أحد أمراء الأسرة المالكة
شاهد على العصر

تاريخ الدولة السعودية كما يراه الأمير طلال ح3

كيف كانت علاقة الأمير طلال بالرئيس عبد الناصر ولماذا ساءت العلاقة بينهما بعد ذلك؟ ما حقيقة تنظيم الأمراء الأحرار؟ وكيف أبعد الأمير طلال من المملكة وسحبت منه الجنسية السعودية وكيف عاد؟
مقدم الحلقة أحمد منصـور
ضيف الحلقة – الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود
تاريخ الحلقة 21/10/2000

undefined
undefined

أحمد منصور:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل حوارنا مع صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود.

مرحباً سو الأمير.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أهلاً بك يا أخ أحمد.

أحمد منصور:

إحنا توقفنا في الحلقة الماضية عند محور هام، وفاصل في حياتك وفي شهادتك على هذا العصر، وهو اللقاء الهام بينك وبين الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1958م، وذكرت أن هذا الحوار استمر إلى سبع ساعات، ما هي أهم الأمور التي دارت بينك وبين عبد الناصر؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

هي الأمور فحوى الرسالة، الرسالة التي نقلتها إليه هذا كان الموضوع الأساسي، وبعد ما انتهينا منه تطرقنا إلى أمور كثيرة..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

ولا تريد أن تذكر ما هي الرسالة، ولا فحواها ولا مِن مَنْ.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

نعم؟

أحمد منصور[ضاحكاً]:

لا تريد أن تتطرق إلى..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

هذه كما قلنا داخله في عملية 1957م –1964م، لكن عندما يحين الوقت –إن شاء الله- لربما.. ربما نتمكن من رواية هذه الأمور.

أحمد منصور:

هل تعدنا أن تكون حلقة أيضاً أو حلقتين في هذا البرنامج؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

إن شاء الله أنا أعدكم بهذا، فتطرقنا إلى أمور كثيرة، فتارة يتطرق إلى مجلس الثورة، سألته مثلا ليش ما دخل مسيحي معكم؟

أحمد منصور:

في مجلس الثورة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

آه، أنا أتذكر بعض الأمور، فقال لي: أبداً يا طلال، صدفه، يعني لم يحدث.. أنا قلت يعني: هل معقول ثلاثة عشر –أظن كانوا- مش كده؟

أحمد منصور:

نعم، نعم.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ما فيه واحد مسيحي معكم!! كان لازم يكون فيه مسيحي، وأنتم –يعني- عايشين في مصر طول عمركم وتاريخكم إخوة بين المصريين.

أحمد منصور:

والمسيحيين.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

مسيحي ومسلم، ولما نيجي لثورة 1919م كان من الذين نفوا إلى الخارج مع الزعيم سعد زغلول كانوا مسيحيين، وكانوا في البرلمان منتخبين، وكانوا كذا..فلماذا لم يكن عضواً مسيحياً؟

فقال لي:صدفة يا طلال ولم نقصدها، وهذه وجهة نظر صحيحة، وقد سئلت عنها من قبلك.

فكان يتحدث عن –حتى- رجال الثورة، قال لي مثلاً عن الرئيس السادات، قال لي: الرئيس السادات لا يصلح في سلطة تنفيذية.

أحمد منصور:

عجيب.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

نعم، أنا قال لي هذا، هو أمور نظرية في الصحافة، في الحريات في كذا.. في كذا..

أحمد منصور:

ولهذا كان وضعه الرئيس رئيس مجلس إدارة لدار التحرير التي كانت تصدر الصحف في ذلك الوقت،في العام 54.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

هذا نعم، هو كان رئيس تحرير، فكان هذا يعني من الأمور.. كنا نتطرق إلى أمور حتى في داخل مصر.

أحمد منصور:

ماذا ذكر لك عن الآخرين من أعضاء مجلس قيادة الثورة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أبداً، أنا سألته عن البغدادي كان صديقي، وعرفته سنة 1955م، فسألته إيه رأيك في عبد اللطيف؟ قال: هذا من أفضل الرجال؟

أحمد منصور:

عبد اللطيف البغدادي؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

البغدادي، رجل إداري، له نظرة شاملة للأمور، وحقيقة أنا أعتمد عليه كثيراً في إدارة الدولة.

أحمد منصور:

معظم مجلس قيادة الثورة ثار خلافات بينهم وبين بعض.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

فيما بعد، صح.

أحمد منصور:

فيما بعد في الفترة الأخيرة، لكن تقييم الرئيس عبد الناصر في عام 1958م لمن حوله من الرجال.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

والله ذكرنا نحن فقط السادات ذكره والبغدادي، هذا الذي بالنسبة وعملية المسيحي ليش ما كان عضواً في التأسيس، عبد الناصر –لا شك- كان زعيم مستقيم في حياته، كما ذكرنا عنده الكاريزما في الخطابة، في الطلة، وكان له احترامه، أو سميها اللي تسميها عند الغرب..عند العامة، ولكن لم يستغل هذه الأمور الاستغلال الصحيح كزعيم دولة مهمة كمصر، لم يكن عنده المرونة الكافية كسياسي، يعني كان ناشف شوية.

أحمد منصور:

هل هذا سبب من الأسباب اللي أدت إلى بعض الكوارث مثل هزيمة 1967م مثلاً؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

والله أنا أعتقد هذا، أنا أعتقد نعم أعتقد هذا يعني مثلاً كارثة 1967م، لو كان هناك انفتاح على الآخرين، لو كان هناك نوع من أنواع الديمقراطية، لو كان هناك نوع من المرونة في التحدث مع الجهات المعنية العربية للتنسيق، بس كان عداوات، وجد عداوات عربية..

أحمد منصور:

تقييمك ده لعبد الناصر، عدم المرونة السياسية عند عبد الناصر هو تقييم آني، الآن واللا تقييمك أيضاً في المرحلة..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

من ذلك الوقت.

أحمد منصور:

يعني لاحظت في هذا اللقاء المطول أنه ليس عنده مرونة سياسية؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

آه، لا، بعد اللقاء، يعني بعد في الستينات لاحظنا هذا الكلام.

أحمد منصور:

لكن علاقتك به كيف بدأت تنمو بعد عام 1958م؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

بدأت 1958م وصرت كل ما آتى إلى مصر أتصل بمصطفى أمين، وكان من المقربين له جداً، وكان هو الذي يقوم بالاتصال بمكتب الرئيس، ويحدد الميعاد، سواءً في الإسكندرية أو في القاهرة في معظم رحلاتي إلى مصر، واستمرت العلاقة إلى سنة 1963م.

أحمد منصور:

في الفترة هذه كان علاقة جمال عبد الناصر بالمملكة العربية السعودية علاقة متوترة.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

كانت سيئة.

أحمد منصور:

في أواخر الخمسينات.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

كانت سيئة، أنا أتذكر.

أحمد منصور:

لكن علاقته مع سموك.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

كانت مستمرة.

أحمد منصور:

ممكن، عفواً اسمح لي قل لنا: إيه البعد هنا اللي خلى العلاقة معك علاقة مستقرة وجيدة، والعلاقة مع الدولة..؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أبداً، أنا كنت أفرق دائماً، ما هو الحكام معظم الحكام العرب يقول لك: ما دام هو الحاكم طيب مع الآخرين أنت بالتبعية تكون طيب، إذا كان ثار مشاكل أنت بالتبعية يكون لك مشاكل، وهذا غير صحيح. نفرق بين سياسات الحكومات وبين العلاقات الشخصية، وهذا أعتقد..

أحمد منصور:

علاقات الشعوب.

الأمير طلال[مستأنفاً]:

هذا أعتقد إنه حتى يجب أن تستمر لأنها ربما في يوم من الأيام هذا الحاكم يحتاجك في نقل رسالة أو اتصال بالجهات المسؤولة التي بينك وبينها خصومة، هذه لم يستغلوها إلى الآن، وهذه أعتقد من الأخطاء التي ترتكب عربياً.

استمرت هذه العلاقة مع عبد الناصر إلى أن قامت حرب اليمن، وللمزايدة على جماعتنا في الرياض لأن كنا مش زعلانين يومها أيدنا حرب اليمن، بس أنا –في قرارة نفسي- ما كنت مع حرب اليمن حتى رجال عبد الناصر –بعض رجاله في الداخل وأنا بأعرفهم- كانوا يعارضون إرسال الجيش لليمن لأنه فيه إسرائيل، كل تحرك إفريقي يبعثه لمساعدة إفريقيا..

أحمد منصور:

الرئيس عبد الناصر أرسل قوات إلى الكونغو في عام 1960م.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

مثلاً، أو اليمن، دي بتضعف الجيش المصري تجاه العدو الأكبر اللي هو إسرائيل. وهذا ما حدث، يعني في 1967م من الذين يكتبون التاريخ، ومن الذين أدلوا بدلوهم في عملية كارثة 1967م يقولوا من أسبابها الجوهرية هو وجود أكثر من سبعين ألف جندي في اليمن، فأنا كنت متحفظ على هذه الأمور.

أحمد منصور:

هم يقولوا: إن القوات اللي كانت في اليمن وقت الحرب لا تزيد عن خمسة آلاف، لكن أسباب الخلاف ما بين الملك سعود وما بين جمال عبد الناصر، في نقاط؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

والله غريبة، إلى سنة 1956م كانت العلاقات.

أحمد منصور:

جيدة.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

جيدة ومتينة، وفعلاً –كأي علاقات عربية إلى اليوم- لا تعرف كيف تبدأ وتتحسن، وكيف تتحول إلى خصومة، هي عملية مزاجية..

أحمد منصور:

بين الحكام أنفسهم.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

بين الحكام، يعني عملية الوفاق أو الغضب والزعل من بعض لا يقوم على أسباب جوهرية وسياسات منهجية إطلاقاً، إنما على أمور شخصية. وهذا ما نشوفه إلى اليوم، وكذلك حدث مع سعود ومع عبد الناصر.

أحمد منصور:

يعني لم تكن هناك أسباب محددة يمكن للتاريخ أن تذكرها كشاهد على العصر أدت إلى سوء العلاقات.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

والله شوف، تتوقع من الذي يكتب التاريخ إذا كان منصفاً ومحللاً لأسباب هذا الخلاف أو ذاك لا شك أنه سوف يبينها للناس، وسوف يدلي بدلوه، ويقول عن أسباب هذه الخلافات وكيف بدأت، ويشرحها شرحاً دقيقاً وعلمياً وصحيح حتى يوضح الحقيقة.

أحمد منصور:

لكن سموك كشاهد على العصر.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أنا بشوف إن العملية مزاجية، لم أر سبباً جوهرياً لهذه الاختلافات.

أحمد منصور:

كيف بدأت الخلافات؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لأنه ما قعدوا يتحاورون، عمرهم ما جلسوا يناقشون، زعلت عليك زعلت عليك صارت القطيعة.

أحمد منصور:

إيه السبب اللي أدى إلى الخلاف في عام 1956م ثم تطوره واستفحاله بعد ذلك.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

الزعامات، الزعامات، يعني أنا من الأسباب اللي أراها –وربما أكون مخطئاً فيها- إن العملية إشمعنى فلان زعيم وأنا مش زعيم؟ هذا يهددني أمنياً بخطاباته واستخباراته –مخابراته يعني- وبكذا، هذه عوامل لربما من الأسباب التي خلقت هذا التوتر بين الحكومات العربية.

أحمد منصور:

كان في ذلك الوقت انتشرت حركات الضباط الأحرار في جيوش بعض الدول في المنطقة، الأردن، في العراق، في –ربما- سوريا، ربما بعض الدول والأنظمة، وحركة الانقلاب أو الثورة اللي قام بها عبد الناصر جعلت العسكريين في معظم هذه الدول يطمحوا إلى أن يصلوا إلى ما وصل إليه عبد الناصر من زعامة بدأت تتشكل في أواخر.. بعد سنة 1956م على وجه الخصوص.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

طال عمرك، هذه من الأمور التي آخذها على الرئيس عبد الناصر، عندما صارت الوحدة.

أحمد منصور:

بين مصر وسوريا.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

بين مصر وسوريا كان من شرطة الأساسي ألا يتدخل الجيش السوري في السياسة، طيب كيف تطلب من الجيش السوري ألا يتدخل في السياسة وأنت بنفسك بتحرض الجيوش العربية الأخرى أن تقوم على حكوماتها المدنية؟!

ففيه تناقض، هذه من الأمور اللي جعلتني –يعني- أشكك في هذا المسار، أنت بتقول الجيش السوري أنا أشترط عليكم-في الوحدة مع سوريا- ألا تتدخلوا في السياسة، إذن معناها أردت تبعد الجيش عن السياسة، في الوقت الذي نحرك الجيوش في دول عربية معينة –لا أريد أن أذكر اسمها وهي معروفة- لجيوشها أن تقوم على الحكومات المدنية، معناها أنك أنت مع العسكر في الوقت اللي كنت ضدهم في سوريا، ففيه تناقض.

أحمد منصور:

هل هناك تناقضات أخرى تأخذها على الرئيس عبد الناصر؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

والله أنا أتصور أن الزعامة القومية العربية، وهذا لم الشمل العربي من خلال الميكرفون كان لازم يتبعه تنظيم صحيح برضا الحكومات، صعب: الحكومات مركزية، ولها تاريخ، ولها أمور ولها كذا..

أحمد منصور:

طيب القمم العربية التي بدأت بقمة 1964م ألم يكن لها دور في لم الشمل العربي؟ أم كانت شكلية؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لا، ما كانت، كانت متروكة لعبد الناصر، يعني حدث مثلاً، طيب الانقلاب، نأخذ الانقلاب في العراق، هل الحكومات التي جاءت بعد (نوري السعيد) كانت مؤيدة لعبد الناصر؟

أحمد منصور:

ده انقلاب 1957م؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

1958م.

أحمد منصور:

1958م عفواً.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

1958م، فترة صغيرة اللي هي الرئيس عارف، عبد السلام عارف فقط، ما عدا ذلك أبداً، يعني حقيقة الأمور لما تقوم انقلابات بوحي أو بدعم من مصر أو كما يقولون، إنما لا شك مصر لا كان لها يد في هذا الموضوع، هل هي سارت في سياسة الرئيس عبد الناصر؟ أبداً معظمها لم يسير في سياسة الرئيس عبد الناصر، لأن الزعامات دائماً، الزعيم عندما يتولى الكرسي يريد أن يكون هو الزعيم، هذه ما تعلمناها، ما تعلمها الرئيس. هذا من مآخذي عليه.

أحمد منصور:

نعم، هل كان في لقاءاتك وحواراتك مع الرئيس عبد الناصر في تلك المرحلة كنت تتطرق إلى هذه الأمور؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

بحذر، لأنه كان لا يتجاوب، يعني بحذر يتكلم فيها، ويتحدث وجهة نظره، ولكن أنا شخصياً كنت حذر جداً أن أفتح هذه المواضيع، لأنه أيضاً من الأسباب المانعة الخوف أن.. معه، أنه وكأنني أقول له عن السعودية، لربما تؤوّل فكنت حذراً من هذا، ولم أكن أتطرقها.

أحمد منصور:

لكن هو كان نظرته إيه للخلاف بينك وبين إخوانك في تلك المرحلة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

والله شوف، هذا أمور غريبة، محمد بن عبد العزيز كان هناك في مصر، والأكبر محمد وكان هو اللي سيأتي ملك، يعني لو لم يتنازل محمد لأخوه خالد كان هو الملك.. ناداه، كان دب الخلاف عندنا شوية.

أحمد منصور:

في أي سنة؟ لو تذكر.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أتصور سنة 1956م، 1957م، أظن لا أتذكر التاريخ بالضبط، فجاب محمد عنده في القصر، قال له: يا محمد هذه رسالة لإخوانك قول لهم: الخلاف بينهم لا يخدم المصلحة العربية.

أحمد منصور:

يا سلام!!

الأمير طلال بن عبد العزيز:

طبعاً، هذه الأمور يعني اللي تجعل الإنسان، ليش نقول عبد الناصر زعيم؟ يعني فيه نواحي لا بأس بها، لكن إيش اللي حوَّله؟ إيش اللي كان؟ هذا اللي يدوخني كما يقول المثل الحجازي، يدوخني.

أحمد منصور:

لكن بعد ذلك دعم الخلاف وضخمه؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

بإعلامه.

أحمد منصور:

بإعلامه.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ليس عندي علماً أو إثباتاً مادياً يقول: إنه تدخل مادياً.. إعلاميا.

أحمد منصور:

لكن علاقته بسموك الخاصة، وأنت كنت على خلاف مع إخوانك في تلك المرحلة، ألم يكن هذا دعماً للشقاق بينكم؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أنا مجيئي إلى هنا؟

أحمد منصور:

مجيئك إلى هنا وعلاقتك به؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أنا مجيئي إلى هنا مضطراً، لأن لما قعدنا في بيروت، لبنان رفضت تدينا باسبور.

أحمد منصور:

كيف خرجت إلى بيروت؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أنا رحت مع والدتي مريضة، ونحن عائدين إلى.. هذه برضو من الأمور اللي لا أتحدث فيها، لكن ممكن أقول لك هذه النقطة، ففوجئنا بسحب باسبورتاتنا.

أحمد منصور:

سنة كام سمو الأمير؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

سنة 1962م، أغسطس.

طب وين أروح؟ أصبحنا الآن..

أحمد منصور:

كنت إلى 1962م تقيم في المملكة بشكل طبيعي؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

آه، بشكل طبيعي.

أحمد منصور:

رغم بعض الخلافات التي كانت موجودة.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

رغم الخلافات، وكان هذا الطبيعة الحلوة فينا، يعني تعلمنا من عبد العزيز إنه مهما كان بينا من خلافات، إنما بقاءنا، هذه بلدنا كلنا، مش بلد واحد وهي ليست بلد الآخر بل للجميع حتى المواطن العادي، في العالم المتحضر لا يمكن لك تستطيع أن تمنع أحداً من الإقامة في بلده، أو تمنعه من العودة إلى بلده إطلاقاً، تسجنه، تعدمه أنت حر، لكن تمنعه من بلده هذا لم يحدث. إحنا كنا أولى بهذا، إنما حدث، ففوجئنا بسحب باسبورتاتنا، جيت شفنا أنفسنا أنه مقيمين في لبنان إقامة غير شرعية، بصفة إيه؟ طب نروح فين؟ الذي حدث أنه الإخوان اللي كانوا معنا قالوا: مالك إلا مصر، علاقاتك طيبة مع عبد الناصر، ومصر بلد آمنة، لبنان كان فيها فوضى أمنية أيامها، يمكن يجيك واحد يقتلك يقتلنا.

أحمد منصور:

صحيح كانت استخبارات العالم تلعب فيها كلها.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

بالضبط، قلت: يا جماعة أنا والله بأعرف أقابله، بالرغم إنه صديقي بس أفضل ما نروح، لأنه سوف يستغل وجودنا إعلامياً ويقول: شهد شاهد من أهلها، بلاش نروح، المهم قالوا والله: يا ويلك.

أحمد منصور:

سموك كنت وزير؟ كنت وزير في هذا الوقت.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لا، لا.

أحمد منصور:

بعد الوزارة.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

آه بعدها بأشهر.

أحمد منصور:

نعم، سنعود لها.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

بعدها بأشهر، فقلت: والله صحيح. ذهبت على سفير مصر في ذلك الوقت، ناسي اسمه الآن، كان حتى يسمى السلطان، لأنه كان أيام الوحدة وهو في بلده صار، كان هو اللي يحكم لبنان، ناسي اسمه الآن، سفير مصر، لما كلمته وكأنه منتظر مكالمتي، سبحان الخالق، قلت له: إحنا عاوزين باسبورت passport، قال بس باسبورتات يا فلان يا أهلا وسهلا، بس يا فلان طلب الباسبورت، هذا اللي جعلني أعرف أنه محضر لأن الصحف اللبنانية كانت تكتب هذه الأمور، فلا شك أنه قرأ ورفع اللي كذا وكذا، بس أنتم تحتاجوا لباسبورتات دبلوماسية، والدبلوماسية لا تطلع إلا من مصر.

أحمد منصور:

كان معك أحد من إخوانك؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

اثنين.

أحمد منصور:

من إخوانك.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

فبعدين قال لي: أنا هذه كانت راحت عن بالي، هو ممكن يعطينا باسبور دبلوماسي من السفارة، بس راحت عني.

المهم قلت له: طيب، نروح مصر، كلمت مصطفى أمين، يا مصطفى الأمر كذا وكذا وقال لي: لا، لازم تيجي –أنت عارف مصطفى أمين وحماسه- لازم تيجي، ومصر ترحب بك، قلت له: أنا مش عاوز ترحب بي، أنا عاوز الباسبورتات، رحنا إلى مصر استقبلونا في المطار، عبد القادر حاتم والتليفزيونات والأنوار علينا والدنيا.

أحمد منصور:

كان وزير إعلام في ذلك الوقت.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

كان وزير إعلام، هيصة، الأمراء الأحرار..

أحمد منصور:

يعني هذا هو تنظيم الأمراء الأحرار.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

هو كده.

أحمد منصور:

لم يكن هناك تنظيم بالفعل.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

والله أبداً، إطلاقاً.

أحمد منصور:

لم يكن هناك تشكيل لم يكن هناك..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

إطلاقاً، كله حدث كذا بالصدفة وبعجلة بشكل يعني غريب.

أحمد منصور:

شعرت أنه فخ لكم؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أنا شعرت من لبنان.

أحمد منصور:

أنه فخ.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

آه، خفت، قلت: لا نروح مصر، لأن الرئيس عبد الناصر حيمسكنا وحيستعملنا، ويستغلنا إعلامياً ويقول: هؤلاء شهد ناس من أهلها، فأفضل لنا ألا نذهب.

أحمد منصور:

كانت الخلافات متصاعدة بينه وبين المملكة وبين الملك سعود في ذلك الوقت؟

والملك فيصل.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

على طول، على طول، وكان هذا قبل حرب اليمن.

أحمد منصور:

قبل 1962م.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

المهم، رحنا له في الإسكندرية في بيته في المعمورة على البحر.

أحمد منصور:

كان انطباع سموك إيه لما فوجئت بالتصوير وبالإعلام، وما يسمى بالأمراء الأحرار؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ما عرفت قلت هذا اللي يريدوه، هذا اللي قلت لإخواني في بيروت.

أحمد منصور:

هل طلب منك الإدلاء بتصريحات؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

آه صرحنا.

أحمد منصور:

قلت إيه؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

والله أبداً، برضو مع التحرير العربي، ما الكلام اللي كان يقال، الشعارات إياها، الشعارات إياها للأسف يعني فرحت له..

أحمد منصور:

كنت مقتنع بها –عفواً- أم الظروف جعلتك؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لا، كنت مقتنع.

أحمد منصور:

كنت مقتنع.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

في كثير منها، في كثير منها لا شك، لذلك أنا كنت معجب به.

أحمد منصور:

يعني فيه حاجة اسمها الناصرية أم دي أفكار؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لا، فيه، فيه.

أحمد منصور:

فيه.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

كان موجود، الآن –طبعاً- تآكلت، ولكن لا يزال لها في الأرض وجود.

أحمد منصور:

كنت على قناعة بهذا الفكر؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

في الأول نعم، في الأول.. بعدين لأ لما فكرت..

أحمد منصور:

إيه المبادي اللي عجبتك في الفكرة نفسها؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

كما قلت لك: إنه طلع عندي زعيم يلم العرب حتى بالميكروفون.

أحمد منصور:

يعني أيضاً القناعة كانت بشعارات.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

كانت بداية.

أحمد منصور:

كانت بالشعارات،وليست بشيء واقعي ملموس.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ما حصل واقعي أصلاً. لم يحدث شيء واقعي.

أحمد منصور:

يعني أنت لازالت..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

إيش اللي حدث؟ حدث سوريا وانفصال مضبوط أم لا؟

أحمد منصور:

نعم.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

يعني السوريين حملوا سيارة الرئيس على أكتافهم، والشعب نفسه أيد الثورة، الانقلابيين على الرئيس وعلى الوحدة أواللا لا؟

أحمد منصور:

نعم. صحيح.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

الشعب السوري، يعني منها شخصيات كانت تؤيد عبد الناصر وكانت مع الانفصال، لأنه اعتبروا أن الوجود المصري هو استعمار وليس وحدة، والشعب السوري بمزاجه وتفكيره السياسي والاجتماعي والزراعي والصناعي يختلف عن المصريين، فأراد المصريين أن ينقلون عاداتهم إلى سوريا، هذا ما[لا] يريده السوري، كل بلد لها طبيعتها، يجب أن نعترف، لذلك أنا أدعو للوحدة العربية.. للوحدة التكاملية وليست الوحدة الاندماجية.

أحمد منصور:

سوف نأخذ هذه بالتفصيل، ولكن هل كان تسمية الأمراء الأحرار على غرار الضباط الأحرار؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

آه، هم سمونا كده.

أحمد منصور:

سموكم كده؟!

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ما هم ضباط أحرار فإحنا بالتبعية أمراء أحرار.

أحمد منصور:

أمراء أحرار.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

إحنا فوجئنا بها في المطار، لكن مشيت علينا، رحت له الإسكندرية.

أحمد منصور:

وأنت قبلتها وتعاملت معها بعد ذلك؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أبداً أبداً، خالص، أصبحنا الآن مربوطين بمصر، خلاص أصبحت يعني (ديفاكتو) defacto كما يقولون أمر واقع، أمر واقع في مصر، فكنا لازم نسير في هذه السياسة وهذا التوجه إلى أن يفرجها الله.

أحمد منصور:

هل دفعت ثمن، تعتبر نفسك دفعت ثمن لهذا؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

يعني دفعت الثمن، في رأي البعض، رأي الآخرين رأي الآخرين إنه دفع الثمن، لكن أنا أشوف إنه دفعت شيء من الثمن، وهذا كل إنسان يقوم بعمل من هذا يجب أن يدفع ثمناً معيناً، هذا..

أحمد منصور:

ما هو الثمن سمو الأمير؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أبداً، أنا بالنسبة لي إنه برضو لو كنت بعقلي الآن كنت تصرفت بشكل آخر.

أحمد منصور:

ما هو الشكل الذي كنت..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

رغم أن التهمة التي وجهت إلينا باطلة باطلة باطلة، باطلة وكانت يعني، مجحفة في حقنا وليست صحيحة، ولكن حصلت على كل حال، وكان ممكن مداراتها من أول الأمر، لأن هي بدأت تتراكم الأمور، مش جت فجأة، تتراكم العملية إلى أن صار الانفجار. فرحنا له في الإسكندرية، شفته، أهلاً وسهلاً كأصدقاء، معي سعيد فريحة ومعي ابنه بسام فريحة صاحب الصياد.

أحمد منصور:

الصياد نعم.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

وحدنا بس، قال لي: يا طلال، أنا قلت لفخامة الرئيس: أنا بدي جوازات، قال لي: بس باسبور، أنا أعطيك خمسمائة، من 21 أغسطس قعدنا ل 15 أكتوبر ولا باسبور ولا شيء.

أحمد منصور:

كنت تريد الباسبور للتحرك خارج مصر؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

عشان نترك..

أحمد منصور:

آه، يعني لم يكن لك نية في الإقامة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لا لا أبداً، أنا آجي مصر ومكتبي.. أنا عندي مكتب في مصر من زمان، وعندي أملاك في مصر، مصر بلدي، أعتبرها بلدي مصر، دائماً الناس يعرفون هذا التوجه لي أنا، فكان لنا إقامة وكده إني آخذ الباسبور وأحمله عشان.. لحرية التنقل، آخذه وأرجع بيروت، الخمسة عشر هذه الأيام قامت فيها الثورة، ثورة اليمن.

أحمد منصور:

اليمن عام 1962م.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

وأيدناها.

أحمد منصور:

أنت أيدت الثورة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أيدتها.

أحمد منصور:

رغم رفض المملكة للثورة ووقوفها ضدها.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ورغم عدم قناعتي أنا، لو كنت الآن ما كنتش اتبعت هذا الأسلوب..

أحمد منصور:

يعني الآن حينما تعمل إسقاط تاريخي تشعر أن تصرفك هذا..؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

نعم نعم، في هذه ما كان حكيم، لأنه الذي حدث فيما بعد أنه صار الاحتدام بين الدولتين –اليمن والسعودية- واليمن تساعدها مصر، هي بدأت بخمسة آلاف جندي على كل حال كما ذكرت، بدأت بكتيبة أو كتيبتين.

أحمد منصور:

يُقال: إنها انتهت إلى سبعين ألف.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

إنما وصلت إلى أرقام هائلة طبعاً، لكن لما ضربوا (جيزان) الإخوة المصريين، أنا غضبت وكنت عند الرئيس، وقلت له: كله إلا ضرب البلد.

أحمد منصور:

ضرب جيزان وكانت جزء من المملكة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

طبعاً جيزان هي يعني، محافظة موجودة في المملكة، اللي هي يسموها محافظة في مصر، وفي بلاد ثانية اللي إحنا نسميها يعني أمارة.

أحمد منصور:

إمارة.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

فقلت للرئيس: لا نقبل، فبدأ حتى لما قلت له: يا ريس ليش تضربوها كشر في وجهي، هو أسمر وزاد سماره، قال لي: يا طلال إحنا بندافع عن أنفسنا، بيجيني إمدادات من جيزان، بيجينا البدر من جيزان. قلت له: برضو أنا لا أقبل أن تضرب شبر من السعودية، فبدأ الخصومة فيما بيننا من هذه النقطة.

أحمد منصور:

يعني هذا اللي أدى إلى توتر العلاقة بينك وبين الرئيس عبد الناصر؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

هذا صحيح.

أحمد منصور:

موقفك من ضرب.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

من ضرب جيزان.

أحمد منصور:

جيزان بالطائرات، هل كنت تعتبر حرب اليمن كانت حرب بالوكالة بين مصر والسعودية؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لا، هو الثورة كانت مصرية ليه؟ لأنه أصدقاءنا اليمنيين أحمد النعمان رئيس الوزراء، القاضي الأرياني رئيس مجلس الرئاسة، الأخ الزبيري المشهور..

أحمد منصور:

القاضي الشاعر نعم.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

القاضي الزبيري، الشاعر والأديب، الوزير، الزعيم، كانوا كلهم أيدوا (البدر) ليه أيدوا البدر؟ وأصدقائي أنا، أيدوا البدر، لأنه البدر عمل البيان حقه من أربعين نقطة، وقال بالديمقراطية، بحرية الصحافة، وبالنقابات.. إلى آخره، فنشروا بيان في الأهرام وأيدوه، أتاري العملية بتحبك بطرق أخرى سرية للسلال وأمثاله للقيام بالثورة. الناتج عن هذا سجن هؤلاء الزعماء، الرئيس عبد الناصر سجنهم بطلب من الثورة، هم لاجئين.

أحمد منصور:

بطلب من عبد الله السلال وزعماء الثورة.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

إلى آخره، هم لاجئين، كيف تسجن ناس لاجئين؟

أحمد منصور:

وهو قبل لجوءهم هنا.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

وقبل لجوءهم.

أحمد منصور:

وحمايتهم.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لا يجوز، هذه من مآخذي عليه، فمادام أيدوها وهم لا يعلمون عن التحركات السرية، هذه من الأمور كمان اللي هي عليها علامة استفهام، فأقول لك: إن العملية الحقيقة المتتبع لمثل هذه الأمور يجد أن الحكم الفردي يتحمل ذنوب مهما كان له من حسنات برضو غلطة واحدة تمحي كل هذه الحسنات، لذلك إحنا دائماً نقول: نحن ضد حكم الفرد.

أحمد منصور:

تفسر هذه المرحلة بأنها كانت حكم فرد؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

طبعا، ما هي حكم فرد، طبعاً، مين كان يحكم مع الرئيس؟

أحمد منصور:

لكن أنت كنت سموك في هذه الفترة من المقتنعين بهذا و..؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ما أنا تركت.. قلنا إحنا زعلنا سنة 1963م.

أحمد منصور:

1963م.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

آه.

أحمد منصور:

أنا أريد أعود قليلاً إلى الوراء إلى عام 1960م..

الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:

لا هي الأمور.. أهم من كده أنا كنت أنادي بالديمقراطية في الرياض، في جريدة الرياض وجريدة القصيم في بلدي، وكنا ماشيين مع عبد الناصر في حكمه الفردي، لأنه وجدنا في ذلك الوقت أن الشعارات المطروحة: العروبة والوحدة وضد الاستعمار.. إلى آخره كلها شعارات جذابة، وكنا نعتقد أنها تخدم المصلحة العربية، وهذا كان خطأ، وكانت تناقض أهدافنا ومبادئنا في الديمقراطية وفي الحرية، ومع ذلك أيدناها، ومن حق الإنسان اللي يشاهدني يقول: هذا يناقض نفسه، أنا لا أناقض نفسي ولكن أذكر وقائع تاريخية.

أحمد منصور:

أريد أن أعود إلى عام 1960م وعودة الملك سعود إلى تشكيل الحكومة، أنت لا تريد أن تتكلم عن الفترة.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

1961م.

أحمد منصور:

من 1957م إلى 1964م، في العام 1961م تم الملك سعود..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

تشكيل الوزارة.

أحمد منصور:

أعاد مرة أخرى، وتم تشكيل الوزارة وعينت وزيراً للمالية فعدت مرة أخرى إلى الوزارة وإلى المسؤولية. أعتقد الآن صار فيه نضوج ما بين فترة وزارتك للمواصلات وأنت شاب يافع في العشرين أو الحادي والعشرين من العمر وما بين الآن أنك أصبحت شاب في عام 1961م، كان لك رؤى إصلاحية في هذا الوقت ورغبة في.. أو أطروحات متميزة، ما هي أهمها؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أنا اللي أقدر أقوله في هذا الحقبة من التاريخ: إنني أقول أُجبرنا أن نكون وزيراً للمالية والاقتصاد.

أحمد منصور:

كيف؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لا أريد أن أتكلم في هذه النقطة، ولكن أُجبرنا ولم يكن برغبتي إطلاقاً، لكن لما يحين الوقت أعدك بأنني سأذكر لك التفاصيل، أُجبرنا، وكان ممكن أيضاً معالجة الأمر بطريقة أو أخرى غير الطريقة التي عولجت بها من جميع الأطراف وليس مني شخصياً.

أحمد منصور:

داخل الأسرة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

داخل الأسرة، ومن ساعدهم من خارج الأسرة، كان ممكن تعالج طريقة أكثر مرونة وأكثر ليونة وأكثر واقعية ونخرج من الورطة اللي ربما كنا وقعنا فيها، إنما أنا لم أكن راغباً في تولي هذا المنصب إطلاقاً.

أحمد منصور:

بقيت تسعة أشهر في هذا المنصب.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

تسعة أشهر.

أحمد منصور:

مارست مسؤولياتك كوزير؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

مارست مسؤولياتي.

أحمد منصور:

مارست مسؤولياتك.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

مارست مسؤولياتي، لكن ممكن أقول لك هذا يعني، وأنت ما شاء الله يعني مثل ما بيقول الإنجليز Pulling my leg.

أحمد منصور[ضاحكاً]:

شكراً.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

يعني بتجر رجلي لكن برضو أنا هأكون أحذر منك، يعني تسع أشهر كان منها أشهر كثيرة مشغولين بالمشاكل، يعني كان راحت مجهوداتنا بالمشاكل، لكن على كل حال مثل ما قلت لك: أنا استقلت سنة 1954م، وسنة 1962م أُقلت.

أحمد منصور:

أُقلت!

الأمير طلال بن عبد العزيز:

آه أُقلت.

أحمد منصور:

لم تستقل رغم أنك أُجبرت على قبول الوزارة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

نعم، نعم هذي صحيحة..

أحمد منصور:

كيف كان تأثير إقالتك عليك؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أبداً، ثاني يوم رحنا لأبونا اللي هو سعود كأبونا وسلمنا على يده وقعدنا معه نتكلم وكأن.. وآدي عائلتنا اللي يجب أن تكون، مش أنت طلبت مني إني أخرج من الوزارة، خلصنا من السياسة وجينا كأب، قعدنا سلمنا على يده، وقعدنا تحت الأرض كوالد، وصرنا طبيعيين..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

بعدها سافرت إلى لبنان.

الأمير طلال[مستأنفاً]:

ولكن أتوا أصحاب الشر والنميمة والقيل والقال وأفسدوا مرة ثانية بيننا، وحصل أنني لجأت إلى مصر.

أحمد منصور:

بعد رحلة لبنان التي ذكرتها. سمو الأمير بالنسبة للعلاقة مع عبد الناصر، بعد ذلك سموك ذكرت لنا من أول فترة استقبالك في المطار وإعلان ما يسمى بتنظيم الأمراء الأحرار الذي فوجئت –حتى أنت- بمسماه، ثم بقاءك بعد ذلك إلى قيام حرب اليمن وموقفك أو بداية سوء العلاقة بينك وبين عبد الناصر بعد ضرب (جيزان).

الأمير طلال بن عبد العزيز:

بعد..

أحمد منصور:

بعد ضرب.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

جيزان أيوه.

أحمد منصور:

جيزان، كيف صارت العلاقة بعد ذلك؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

انقطعت.

أحمد منصور:

وأنت كنت في مصر؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

بعدما تركت مصر إلى لبنان.

أحمد منصور:

تركت مصر إلى لبنان.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لأنه لجأت، ذهبت إلى لبنان لتهيئة الأجواء فيما بيننا من الرياض وإحنا وإخواننا للعودة.

أحمد منصور:

من الذي لعب دور الوساطة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

الحقيقة أتذكر الأمير ناصر عبد العزيز.

أحمد منصور:

أخوك.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أخوي، الرئيس عسيران رئيس مجلس النواب.

أحمد منصور:

في لبنان.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

اللبناني، وكامل مروة صاحب.

أحمد منصور:

جريدة الحياة.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

جريدة الحياة، وكان مانشيتاته في الصلح دافع قوي للصلح بيننا، وهذه أشهدها لله يعني.

أحمد منصور:

طيب هذه المانشيتات، سموك اذكر لنا أهم ما كان فيها، مانشيتات منشورة يعني الصلح القريب بين الإخوة، هذا قبل أن يتم الصلح، الإخوة لا يختلفون في الأمور الأساسية والجوهرية إنما في الأمور التفصيلية، كانت أشياء تمهيدية إلى أن كتب المانشيت (.. في الصلح) عندما وافقنا الطرفين أن نعود للمملكة، فكان هو يعني هذه البادرة منه.

أحمد منصور:

هل تذكر أهم الأشياء المنشورة، الأشياء المنشورة حول بنود الصلح أو..؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ما فيه بنود صلح، ليس هناك بنود صلح لأنه ليس من عاداتنا مثل هذه البنود، وأصله ما كانت تحتاج إلى بنود، هي عملية.. ثار اختلاف، ما هي أسبابه؟ وكيف حدثت؟ قلنا: ليس هذا مجال لذكرها، إنما..

أحمد منصور:

ولا شيء بسيط منها.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

وجب الوقت يعني حان الوقت في ذلك الوقت أنه يتم الصلح فتم.

أحمد منصور:

وكانت نفسيتك مهيأة تماماً؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

نعم.

أحمد منصور:

كانت نفسيتك مهيأة تماماً لهذا الأمر؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

آه.. جداً، كنت طبيعي جداً.

أحمد منصور:

وشعرت..

الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:

أصل إحنا في لبنان ما كان عندنا قرش واحد، كان يُصرف علينا.

أحمد منصور:

مِن مَنْ؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

من شخص اسمه إبراهيم أغا، إبراهيم أغا كان موظف عندي في السعودية، نكرمه و(نحشمه) لأن هو الذي يصرف علينا، عشرين دولار عشرين دولار في اليوم، كان هو اللي يستأجر بيتنا، كان هو اللي يعطينا البنزين للسيارة.

أحمد منصور:

إيه دافعه في هذا؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لأنه كان هو لهم مكتب اسمه مكتب (الغنيم) وكان متولي شؤون السعوديين في لبنان، أنا وغيري، فتمت العلاقة بينا وبينهم، وكان رجلاً نبيلاً وشهماً، فلم ينس العلاقة القديمة فيما بيننا، فلما شافنا في مأزق وورطة من الناحية المالية مد يد العون والمساعدة لنا، كان يصرف علينا ها المبالغ البسيطة.

أحمد منصور:

سموك وإخوانك.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أنا وإخواني.

أحمد منصور:

متى رجعت إلى المملكة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

1964م.

أحمد منصور:

1964م، كيف كان استقبالك.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

عادي، وكأني عدت من داخل السعودية حقيقة يعني.

أحمد منصور:

رجعت بجواز السفر السعودي؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أعطونا إياه في لبنان، واحتفظت بالمصري.. إلى اليوم عندي للذكرى.

أحمد منصور:

كيف كانت العودة إلى المملكة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أبدًا أنا عدت إلى طريق الظهران..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

رجعت بالسيارة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

بالطائرة.

أحمد منصور:

بالطائرة.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ولكن طلبت منهم من أهلي هناك من جماعتي، أن يعملوا لي خيمة بين الرياض وبين الظهران..

أحمد منصور:

في الصحراء.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

في الصحراء.

أحمد منصور:

حددت المكان والموقع؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

إطلاقاً، مكان في الصحراء بين هي ثلاثمائة كيلو متر المسافة، لأني اشتقت لها، أول ما نزلت من الطيارة بُست الأرض..

أحمد منصور:

آه.. كان مين في استقبالك من الأخوان؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ما كان أبداً، ولم أُعلم إنساناً عن وجودي.

أحمد منصور:

يعني ركبت طائرة عادية، رحلة عادية متجهة إلى هناك؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

صح..

أحمد منصور:

شعورك إيه بعد فترة الاغتراب والصراع السياسي والغربة والشعور بأنك قضيت فترة لم تكن طبيعية في حياتك؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

هذا صحيح، أولاً تعرف كثير من الناس يتأقلمون بسرعة عندما يكونوا في غربة، أنا لست من هذا النوع، أنا..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

يعني كنت تشعر كل يوم بغربة؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

نعم؟

أحمد منصور:

كل يوم مر عليك كنت تشعر إنك غريب؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

كل يوم بالغربة، كل يوم.. إلى اليوم أنا لما أترك الرياض الآن بطوعي واختياري، أشعر بالرغبة للعودة، يعني أحن للعودة إلى الرياض، هذا طبعي من الله خلقني، معي عائلتي، أنا عائلتي، أنا الأمس جاي هنا لمصر ومسافر إلى باريس لشغل ما، عائلتي وأولادي معي الصغار، يعني دايماً أحن للعائلة، أحن للأرض، أحن للوطن، أحن لأهل الوطن.

أحمد منصور:

سموك.. اذكر لي الجانب الإنساني لأول ما لمست قدميك أرض المملكة ورجعت إليها؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

والله شوف.. أنا في الطيارة كنت أقرأ القرآن، وأتلو تلاوة، تلوت آيات كثيرة منه، وأشكر ربي على ما حدث لي في الأول وحدث للعائلة، كلها بإرادة الله..

أحمد منصور:

كنت نادم؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

لا.. لا أبداً، لأني ما كنت مخطئ.

أحمد منصور:

الآن تذكر أنك أخطأت في بعض التصرفات.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أنا أخطأنا في الأسلوب، في أسلوب معالجة الأمر بعد أن مُنعت من دخول السعودية، المعالجة.. كان ممكن أعالجها بشكل آخر، لكن أنا لم أبدأ، أنا اللي مُنعت مش أنا اللي منعت نفسي، لذلك أُخطئ في حقي، ولم أرتكب جريمة حتى أعاقب هذا العقاب الشديد، لأن النفي من الأرض أشد اللحظة من شوية..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

الآية اللي بتتكلم عن الذين يفسدون في الأرض، أن ينفوا من الأرض، أو يبعدوا..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

هم عدوها فساد، إيش الفساد في الأرض؟ الفساد هو زنى يعني أو شرب خمر؟ لأ.. الفساد متنوع، فساد سياسي، فساد اجتماعي، فساد أخلاقي، الفساد متنوع، فهذه الأمور يعني الحقيقة لم أكن أخطأت فيها، فالنفي من الأرض هذا شديد، عقاب يعني هائل..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

خاصة حينما تكون مرتبط بشكل نفسي وعاطفي بالشكل الذي تصفه أنت.

الأمير طلال بن عبد العزيز[مقاطعاً]:

صحيح.. هذا صحيح..

أحمد منصور[مستأنفاً]:

بالبيئة وبالأرض..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

صحيح.

أحمد منصور:

بعدما نزلت من الطائرة..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

من الطيارة، شكرت ربي، وبُست الأرض، وأنا أهتز بكا، أبكي والدموع تنهمر من عيني وأبكي، أني –ونحمد الله- رجعت إلى هذه البلاد، بلد أبي وجدي وجماعتي وأصدقائي.. وإلى آخره، وثم ذهبت إلى الخيمة ليلتها وكأني في البادية، خيمة لوحدها فقط أنا وجماعتي فيها خاصية طلبت من فلان.. فلان أن يلاقوني في هذه الخيمة، طبخنا الطبيخ بنفسنا، الطريقة القديمة، ونمنا في الخمية، وثاني يوم صباحاً دخلنا الرياض..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

كيف كان دخولك إلى الرياض؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

والله.. أبداً، كان طبيعي وكان ببهجة أول ما رحت لوالدتي، وقبلتها وقبلت يدها ثم شفت إخواني الكبار..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

من لقيت من إخوانك؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

شفت سعود، شفت فيصل، شفت محمد، شفت فهد، شفت عبد الله، إخواني الكبار، سلمنا عليهم وكأنه ما حصل شيء..

أحمد منصور:

وليت الوزارة وأنت شاب في مقتبل العمر في العشرينات، ثم وليت الوزارة بعد ذلك، ثم خرجت وحدثت الأمور، هل كان لك مطامح أن يكون لك دور سياسي معين وأنت كنت مقرباً من الوالد؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أبداً.. صحيح، مرتين فرصتين كنت مقرب من عبد العزيز وعينني وزيراً كما ذكرت، ولم يكن لي طموح، لأنني متمسك بتقاليد العائلة وهو الأكبر هو الأصلح، لأنه أي إنسان يشذ عن هذه القاعدة سوف تنعكس على العائلة وعلى مصير البلد، هذا كان تطلعي باستمرار، فلم يكن.. في أيام سعود كنت أنا الوزير الأول، وكان المسموع الكلمة، هذا معروف في البلد، لم أستغل إطلاقاً لطموح معين تجاوزاً لإخواني الأكبر مني، لأنه هذا تقليدنا ويجب أن نحافظ عليه.

أحمد منصور:

نعم، بعد هذه الفترة إيه الدور الأساسي اللي فكرت إنك تقوم به أو تمارسه في البلد وأنت في فترة صراع أنت صاحب صراع سياسي كما يُقال يعني؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

كنت أشغل نفسي بالتجارة، فذهبنا للكويت في زيارة، وكان لي أصدقاء هناك من التجار، بيت آل غانم، يوسف وعبد الله وأولاده أو إخوانه بالأحرى.. قالوا: عندنا شركة اسمها اتحاد المقاولين، تأخذها؟ قلنا: نأخذها، فهذا العمل الوحيد الذي قمت به، أشياء جانبية بسيطة قمنا بها ليست هذا مكان ذكرها، لأنها كانت تافهة، ولكن هذا العمل الجوهري الأساسي وإلى اليوم محتفظين بالشركة.

أحمد منصور:

يعني إلى اليوم تمارس التجارة منذ ذلك الوقت؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

من خلال هذه الشركة.

أحمد منصور:

لكن سمو الأمير.. حينما يكون حاكم أو جزء من نظام الحكم يعمل بالتجارة..

الأمير طلال بن عبد العزيز [مقاطعاً]:

هذه نصيحة عبد العزيز، عبد العزيز صار هناك مشكلة مع الملك سعود، كان ولي عهد، وغضب عبد العزيز فأرسل سعود، وسعود كان بريء -حقيقة الأمر- ولكنه اقتنع فيها عبد العزيز، وأرسل له بن مسلم، سعود بن مسلم بالاسم، وقال له: بلغ سعود يختار بين أمرين إما الملك أو التجارة، لا تجتمع التجارة والملك، هذا عبد العزيز لكنه للأسف الدنيا شذت عن هذا الأمر، علماً أنا لي رأي في التجارة، طيب.. هؤلاء أفراد العائلة إذا لم يقوموا بعمل تجاري، كيف يعيشون؟

أحمد منصور:

من موارد الدولة.

الأمير طلال بن عبد العزيز:

ما هنا الناس بتقوم على موارد الدولة، تقول: ليش تعطون موارد الدولة للأمرا؟ لا تأخذوا من موارد الدولة ولا تعملوا في التجارة، طيب يعملوا إيه؟! مشردين بالشارع؟!

أحمد منصور:

لكن هناك مخاوف –أيضاً- من أن يساعد الملك على..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

مخاوف.. هذا صحيح، هذه واردة وإخواننا الكويتيين مع نقاشهم معي، وعندهم العائلة المالكة قسم منها يشتغلوا في التجارة، قسم منهم يقول لك: لا.. لما يشتغل فرد من أفراد العائلة المالكة في التجارة معناه ينافسنا، وله الدالة على الموظفين والوزراء أكثر منا، فيمشوا له أموره، الثانيين يقولوا: لا، ما دام فيه حكم دولة القانون والمحاكم لها اعتبارها وكذا، إذا حصل أي تجاوز من أمير نحن نشكوه على المحكمة، هذا قسم ثاني، فإذن فيه وجهتي نظر مختلفة، أنا مع الجهة التي تقول: مادام فيه دولة قانون وفيه محاكم صحيحة وتحكم بهذا، والدولة تراقب هذه المناقصات، وتراقب هذه الأعمال التجارية التي يمارسها أفراد الشعب وأفراد العائلة بعدل ومساواة ليس هناك خوف، هذا من وجهة نظري، ولكن شرط ألا تسلب حقوق المواطنين في التجارة..

أحمد منصور[مقاطعاً]:

المخاوف من هنا..

الأمير طلال بن عبد العزيز:

المخاوف من هنا، يجب أن يكون من حكومة رقيبة على هذا الأمر، أما تكون فوضى فالفوضى أصلاً مرفوضة سواء اشتغلوا العائلة أو لم يشتغلوا، الفوضى كمبدأ مرفوضة يعني.

أحمد منصور:

اسمح لي هنا بسؤال ربما يكون بعيد شوية، لكن أختم به هذه الحلقة وهو: هل اندماجك في التجارة هو الذي جعل سمو الأمير الوليد بن طلال من أبرز التجار في العالم الآن أو رجال الأعمال؟

الأمير طلال بن عبد العزيز:

أبداً، الوليد من صغره وهو في يده الحاسب الآلي، يحسب القرش، وهو من صغره كان توجهه فأنا دعمته في هذا الأمر، بمعنى أنه أيدته في هذا التوجه وباركته، ونجح والحمد لله، ولكن أنا لم أشتغل، أنا قلت: التوجه كان تجاري ولكن اقتدرنا على شركة واحدة، وهي شركة مقاولات.

أحمد منصور:

أشكر سموك على هذا الوقت، كنا أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في الحلقة القادمة من برنامج شاهد على العصر لنكمل حوارنا مع صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله.

المصدر : الجزيرة