شاهد على العصر

ثورة الفاتح كما يراها مصطفى بن حليم ح7

كيف وصل السلاح التركي إلى المجاهدين الجزائريين؟ وما الدور الذي لعبه مصطفى بن حليم في مساعدة المجاهدين في الجزائر؟ وساطة بن حليم بين مندريس وعبد الناصر، ولماذا ساءت العلاقات بين ليبيا ومصر خلال حكومة بن حليم؟

undefined
undefined

أحمد منصور:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر)، حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد مصطفى أحمد بن حليم رئيس وزراء ليبيا الأسبق.

مرحبا بك

مصطفى بن حليم:

مرحبا أستاذ أحمد.

أحمد منصور:

من المفترض أن نبدأ اليوم بالحديث عن قصة اكتشاف النفط في ليبيا حيث اكتشف في عهد رئاستك للحكومة، وأنت الذي قمت بترتيب قانون البترول وبالتعامل مع معظم الشركات التي بدأت عن التنقيب عن النفط في ليبيا في فترة الخمسينات.

قبل أن أبدأ في موضوع النفط هناك معلومة أود أن أعود لها فيما يتعلق بالعلاقات مع تركيا، وحقيقة أن تركيا لعبت دورا في إمداد الثورة الجزائرية بالسلاح في الوقت الذي كانت فيه تعتبر عضو في حلف الناتو وفرنسا كانت دولة في الناتو أيضا، وأنت كنت وسيطا في هذه المسألة.. ما طبيعة الدور الذي لعبته تركيا؟

مصطفى بن حليم:

سيد أحمد من أي الموضوعين تبدأ؟ لأن كلا الموضوعين له أهمية كبرى.

أحمد منصور:

أبدأ بموضوع تركيا حتى نغلقه لأن احنا فتحناه في حلقات سابقة.

مصطفى بن حليم:

موضوع تركيا كما شرحت في حلقة من الحلقات السابقة، أنا زرت تركيا بإيعاز من الملك إدريس أو بتشجيع من الملك إدريس واجتمعت بعدنان مندريس وبجلال البيار، وكان فيه ترحيب كبير، وأعانونا إعانة كبرى في موضوع أميركا فانتهزتها فرصة مع (عدنان مندريس)، لأني شعرت بأن الرجل منفتح على الناحية الإسلامية، لا أستطيع أن أقول إن كان كيف رئيس الحكومة السابق هذا، ولكن يعني قابل الحديث في الشؤون الإسلامية، عنده استعداد فقلت يا عدنان بيه أنت كرئيس للحكومة التركية التي خلفت الخلافة الإسلامية، ألا ترى إنه من غير المعقول أن تعترفوا بإسرائيل، تتعاونوا مع إسرائيل، واليونان الدولة المسيحية لا تعترف بإسرائيل؟

كان رده رد قوي، وأعترف بأنه مقنع قال لي: أولا: نحن أعضاء في الأمم المتحدة، ونحن لنا علاقة كبرى مع أميركا لا حبا في أميركا، ولكن لأن مخاوفنا من روسيا تجعلنا نتعاون مع أمريكا تعاون شديد، وكلا المنظمتين يعني سواء أمريكا أو هيئة الأمم المتحدة يسرهم كثيرا أن نعترف بإسرائيل، ولكن برغم اعترافنا بإسرائيل اعترافنا محدد بقائم بأعمال، وتجارتنا مع إسرائيل لا تزيد عن عشر تجارة اليونان التي ذكرتها أنت.

ولكن يا أخي إذا كنت تود أن تحكي في موضوع إسرائيل خلينا نحكي في موضوع إسلامي عربي، وأنا مستعد أن أجلس مع الزعماء العرب ونطرح المشاكل الإسلامية، مشكلة إسرائيل، مشكلة قبرص، مشكلة كشمير، وغيرها، ونبحثها بصراحة وبإيجابية كطريقة للمباحثات، قلت له: أهم ما في الموضوع أن نجتمع مع (جمال عبد الناصر) وأنا ذاهب له بعد كم يوم لأني كنت في طريق العودة حمر على جمال عبد الناصر، قال لي: أنا مستعد أن ألتقي مع الرئيس جمال عبد الناصر في ليبيا وبحضورك وبحضور الملك إدريس ونطرح كل المشاكل الإسلامية على الطاولة.

أحمد منصور:

يعني (عدنان مندريس) بهذا كان عنده شكل من أشكال الانفتاح على العالم الإسلامي، رغم أن تركيا بعد سقوط الخلافة في عام 1924م ومجيء (أتاتورك) كان توجهها توجه غربي بحت وبدأت تنفصل، وتبتعد عن المنطقة العربية الإسلامية.

مصطفى بن حليم:

ما عدا عهد (جلال البيار– عدنان مندريس) ..

مصطفى بن حليم:

ولهذا السبب عملوا عليه انقلاب وشنقوه، على أي حال فأنا بعد كلامي الأول مع الرئيس جمال اللي ذكرته أنا في حلقة سابقة قلت له يا أخي جمال: أنا حكيت مع عدنان مندريس، وشرحت اللي صار، قال لي خلي الموضوع هذا بعدين يعني رأيت نوع من التسويف المهذب.

أحمد منصور:

يعني عبد الناصر لم يرحب بالعلاقة مع تركيا؟

مصطفى بن حليم:

أقول: نوع من التسويف المهذب، لم يقل لي لا، ولكن لم يقول أيوه، طبعا بعد شهرين ثلاثة أبلغت عدنان مندريس إنه، حل تاني، ربما الرئيس جمال يشعر بأنه هو أعلى مرتبة من أن يذهب إلى ليبيا ويجتمع مع عدنان مندريس، فرد علي فورا وقال لي: أنا مستعد أن أذهب شخصيا لجمال عبد الناصر في القاهرة.

أحمد منصور:

يعني إلى هذا الحد كان مندريس لديه..

مصطفى بن حليم:

هذه شهادتي أمام الله، وقال لي: بحضورك أو بغير حضورك، ونبحث كل المواضيع الإسلامية بالطريقة اللي اتفقنا عليها، طبعا جمال عبد الناصر –الله يرحمه- سوَّف في هذا الموضوع فتركنا هذا الموضوع، ولم نبحثه إطلاقا لعدم الفائدة منه إلى أن صار تأميم القناة سنة 56 وكنت في استانبول مع الملك إدريس –الله يرحمه- في زيارة رسمية، وإذ ببرقية مستعجلة شفرية طبعا من سفارتنا في القاهرة يقول فيها القائم بالأعمال عند ذلك الوقت كان (وهبي البوري) موجود الآن في بنغازي تقدر تسأله عن هذا.. يقول فيها: استدعاني الرئيس جمال، وقال له: هذه رسالة تبلغها لفلان اللي هو أنا، ملخصها إنه أنا أعرف علاقتك الطيبة مع الأتراك والآن في مؤتمر المنتفعين تذكر سيادتك إنه كان فيه مؤتمر دعت له بريطانيا مؤتمر المنتفعين قبل الاعتداء، محاولة جعل نوع من التفاهم الدولي، وتركيا طبعا دولة أساسية لأن المعاهدات معاهدة القناة كانت معمولة في تركيا كان أيام الخلافة وأود أن كذا، أود أنه يكون موقفهم محايد على الأقل.. فأنا استصعبت الموضوع..

أحمد منصور:

استصعبت أن تتحدث مع الأتراك وسبق إن أنت.. مندريس دعا إلى إن هو يزور عبد الناصر.

مصطفى بن حليم:

فكنت في حيص بيص، سألت الملك إدريس، قلت والله في برقية كذا كذا كذا.. وعلى الأقل يعني بكره إحنا ذاهبين للصلاة صلاة الجمعة في مسجد الصحابي سيدنا أيوب، إذ به يقول لي: مساعدتك لمصر أهم عند الله من صلاتك في..

أحمد منصور:

في مسجد أبو أيوب الأنصاري القريب من استانبول.

مصطفى بن حليم:

فبرضه ترددت فقلت له يا مولانا: أعتقد أنه لا بد من أن أستعمل سلاح خاص، قال لي ما هو؟ قلت: لابد من أستعمل أن هذا المسعى باسمك وبترحيب منك وإنك ستكون شاكر لو استجابوا لك في هذا الأمر. فقال لي كلمة: اللي تلعب بيه أغلب بيه أيها شيء يساعد مصر اعمله.

فاتصلت بعدنان بيه في نفسه الليلة، واتفقنا على اجتماع على ضفاف البسفور تعرف قصر طلما بخشري بيه من في القصر، لكن فيه كشك من الكشكات اللي هناك، اتفقنا على الساعة عشرة كان يوم جمعة، وكان فيه عدنان مندريس ووزير الخارجية ووكيل وزارة الخارجية -ووكيل وزارة الخارجية حطه بين قوسين لأني سأرجع، إليه كثير- ومن ناحيتنا كان فيه سفيرنا في أنقرة وهو رجل من أقدر الدبلوماسيين، علي أسعد الجاربي -الله يرحمه- وكان أخوه الوكيل الدائم لوزارة الخارجية سليمان الجاربي، وكان معي عبد الناصر شغلوف وكيل المالية، ولا أذكر مين ثاني الآن على أي حال، وبدينا حديث طويل من أصعب الأحاديث اللي أجريتها في حياتي السياسية..

أحمد منصور [مقاطعا]:

ما هي صعوبته؟

مصطفى بن حليم:

صعوبته إنه –يعني- كيف تريدنا أن تساعد دولة هي ضدنا في كل المجالات ساعتها كانت تفجرت أزمة حلف بغداد والعلاقات من أسوأ ما يمكن بين تركيا ومصر، فحاولت بكل الطرق كذا كذا.. لكن في الآخر قلت له شوف، عدنان بيه أنا ما كنت أبغى أن أقول لك هذا الكلام من الأول، لكن حدث ما إن إحنا وصلنا إلى مفترق طرق فأنا باقول لك إن هذا المسعى من الملك إدريس، ولا شك أنكم تذكروا موقف السنوسية منكم، موقف ليبيا منكم التي خاطرت باستقلالها في سبيل نصرة خليفة المسلمين، الآن جاء الدور عليكم لتساعدونا وتساعدوا المسلمين فابتديت ألعب على الناحية الإسلامية.

أحمد منصور:

العاطفية الإسلامية.

مصطفى بن حليم:

ابتدا يلين، ولكن اللي كان بيحاول أن يجعل في كل موضوع عقبة وكيل الخارجية التركي إلى درجة في الآخر عدنان قال له: اسكت. ما سمعت منه إلا كلمة شيطان.

أحمد منصور:

ما اسمه كان وكيل الخارجية لو تذكر؟

مصطفى بن حليم:

ما أذكر أسمه، لكن اكتبه في المذكرة، يعني في الآخر توصلنا أنه بعض الحاجات اللي هي تجعل تركيا تقف موقف محايد أميل إلى مصر بدون عداء ظاهر ولا باطن وأخدت طيارة ثاني يوم، وذهبت إلى القاهرة، وبلغت جمال، وكان شاكر جدا وحديثي لجمال هذا افتكر أوردناه في حلقة ثانية ما فيه داعي نضيع فيه وقت ثاني و..

أحمد منصور:

أنت في هذه الجلسة فتحت قضية إمداد الجزائر بالمساعدات؟

مصطفى بن حليم:

لا لا لا.

أحمد منصور:

متى تحدثت مع مندريس بخصوص الجزائر؟

مصطفى بن حليم:

جاي.. طبعا بعد القناة بعد الاعتداء الثلاثي وسوء الفهم اللي صار ما صار أي اتصال مع جمال عبد الناصر، ولكن جات زيارة عدنان مندريس إلى ليبيا، وأيامها كانوا الجزائريين يحتاجوا إلى سلاح أكثر، فتركت الموضوع إلى ما بعد زيارة عدنان مندريس إلى الملك إدريس في طبرق، وفي طريق طبرق (درنة)، (درنة) إلى الغرب من طرق 170 كيلو متر، فبعد زيارته للملك إدريس، وغداه مع الملك إدريس وترحيب من الملك إدريس ذهبنا للمبيت في درنة، وطلبت أنا أن يعد لنا فيلا على البحر وطلبت أن أكون على انفراد مع عدنان، لما انفردنا، بديت أحكي له يا عدنان بيه انتم خلفاء الخليفة العثماني ومهما كان رأيكم في بعض العرب دي ناحية إسلامية، ولا يجوز أنكم تمتنعوا عن مساعدة إخوان لكم في الإسلام، وكانوا في وقت من الأوقات جزء من الإمبراطورية الإسلامية اللي كانت عاصمتها استانبول.

قال: والله احنا بنساعد ففي الجزائر كتبنا مذكرات، وتدخلنا وكذا وكذا مع الحكومة الفرنسية ونصحناهم.

قلت: أنا أشكرك على هذا كله، لكن ما هذا اللي عنيته، أنا اللي عنيته أنكم تقدموا مساعدة مادية، ما فهم قصدي، قال: مادية تبغي أنا نعطيهم اعتمادات كذا..

قلت لا.. لا.. ما أقصد هذا، أنا أقصد تعطيهم سلاح هم ليسوا في حاجة إلى المال في حاجة إلى سلاح يحاربوا بيه الفرنسيين فانزعج انزعاج شديد، وشعرت بأن الرجل أصابته رهبة، قال لي: مصطفى بيك تود إني أنا عضو في الناتو أعطي سلاح لمن يحارب دولة تانية في الناتو؟ قلت له: لا.. عدنان بيه أنا أود عدنان بيه الذي خلف الخلافة الإسلامية يعطي سلاح لمسلمين مثله حتى يحارب الكفار اللي احتلوا بلدهم، وفيه فرق بين هذا وذاك، ابتدينا من هذه الناحية، واشتغلت عليه إلى درجة أنه في الآخر كانت دموعه ظاهرة في عيونه، قال لي: طيب لو فرضنا إن احنا نعطيهم سلاح، كيف تعمل لو اكتشف في فرنسا؟

أحمد منصور:

من الفرنسيين.

مصطفى بن حليم:

قلت له: هذا موضوع نتولاه نحن، قال: كيف؟ قلت: نحن نهرب السلاح للجزائر من 3 سنوات، كان ساعتها بقي له من 3 سنوات وأكثر.

أحمد منصور:

من 54 لـ 57

مصطفى بن حليم:

ولم تحصل فرنسا على دليل واحد على إن احنا داخلين فيه احنا لنا طريقة خاصة. قال: لكن ها السلاح عليه علامات. قلت له: اسمع كذلك تعطونا أجزاء لنا لنهربها، وابتدينا ندخل في التفاصيل..

أحمد منصور:

يعني دخلتم في تفصيلات دقيقة لكيفية التغلب على هذه العقبات، اقتنع مندريس أن يرسل سلاح من تركيا؟

مصطفى بن حليم:

وأرسل السلاح، واستعرض في شوارع طرابلس وصوره..

أحمد منصور [مقاطعا]:

على إنه سلاح تركي؟

مصطفى بن حليم:

على إنه سلاح تركي للجيش الليبي.

أحمد منصور:

للجيش الليبي.. لكن هو في الأصل كان للمجاهدين الجزائريين.

مصطفى بن حليم:

أغلبيته، طبعا المدافع لم نعطيها لأن المدافع كبيرة وفيه صور هنا مشهورة للسفير التركي معي أنا ونستعرض السلاح وكذا كذا..

أحمد منصور:

لكن في الأصل السلاح التركي الذي تم تقديمه إلى ليبيا في العام 57، كهدية من تركيا كان سلاح مقدم إلى المجاهدين الجزائريين بالدرجة الأولى.

مصطفى بن حليم:

ما كان مقدم لليبيا، ليبيا يعني استعملناها كستار.

أحمد منصور:

هل كشف هذا الأمر بعد ذلك؟

مصطفى بن حليم:

كشف أخيرا من سنتين أو ثلاثة في تصريح لي لجريدة من الجرائد، وقامت القيامة في تركيا.

أحمد منصور:

يعني سنة 98

مصطفى بن حليم:

98 في كتابي أعتقد كان نشر فسألني صحافي، اتصلوا بي من الجرائد من تركيا من جماعة أنصار عدنان مندريس، وطلبوا إني أزور تركيا، قلت: يا جماعة ده تاريخ، خلاص، ولكن..

أحمد منصور:

يعني تركيا الحكومة التركية في عهد عدنان مندريس في العام 1957 قامت بتمويل الثورة الجزائرية بالسلاح عبر ليبيا حينما كنت أنت رئيسا لوزراء ليبيا في ذلك الوقت.

مصطفى بن حليم:

تمويلها بالسلاح يعني تمويلها بالسلاح بالضبط، وهذا أنا أعتبرها من أحد نجاحاتنا اللي نفخر بها.

أحمد منصور:

أنت تعتبر أيضا أن العرب قصروا كثيرا في الاتصال بحكومة مندريس بحيث يقوموا بتوثيق العلاقات التركيبة العربية في تلك الفترة؟

مصطفى بن حليم:

سيدي.. أنا قرأت في مجلة.. مجلة (جون أفريك) اللي بيصدرها (بن يحمد) في مقال يقول جزء فيه إن الشرق الأوسط فيه 3 جنسيات وجنسية رابعة فرضت عليه، فيه العرب وفيه الفرس وفيه الأتراك، الثلاثة هادول [هؤلاء] يجمعهم دين واحد وتاريخ واحد، وفرض عليهم جنسية تانية هيه إسرائيل.

أحمد منصور:

اليهود.

مصطفى بن حليم:

وقد نجح الثلاثة في أن تكون علاقاتهم أسوأ علاقات مع بعض، بدل من أن تكون أحسن علاقات، ويواجهوا إسرائيل، هل هذا رد على سؤالك؟

أحمد منصور:

آمل أن يكون ردا عليه، أنتقل إلى نقطة مهمة وهي زيارتك لاجتماعك مع عبد الناصر في 12 أغسطس 1956م، هل ده كان اجتماعك الأخير بعبد الناصر؟

مصطفى بن حليم:

ده كان اجتماعي الأخير اللي من بعد منها صارت أزمة الملحق العسكري.

أحمد منصور:

وساءت العلاقات المصرية الليبية.

مصطفى بن حليم:

ساءت العلاقات، لأن في الوقت اللي احنا كنا نخاطر باستقلالنا، وأنا لا أستعمل كلمات أكثر مما يستوجب الأمر، احنا خاطرنا باستقلالنا، والملك إدريس كان يخشى من أن تحتل بريطانيا ليبيا وتقامر مرة ثانية بعلاقتها مع العرب، وثبتت الوثائق الرسمية إن الملك إدريس كان أبعد نظر مني، لأن هذا ما كان يدور في ذهن الإنجليز، لجنة الحرب، وكانوا محضرين 3 كتائب لحرب شعواء، على أي حال في نفس الوقت، وأنا شرحت لك إن احنا كنا نضعهم في الصورة المصريين وكان أحمد حسن الفقي غائب.

أحمد منصور:

السفير

مصطفى بن حليم

غائب، والملحق العسكري جاني هو والقائم بالأعمال بعدين ابتدا يوزع سلاح.

أحمد منصور:

أنت، تكلمنا عن قصة السلاح، تأثير قصة توزيع السلاح إيه على إساءة العلاقات بين مصر وليبيا؟

مصطفى بن حليم:

ماذا تتوقع من سفارة توزع سلاح على الغوغاء؟

أحمد منصور:

من أجل ضرب الإنجليز.

مصطفى بن حليم:

يا سيدي سبق وأن قلت لك إنا اتفقنا مع الإنجليز اتفاق في صالح العرب 1000% وهو تجميد قواتهم، وتمكيننا من جعل مراقبين داخل القواعد حتى نطمئن.

أحمد منصور:

أنت بتؤكد هنا في شهادتك على أن لم تطلق رصاصة واحدة من الأراضي الليبية، أو تنطلق طائرة لضرب مصر في العدوان البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على مصر في العام 56.

مصطفى بن حليم:

يا سيدي أكثر من شهادة جمال عبد الناصر نفسه وشهادة القائد العام البريطاني لا أستطيع أن أقضيك دليل أكثر من هذا، جمال عبد الناصر شكر ليبيا لأنها منعت القوات البريطانية من أن تهاجم مصر.

أحمد منصور:

طب إذن لماذا استمرت العلاقات المصرية الليبية سيئة في الفترة من أكتوبر 56 وحتى تقديمك لاستقالتك في 26 مايو 57، طوال هذه الفترة لم تسع لإعادة تحسين العلاقات المصرية الليبية، وكانت علاقتك بعبد الناصر جيدة؟

منصور بن حليم:

يا سيدي اكتشفنا في يوم من أواخر أكتوبر 56 مخزن للسلاح يكفي لنسف مدينة طرابلس وخطة لنسف أهم نقاط في مدينة طرابلس.

أحمد منصور:

مين اللي أعد هذه الخطة؟ ومن اللي خزن هذا السلاح؟

مصطفى بن حليم:

الملحق العسكري.

أحمد منصور:

لمصلحة مين كان سيقوم بهذا الأمر؟

مصطفى بن حليم:

والله ما أستطيع أن أرد عنه، الله يرحمه توفى بس مساعده وكان شاب فلسطيني أقر بكل شيء.

أحمد منصور:

ماذا قال؟ كان مؤامرة على الحكومة الليبية؟

مصطفى بن حليم:

طبعا كان مؤامرة، كان مؤامرة لخراب البلد، الرجل أعتقد أنا إنه كان تحت شعور إنه هذه فرصة اللي كان يظهر فيها.

أحمد منصور:

يظهر.. هيعمل انقلاب على حكومة وهو من دولة أخرى؟

مصطفى بن حليم:

ما هو هذا اللي انعمل، وبعدين احنا لما اكتشفنا هذا كله والسفير المصري أحمد حسن الفقي أقر، قال لي صحيح، أكثر من هذا استخرجنا من السفارة المصرية 365 متريليوز.

أحمد منصور:

مدفع رشاش.

مصطفى بن حليم:

مدفع رشاش بعد ما سافر وسلموهم لنا، في الوقت اللي احنا اكتشفنا فيه هذا الاكتشاف في الوقت في نفس الساعة كلمت زوجتي في البيت، قالوا لي في السفارة المصرية رايحة تشجعهم، وتظهر لهم وهذا شعورنا كلنا، كلنا كنا مع مصر، يا أخي كيف تتوقع إن احنا ما نحمي مصر وأنا والدتي موجودة في مصر، إخوتي موجودين في مصر، دمي من مصر، يعني بعض التهم اللي سخيفة بدرجة إنه لا تستاهل الرد وهذه واحدة منهم.

كلمتها وقلت لها: ارجعي للبيت لأن الجماعة اللي إنتي بتواسيهم اكتشفنا إنهم سينسفونا، طلبت السفير المصري، وقلت له: هذا الرجل لا بد أن يخرج، ولك عدة طرق..

أحمد منصور:

الملحق العسكري.

مصطفى بن حليم:

يا إما يأخذ إجازة ويطلع، وإلا يبقى بدون أي حركة داخل السفارة وإلا سأضطر إلى طلب سحبه.

أحمد منصور:

اسمح لي حضرتك، مين اللي كان هنا ينفذ مخطط الانقلاب ده؟ يعني أي سفارة موجودة سفير وملاحق وموظفين دبلوماسيين عندهم سلاح، كان مين اللي هينفذ المخطط؟ مين الجهة المتآمرة المساعدة؟

مصطفى بن حليم:

ذكرت لك في الأول إنه كان فيه تعاون بيننا وبين إدارة الملحق العسكري المصري في تهريب السلاح، ولذلك كان عنده مدخل لهذا السلاح، وكانت السفارة على علاقة بكثير من..

أحمد منصور:

ثبت تورط ليبيين معاهم في مثل هذه المؤامرة التي تتحدث عنها.

مصطفى بن حليم:

لا أذكر، ولكن في الغالب صحيح.

أحمد منصور:

قبضتم على أحد؟ حاكمتم أحد؟

مصطفى بن حليم:

بالعكس وقد تستغرب هذا، بالعكس رغبنا في كتمان الموضوع.

أحمد منصور:

الحكومة المصرية ردها إيه كان على هذا الموضوع؟

مصطفى بن حليم:

جاي لك في الموضوع، فالسفير رغم إنه رجل ممتاز زي ما حكيت لك قال لي: يا فلان ما باستطيع، سفير لا يستطيع، فإذا كان تبغي في إن (إسماعيل صادق) يغادر لا بد أن تكتب لي مذكرة، قلت له: حاضر، حررت مذكرة بيدي.

أحمد منصور:

ماذا قلت فيها بإيجاز؟

مصطفى بن حليم:

مقدمة إن في الوقت اللي ليبيا بتسعى كذا كذا وبتعمل كذا كذا وكل مشاعرها وكل تأييدها لمصر وكذا كذا صار إن اكتشفنا إن الملحق العسكري يقوم بأعمال في غير صالح ليبيا، ولذلك نطلب سحبه بعد ساعتين من وصول هذه المذكرة نشرت في طرابلس، الجزء الأخير، ولم ينشر المقدمة، مع تعليق (مصطفى بن حليم كلب الإنجليز).

أحمد منصور:

يعني وزعت كمنشور؟

مصطفى بن حليم:

وزعوا هم المنشور السفارة لأنه كان عنده علاقة بغوغاء.

أحمد منصور:

رغم إنك أنت باعتها للسفير؟

مصطفى بن حليم:

باعتها للسفير طبعا، وهذا كله.. اتفقنا على إنه جاء في هذه الأثناء برقية مستعجلة من الرئيس جمال عبد الناصر إنه بلغه فقط الآن موضوع الملحق العسكري، ولذلك يرحل فورا إلى مصر..إلى الآن كلام طيب.

أحمد منصور:

أنت كده شعرت بأن ما فعله الملحق العسكري لم يكن لعبد الناصر دخل فيه؟

مصطفى بن حليم:

شعرت بأن فيه شك

أحمد منصور:

لكن أنت كان اعتقادك إن عبد الناصر له دور في المسألة؟

مصطفى بن حليم:

أنا اعتقادي إن مصر يحكمها جمال عبد الناصر البلاد هذه اللي بتحكمها ديكتاتورية فيه واحد يقدر يشترك مع الرئيس في الحكم.. هذا طبعا شعوري يعني مهما يقول الديكتاتور إنه هو ما عنده شيء.. فالكلام ده كلام فارغ فقررنا ارساله مع اثنين من الضباط الليبيين بمنتهى اللياقة وكذا، واحد منهم اللي كان رئيس كان عقيد توفى عبد الله.. نسيت اسمه على أي حال والثاني لا يزال موجود حي، انتهى بأنه كان مستشار للسلطان قابوس، وهو الآن في (جنيف) (يحيى عمرو) كان ملازم أول كان في الحرس الملكي. فأرسلته لأني باعرف أنه من عائلة طيبة وكذا وحتى وكان متعلم في مصر حتى يكون..

هناك النقطة المهمة في اللي صار، في السلوم استقبل من الضباط اللي جاءوا لاستقباله استقبال الأبطال، وذهب للقاهرة، وأتوقع أنا إذا كان جمال عبد الناصر مش راضي عنه أن يحاكم، هذا رجل..

أحمد منصور [مقاطعا]:

تآمر على دولة صديقة وجارة.

مصطفى بن حليم:

لم يحاكم..أنا في الواقع كانت صعبة علي كتير ربما أنا أخطأت لأني بالغت في شعوري، يعني تجد نفسك في وضع، ساعدت بلد بأخطر ما تمتلك، وفي أخطر الظروف، تشعر في نفس الوقت إن أحد أبناءها يطعنك من الخلف، صعبة علي، أنا ما عندي المرونة.

أحمد منصور:

أنت الآن اللي تبنيت الموقف الغاضب من مصر بسبب ما خطط له الملحق العسكري المصري؟

مصطفى بن حليم:

طبعا..

أحمد منصور:

لم يصلك من عبد الناصر أي شكل من أشكال التعليق أو شكل من أشكال توضيح الموقف بعد ذلك؟

مصطفى بن حليم:

جمال عبد الناصر أرسل رسالة للملك إدريس يعتذر فيها عن كل شيء.

أحمد منصور:

عما حدث.. ألم تكن هذه كافية؟

مصطفى بن حليم:

فيه فرق بين أن تعتذر عن شيء وأن تعامل المجرم معاملة طيبة.

أحمد منصور:

طيب احكي لنا ما الذي حدث بعد ذلك؟ وما الذي ثبت لك من وراء هذا؟

مصطفى بن حليم:

وبعدين السفير المصري حاول عدة مرات، والحق أنا يعني كانت صعبة عليه كثير جدا، إنه البلد اللي أنا مؤتمن له واللي متعاون معها يطعنا الطعنة دي يعني وقفت موقف ما هو معادي، ولكن موقف محايد شوية، وحاولنا أن نقوي موقفنا العربي، طبعا كان موقفنا العربي 50% أو 60% منه عن طريق مصر، فحاولنا أن نقوي موقفنا العربي بتوجهات عربية ثانية.

أحمد منصور:

مين اللي ثبت إنه كان وراء المحاولة دي؟

مصطفى بن حليم:

أي محاولة؟

أحمد منصور:

محاولة قلقلة الوضع في ليبيا عبر الملحق العسكري.

مصطفى بن حليم:

فيما بعد علمت –بس بعد إيه- بعد ما خرجت من الحكم المخابرات المصرية وعبد الحكم عامر.

أحمد منصور:

إيه مصلحة عبد الحكيم عامر في هذا الموضوع؟

مصطفى بن حليم:

والله اسأله هو..يعني المخابرات المصرية كان لها أعمال يعني.

أحمد منصور:

تفتكر هذا حدث دون موافقة عبد الناصر ودون علمه؟

مصطفى بن حليم:

جمال عبد الناصر.. خليني أكمل لك وربما تجد فيها الرد على سؤالك؟

أحمد منصور:

لا أنا عايز رد مباشر على سؤالي وبعدين.

مصطفى بن حليم:

الرد هايجيلك أنا طبعا بعد ما خرجت من الحكم جريدة الأهرام المصرية نشرت ثلاثة أيام من الطعن ومن البذاءة.

أحمد منصور:

خرجت من الحكم في 26 مايو 57.

مصطفى بن حليم:

بعد منها بكام يوم أنا بدون موعد أنا خارج من البيت مع زوجتي والأولاد شوية باشوف عبد الخالق حسونة.. مرحبا أهلا وسهلا دخلنا جوه، عبد الخالق حسونة باعرفه وباحترمه كثير وهو رجل الله يرحمه لا يضر وينفع قليل يعني دبلوماسي.. مرحبا يا باشا أهلا وسهلا قال لي: والله أنا الرئيس جمال لما عرف إن أنا مسافر إلى ليبيا استدعاني، وقال لي تذهب للأخ مصطفى، وتعتذر له على كل ما صار وإني آسف على كل ما صار.

أحمد منصور:

تفتكر تاريخ إمتى مقابلتك مع عبد الخالق حسونة؟

مصطفى بن حليم:

بعد استقالتي بكم يوم.

أحمد منصور:

آه بعد الاستقالة.

مصطفى بن حليم:

باقول لك أنا طالع بره –بدي- كان يوم جمعة، وكنت لا زلت في بيت رئيس الحكومة لأن كنت بصلح بيت حتى أنقل فيه وما كانش تم طبعا الملك قدم..فقلت له يا باشا قلت له بالإنجليزي I Wish I can believe him كم أتمنى لو أصدقه على أي حال ما تقوله الكلمة دي.

أحمد منصور:

إلى هذه الدرجة؟

مصطفى بن حليم:

أنا باقول لك اللي صار، وأنا لا أخجل مما عملت، قلت له أنا كل ما بدي أقولك تقوله له مثل مصري مشهور (تشتمني في زفة وتعتذر لي في عطفة) طبعا المخابرات المصرية نشرت 3 أيام هذي بكل التهم البذيئة.

أحمد منصور:

ماذا قالوا عنك؟

مصطفى بن حليم:

من ضمنها إن الملك إدريس اكتشف إني بتآمر على مصر وطردني، عمر ما الديوان الملكي الملك إدريس يصدر بيان من الديوان يكذب صحيفة إلا يومها.

أحمد منصور:

الأهرام.. هذا الذي جعلك تدخل في قضايا بعد ذلك مع الأهرام، ودخلت معهم في.. ؟

مصطفى بن حليم:

لما نشرت الأهرام ما نشرت، كان رد فعلي في منتهى البساطة ومنتهى الحكمة، كان أخي محمود مقيم في مصر قلت له: يا محمود ابحث لي عن محامي جدير بأن يقف أمام الأهرام فاختار الأستاذ مصطفى مرعي، مصطفى مرعي طلب أن أقدم له الدوسيه كامل، بعد ما اطلع عليه، قال له أنا أود أن أقابل أخاك، وبالفعل تقابلنا في (ميونخ) تعرفت عليه، وكانت صداقة من أجمل الصداقات، مصطفى مرعي..

أحمد منصور:

أنت بتصادق الناس كلها اللي بتلقاهم.

مصطفى بن حليم:

يعني مصطفى مرعي كرجل محامي ووزير ووطني من الطراز الأول.

أحمد منصور:

بشكل عام عندك قدرة كبيرة يعني، على بناء صداقات سريعة مع الناس؟

مصطفى بن حليم:

والله، أنا بابدأ دائما بالصداقة إلى أن يثبت غيرها، على أي حال، قال لي بس أنا مستعد أن أقوم بالقضية هذه، وبسبب إني اطلعت على الدوسيه ووجدت أنك ساعدت بلدي مساعدة كبرى ومن في الحكم اليوم ووصفهم بصفات لا داعي لذكرها لم يجازوك إلا جزاء (سنمار).

أحمد منصور:

كان سنة كام هذا؟

مصطفى بن حليم:

هذا كان سنة 57.

أحمد منصور:

كنت وقتها مستشار للملك بدرجة رئيس وزراء، واخترت لكي تكون سفير لليبيا في فرنسا.

مصطفى بن حليم:

بعدين بعدين، قال لي هو شرطي الوحيد هو أن لا أتناول أي أتعاب منك، هو ده شرط معقول، لأن أنا أشعر بأن أنا رد الجميل بعثت كل الأوراق ورفع القضية على الأهرام وإذ برئاسة الأهرام تتبدل ويجيء فيها محمد حسنين هيكل، ومحمد حسنين هيكل له علاقة بمصطفى مرعي، لأنه مصطفى مرعي أنقذه من فاروق لما كان نشر كتاب عن كذا كذا أفتكر عن الثورة الإيرانية، القصر بدأ يحاول أن.. فأبوه راح لمصطفى مرعي، لما القصر سمع إن مصطفى مرعي هو المحامي تركه..

على أي حال محمد حسنين هيكل سأله صاحبك بده أديش قال له صاحبي، ما بده إلا حاجة واحدة، تكذبوا ما ثبت لكم إنه كذب، هذا اللي صار، شاورني قال لي يا فلان أنا أضمن لك 100% أن يصدر لك حكم كامل، ولكن ما أضمن لك إنه ينفذ هذا الحكم، وبعدين أمامك هذا الاعتذار من الأهرام ما هو غرضك؟ قلت له أنا ما غرضي إلا أن تعتذر، وأن تكذب ما نشرت هذا اللي صار.

أحمد منصور:

أنت الآن متهم في هذه الفترة بأنك أسأت للعلاقات المصرية الليبية، ولم تترك الوزارة إلا والعلاقات المصرية الليبية سيئة جدا.

مصطفى بن حليم:

والله هو في الواقع العلاقات الليبية المصرية كانت سيئة، ولكن أنا الضحية ولست أنا المسيء، اللي أساء العلاقات الليبية المصرية هم بعض رجال الحكومة المصرية، إما أن يكون هو عامر أو جمال عبد الناصر هذا علمه عند الله، في الغالب عامر.

أحمد منصور:

لو طلبت منك من خلال معرفتك الوثيقة بجمال عبد الناصر في تلك المرحلة وأكيد يعني كنت تراقب الأمور فيما بعد أن تقيم شخصية عبد الناصر، وتدلي بشهادة تاريخية عنه.

مصطفى بن حليم:

لا شك إنه جمال عبد الناصر كان عنده نية طيبة، نوايا طيبة وأنه جاء في فترة كانت في مصر ما فيها عدالة اجتماعية، يعني كان فيها عدد قليل من الناس يمتلكوا أراضي مصر، كان فيه جوع للحرية، جوع للإنصاف، وأول عهد ولو أنه تطرف كان ممكن أن يعملوا بطريقة تانية، ولكن رجل عسكري وثقافته الاقتصادية قليلة شوية، فبنية طيبة عمل بعض الإصلاحات اللي كانت قاسية شوية، يبدو وكانت علاقتي به يعني تفاهم، ولكن..

أحمد منصور:

لم تطال أملاكك التأميم الذي أعلن عبد الناصر؟

مصطفى بن حليم:

لا لا.

أحمد منصور:

هل تحاشى أن يؤمم أملاكك يعني؟

مصطفى بن حليم:

ما كان عندي إلا ها العمارة هادي وما أممش عمارات.

أحمد منصور:

فقط دي كلها كانت أملاكك في مصر؟

مصطفى بن حليم:

دي كل ما كنت أمتلك في مصر، بس هو يبدو لي أنا وهذا التحليل شخصي أنه بعض الأخطاء اللي قام بيها كانت نتيجة محاولة المزايدة على الإخوان المسلمين وعلى الوفد.

أحمد منصور:

كيف؟

مصطفى بن حليم:

هاقول لك، حادث أنا باستقرئ حاجات فجائية باستقرئ منها حاجات كتيرة أعتقد في أوائل سنة 56 للتاريخ طبعا.. كان نشر مشروع الدستور، وإحنا دايما لما نجتمع أول مرة كام نكتة وكذا تعرف نقول.. وبعدين بيقول لي: يا مصطفى شفت الدستور الجديد اللي أنا عملته قلت له: والله شفته وأنا حتى أغمز من قناته قلت له: بس يا ريس يا جمال كترت الشروط، قال: يعني إيه؟ قلت له يعني خليت الشروط اللي لازم تتوفر في رئيس الجمهورية يعني كترتها، كان ناقص عليك تحط يعني إن اسمه لازم يبقى بـ ج. ع، قام ضحك، في نص الضحكة وقف قال يعني بدك أنا أتركها سبهللة عشان ياخدها مني النحاس، أنا ضربت في رأسي، معنى ذلك إنه إلى سنة 56 كان يشعر بأن سنده الوحيد هو الجيش، ولذلك بعض الخطب اللي ألقاها جمال وبعض التهجمات اللي عملها على الدول الغربية وعلى الدول الشرقية وعلى إنه كانت رغبة إنه ينشئ لنفسه نوع من الشعبية من كدبه وكان هو عنده كاريزما، ولكن مع الأسف لم يستعمل السياسة طويلة المدى، الكاريزما كويسة بشرط أنك لا تهدم حاجات أساسية هذه مسألة، الناحية الثانية: كان يستخف بالآراء المدروسة، شوف صعب أنك تقول إنه أخطأ 100% وصعب أنك تقول إنه أصاب 100%، لا شك إنه عمل حاجات طيبة جدا.

أحمد منصور:

إيه الحاجات الطيبة في تصورك؟

مصطفى بن حليم:

إنه رفع اسم مصر، إنه تخلص من البريطانيين، طبعا ساعدوه الأمريكان، إنه عمل نوع من العدالة الاجتماعية..

أحمد منصور:

ساعدوه الأمريكان، ده هو كان بيشتم في الأمريكان دايما.

مصطفى بن حليم:

على بابا؟!!، جزء من اتفاقية الجلاء كتبت في بيت (كافري) السفير الأمريكي في أول عهد عبد الناصر كان على علاقة طيبة جدا بالأمريكان بعدين اختلف ما فيه في السياسة يا أخ أحمد حاجة دائمة، ما فيه صداقات دايمة، ساعدوه فيها على أي حال.

أحمد منصور:

لا وضح لنا طبيعة علاقته بالأمريكان، وأنت برضه كان علاقتك بالأمريكان جيدة.

مصطفى بن حليم:

وأنا حكيت له كتير، وهو شجعني على الاتفاق مع الأمريكان، ذكرت لك أنا فيما مضى، بعدين اختلف الوضع بينهم.

أحمد منصور:

أسباب اختلافه إيه؟

مصطفى بن حليم:

لا شك إنه فيه جزء كبير من غطرسة الأمريكان ما فيه شك، أنا مرة من المرات هذيي من كام شهر.. سنة باحكي مع أمريكي كبير قلت له انتو سياستكم..

أحمد منصور :

مين؟ كان مين؟

مصطفى بن حليم:

لأن الأوضاع الجديدة غير الأوضاع القديمة.

أحمد منصور:

لا زال في السلطة يعني؟

مصطفى بن حليم:

واحد أمريكاني كبير قلت له أنتم سياستكم..

أحمد منصور:

حضرتك قول لنا مين.. شهادة للتاريخ.

مصطفى بن حليم:

لا أعتقد دي لا أهمية لها في التاريخ، قلت له إنتو سياستكو عبارة عن مزيج من الـ Ignorance والـArrogance من الجهل والعنجهية، وأستغرب إنه قال لي ربما أقول لك إن عندك حق، يعني (دالاس) كان عنيف معاه.

أحمد منصور:

جان فوستر دالاس.

مصطفى بن حليم:

جان فوستر دالاس، وهو كان رده عنيف كمان معاهم، وبعدين تطرف الموضوع إلى إنه رضخ لهم في حاجات كثير، مثلا..

أحمد منصور [مقاطعا]:

آه رضخ في إيه؟.

مصطفى بن حليم:

أقول لك رضخ في إيه، خطب خطاب سنة 64 قال فيه: إن سبب عدم معالجتنا للأمر مع إسرائيل على تحويل المياه إن فيه قواعد أمريكية في ليبيا، فقامت القيامة في ليبيا مظاهرات وغير ذلك، والوزارة –وزارة محمود المنتصر– كانت أيامها الوزارة التانية اتصلت بالأمريكان، وقالت لهم لا بد أن تخرجو وكده، الملك زعل (غضب) ما حد شاوره، وجد إنه يعني رئيس دولة ثانية يخطب خطاب يقيم القيامة.

أحمد منصور:

كان بيخطب خطابات تؤدي إلى انقلابات في دول زي العراق مثلا.

مصطفى بن حليم:

هذا ما رأى فيها طبعا هو سياسته العربية أقولك سياسته العربية، هو عروبي 100% بشرط أن تكون مصر هي القائدة، ويكون هو قائد مصر.

أحمد منصور:

له الحق؟

مصطفى بن حليم:

مصر لها الحق، لكن هو مالوش الحق.

أحمد منصور:

ليه؟

مصطفى بن حليم:

لأنه شخص والشخص هذا..

أحمد منصور:

بيقود بلد.

مصطفى بن حليم:

بيقود بلد، كان هو حاكم البلد الوحيد.

أحمد منصور:

يعني كان ديكتاتور؟

مصطفى بن حليم:

بعدين خلينا نرجع بس للموضوع الأولاني وإلا حننساه، وهذه قالها لي وكيل وزارة الخارجية الأمريكية.

أحمد منصور:

مين؟

مصطفى بن حليم:

بعدين هلا [الآن] اتذكر اسمه، المسألة من 40 سنة.

أحمد منصور:

أنا أعرف أنا أعرف أني أشق عليك كثيرا.

مصطفى بن حليم:

لا لا بس الذاكرة تجيني بقول لك على اسمه قال لي: دخل على الرئيس (جونسون) وأنا جونسون التقيت بيه مرة لما كان Majority leader رئيس الأغلبية في المجلس، لاقيته في اجتماع خاص عند بعض أصدقائه في (هيوستن) ولم –يعني- ما شعرت بأن هذا الرجل ممكن أن يقود العالم، ولا يقود بلده حتى رجل كاوبوي Cow boy دخل عليه وكيل الوزارة ليوقع على قمح وكذا لمصر وكان جمال عبد الناصر خاطب خطابه المشهور يشربوا من البحر الأحمر إذا كان..الإخوة وصلوا قطعة مما نشر في الجريدة، حطوها قدام الرئيس، الرئيس قرأها دخل عليه الوكيل بعد منها بده يوقع له.

أحمد منصور:

على قمح لمصر.

مصطفى بن حليم:

قال له: اطلع من هنا I Will Sign When Hell Freezes سأوقع عليها عندما تثلج في جهنم، هذا تعبير أمريكي معناها المستحيل، ثم أرسل لجمال عبد الناصر السفارة قالت له: إنه لا يمكن أنك تتوقع إنه نساعدك وأنت قاعد بتخرب علينا سياستنا كان حسين مازج..

أحمد منصور :

سأعود إلى حكومة حسين مازج.

مصطفى بن حليم:

لا استناني بس خليني أقول النقطة هذه لأنها كتير مهمة، هذه قالها حسين مازج في محكمة الشعب، كان عنده جراءة ورجولة أن يقولها هناك.

أحمد منصور:

الحلقة القادمة أسمعها منك، سأكمل معك هذا الجانب، وأبدأ باستكمال شخصية..

مصطفى بن حليم:

هذه نقطة كتير مهمة أخ أحمد.

أحمد منصور:

نبدأ بالمهم في الحلقة القادمة، وأشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.

في الحلقات القادمة –إن شاء الله- نواصل الاستماع إلى شهادة السيد (مصطفى أحمد بن حليم) رئيس وزراء ليبيا الأسبق.

وفي الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر : الجزيرة