القيادة العامة الفلسطينية كما يراها أحمد جبريل ح 1
مقدم الحلقة: | أحمد منصـور |
ضيف الحلقة: | أحمد جبريل: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين |
تاريخ الحلقة: | 21/03/2004 |
– نشأة أحمد جبريل
– قرار الالتحاق بالكلية الحربية
– محاولة الانضمام للمقاومة الجزائرية
– المرجعية الفكرية لجبريل
– حقيقة استغلال الأنظمة العربية للفلسطينيين
– بداية تشكيل الجبهة الشعبية
أحمد منصور: ولد أحمد جبريل في قرية يازور في فلسطين عام 1938 لأب فلسطيني وأم سورية لذا كانت سورية وجهة عائلته حينما أُجبِروا على الهجرة من فلسطين عام 1948حيث يقيم أخواله الذين كان من أبرزهم صبري العسلي رئيس الوزراء السوري الأسبق والذي ساهم في منح أسرة جبريل الجنسية السورية إلى جوار الفلسطينية.
قرر جبريل أن يحترف العمل العسكري كطريق أساسي لتحرير بلاده فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي فألتحق بالكلية الحربية في مصر عام 1956 وتخرج منها عام 1959 وأصبح ضابطا في الجيش السوري لذا يعتبر جبريل الوحيد من بين قادة الفصائل الفلسطينية الذي تخرج في كلية عسكرية وأحترف العمل العسكري منذ البداية.
أسس جبريل جبهة التحرير الفلسطينية عام 1959 ونشط بشكل أساسي وسري في صفوف الفلسطينيين اللاجئين في سوريا، سُرِح من الجيش السوري عام 1963 بعد خلاف مع الفريق أمين الحافظ ومن ثم تفرغ لقيادة الجبهة، حينما أعلنت حركة فتح عن انطلاقتها في كانون الثاني يناير عام 1965 تحالف معها جبريل حيث كان يملك تنظيما عسكريا مدربا وقويا لكنه أختلف مع ياسر عرفات وفض التحالف بينه وبين فتح بعد ستة أشهر فقط وبعد هزيمة حزيران يونيو عام 1967 دعا جبريل الفصائل الفلسطينية للتحالف تحت جبهة واحدة فاستجاب بعضها وكانت حركة القوميين العرب بقيادة جورج حبش من أبرز من استجابوا وأُسِست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لكنها انفضت في أكتوبر عام 1968 وأحتفظ حبش بمسمى الجبهة وكذلك جبريل لكن جبريل أضاف إليها عبارة القيادة العامة.
لعبت شخصية جبريل العسكرية دورا هاما في تشكيلات جبهته وعملياتها العسكرية النوعية حيث قام بعشرات العمليات النوعية والموجعة ضد إسرائيل وأستخدم أساليب ووسائل وتكتيكات عسكرية مستحدثة كانت دائما تُحدِث صدمة لدى الإسرائيليين من أبرزها هجمات بالطائرات الشراعية ضد معسكر للقوات الخاصة الإسرائيلية في الخامس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر عام 1987، أحترف جبريل خطف الجنود الإسرائيليين وأسرهم ثم مبادلتهم بأسرى فلسطينيين في سجون إسرائيل وقام بأكثر من عملية تبادل من أبرزها عملية النورس حيث حرر 79 أسيرا فلسطينيا وعملية الجليل عام 1985 التي كانت الأضخم في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي حيث أستبدل ثلاثة من الجنود الإسرائيليين بألف ومائة وخمسين أسيرا فلسطينيا معظمهم من ذوي الأحكام الطويلة وكان على رأسهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، اعتبرته إسرائيل ومازالت عدوها الأول فحاولت اختطافه واغتياله مرات عديدة باءت كلها بالفشل لكن الموساد الإسرائيلي نجح في اغتيال ولده الأكبر جهاد في بيروت في العشرين من أيار مايو من العام 2002 حيث كان جهاد يقود الجناح العسكري للجبهة بعدما درس العلوم العسكرية وأحترف العمل العسكري مثل والده.
ورغم أن رفيق دربه ياسر عرفات قد وقَّع اتفاقا مع الإسرائيليين وتبعه كثيرون من قادة الفصائل الفلسطينية إلا أن جبريل لم يلق سلاحه بعد ويعتبر الكفاح المسلح الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، لعبت شخصية جبريل العسكرية دورا في تكتمه وحذره وابتعاده عن الأضواء ووسائل الإعلام وقد جعلنا هذا الأمر ندخل في مفاوضات مضنية وشاقة معه لتسجيل شهادته امتدت أكثر من عام نجحنا بعدها في إقناعه بتسجيل شهادته على جانب من عصر البندقية الفلسطينية، نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على سنوات الكفاح الفلسطيني.
أبو جهاد مرحبا بك أخيرا بعد أكثر من عام نجحنا في إقناعك بالجلوس أمام الكاميرا حيث ظللت ترفض الجلوس أمام الكاميرا والتعامل مع الإعلام كما كنت ترفضه طوال سنوات عملك في المقاومة والكفاح الفلسطيني طوال أكثر من 45 عاما، أود أبدأ معك من قرية يازور في فلسطين حيث ولدت في العام 1938 ونشأت وترعرعت هناك لاسيما وأن حتى مصادر وملفات الإسرائيليين يبدو أنها خالية من تفاصيل عن سنوات طفولتك كما جاء في كتاب صاموئيل كاتز جبريل في مواجهة إسرائيل الذي ألفه بالتعاون مع المخابرات الإسرائيلية كيف كانت نشأتك الأولى؟
نشأة أحمد جبريل
أحمد جبريل: بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد منصور: وعليكم السلام.
أحمد جبريل: أنا ولدت في قرية يازور من ضواحي يافا تبعد عن يافا ثلاثة كيلومتر من أب فلسطيني و.. والدة والدتي سورية من أصول شركسية، أنا وحيد لأسرتي وعندي خمسة أخوات ومتزوج ولي ثمانية أولاد أربعة من الذكور وأربعة إناث أكبرهم كان اسمه جهاد والذي استشهد قبل عامين قتله الموساد الإسرائيلي في بيروت كما تعرفون.
أحمد منصور: يعني كنت مدلل يعني ولد على خمس بنات يعني.
أحمد جبريل: هي لما نحكي المسيرة نجد عكس هذا الموضوع تماما، قرية يازور حقيقة هي القرية التي نشأت فيها وترعرعت فيها لسن العاشرة.
أحمد منصور: يعني تذكر طفولتك معالم الطفولة واضحة في ذهنك.
أحمد جبريل: كل جميع الناس يتذكرون هذه السنين العشرة الأولى يعني من سن السادسة يبدأ إدراك الإنسان ويكون إدراكه يعني قوي وذاكرته قوية..
أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي فتحت عينك عليه في السادسة؟
أحمد جبريل [متابعاً]: كان الاستعمار البريطاني يداهم أنا أذكر جيدا وكنت أرى بعيني كيف يداهم القرية للتفتيش علي بعض الأسلحة والذخائر ويقوم بتفتيش وحشي كبير جدا ويجمع الأهالي ويفتش البيت ويحفر الأرض بشكل..
أحمد منصور: ما الذي رسبه في نفسك؟
أحمد جبريل: هذا الموضوع يعني بالمقابل كنت أشعر أنه هذا الانتداب البريطاني كان يسمع تدريب اليهود في المستعمرات اللي حولنا من خلال أصوات القنابل فكنت أشعر إنه هذا الاستعمار يقف بجانب الإسرائيليين في هذا الموضوع.
أحمد منصور: ما هي الفترة الطفولية اللي شعرت فيها أن هناك صراع أنك جزء من الصراع؟
أحمد جبريل: أنا منذ وعيت يعني وكان هذا الموضوع أمامنا ماثل.
أحمد منصور: هل كنت تلعب مع الإسرائيليين مع..
أحمد جبريل: لا لم يكن لدينا..
أحمد منصور: كان لك صداقات؟
أحمد جبريل: لم يكن لدينا أي اختلاط مع الإسرائيليين بالعكس كان جو العداء كما قلت يعني كنا نري سيارات الهجنة اللي هي نواة الجيش الإسرائيلي وهي تمر أمامنا باستفزاز عرفت كيف وفي السنين الأخيرة بدؤوا الإسرائيليين يقومون بإغارات وقصف ليلي مستمر على يازور، أذكر في إحدى الليالي أشتد القصف علينا وبيتنا متطرف عن يازور يعني بين يافا ويازور وأشتد القصف وأرسل والدي ابن عم إلينا ليأخذنا عبر البيارات لنذهب إلى قلب قرية يازور وكان القصف شديد وكذا مرة انبطحنا على الأرض أنا ووالدتي وأخواتي وجدتي حتى أذكر أن بعد ما خف القصف تحركنا ومشت والدتي مائة متر تذكرت أن عندي أخت أصغر واحدة كان اسمها أميرة نسيتها على الأرض من كثر القصف والهلع والخوف فعادت.. عدنا مائتين متر إلى الخلف لنحمل هذه الصغيرة ونذهب إلى القرية، تنقلنا في القرية من بيت إلى بيت لطلب الأمان بالمقابل أيضا كان شباب البلدة يقومون نهارا بعمل الكمائن للإسرائيليين ولليهود الذين يمرون على هذا الطريق الرئيسي.
أحمد منصور: كل هذا قبل العام 1948؟
أحمد جبريل: كله قبل عام..
أحمد منصور: ما الذي تركه؟ ما الذي رسبته تلك الصور في نفسية الطفل أحمد جبريل؟
أحمد جبريل: يعني كنت يعني أشعر بالخوف والرهبة وكيف نكبر وكيف نستطيع أن نرد هذا الظلم وهذا القهر.
أحمد منصور: شعرت أن مستقبلك لن يكون مستقبلا أمنا؟
أحمد جبريل: بالتأكيد لأنه نحن كنا نتنقل من مكان إلى مكان حتى وصل الأمر بحيث أصبح لا يطاق والهيئة العربية يعني العليا التي كانت تقود النضال طلبت من أهالي يازور وسلمة إخلاء الأطفال والنساء إلى أماكن بعيدة آمنة ويبقى الرجال هناك وفعلا عرفت كيف يعني ذهبنا إحنا وكان أمامنا خيار إما أن نذهب باتجاه غزة أو باتجاه الرملة واللد أو باتجاه أخوالنا إلى سوريا ولكن بضغط أخوالنا قررنا أن نذهب إلى سوريا فذهبنا إلى مطار اللد وبالطائرة ركبنا من هناك إلى مطار بيروت إلى دمشق في ذلك الوقت.
أحمد منصور: انتقلت إلى سوريا وعشت في القنيطرة حيث أخوالك يعيشون هناك.
أحمد جبريل: هو أخوالي كانوا يسكنون في دمشق عرفت كيف وجلسنا فترة بسيطة في دمشق ثم انتقلنا إلى القنيطرة حيث كان جدي أبو والدتي طبيب هناك فذهبنا وعشت هناك فترة من السنين هذه القنيطرة هي مركز الجبهة الأمامية في مواجهة العدو الإسرائيلي.
أحمد منصور: 1956 حصلت على شهادة الثانوية العامة ما الذي دفعك إلى أن تذهب للدراسة في الكلية الحربية في مصر وليس للدراسة في شيء أخر وأنت وحيد والديك ومن المفترض أنك مدلل لديهما؟
أحمد جبريل: هي بالحقيقة أنا كانت تساءلت بيني وبين نفسي لماذا أنا توجهت هذا الاتجاه؟ لماذا لم أتوجه لأصبح طبيب وكان مفتوح أمامي الباب أو مهندس أو فنان أو تاجر؟ فكنت يعني أقعد بيني وبين نفسي إنه أنا مشيت في درب صعب وشائك ومليء في العقبات في هذا الموضوع بصراحة هناك عوامل كثيرة يعني قبل أن أختار أن أذهب إلى الكلية الحربية أثرت في داخلي وفي نفسي.
أحمد منصور: ما هي أهم هذه العوامل؟
أحمد جبريل: يعني أولا أنا أخوالي وبيتهم يعمل بالسياسة في سوريا تاريخيا ووالدتي وجدتي يتحدثون باستمرار في المنزل بالأمور والالتزامات السياسة.
أحمد منصور: من أخوالك في سوريا؟
أحمد جبريل: يعني أنا أخوالي صبري العسلي اللي كان رئيس وزراء في سوريا هو خالي كانوا يحدثونا عن شكري العسلي الذي أعدمه جمال باشا في ستة أيار كما تعرفون وكيف نُفِيت العائلة إلى الأناضول سنوات متعددة هناك، الثورة السورية وعديد من أخوالي استشهدوا ضد الفرنسيين وصبري العسلي سُجِن مرات عديدة أيام الانتداب الفرنسي ثم ترأس الكتلة الوطنية والحزب الوطني اللي كان هو الحزب المسيطر على سوريا وانتهى فيه المقام بعد الوحدة أن أصبح نائب الرئيس عبد الناصر..
أحمد منصور: نعود إلى 1956.
” نشأ أحمد جبريل في أسرة تتعاطى السياسة والشأن العام، وكان بيت العائلة يستقبل زوارا سياسيين بارزين أمثال جميل مردم ولطفي الحفار ” |
أحمد جبريل: فلذلك أنا نشأت حقيقة في أسرة تتعاطى السياسة والشأن العام وكنت أرى زوار هذه الأسرة من السياسيين الذين أتذكرهم جميل مردم ولطفي الحفار وكل هالناس المعروفين يعملوا في السياسة أيضا تزوجت أختي شقيقتي الكبرى ضابط في الجيش السوري عندما كنا في القنيطرة ولكن هو من أصول فلسطينية.
أحمد منصور: من هو؟
أحمد جبريل: على بوشناق.
أحمد منصور: هذا أحد مؤسسي الجبهة معك.
أحمد جبريل: أحد مؤسسي الجبهة وهو فلسطيني من نابلس ترك مقاعد دراسته وأنضم لجيش الإنقاذ لتحرير فلسطين ثم التحاق في الجيش السوري هو ومجموعة من زمائله كانوا بحدود خمسين ضابط وصدف هدول الخمسين ضابط فلسطيني وهم شكلوا كتلة إنه مسكوا الجبهة السورية الخط الأمامي من بانياس حتى الحمى وكنت أذهب معه وأنا عمري 14 سنة أزور المواقع أرى سهل الحولة مدينة طبرية الصفط سمخ يعني أصبح في بحيرة طبرية نأكل السمك منها فنرى الإسرائيليين والتحدي دائما الجبهة السورية لم تتوقف الاشتباكات ما بين الجيش السوري والإسرائيليين.
أحمد منصور: في ذلك الوقت.
أحمد جبريل: في ذلك الوقت.
قرار الالتحاق بالكلية الحربية
أحمد منصور: هل قرارك بدراسة العسكرية أو الالتحاق بالكلية الحربية كان واضحا في ذهنك من البداية أم أنك فكرت في الالتحاق بكلية الطب أو كلية الهندسة أو بعض الكليات الأخرى أو ضغط عليك الأبوين أو الأسرة من أجل هذا؟
أحمد جبريل: هي بالحقيقة بعد ما أخذت الشهادة الثانوية العلمي وكنت من المتفوقين كان مفتوح أمامي وعائلتي ترغب أن أدرس الطب لأرث عيادة جدي كانت عيادة ناجحة فأنا رفضت هذا الموضوع لأن كنت أخبئ في داخلي أشياء لا أريد أن أصارحهم بها..
أحمد منصور: هل صرحت لأحد بها أم كانت في دخيلة نفسك؟
أحمد جبريل: أبدا كانت في داخل نفسي فقلت لهم أنا عشر سنوات أدرس الطب..
أحمد منصور: ولا حتى زوج أختك؟
أحمد جبريل: لا أبدا.
أحمد منصور: يعني قرارك بدراسة العسكرية كان قرار متكتم فيه على نفسك لم تبح به على أحد؟
أحمد جبريل: متكتم وأنا سأروي.. أبدا سأروي لك تماما ما حصل عرفت كيف..
أحمد منصور: باختصار.
أحمد جبريل: رفضت أن أدرس الطب في الجامعة السورية فعائلتي بعلاقتها مع قابيل البستاني وهذا كان ثري لبناني صاحب شركة كات وكان يأخذ الطلبة المتفوقين ويدرسهم في الجامعة الأميركية هندسة وثم يتعينوا في شركاته..
أحمد منصور: يلحقهم بشركاته نعم.
أحمد جبريل: عرفت كيف أحضروا لي منحة في الجامعة الأميركية.
أحمد منصور: في بيروت.
أحمد جبريل: في بيروت وعائلتي بدأت تحضر لي ملابسي للذهاب إلى هناك لكن أنا سراً تقدمت إلى الفحوص الطبية للكلية العسكرية والجوية في سوريا عرفت كيف وهذه أسرتي وعائلتي لم تكن تعرف هذا الأمر بتاتا.
أحمد منصور: ولم تستعن بأحد؟
أحمد جبريل: ولم أستعين بأحد وأخفيت عليهم هذا الأمر.
أحمد منصور: ولم يساعدك أحد رغم أن هذه الكلية تحتاج إلى..
أحمد جبريل: لا أبد هذا الموضوع ونجحت في هذه الاختبارات وكان رئيس لجنة الفحص أمين الحافظ كان مقدم..
أحمد منصور: الرئيس السوري بعد ذلك.
أحمد جبريل: بعد ذلك الرئيس السوري واللجنة أعجبت في سواء من تقاريري الطبية أو ثقافتي التاريخية أو السياسية أو الجغرافية في هذا الأمر لكن كان عندي مشكلة.
أحمد منصور: ما هي؟
أحمد جبريل: المشكلة إنه إذا ذهبت إلى الكلية العسكرية في سوريا في حمص والدتي ستطلب من خالي صبري العسلي أنه يفصلني من هذه الكلية وأنا وحيده وغير مطلوب للجندية وبسهولة كان يمكن أن يتصل مع وزير الدفاع وإنهاء هذه المشكلة يعني كان هذا مؤرقني ومتعبني في هذا الموضوع ودُعِيت إلى أن التحق في هذه الكلية يعني وبالصدفة ذهبت مع صديق لي جاري إلى مستشفى المزة العسكري.
أحمد منصور: تذكره من؟
أحمد جبريل: بيت الدهان اسمه محمد خيري الدهان إلى المستشفى المزة العسكري حيث اللجنة الفاحصة هناك فشاهدني هناك أحد الضباط وهو المقدم جودت عدي وهو طبيب في اللجنة الفاحصة وهو كان موقعه مهم وأنا ما كنت اعرفه في السابق فشاهدني فقال لي ليش ما التحقت أنت، أنت مش شرطي أنت ناجح يعني بقيت ماضي وعليك أن تلتحق سكت قال لي عذبتنا شهرين فحوص طبية وثقافية وإلى أخره والآن متردد في الذهاب فصديقي يعرف قصتي فقال لي أحكي للمقدم عرفت كيف القصة فرويت له قصتي الشخصية ورغبتي.
أحمد منصور: معاناتك مع عائلتك وخوفك وكذا.
أحمد جبريل: مع عائلتي..
أحمد منصور: وإلى الآن لم تبح إلى عائلتك بشيء.
أحمد جبريل: ولم أبح لعائلتي بشيء بهذا الموضوع فصفى هيك قام قال لي طيب فيه هناك بعثة دراسية للكلية الحربية في مصر هذه البعثة العسكرية هي نتيجة اجتماعات القيادة المشتركة العربية أول دورة بعم تعملها الدول العربية مع بعضها وهناك من مصر والسعودية واليمن وإلى أخره وسوريا هل تذهب إلى هناك وهناك إذا ذهبت صبري العسلي ما راح يطولك لأنه ستكون أنت في القاهرة بعيد فقلت له أنا موافق فقال لي أنتظر..
أحمد منصور: لم تتردد.
” تكتم أحمد جبريل على رغبته في الالتحاق بالسلك العسكري خشية أن يثنيه أهله عن ذلك ثم تمكن من الالتحاق ببعثة دراسية للكلية الحربية في مصر ” |
أحمد جبريل: رأسا أعطيته الموافقة وانتظر.. قال لي أنتظر هنا فانتظرنا في حديقة المستشفى مدة ساعتين قال لي سأذهب لأقنع اللجنة لأنه عدد البعثة محدود وهناك واسطات..
أحمد منصور: هل كان يُشترَّط التحاقك بالجيش السوري قبل أن تدخل إلى هذه البعثة؟
أحمد جبريل: لا كلها يعني أشهر عشرين يوم يعني كل هالمواضيع يعني مرت هذه الأحداث في خلال مدة شهر بعد ساعتين رجع الدكتور عدي جودت عدي قال لي رتب أمورك وأصبحت أنت من عداد أفراد الدورة اللي ستسافر مصر..
أحمد منصور: البعثة العسكرية التي ستدرس في الكلية الحربية في مصر.
أحمد جبريل: وأنا كنت أخذت الجنسية يعني عائلتي أخذت الجنسية السورية.
أحمد منصور: السورية.
أحمد جبريل: في عام 1948 كان صبري العسلي..
أحمد منصور: على اعتبار أخوالك يعني.
أحمد جبريل: صبري العسلي كان وزير الداخلية وأخذنا هذه الجنسية يعني لم تكن لما دخلت كانوا يعرفونني إني فلسطيني بيعرفوني إني سوري لأنه معي الجنسية السورية في هذا الأمر، حقيقة كانت سعادتي كبيرة ذهبت إلى بيتي صرت أُهرِب ملابسي عند زميلي وذهبت إلى الأركان لعمل الإجراءات ومن ثم ذهب إلى مطار المزة كان مطار في المزة في دمشق هل أكتب رسالة إلى عائلتي وأسرتي أعتذر منهم وأقول لهم أن طموحي غير ما كنت تريدوا فقلت لا أتصل فيهم بالهاتف قبل أن أتحرك بنصف ساعة.
أحمد منصور: قبل أن تركب الطائرة إلى مصر؟
أحمد جبريل: قبل أن أركب الطائرة من المطار.
أحمد منصور: ولا يعلموا شيء؟
أحمد جبريل: ولا يعرفوا شيء.
أحمد منصور: ولم تخبر أحدا؟
أحمد جبريل: ولم أخبر أحد.
أحمد منصور: قرار داخلي منك أنت.
أحمد جبريل: إلا أنا وهذا زميلي اللي كان يعرف في هذا الموضوع فاتصلت في والدتي وقلت لها هل ترغبين في توديعي قالت لي وين أنت قالت لها أنا في مطار المزة قالت لي وين رايح قالت لها مسافر إلى مصر للالتحاق بالكلية بسرعة البرق أجت هي وإلي خال صغير وبدأت تبكي يعني لعلي إنه الله أغير رأيي فودعتها وركبت الطائرة وذهبت إلى مصر.
أحمد منصور: ربما أنت الوحيد من قادة الفصائل الفلسطينية الذي درست دراسة عسكرية وكنت ضابط عسكري وقررت يعني تناول القضية الفلسطينية من الباب العسكري لذلك ظللت لا تمارس العمل السياسي بالشكل الذي مارسه الآخرون ظللت بعيد عن الكاميرات ربما إلى العام 1978 لم يكن أحد يعرف من هو أحمد جبريل ولا شكله ولم يكن لك أي صور، في الفترة من 1956 إلى 1959 حيث تخرجت من الكلية الحربية في مصر تذكر أولا من اللي كانوا معك في الدفعة؟
أحمد جبريل: أولا كان مدير الكلية هو اللواء محمد فوزي اللي صار وزير الدفاع وكان كبير المعلمين جمال حماد معروف كان ضابط في هذه الأيام وأثناء دخولي للكلية بدأت أبحث مين فيه فلسطيني فتعرفت على مجموعة من الطلبة من قطاع غزة يدرسون لحساب فيه كان في غزة كتائب فلسطينية.
أحمد منصور: طبعا في ذلك الوقت غزة كانت تحت السلطة المصرية.
أحمد جبريل: السلطة المصرية وتعرفت على هؤلاء وبدأت أتحدث أنا وياهم على هذا الهم العام.
أحمد منصور: تذكر حد منهم؟
أحمد جبريل: زكي أبو حية، فخري شقورة، فايز جراد، بيت الصايغ، النونو.
[فاصل إعلاني]
محاولة الانضمام للمقاومة الجزائرية
أحمد منصور: تخرجت في العام 1959 إيه أهمية سنة 1959 في حياتك؟
أحمد جبريل: حقيقة أنا خططت أنا وأخوتي الجزائريين أنه أنا أذهب معهم لأقاتل في الجزائر وأنا كانت علاقتي وطيدة معهم وحتى في إجازاتي الأسبوعية نقضيها مرات في الحكومة المؤقتة في جادرن سيتي كان مركزها وننام حتى في هذا المركز وأنا تعلقت فيهم لأن أنا متعلق في الكفاح الجزائري اللي أنا ممكن أن يكون في المستقبل كفاح فلسطيني.
أحمد منصور: مفكرتش إن ممكن الكفاح الفلسطيني يبدأ بالتوازي..
أحمد جبريل: فقلت أنا.. أنا قلت إنه بدنا إحنا أخدنا في الأكاديميات العسكرية علوم عسكرية لكن بعيدة عن حرب الشعب لأن حرب الشعب لها مبادئ أخرى فأردت أن أضع نفسي وهذه أول تجربة لي لأختبر نفسي أنه أنا بدي أروح أقاتل في الثورة الجزائرية إذا استشهدت عرفت كيف فأنا أديت واجبي تجاه الله عرفت كيف مع هذه الثورة العادلة في الجزائر وإذا أنا ما استشهدت أعود وأنا معي تجربة حرب الشعب والتجربة الجزائرية لأكون قادر على هذا الموضوع وبعد التخرج ذهبت معهم إلى الإسكندرية..
أحمد منصور: بالفعل.
أحمد جبريل: وخلاص لبيت أغراضي وبالإسكندرية..
أحمد منصور: أبلغت أهلك؟
أحمد جبريل: بالإسكندرية قلت قبل ما نتحرك على ليبيا على طرابلس الغرب لتونس وخط مارشال بدهم يقطعوه..
أحمد منصور: من الصحراء.
أحمد جبريل: في الصحراء أردت أكتب رسالة لعائلتي أعتذر منهم أيضا عرفت كيف عن قدومي وأنا ذاهب إلى الثورة الجزائرية فأخدوني لعند قائد جزائري معروف كان جاي في إجازة إلى الإسكندرية.
أحمد منصور: ما هو؟
أحمد جبريل: اسمه عميروش.
أحمد منصور: أه معروف عميروش طبعا.
أحمد جبريل: عرفت كيف وقالوا له إنه هذا زميلنا وهذا بده يروح معنا يعني هم كتلة هالضباط اللي تخرجنا مع بعض أردوا أيضا كانوا متشجعين فبعت قال لهم جيبوه التقيت فيه قال لي تأكد لا يوجد إلا الجزائري في الثورة الجزائرية لا يوجد أي عربي أو أي مسلم وعندما نسمح لأي عربي أو مسلم ستكون أنت أول واحد نحن نأسف لعدم قبولك رغم أن إخوانك حكوا عنك كلام جيد ولكن لا نريد أن نخترق القوانين المتفقين عليها عرفت كيف وهناك بعض الأطباء العرب انتسبوا إلى الثورة الجزائرية ولكن وجدوا على الحدود التونسية على الحدود المغربية من شان مداواة ومعالجة الجرحى عندما كانوا أما لا يوجد في صلب المعارك في جبال الأوراس أي عربي أو أي مسلم.
أحمد منصور: هل صُدِمت بهذا؟
أحمد جبريل: طبعا صدمت أنا في هذا الموضوع وعدت إلى القاهرة لأنه تم يعني وُضِعت في اختصاص الهندسة ولم وضعت في اختصاص..
أحمد منصور: الهندسة العسكرية؟
أحمد جبريل: الهندسة العسكرية في حلمية الزيتون أنا حسب علاماتي في الكلية مؤهل أن أخذ اختصاصات أفضل بكثير من الهندسة كان سلاح المهندسين ليس سلاح مرغوب فيه لمخاطره وسلاح ثانوي دائما الضباط بيحبوا يروحوا إلى الدبابات المدرعات..
أحمد منصور: علشان يعملوا انقلابات.
أحمد جبريل: المدرعات المشاة المدفعية إلى أخره أنا نتيجة اللجنة التي أُحِلت إليها في السابق وُضِعت في اختصاص مهندسين إنه هذا أنه يعني..
أحمد منصور: عشان يأمنوا شرك مترجعش تعمل انقلاب ثاني يوم.
أحمد جبريل: عرفت كيف يعني إنه هذا الموضوع يعني سلاح ثانوي بينما أنا كنت في منتهى السعادة إنه أنا بدي أدخل علم المتفجرات والألغام وهذا ما يسعدني.
أحمد منصور: التي أتقنتها بعد ذلك؟
أحمد جبريل: الذي يعني هذا الموضوع اللي بده يفيدنا وحقيقة لما رحت إعادة اختصاص في اختصاصات الهندسة في أنواع المتفجرات الطرق الجسور إلى أخره يعني مطارات فكنت أركز دائما على موضوع الألغام والمتفجرات بشكل حتى أتقنتها الإتقان الكامل.
المرجعية الفكرية لجبريل
أحمد منصور: في العام 1959 أيضا رجعت إلى سوريا كضابط في الجيش السوري وسعيت لتشكيل جبهة التحرير الفلسطينية في ذلك العام ما الذي.. كيف كانت النواة الأولى للجبهة؟
أحمد جبريل: بس هو أثناء بعد أن تخرجت أنا درست اختصاص الهندسة وأنا ضابط في حلمية الزيتون وهناك صارت لي الفرصة للاحتكاك بفلسطينيين غزة وفي الاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين وهذا الاتحاد كان اتحاد نشط وهو المؤسسة الوحيدة التي كان يعبر فيها الطلبة الفلسطينيين..
أحمد منصور: هذا كان قبلك كان فيه ياسر عرفات وغيره.
أحمد جبريل: كان قبل هؤلاء الذي احتكيت فيهم كان ياسر عرفات رئيس الاتحاد وأبو إياد فكان رئيس الاتحاد مجموعة من الشباب الفلسطينيين..
أحمد منصور: تذكر منهم أحد؟
أحمد جبريل: زهير الخطيب، شهاب الشريف، مازن أنصاري، لطف غنطوس، يعني مجموعة من الشباب فبدأت أحتك فيهم يوميا لأبشر في موضوع المرحلة القادمة مرحلة الكفاح المسلح والحرب الفدائية وحرب الشعب في هذا الموضوع وكانت جلسات كبيرة وطويلة في هذا الموضوع وأيضا هؤلاء الناس تجاوبوا ويمكن الآن هم يمكن يسمعوني تجابوا بهذا الاتجاه أيضا احتكيت مع بعض الشباب من غزة مثل الدكتور أسامة أبو شعبان ما أعرف إذا كان حي مع ضابط أقدم مني وهو موجود هناك كان في القاهرة اسمه فايز الترك وأصبحنا اجتماعاتنا شبه يومية كيف نعمل هو كيف يشتغل في غزة وأنا كيف أشتغل في سوريا وبقينا على تواصل مع بعضنا البعض.
أحمد منصور: ما هي المرجعية التي كانت تُحرِك عندك ما يسمى بحرب الشعب؟
أحمد جبريل: هو بالحقيقة يعني تستغرب أنا قرأت الكتب والثورات وأنا عمري 14 أو 15 سنة..
أحمد منصور: ما أهم الكتب والثورات التي قرأتها؟
أحمد جبريل: يعني مثلا عاصفة على السكر لجان بول سارتر هذا قرأتها أنا قبل أن يعني أذهب إلى الكلية عرفت كيف عن كوبا وفيدل كاسترو وإلى أخره لريجيس دوبريه الثورة داخل الثورة عرفت كيف، عن مناحم بيغن اسمه الثورة كتاب عنده بيحكي قصته، رسائل بن غوريون كنت أقرأ كتب القادة التاريخيين كفاحي لهتلر، إيدن، تشرشل، ديجول حد السيف كنت دائما هذا الموضوع..
أحمد منصور: هذه مدارس مختلفة كيف أنت شكلت..
أحمد جبريل: أما أنا كانت يعني اللي أثر في داخلي هي الثورة الجزائرية عرفت كيف وأيضا هزيمة الفرنساويين بديان بيان فو في فيتنام وإنه كيف هذا الشعب الفقير المسكين يهزم دولة عظمى كيف الشعب الجزائري شعب فقير ومعدم يهزم فرنسا اللي هي بينهم وبين الجزائر فترة..
أحمد منصور: كانت لا زالت المعركة قائمة؟
” المرجعية الفكرية لأحمد جبريل تعتمد على القومية واعتقاد أن الشعب الفلسطيني في طليعة الأمة العربية لإنجاز مهمة التحرير ” |
أحمد جبريل: قائمة وكان في عنفوانها هذه الثورة الجزائرية يعني هذه هي المؤثرات أنا كنت مقتنع أن هذه الجيوش لن تحرر فلسطين هذه الجيوش العربية.
أحمد منصور: ما هي الصورة من كل هذه الصور التي أملت أن تشكل من خلالها حرب الشعب الفلسطيني؟
أحمد جبريل: هو أولا أنا ملت إلى من هم أقرب لفهم الثورة المسلحة اللي هم الناس اللي ممكن أن يكونوا في الجيش لذلك احتكيت مع الطلبة احتكيت مع الضباط في الجيش حتى بعد ما عدت إلى سوريا كان احتكاكي الأساسي مع الدورات اللي سبقتنا من عام 1948 وهم كانوا أكبر مني سنا.
أحمد منصور: ما كنت تفكر فيه كان يفكر فيه تقريبا كثير من الطلبة الفلسطينيين في ذلك الوقت كثير من المثقفين الفلسطينيين لا سيما الشباب الذين رأوا فيما حدث من جيش الإنقاذ وغيره عدم وجود أي ثمار بالنسبة لهذا الموضوع هل وجدت تجاوب معين؟
أحمد جبريل: هو بالحقيقة النشاط الفلسطيني الواعي توجه إلى الأحزاب العربية في ذلك الوقت كان يعتبر هذا المنفذ اتجاه حزب التحرير الإخوان المسلمين الحزب الشيوعي حزب البعث يعني كانوا يعتبروا إنه هذه هي نافذتهم في العمل السياسي.
أحمد منصور: وما هي كانت مرجعيتك الفكرية؟
أحمد جبريل: أنا مرجعيتي الفكرية أنا كاتجاه قومي كنت وأنا من عائلة دينية محافظة في هذا الموضوع.
أحمد منصور: ألم تشكل من التيارات الموجودة ألا يوجد أي تيار جذبك ليُكوِن خلفيتك الفكرية أو الثقافية التي تنطلق منها من العمل المسلح الشعبي أو حرب التحرير الشعبية؟
أحمد جبريل: يعني أنا بحكي إنه خلفيتي أنا قومية إنه هذه الأمة العربية وإحنا الشعب الفلسطيني جزء من هذه الأمة ويجب أن نكون نحن طليعة هذه الأمة وكنت أعرف جيدا إنه إحنا كشعب فلسطيني لا يمكن أن نقوم بإنجاز مهمة التحرير..
أحمد منصور: كانت حركة القوميين العرب في ذلك الوقت متبلورة هل كان هناك انسجام أو اتصال أو توافق بينك وبينها في الأفكار؟
أحمد جبريل: لا أبدا كانت في ذلك الوقت حركة القوميين العرب متلهية في برامج الوحدة عرفت كيف إنه الوحدة كانوا يرونها هي الطريق للعودة.
حقيقة استغلال الأنظمة العربية للفلسطينيين
أحمد منصور: كان في ذلك الوقت أيضا كما ذكرت هناك أحزاب سياسية مختلفة ولكن أيضا كانت الدول العربية كل منها يستخدم الفلسطينيين بشكل ما كان هناك المغاوير في سوريا وسعوا لعمل انقلاب وأُعدِم منهم حتى الرئيس أمين الحافظ في شهادته على العصر معنا تحدث عن عملية إعدامهم، أيضا عبد الناصر في 1961 بأوامر شخصية منه عمل انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطينيين كعملية نفوذ أثناء قضية عملية فترة الوحدة بين مصر وسوريا، استخدمهم عبد الكريم قاسم في تصفية الأكراد استخدم الفلسطينيين في تصفية الأكراد، عبد الحميد السراج استخدمهم أيضا المغاوير استخدمهم أثناء الوحدة بين مصر وسوريا، كان هناك عملية استخدام للفلسطينيين هل تم السعي لاستخدامك أيضا من خلال المجموعات المختلفة التي شكلتها الأنظمة العربية؟
أحمد جبريل: ما في شك إنه كان هذه المرحلة مرحلة مخاض للوضع الفلسطيني يعني إحنا جيل طلعنا جيل الهزيمة كان عمري عشر سنوات مجرد ما أشتد ساعدي بدأنا نفكر في هذا كيف نعود إلى هذا الصراع يعني شفينا من ذيول الهزيمة تبع 1948 أيضا أنا بأعتقد كثير من الشباب الفلسطيني بدأ يفكر ولكن كان هناك الفلسطيني ممنوع عليه التحاور مع الفلسطيني الآخر يعني بأجيب لك أنا مثل أنا عائلتي وأهلي كلهم موجودين في الضفة الغربية وفي عمان وفي غزة لم استطع أن أزورهم منذ عام 1948 إلا بعد 15 – عشرين سنة لحتى تلاقينا إحنا وولاد عمنا مع بعضنا فكان أسهل على الفلسطيني يروح إلى أميركا يروح لأوروبا يروح الكويت على السعودية ولا يستطيع الفلسطيني في سوريا أن يذهب إلى لبنان أو الفلسطيني اللي في سوريا يذهب إلى الأردن كان فيه هناك مؤامرة سرية..
أحمد منصور: ممن؟
أحمد جبريل: منع الفلسطينيين أن يحتكوا مع بعض.
أحمد منصور: ممن؟
أحمد جبريل: من النظام الرسمي العربي بتأثيرات خارجية.
أحمد منصور: النظام الرسمي العربي ألَّف الكتيبة 68 في سوريا والكتيبة عشرين حرس حدود اللي كان عبد الناصر أسسها..
أحمد جبريل: أنا بحكي لك هذا الموضوع.
أحمد منصور: حرس الحدود الفلسطيني فوج التحرير الفلسطيني المغاوير الفدائيين وأصبحتم أنتم كفلسطينيين أدوات في أيدي الأنظمة العربية يتم تصفية حسابات الدول العربية بينها وبين بعض بكم أنتم الفلسطينيين.
أحمد جبريل: أولا كانت القضية الفلسطينية ولا زالت هي كما يقولون بيضة القبان بالنسبة للأنظمة الرسمية العربية لقدسية هذه القضية عند الشعب الفلسطيني وعند الأمة العربية وأي نظام عربي كان لا يستطيع أن يسير بدون أن يكون له وجهة نظر في القضية الفلسطينية يعني الرئيس عبد الناصر منذ لما في الـ1955 و1956 شكل وحدات الفدائيين في غزة والشهيد حافظ مصطفى حافظ وقام بأعمال هي تابعة للقوات المسلحة المصرية وهذه القوات كان لها دور كبير أيضا بسبب مردودها على الكيان الصهيوني وهذه أعمال سببت الإسرائيليين بقصف غزة وإيقاع خسائر وكانت من أحد الأسباب المباشرة لعدوان الـ1956 في هذا الموضوع أيضا في سوريا عندهم شكلوا كتيبة اسمها كتيبة 68 هذه اللي بتقول عنها المغاوير لتكون كتيبة استطلاع تدخل إلى الأرض المحتلة وتجمع معلومات في هذا الموضوع، عبد الكريم قاسم في سنة الـ1960 أنشأ جيش لتحرير فلسطين في هذا.. بهالشأن هذا، كانت قضية فلسطين قضية مركزية ولا تزال..
أحمد منصور: لكن قول لي باختصار شديد هل هذه الزعامات العربية كانت قضية فلسطين وتشكيل هذه المجموعات من أجل أنظمتها هي أم من أجل فلسطين؟
أحمد جبريل: لا أنا بتأكد هو كان ليش إحنا قمنا ليش إحنا وصلنا إلى القناعة للاعتماد على النفس كحركة مستقلة بعيدا عن النظام الرسمي العربي..
أحمد منصور: حينما سمعتم عبد الناصر في مارس 1959 يقول أنه ليس لديه أو لدى أي زعيم عربي خطة لتحرير فلسطين..
أحمد جبريل: هذا بالـ1961 في نهاية الـ1961.
أحمد منصور: في نهاية الـ1961 كان له تصريح آخر أيضا حول هذا الموضوع.
أحمد جبريل: في الـ1961 بعد الانفصال بين مصر وسوريا ألقى خطاب الرئيس عبد الناصر قال ليست لديه خطة لتحرير فلسطين وأي حاكم عربي يقول أنه لديه خطة لتحرير فلسطين فهو كاذب هذا الموضوع..
أحمد منصور: ده أثر ده عليك؟
أحمد جبريل: ماذا؟
أحمد منصور: ما أثر هذا عليك؟
أحمد جبريل: بالعكس هذا يعني ثبت حجتنا لأنه كان في السابق يعني يعتمدوا على عبد الناصر وعلى الأنظمة بعض الفلسطينيين إنه هدول هم سيكونوا طلائع لتحرير فلسطين وكان فيه هناك الهروب من تحمل المسؤولية ميزت المخاض تبعنا إحنا إنه إحنا لأول مرة نقول أن هذا الفلسطيني بده هو يتحمل مسؤولية قضيته رغم إن إحنا كنا نعرف إنه إحنا غير قادرين على إنجاز عملية التحرير بس كنا نقول يجب أن نكون رأس حربة إحنا في هذه المعركة نكون مثل البكتيريا الحية التي تحول هذا الحليب إلى لبن أو الخميرة تحوله إلى.. العجين إلى حالة أخرى، كنا نقول هذا الموضوع بعيدا عن النظام الرسمي العربي ونحن رفضنا أي علاقة مع أي نظام عربي رغم هناك محاولات تمت بعد الستينات يعني بعد 1963 فيه محاولة لاحتوائنا فكنا نرفض وسنأتي لبحثها..
بداية تشكيل الجبهة
أحمد منصور: لو أرجع أنا إلى 1959 وعملية التأسيس كيف شكلت النواة الأولى للجماعة؟
أحمد جبريل: هو بالحقيقة كان فيه حالة بيني وبين نفسي وحالة بيني وبين الآخرين.
أحمد منصور: ما الذي كان بينك وبين نفسك؟
أحمد جبريل: أولاً إنه هل أنا أستطيع أن أقوم بهذه المسؤولية؟
أحمد منصور: كم فترة استغرقت النقاش في هذا؟
أحمد جبريل: فأنا بدأت أضع نفسي تحت الاختبارات.
أحمد منصور: كيف؟
أحمد جبريل: يعني ذهابي إلى الكلية الحربية رغم الإغراءات المادية ووضع العائلة وإلى أخره ضربت به عرض الحائط اعتبرت أنا هذا وضعت نفسي تحت الاختبار ونجحت به، لما فكرت أن أذهب لأقاتل بالثورة الجزائرية أيضا وكنت جادد وكانت من الأيام الحزينة في الإسكندرية لما رُفِضت في هذا الموضوع يعني أنا كنت عم بأضع نفسي تحت عمليات اختبارية، لما تخرجت وعملت اختصاص وقعدت انتقلت إنوجدت على الجبهة الأمامية في مواجهة العدو الصهيوني في منطقة جسر بنات يعقوب العليقة عرفت كيف أيضا أنا حبيت أن أضع نفسي أمام اختبار عملي فكنت أمسك صنع هذه الألغام لكي لا يكتشف العدو منين هي إنصنعت أنه..
أحمد منصور: كنت بتصنعها بشكل يدوي؟
أحمد جبريل: بشكل يدوي بالنجار وكذا وإلى أخره عرفت كيف لكي إذا اُكتشِف هذا اللغم ما ينعرف إن هذا اللغم روسي أو تشيكي أو إلى أخره..
أحمد منصور: حتى لا يُنسَّب إلى أي جيش في المنطقة.
أحمد جبريل: لا ينسب لهالشيء وأنا كنت في أثناء العطلة آخد السائق تبعي عرفت كيف وآخده وآخد هذه الحقيبة ومعي لغم وبندقيتي واقترب من مناطق الحدود لمو لأني بدي أوقع خسائر كبيرة بالعدو بس بدي أنا أختبر نفسي هل أنا جاد حقيقة في التضحية وجاد في هذا الاتجاه اللي بدي أمشي فيه.
أحمد منصور: استغرقت هذه الفترة كام؟
أحمد جبريل: هذه أشهر وحصلت مشاكل لجنة الهدنة المشتركة السورية الإسرائيلية كانت موجودة اجتمعت مرات عديدة لتبحث إنه هذه الألغام اللي كانت تتفجر بالتراكتورات الإسرائيلية أو بآليات في المزارع مَن؟ عرفت كيف.
أحمد منصور: وحدك كنت تعمل؟
أحمد جبريل: أنا والسائق اللي معي عرفت كيف.
أحمد منصور: تذكره مَن السائق؟
أحمد جبريل: حتى أنا كنت معاون قائد سرية وقائد سريتي قائد السرية كان ضابط الآن توفى اسمه إسكندر سلامة فإيجه ضابط الاستطلاع في اللواء والأمن ليبحث أنه لجنة الهدنة وصار فيه تركيز إنه من وين ما فيه غير هالقاطع هذا اللي عم بيتم فيه هذه الألغام كل عشرين يوم كل شهر بيتم هذا الموضوع فضابط الأمن والاستطلاع هو من نفس مدينة القنيطرة وأخوه صديقي اسمه توفيق طبل لا يزال حي إيجه سألني قال لي يا أحمد أنت فيه شيء هيك سامع قلت له شوف إيه عملت إيه أنا لأني ما بدي أحكي له لأني بعرفه ضابط أمن واستطلاع في اللواء إيجه لعند إسكندر سلامة لأن هو يعمل دورة واحدة قال له يا أخي هيك فإيجه لإسكندر سلامة قال لي يا أحمد فيه شيء من هذا الموضوع قلت له أنا كنت بحبه يعني وبعرفه إنه والله يعني إنسان يعني عروبي ووطني وجرئ قلت له تقسم لي اليمين إنه ما بتتفوه بها أقسم لي اليمين قلت له نعم أنا عم بعملها بورشتنا تبع السرية تبع النجارين وعم بروح قال لي أنت ومين عم تروح مع سائق هذا.
أحمد منصور: أنا عايز أرجع يعني حتى لا أسهب في هذا ويمكن أن نتحدث ساعات طويلة فيه هذا بينك وبين نفسك كيف بدأت الخطوة الأولى ومَن أول شخص تحدثت معه؟
أحمد جبريل: مثل ما قلت لك أنا بدأت أتحدث عن ناس عسكريين ضباط.
أحمد منصور: كانوا معك فلسطينيين.
أحمد جبريل: فلسطينيين وبدأت في الدورة اللي أقدم منا تبع 1948 اللي علي بوشناق زوج أختي هو أحد أفراد هذه الدورة وكانوا خمسين ضابط في الجيش وكانوا برتب رواد يعني.
أحمد منصور: إيه الأفكار الأساسية اللي طرحتها عليهم؟
أحمد جبريل: فبدأت أطرح معهم انتقيت أول واحد اللي هو علي بوشناق بدأت أحكي له تاريخه وبعدين بدأت أقول له أنت شو يعني هلا أنت من أجل هذا هربت من مدرستك ورحت قاتلت في جيش الإنقاذ وبعدين أصبحت ضابط في الجيش السوري وتفكر في الرتبة وفي المسؤولية وتعيش ما عليك مسؤولية ما عليك كذا بدأت في عملية التحريض.
أحمد منصور: تجاوب معك؟
أحمد جبريل: فتجاوب معي ولكن كان يقول لي هذا الموضوع يا أحمد صعب جدا وهذا فيه مخاطر في البدء.
أحمد منصور: الرؤية كانت عندكوا إيه في هذه المرحلة؟
أحمد جبريل: هي الرؤية هي موضوع الكفاح المسلح تشكيل تنظيم سري مؤمن بالكفاح المسلح مؤمن بحرب الشعب هذا الأساس في هذا الموضوع لحتى وصل أقنعته كان عندي رفاق في القنيطرة.
أحمد منصور: مَن هم؟
أحمد جبريل: سوريين مثلا واحد اسمه يوسف طبل عرفت كيف عدنان داغستاني هدول كنا إحنا في أثناء القنيطرة مشكلين شكلنا نادي رياضي أنا كنت رياضي بلعب (Football) نادي الصاعقة لكن كان في مناقبية معينة لهذا النادي إنه ممنوع التدخين ممنوع المشروبات دخول السينما الأفلام التافهة نصرة الضعيف إلى أخره كان فيه..
أحمد منصور: أخلاقيات أساسية للإنسان ترتقي بالإنسان.
أحمد جبريل: أخلاقيات للإنسان عرفت كيف، نروح نزور مقبرة الشهداء مهجورة ننظفها عرفت كيف ونضبط أمورها وكتبنا أسماءنا على المجهول فيه بعض الشهداء مكتوب عليهم يافطة مجهول بالنحاس كتبنا أسماءنا، عندي صور إحنا ثلاثتنا واقفين جنب الشهداء نقول نقسم لهم إننا سنتابع طريقهم ودربهم يعني..
أحمد منصور: كل هذا في 1959.
أحمد جبريل: لا هذا قبل لما كنا بـ15- 16 سنة فهدول مجموعة من الشباب أبقينا على اتصال..
أحمد منصور: هم دول اللي أنت تحدثت معهم بعد..
أحمد جبريل: أبقينا على اتصال مع بعضنا البعض عرفت كيف فرغم إن هم سوريين عرفت كيف..
أحمد منصور: ما هي النواة الأولى إذاً لجبهة التحرير الفلسطينية؟
أحمد جبريل: يعني علي بوشناق عرفت كيف يوسف طبل عدنان داغستاني عرفت كيف يعني هدول اللي بدأت أنا من أصدقائي ومن الضباط ثم من الضباط عثمان حدادي اللي استلم قائد جيش التحرير الفلسطيني عرفت كيف ثم انتقلنا وسعنا الدائرة بحيث اتجاه فضل شرورو عرفت كيف أخوه الشهيد عبد اللطيف شرورو عرفت كيف بعدين أنا انتقلت إلى مدرب في مدرسة الهندسة العسكرية وجوني طلبة فلسطينيين ضباط رياض سعيد، سيف الدين مسكر، محمود السلطي.
أحمد منصور: كيف كنتم تختاروا العضو وتنتقوه؟
أحمد جبريل: هذا ما هو شوف هأحكي لك يعني هذا هو كان سر نجاحنا في هذا الموضوع لأنه كان فيه عندنا هاجس أمني خطير للغاية كان عبد الحميد السراج وأجهزة قمعية خطيرة عرفت كيف ومن الصعب إنه تقنع السراج..
أحمد منصور: وأنتم عسكريين في الجيش.
أحمد جبريل: بأقول لك لتقنعه إنه والله أنا عم بعمل لفكرة معينة ظاهرة هو يفتش عن الانقلابات وعن هالمواضيع وبعدين ما في عمل سياسة إلا من خلال الوحدة هذه هالموضوع فكان ظروفنا الأمنية في منتهى الصعوبة مو سهل كنا نسرق من مستودعات الجيش الأسلحة والمتفجرات..
أحمد منصور: السوري.
أحمد جبريل: والألغام ونخزنها كيف لنعمل التدريب عرفت كيف، وضعنا المناهج التدريبية المراجع هذه مراجع لحرب العصابات مو مراجع جيش نظامي عرفت كيف.
أحمد منصور: الأمر مختلف تماما بين الاثنين.
أحمد جبريل: أنظمة مختلفة تماما ما تركنا مرجع من المراجع لحروب سابقتنا في حروب شعب إلا قعدنا ودرسنا..
أحمد منصور: تفتكر إيه أهم المراجع اللي كانت مرتكزة؟
أحمد جبريل: يعني هو مثلا محارب فيتنامي في كتاب مذكرات محارب فيتنامي أثناء الحرب ضد فرنسا فيه شغلات يعني كثيرة في هذا الموضوع، الحرب في كوريا في الهند الصينية عاصفة على السكر بيحكي مناحم بيغن عدونا هذا عنده كتاب اسمه الثورة بيحكي كمان على كيف عمليات التنظيم والعمليات العسكرية اللي قاموا فيها يعني ما تركنا لا أعداءنا لا أصدقاءنا..
أحمد منصور: حددتم خطة استراتيجية عسكرية للعمل؟
أحمد جبريل: حددنا إنه أولا إنشاء هذا التنظيم..
أحمد منصور: متى اخترتم الاسم؟
أحمد جبريل: جبهة التحرير الفلسطينية.
أحمد منصور: متى اخترتم الاسم؟
أحمد جبريل: هذا في 1959 نهاية 1959 تيمنا بجبهة التحرير الجزائرية.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من هنا كيف بشرت بالفكرة وكيف أسست الجبهة في العام 1959 أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد أحمد جبريل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.