أحد أمراء الأسرة المالكة
شاهد على العصر

تاريخ الدولة السعودية كما يراه الأمير طلال ح2

ما أهم الأولويات التي كان يقوم بها الملك عبد العزيز في حياة حكمه؟ كيف أصبح طلال وزيراً للمواصلات؟ وما الذي أضافه خلال عمله الوزارى؟ وما أسباب استقالته من الوزارة في عهد الملك سعود؟

مقدم الحلقة

أحمد منصـور

ضيف الحلقة

– الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود

تاريخ الحلقة

14/10/2000

undefined
undefined

أحمد منصور:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر).

حيث نواصل حوارنا مع صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، مرحباً سمو الأمير.

طلال بن عبد العزيز:

أهلاً بك.

أحمد منصور:

في الحلقة الأولى، أو الحلقة الماضية خدنا جانباً من يوم في حكم الملك عبد العزيز، في حياة حكمه وذكرت سموك كيف كان يبدأ يومه، بعد الصلاة يرتاح قليلاً، ثم يجتمع مع مستشاريه ووزرائه، ثم المجلس العام، كيف كان يقضي باقي اليوم؟

طلال بن عبد العزيز:

هذا الصباح إلى الساعة الثانية عشر تقريباً –الظهر- ثم يعود إلى منزله، ويتناول الغداء مع أولاده ومع بناته، كان غدانا يومها عبارة عن صحن فيه رز وقرصان ولحم أو فراخ –كان بسيط جداً- ومرق، المرق يا خضار مختلفة من يوم إلى يوم، وهذا الصحن كان يكفينا نحن وأبناؤه وزوجاته والخدم فيما بعد، غريب أنا لما أتذكر هذه الأمور ببساطتها كان فيه قناعة حتى في الأكل.

أحمد منصور:

ولم يكن هناك إسراف في الإعداد؟

طلال بن عبد العزيز:

إطلاقاً.

أحمد منصور:

كان الطعام على قدر أهل البيت؟

طلال بن عبد العزيز:

هذا صحيح، هذا صحيح، وبعد ذلك يعود إلى منزله، وكان –أيضاً- له.. يسموها (SIESTA) الآن معروفة في العالم، اللي هي ينام بعد الظهر، يرتاح بعد الظهر لمدة ساعة، ساعة ونص، وثم يعود إلى المجلس العام إلى صلاة المغرب صلاة المغرب أحياناً يخرج خارج الرياض، مع بعض حاشيته وأولاده، وإذا كان هناك سبق خيل كان يحضر سبق الخيل، أو يذهب إلى مكان اسمه عليشة، وهو خاص بالأمير محمد، محمد كان من الذين يحبهم عبد العزيز، عبد العزيز أحب اثنين من أولاده في صغرهم وكبرهم.

أحمد منصور:

من هم؟

طلال بن عبد العزيز:

محمد ومنصور.

أحمد منصور:

منصور توفي في حياة الملك.

طلال بن عبد العزيز:

سنة 50.

أحمد منصور:

كان عمره كام؟

طلال بن عبد العزيز:

ثلاثين سنة..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

حزن الملك عليه؟

طلال بن عبد العزيز:

نعم؟

أحمد منصور:

حزن عليه الملك؟

طلال بن عبد العزيز:

جداً، جداً جداً.

أحمد منصور:

كان منصور ترتيبه الثالث؟

طلال بن عبد العزيز:

هو ترتيبه السابع أو الثامن عموماً.

أحمد منصور:

السابع؟

طلال بن عبد العزيز:

أو الثامن، آه.

أحمد منصور:

لكن كان ترتيبه في الحكم الثالث.

طلال بن عبد العزيز:

هو لم يكن هناك ترتيب حكم في الواقع، إنما في السن.

أحمد منصور:

في السن.

طلال بن عبد العزيز:

في العمر. وكان يحب الاثنين دول، كان يذهب إلى مزرعة الأمير محمد، ثم يعود ويذهب إلى المنزل ونتعشى معه أولاده، برضه تتكرر عملية الغداء، وبعد هذا يذهب إلى المجلس بعد صلاة العشاء، يقعد ساعتين أو ساعة ونص ثم يذهب إلى الراحة ينام في الليل، وهو ينام كان في الليل حوالي ساعتين ثلاثة، عبد العزيز عمره لم يأخذ أكثر من ساعتين ثلاثة في الليل، وينام في النهار حوالي ساعة، حوالي أربع ساعات، طول عمره..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

في اليوم.

طلال بن عبد العزيز:

طول عمره..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

مقسمين على مرتين.

طلال بن عبد العزيز:

نعم.

أحمد منصور:

في عام 1952م وكان عمرك تسعة عشر عاماً تقريباً اخترت لتكون وزيراً، رغم ترتيبك أنك كنت السادس عشر بين إخوانك. كيف بلغت بهذا الأمر؟ وكيف تلقيته وأنت في هذه السن؟

طلال بن عبد العزيز:

والله أنا كنت في سفرة لأمريكا، ومريت على لبنان، كان ثاني زيارة للبنان، وشفت هذا الجبل الجميل ومناخه البارد المنعش ومناظره الخلابة وأهله الطيبين، فاستأجرنا بيت في عاليه –منطقة اسمها عاليه- لعائلة معروفة هناك اسمها فرعون، هنري فرعون. وذهبنا إلى أمريكا، وفي عودتي قلت: نمر على البيت ونقعد فيه على الأقل شهر.

لما وصلت لبنان ثاني يوم جاني برقية من عبد العزيز عن طريق السفارة لنا: عُدْ إلى الطائف. فشوف أنا تلكأت، فكانت البرقيات تتابع علي السفير بأن فلان يجب أن يعود، تلكأت، وكنا صغار وغير مدركين لأهمية هذا الطلب الذي أتانا من شخص مثل عبد العزيز، لا يُرفض طلبه، لكن المهم هكذا حدث في أيام شبابنا إلى أن أُبلغت في يوم من الأيام إن الطائرة موجودة في المطار، وتقول: ينقل طلال إلى الطائف. ذهبنا إلى الطائف، لما دخلت عليه في غرفته، وجدته مريض، شكله مريض، ومن حديثه لي..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

يعني هل هذا كان في بداية مرضه الذي استمر معه؟

طلال بن عبد العزيز:

فعلاً، هذه بداية مرضه، وبدأ من أشهر، ولما كنت أنا هناك لم يكن استفحل إلى هذه الدرجة، أنا تعجبت لما سألني وقال لي: كيف الرياض وأهل الرياض؟ كيف الجو في الرياض؟ وجدت الملك يعني..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

وأنت قادم من أمريكا.

طلال بن عبد العزيز:

وأنا جاي من أمريكا وهو يعلم إني جاي من أمريكا، من الأول يعني، هو اللي كان يبعث لي برقيات على بيروت، ولاحظت إنه فعلاً تعبان، مع ذلك برضه الشغب والطفولة وأفكار التي كانت تراودني في ذلك الوقت، أصريت على أن أعود إلى بيروت، كلمنا الوالدة وقالت: لا . في خبر ثاني، أنت عُينت وزير. قلت: والله عجيب بدل ما أسمع الخبر الطيب أن نعود إلى..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

إلى بيروت.

طلال بن عبد العزيز:

إلى بيروت.. إلى الجبل، إلى عاليه وأستأنف عملية المصيف هناك تبلغيني بهذا الخبر؟ أنا مالي ومال الوزارة؟

أحمد منصور:

هذا كان في الصيف، في أغسطس تقريباً؟

طلال بن عبد العزيز:

في الصيف حوالي أغسطس أو July .

أحمد منصور:

52.

طلال بن عبد العزيز:

52 . قالت: والله إذا كنت تريد أن ترفض الوزارة هذا أبوك قدامك، وروح له، أنا بلغتك الرسالة. ثاني يوم يجيني الشيخ يوسف ياسين..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

من الشيخ يوسف ياسين؟

طلال بن عبد العزيز:

مستشار الملك عبد العزيز، قال لي: أبوك بيرسلني لك ويقول: إيش الوزارة اللي تريدها؟ قلت: يا أخي العملية صعبة حقيقة.

أحمد منصور:

كنت في التاسعة عشر، هل كنت مدرك معنى وزارة؟

طلال بن عبد العزيز:

أبداً.

أحمد منصور:

وأن تكون وزير؟

طلال بن عبد العزيز:

أبداً.

أحمد منصور:

وأن تحكم؟

طلال بن عبد العزيز:

إطلاقاً.

أحمد منصور:

وأن تكون جزء من نظام الدولة؟

طلال بن عبد العزيز:

إطلاقاً، إطلاقاً، لم يكن وارداً في ذهني، إنما كان أمر ملكي.

أحمد منصور:

لم يكن لديك طموح في هذا الوقت في الحكم؟

طلال بن عبد العزيز:

لم يكن لي طموح في السياسة.

أحمد منصور:

وأن يكون لك دور في إدارة الدولة؟

طلال بن عبد العزيز:

أبداً.

أحمد منصور:

مثل إخوانك؟

طلال بن عبد العزيز:

إطلاقاً، إطلاقاً.

أحمد منصور:

كان تفكير سموك إيه في الفترة دي عن الحكم؟

طلال بن عبد العزيز:

كنت مسؤول عن القصر، يعني مسئوليتي في ذلك الوقت مسؤول عن قصر عبد العزيز الخاص.

أحمد منصور:

إدارة القصر؟

طلال بن عبد العزيز:

إدارة القصر.

أحمد منصور:

كيف كانت الإدارة؟ ما هي المهام الأساسية التي كنت تقوم بها؟

طلال بن عبد العزيز:

هي أهمها مالية، يعني المناطة بي –حقيقة الأمر- هي ميزانية القصر، والإشراف على جماعة عبد العزيز من النساء في القصر، لأنه..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

نفقتهم وطلباتهم واحتياجاتهم؟

طلال بن عبد العزيز:

نعم، وميزانية الملك، وميزانية القصر، والأشياء التي..خاصة به هو شخصياً، فكنت مشغول بهذا الأمر، يعني كنت مرتاح، ما كنت أفكر في السياسة، أنا كنت هاوي راديو، ما يسموه Radio amateur.

أحمد منصور:

لاسلكي يعني.

طلال بن عبد العزيز:

لاسلكي، كنت لي أصحاب في العالم من خلال اللاسلكي، وكل مكان وكل دولة لها.

أحمد منصور:

كود معين.

طلال بن عبد العزيز:

نداء معين، Call sign بيسموه، نداء معين، وكنت يعني حقيقة متحمس لهذه الهواية، فقلت ليوسف ياسين، خطر على بالي اللاسلكي. قلت له: المواصلات.

أحمد منصور:

كان هناك وزارة للمواصلات في المملكة؟

طلال بن عبد العزيز:

كان فيه إدارة.

أحمد منصور:

إدارة.

طلال بن عبد العزيز:

إدارة تابعة لوزارة المالية.

أحمد منصور:

لكن لم تكن وزارة مستقلة.

طلال بن عبد العزيز:

لم تكن وزارة، فأنشأنا الوزارة في ذلك الوقت إنما السبب..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

يعني سموك اللي أسست وزارة المواصلات سنة 1952م.

طلال بن عبد العزيز:

نعم..هذا صحيح، إنما السبب في تعييني إلى الآن، دائماً عندي احتمالات: احتمال أول، احتمال ثاني علشان كده عينني عبد العزيز، لكني لم أصل إلى نتيجة، ما هو الدافع..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

لكن إيه هي الاحتمالات اللي دفعته؟

طلال بن عبد العزيز:

والله أبداً، يعني منها الأشياء إنه أراد أن يكرمني، وجد إنه أفضل ما يكرمني به هو أن أكون مسؤولا بجانبه كوزير..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

هل كنت على علاقة خاصة به؟

طلال بن عبد العزيز:

كنا على علاقة جيدة وخاصة، بالملك عبد العزيز، هذا صحيح. الأمر الثاني: أراد أن يهيئني للمستقبل، أن أمارس العمل الحكومي من بداية عمري، يعني عدة احتمالات، إنما لم أصل إلى نتيجة فيما يختص بهذا التوجه.

أحمد منصور:

حينما توليت الوزارة في ذلك الوقت، والوزارات كانت قليلة كما ذكرت لنا من قبل، كيف تبدأ في وزارة جديدة في بلد مثل المملكة العربية السعودية، هي وزارة مواصلات، مليئة بالجبال والطرق الصحراوية، وكانت هذه أشياء حديثة اللاسلكي وغيرها من الأمور؟

طلال بن عبد العزيز:

في البداية كانت صعبة شوية. أولاً: التأسيس، بدك موظفين، بدك مدير عام، بدك وكيل وزارة، بدك ميزانية، بدك صلاحيات، وكانت الصلاحيات متشابكة. أنا أتذكر مثلاً أنه كانت المينا، المينا من الدمام عُملت أصلاً من أجل أرامكو.

أحمد منصور:

من أجل النفط.

طلال بن عبد العزيز:

من أجل النفط، ووسعت في أيام عبد العزيز حتى أن تكون –أيضاً- تحتوي تجارة بجانب البترول، كانت تابعة لوزارة المالية، فلما جينا وقلنا: أنه نلم هذه القطاعات المختلفة في وزارة المواصلات غضب وزير المالية، وقال لي: كيف تسلب مني حقي فيما يختص بالمينا قلنا: المينا حقيقة أنها مربوطة بالسكة الحديد ومربوطة بالبترول، ولكن كوزير مواصلات أهم شيء لها مواصلات هي القطار، والمواصلات أهم شيء النقل، فكان بيننا نوع من الاحتكاك. يعني عملية كانت بدائية بالنسبة لهم، يعني عملية كأنك تتكلم مع رئيس قبيلة.

أحمد منصور:

كان مين وزير المالية في ذلك الوقت؟

طلال بن عبد العزيز:

عبد الله سليمان، فكانت في البداية، كانت موضوع قيام هذه الوزارة كان له صعوبات، وكان فيه صعوبات مالية، أنا أتذكر قبل وفاة عبد العزيز كنت أنا والأمير فيصل في ذلك الوقت –اللي هو الملك فيصل بعد- قاعدين في الممر، على الأرض، ننتظر إذنا من عبد العزيز. قال لي: ليه يا طلال ما تعمل .. لأن فيصل كان يحب الطائف، بصفته كان نائب الملك.

أحمد منصور:

في المنطقة دي.

طلال بن عبد العزيز:

في الحجاز، ليه ما تعملوا طريق من الطائف إلى مطار الحوية؟ حوالي نصف ساعة في ذلك الوقت، قلت له: والله نشوف، لا بأس. فدخلت على الملك، قلت له: الأمر كذا. قال: اعملوه، فوراً. فبدأنا في المطار، ما كان فيه فلوس، تسلفت خمسمائة ألف ريال بصفتي وزير مواصلات علشان أرصف الطريق وأدفعها لمحمد بن لادن. يعني من قلة المال.

الذي حدث أن الطريق كان يُعمل به .. يُعمل في هذا الطريق بالتراكتارات، وكلنا شايلين عبد العزيز ميتاً في السيارة، يعني الطريق لم يُكمل إلا بعد وفاته، في ذلك الحين أنا أتذكر أنه ركبنا الحمير، وطلعنا على مرتفعات الهَدى، بيسموه الهدأ هذه قريبة من مكة، علشان نخطط لطريق الطائف – مكة – جدة – المدينة.

أحمد منصور:

يعني كانت المملكة عبارة عن صحراء، وكانت الطرق..

طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:

صحاري شاسعة.

أحمد منصور[مستأنفاً]:

ليس فيها طرق ممهدة، ليس فيها..

طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:

لم يكن فيه مال أصلاً، أنا علشان أعمل طريق الحوية – الطائف تسلفت خمسمائة ألف، ما كان فيها فلوس حقيقة الأمر، المهم أنه طلعنا على الحمير، وجبنا دار الهندسة اللبنانية الموجودة إلى اليوم في لبنان، دفعنا لها 250 ألف ريال، 250 ألف ريال في ذلك الوقت كبيرة جداً، مبلغ ضخم، علشان تعمل وضع المخططات الضرورية واللازمة لهذا الطريق، وهذا كلها في عهد الملك

عبد العزيز.

أحمد منصور:

في سنة 1946م قلت لي سموك إنه كان بدأ النفط يبقى له مردود.

طلال بن عبد العزيز:

مردود بالنسبة للمجتمع.

أحمد منصور:

للمجتمع.

طلال بن عبد العزيز:

والعمران.

أحمد منصور:

لكن ليس بالنسبة للمنشآت، ليس بالنسبة لعملية التطوير؟

طلال بن عبد العزيز:

شوف يا سيدي، هذه غريبة، كان ابن سليمان هو كل شيء.

أحمد منصور:

وزير المالية.

طلال بن عبد العزيز:

آه، فقلت له: أنا بأتعجب للناس، الطريق الموجود من مطار الرياض إلى مدينة الرياض لم يكن ممهداً، أنا أتذكرها في نفسي يعني، لما تيجي السيارة من المطار، أولاً: المطار ما كان ممهد، مطار جدة ممهد، لكن مطار الرياض وهي العاصمة كان على التراب.

أحمد منصور:

ليس له مدرج؟

طلال بن عبد العزيز:

مدرج مسفلت يعني.

أحمد منصور:

ليس له.

طلال بن عبد العزيز:

وليس طريق من المطار يربطها بالمدينة، لما طلعت السيارة تشوف الغبرة تثور من جراء حركة السيارات.

أحمد منصور:

صحيح.

طلال بن عبد العزيز:

فكيف لم يفكر هذا الرجل أو غيره في عهد عبد العزيز أن يعملوا هذه الطرق، رغم إن الأسفلت موجود عندي في أرامكو؟ يعني عملية الحقيقة واحد يتلخبط فيها، لأنه ليش ما فكروا حتى في الأمور البسيطة؟

أحمد منصور:

هل هذا يعود –عفواً- إلى طاقم الإدارة، إلى المستشارين، إلى الشخصيات، أواللا إلى النظام؟

طلال بن عبد العزيز:

إلى طاقم الإدارة، إلى المستشارين، لأنه إيش معنى جدة كان فيها؟ ما جدة جزء من المملكة، إيش معنى الظهران كان فيها؟ ليش الرياض العاصمة ما كان فيها؟ يعني العملية الحقيقة إهمال، لا مبالاة، عدم إدراك لأهمية هذه المشاريع الضرورية للبلاد.

أحمد منصور:

في يوليو عام 52 وقعت ثورة يوليو، ما هو تأثير قيام الثورة على المملكة العربية السعودية، وثورة يوليو أنهت نظام ملكي وأقامت نظام جمهوري؟

طلال بن عبد العزيز:

هي الأنظمة التي تهتز من قيام الثورات المجاورة في بلدان مجاورة هي الأنظمة الضعيفة، إنما عبد العزيز كان حكمه قوي، وكان واثق من نفسه، فتقبلها إلى درجة أنه الرئيس محمد نجيب زار .. حج، واستقبله الملك عبد العزيز، وأنا من الناس اللي كنا في استقبال الرئيس، على العشاء، أنا كنت واقف وراء الملك عبد العزيز، كان نجيب وصلاح سالم والشافعي وأحدهم الآن ناسي اسمه –أربعة- فكان يتكلم عبد العزيز عن فاروق، قال له ياأخ محمد نجيب: نحن كنا مع فاروق ولا نزال، ولكن ليس على حساب مصر أو الثورة، نحن معه كملك الآن، وكان معاه كشخص عادي، ونحن لازم نمد له يد المساعدة، فاروق هو الذي له الفضل بإعادة العلاقات المصرية – السعودية، فكيف ننكرها له بعد أن ترك؟

أحمد منصور:

دي سمو الأمير نقطة مهمة، كنت أود أن أسألك عنها.

طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:

جاوب نجيب قال له: طالما أنت أبونا جميعاً، أبو فاروق وأبو نجيب وأبونا جميعاً، وأنت إنسان وفي، ولن نناقشك في هذا الأمر، أنا حاضر هذا الحديث.

أحمد منصور:

بنفسك رأيت هذا الحديث.

طلال بن عبد العزيز:

نعم.

أحمد منصور:

هنا كان الملك عبد العزيز –رحمه الله- له علاقة خاصة مع الملك فاروق توجت بالزيارة التي قام بها إلى مصر في سنة 46، وأيضاً فيكم أنتم أبناء الملك عبد العزيز –رحمه الله- حينما كنتم تفدون إلى مصر، وكان العلاقة تعتبر علاقة وثيقة إلى حد ما، وسموك الآن ذكرت إنه كان الملك عبد العزيز بيعتبر الملك فاروق لعب دور في إعادة العلاقات المصرية السعودية. هنا هذه العلاقة الخاصة كيف تعامل معها الملك عبد العزيز بعد قيام الثورة؟

طلال بن عبد العزيز:

أولاً: استقبل نجيب –كما ذكرت- وبارك رئاسته، وقال: نحن معكم. يعني تغيير نظام لا يعني شيء بالنسبة للمملكة العربية السعودية سواء ملكي أو جمهوري، نحن الذي نرغبه ونهدف إليه هي مصلحة البلدين مصر والسعودية بصرف النظر مَنْ الذي يحكمها؟ فكان المبدأ.. وهذا مبدأ من المبادئ الراسخة في ذهن عبد العزيز، وأتصور أنها مستمرة إلى اليوم، وهي نحن يجب أنه نتأقلم مع الأحداث، وأنه لا ننظر لطبيعة النظام ما هي في هذا البلد أو ذاك ما دام إنه الموضوع مستقر في البلاد المجاورة، وخاصة العربية، وإنها تخدم المصلحة العربية، وتخدم المصلحة العام.

أحمد منصور:

في بداية العام 1953م بدأ المرض يشتد على الملك عبد العزيز –رحمه الله- وأنت كنت وزيراً للمواصلات، وكنت قريباً منه.

طلال بن عبد العزيز:

صح.

أحمد منصور:

ويُقال: أنك كنت من القلائل الذين شهدوا وفاة الملك –رحمه الله- كيف كان تأثرك بهذا الوضع؟ وكيف كانت الصورة؟

طلال بن عبد العزيز:

والله كنا إحنا، أنا ونواف أخي كنا ساكنين في القصر اللي ساكن فيه عبد العزيز في الطائف، وهو قصر الملك فيصل، عبد العزيز كان يسكن الحوية، منطقة اسمها الحوية -اللي كنا تكلمنا عن المطار فيها- في الخيم، كان يحب الخيم هو [ما كان يلذ له القصر] لأن شبرا صغرت عليه فانتقل إلى الحوية، فأراد أن ينتقل لمدينة الطائف، فقال لفيصل سوف أسكن بيتك. سكن بيت فيصل، أنا ونواف كنا ساكنين مع الملك إنما أيامها كان كل ليلة نذهب عند أحد الإخوان نتعشى عنده ونتأخر فلما رجعت أنا ونواف من إحدى هذه العشوات كان عبد العزيز أمامه نافذة وفيها قزاز وتعكس الذي يقف وراءها، بحاسته هو كأنه عارف إنه أنا ونواف قال: طلال نواف فجاوبناه، قال: أبشركم أنا بخير وعافية، وسلمنا على يده وكنا سعداء بأنه شوفناه يتكلم ويتحدث وذهبنا لننام.

أحمد منصور:

تفتكر اليوم بالضبط؟

طلال بن عبد العزيز:

أظن يوم الثلاثاء.

أحمد منصور:

تاريخه.

طلال بن عبد العزيز:

والله نسيت.

أحمد منصور:

في مارس.

طلال بن عبد العزيز:

ما أعرف والله نسيت، لا تحضرني الذاكرة الآن. قبل ما نروح ننام فوق فجاني عميل عبد العزيز اللي هو الخادم الخاص، عنده وقال أبوكم يعني مريض جداً وربما أنه يصاب بـ..

أحمد منصور:

بعد ما ناداكم، بعد ما ناداكم.

طلال بن عبد العزيز:

بعد ما صلينا الفجر.

أحمد منصور:

بعد ما صليتم الفجر.

طلال بن عبد العزيز:

بعد صلاة الفجر نادانا وذهبنا إليه وقعدنا جنبه، المهم لما شوفنا الحالة متردية، كان الملك سعود في جدة إخوانا الكبار وفيصل في الطائف، فعبد الرحمن الطبيشي الوزير الخاصة نده لفيصل قال له: أحضن أبوك. فمات بين أيدينا.

أحمد منصور:

هو كان حضر الملك فيصل والملك سعود؟

طلال بن عبد العزيز:

نعم، نعم إحنا الثلاثة حضرناه، يعني حضرناه بجانب أطبائه الخاصين وأمين، إحنا كنا موجودين والطبيشي شفنا وفاته.

أحمد منصور:

هل أوصى بشيء؟ هل تحدث بشيء قبل وفاته؟

طلال بن عبد العزيز:

أوصى بأمور بسيطة يعني..

أحمد منصور:

تفتكر بعض هذه الأمور.

طلال بن عبد العزيز:

والله شوف هي قبل ما يموت كان دائماً يوصي أولاده وخاصة الكبار منا، مين الكبار؟ سعود، فيصل، محمد، وخالد، خالد صار ملك بعدين يوصيهم بالرعية، ما هو الرعية لو تقول المثقفين يزعلون الآن، مواطنون لا رعايا أم لأ؟ خالد محمد خالد، مش هدا كتابه المشهور؟

أحمد منصور:

نعم صحيح.

طلال بن عبد العزيز:

هو يقول أوصيكم بالرعية، أوصيكم بالناس أوصيكم بالاختلاط بالناس، هذه كانت وصاياه الأساسية، أوصيكم بإخوانكم، أوصيكم بعائلاتكم، صلة الرحم، هذا الكلام الذي كان يقوله لهم، هذه وصاياه، يعني كان قبل أن يحتد عليه المرض.

أحمد منصور:

الملك عبد العزيز رحمه الله كان نادر أو قليل الأسفار، ربما لم يسافر خارج المملكة إلا مرات محدودة.

طلال بن عبد العزيز:

سافر مرتين: مره لما قابل روزفلت وتشرشل وهي يومين أو ثلاثة، ومرة لما دعاه فاروق سنة 1946م.

أحمد منصور:

يعني يعتبر لم يغادر أجواء البحر الأحمر، ومصر.

طلال بن عبد العزيز:

هذا صحيح.

أحمد منصور:

كيف كانت رؤيته للعالم؟

طلال بن عبد العزيز:

رؤية متحفظة خصوصاً للغرب.

أحمد منصور:

سببها مين؟

طلال بن عبد العزيز:

السبب هو حقيقة العملية، الفلتان –في رأيه- الموجود في المجتمع الغربي، الاختلاط الزائد عن اللزوم، الفساد الناشئ عن هذا الاختلاط، هذا كان رأيه، كان يخشى الأمور من المسكرات، الخمور، الرقص الـ dance يعني والأمور هذه كلها يعني، إنما الأمور الحلوة اللي كان عبد العزيز يعملها، أنا كنت أشغل له الأفلام، أنا بنفسي ماكينة (بيل آند هاول) موجودة إلى اليوم، وأنا آتي عند بناته وعند زوجاته، وعند أخواته وأشغل أفلام الحرب، الحرب العالمية الثانية، وبعدين جبت له فيلم مصري إلى الآن أبحث عنه وما وجدته.

أحمد منصور:

ما هو؟

طلال بن عبد العزيز:

كان حاجة اسمها ضباط، ثلاثة ضابط وامرأة شيء، من ها القبيل، فعلاً حتى آخر ما سألت فريد شوقي الله يغفر له، ما وجدناه، المهم قلت له فيه فيلم مصري أيش رأيك أشغله؟ قال شغله، قلت: بس فيه ستات، قال شغله، كان أخواته الكبار في السن اللي عاشروه منذ خروجه من الكويت موجودات، متحفظات، فلما شغلته وطلعت الممثلة، أو كان يراها ولكن لا أتذكر اسمها ولابسة مايوه كلهم صاحوا يا عبد العزيز، يا عبد العزيز. شيء غريب بالنسبة لهم، وامرأة بمايوه، قال لي سكِّر، سكِّر، سكِّر الأشياء هذه، إذن كان متفتح.

أحمد منصور:

أنت شاهدت وفاة الملك رحمه الله، كيف تقبلت هذا الأمر؟ هذا التصور أن الملك عبد العزيز رحمه الله توفي.

طلال بن عبد العزيز:

والله صراحة ما كنا نتوقع أن عبد العزيز سوف يموت، رغم إيماننا بالقضاء والقدر، وإيماننا بكل الناس إنه مصيرهم الموت، ولكن كانت صدمة كبيرة وعميقة في نفوس الجميع، هزتها إنه هذا الرجل العظيم المهاب العبقري، الذي بنى المملكة، الذي هو سوَّى وفعل وكذا هكذا يذهب من أيدينا بشكل يعني مفاجئ، كانت مفاجئة وكانت صدمة للجميع.

أحمد منصور:

رغم المرض الذي أصابه؟

طلال بن عبد العزيز:

رغم المرض اللي كان يعانيه هذا صحيح.

أحمد منصور:

كيف أنت..؟

طلال بن عبد العزيز:

حتى أتذكر أنا وفيصل لما كنا جالسين على.. –قلت لك قبل شوية- على الممر، قال لي: والله يا طلال لو كان الأعمار تعطي لأعطيته أنا من عمري.

أحمد منصور:

إلى هذه الدرجة كان يحبه الملك فيصل؟

طلال بن عبد العزيز:

نعم، نعم .. فيصل وغيره.

أحمد منصور:

كلكم.

طلال بن عبد العزيز:

آه، يعني هذه يقولها واحد من أولاده وهو صادق لدرجة إنه لم نكن نتصور أنه هذا الرجل.. يعني كانت صدمة للجميع.

أحمد منصور:

كيف تعاملتم مع الوفاة؟ يعني كيف حدث انتقال للسلطة، أو الانتقال الأول للسلطة بعد وفاة الملك؟

طلال بن عبد العزيز:

هذه من ميزات العائلة، من ميزات العائلة المالكة بالسعودية أنه كان الخليفة -خليفة الملك، أو ولي عهده- حاضر موجود، موافق عليه بالإجماع، ما إحنا عندنا مهمة جداً، يجب الموافقة على الولي بالإجماع.

أحمد منصور:

ليس بالأغلبية؟

طلال بن عبد العزيز:

لأ، بالإجماع.

أحمد منصور:

طب الموافقة هذه تتم في حياة الملك لولي العهد أم..؟

طلال بن عبد العزيز:

لأ، بعد وفاته.

أحمد منصور:

بعد وفاته.

طلال بن عبد العزيز:

لأنه في حياة الملك يكون ولي عهد، الملك يختار ولي العهد، ويسأل الجميع: هل توافقون على فلان؟ الذي لا يوافق يتحفظ. إنما الذي حدث في كل الملوك المتتابعين بعد عبد العزيز كان إجماعاً عليهم.

أحمد منصور:

كيف تختار الأسرة الملك وولي العهد؟ وكيف توزع الأدوار فيما بينها؟

طلال بن عبد العزيز:

ليس هناك توزيع أدوار كما يقال في الصحافة الخارجية إطلاقاً. هي عملية عرف وتقليد، والعرف والتقليد –أحياناً- يطغى على الأنظمة والدساتير.

أحمد منصور:

كيف؟ وضح هذا الأمر.

طلال بن عبد العزيز:

فجاء الملك فهد وصاغها، هذا العرف صاغه بشكل نظام أساسي للحكم اللي هو الدستور، الآن أصبح عندنا نظام أساسي لأول مرة في التاريخ بعد عبد العزيز.

أحمد منصور:

يعني منذ عبد العزيز..

طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:

كان هناك نظام أساسي.

أحمد منصور[مستأنفاً]:

.. إلى الملك فهد.

طلال بن عبد العزيز:

إلى الملك سعود كان فيه نظام أساسي للحكم أيام عبد العزيز، عمل مجلس شورى، وعمل نظام أساسي للحكم، الملك عبد العزيز، وبعدين أبطل النظام بعد وفاة عبد العزيز.

أحمد منصور:

حينما جاء الملك سعود؟

طلال بن عبد العزيز:

الملك سعود. ولم يعاد النظام الأساسي إلا وقت الملك فهد.

أحمد منصور:

من الملك سعود إلى الملك فهد كانت المملكة دون نظام أساسي.

طلال بن عبد العزيز:

أيوه.. دون نظام أساسي.

أحمد منصور:

طب كيف كان يدار الحكم وينتقل من ملك إلى آخر؟

طلال بن عبد العزيز:

هنا عملية العرف، هذه خارجة عن نطاق الدستور لأنه أصبح عرفاً يسري على جميع الملوك، الملك عندما يتولى الملك بصفته ولي العهد يختار أحد أبناء عبد العزيز، لأنه الوراثة ما دام هناك ابناً لعبد العزيز، فالوراثة فيه إذا كان صالحاً طبعاً.

أحمد منصور:

هل فيه شروط معينة؟

طلال بن عبد العزيز:

نعم فيه شروط متفق عليها ضمنياً.

أحمد منصور:

ما هي أهم هذه الشروط؟

طلال بن عبد العزيز:

أن يكون عاقلاً، مرشداً، فيه وازع ديني، والصفات الأخرى المعروفة.. يعني السلوك، السمعة، المواقف تجاه مواطنيه، انفتاحه على الأمور الإصلاحية والأمور.. يعني أمور حقيقة متفق عليها تقليدياً.

أحمد منصور:

مجلس الأسرة مِمَن يتكون؟

طلال بن عبد العزيز:

ليس هناك مجلس أسرة.

أحمد منصور:

مَن يأخذ القرار؟ ومَن يوافق ويرفض؟

طلال بن عبد العزيز:

الأمور الأسرية الداخلية هناك ترتيبات خاصة.

أحمد منصور:

لا. في أمور الحكم.

طلال بن عبد العزيز:

لا. ليس هناك شيء من هذا القبيل.

أحمد منصور:

يعني سموك ذكرت لنا أن الملك حينما يريد اختيار ولي العهد يستفتي أو يسأل.

طلال بن عبد العزيز:

أيوه، يسأل بالضبط، يسألهم فرادى.

أحمد منصور:

فرادى.

طلال بن عبد العزيز:

أيوه. يسألهم فرادى بخطاب يذهب إليه أنه اخترنا فلان، فهل توافق عليه؟ اللي يوافق يوقع، والذي لا يوافق بتحفظاته يعلن تحفظاته، لكن لم يحدث إطلاقاً أن تحفظ أحداً لا تجاه سعود ولا تجاه فيصل ولا خالد ولا فهد ولا عبد الله كولي عهد، لم يحدث.

أحمد منصور:

نعم، هل الملك عبد العزيز –رحمه الله- استخدم معكم هذه الطريقة؟

طلال بن عبد العزيز:

أيام سعود كنا صغار.

أحمد منصور:

كنتم صغار.

طلال بن عبد العزيز:

فاستشار الكبار، إخوانه يومها، يعني كان عمي محمد، عمي عبد الله، أعمامي الكبار، لا شك أنه استشارهم، واستمزج رأيهم، إنما سعود له وضع خاص، لأن سعود بويع في الحرم، بويع من الناس.

أحمد منصور:

بعد وفاة الملك عبد العزيز.

طلال بن عبد العزيز:

لا. لا. في حياته.

أحمد منصور:

في حياته.

طلال بن عبد العزيز:

سنة 1932 ميلادي.

أحمد منصور:

بويع ولياً للعهد.

طلال بن عبد العزيز:

ولي العهد، ولم يبايع عائلياً، بويع جماهيرياً، ذهب إلى مكة وصارت البيعة في مكة.

أحمد منصور:

وهذه لم تتكرر لأحد من بعده.

طلال بن عبد العزيز:

لم تتكرر، لأن الظروف كانت تحتم على عبد العزيز أن يتبع هذا الأسلوب.

أحمد منصور:

الآن الأمير سعود أصبح الملك سعود بن عبد العزيز بعد وفاة الملك عبد العزيز عام 1953م، كيف بدأ الملك سعود يمارس.. هذه نقلة من حياة المؤسس إلى أحد أبنائه.

طلال بن عبد العزيز:

والله، الشهادة لله، كان ممارسة جيدة، إلى سنة 1957م، 1958م بدأت اللخبطة شوية.

أحمد منصور:

قبل اللخبطة، أنا أريد الفترة من 1953 إلى 1957/ 1958م.

طلال بن عبد العزيز:

كإدارة لا بأس بها، جيدة، على نفس الطريق التقليدي اللي ماشي عليه أبوه، يعني الناس يقولوا: نظام مجلس الشورى، هو نظام الشورى –كما ذكرت- عمل في وقت عبد العزيز وأنا كنت حاضره. يعني من ناحية الأنظمة..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

هذا مجلس شورى كان معين، كان الملك يعينه.

طلال بن عبد العزيز:

أيوه، ولا يزال.

أحمد منصور:

كان يجتمع به الملك، بمجلس الشورى في أوقات معينة يستشيره؟

طلال بن عبد العزيز:

لا. هي مجالس الشورى أصلاً، أو المجالس النيابية لا يجتمع معاها رئيس الدولة.

أحمد منصور:

هل كانت مجالس تشريعية أو..

طلال بن عبد العزيز:

شبه تشريعية.

أحمد منصور:

شبه تشريعية، كان رأيها معلم أم ملزم للملك؟

طلال بن عبد العزيز:

لا. كان دائماً اختياري.

أحمد منصور:

اختياري.

طلال بن عبد العزيز:

نعم.

أحمد منصور:

معلِم.

طلال بن عبد العزيز:

لأنه شورى معين.

أحمد منصور:

أنت قلت وزير للمواصلات في عهد الملك عبد العزيز، حينما انتقل الملك إلى الملك سعود هل بقيت الوزارة بشكلها وهيئتها أم الملك سعود أحدث تغييرات في هذا الأمر؟

طلال بن عبد العزيز:

لم يحدث تغييرات إلا أضاف إليها وزراء جدد، صار تعيينات وزير معارف، ووزير مواصلات، ووزير تجارة، فصار تعيينات إضافية.

أحمد منصور:

يعني أصبح هناك مجلس وزراء شبه..؟

طلال بن عبد العزيز:

بالضبط، لأنه شكل المجلس.

أحمد منصور:

في عهد الملك عبد العزيز.

طلال بن عبد العزيز:

عبد العزيز، وتم تشكيله تماماً ونظامه بعد وفاة عبد العزيز، فالأمور هي الحقيقة الأسس وضعها عبد العزيز في كل مجالات الحياة في المملكة العربية السعودية، ما إن أتى بعد عبد العزيز أكمل هذا المشوار بإضافات باجتهادات من عنده إصلاحية، سعود مثلاً أول من عمل الجامعة، أول من أمر بمدارس البنات، أول من أقام –شو اسمه هذا- ديوان المظالم، هذه إنجازات، إنجازات لا بأس بها، إنجازات سياسية، أنا لا أتكلم عن الإصلاحات Concrete (الكونكريت) ما يسمى بالإصلاح البنائي.

أحمد منصور:

العمراني.

طلال بن عبد العزيز:

أو العمراني، ولكن الإصلاح السياسي الاجتماعي، أنا هذي أعددها.

أحمد منصور:

في عام 1954 وصل الأمر إلى أنك استقلت من الوزارة، ما هي الأسباب التي دفعتك إلى أن تخرج من الوزارة وتقدم استقالتك في الوقت اللي كان عندك طموح لإنشاء طرق وتأسيس أشياء، وكانت المواصلات في هذا الوقت تعتبر شيء مُلح بالنسبة للمملكة لتحديثها في عملية التحديث؟

طلال بن عبد العزيز:

والله حصل يعني، إن هناك اختلاف في وجهات النظر، كان وجهة نظري أنها جوهرية كمجلس الوزراء، أولاً بالنسبة للنقلة من الطائف، تأسيس مجلس الوزراء، ونظام مجلس الوزراء الذي عمل من قبل، وضع من قبل الخبير الدستوري رشيد علي الكيلاني بطلب من الملك سعود أعطى الصلاحيات لرئيس الوزراء، وأنا أيدت هذا الكلام كطلال بن عبد العزيز –بصرف النظر عن أني وزير- أنا كنت قريب من الاثنين، من عبد العزيز ومن سعود، فلا بأس، عبد العزيز في آخر حياته، وهذا بيتهيأ أن يكون ملكاً، فلتكن الصلاحيات في يد رئيس الوزراء.

لما انتقلنا إلى الرياض صار النقلة الثانية، غُير النظام، وأعطى الصلاحيات للملك، فقلنا لا، يعني حتى لو أنت رئيس وزارة إبقى مثلاً حتى بدأ الاختلاف من هنا تطور الاختلاف على الميزانية، كان للبعض رأي في ميزانية الدولة، وصار جدل في المجلس، وكان يقعد جنبي (خالد القرقني) الذي عرف بخالد الوليد، سماه عبد العزيز خالد بن الوليد تيمناً بالزعيم الإسلامي القائد المعروف.

أحمد منصور:

الصحابي نعم.

طلال بن عبد العزيز:

فصار نقاش حاد، فعمل لي كذا خالد القرقني، وقال لي يا طلال نحن لسنا في دولة أحزاب إحنا في دولة يعني، تحكمونها أنتم فهذا النقاش الحاد بلاش منه، ما سمعت كلامه للأسف، يعني أنا أحمل نفسي الكثير من المسؤولية.

أحمد منصور:

يعني أنت نادم على موقفك في هذه الفترة؟

طلال بن عبد العزيز:

نادم بس على شرط الآخرين يندمون أيضاً، لا يكون الندم من طرف واحد، أنا نادم واعترف بس الآخرين كمان يعترفون هناك بيت القصيد، واللا أنا مُسلِّم أمري لله وأقول اعترفت، لو كنت بحالتي الآن وظروفي التي أتمتع بها الآن بوعيي وبإدراكي كنت عالجت الأمر بطريقة أخرى ولم أستقل.

أحمد منصور:

الآن أنت –بعد هذه الفترة- الآن تقول أنك ربما تصرفاتك، الشباب كان يغلبك، حماس الشباب كان يغلبك في تلك الفترة. ما هي كانت الطريقة في تصورك لحل الأمور وبقائك دون استقالة؟

طلال بن عبد العزيز:

في ذلك الوقت؟

أحمد منصور:

نعم.

طلال بن عبد العزيز:

المرونة، أن تكون أكثر مرناً مع إخوانك ومع الآخرين.

أحمد منصور:

يعني من قبلك أنت؟

من قبلي أنا، والآخرين قاعدين يقدرون اندفاعك وتحمسك للأمور ويشجعوك.

أحمد منصور:

هل كانوا يكبتوا؟

طلال بن عبد العزيز:

كان فيه نوع من الشد بين الطرفين.

أحمد منصور:

هل لأنك كنت أصغر منهم؟

طلال بن عبد العزيز:

صبياً.

أحمد منصور:

كنت صبياً.

طلال بن عبد العزيز:

آه.. وهم يعتقدون أنهم الأنضح، وهذا من حقهم على كل حال، بس كان ممكن أن تدار الأمور بشكل أو آخر.

أحمد منصور:

ممكن توصف لنا؟

طلال بن عبد العزيز:

والله أبداً أنا اللي اعتقدته أنه أنا..، أولاً كنا أطفال، شباب لما تولينا وزارة المالية، لكن في ذلك الوقت، يعني بينها فترة كم؟ يعني حوالي تسع سنوات.

أحمد منصور:

يعني عمر سموك على اعتبار سنة 1933م يعني كان عمرك 21 سنة؟

طلال بن عبد العزيز:

مثلاً أو 22 سنة.

أحمد منصور:

أو 22.

طلال بن عبد العزيز:

كنا صغار، أيه 22 سنة يعني وتكون في مجلس الوزراء فكنا أطفال، أعتقد كان بشيء من المرونة وشيء من التعقل كان يمكن أن تنفذ من هذه المعمعة وتصل إلي هذا بشكل أو بآخر الذي ينسجم مع المصلحة العامة، لكن مش بالانفعال، الذي حدث أني انفعلت واستأذنت رئيس الجلسة اللي هو نائب رئيس مجلس الشورى الأمير فيصل.

أحمد منصور:

رحمه الله.. نعم.

طلال بن عبد العزيز:

فمشيت، وقدمت استقالتي إلى الملك سعود.

أحمد منصور:

وأنت في فورة الغضب.

طلال بن عبد العزيز:

صحيح، فقال سعود: ليش تستقيل، فقلت له الأسباب، طبعاً دافع عن نفسه، وهذا من حقه أن يدافع عن نفسه، إنما أصريت أنا على الاستقالة، بعدها وجدت نفسي في جو مشحون، هذا كان شعوري، أكان على حق أم على صواب؟!، الله أعلم، مشحون فيما بيننا، للملك سعود أريد أن أخرج من البلد لمدة سنة، فقال لي: يا طلال أنت فيك شيء يعني في نفسك، أنا أحل المشاكل أيش فيك؟ كأخ أكبر يعني، بمثابة والدنا الآن، قلت له: على كل حال أنا بدي أخرج، فقال اللي تشوفه.

أحمد منصور:

كان الفارق بينك وبين الملك سعود العمر كام في تلك المرحلة؟

طلال بن عبد العزيز:

والله كان في ذلك الوقت؟

أحمد منصور:

نعم.

طلال بن عبد العزيز:

نفكر شوية.. لما نقول من 1922 لسنة 1952م يعني ثلاثين سنة.

أحمد منصور:

فرق؟

طلال بن عبد العزيز:

آه.. يعني فقلت له: أنا بأروح سفير. قال لي: كمان. ما خلصنا من الوزارة يعني.. كمان .. يقول لي وبعدين أنت صغير يا طلال.. أيش هيقولوا عنا الناس هناك، تعين سفير عمره صغير بالشكل هذا.. أيش هيقولوا عنا؟ قلت له: والله أنا هذا طلبي ولكم أن ترفضوه. كأنه شاور البعض فنده لي وقال: لا بأس روح سفير. قعدت تسعة أشهر، أنا كنت ناوي سنة.

أحمد منصور:

في أي بلد كنت سفير؟

طلال بن عبد العزيز:

في باريس.

أحمد منصور:

إلى فرنسا يعني؟

طلال بن عبد العزيز:

في فرنسا، قعدت تسعة أشهر سفيراً للمملكة العربية السعودية، إنما قضيت منها، وهذه من الأمور اللي تحزني، السفير لازم يقضي مدته كلها هناك..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

نعم في الدولة التي..

طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:

قضيت ستة أشهر منها في الرياض، وثلاثة أشهر فقط.. الطامة الكبرى من الجهل الذي كان يسود تفكيرنا في ذلك الوقت، أنه عندما تركت السفارة لم أودع المسؤولين.

أحمد منصور:

في فرنسا؟

طلال بن عبد العزيز:

في فرنسا.

أحمد منصور:

هل تركتها باستدعاء من الملك سعود؟

طلال بن عبد العزيز:

لم يستدعني. أنا اللي تركت.

أحمد منصور:

أنت اللي قررت أن تترك المنصب.

طلال بن عبد العزيز:

آه.. أنا تركت وبلغتهم يعني أريد أن أترك، فقال لي: بكيفك. أنا نصحتك.. حتى قال لي: أنا نصحتك ألا تذهب ورجعت في كلامي الآن.

أحمد منصور:

لكن أنت لك علاقات خاصة بباريس إلى اليوم، هل هي امتداد لتلك الفترة؟

طلال بن عبد العزيز:

أبداً، ليس لها علاقة، مالها علاقة.

أحمد منصور:

يعني كيف تقيم تلك الفترة وتنظر لها الآن بإسقاط تاريخي؟

طلال بن عبد العزيز:

والله يا أخي فترة راحة البال، وفترة لم الشمل، وفترة على بساطتها فيه نوع من أنواع الحوار، الغضب والزعل لا يدوم، الحقد واللي في النفوس يزول بسرعة، فعلا كانت أيامها لا بأس بها، كانت حلوة.

أحمد منصور:

كان إخوانك يستوعبونك على ما كان منك؟

طلال بن عبد العزيز:

والله كنا نستوعب بعض، يعني كان لا يمر ليلة إلا يكون الغداء أو العشاء في بيت أحد منا كان الوصال موجود أكثر، أكثر بكثير، في البلاد العربية كلها. للأسف فيه صار حتى هي الحضارة الغربية بهوامشها التي وفدت علينا فرقت حتى بين العائلة الواحدة.

أحمد منصور:

يقال إن علاقتك مع الزعيم جمال عبد الناصر بدأت تنمو بعد فترة 1954م، وكان لك إعجاب شخصي خاص بعبد الناصر، ولقاءات خاصة أيضاً معه.. كيف بدأت علاقتك بجمال عبد الناصر؟ وكيف تطورات ونمت.

طلال بن عبد العزيز:

أنا زرت الرئيس نجيب سنة 1954م في منزله، وكان الخلاف داباً بين الاثنين.

أحمد منصور:

نعم.

طلال بن عبد العزيز:

وكان معي القائم بالأعمال السعودي، قال لي الرئيس نجيب: وأنت أمامي يا فلان والخنجر في ظهري، أنا ما فهمت هذا التعبير، قلت: أيه يا فخامة الرئيس أيش تقصد؟ قال: الجماعة إياهم، من عبد الناصر وجماعته، كان يشكو لي ظروفه وأحواله.

أحمد منصور:

نعم.

طلال بن عبد العزيز:

نجيب.

أحمد منصور:

احك لنا عن هذا الموقف، يعني كشاهد على العصر، في فترة الحسم ما بين الرئيس نجيب والرئيس عبد الناصر.. احك لنا شعور الرئيس نجيب وما حدث بالضبط في هذه الزيارة التي قمت بها والتقيت بالرئيس نجيب.

طلال بن عبد العزيز:

لم أشعر إلا بهذا الكلام، قاله وكأن الخنجر في ظهري.

أحمد منصور:

استوعبت وأنت في هذه المرحلة؟

طلال بن عبد العزيز:

في أول وهلة فسألته، قال: الجماعة اللي إياهم، فاستفسرت منه، قال لي: عبد الناصر وجماعته يريدون إزالتي من هذا الكرسي بأي شكل أو وسيلة، ويمكن الآن يسجلون هذا الكلام لنا. هذا يقوله الرئيس نجيب. هي كانت أواخر 4 و..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

أغسطس تقريباً.

طلال بن عبد العزيز:

أغسطس أو.. في الصيف.

أحمد منصور:

فيما بعدها، نعم.

طلال بن عبد العزيز:

بعد أشهر طلبت مقابلة عبد الناصر سنة 55.

أحمد منصور:

حينما أصبح رئيس للدولة، رئيس مجلس قيادة الثورة.

طلال بن عبد العزيز:

قبل الدستور الدائم.

أحمد منصور:

سنة 1955م.

طلال بن عبد العزيز:

1955م، فقابلته في منشية البكري، أول مرة في صالون بسيط، لابس شو اسمه هذا؟

أحمد منصور:

قميص نصف كم.

طلال بن عبد العزيز:

قميص قصير في بيته، أول مرة قابلته، وكانت يعني زيارة مجاملة، بدأت العلاقة بيني وبين الرئيس عبد الناصر سنة 1958م.

أحمد منصور:

كعلاقة؟

طلال بن عبد العزيز:

كعلاقة يعني..

أحمد منصور:

وثيقة.

طلال بن عبد العزيز:

كنت مبعوثاً من هناك.

أحمد منصور:

من الملك سعود؟

طلال بن عبد العزيز:

من هناك، لا أستطيع أن.. برضه أنا قلت: فترة 1957م إلى سنة 1964م لا أريد أن أتحدث عنها، لأنها ستخلق لنا مشاكل وأمور وتساؤلات نحن في غنى عنها، مع أن رواية التاريخ تروى، والحقائق تُقال، إذا لم نقلها نحن ستقال من غيرنا، وربما تُقال في يوم من الأيام مشوهة، ومشوشة عليها، إنما للأسف العالم غير.. يعني غير.. أنا مثلاً..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

أما تجد مسؤولية تاريخية تجاه الأجيال أن تتحدث عن هذه المرحلة؟

طلال بن عبد العزيز:

ممكن، ولكن ليس هذا وقت.. عملية 1957م إلى 1964م هذه أريد ألا أتحدث فيها في الوقت الحاضر، إنما أتكلم عن إني كنت مبعوث لعبد الناصر، وذهبت من بيروت له في الشام..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

نعم، في دمشق.

طلال بن عبد العزيز:

في دمشق، طبعاً ما كان موجود، فلما جات الطائرة، عبد الحميد سراج استقبلني، وقعدنا في الشقة حقته، وكان عملوا لي طيارة روسية عسكرية، وكانت كلها مغطاة، علشان لما نمر مع إسرائيل ما يشوفوا النور، فطرت من الشام إلى القاهرة، واستقبلني سامي شرف.

أحمد منصور:

كان مدير مكتب عبد الناصر.

طلال بن عبد العزيز:

وقعدنا في قصر طاهرة، حتى زعلت يومها، أنا وصلت الصبح، وجاء المغرب وما شفت الريس عبد الناصر، فقلت يا أخي أنا جاي برسالة يعني مش معقول، فطيبوا خاطري، فشفته في الليل قلت له: يا أخي خلتني ملطوع في قصر طاهرة. قال لي: يا طلال ما دي بلدك، وأنا كنت مشغول، كلام من هذا القبيل، المهم قعدت وياه سبع ساعات.

أحمد منصور:

هذا كان اللقاء الأول اللي التقيت به من بعد 55؟

طلال بن عبد العزيز:

الأول، هذا صحيح، فبدأت العلاقة بيني وبينه.

أحمد منصور:

كيف كانت طبيعة هذه العلاقة؟

طلال بن عبد العزيز:

طبيعة إيه هو؟

أحمد منصور:

طبيعة العلاقة بينك وبين عبد الناصر.

طلال بن عبد العزيز:

والله كانت متينة، كانت متينة، وكانت مع مرور الأيام تزداد متانة وقوة، لأنه إحنا كنا معجبين بعبد الناصر.

أحمد منصور:

إيه جوانب الإعجاب اللي ..

طلال بن عبد العزيز:

الكاريزما اللي موجودة فيه، في ذلك الوقت، طريقة إلقائه الخطابات، ضد الاستعمار، ونحن كلنا ضد الاستعمار، وكنا يعني.. عبد العزيز وتاريخه كان عانى من الإنجليز واستعمارهم –كما ذكرت بالحلقة- التي كانت تحلق على مملكته وعليه شخصياً، فكنا يعني مشحونين، فجاء هذا الإنسان وانفجر تحت الاستعمار، وكانت كثير من أطروحات عبد الناصر كانت تلائم تفكيري، القومية العربية مثلاً..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

ما هي أهم هذه الأطروحات؟

طلال بن عبد العزيز[مستأنفاً]:

أنا لا أزال أقول: إيه هي القومية العربية؟ ليست شعارات، القومية العربية هي، وهذا اللي تعلمناه من دروس من بعد عبد الناصر، مش رفع شعارات، طبعاً من الأشياء التي نقدتها وكرهتها في هذا العهد أو العهود التي نادت.. أو الأشخاص الذين نادوا بعد الرئيس عبد الناصر بهذه الشعارات، إنه القومية العربية مقرونة بالاشتراكية، مقرونة بالحكم الديكتاتوري، طبعاً معادلة أنا أرفضها.

أحمد منصور:

لكن كانت واقعة؟

طلال بن عبد العزيز:

كانت ظاهرة، وكنا نتجاهلها في سبيل أمور أهم في رأينا، لكن لما وعينا الأمر، وجدنا لا.. أنه فيه أخطاء ارتكبت بسبب التفرد في الحكم، بسبب ربط هذه الأمور، نحن كلنا قوميين عرب، ليش؟ لأنه إحنا عرب. القومية بتأتي من القوم، من قومك، من عرقك.

يعني العملية مش عملية مثل الصهيونية، يعني عملية عنصرية، انتمائي للعرب، ولكن نحن لا نربط عروبتنا أو قوميتنا لا بالاشتراكية العلمية ولا بالديكتاتورية.

أحمد منصور:

اسمح لي سمو الأمير في الحلقة القادمة نتناول العلاقة الخاصة التي ربطتك بالزعيم عبد الناصر، ونتناول ما أطلق عليه تنظيم الأمراء الأحرار أيضاً في هذه الفترة.

طلال بن عبد العزيز:

إن شاء الله.

أحمد منصور:

ونكمل مرحلة الستينيات. شكراً سمو الأمير.

طلال بن عبد العزيز:

شكراً لكم والله.

أحمد منصور:

كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في الحلقة القادمة من برنامج (شاهد على العصر) لنكمل حوارنا مع سمو الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.

المصدر : الجزيرة