد وعمال تتكلم مع..

د. عبد الرحمن البيضاني: مع البدر شخصياً، مع إنه هيكون إمام، ثم إن اجتماعاتنا كلها كانت في بيت مدير مكتبه.

أحمد منصور: يعني الآن كل اللي انتوا عايزينه تغيير إمام بإمام.. وخلصت القصة.

د. عبد الرحمن البيضاني: لا كان.. تغيير إمام بإمام كمرحلة على أساس إنه إذا اتصلح فعلاً، وإذا استطاع أنه يلغي الامتيازات ويحقق الإصلاحات التي نتمناها جميعاً أهلاً وسهلاً، ليكن..

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني الآن.

د. عبد الرحمن البيضاني [مستأنفاً]: وإذا لم يستطع فالتخلص منه سهل.

أحمد منصور: الآن أنت القادم من مصر تحرك الأحداث في اليمن وشيوخ القبائل و الناس الكبار هناك ما حدش عارف يعمل حاجة!!

د. عبد الرحمن البيضاني: أبداً عارفين كل التفاصيل، كلهم عارفين كل هذه التفاصيل، وكنا بنجتمع في بيت الشيخ أحمد في بيت هاشم الطالب.

أحمد منصور: ممكن تقول لي مين اللي كانوا عارفين هذا الكلام.

أحمد الرحمن البيضاني: كان كل الموجودين في بيت هاشم طالب مدير مكتب البدر عارفين هذا الكلام.

أحمد منصور: مين منهم؟

د. عبد الرحمن البيضاني: وكنت.. وكنت للعلم..

أحمد منصور: فيه حد حي منهم الآن؟

د. عبد الرحمن البيضاني: نعم؟

أحمد منصور: فيه..

د. عبد الرحمن البيضاني: حسين المقدمي حي بينا وزير الزراعة.. وزير الصحة.

أحمد منصور: وزير الصحة الحالي؟

د. عبد الرحمن البيضاني: كان وزير صحة أيامي أنا.

أحمد منصور: نعم، مين تاني؟

د. عبد الرحمن البيضاني: هاشم طالب مات، أنت بتتكلم في قصة من خمسين سنة، أربعين سنة، محمد رفعت مات..

أحمد منصور: يعني حتى الآن.

د. عبد الرحمن البيضاني: محمد الرعيني الله يرحمه.. محمد.

أحمد منصور: فيه عملية تشكيك بتتم لمثل هذه الروايات، فأنا أريد منك أن تأتي بالشهود لتأكيدها ليس أكثر.

د. عبد الرحمن البيضاني: أحييهم من قبورهم؟‍!!

أحمد منصور: لا الأحياء منهم.

د. عبد الرحمن البيضاني: الأحياء منهم خد حسين المقدمي موجود على قيد الحياة.

أحمد منصور: طيب ما الذي دفعك إلى الفرار من.. من اليمن؟

د. عبد الرحمن البيضاني: ونحن نجتمع دائماً في بيت هاشم طالب كان معانا سعيد فارح، واحد اسمه سعيد فارح من ضمن الثوار، وسعيد فارح لما وجد إن الإمام هيخرج عن يعني.. عن كل القيم وهيبدأ بقتلي وقتل بقية الإخوان.

أحمد منصور: هو لسه هيخرج؟! يعني أنتو بس (المانعين) الإمام عن الخروج؟!!

د. عبد الرحمن البيضاني: لا.. لا إحنا الموضوع وصل إلينا، فلما وصل إلينا الموضوع، أنا كنت بأجتمع.. يعني لما كنا نجتمع في بيت هاشم طالب كنت حريص على إن العراف.. عراف الإمام، محمد حلمي الحضر معانا، وكان.. كنا.. نتكلم بحضوره، فعراف الإمام كان موجود، وعراف الإمام كان صديق شخصي لي من أيام.. من سنة 50، وكنت دائماً أرسل له أخليه يرسل للإمام تقارير مفيدة بالنسبة لي أنا وهو اللي.. اللي يعني، أنت نسيت تسألني إن كيف بدأت البعثة العسكرية المصرية التانية تعمل؟ لولا العراف هذا ما كان.. ما كان تعمل.

أحمد منصور: أنا الآن في سؤال محدد: ما الذي دفعك للهروب من اليمن؟ بإيجاز حتى أختم الحلقة.

د. عبد الرحمن البيضاني: بمجرد ما سعيد فارح علم بإن بدأ السيف يصل إلى رقابنا أخذ قنبلة دون علمنا ليقتل الإمام، فوصل إلى السخنة فعلاً لقتل الإمام بدون علمنا، لا أدعي هذا الشرف ولا هذا.. ولا هذه الجريمة..

أحمد منصور [مقاطعاً]: وليه بتعتبرها جريمة وأنت عايز تتخلص من الإمام؟!

د. عبد الرحمن البيضاني: لا، يعني أصل مسألة قتل، إذا كان القتل إما أن تقيم نظام محله..

أحمد منصور [مقاطعاً]: ما أنت يا سيدي خرجت من بيت ولي العهد على أساس تروحوا تقتلوا الإمام، لماذا تعتبر هذه جريمة وتعتبر أنت تقوم بعمل آخر؟‍‍‍!!

د. عبد الرحمن البيضاني: فرق بين.. بين إن البدر يكون موافق معانا فيبقى هو..

أحمد منصور: مفيش فرق طالماً انتو تتخلصوا.

د. عبد الرحمن البيضاني: لا لا لا لحظة..

أحمد منصور: أليس ثائراً هذا هو الآخر؟!

د. عبد الرحمن البيضاني: لحظة لحظة لا من البديل.

أحمد منصور: أليس من الثوار؟

د. عبد الرحمن البيضاني: ما هو المشكلة من البديل؟ ما هو المشكلة من البديل؟ يعني إحنا كنا بنفكر في البدر، البدر يكون هو البديل، لكن طالما البدر تخلى، أصبح المسألة مؤجلة، تؤجل.

أحمد منصور: المهم إنه ثائر من الثوار تحرك على الإمام.

د. عبد الرحمن البيضاني: لا لا أنا أحب.. أحب أوضح النقطة حتى لا تكون غامضة، لما اتفقنا..

أحمد منصور: في رأيك أنت الآن، لكن في قراءتنا نحن لها الأمر يستوي.

د. عبد الرحمن البيضاني: طيب، كل واحد يقرأ كما يشاء، لكن بالنسبة لما أنا التقيت مع البدر على إن إحنا نخلص من الإمام كان المفروض هو البديل، لكن لما عرفنا إن البدر تخلى يبقى إذن أصبح أي عملية ضد الإمام عبارة عن مجرد قتل، لأن ليس هناك بديل.

أحمد منصور: قصة هروبك، قصة هروبك من اليمن إلى مصر سأبدأ بها الحلقة القادمة.

د. عبد الرحمن البيضاني: المهم لا.

أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.

د. عبد الرحمن البيضاني: طيب وهو كذلك.

أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة –إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة الدكتور عبد الرحمن البيضاني (نائب رئيس مجلس قيادة الثورة اليمنية ونائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية الأسبق) في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر : الجزيرة