ثورة الضباط الأحرار كما يراها حسين الشافعي ح4
مقدم الحلقة: | أحمد منصـور |
ضيف الحلقة: | حسين الشافعي: نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق |
تاريخ الحلقة: | 16/10/1999 |
أحمد منصور:
السلام عليكم،ورحمة الله،وبركاته،وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج(شاهد على العصر)حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق في(مصر)،مرحبًا سعادة النائب.
حسين الشافعي:
أهلاً.
أحمد منصور:
توقفنا في الحلقة الماضية عند محاولات إجهاض تحرك الجيش ليلة(23 يوليو 1952م)وكنت أنت القائد المسئول عن تحرك سلاح المدرعات،الذي كان عليه العبء الأكبر في الاستيلاء على ثكنات الجيش الأخرى،والتهيئة لقيام انقلاب،أو ثورة(23 يوليو)،قبيل تحرككم بحوالي 40 أو 45 دقيقة،كشفت المحاولة،وكانت هناك مساعٍ لإجهاض الحركة،كيف تصرفتم إزاء هذه المساعي؟
حسين الشافعي:
هو في الحقيقة،بعد أن قلت عن العربة السوداء التي كانت آتية خلفنا،وانقطاع التيار الكهربائي،وطلب كتيبة الطوارئ مرتين،مرة الساعة(11.05)،ومرة الساعة (11.10)ثم عندما جاء الخبر بأن قائد اللواء المدرع الأميرالاي(حسن حشمت)برتبة الرائد في هذا الوقت-وكان قائد اللواء المدرع-أنه دخل بعربته المدنية متجاوزًا التعليمات والحصار المفروض،والتعليمات بأنه لا أحد برتبة تفوق البكباشي(المقدم)أن يدخل القشلاق(المعسكر)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذه كانت أعلى رتبة للضباط المشتركين في الثورة؟
حسين الشافعي:
فهو بنفوذه،وباسمه،وبوضعه،اقتحم،ومشي إلى أن أوقفه أحد الضباط المرتبطين بالثورة،وهو(حسن الدمنهوري)،أنا في هذه اللحظة أبلغوني أن(حسن حشمت)دخل السلاح،تجمعت كل هذه الاعتبارات في ساعتها،أنا قلت الثورة كشفت،وبدلاً من أن يثبط هذا الأمر من عزمي،بالعكس جعلني أكثر تصميمًا على التصدي للموقف بأن أخذت المدفع الذي كان بيدي،وجريت على قدميّ،كي أقابل(حسن حشمت)قبل أن يدخل مكتبه،ويستخدم نفوذه،ويعمل اتصالاته.
عندما وصلت-مِن فضل الله-وجدت الضباط المرتبطين بي قد أوقفوه،وأخذوا عربته،ووضعوها جانبًا،ووجدته-عندما وصلت-في نصف المسافة في دائرة من الجنود شاهري السلاح،والسناكي جاهزة،وهو في وسط الدائرة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
محاصرًا؟
حسين الشافعي:
محاصر..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ومعزولاً بدون سلاح؟
حسين الشافعي:
لقد كان قومنداني(قائدي)أول تخرجي من الكلية،وكنت أُكنُّ له احترامًا وتقديرًا كثيرًا جدًّا،لأنه في أول خدمته كان مثلاً من أمثلة الشهامة والشجاعة،وبعد ذلك أُخذ،واستغرب جدًّا عندما رآني موجودًا في التنظيم،فأول ما رآني قال:أنت أيضًا معهم؟!فآخر شيء كان يتوقعه،وخصوصًا أني في انتخابات الضباط،في عملية الانتخابات في النادي،والتي كنت مرشحًا فيها من سلاح الفرسان،وهو كان يرشح نفسه أيضًا،فأنا انسحبت قبل الانتخابات بيوم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
له أم هو تكتيك؟
حسين الشافعي:
تستطيع أن تقول:أنه تقدير إلهي أكبر من أي اعتبار،وظهرت فائدته..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما هي فائدته الأساسية؟
حسين الشافعي:
فائدته أن(حسن حشمت)حملها لي جميلاً كبيرًا جدًّا،ساعدني أن أتحرك بكل حرية في داخل السلاح إلى أن تم قيام الثورة،الأمر الثاني:أن اسمي ظل غير معروف إلى آخر لحظة،وهذا ما جعل(جمال عبد الناصر)يلجا إلى أن يكلفني في حالة إذا قبض عليهم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
تواصل..؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
أقوم بمسئولية الثورة،هذان الأمران،فعندما رآني قال:أنت أيضًا معهم،فأنا لم أجب،ثم تقمصه روح القائد الموضوع في مثل هذا الوضع،وقال لي:كيف تسمح للعساكر أن ترفع السلاح في وجه قائد اللواء؟أنا هنا قائد اللواء؟!هنا يتحدث الإنسان عن السكينة التي سبق أن تحدثنا عنها؛فالسكينة كانت لو وزعت على أهل مصر لتبقى منها فائض أيضًا،ثم قلت له:على كل حال،احمد الله أنني أتيت في الوقت المناسب؛وإلا كانوا ذبحوك،فقال لي:أنتم ستضيعون البلد،وأنتم تلعبون بالنار،قلت:على كل حال،هذا ليس أسوأ مما هي فيه الآن.
وهذا هو المحك الرئيسي الذي تصل الأمور إليه،وهو أن يصبح الموت أهون منها،وبعد ذلك قال لي:أنت تفعل بي هذا،وأنا الذي ربيتك في(برنج أورطه)؟..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ماذا تعني(برنج أورطه)؟
حسين الشافعي:
هذه الأسماء التركية التي كانت قبل أن تتغير إلى الأسماء العربية؛فبرنج أورطه تعني الكتيبة الأولى،فقلت له:والله لو أن أبي في نفس الموقع،وفي نفس الظرف،لما تصرفت معه إلا كما أتصرف معك،تفضل معي،ولكن مازالت روح القيادة موجودة فيه،فقال لي:إذن أركب عربتي؟!فقلت له:لا يوجد مانع،ولكنْ في هذه اللحظة جاء الأخ الزميل(ثروت عكاشة)،وأنقذ الموقف،وجاء بعربة(جيب)،وحسم الموقف بأن ركبت العربة الجيب،وأركبت(حسن حشمت) بجانبي،وقدت الجيب،ومعنا الأخ(ثروت عكاشة)إلى أن وصلت إلى مكتبي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل كان لديكم مخاوف من انكشاف الثورة إلى هذه اللحظة؟أم أنك اطمأننت بعد هذا الموقف؟
حسين الشافعي:
لا،أنا بعد هذا اطمأننت،وأخذته عندي في المكتب،فهو-طبعًا-قائد اللواء،فكيف يجلس في مكتب قائد الكتيبة؟!كتيبة سيارات مدرعة،فقال لي:اسمع-يا(حسين)-أنا هنا لي مكتبي،فقلت له:على كل حال،المكتب هنا فيه كل ما تريد،تشرب قهوة،أو شايًا،هناك سرير لترتاح،نهايته،فدخل وجلس،وبعد قليل أركان حربه وكان مساعده(سعد الدين مأمون)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الذي أصبح محافظًا بعد ذلك؟
حسين الشافعي:
الذي كان في حرب 1973م قائدًا لأحد الجيوش،فجاء(سعد مأمون)،وكان في ذلك الوقت برتبة رائد(صاغ يعني)،فجاء ووجدني..أنا كنت وزعت كل القوات؛فأصبحت قائدًا بلا جنود،وجلس معي ضابط آخر،فقال لي:مساء الخير يا أفندم،فقلت له:مساء الخير يا(سعد)،فقال سيادة اللواء موجود؟فقلت له:نعم،فقال لي:هل أستطيع أن أكلمه؟فقلت له:لا،فقال لي:سيادة اللواء هنا،ولا أستطيع أن أكلمه؟!قلت له:نعم-أنا فاضي-ولكن تستطيع انتظاره في حجرة قائد ثاني الكتيبة،قال لي:كيف أكون في الحجرة المجاورة له،ولا أستطيع أن أكلمه؟قلت له :نعم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ألم يحس(سعد مأمون)أن الوضع غير طبيعي؟
حسين الشافعي:
طبعًا أحس بأن هناك شيئا،في رئاسة الأركان استبطئوا(حسن حشمت)الذي سيخبرهم،فأرسلوا من يسأل عنه،وهو مدير المكتب،وكان(قائم مقام)(عبد العزيز فتحي)فجاء(عبد العزيز فتحي)وهذا كان مدرسًا لنا في المدرسة الحربية،وكان لسانه يتجاوز الحدود أحيانًا،فعندما رآني قال لي:ما الذي(تهببوه)تفعلونه هذا؟فقلت له:ألن تكف عن طريقتك التي كانت في المدرسة الحربية هذه؟!تفضل بالانتظار في هذه الحجرة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل كان مسلحا؟
حسين الشافعي:
لا،فدخل كيف يدخل سلاح الفرسان مسلحا،ماذا سيفعل بالسلاح فيه،ثم دخل المكتب مع(سعد الدين مأمون)وجلس إلى أن جاء المسئول عن تجميع حصاد الوحدات المختلفة كلها،فجاء(أحمد أنور)وكان يمسك البوليس الحربي في ذلك الوقت،فسلمته الثلاثة(حسن حشمت)(وسعد الدين مأمون)و(عبد العزيز فتحي).
أحمد منصور:
أنتم في هذا الوضع كل من فوق رتبة البكباشي لم يساهم في الثورة،إلا اللواء (نجيب)فقط،هناك رتب كثيرة أقل من البكباشي،مثل(سعد مأمون)مثلاً،لماذا لم تشركوه معكم؟
حسين الشافعي:
لأن عملية الثورة كانت عملية ظروف،واطمئنان..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وقادة ميدانيين؟
حسين الشافعي:
ظروف المعاشرة،وأن يكون قريبًا منك،بعد ذلك أن تكون مطمئنًّا،لأن هذه مسئولية،وفي مجال المسئولية أقول لك:كان معي واحد في نفس الكتيبة التي كنت فيها،وكان قائد ثاني الكتيبة،وكان برتبة الرائد-في ذلك الوقت الصاغ-،وأنا كنت أحبه،وأعتز به كثيرًا،لكن لأن والدته كانت رئيسة لجنة النساء في حزب (الوفد)،طبعًا أصبحت حذرًا من إبلاغه بهذه العملية،أو إشراكه.
أحمد منصور:
أي أنت ترى جانب السرية المطلقة والثقة؟
حسين الشافعي:
المطلقة نعم،والثقة،وبعد ذلك بلغتني قصة أن له أخًا اسمه(مصطفى)أصغر منه في أساس الفرسان الخاص بالمستجدين،فوجدتهم يقولون لي إن واحدًا من ضباط الشرطة-لأن بيته كان أمام كلية الشرطة،وهو كان من المنفتحين الذين يحبون المرح والمزاح-فوجدته-ضابطًا من الشرطة-يقول له:هل تنوون عمل انقلاب؟،فقال له:نعم سنفعل،ونفعل..كلام..
فأنا عندما بلغتني هذه الرواية انزعجت،فكيف يقول لضابط الشرطة مثل هذا،فقلت لأخيه(سعد)أن يرتب لي لقاء مع(مصطفى)وفعلاً ذهبت إلى البيت،وهو أمام كلية الشرطة في العباسية،وقلت له ما أساس هذه القصة؟فقال لي:هذا كله مزاح،ولا أساس له،فإلى هذا الحد كان الخوف والحرص من أي شخص بالنسبة لأي شيء يتسرب،لكن الظريف أن هذا الشخص قال:إن هذا هو اليوم الذي يتمناه-أن تقوم ثورة.
وبعد أن وصلت كل القوات لواجباتها،وجدت عددا كبيرًا من السيارات تضيء أنوارها،وتتقدم في اتجاهي،وليس لي بهم علم،ووجدته ومعه 150 جنديًّا من المستجدين مسلحين بالذخائر،ويقول لي:تمام يا أفندم،نحن تحت أمرك،إذا كان الأمر يتطلب أي شيء،طبعًا هذه مواقف لا ينساها الإنسان لأصحابها ولا ينساها بالنسبة لهذه الظروف.
أحمد منصور:
قضيت ليلة 23 في الكتيبة إلى أين تحركت بعد ذلك؟
حسين الشافعي:
بعد ذلك في الساعة 1.30 سمعت طلقًا ناريًّا في القيادة العامة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذه الطلقات التي أطلقها(يوسف منصور سلطان)على بعض الذين قاوموا؟
حسين الشافعي:
نعم سمعتها،يمكن بعد 1.30 يمكن قبلاً،لكن بعد أن انتهيت من كل الواجبات والالتزامات،بعدها جاء ضابط ليس من الضباط الأحرار،ولا داعي لذكر اسمه وجاء-كما لو كان مشككا في العملية-ورفع صوته،وقال:ما الذي تفعلونه هذا؟ ولحساب مَنْ؟..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما رتبته؟
حسين الشافعي:
رتبته(يوزباشي)في هذا الوقت(نقيب)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
يقول لك أنت هذا في الكتيبة؟
حسين الشافعي:
نعم،يقول هذا الكلام في مقر الكتيبة،وطبعًا أي كلمة مثل هذه من الممكن أن تعمل اهتزازًا في مشاعر الناس،أو في حساباتها..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هل هو في موقع سلطة-الآن-ولا تريد أن تقول اسمه؟
حسين الشافعي:
لا توفي،إنما في وقتها اضطررت أن أتعامل معه بشدة،وفتحت مخزنًا للمستهلكات وقلت لهم:احبسوه حتى الصباح،وبقى في الحبس،حتى جاء اثنان إليَّ-صباحًا- وقالوا لي:هل نفتح المخزن؟قلت لهم:افتحوه،أي أن تأمين الثورة كانت عملية في منتهى الدقة.
أحمد منصور:
متى تبين لكم بالتأكيد أن الحركة العسكرية قد نجحت؟
حسين الشافعي:
طبعًا بعد أن استولينا على القيادة،وتيسرت الاتصالات،والناس أي الشعب التف التفافًا-لا يمكن تصوره-ترحيبًا بهذا الحدث الذي كان غير ممكن أن يتصوره فطبعًا أعطانا الأمان والاطمئنان من أوسع نطاق شعبيًّا،وفي داخل القوات المسلحة،وطبعًا هذا انعكس على الطرف الآخر،وجعله-بسرعة-يقبل الشروط ويمضي على التنازل،و يبارح الأرض المصرية في الميعاد الذي حدده مجلس الثورة.
أحمد منصور:
قبل أن نذهب إلى 26 يوليو وهو تاريخ إخراج الملك من مصر حيث كان يقيم في الإسكندرية،هناك تشكيك في أدوار ثلاثة أشخاص،(أنور السادات)ذهب متعمدًا إلى السينما،رغم استدعائه من قبل الضباط الأحرار،وإبلاغه بموعد الثورة باعتباره ضابط إشارة،ليقوم بمهمتين أساسيتين المهمة الأولى التي أشرت إليها قبل ذلك،وهي قطع التليفونات،والمهمة الثانية:التعامل مع الإذاعة باعتباره ضابط إشارة.
الشخصان الآخران هما(عبد الحكيم عامر)و(جمال عبد الناصر)حيث ذكر الرئيس(نجيب)في مذكراته أنهما شوهدا بملابسهما المدنية في منطقة(القبة)أثناء التحركات التي كان يقوم بها الضباط،وأن ملابسهما العسكرية كانا يحتفظان بها في السيارة.
كلكم-الآن-الضباط المسؤولون عن التنفيذ في مواقع خطرة للغاية والثلاثة كانوا في مواقع،حتى إن الرئيس(السادات)قيل أنه افتعل مشاجرة في السينما،وسجلها في قسم البوليس حتى إذا كان هناك شكل من أشكال الفشل يستطيعون أن يأمنوا أنفسهم.
حسين الشافعي:
بالنسبة(لأنور السادات)هذا أمر مفهوم لطبيعته وتكوينه،والماضي الذي مرَّ به والسجون التي تخرج منها،سواء في عملية التجسس لحساب الألمان في(الذهبية)التي ذهب يصلح فيها جهاز استقبال،وكان الإنجليز وراءه بالمرصاد في الذهبية التي تمتلكها الراقصة(حكمت فهمي)وهذه حادثة معروفة،ودخل بسببها السجن وقضى عقوبة،والعملية الثانية مقتل(أمين عثمان)كل الاعتبارات هذه قد تكون وراء محاولة تغطية موقفه بالنسبة للمشاركة في الثورة،وأنه عمل محضرًا بحادثة معينة،كي يثبت أنه-في هذا الوقت-لم يكن موجودًا مع الثوار،لكن الأدوار التي قام بها أدوار تدعو إلى التساؤل..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا لا أتحدث عن أدواره،اسمح لي سعادتك أن أبقى في إطار الموقف،وهذه الحادثة،كثيرون اعتبروا هذا التصرف من السادات ذكاءً.
حسين الشافعي:
ممكن،لكن الإيمان الحقيقي أن يعرض الفرد نفسه للمخاطرة،إنما أن يترك غيره يعرض نفسه للمخاطرة،ويأتي هو ليستغل الوضع،ليس هذا هو الوضع النضالي الحقيقي.
أحمد منصور:
ماذا عن(عبد الحكيم عامر)و(جمال عبد الناصر)؟
حسين الشافعي:
(عبد الحكيم عامر)و(جمال عبد الناصر)أسماؤهما كانت معروفة،وتم التحقيق معهم قبل هذا،وارتباطنا(بجمال عبد الناصر)ارتباط شخصيات كبيرة جدًّا،ارتبطت(بجمال عبد الناصر)لثقة فيه،كونه يرتدي مدنيًّا أو عسكريًّا،هذا لا يغير من الأمر شيئًا
أحمد منصور:
(يوسف منصور صديق)يعتبر أحد الأبطال الذين تحملوا على عاتقهم عبء التنفيذ،وهو الذي استولى على قيادة الجيش،ومع ذلك لقي نكرانًا شديدًا من رجال الثورة بعد ذلك،ماذا تعرف عن دور(يوسف منصور صديق)ليلة 23 يوليو؟
حسين الشافعي:
والله،دور(يوسف منصور صديق)دور بطولة بكل المعاني،لكن هو تم إبرازه بأكثر مما يستحق،وخصوصًا من العناصر الشيوعية التي كانت تريد أن يظهر أن الشيوعيين هم القائمون بالثورة،وأنهم هم الذين كانوا يطبعون المنشورات على مسئوليتهم،كل هذا لإبراز دور الشيوعيين،وليس لإبراز دور(يوسف منصور)،كون أنه بطل،هذا لا يحتاج جدالاً،إنما كون أن هذا الدور هو الذي أنقذ الثورة لا،لأنه عندما ذهب إلى إدارة الجيش(رئاسة الجيش)كانت القوات المدرعة تؤمن المبنى قبل أن يصل.
أحمد منصور:
في 26 يوليو،كلفت أنت بالهجوم على قصر..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
رأس التين.
أحمد منصور:
(رأس التين)في(الإسكندرية)على اعتبار أن الملك كان موجودًا في هذا القصر،من يوم 23 إلى يوم 26،حدثت تغيُّرات كثيرة-كما سألنا من قبل-هل كان في مخطط الضباط أن يكون هذا انقلابًا،أو ثورة شاملة يتم تغيير نظام الحكم فيها؟ فأنت قلت:إن الخطوة الأولى كانت الاستيلاء على المناطق العسكرية،ثم جاءت الخطوات الأخرى تباعًا،ما الذي شجع على عملية طرد الملك ولم تكن في الحسبان قبل ذلك؟
حسين الشافعي:
أولاً:طرد الملك كان مفروضًا أن يكون أول إجراء تأميني بالنسبة للثورة،لأننا تعلمنا من ثورة(عرابي)أن وجود بؤرة الخيانة في البلد ساعدت على تجمع الانتهازيين،والذين يريدون أن يصطادوا في المياه العكرة،ويصلوا إلى السلطة،فهذا كان أمرًا مسلمًا به كليةً،الأسلوب والطريقة والوسيلة،أنا من أول لحظة كانت كتيبتي أول وحدة ندفع بها-لأنها كانت جاهزة دائمًا ندفع بها-إلى (الإسكندرية)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
بعد تأمين الوضع في(القاهرة)؟
حسين الشافعي:
مباشرة،وذهبت حتى أوصلتهم،وصافحتهم عند(مينا هاوس)في أول طريق(مصر-إسكندرية)الصحراوي،ثم تتابعت القوات،أرسلنا الدبابات بالقطار،والقوات كلها تجمعت في يوم 25،وذهبنا نحن بالطائرة،يمكن يوم 24..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من الذي كان معك في الطائرة؟
حسين الشافعي:
كان(محمد نجيب)و(زكريا محيي الدين)و(أنور السادات)ويمكن(جمال سالم)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(وصلاح سالم)؟
حسين الشافعي:
لا،لم يكن(صلاح سالم)فأخذنا طائرة،وذهبنا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وبقي(جمال عبد الناصر)والباقون في(القاهرة)؟
حسين الشافعي:
وباقي الزملاء في(القاهرة)،عندما وصلنا(الإسكندرية)قابلنا قائد المنطقة في المطار،و-طبعًا-لم تكن الأوضاع قد استقرت،ولكن خرجنا من المطار إلى مكتب القائد العام،واتخذنا من مكتب القائد العام مقرًّا للإقامة،ثم استعرضنا القوات التي جاءت كلها،وكانت مجمعة في إستاد(الإسكندرية)،وذهب في هذا الاستعراض(محمد نجيب)و(حسين الشافعي)و(كمال الدين حسين)ثم بعد ذلك،وفي يوم 26 كان المفروض الحصار الرئيسي على(قصر المنتزه)من قوة مشتركة من جميع الأسلحة بقيادة(حسين الشافعي).
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
ووصلنا الساعة السابعة صباحًا،لكن من ضمن الأشياء التي تذكر أنني يوم 25 التقيت بأخوين من أخوتي في(الإسكندرية)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
من هما؟
حسين الشافعي:
أحمد وحسن ،الله يرحمهما..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الاثنين كانا من الإخوان المسلمين؟
حسين الشافعي:
كانا من الإخوان،وانشقوا على الشعبة التي كانوا فيها،لأن الإخوان لم يحددوا موقفهم من الثورة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
سوف نقيم حلقة خاصة عن الإخوان والثورة،لكن..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
نعم،إنما المهم هو ما حدث في هذا،أنني قلت لهم:غدًا سننزع الملك يوم 25،كان المغرب..
أحمد منصور(مقاطعًا):
متى اتخذتم قرار طرد الملك من(مصر)؟
حسين الشافعي:
يمكن يوم 24،25
أحمد منصور(مقاطعًا):
بعد تشكيل حكومة(علي ماهر)؟
حسين الشافعي:
بعد ما فاتت أيام،قابلني الأخوان،قالا لي:لماذا قلت لنا؟نحن لم ننم طوال هذه الفترة حتى غادر الملك،هذا يظهر لك مدى المخاطرة،والشعور بالنسبة للخاصة والعامة بالنسبة لهذا الحادث..
أحمد منصور(مقاطعًا):
و-أيضًا-أن هذا سر دولة،من المفروض ألاّ تقوله لأخوتك؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
لا،لأنه كان قد دخل في حيز التنفيذ،لأنه قد ذهبت المجموعة بطلب الاستقالة وبطلب المغادرة قبل الساعة 6،نأتي إلى يوم 26..
أحمد منصور(مقاطعًا):
الساعة السابعة صباحًا،أنت قائد القوات التي حاصرت قصر(رأس التين)؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
كان فيها الكتيبة 13،وعناصر من المدفعية،وعناصر من الأسلحة المختلفة،ومجموعة من الدبابات ومن السيارات،وذهبنا،و-حتى-كان القصر على مساحة 400 فدان،لم يكن هناك مخلوق يستطيع أن يمشي على الرصيف(التلّ توار)خارج القصر،طبعًا لم نكن نعلم-حتى الساعة التاسعة-أن الملك خرج خلسةً في منتصف الليل الساعة 3.30 في عربة(جيب)مع(الياور)الطيار(حسن عاكف)،وطلع على قصر(رأس التين)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
تأخرت مخابراتكم في الحصول على المعلومة؟
حسين الشافعي:
لا،كل واحد كان يقوم بواجبه،ثم إن عربة تدخل،أو تخرج،لم تكن نضعها تحت الرصد،ومسئوليتنا عن الحصار لم تبدأ إلا الساعة السابعة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
صباحًا؟
حسين الشافعي:
نعم،ولدرجة أن في(مصطفى باشا)أحبوا أن يستيقنوا أن الملك لم يهرب على قطعة بحرية،فطلبوا مني أن أتأكد،أخذت نفسي،وذهبت إلى منطقة(أبو قير)وجمعت رؤساء البحارين،وسألتهم،قالوا:لم تخرج قطعة بحرية،وعندما رجعت كان الخبر أنه في قصر(رأس التين)كان قد عرف،في هذه العملية حدث أن كان لقاء الناس وأنا ذاهب إلى(أبو قير)وأنا راجع من(أبو قير)كان لقاءً فوق ما يمكن أن تتصوره..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنت بقيت محاصرًا لقصر(المنتزه)بالقوات التي معك،وكلف(عبد المنعم عبد الرءوف)بحصار قصر(رأس التين)وإخراج الملك منه،هذا ما حدث؟
حسين الشافعي:
(عبد المنعم عبد الرءوف)لم يعين بصفته،إنما هو كان ضابطًا عاديًّا في السلاح في كتيبته،وهذه الكتيبة أرسلت لأداء هذه المهمة،وليس باعتبار(عبد المنعم عبد الرءوف)(كعبد المنعم عبد الرءوف)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(عبد المنعم عبد الرءوف)كان قائد الكتيبة،وكان برتبة(بكباشي)وكان على علاقة وثيقة معكم،وله دور قديم في قضية الضباط الأحرار؟
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذا صحيح،لكن ليس من أدوار الثورة..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هو نفسه لم يقل في مذكراته أنه..إنما كان موجودًا؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
بالصدفة.
أحمد منصور:
كان موجودًا بالصدفة في(القاهرة)والضباط الأحرار كلفوه بأن ينضم إليهم،وأن يقوم بهذا الدور معهم،قالوا:انتظر الأوامر؛فانتظر الأوامر،فجاءته الأوامر بأن يتحرك بهذه الكتيبة التي حاصرت..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
من أعطاك هذه المعلومة؟
أحمد منصور:
في مذكرات(عبد المنعم عبد الرءوف).
حسين الشافعي:
هو يقول كما يشاء،إنما هذا لم يكن دورًا من أدوار الثورة،ولم يكلف من قبل الثورة،لكن-حتى-هو كان نوعًا من الاندفاع عندما ضرب-بدون اتفاق-على الضرب،ويمكن هذه الغلطة،أو هذا الانفعال والاندفاع ساعد في أن الملك اهتزت أعصابه حتى كان الإمضاء مرتعشًا،لأنه ظن أنه سيكون هناك..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هو قال أنه-أيضًا-حينما أطلق الرصاص،أطلقه ردًا على رصاص أطلق من جهة القصر،ولم يكن في نيته أن يقوم بعمليات إطلاق،واستشهد بشهادات الضابط الذي كان مسئولاً عن حماية الملك في ذلك الوقت،وشهد أنه هو الذي تفاوض مع(عبد المنعم عبد الرؤوف)باعتباره قائد الكتيبة التي كلفت بهذا الأمر،أنتم لماذا لا تظهرون دور(عبد المنعم عبد الرؤوف)وهو له دور في الثورة؟
حسين الشافعي:
لأنه أحب أن تكون الثورة لصالح الإخوان المسلمين،وهذا سبب خروجه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هذه قضية أخرى،إنه في البداية-حينما-كان هناك تنظيم(الضباط الإخوان)وبعد ذلك حُول إلى(الضباط الأحرار)وكان(محمود لبيب)هو الذي ينظم الأمور،اختلف(عبد المنعم عبد الرؤوف)مع(جمال عبد الناصر)وترك(جمال عبد الناصر)يواصل ما يقوم به،لكن حينما قامت الثورة استعان به(عبد الناصر)باعتباره أحد الناس الذين أسسوا الضباط الأحرار في البداية؟
حسين الشافعي:
أنا أشك أن(جمال عبد الناصر)استعان به،لأنه انفصل،وأصبح ليس له ارتباط بالضباط الأحرار كلية،كون أنه كان في اللجنة التأسيسية،إنما سبب انفصاله أنه صمم أن لا يكون موجودًا في النظام إلا لحساب الإخوان،وهذا كان مرفوضًا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
وهو كان يعلن هذا-حتى-في مذكراته قال:إن السبب الرئيسي في إنكار حقه من قبل الضباط الأحرار هو إصراره على أنه..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذا كان مرفوضًا من الجميع..
أحمد منصور(مقاطعًا):
هو قام بدور،وأنتم مصرون-كضباط أحرار-أن تغمطوه حقه في هذا الدور الذي سعى في مذكراته أن يبرزه،هو شهد معه كثيرون،ومنحه(السادات)معاشه عن كل هذه الفترة التي حدثت بعد هذا،أنا ذكرت قصة(عبد المنعم عبد الرؤوف)لأنك من أبرز الشخصيات التي شهدت عليه،أيضًا الرجل بحاجة إلى إنصاف..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(عبد المنعم عبد الرؤوف)دفعتي،هو كان من الدفعة التي قبلي،ورسب وأعاد السنة،وتخرج معنا في دفعتنا،فأنا أعرفه معرفة كاملة،ثم يمكن أن إصراره على أن يكون لحساب الإخوان يعني:أنه لا يريد أن يدخل في المخاطرة-مثلما فعل الإخوان،هم كان عندهم خبر بالثورة،لكن قالوا:نحن نترك الناس المجانيين يقومون بالثورة،ثم نحن بالتنظيم الإخواني ودعوتنا للإسلام،لن يستطيع أحد الوقوف أمامنا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لكن كل الكتابات-حتى الكتابات البعيدة عن كتابات الإخوان-تؤكد أن الثورة لم يكن لها النجاح لولا دعم الإخوان لها؟
حسين الشافعي:
يقولون كما يحلو لهم..
أحمد منصور(مقاطعًا):
أنا لا أقصدهم-باعتبارهم التنظيم الشعبي الرئيسي-هم لو عارضوا قيام 12ضابطًا-عفوًا-وبهذه الحركة كان من الممكن أن يعملوا خللاً بالنسبة للدعم الشعبي الذي تم للثورة؟
حسين الشافعي:
والله،إن كان عندهم العزم والإرادة لأن يعملوا عملاً حزبيًّا،غير ممكن أن يتركوا هذه الفرصة،إلا أنهم رأوا أن التأييد الشعبي عملية كاسحة،لا يستطيعون أن يقفوا أمامها.
أحمد منصور:
حزب(الوفد)كذلك أيد الثورة،و(مصطفى النحاس)ذهب إلى..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
هذا تأييد المضطر،وليس تأييد..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(محمد نجيب)قال أنه أيدهم..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ليس تأييد المؤيد،هذا تأييد المضطر،هذا أمر،وهذا أمر آخر.
أحمد منصور:
مع ذلك أنت ترفض أن تقر(لعبد المنعم عبد الرؤوف)بحقه في حصار قصر(رأس التين)وإخراج الملك منه؟
حسين الشافعي:
ألم يكتب مذكراته؟
أحمد منصور:
نعم.
حسين الشافعي:
خلاص.
أحمد منصور:
حينما خرج الملك من القصر إلى يخت(المحروسة)الذي نقله إلى(إيطاليا)بعد ذلك،كنت أنت والرئيس(نجيب)و(صلاح سالم)..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
(جمال سالم)
أحمد منصور:
(جمال سالم)ومعكم-ربما-اثنين آخرين من الضباط كنتم في وداع الملك،ماذا حدث في قضية خروج الملك؟وما الذي حدث بينكم وبين الملك؟
حسين الشافعي:
طبعًا،بعد رجوعي من(قصر المنتزه)بعدها كل واحد-لأول مرة-خلع حذائه وجواربه،وجدد وضوءه،وجلسنا،كل واحد مستريح،هذا الكلام كان يوم 26 فوجئنا بأن القائم بالأعمال الإنجليزي؛لأن السفير كان متغيبًا،طالب مقابلة مع قائد الثورة(محمد نجيب)،كان ميعاده الساعة 3.30 طبعًا كل واحد يستريح،عندما يكون مثلاً فرد غريب قادم،المفروض أن تهيئ نفسك،إذا كان هناك حاجة غير طبيعية تهيأ،كل واحد جالس إمّا نائمًا،أو مادًّا ساقيه،أو خالعًا حذاءه،أو خالعًا جواربه،لم يتغير أي شيء على الإطلاق.
عند مجيء القائم بالأعمال البريطاني،وطبعًا قادم بالعربة(الرولز)بالعلمين على الرفرف اليمين،وعلى الرفرف الشمال،وكان(الكونستبل)كان وقتها لا توجد(سارينة)كان(كونستبل)بصفارة،يصفر طول الطريق حتى يصل،وصل 3.30،وطبعًا هو قادم ممثلاً لسلطة الاستعمار بهدف أن يؤثر علينا معنويًّا،دخل وكان طويل القامة يرتدي بذلة(سكروتة)بصفين(منشية)يتبختر في خطواته،كي يحدث هذا التأثير النفسي والمعنوي علينا.
نحن خارجون على القانون،تقوم أنت تعمل لنا(قنصل)نهايته،دخل حتى وصل إلى المكتب،وجلس على كرسي أمام المكتب،(محمد نجيب)جلس على المكتب،وأخرج من جيبه اليمين ورقة كي يقرأ،ويلتزم بالكلمات التي سيقولها.
قال:نحن نعرف أنه سوف تقوم مظاهرات وإضرابات،ونحن حريصون على الأقليَّات،وحكومة جلالة الملكة تحب أن تؤكد كذا وكذا وكذا..نفس الكلام الذي كانوا يقولونه منذ أيام الاحتلال،وكانت تأتي(البارجة)تسقط الوزارة،ويأتي المستشار الشرقي يقول تصريحًا فيعزل الوزير وهكذا.
هو جاء بنفس هذا المفهوم،توزيع الصفات يكون له قيمة في بعض المواقف،فقال له(جمال سالم)وكان معه عصاه التقليدية،وضرب بها على المكتب الذي يجلس عليه(محمد نجيب)،وقال له:أنا أريد أن أعرف أنت قادم بصفتك الرسمية؟هذا الكلام حكومتك التي تقوله؟أم هذه مبادرة منك أنت؟
الرجل بدل أن يفزعنا،وضع في موقف حرج،فقال هذه مبادرة مني أنا،ثم كان الميعاد الساعة 6،المفروض أن الملك يغادر البلاد حسب القرار،فذهبنا أنا و(محمد نجيب)و(جمال سالم)وخرجنا؛فالمظاهرات في الطريق،وخاصة في منطقة(الأنفوشي)عطلتنا دقائق،فعندما وصلنا إلى المرسى الخاص بقصر(المنتزه) وجدنا المودعين في طريق عودتهم بعدما ودعوا الملك،وكان على رأسهم(علي ماهر)فقال:يا جماعة لماذا تأخرتم؟كان يريد أن يسلم عليكم،قلنا له:والله نحن أيضًا كنا نريد أن نسلم عليه..
أحمد منصور(مقاطعًا):
(علي ماهر)الذي كان رئيس الوزراء؟
حسين الشافعي:
نعم،قال:يمكن أن نحضر(لنشًا) يوصلكم،وفعلا جاء اللنش،ونزلنا أنا و(محمد نجيب)و(جمال سالم)،و(محمد نجيب)كان يصطحب معه(أحمد شوقي)والسكرتير الخاص به وهو(إسماعيل فريد)،وركبنا جميعًا في(اللنش)ودرنا حول المركب،عندما اقتربنا من المركب،هو كان ينظر من الشرفة من المركب؛فقدمنا له التحية،فلم يجب،فرجعنا درنا لفة أخرى لعل وعسى أن يكون لم يرنا.
فلما أدى التحية،صعدنا على السلم،هو واقف في طرقة المركب،ووراءه أسرته،تقدم(محمد نجيب)سلّم عليه،ولا أعرف ما قال له،ثم دخل(جمال سالم)وكانت معه العصا،فوضعها-كالقانون تحت إبطه،وقدم له التحية،فقال له الملك:اترك العصا،(فجمال سالم)-بعدما كان يقف انتباهًا-وقف براحته،ونفخ نفخةً معناها(اللهم طولك يا روح)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
التزم وأنزل العصا؟
حسين الشافعي:
نعم،ثم تقدمت،قال لي ما اسمك؟
أحمد منصور(مقاطعًا):
الرئيس(نجيب)في مذكراته يقول:إنه رفض أن ينزل العصا،إلا عندما أمره الرئيس(نجيب)أن يترك العصا.
حسين الشافعي:
هم كانوا أمامي،ولم أسمع هذا الحوار،لكن أنا أخبرك عمّا رأيته،ثم تقدمت،قال لي ما اسمك؟قلت له(حسين الشافعي)،مثلما يكون الاسم جديدًا عليه،لأن اسمي كان غير معروف،فقال لي:ما اسمك؟فرجعت قلت له اسمي،ثم بدأ يقول كلامًا-إن شاء الله-ترعوا جيش أجدادي،وغير ذلك،طبعًا هذا أمر طبيعي..
أحمد منصور(مقاطعًا):
كيف كانت صورته وأداؤه؟
حسين الشافعي:
لا،أبدًا،إنسان في وضع..أكيد كان يتوقعه؛لأن شعبيته بدأت تتقلص بشكل كبير جدًّا..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ماذا كانت مشاعركم-أيضًا-أنتم،وقد نجحتم في الثورة أو في الانقلاب،وبدأ الملك يخرج،وأصبح أمامكم مسئولية وأعباء أخرى؟
حسين الشافعي:
حدث أنه في الإعلان عن المشاركة في حرب(فلسطين)سنة 1948،جيء بالضباط في(قصر القبة)وكانت أول مرة يدخلون فيها(قصر القبة)الملك أعلن أننا سندخل الحرب،وطبعًا لاقى هذا القرار تأييدًا شكليًّا من القادة بدايةً من وزير الحربية كان(أحمد باشا عطية)..
أحمد منصور(مقاطعًا):
ما علاقة هذا الموقف بخروج الملك الآن؟
حسين الشافعي:
ستعرف الآن،اصبر،طبعًا كان السلام معه تقبيل اليد،فبدأ وزير الحربية،ثم رئيس الأركان(إبراهيم باشا عطا الله)ثم كبير(الياوران)كان(عمر باشا فتحي)الخ الخ،وبدأ الضباط بالدور،وطبعًا كان سوف يأتي علي الدور..وإذا جاء عليّ الدور..
أحمد منصور(مقاطعًا):
لا بد أن تقبل.
حسين الشافعي:
لازم أقبل،وإلاّ أعمل موقفًا يكلفني وظيفتي فيما لا يساوي،فدعوت ربنا أن يخلصني من هذا الموقف،وإذا بي قبل أن أصل بخمسة أفراد،يبدو أنه مل من عملية التقبيل ففض هذا المولد،ولكن ربنا ادخرني لعملية التسليم عليه بدون تقبيل فوق المركب،هذه هي المناسبة أننا نرجع لهذا الموضوع.
أحمد منصور:
في الحلقة القادمة،أبدأ معك من التحديات التي بدأت تواجه الثورة،والتغيرات التي بدأت تحدث على أرض(مصر)،وبداية حقبة جديدة وصفت في كثير من الكتب بأنها حقبة استبدادية..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
ماذا؟
أحمد منصور:
حقبة استبدادية؟..
حسين الشافعي(مقاطعًا):
سوف نرى في الحلقة القادمة،ونحاول أن نرد على هذه الافتراءات.
أحمد منصور:
شكرا-سيادة النائب-كما أشكركم-مشاهدينا الكرام-على حسن متابعتكم،في الجمعة القادمة-إن شاء الله-نواصل الاستماع إلى شهادة السيد(حسين الشافعي)نائب رئيس الجمهورية الأسبق في(مصر)في الختام،أنقل لكن تحية فريق البرنامج،وهذا(أحمد منصور)يحييكم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.