شاهد على العصر

العلاقات الدولية للإخوان كما يراها يوسف ندا ح8

يوسف ندا مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين في شهادته على العصر، سنوات ندا في السجن الحربي وعلاقته بملك ليبيا وهروبه منها بعد استيلاء القذافي على السلطة ومستقبل الإخوان المسلمين في ظل الضغوط العالمية والداخلية.

مقدم الحلقة:

أحمد منصـور

ضيف الحلقة:

يوسف ندا: رئيس مجلس إدارة بنك التقوى

تاريخ الحلقة:

29/09/2002

– أسباب خروج يوسف ندا من مصر
– نشأة العلاقة بين يوسف ندا والملك السنوسي

– علاقة يوسف ندا ببورقيبة وحصوله على جواز السفر

– انقلاب القذافي وهروب ندا من ليبيا

– تقييم يوسف ندا لشهادته على العصر

– مستقبل الإخوان المسلمين في ظل الضغوط العالمية والخلافات الداخلية


undefinedأحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر).

حيث نواصل الاستماع إلى شهادة السيد يوسف ندا (مفوض العلاقات السياسية الدولية في جماعة الإخوان المسلمين).

أستاذ يوسف، مرحباً بك.

يوسف ندا: مرحب بك يا أخي.


أسباب خروج يوسف ندا من مصر

أحمد منصور: في الحلقة الماضية وقفت معك عند زيارتك لمصر وما حدث لك وكان ردي عليك، قلت أنه كان نفس رد وزير الداخلية آنذاك اللواء النبوي إسماعيل.

يوسف ندا: أيوه قال البلد مفتوحة والبلد محتاجة لأهلها وتستطيع تيجي ولابد تنقل عملك كله وتيجي هنا قلت له الله يجزيك الخير، أنا مقدر..

أحمد منصور: كانت أعمالك في حدود كم في ذلك الوقت؟

يوسف ندا: هو قلت لك قبل كده إنه كان الأخ الكفراوي كان طلب تقرير بنكي عني من أكبر بنك كنت أشتغل معاه، اللي هو (كريديت أينشتات) أنا اشتغلت في فيينا، كانت تسع أصفار…

أحمد منصور: مليار.

يوسف ندا: أيوه.

أحمد منصور: مليار أيه؟

يوسف ندا: دولار، إحنا بنتكلم بالدولار إحنا ما بنتعاملش بحاجة ثانية، ما بنتعاملش بالليرة، أيوه يا أخي. فيعني قلت له الله يجزيك الخير، وأنا مقدر وأشكرك يعني على.. على أسلوبك ويعني نفكر فيها –إن شاء الله- لأنه مش معقولة عمل يعني بتاع عشرين سنة اتعمل أو خمسة وعشرين سنة يتنقل في يوم وليلة وهو الواحد رجله تاخد على مصر وأدينا باديين في موضوع بنك فيصل، وإن شاء الله نكون برضو يعني مواطنين ترضى عنهم أنتم وغيركم إن شاء الله.

أحمد منصور: مواطن صالح.

يوسف ندا: يعني أنا ما كنتش صالح؟! الله يسامحك، طيب فيعني أنهينا موضوع..

أحمد منصور: الناس أكيد احتفوا بيك بعد كده بقى وأكيد سافرت بزفة من المطار وكانت الأمور مترتبة.

يوسف ندا: لأ.. لأ هي دي مش دي هي حصلت الزفة بعد كده.

أحمد منصور: عملوا لك زفة يعني؟

يوسف ندا: أيوه.

أحمد منصور: علشان أنا أقول لك أنا امشي في السكة الصح.

يوسف ندا: لأ، دا هي الزفة دي اللي طفشتني، أيوه. فهو يعني أنا سافرت وبعدين الرحلة التانية أنا كنت رايح أنا وزوجتي، ركبنا من باريس وكان معايا على نفس الطيارة السيد ممدوح سالم، لكن كان ساب الوزارة.

أحمد منصور: كان رئيس وزراء سابق.

يوسف ندا: أيوه، هو طبعاً يعرفني من إسكندرية من.. لأن هو كان مسؤول عن الأمن في إسكندرية عن المباحث العامة، لما اعتقلت أنا..

أحمد منصور: آه، سنة 54..

يوسف ندا: أيوه، 54 لما جُم يعتقلوني أنا هربت وبعدين قبضوا على الوالد -الله يرحمه- وعلى أخويا، فمش معقول يعني، فرحت سلمت نفسي بعد عشر أيام.

أحمد منصور: وقضيت سنتين..

يوسف ندا: بعد عشر أيام مسكوه، لكن سلمت نفسي في نفس اليوم اللي مسكوه فيه.

أحمد منصور: يعني برضو طول عمرك يعني بتعرف تهرب.

يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله، من الظلم، مش من العدالة، أيوه فركبنا مع بعض، الراجل كان في غاية الأدب الحقيقة ممدوح سالم، يعني حتى لما.. أما اعتُقلت يعني قلت طبعاً ما فيه حد ما اتضربش، لكن هو ما ضرب حد أبداً، رجالته كانوا يضربوا، لكن هو ما ضرب حد.

أحمد منصور: ما هو عادة الضباط الكبار ما بيضربوش.

يوسف ندا: لا.. لا، ما فيه حد كبير ولا صغير ما يضربش، لا لا..

أحمد منصور: أنت مجرب بقى، ربنا يعافينا إحنا..

يوسف ندا: وربنا.. ربنا يعافيهم ويسترهم هم كمان ويغفر لهم يا شيخ، يغفر لهم.. تعرف بتذكرني.. كلمة يغفر لهم دي.. بتذكرني كنا في السجن الحربي، كان معانا واحد من إخواننا كان.. فوق الثمانين سنة، كان قصير وصحته ضعيفة -الله يرحمه- وكان أيامها النظارات مش زي نظارتك دي الله يدي لك الصحة، كل ما ضعف النظر كل ما النظارة تبقى سميكة، كان نظارته سميكة كتير، فكانوا يجوا العسكر يتحاولوا عليه وواحد يضربه وبعدين يسألوه مين اللي ضربك؟ راجل في السن ده وفي الضعف ده بالكرباج مين اللي ضربك؟ فلو قال.. لو اكتشف مين اللي ضربه يضربه يقول له إزاي عرفت؟ ولو ما اكتشفش يا ابن كذا كذا، أنت كذا كذا ومش قادر تعرف، ويضربوه تاني، كل ما ينزل عليه ضربة يدعي للي بيضربه، الله يديك الصحة يا بني، الله يرحم والديك يا بني، الله ينفع بيك يا بني، ربنا يطول عمرك يا بني، ربنا يرزقك يا بني، وبعدين دخل الزنزانة يا أستاذ محمد قل البعيد..

أحمد منصور: محمد مين؟

يوسف ندا: محمد القرافصي كان اسمه الله يرحمه ويحسن إليه، يا أستاذ محمد قل البعيد ربنا يشل أيده، يقول لي حرام عليك يا يوسف يا بني، أيه هأستفيد لما أيده تتشل؟ نسيت آيات القرآن بتاع العفو والمغفرة والصفح؟ كان درس ما أنساه في حياتي ما يتنسى أبداً الله يرحمه.

أحمد منصور: المهم رجعت تاني سنة..

يوسف ندا: أيوه.. رجعنا علشان موضوع بنك فيصل بقى اللي..

أحمد منصور: أنا عمال أهيج عندك حاجات يعني بتتأثر يعني..

يوسف ندا: أيوه علشان موضوع بنك فيصل لأ بس أنت شوف إحنا اتربينا إزاي يضربونا، يسجنونا، يعدمونا، يقطعوا دمنا برضو إحنا ولادهم، إحنا ولاد البلد، برضو هُمَّ أهلينا، ما هي بعيدة، لكن ما يدي بقى أسمائي علشان بتاع جوانتانامو، ما تروح أسمائي في حتة تانية وفيها تقارير فيها أشياء مزيفة ما عملتها، يعني ما تجوز، وبالرغم من كده الله يسامحهم يا سيدي، هأقول أيه؟! الله يسامحهم، يعني اتعودنا حتى.. اتعلمنا في القرآن مش بس أتعودنا، يعني إزاي الواحد يكلم أطغى.. أطغى الطغاة فرعون (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، الآية الثانية: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) هذا اللي اتربينا عليه، يحصل اللي يحصل فينا، ما نقابل السيئة بالسيئة أبداً، الحمد لله، بس ربنا يثبِّتنا عليها لغاية ما نموت.

أحمد منصور: أنا بس عايز أسألك..

يوسف ندا: رحنا مصر، فالدَّخلة التانية كانت أرحم شوية، لأن أنا واقف بالجوازات بتاعتي أنا وزوجتي على شباك الـ.. طبعاً ما قلت لحد..

أحمد منصور: برضو ماقلتش لحد؟

يوسف ندا: طبعاً، لازم أفهم ما هو بعد كده قال لي يعني أستاذ النبوي..

أحمد منصور: اللواء النبوي إسماعيل.

يوسف ندا: أيوه، إسماعيل، قال لي يا يوسف يعني ليه ما تقول؟ اللي زيك لازم.. قلت له بس هأفهم إزاي لما أقول؟ لما أنتوا حد يستناني مش هأفهم أيه اللي ماشي، لكنه لما أجي طبيعي هأفهم..

أحمد منصور [مقاطعاً]: طب (….) ما أنت فهمتها من أول مرة قعدت للساعة اتنين الصبح..

يوسف ندا: طيب عايز أفهم.. عايز أفهم الحكاية ماشية على طول أم خلاص هي مرة ومش هتحصل تاني، لكن هي هي ما فيه فايدة.

أحمد منصور: ما فيش فايدة فيك.. ما فيش فايدة

يوسف ندا: آه طبعاً، لما أقول لحد مش هأفهم، أنا عايز أفهم.

أحمد منصور: بشكل مختصر..

يوسف ندا: واقف أنا على البنش بأدي له الجوازات، جه واحد معاه مجموعة الجوازات بتاع ممدوح بيه ومعاه.. قال له ممدوح بيه والجماعة بتوعه، قال له تقف في الطابور زيك زي غيرك، كان زمان لما كان رئيس حكومة، صُدمت. لكن ختم جوازي من غير ما يشوفه، لأن أزمة بقى التاني بيزعق له وهو بيزعق له ختم الجوازات بتاعي وبتاع زوجتي ودخلت، بعدما دخلت تاني يوم عندي اجتماع مجلس الإدارة بتاع بنك فيصل.

أحمد منصور: أنا مش هأدخل في تفاصيل القصة كده..

يوسف ندا: لأ، يعني أنا بأوري لك ليه طفشت، ليه طفشت..

أحمد منصور: معلش أنا مش متفق معك برضو، يعني على الصعيد أنا ما.. يعني بأعبر لك عن الرأي الآخر، عن الرأي الآخر كل واحد يريد أن يتعايش مع نظام لابد أن يعرف الـSystem.

يوسف ندا: أي نظام يا أخ أحمد الله يكرمك؟

أحمد منصور: الـSystem بتاع النظام دا ويتعامل من خلاله..

يوسف ندا: ما إحنا بنتعايش مع نظم الدنيا..

أحمد منصور: ما الناس كلها طالعة ونازلة وملايين الناس بره مصر..

يوسف ندا: ما إحنا بنتعايش مع نظم الدنيا ما هو يا إما أنا مواطن ليَّ حقوق..

أحمد منصور: أنت عايز حقوق..

يوسف ندا: وإلا أشوف لي حتة آخد فيها حقوقي..

أحمد منصور: أنت عايز حقوق بزيادة..

يوسف ندا: أنا كنت ماشي مرة في فيينا بالسيارة وقفت عند Traffic light ولد من المصريين بيبيع جرائد فوقفت السلام عليكم، عليكم السلام. الجرائد. قلت له أنت مصري؟ قال لي أيوه، قلت له طب أنا هأركن، ركنت السيارة وناديته: بتعمل أيه هنا؟ قال لي زي ما أنت شايف، طب بقى لك أد أيه بره مصر؟ قال لي بقى لي سنتين، كنت بتعمل أيه في مصر؟ قال لي كنت في كلية الهندسة.. في أي سنة؟ بكالوريوس. طب يا بني مش تخلص بكالوريوس أم تيجي تقعد تبيع جرائد هنا؟ أيه اللي جابك هنا؟ قال لي يا بيه أنت كمان بتتكلم، أنا الحرية اللي أنا فيها هنا ما هياش موجودة هناك، أنا حقوق المواطن درجة تالتة هنا هوت ما بألاقيهاش هناك، أقول له أيه؟!

أحمد منصور [مقاطعاً]: يا أستاذ يوسف معلش.. معلش.. معلش، محاولة تصوير الأماكن في العالم العربي إنها سجون معلش للناس اللي عايشين بره برضو فيها شيء من المبالغة الكبيرة جداً، الناس بتعيش جوه النظام وبتسايس أمورها وفيه 66 مليون مصري وفيه 220 مليون عربي، 250 مليون عربي عايشين في الأنظمة بتاعتهم ممكن يكونوا غير راضيين، لكن مش معنى كده إنه يروح يهرب ويعيش بره.

يوسف ندا: يعني لو أكلت من بطيخة وأكلت من مر علقم وبعدين أعطوا لك الاختيار، تاكل من أنهي فيهم؟ ذقت المر وذقت الحلو؟

أحمد منصور: ما هو.. هأقول لحضرتك حاجة، هأقول لحضرتك حاجة..

يوسف ندا: اتفضل.

أحمد منصور: أنا إذا غبت عن مصر الآن شهرين بأحس إني بقى لي مائة سنة بره

يوسف ندا: والله أنا..

أحمد منصور: بأكلمك بشكل..

يوسف ندا: والله أنا مقطوع..

أحمد منصور: بشكل أساسي..

يوسف ندا: أنا مقطوع جزء من كياني وإن أنا بره مصر..

أحمد منصور: أنت حضرتك الآن ليس مبرر..

يوسف ندا: أنت فاهم إن أنا مبسوط لما أسيب بلدي؟!

أحمد منصور: ليس مبرر.

يوسف ندا: أنت فاهم إن فيه حد يسيب مصر.. مش أي بلد، مصر بالذات يسيبها.

أحمد منصور: ليس مبرر.

يوسف ندا: ويحس إن هو مبسوط؟!

أحمد منصور: طيب ما هو ليس مبرر الآن إن الواحد بيروح يقف في المطار ساعتين إن دا ما يروحش بلده، ما..

يوسف ندا: يا أخي.. يا أخي فيها إذلال، يا أخي فيها إذلال، فيها إذلال.

أحمد منصور: يعني أنت بعدها قررت ما تروحش..

يوسف ندا: فيها إذلال، يعني واحد زي يوسف القرضاوي علم من أعلام مصر اللي شَّرف مصر في كل مكان في العالم أما يدخل مصر ويقف برضو في المطار؟

يعني فين إحنا؟! بدل ما يستنوه علشان.. بيشرف مصر في كل مكان، هو وغيره وغيره أساتذة جامعات اللي موجودين في كل مكان.

أحمد منصور: بس دا لا يمنعه من إن هو بيروح.

يوسف ندا: بيروح.

أحمد منصور: وهذه أيضاً ليست كل نظام موجود فيه أخطاؤه وفيه الحاجات اللي مفروض إنها بس..

يوسف ندا: يا سيدي اعتبرها غلطة عندي يا سيدي، لكن ما..

أحمد منصور: مش مشكلة الآن..

يوسف ندا: ما عندي إمكانية، مش قادر.

أحمد منصور: بعد كده خلاص بطلت تروح.

يوسف ندا: لأ دا هو.. هو الله يجزيه الخير يعني أنا رحت المطار، قال لي لازم تقول لي هتسافر امتى، ما قلت لوش.

أحمد منصور: مين؟

يوسف ندا: هو..

أحمد منصور: وزير الداخلية.

يوسف ندا: أيوه.

أحمد منصور: طب ما هو وزير الداخلية اللي بيقول لك، وأنت ما قلت لوش!

يوسف ندا: والله ما قلت له، رحت المطار، ما تعرف إزاي.. عرف إزاي..

أحمد منصور: معلش المسؤولية مش عليهم بقى.

يوسف ندا: ما أعرفش عرف إزاي، الميكروفونات بتشتغل، السيد المهندس يوسف ندا، السيد المهندس يوسف ندا، رحت لقيته واقف واحد لواء، قال لي أنا اللواء السماحي مدير الأمن العام جاي لك أكون في شرف وداعك نيابة..

أحمد منصور: طيب عايز أيه أكتر من كده بقى؟

يوسف ندا: لأن عرف، يعني الراجل حتى أما وصلت هنا كلمته بالتليفون شكرته، ولا أنساها له، أنا بأقولها بأعترف..

أحمد منصور: طب أنا لا.. يعني برضو أنا بس بأخد منها مثال، إن يعني إحنا مش.. مش عايز أخرج بيها عن الموضوع بتاعنا، ولكن عن غيابك من مصر من يوم ما خرجت من سنة 60 إلى اليوم وأنت مسؤول عن كل العلاقات الدولية للإخوان المسلمين وأنت رجل -ما شاء الله- ملياردير وكان عندك مشاريعك وكان عندك..

يوسف ندا: ما عندي حاجة النهارده بأقول لك بأشتري خمسة كيلو دقيق ما عندي.. ما خلوا لي حاجة، ربنا يستر بس وأتستر بقية أيامي اللي فاضلة لي.

أحمد منصور: ربنا يسترنا ويسترك -إن شاء الله- ربنا يسترنا ويسترك.

يوسف ندا: آمين يا رب.

أحمد منصور: بس بأحاول يعني برضو..

يوسف ندا: خدوا كل حاجة، أنا اللي واجعني والله ما هي فلوسي، أنا اللي واجعني الناس اللي اتأذوا معايا الناس اللي كان مدخراتهم والناس اللي كانوا عايشين كل دهوت راح، كله راح، إن شاء الله يسامحوني بس إن شاء الله يسامحوني، أنا ما أخدت حاجة لنفسي، إنما كله اتخرب اللي راح راح، واللي اتخرب اتخرب واللي اتحجز اتحجز، والحمد لله أنا بالنسبة ليَّ الحمد لله، كل اللي يجي من عند ربنا خير، ما عندي مشكلة تقيلة تقيلة، لكن أعرف أعيش أعرف أتأقلم، عشت على الأسفلت في السجن الحربي وعشت على الريش والحرير في كل مكان، حرير أقول لك يعني تفاديته –الحمد لله- شرعاً، لكن يعني ما فيه.. أعلى مستوى عشت فيه وأقل مستوى عشت فيه، ونمت -الحمد لله- وشكرت ربي وصليت الركعتين بتوعي قبل ما أصلي وقرأت قرآني قبل ما أصلي ومن جوة مرتاح الحمد لله رب العالمين.

[فاصل إعلاني]


نشأة العلاقة بين يوسف ندا والملك السنوسي

أحمد منصور: فيه محور هام في حياتك لازم نتطرق ليه، من سنة 60 لـ 69 عشت في ليبيا.

يوسف ندا: لأ، بين ليبيا والنمسا.

أحمد منصور: بين ليبيا والنمسا.

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: تعرفت على الملك إدريس السنوسي.

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: وكان لك علاقات به.

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: إزاي نشأت العلاقة بينك وبين الملك إدريس؟

يوسف ندا: القصر.. يعني أنا هتورطني؟، مش هتورطني، هتورط ناس موجودين النهارده، يعني أنا أسف أقول الكلام ده، ما أحبش أقول الكلام اللي قاعدين نسمعه دايماً، الناس اللي قاعدين يشرشحوا للحكام في.. في.. في الفضائيات وغيره يعني ما.. ما أنا عاوز أصل لهذا المستوى، وابتدى أتكلم، لكن يعني أخشى على.. على من أذكر اسمه.

أحمد منصور: ما تقولش أسامي.

يوسف ندا: أيوه.

أحمد منصور: وأنت.. أنت راضي تقول ولا اسم اشمعنى دول اللي هتقول أساميهم؟!

يوسف ندا: طب الحمد لله إنك عافيتني منها، الله يعافيك أيوه، هو كان يعني في القصر رجل واحد صالح غير الملك.

أحمد منصور: يعني مسلم آل فرعون؟

يوسف ندا: كان رجل صالح، وربنا يدي له الصحة، وكان مركزه كان قوي، وتعرفت به.

أحمد منصور: وصَّلك للملك.

يوسف ندا: وهي العائلة عائلة معروفة، تعرفت به.

أحمد منصور: هتقول اسمه الظاهر..

يوسف ندا: وبعدين.. نعم؟

أحمد منصور: بدل ما توصل أنك تقول اسمه، المهم ده اللي وصلك للملك.

يوسف ندا: أي نعم، أنا لما يعني الأمور لقيتها ما هي مستقيمة والمشاكل جواز السفر وغيره، فقلت له..

أحمد منصور: جواز السفر كان مصري؟

يوسف ندا: قلت له: هل ممكن أقابل الملك؟

قال لي: إن شاء الله ترتب، وفعلاً اتصل بي، وقال لي يعني اتفضل، فرحت قابلت الملك، فقلت له إن أنا من الإخوان، قلت له أنا الظروف حصل كذا وكذا، وكنت معتقل في مصر.

أحمد منصور: سنة كم دي؟

يوسف ندا: 62.

أحمد منصور: ما أنت لسه كنت طالع من مصر بجوازك، كان خلص أم أيه؟

يوسف ندا: لا.. لا، متوقع كل شيء.

أحمد منصور: آه، قبل ما جوازك يخلص.

يوسف ندا: طبعاً.

أحمد منصور: يعني دايماً دي استراتيجتك؟

يوسف ندا: طبعاً.. طبعاً ما فيش نقاش دي هي العقدة، جواز السفر دي عقدة.. عقدة العقد.

أحمد منصور: عشان كده ما شاء الله معاك 3 جوازات.

يوسف ندا: وبعدين.. وبعدين أنا ما.. يعني كثير من إخواننا يعني اللي هاجروا اللي مشيوا، مشيوا على الدول العربية في الوقت ده، وكانت هي.. لكن ما.. ما كنت أجد إن أنا أمشي من مكان علشان حريتي أروح لمكان ثاني ما فيهوش حرية.

أنا ما كان عندي مشكلة إن أنا أعيش، أنا الحمد لله أنا وأنا طالب كان عندي معمل.. معمل لبن ومعمل جبنة، كان عندي مكتب بتاع تصدير وأنا طالب في الجامعة، لما اتخرجت نفس الحكاية كان عندي معمل خاص بي غير.. غير بتاع والدي، معمل خاص بيَّ، أنا.. أنا كنت أنا واثنين ثانيين منهم (سيكلام)، (لاندريت) اللي هو صاحب سيكلام، سيكلام كان..

أحمد منصور: أيه سيكلام؟

يوسف ندا: مصنع البسترة الوحيد كان في مصر، ما كانش فيه حاجة اسمها بسترة ألبان في مصر، كنا إحنا الثلاثة مسيطرين على توريد اللبن في.. في إسكندرية، يعني كل إسكندرية أنا ثلث اللبن اللي بيتشرب في إسكندرية كان في إيدي، ما كان عندي مشكلة، لكن اللي شفته في السجن الحربي ما يتنسى، أنا أفلام السجن الحربي النهارده بعد 55 سنة بتمر عليَّ، كأنها إمبارح.

أحمد منصور: 45.

يوسف ندا: والله أعتقد إنها يمكن.

أحمد منصور: 47.

يوسف ندا: قول 470، زي إمبارح، ما تتنسى أبداً.

أحمد منصور: وده اللي خلاك تسعى للبحث عن الحرية بره؟

يوسف ندا: ما فيه نقاش.

أحمد منصور: وجعل بينك وبين أي حد يوقفك أو يضايقك عقدة؟

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: طيب أنت.

يوسف ندا: اللي حصل لي.. اللي حصل لي السنة دي جاب لي الفيلم كله، أنا شفت ناس بتتقطع، شفت ناس اتقتلت قدامي، أنا كان فيه عسكري كنت بأشغله، بأبعثه برسائل لإسكندرية لأهلي، قتل اثنين قدامي.

أحمد منصور: اثنين من الإخوان من التعذيب؟

يوسف ندا: اثنين قتلهم قدامي، ولد كان ماسكين ولد من الإخوان اسمه عبد الهادي، ما أنيش فاكر عبد الهادي أيه، كان سنة 13 سنة مسكوه وهو بيحط نشرات في صناديق بوسطة، جابوه، شرحوه، ما أعرفش مرة كان جه أظن كان محمد شديد، كان جاء له أكل، كنا في نمرة 2.. نمرة 2.

أحمد منصور: مين محمد شديد؟

يوسف ندا: واحد من الإخوان المعروفين، كان أخوه من.. يعني من القريبين لجمال عبد الناصر، وعشان كده حطوه في نمرة 2.

أحمد منصور: أيه نمرة 2؟

يوسف ندا: نمرة 2 في السجن الحربي، السجن الحربي مقسم أقسام.

أحمد منصور: بتكلمني كأني أنا عارف كل حاجة، وإن المشاهدين عارفين كل حاجة.

يوسف ندا: ما.. ما أعمل أيه بقى أنت؟

أحمد منصور: اتفضل نمرة 2 اتفضل ربنا يعافينا.

يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله.

أحمد منصور: حطوه في نمرة 2.

يوسف ندا: أيوه، نمرة 2 ده كان فيه ضباط والجماعة اللي يعني ليهم حد موصي عليهم.

أحمد منصور: آه.. آه.

يوسف ندا: فاستفرد به هذا كان اسمه عوض العسكري ده، استفرد.. كان جه أكل لمحمد شديد، ولما أي واحد يجي له أكل، فنمرة 2 الوحيد اللي كان ممكن يجيب فيه أكل من بره، فما بيأكلهوش، على طول يوزعه على الكل، فقال لي: يا يوسف أنا كنت بأتحرك يعني كنت في سن صغير، كان عندي 23 سنة، فقال لي: يا يوسف، تشوف أخوك عبد الهادي هناك، فرحت لعبد الهادي عشان أنده له فتحت الزنزانة لـ.. بيخبي صدره، فيه أيه يا عبد الهادي؟ شلت لقيت دم كله فيه أيه: قال لي: يا أخ يوسف، بلاش شوشرة، خلاص عدت. لازم تقول لي فيه أيه؟ قام قال لي: عوض، فكان الزنزانة اللي جنبي كان فيها –الله يرحمه – يوسف صديق، اللي هو قام بالانقلاب.

أحمد منصور: آه.. آه، يوسف صديق منصور.

يوسف ندا: أيوه، طبعاً كان شيوعي، وكنت أسهر معاه كثير يحاول يخليني شيوعي، يحاول يبلشفني، لكن كان شهم.

أحمد منصور: كان مسمينه ضباط الثورة مسمينه يوسف ستالين.

يوسف ندا: لكن كان شهم.

أحمد منصور: نعم.

يوسف ندا: كان شهم الشهادة بالله.

أحمد منصور: هو الوحيد اللي أطلق رصاص ليلة 23 يوليو.

يوسف ندا: ده مضبوط، كان شهم، فقلت له: يا يوسف بيه، حصل وحصل، أجارك الله، كلنا أرانب هناك، ما حد فينا يعرف يتكلم، اللي يتكلم كان يتشرح، مسك عوض ده ضربه علقة شرَّحه، طبعاً قعد يصرخ، وطلع يجري على المكاتب، وبعدين جم بقى قوة جت كبيرة، هو كانوا عاطيينه راديو، وكانوا عاطيينه جرايد، عملوا له تكدير، ومنعوه على ده هو كله بسببه، هذا عوض ده بعد ما طلعت و أنا في المعمل بتاعي جوني قالوا لي فيه واحد بيسأل عليك.

أحمد منصور: أنت طلعت سنة 56، قضيت سنتين في السجن.

يوسف ندا: أيوه، سنتين إلا شهر تقريباً، فقالوا لي: فيه واحد عاوزك اسمه عوض، عوض أيه؟ ما.. ما..ما يعرفوش، نادوه، فدخل، لما شوفته ما فيه شعره من جسمي ما ارتعشتش.

أحمد منصور: رغم أنك بره.

يوسف ندا: لأ، ما ارتعشتش..

أحمد منصور: غضباً.

يوسف ندا: على طول صور اللي قتلهم قدامي، على طول، قال لي: يا بيه أنا عارف أنت بتفكر في أيه، أنا طلعت من الجيش، وما عنديش شغل، وإذا كانت يعني عملت حاجة خير يعني ساعدني، حطيت إيدي في جيبي طبعاً كنا بنشتغل بكاش مش Card Credit زي دلوقتي والكلام ده، فالجيب فيه حطيت إيدي في جيبي، كل اللي في جيبي، كل اللي في جيبي طلعته ما أعرفوش قد أيه، قلت له يا عوض، خد الله يرضى عنك، بس أعمل معروف ما تجينيش هنا ثاني، خفت أؤذيه.

أحمد منصور: طيب خلينا نرجع لموضوع الملك إدريس السنوسي، إزاي اتعرفت على الملك، وكيف كانت علاقتك به باختصار؟

يوسف ندا: أيوه، فلما حكيت له، قال لي: يا ابني، أنا كنت لاجئ في مصر، ومصر تعتبر بلدي وعزيزة عليَّ زي ليبيا، وأنت هنا هو في بلدك، ومش أنت أول واحد يعني يشعر بالاضطهاد، وأي حاجة عندك فلان ممكن يعني يجيبك لي.

أحمد منصور: في الوقت ده كانوا الإخوان اللي كانوا بيهربوا من مصر، كانوا بيروحوا ليبيا وكانوا بيرحوا السعودية.

يوسف ندا: لأ، كانوا اثنين. اثنين قبل مني بس مش قبل مني في.. في المحنة دي، كانوا قبل مني في محنة 48.

أحمد منصور: 48 أم 54؟

يوسف ندا: 48.

أحمد منصور: مين.. مين ومين؟

يوسف ندا: كان عز الدين إبراهيم، وكان فيه مش فاكر الاسم الثاني اللي هو.. مش فاكر الاسم؟

أحمد منصور: عز الدين إبراهيم؟

يوسف ندا: أي نعم، أول ما طلع طلع على ليبيا.

أحمد منصور: دكتور عز الدين؟

يوسف ندا: آه، طبعاً.

أحمد منصور: دكتور.. اللي كان رئيس جامعة الإمارات؟

يوسف ندا: آه طبعاً.

أحمد منصور: آه.

يوسف ندا: وواحد ثاني، كانوا هم هربوا عن طريق ليبيا في 48، لكن بالنسبة لي أنا.. أنا الوحيد اللي كان معايا هناك أيامها كان الدكتور محمود أبو السعود الله يرحمه، وكان أيامها مستشار وزارة الاقتصاد ومستشار البنك المركزي.

أحمد منصور: في ليبيا.

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: دكتور محمود أبو السعود اقتصادي عالمي.

يوسف ندا: الله يرحمه، أي نعم، راجل له وضعه حتى يعني من.. الله يرحمه.

أحمد منصور: أنا أفتكر الدكتور عز الدين إبراهيم، لأنه لسه مقابلني على طيارة قريب، وعرفني بنفسه.

يوسف ندا: عجزنا كلنا بقى خلاص.

أحمد منصور: وأعطاني كارت، ولذلك ربطت الاسم.

يوسف ندا: فيعني بعد المقابلة دا هي، يعني طبعاً حسيت إن أنا على الأقل يعني ضهري مسنود.

أحمد منصور: من الملك.

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: كان لك علاقة بعد كده غير موضوع الجواز؟

يوسف ندا: أيوه، حصلت طبعاً مشاكل بعد كده، يعني مثلاً جه موضوع جواز سفر، فلما خلص فروحت له، فعطى تعليمات لسالم بن طالب، أنا مش عارف الأسماء بتيجي بسرعة معاك، أنا..

أحمد منصور: كويس.

يوسف ندا: أنا ذاكرتي ما بتجيب أسماء أبداً، أنا مش عارف معاك الأمور ماشية إزاي.

أحمد منصور: الحمد لله.

يوسف ندا: الله يبارك لك ويحميك، كان مدير الأمن العام كان اسمه سالم بن طالب، أنت يظهر عندك مغناطيس.

أحمد منصور: لأ، ما أنت بتقول لي أنت عامل زي الـ F BI، بتكمِّل.

يوسف ندا: سبحان الله! لأ، بس ¾ اللي بأكلمك فيهم، كل ما أتكلم تقول لي واحد أقول لك: الله يرحمه.

أحمد منصور: طب قول لي باختصار بس، عشان عايز ألملم الموضوع.

يوسف ندا: الله يرحمه، الله يرحمه، يعني بتنبش أنت فين، ما أنيش.. أيوه، بس الله يكرمك، أنا مقدر طبعاً الناحية التاريخية، يعني ما دام هو (شاهد على العصر) بتجيب شهود على الأحداث، والشهود..

أحمد منصور: أنا بس عايز أعرف علاقتك بالملك وموقف الملك من الإخوان في ذلك الوقت لا سيما وإن عبد الناصر يعني بعد أحداث 65 كيف ملك ليبيا كان بيتعامل.. مع الإخوان وأنت نموذج منهم؟

يوسف ندا: يعني علاقة.. العلاقة دي يعني هو حتى الدكتور أبو السعود –الله يرحمه- كان كمان له علاقة به، والعلاقة دا هي ما كانت معروفة إلا لأعداد محدودة عنده، يعني مدير الأمن العام ومدير أمن الدولة، اللي هو بتاع المباحث العامة، فهو عطى التعليمات لمدير الأمن العام سالم بن طالب علشان إصدار الجواز.

أحمد منصور: إصدار جواز ليبي لك؟

يوسف ندا: لي أيوه، فسالم بن طالب عطى التعليمات لعبد العزيز التويجري، طبعاً غير عبد العزيز التويجري بتاع السعودية بتاع الحرس الوطني، اللي هو مدير مباحث أمن الدولة، فجاني عبد العزيز التويجري في البيت.

أحمد منصور: أنا مش عايز أدخل في تفصيلات.

يوسف ندا: لأ، دي حتة مهمة.. مهمة، عجيبة.. عجيبة، توري لك إزاي.. إزاي الناس بتشتغل في بلادنا.

أحمد منصور: طيب.

يوسف ندا: قال لي: يا أخ يوسف، جواز سفرك اللي.. اللي خلص موجود؟ قلت له: أيوه، قال لي: ممكن أشوفه؟ جبته له، قال لي: طيب أنا عندي تعليمات، لكن أيه رأيك إن إحنا عندنا وسائلنا الخاصة إن إحنا نمدده لك، جت لي مفاجأة، ولذلك قلت لك: لأ، استنى دي مهمة، مفاجأة، قلت له: تقصد يعني تزوره؟ فبص لي كده قال لي: يعني نعِّدله.

أحمد منصور: المصري؟

يوسف ندا: أيوه.

أحمد منصور: جوازك المصري؟

يوسف ندا: أيوه.

أحمد منصور: تصور بقى رجل أمن ومسؤول عن الأمن علشان يزوَّر، قلت أنا إذا كان حكاية تعديل وتزوير مازي ما أنت ممكن تعمله أنا ممكن أعمله، لكن أنا لا يمكن أمشي بجواز سفر مزور، أنا ما عطيتك تعليمات، قال لي: ما هو أنت عارف الوضع بينَّا وبين مصر حسَّاس، وإحنا مش عاوزين مشاكل، قلت له: والله، أنا ما طلبت منك حاجة، اللي عطى لك التعليمات بلغه، أنا ما طلبت منك حاجة.

أحمد منصور: وما خدتش جوازك؟

يوسف ندا: لأ، عطوني، بس عطوني المرحلة الأولى كان وقت الحج وعاوز أحج.

أحمد منصور: سنة كم تفتكر دا الجواز الليبي؟

يوسف ندا: 63، 64.


علاقة يوسف ندا ببورقيبة وحصوله على جواز السفر التونسي

أحمد منصور: بعد كده خذت جواز تونسي سنة 65 والجنسية التونسية.

يوسف ندا: أي نعم، أي نعم.

أحمد منصور: إزاي عرفت بورقيبة وإزاي خذت الجواز؟

يوسف ندا: كان فيه واحد من أصدقائه من أيام ما كان برضو لاجيء في مصر، وهو كل.. كل دول لما كانوا اللاجئين في مصر كلهم كانوا على علاقة بالأستاذ البنا –الله يرحمه- والمركز العام كان هو المكان، وبعدين التاني كان –الله يرحمه- الأستاذ هارون المجددي، أبوه صادق باشا المجددي كان يعني بيته هو مفتوح لهم كلهم، أنا علاقتي كانت موجودة الواحد برضو كان له علاقات يا أخي بره.

أحمد منصور: يعني أنا ألاحظ إنك في علاقاتك في كل اللي دردشنا فيه بتروح للراس دايماً، أو بتشوف السكة اللي توديك للراس، ما تحاولش تتعامل مع الناس اللي..

يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله.

أحمد منصور: لا أنا بس بأسأل.. بأسأل.

يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا لله الحمد لما تسأل إخواني العامل اللي ما عندوش شغل، الموظف، المهندس، الطبيب، الوزير، علاقاتي مع الجميع، لكن أنت لما تنقي الأحداث الكبيرة اللي أنت بتدور عليها، ما يمكنش يكونوا عملوها ناس أوضاعهم ما هياش كبيرة.

أحمد منصور: فكنت دايماً بتحاول توصل للراس وصلت للملك في ليبيا، وأنت كان لسه عمرك ربما 25 سنة أو..

يوسف ندا: لا اللذيذ إن أنا بعدما طلعت، طبعاً هو كان.. يعني لما حصل الانقلاب كان موجود هو في (كامينافورلا) في اليونان.

أحمد منصور: طب خليني، هارجع.. هاجي للانقلاب بس الأول عايز أعرف بورقيبة وإزاي إداك الجواز سنة 65.

يوسف ندا: لا حول ولا قوة إلا بالله!

أحمد منصور: بورقيبة إداك جواز تونسي وجنسية وأنت للآن معاك الجنسية التونسية.

يوسف ندا: أيوه.

أحمد منصور: وأنت بقيت علاقتك ببورقيبة بعد كده؟

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: بقى لك به علاقة؟

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: قل لي باختصار..

يوسف ندا: هو حتى.. حتى الإيرانيين –الله يجزيهم الخير- يعني اتصلوا بي لما حُكم عليه..

أحمد منصور: إدوك جواز الآخرين؟! إدوك جواز الإيرانيين؟

يوسف ندا: لا.. لا، لم أطلب، ما..

أحمد منصور: أو ما كنتش عايز بقى، كان معاك 3 جوازات.

يوسف ندا: وبعدين أعمل به أيه؟ دا.. أنا.. أنا التونسي كان له ميزة، لأنه التونسي كان.. ما كانش يحتاج لفيزا في أي مكان في الدنيا.

أحمد منصور: كل دول العالم تدخل بيها بدون فيزا؟

فيصل ندا: كل دول العالم، حتى أميركا لما طلبت الفيزا، أنا طالبها شهر، أعطوها لي عشر سنين.

أحمد منصور: بالتونسي.

يوسف ندا: هي كانت أميركا بس الوحيدة اللي.. اللي محتاجة لفيزا، أما أوروبا كلها أو آسيا أو أفريقيا أو أي مكان كان الجواز التونسي ما يحتاج لفيزا.

أحمد منصور: للدرجة دي كان بورقيبة عامل للدولة..؟

يوسف ندا: أيوه، بس هو اتغير طبعاً لما عطى جوازات للفلسطينيين لما راحت منظمة.. المنظمة هناك، وبعدين حصلت الأحداث بتاع إرهاب وما إرهاب والمطارات، فألغى الجوازات القديمة وطلع جوازات جديدة.

أحمد منصور: لكن هذا أدى إلى أن بينك وبين بورقيبة قامت علاقة.

يوسف ندا: وُجدت، يعني زيارات وُجدت، وهو طبعاً كان له وضع خاص وكان له أسلوب خاص في تعامله مع الأشياء و..

أحمد منصور: الآن فترة وجودك في ليبيا لسنة 69، أيه مجالات العمل والأنشطة التجارية واللي كنت بتتحرك فيها.

يوسف ندا: كنت ماشي في أشياء كثيرة مع بعضها، أنا كان.. واحد كان محامي للوالد –الله يرحمه- وبعدين ساب المحاماة ودخل في سلك القضاء، وبعدين وصل إلى أنه أصبح مستشار محكمة عليا، ففي ليبيا المحكمة العليا..

أحمد منصور: باختصار. ما.. هتحكي لي على كل شغلة خاصة.

يوسف ندا: المستشار.. المستشار لازم يكون مصري كان، فكان رئيس المحكمة العليا ليبي، والمستشار اللي هو بيقوم بكل الأعمال كان مصري.

أحمد منصور: أفتكر مصطفى بن حليم في شهادته على العصر كلمني في النقطة دي.

يوسف ندا: أيوه، بس دا كان يعني في غير وقت مصطفى بن حليم، فلما جه وشفته على طول قال محتاجين، كان فعلاً كانوا محتاجين لخبير زراعي فاتعينت خبير زراعي في المحكمة.

أحمد منصور: وأنت طبعاً خريج كلية زراعة.

يوسف ندا: أيوه.

أحمد منصور: نعم.

يوسف ندا: خبير زراعي في المحكمة، وفي نفس الوقت كنت بأعمل مصنع للجبنة البيضاء.. الجبنة المثلثات دي Processed Cheese بيسموها علشان الأغذية المدرسية.

أحمد منصور: كنت في نفس الوقت شغال في النمسا برضو في المجال.

يوسف ندا: أي نعم، الجبنة البيضاء كانت في النمسا، الأغذية المدرسية..

أحمد منصور: يعني رأسمالك بدأ ينمو في الفترة دي في ليبيا لحد سنة 69.

يوسف ندا: مش بس في ليبيا، في ليبيا والنمسا.

أحمد منصور: وكنت شغال في الحديد والخشب وكل.. والجبنة وكله؟

يوسف ندا: ديَّ جت.. جت بعد 65.


انقلاب القذافي وهروب ندا من ليبيا

أحمد منصور: طيب الآن فيه حادثة مهمة جداً، حصلت في سنة 69 لما قام الانقلاب في ليبيا، قبليها أنتم كإخوان في الفترة دي كنتم تحركاتكم أية الدولية بره؟

يوسف ندا: لأ، أنا في الوقت دا هو يعني ما كان لي وضع مسؤولية، ما كانت عندي أي مسؤولية في هذا.

أحمد منصور: طيب أنا بأسألك عن الحدث السياسي، لأن أنت قلت لي أنك أنت الوحيد الذي استطعت الهروب من ليبيا حينما وقع انقلاب 69.

يوسف ندا:.. وهي مقفولة كلها.. وهي مقفولة كلها، ما تقول هرب، أنا طلعت خذت حريتي.. حقي، ليه تسميها هربت؟

أحمد منصور: لا، أنت حريف هروب يبدو، احكي لي باختصار أيه اللي صار.

يوسف ندا: هو..

أحمد منصور: ليه كنت خائف من الانقلاب وعايز تهرب وأنت لك رأسمال ضخم وتجارة في البلد؟

يوسف ندا: أيوه، هو.. هو الحقيقة أنا.. أنا مشيت ما فيه غير.. ما معيش قميص ألبسه، وما معييش حتى ماكينة حلاقة أحلق دقني.

أحمد منصور: ممكن أقول رأسمالك كان قد أيه في الفترة دي؟

يوسف ندا: يعني يعدي العشرات

أحمد منصور: الملايين أم الآلاف؟ عشرات الملايين؟

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: ما شاء الله! في الـ69؟

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: كان يعدوا عشرات الملايين؟

يوسف ندا: أي نعم.

أحمد منصور: من الدولارات طبعاً.

يوسف ندا: أي نعم، أنا.. بأقول لك ما بأتكلمش بالليرة.

أحمد منصور: أنا بأحسب الليرة الإيطالية، بس أحسب بس عشان..

يوسف ندا: أي نعم، وأنا مشيت وسبت كل حاجة.. سبت كل حاجة.

أحمد منصور: يعني الليرة ما عدش لها وجود كمان.

يوسف ندا: أنا.. يعني حتى بيتي كنت مجددة كله، وفارشه كله..

أحمد منصور: يعني خسرت في هروبك دا مبالغ ضخمة؟

يوسف ندا: أيوه هوووه.. هوووه، دي كانت.. كانت بالنسبة لي كانت يعني نزلت للأرض وطلعت ثاني بعون الله أنا.. أنا..

أحمد منصور: يعني كان رأسمالك في 69 بعشرات الملايين..

يوسف ندا: أنا طلعت وعندي 35 باخرة في البحر رايحة ليبيا، 35 باخرة اللي فيها حديد واللي فيها شعير واللي فيها قمح واللي فيها زيت واللي فيها ذرة واللي فيها أسمنت واللي هوووه، دي كانت.. كانت يعني بالنسبة لي كانت نقطة تحول في حياتي، أنا كان لي صديق –الله يرحمه- كنا يعني لا نفترق، حفيد الأمير عبد القادر الجزائري كان اسمه سعد الجزائري الله يرحمه، أنا ما كنت أرد على التليفون الصبح غير لما أكون خلصت كل شيء وجاهز لابس وفاطر وكل شيء، تليفون بيضرب ما بنرد، وبعدين الساعة 7 كنت جاهز فرديت على التليفون فكان سعد، أنت فين؟ أنت قلقتني، خير يا سعد، قال لي ما أنت سامع؟

قلت له سامع أيه؟ قال ما سامع المدافع؟ قلت له صحيح والله سامع، فيه أيه؟ قال لي فيه انقلاب في البلد افتح الراديو، طبعاً بالنسبة لي انقلاب في البلد واضحة إن لازم هيكون له صلة بمصر، معناه إن أنا لا يجوز إن أنا استنى، المهم طبعاً على طول.. كان لنا صديق ثاني سيخ هندي كان اسمه دكتور سينج، وكان كبير الأطباء..

أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت فاتح على الدنيا كلها.

يوسف ندا [مستأنفاً]: الحمد لله، من نعم الله، هذا.. هذا الإسلام، الإسلام ما يقفلك في علبة، أنت مفتوح، رحمة للعاملين، ربنا بعته رحمة للعالمين كلها، مش بعته رحمة للمسلمين بس، المسلمين طب مسلمين روح دور على غيرهم، فعطوا لما حصل الانقلاب بقى عطوا تصاريح للأطباء طبعاً فيه حظر تجول، إن هم يتحركوا علشان محتاجينهم، فأول حاجة عملها سينج جاني.

أحمد منصور: دا انقلاب الفاتح من سبتمبر..

يوسف ندا: أي نعم، واحد سبتمبر، فطبعاً أنا عندي بواخر في الميناء، اللي في المينا..، طبعاً غُشم اللي عملوا الانقلاب ما يعرفوا حاجة، وشوية أطفال صغيرين كانوا كلهم اللي 20 سنة واللي 23 سنة، الميناء، البواخر كلها بتتصل بالخارج وهم فاهمين إن هم حاكمين البلد من جوه.

أحمد منصور: عن طريق..

يوسف ندا: آه طبعاً.

أحمد منصور: أجهزة الاتصال.

يوسف ندا: كل باخرة عندها الجهاز بتاعها، ففهمت منه، هو كان فيه كتاب كان.. كان طلَّعه واحد اسمه (إدوارد لودفك) كان اسمه (coup d"etat) [الانقلاب] الكتاب دا يتحدث كأنه Text Book بتاع انقلابات، لما تقرأه واللي حكاه لي دكتور سينج فين الدبابات وفين الحتت وفين الحتت المفتوحة، طبق الأصل مطبق لـ.. وبعدين قابلت أنا (لودفك)، إدوارد دا هو قابلته في (بيومان زو) بعد كده بأقول له أنا قرأت كتابك، رد علي قال لي بالانقلاب، طبعاً هو من ولاد عمك. أيوه، فعلى طول فكرت إن أنا لكن فيه حظر تجول، إيش اللي أنا أعمله؟ ما فيه غير الانتظار، تليفون، بديت استعمل التليفون، كلمت الوكيل الملاحي بتاعي قلت له يعني هل بدأ التفريغ؟ قال لي لأ، المينا مقفولة، بعدين فتحوا حظر التجول لمدة ساعتين، فجه كابتن بتاع باخرة، كانت فرغت وكان فاضل فيها حوالي 300 طن، أنا لما كنت أؤجر البواخر كان دايماً عقود الـ Charter Part عقود التأجير، كنت أدفع الـ70% من النولون لما توصل عندي و30% بعدما ينتهي التفريغ على أساس نحسب العطلة ونحسب التشييل، فالـ70% والدفع كنت أدفعه دايماً من فيينا، ما ادفعوش من ليبيا، والباخرة دي بالذات أنا كان لي 3 سنين كنت بأؤجرها مستمرة رحلات رايحة جاية على طول لحسابي.

أحمد منصور: بدون ما أدخل في تفصيلات.

يوسف ندا: أيوه، فا جه الكابتن اتصل بصاحب الباخرة في اليونان، قال له أسأل مستر ندا يعني إمتى هيدفع؟ فلما رفعوا حظر التجول جاني الكابتن، قلت له: أنا ما بأدفعش من هنا، أنا بأدفع من فيينا أنت تعرف، قال لي طيب إمتى؟ قلت له لما.. لما الأمور تهدى، قال لي طيب هل ممكن تيجي معانا؟ قلت له مش معقول، لكن جت في راسي، عموماً بكرة أجي أزورك وأشوف الوضع وأكلمه من عندك، ثاني يوم رفع حظر التجول بدل ساعتين أربعة.

أحمد منصور: اللي هو 2 سبتمبر.

يوسف ندا: لأ.. لا.. لا أنا مشيت يوم 9..

أحمد منصور: 9 سبتمبر.

يوسف ندا: أي نعم، مشيت يوم 9، طبعاً الثلاث أيام أو الأربعة الأولانيين كان حظر التجول على طول، ما فيه مش مفتوح، وبعد كده فتحوه ساعتين في اليوم، وبعدين 4 ساعات في اليوم، فرحت الميناء.. الميناء طبعاً سمحوا للي عندهم مواد غذائية في الميناء إن هم يدخلوا، لكن يدخل بتصريح فقاعدين شبان صغيرين.. ضباط صغيرين 20 و23، كل واحد بيعرفوا أيه السبب، ويدوا له إذن الدخول، فين بطاقة الهوية بتاعتك؟ قلت له ما معييش، راحت في الدوشة دا هي، أيه اللي معاك؟ قلت له بتاع الحج، فين هي؟ طلعت له بتاع الحج، عندك أيه؟ قلت له عندي دقيق، فرز الحج، وهوب.. هوب ختم لي البتاع دخلت، طبعاً زي ما أنا مامعييش حاجة، دخلت جه الكابتن طلعت على الباخرة طبعاً، قال لي يعني أرجو إنك يعني تساعدنا لأنه محتاجين لفلوس وأنا مستعد أخدك معايا، وما عندك مشكلة تيجي معايا، قلت له يعني تؤذيني ليه؟ أنا ما عندي مشاكل، قال لي تساعد أنت بقى يعني خدمناك لمدة سنتين وتسيبنا في ظروف زي دي! قلت له أجي، يعني مغامرة، طبعاً أنا بأدور عليها، طيب فين.. فين أقعد؟ قال لي كابينة أهي موجودة ممكن تاخدها، طيب، طلب إذن الخروج.

أحمد منصور: من مين؟

يوسف ندا: من الميناء، عشان يطلب إذن الخروج، جه اللنش بتاع التفتيش فيه 12 واحد بالرشاشات عشان يفتشوا، هو شاف المنظر من فوق، اللنش وهو داخل، قال لي مستر ندا You have to go out لازم تنزل، قلت له إيه؟! بقى أنا تترجاني عشان أقعد، وبعدين لما ييجوا دولا تقول لي انزل؟! ما عندك مجال، أنت عندك أولاد؟ قال لي عندي أولاد، قلت له آه، عايز تعيش لهم؟ قال لي عايز أعيش لهم، قلت له خذ بالك بقى، إحنا في وضع حياة أو موت، قال لي: مستر ندا!

قلت له: أهو..

قال لي: طيب تقعد.. تأخذ مكان تاني تقعد فيه.

أحمد منصور: هددته يعني.

يوسف ندا: آه، ما عندي مجال.. ما عندي مجال، حياة أو موت، قال لي مكان تاني، قلت له لازم أشوفك في المكان الثاني، ما تتحركش من قدامي، قال لي وراء الثلاجة، طبعاً سبتمبر، الباخرة كانت موجودة بقى لها حوالي 10 أيام بتفرغ، حر لا تتصوره، والثلاجة من وراء قاعدة بتطلع كمان نار الله الموقدة، دخلت ورا الثلاجة، قلت له ما.. ما تمشي من قدامي، بين الثلاجة والبتاع مسافة كدا بأبص له منها، فجُم قالوا له عندك حد Stow away ؟ قال لهم لأ، امضى على الإقرار، مضى على الإقرار، تعالى معنا للتفتيش، قال لهم لأ، قالوا له أنت خايف ليه؟ قال لهم مع كل الرشاشات اللي في إيديكوا دي مش خايف؟ خذوا.

Second officer، خدوه، وفتشوا كل مكان، وأنا طبعاً متابع في المكان اللي أنا فيه، ونزلوا وطلعت الباخرة.

أحمد منصور: وصلت اليونان.

يوسف ندا: طبعاً لسه المياه الإقليمية، لغاية ما طلعت بعد المياه الإقليمية جه عشان يطلعني بقى من مكاني، دمي مجمد في كل حتة، شالوني شيل عشان يطلعني.

أحمد منصور: كم ساعة فضلت قاعد؟

يوسف ندا: 7 ساعات.

أحمد منصور: وصلت اليونان.

يوسف ندا: لأ، الباخرة كانت راحة صفاقس عشان تحمل فوسفات.

أحمد منصور: بس أنا ما عنديش مجال أقعد أسمع بدقة، أنا بس عايز أعرف ظروف وصولك لليونان أيه، والملك إدريس السنوسي كان قاعد في اليونان وقت أيه بالضبط.

يوسف ندا: قبل ما أوصل اليونان.. أيوه، قبل ما أوصل اليونان هو بعت برقيات للكل، (للهاربر مايستر)، ولمدير الأمن العام، و..و وصلت لرئيس الجمهورية كان أيامها (بابا دوبولوس) عسكري.

أحمد منصور: كان عسكري.

يوسف ندا: أيوه، وصلت يوم الجمعة دا.. وأنا الباخرة وهي داخلة دخلوا بوارج بقى (Gun Boats) حاوطت الباخرة.

أحمد منصور: على إنك أول واحد يهرب من ليبيا أو يقدر يخرج من ليبيا بعد الانقلاب.

يوسف ندا: عندهم.. عندهم معلومات من البرقيات إن فيه واحد هارب من ليبيا على الباخرة، فطلعوا ضباط، بعدين سألوني جاي منين؟ قلت لهم ما شغلكم، أنا معاي جواز سفر صالح.

أحمد منصور: تونسي.

يوسف ندا: أيوه نعم. وما يحتاجش لفيزا، وداخل لكم من نقطة مسموح الدخول فيها، فجه واحد كبير شوية، فوقفوا له انتباه، قال لي: مستر ندا، أنت عندك حق في الكلام اللي بتقوله، لكن إحنا عندنا مشكلة، فيه برقية وصلت.. وصلت لرئيس الجمهورية، إحنا النهارده الجمعة ما يمكن الاتصال بيه، السبت والأحد ما يمكن الاتصال بيه، هل ممكن تقعد على ظهر الباخرة لغاية يوم الاثنين؟ قلت له لو قلت لك لأ، هتشيلني ترميني في السجن لغاية يوم الاثنين طبعاً، فيوم الاثنين أخذوني، طلبت من صاحب الباخرة يجيب لي محامي، جاب لي محامي، كرشوه بره، طبعاً عسكريتارية بقى، كرشوه وما دخلوه، ودخلوني، دخلت عند (بابا دوبلوس).

أحمد منصور: الرئيس نفسه؟

يوسف ندا: الرئيس نفسه، كان في غاية الأدب.. في غاية الأدب.

أحمد منصور: رئيس الدولة يقابل واحد هربان؟!

يوسف ندا: شيء غير معقول، في غاية الأدب. قال لي مستر ندا اتفضل، قلت له أنا يعني مسجون، قال لي لا اتفضل، أنا فاهم كل شيء، وقالوا لي كل شيء، لكن أنا عندي مشكلة تختلف عن كل ده، وأنا قلت لهم يختموا لك جواز سفرك سنة، وإذا كان عايز أكثر من سنة ممكن ندي لك، وإذا كان عايز لجوء سياسي كان ممكن ندي لك، لكن مش دي مشكلتي.

أحمد منصور: أمال أيه مشكلته؟

يوسف ندا: قال لي أنت الوحيد اللي طلعت من ليبيا، الأخبار اللي بتوصلنا كلها عن طريق الإذاعات، عايز نسمع منك، الملك موجود عندنا في (كامينا فورلا).

أحمد منصور: آه دي حساسية الأمر.

يوسف ندا: أيوه، ليبيا بالنسبة لنا شديدة الأهمية، ودا سبب إن رئيس الدولة مش حد ثاني.

أحمد منصور: قابلك.

يوسف ندا: ليبيا بالنسبة لنا شديد الأهمية، هل الملك هيرجع تاني؟ هل الموجودين دول هيعقدوا؟ لو هيرجع تاني ونعامله معاملة هنا هوت مش طيبة، نتيجتها إن إحنا فقدنا ليبيا، لو عاملناه معاملة طيبة وهو مش هيرجع تاني، واللي موجودين هنفقد ليبيا، الوضع أيه؟ الملك محبوب؟ قلت له محبوب، قال لي هيرجع تاني؟ قلت له لأ، قال ليه؟ قلت له لا.. ما..ما عنده رجاله، اللي حوالينه كلهم ناس مش كويسين، ما فيه واحد غير..، وما في إيده سلطان، قال لي أشكرك، واتفضل، قلت له تسمح لي بقى بطلب؟ قال لي: اتفضل، أنا قلت لهم يختموا لك الجواز، قلت له مش موضوع الجواز، هل ممكن أزور الملك؟ قال لي أنا ما سمعتش حاجة، ففهمت، أنا ما سمعتش حاجة يعني أعمل اللي أنت عاوزه وأنا ما نعرف، فهمت على طول، شكراً، وسلمت عليه وطلعت.

أحمد منصور: رحت للملك؟

يوسف ندا: على طول.

أحمد منصور: قابلته؟

يوسف ندا: فوراً.

أحمد منصور: كان وضعه.. حالته أيه الملك في ذلك الوقت؟

يوسف ندا: كانت صعبة، كانت مقابلة صعبة، الله يرحمه، كانت مقابلة صعبة، قبلت إيده، وقلت له أنا في خدمتك، قال لي أنا ما أعتقد يكون عندي مكان أهنأ فيه وأرتاح فيه إلا أم الكنانة.

أحمد منصور: وراح في مصر، وبقى فيها إلى أن توفي.

يوسف ندا: يعني كان حديث مؤلم.. كان حديث مؤلم، وطلعت من عنده، من (كامينا فورلا) على المطار.

أحمد منصور: ماشوفتوش تاني بعد كده؟

يوسف ندا: لا.. لا..، خلاص أنا طلعت على المطار على طول على فينيا. طبعاً لما وصلت فينيا..

أحمد منصور [مقاطعاً]: أيه اللي دفعك تروح تزوره.. أيه اللي دفعك تروح تزوره وأنت عارف إن الراجل دوره انتهى، ووضعه انتهى؟

يوسف ندا: فضله يا أخي عليَّ، (وَلاَ تَنسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ) –يا أخي- ما تتنسى.

أحمد منصور: هل اللي..

يوسف ندا: رجل صالح.. رجل صالح، رجل بطانته كانت خربة، لكن هو كان رجل صالح، الله يرحمه..

أحمد منصور: هل اللي أنت عملته دا وهروبك من ليبيا وكذا هو اللي خلاك مدرج على قوائم..قوائم الاغتيال بعد كده اللي أنت اتكلمت عنها في حلقة سابقة؟

يوسف ندا: أنا بالمناسبة الراجل اللي.. نعم؟.. نعم؟

أحمد منصور: هل اللي حصل لك في ليبيا وهروبك وخروجك، ومرواحك للملك في اليونان بعد الانقلاب، وطريقة هروبك من ليبيا هي اللي جعلتك مدرج على قوائم الانقلاب اللي أشرت ليها.. قوائم الاغتيال اللي أشرت ليها قبل كده؟

يوسف ندا: قوائم اغتيال؟!

أحمد منصور: قلت إن فيه قائمة اغتيال ليبية..

يوسف ندا: آه.. آه.. آه، لأ.. الاحتمال قائم، ما نعرف، ما نعرف، آه، تقصد بتاع اللي كانوا بيقتلون في إيطاليا دول أيوه.

أحمد منصور: كنت عايز تقول حاجة؟ نعم.

يوسف ندا: لا، هو يعني الراجل الصالح اللي بأقول لك عليه اللي كان وحيد في القصر يعني دا لما دخلوه المحكمة بتاعتهم بيسموها محكمة الثورة أو ما ثورة، يعني قال لهم.. بيقولوا له أنت يعني من.. من العهد الفاسد، قال لهم خليني أعرف الفساد اللي بتتهموني بيه، أتحدى إن أنتوا تطلعوا موظف كبير في أي دولة من دول العالم في مركزي يكون أفقر مني، أنا البيت اللي أنا فيه بيت الحكومة، السيارة سيارة الحكومة، مرتبي آخر الشهر، بيخلص من البنك، لو ما يدخلش المرتب الثاني ما أعرفش أعيش بقية الشهر، فدول الناس اللي بنتعامل معاهم إحنا.


تقييم يوسف ندا لشهادته على العصر

أحمد منصور: أستاذ يوسف، في ختام هذه الشهادة، هذا الخضم الهائل من الأحداث، من المعارف، من الأدوار السياسية، من الانتقال من مكان إلى آخر، من الرحلة اللي بدأت بملابسك، ووصلت إلى.. تخطت المليار، والآن قرار السلطات الأميركية بتجميد أموالك، ويعني هذا الوضع الذي تعيشه، أيه تقييمك لهذه الشهادة المليئة بتلك الأحداث؟

يوسف ندا: يعني هو يمكن من الأشياء اللي شجعتني إن أنا أتكلم إن المفروض فيه حاجات كثيرة تتقال قبل ما أموت، ولو إن فيه حاجات كتيرة لازم تدخل معايا القبر، وكتر خيرك الله يجزيك الخير أنت و(الجزيرة) على إن أعطيتني.. إن.. إن.. إن فتحتوا هذا الباب.

أحمد منصور: أنا بأقوم بواجبي، و(الجزيرة) بتقوم بواجبها، وإحنا بنشكرك الحقيقة، يعني إدارة (الجزيرة) تشكرك إنك خصيت (الجزيرة) دوناً عن عشرات المحطات التليفزيونية اللي سعت ولا زالت تسعى إنها تلتقي معاك يعني.

يوسف ندا: ربنا يجزيكم الخير، ربنا يكتب لكم التوفيق، ويجزيكم الخير إن شاء الله.

أحمد منصور: فيعني إحنا بنقوم بدورنا، لكن.. وبنقوم بواجبنا الإعلامي، واجب الإعلام هو أن ينقل.. يسعى لنقل الحقائق والأمور التي مثيرة للجدل إلى الناس، وإحنا بنسعى إلى ذلك، لكن تقييمك أيه لسنوات حياتك وخضم مشاركاتك؟

يوسف ندا: يا عم.. ربنا بيقول (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) بيقول (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا) ما.. ما عندي مشكلة أبداً.

الرزق بيجي من عند ربي، وقلت لك الكلام بتاع الأستاذ عمر التلمساني الله يرحمه، الرزق من عنده، والعمر من عنده، إذا كان كتب عليَّ ربنا إن أنا أعيش فقير تاني، ما..ما فيه مشكلة عشت فقير قبل كده، أعيش فقير تاني، كتب يفتح عليَّ تاني ويديني رزق ثاني الواحد يتمنى إنه يعيش مرتاح ما.. ما.. ما يتمناش إنه يعيش تعبان، لكن قادرين إحنا يا إخوان مسلمين تربينا على إن إحنا نستطيع نتأقلم مع شتى ظروف الحياة حتى نلقى الله إن شاء الله.


مستقبل الإخوان المسلمين في ظل الضغوط العالمية والخلافات الداخلية

أحمد منصور: تقييمك أيه لمستقبل الإخوان المسلمين، لمستقبل الانتشار العالمي للإخوان المسلمين في ظل الضغوط العالمية، وفي ظل ما أشارنا إليه من مشكلات داخل الإخوان أنفسهم؟

يوسف ندا: الإخوان المسلمين .. الإخوان المسلمين يحملون دعوة الإسلام، ودعوة الإسلام قال عليها ربنا سبحانه وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) هتبقى رغم أنف كل واحد، وهتنتشر رغم أنف كل واحد.

أحمد منصور: أيه الآثار الأساسية.. الرواسب الأساسية اللي بقيت في نفسك منذ أن دخلت الإخوان المسلمين سنة 48 إلى اليوم؟

يوسف ندا: أهم شيء.. تقصد الرواسب السياسية أو تقصد..؟

أحمد منصور: النفسية، الإنسان نفسه، القيمة.. القيم اللي.. اللي تركتها، واللي خلتك في ذلك الوقت، وفي.. في.. في هذا الوقت، وفي هذا الوضع، وتصر أن تتحدث باسم الإخوان، وتتكلم باسم الأخوان، رغم إنك ملاحق من FBI وملاحق من.. من..؟

يوسف ندا: أنا ما أقول لك إن أنا كل أعمالي صالحة، ما أقول لك إن أنا كل أعمالي يعني.. لكن أعتقد إن يعني حاولت جهدي إن أنا أعمل أشياء، إن شاء الله تشفع لي عند الله.

أحمد منصور: أيه كلمتك الأخيرة في ختام هذه الشهادة للناس اللي سمعوك؟

يوسف ندا: يجب أن لا ينسى أحد من الناس أن يفعل ما يستطيع أن يفعله لمصالح البلاد والعباد، ونشر الدعوة الإسلامية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً.

يوسف ندا: ربنا يكرمك.

أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.

حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهد جديد على العصر، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر : الجزيرة