شاهد على العصر

الإخوان المسلمون كما يراهم فريد عبد الخالق ح 14

محاكمات الإخوان المسلمين، مذبحة ليمان طرة وألوان التعذيب في السجن، خطبة عبد الخالق في السجن وقصة الكلب، مرحلة ما بعد السجن، سيد قطب وعلاقته بالإخوان، دور عبد الخالق بعد السجن وتنظيم 1965.

مقدم الحلقة:

أحمد منصـور

ضيف الحلقة:

فريد عبد الخالق: عضو جماعة الإخوان المسلمين

تاريخ الحلقة:

07/03/2004

– محاكمات الإخوان المسلمين
– مذبحة ليمان طرة وألوان التعذيب في السجن

– خطبة عبد الخالق في السجن وقصة الكلب

– مرحلة ما بعد السجن

– سيد قطب وعلاقته بالإخوان

– دور عبد الخالق بعد السجن وتنظيم 1965


undefinedأحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة، أستاذ فريد مرحبا بك.

فريد عبد الخالق: أهلا بكم.


محاكمات الإخوان المسلمين

أحمد منصور: في 4 ديسمبر عام 1954 أصدرت محكمة الشعب أحكامها ضد الإخوان المسلمين المتهمين بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر وقلب نظام الحكم، حُكِم بالإعدام على سبعة منهم مرشد الجماعة حسن الهضيبي إلا أن الحكم خُفِف عليه إلى الأشغال الشاقة المؤبدة حُكِم على سبعة آخرين من مكتب الإرشاد بالأشغال الشاقة المؤبدة خميس حميدة، حسنين كمال الدين، محمد كمال خليفة، منير الدالة، صالح أبو رقيق، محمد أبو النصر وعبد العزيز عطية وبالأشغال الشاقة خمسة عشر عام على أحمد شريط وعمر التلمساني وأنت لأنك لم تكن عضوا بمكتب الإرشاد حكم عليك بعشرة سنوات ولكن في محكمة أخرى بُرِئ ثلاثة من أعضاء مكتب الإرشاد من الذين كانوا موالين لعبد الناصر هم عبد الرحمن البنا والبهي الخولي وعبد المعز عبد الستار، في 5 ديسمبر 1954 عُقِدت ثلاثة دوائر أخرى لمحكمة الشعب حاكمت مئات من الإخوان وحوكمت أنت أمام الدجوي في هذه المحاكمات كيف كانت محاكمتك؟

فريد عبد الخالق: المدعي العام يقوم بدوره والمحكمة تنصت ويُسأل المتهم المُحقَّق معه عن ما نُسِب إليه..

أحمد منصور [مقاطعاً]: ما الذي نسب إليك تحديدا؟

فريد عبد الخالق: أنا نسب إلي إن أنا كنت يعني بوصفي مسؤول في الجماعة ومشارك في وضع سياستها وإدارة أقسام فيها كما هو معلوم بمسؤوليتي عما حدث في محاولة اغتيال جمال عبد الناصر فكان دوري إن أنا في الدفاع إن أنا واقع حالي والمعلوم عني بطرق أخرى بطرق أمنية أنا أولا لست ممن يؤمن بأسلوب الثورة والحركات الصدامية دية لإن ديه بتكلف الشعوب كثير مما يكون على حساب الطريق اللي يجب أن نسلكه للإصلاح الحقيقي ماينفعش والانقلابات العسكرية أنا قلت لهم إن الانقلاب العسكري قد يغير أوضاع إنما لا يبني أمة، الأمة عشان تُبنَّى عايزه مبادئ وأفكار وعقلية واستعدادات عايزه جهد يبذل إنما الانقلاب العسكري لا علاقة له بتغيير أمة ولا إصلاح شعب ما يقدرش عاجز عن كده فأنا شخصيا ممن يؤمنون بهذا العمل فأنا بطبيعة تفكيري وتوجهاتي لا أُقبِل ولا أشارك في الخطة ولذلك أنا نهيت عنه يعني من استطعت أن أتصل أو يتصلون بي سمعوا مني إن أنا أرى خطأ استخدام الأسلوب.. العنف ده أو العسكري ده، الحاجة الثانية إن أنا لست عضوا في النظام الخاص عشان خاطر أنا أكون وأنا يعني بعمل عمل عام مكشوف ومفتوح فحياتي كلها يعني مكشوفة ومعلنة والاتصال لو كان تم بيني وبينه كان هيكون معروف إنما أنا لا صلة لي بالمشتركين فأنا شخصيا كمان من ناحية أنا كفرد وفي الجماعة وعلاقتي بالحدث منقطع فيعني أنا لا أرى لمحل الاتهام، هو في الحقيقة المنصة كانت مؤمنة لأن الأحكام كانت مرتبة يعني كانت مصنفة ومكتوبة فكان عندهم فكرة راسخة إن أنا عضو مكتب وإذاً سيجري علي نفس..

أحمد منصور: ما جرى على أعضاء المكتب.

فريد عبد الخالق: فالمدعي قال لهم لا هو يعني ليس عضو مكتب الآن يعني هو كان قبل إنما هو في أخر يعني مرة..

أحمد منصور: الانتخاب للهيئة التأسيسية في سبتمبر لم تتم.

فريد عبد الخالق: أينعم.

أحمد منصور: نُفِذ حكم الإعدام في 7 يناير عام 1955 في ستة من الإخوان والصحفي الفرنسي جون لاكوتير مندوب صحيفة فرانس سوار حضر حكم التنفيذ ونقل عنه أحمد أبو الفتح في كتابه جمال عبد الناصر ماذا قال كل واحد من الستة قبيل إعدامه وكتب مقال كبيرا تحت عنوان درس في الشجاعة من الذاهبين إلى حبل المشنقة وصف فيه الكلمات الأخيرة لكل واحد منهم.

فريد عبد الخالق: أينعم شيء يعني جائر.

أحمد منصور: قال عن محمود عبد اللطيف قال قبل أن يدخل إلى غرفة الإعدام أشكر الله الذي منحني الشهادة التي هي أمنية الأخوان المسلمين أما عن يوسف طلعت رئيس الجهاز السري للإخوان فقال الله أغفر لي ولجميع من أساؤوا إلي يعني الكلمات الأخيرة من كل واحد بتنم عن بناء نفسي في شخصية كل واحد وعما يعتمر في داخله أما إبراهيم الطيب رئيس النظام السري في القاهرة يقول عنه أنه كان يمشي وحده وعلى شفتيه ابتسامة احتقار خفيفة لمن حوله وقال بجرأة للحاضرين أشكر الله لأني سأموت شهيدا إنهم أعداؤنا الذين كانوا قضاتنا أما هنداوي دوير الذي تدور حوله كثير من علامات الاستفهام فقد قال كنت أنتظر العفو عني من جمال عبد الناصر أما الشيخ محمد فرغلي فقد قال أنا سعيد بلقاء الله أما عبد القادر عودة الذي صرف المظاهرة في 28 فبراير فقد قال استقبل الحكم ضاحكا حسب وصف الصحفي الفرنسي وهو يقول شكرا لله ثم رفع رأسه وقال إن دمي سيكون لعنة على هذا النظام ومشى نحو المشنقة متقدما جلاديه، أنت بتقول سمعت هنداوي دوير وأنت كنت.. بيقول كلام بعد الحكم عليه ماذا سمعته؟

فريد عبد الخالق: سمعته يقول يعني مستنكرا موقفهم منه وهو يخالف ما وعدوه به من إنه لن يطوله عقاب وأنه سيعامل معاملة شاهد ملك وده قانونا يُعفَّى من المساءلة الجنائية فهم خافوا وده شيء طبيعي لإنه هم كانوا يريدون أن يعني السر يموت بأصحابه.


مذبحة ليمان طرة وألوان التعذيب في السجن

أحمد منصور: وهذا ما قاله محمد نجيب في مذكراته وذكره كل من كتب عن المرحلة أن هنداوي دوير مات بسره كما يقال، السجون في تلك الفترة وقع فيها تعذيب كبير وأنت تحدثت في جانب مما وقع في سجن القلعة هل صحيح كان مرشد الإخوان حسن الهضيبي يقف مثل المايسترو صباحا مع الإخوان والإخوان جميعا يغنون تحت التعذيب أغنية أم كلثوم يا جمال يا مثال الوطنية؟

فريد عبد الخالق: للأسف نعم بس هو المغالاة في إنه يعني يشتغل مايسترو ما يعرفش يشتغل مايسترو هو بيشارك فقط كان يعني إحنا حملنا على ما لا يعني قِبَّل لنا بالوقوف ضده أنا كنت أقف في الطابور معهم ويعني كثير منا يعني فقط يعني لا يشارك في هذا إلا أن يُحمَّل عليه يعني وأنا شخصيا يعني من شدة سوء التعامل مع السجناء الأبرياء دول واللي يراد بهم ما يراد كان أحد الذين أنا أحد من ضربة الشمس والوقوف مدة طويلة في التعذيب وترداد الأغنية المؤسفة دية اللي اختفت دلوقتي الحمد لله ملهاش ذكر لأنها زي ماضي قذر ودُفِن إلى غير عودة إن شاء الله، أنا أرجو أن بلادنا تأخذ من دروس التعذيب ديه أن لا يجري مصر فيها تعذيب ويبرأ حكامها ومسؤوليها منه لإن ديه يعني زي ما تقول أسوأ ما يوصف به إنسان أو نظام.

أحمد منصور: إيه أشكال التعذيب الثانية اللي حصلت لكم في السجن الحربي؟

فريد عبد الخالق: أنا حصل لي شيء يعني يمكن كويس قوي السؤال يعني أتاح لي فرصة لإن أنا ذكرت ما كان في القلعة وأذكر ما كان بقى مع دكها مع الشرطة والقسم وده مع حمزة البسيوني الذي اختار الله له يعني ميتة شنعاء يعني، في أخر يعني الوقت اللي دنا منه وقت الإفراج لأنه إحنا أُفرِج عنا في سنة يعني أخر من خرج في 1954 كان لم يطل بنا المقام.

أحمد منصور: في 1956 بدأت الإفراجات وامتدت إلى نهاية 1957 بداية 1958، أنت في يونيو 1957 قُتِل 21 من الإخوان فيما عُرِف بمذبحة ليمان سجن طرة، أنت كنت في سجن طرة في ذلك الوقت؟

فريد عبد الخالق: لا محضرتش المذبحة ديه.

أحمد منصور: كنت وقتها في السجن ولا طلعت؟

فريد عبد الخالق: ديه مذبحة دية راح فيها 21 شهيد و22 جريح دخلوا عليهم وجها لوجه وأطلقوا عليهم الرصاص.

أحمد منصور: وهم مسجونين.

فريد عبد الخالق: شيء يعني خارج عن أي آدمية خارج عن أي عرف قانوني خارج عن أي بلد تحترم نفسها هي سقوط كامل وقضوا على حياة..

أحمد منصور: هناك شخص أميركي كان شاهد عيان وكتب كتاب اسمه أقسمت أن أروي وأنا ناسي اسمه الآن حول هذه المذبحة وكُتِبت كثيرا في إن دُخِل على أناس وهم مقيدون وقُتِل 21 منهم أنت كنت في ذلك الوقت في أي سجن؟ كنت لا زالت في القلعة في السجن الحربي؟

فريد عبد الخالق: في السجن الحربي.

أحمد منصور: في السجن الحربي، إنتوا في المقابل في السجن الحربي ما الذي كان يحدث لكم؟

فريد عبد الخالق: السجن الحربي بقى كان التعذيب..

أحمد منصور: أنا عندي حكاية هنا اسمح لي قبل ما تقول لي رواها محمود عبد الحليم في الجزء الثالث من مذكراته من كتابه أحداث صنعت التاريخ بينقل عن واحد اسمه الدكتور مصطفى عبد الله يقول إن حمزة البسيوني جَوع كلبه أسبوعا كاملا ثم أدخله عليه حتى ينهشه ولكن الكلب بقي ثلاثة أيام في الزنزانة كان مثل الحارس للرجل يعني مع جوعه الشديد يقول محمود عبد الحليم إنه كان في الزنزانة المجاورة له وكان يسأل الحارس عنه الحارس يقول أفتح الباب فأجد الكلب وجهه إلى الباب كأنه يحرسه وإذا وضعنا له الطعام ما كان ليمد.. رغم جوع الكلب أسبوع كاملا كان يرفض أن يأكل الرجل كان يعطيه كان يرفض أن يأكل معه وفي النهاية بعد أن ينتهي من طعامه يعطيه البقايا فيأكلها كان يعطيه الماء يرفض أن يشرب من الماء وكان يلحس الماء الذي يتساقط من وضوئه يعني بعض الأشياء هذه أحيانا فيه حاجات فيها مبالغات من الإخوان يعني فيه حاجات فيها مبالغات وفيه حاجات يمكن أن تحدث لبعض الناس المظلومين على اعتبار إن السجن فيه مظاليم كثيرة يعني مثل هذه الروايات أليس فيها مبالغة؟

فريد عبد الخالق: في 1954 تجربة حصلت أنا كنت يعني وقعت لي وأنا أستطيع إن أنا يعني أعطي صورة واقعية حقيقة وإن شاء الله لا تكون ممن أشارت إليه إنه يكون ممن يغالون إن القضية..

أحمد منصور: لا أنا هأجي لك لحاجات فيها مبالغات كده من الإخوان ما تخشش الدماغ.

فريد عبد الخالق: يجوز شيء ويجوز على العموم إذا كان حتى فيه سوء في الكلام {لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلاَّ مَن ظُلِمَ} الناس ما ظُلِموا إذا قالوا كلمة نهايته معفو عنها لأنه ربنا يعلم فالمهم إن إحنا في أواخر أيامنا وقد يعني الأمور آذانت من بعيد إلى الانفراج..

أحمد منصور: يعني سنة 1957.

فريد عبد الخالق: فوجئنا وإحنا في السجن الحربي على غير المألوف أن صدر أمر من الصول الذي يقود السجن بناء عن تعليمات طبعا بفتح الأبواب لكافة الزنازين وأمر من في الزنازين من المعتقلين أن ينزلوا إلى الفناء فناء السجن وإنه هم مسموح لهم بإنهم يعني يأخذوا قدر من الراحة وقدر من.. فإحنا فوجئنا طبعا لأول مرة يُعرَّض يعني سجن حربي غير مؤهل، مؤهل للوحشية مش مؤهل للآدمية يعني فكان ده حاجة عايزينا كلنا يعني شيء فقلنا ده يعني زي ما تقول رحمة من الله أتت الحمد لله ووجد الإخوان الذين كان لا يستطيع أحدهم أن يتحدث إلى أخيه بكلمة نزلين الحوش وجيه وقت المغرب ودُعِينا للصلاة قالوا إحنا.. وحصل وبعد الصلاة دعينا للكلام يعني اختاروا بعض من يأنسونا إنه يستطيع أن يعني فكنت أنا أحد أو.. وحصل لغيري من كان أهل ولكنه..

أحمد منصور: مين؟


خطبة عبد الخالق في السجن وقصة الكلب

فريد عبد الخالق: عبد العزيز كامل الأخ الدكتور عبد العزيز كامل، الحقيقة كان يعني أنا بأعتبره إن هو كان حذر أكثر مني إذا كان الحذر يعني يوصف به الموقف، أنا وجدت الإخوان في حالة يعني الناحية المعنوية محتاجة إلى تنبيه وتنشيط وإن يعود إليهم الطمأنينة التي قد يكون مساوئ السجن يعني قد أتت على بعضهم فهو اعتذر وقال لي أنا يعني سأصلي في زنزانتي وفارق الجماعة وصلى لوحده وتبعه البعض قلة والباقي هناك أكثرنا وأُذِن للصلاة وصلينا، الحاجة الثانية إن بعد ما خلاص فرغنا من الصلاة طُلِب إلي إن أنا أتحدث إليهم كلمة يعني فأنا تكلمت كلمة ولا زلت والله يعني أذكر يعني نقاط أساسية فيها قلت لهم يعني نحن الآن في موقع وفي ساحة.. ساحة سجن معتقل ويجري فيه تعذيب وشدة وإن الذين يعذبون أنتم تعرفونهم وأنتم مُعذَّبون ويعرف بعضكم بعضا لو خُيِِر أحدكم أن يختار فريقا من الفريقين فأي فريق يختار؟ في الحقيقة أجمعوا كلهم لا نكون مع المُعذَّبين ولا نكون من المُعذِبين بيرتكبون جرما وإحنا نصبر وبنحتسب..

أحمد منصور: والجنود واقفين طبعا؟

فريد عبد الخالق: نعم؟!

أحمد منصور:المُعذِبين واقفين لكم؟

فريد عبد الخالق: لا ده كان بقى أتضح إن كان كل حاجة بتسجل أنا مكنتش واخذ بالي أنا خدتها ببراءة اعتبرها بقى يعني زي ما تقول نوع من أنواع يعني إحسان الظن إذا تلطفت في التعبير وممكن تقول حاجة ثانية نسكت عنها.

أحمد منصور: هأقول بس مش قايل أفوتها يعني.

فريد عبد الخالق: نعم فأنا المهم فأنا قلت لهم دلوقتي في أي.. قالوا لا إحنا نختار إذا كان لابد نُعذَّب ولا نُعذِب فقد اختار لكم الله الأفضل إذاً.

أحمد منصور: وبعد ذلك خلصت الكلمة؟

فريد عبد الخالق: هنا بقى جت الموقف بقى قلنا الكلمة ويعني الحمد لله يعني لقيت حاجة عند الإخوان ونحمد الله وبعدين انصرفنا إلى الزنزانة وأنا اعتبرت القصة انتهت وحاجة جميلة قوي الحمد لله شفنا بعض وتكلمنا كأننا في درس الثلاثاء وأنا انطلقت وبتاع والحمد لله والنفوس ارتاحت ورحت بقى أنا خاطر ارتاح وإذا كان المنتظر لي بقى أشياء أخرى رهيبة جدا بقى لم تكن في حسابي.

أحمد منصور: ما الذي كان في انتظارك؟

فريد عبد الخالق: نمنا كما ننام وفي الصباح الباكر دُعِي باسمي لأنزل فلان ودعي معي بعدي تسعة آخرين وفُتِحت الأبواب ونزلنا فإذا أنا ألقى مسؤول في المباحث العامة أظن هو كان صلاح الدسوقي ومعه واحد ثاني كمسؤولين من الأجهزة الأمنية قالوا لي يا فلان بقى أنتوا بتُرَّبوا كما يربي فرعون أيام ما ربى موسى في حجر فرعون فعلمت طبعا على طول إن الكلام سُجِل ونُقِل وإن أنا بأحاسب على كل كلمة قيلت بما يستحق العقاب في نظرهم وبعدين هو يعني أنهى اللقاء بسهولة قال لي إحنا عارفين إن مفيش فائدة منك قلت له طب والله ديه شهادة وشهادة مني ما هو إنتوا اللي عايزني أبقى يعني كما تريدون وأنا عايز كما يريد الله فكويس إن مفيش فائدة مني ده فضل من الله بالناس ورحت زنزانتي وخلاص وإذا بعد الحكاية ديه جه بقى العقدة في الرواية كلها الحبكة كلها قالوا لي طلع لي العسكري على الزنزانة بتاعتي وقال لي تعالى عشان هتروح زنزانة انفرادي قلت كويس زنزانة انفرادي زي بعضه يعني هو نوع من التكريم ده والله ده فرحت زنزانة انفرادي..

أحمد منصور: ده نوع من التعذيب.

فريد عبد الخالق: قلت له طب ما أخذ بتاع ده أنا كان معايا يعني بعض ملابسي قال لي لا، طب ألبس الشبشب قالي لا فقلت لا ده مش تكريم بقى ديه مسألة ثانية فرحت عاري القدمين وبلا شيء وأُدخِلت في زنزانة ليس فيها إلا إناء كده كوتش كنا يعني نعرفه إن إحنا يملأ ماء لنشرب منه وممكن يُستخدَّم برضه عند الضرورة مبولة يعني مفيش مانع يعني والصبح نغسلها ونشرب منها مكانش فيه اعتبارات بأن الإنسان يتصور فيها الموت لو عملها النهارده وبعدين أنا قعدت في الزنزانة زي بعضه أهو انفرادي كده الواحد يعني يقدر يستفيد بالهدوء فإذا أنا أُفاجأ بما لم يكن في حسابي إطلاقا.

أحمد منصور: ما هو؟

فريد عبد الخالق: إقحام كلب أسود كبير على الزنزانة علي وبعدين يعني زادت الكارثة عندي أو الخطر زاد لما أغلقوا الباب وانصرفوا وأصبحت أنا وهو ولا ثالث لنا إلا الله عز وجل بقى الله ثم أنا والكلب بس.

أحمد منصور: بطبيعتك بتخاف من الكلاب.

فريد عبد الخالق: أنا لا أحب الكلاب ويعني يظهر حصل لي عقدة وأنا صغير ورثتني الخوف من الكلب فكان شيء محظور مني فأنا لقيت المحظور ولا حيلة لي إلا اللجوء إلى الله أعمل إيه ما هو مفيش..

أحمد منصور: حسيت بإيه لما الكلب الضخم ده دخل عليك؟

فريد عبد الخالق: لما الكلب دخل الحقيقة أنا زي ما تقول مرت بي لحظات ذهول ماكنتش قادر..

أحمد منصور: ورعب وخوف.

فريد عبد الخالق: ذهول وبعدين يعني إن فيه خطر داهم ووضع لا يؤمن شره بل بالعكس فكان السؤال يا ترى هو هيعمل إيه؟ السؤال ما الذي يدور برأس هذا الكلب الذي جاءني على غير إرادتي؟ وقعدت مترقب للخطر اللي حل ده هيعمل إيه فأنا قعدت في أخر الزنزانة وهو الكلب لاقيته أخد وضع آخر أدار ظهره لي وتوجه إلى الباب باسطا ذارعيه كده.

أحمد منصور: نفس القصة اللي أنا قراءتها لشخص آخر دكتور مصطفى عبد الله، أنت قرأت القصة ديه؟

فريد عبد الخالق: أه سمعت عنها طبعا.

أحمد منصور: سمعت عنها نفس القصة.. أكمل.

فريد عبد الخالق: بس لسه باقي اللي حصل بقى فدلوقتي أنا لما الكلب لاقيت الكلب قبل ما يقعد باسط كفيه هو قال لك كده لما أدركه النَصّب والتعب هو عمل محاولات رهيبة ليخرج.

أحمد منصور: ما ألتفتش لك مطلقا؟

فريد عبد الخالق: لا التفت للباب لأنه بحث عن الحرية زي حالاتي أنا وجدت فيه أنا وهو يعني زملاء سجن تمام أنا عايز الحرية بس بعقل يعني مفيهاش فايدة إن أنا أفتح الباب هو يعني غاب عنه ما يعني تحليت أنا به مثلا بأني عارف ده لا يُفتَّح إنما هو أتصور إنه فانتصب والله لا أنساه أنتصب بقوة وحجمه كبير وبين فيه الوحشية..

أحمد منصور: وقف على الباب يعني.

فريد عبد الخالق: لغاية الباب لغاية لما مسك حرف الباب.

أحمد منصور: لفوق.

فريد عبد الخالق: لفوق وانتصب كده أمامي؟

أحمد منصور: كان كلب ضخم يعني.

فريد عبد الخالق: كان ضخم وفضل وأنا يعني في السجن الحربي يعني رأيت بعيني ما يجعلني كمان غير الكراهية العامة كراهية خاصة لأني شوفت هو أحد الإخوان اسمه عبد الرحمن البنان لا أنساه شاب كان في حياته ومؤمن ويعني زكي النفس كده برضه عُذِب بالكلب وشوفته في السجن الحربي سُمِح يعني سُلِط الكلب عليه فأخذ قطعة من لحمه أي والله أخذ قطعة من لحمه فأنا شوفت قطعة اللحم من الإلية كده خدها الكلب خدها قطعة لحم..

أحمد منصور: قطعة شوفتها لحمة في..

فريد عبد الخالق: ضخمة فأنا يعني ساعة ما جه الكلب قلت هو ده يعني ده أنا بقى مش عارف هيختار مني إيه بس وأنا هينقض عليا فين إنما ضروري يعني لاقيته أنا شوفت بيعمل كده لاقيته بيلهث لهث وعمال يحاول بكل جهده إنه يفتح الباب أو يعني يعرب عن احتجاجه أو يعني ينادي حد يعني يعمل له حاجة اللي بيملكها لغاية لما أدركه التعب فكان الوصف اللي أنا وصفته إنه برضه لم..

أحمد منصور: وجهه إلى الباب وظهره لك وحاطط إيديه.

فريد عبد الخالق: وجه للباب وينتظر الفرج من الله زي حالاتي بس كل واحد بأسلوبه يعني فأنا يعني ذاهب عني الحقيقة لما وجدته كده وحسيت بالتشابه بيني وبينه رغم الفرق اللي مألوف ده إن كلانا يبحث عن حريته ويعني يحاول بذل كل ما يستطيع ليسترد اللي راح.

أحمد منصور: قامت أي شكل من أشكال العلاقة بينك وبين الكلب؟

فريد عبد الخالق: لا مفيش أبدا ولذلك أنا يعني استغربت أنا على طول تحركت يعني تلقائيا سواء يعني لاستدرار عطفه أو سواء اللي هو رحمة به إذا أحسنا الظن فهي رحمة وإلا قلت أنا بتملقه يعني فأنا أخذت المياه اللي كانت موجودة في الزنزانة وحطيتها قدامه فأتى عليها.

أحمد منصور: شربها.

فريد عبد الخالق: أتى عليها وبعدين ازداد هدوء وأنا ازددت اطمئنانا وحسيت كأن فيه يعني نوع من التفاهم غير المعلن وإن يعني أستطيع.. نام ونمت أدركني أنا ما يدرك الإنسان إذا أدركه التعب إنه بينام ونمت ونام الكلب لم يوقظني أنا والكلب إلا طرقات العسكري وهو يفتح الباب علشان يوزع الجراية بتاعت الصباح فوزع الجراية وأنا أذكرها كانت بيضتين مسلوقتين ورغيفين عيش رماهم رمي وقفل وراءنا الحارس ده فوجئ بالكلب لأنه غير زي ما تقول النوبطجية بتاعته اللي كانت مع.. فلما جه الصبح وعسكري جديد وعنده سامع من زميله أو حاجة زي كده فهو يعني فاهم.

أحمد منصور: متوقع الكلب يكون نهشك.

فريد عبد الخالق: فشاف أه حاجة زي كده مش عارف إيه اللي حصل فشاف كده لاقنا متعايشين يعني أكثر ما يتعايش البشر اللي إحنا بنشوفهم النهارده فهو الحاجة بقى التي يعني أنا بحب أقول لك إن يأسر الإنسان الخير من طبعه أن يأسر من يقع عليه ولصاحب الخير يعني مردود إلهي رباني فطري إنه يلقى ممن أحسن إليه ما يثلج صدره حتى لو كان كلبا.

أحمد منصور: ماذا وجدت في النهاية؟

فريد عبد الخالق: ماذا وجدت أنا لما خدت الجراية وأنا عارف إنه هو كلب..

أحمد منصور: جعان طبعا.

فريد عبد الخالق: تعب وجعان طبعا من اللي عمله ده، ده عمل عمايل تستنفذ جهد إيه فأنا رحت مقشر البيض وحطيته قدامه وكل الجراية كل الأكل حطيته.

أحمد منصور: الكلاب مبتكلش بيض.

فريد عبد الخالق: لا أنا أديتهموله ما هو أنا عايز يأكل..

أحمد منصور: عايز تسترضيه يعني.

فريد عبد الخالق: أو ترضية يعني زي ما أنت يعني قلت لك يعني يا إما تعتبرها رحمة مشكورا أو تعتبرها تملقا إذا شئت المهم إن أنا نجحت إذا كان لي أنا دور والدور دور الله الحقيقة والفعل فعل الله إنما هو أجر الله علي إن أنا.. الكلب كأنما أسره الجميل أو وصل بفطرته إلى إن هو هدأ هدوء كبير بعد ما كل المهم مش كل..

أحمد منصور: كل البيض؟

فريد عبد الخالق: كل البيضتين كلهم.

أحمد منصور: والعيش؟

فريد عبد الخالق: والعيش كل حطيت قدامه يعني شبع هو اعتبرها ديه وليمة وبعدين أنا اللي استرعى انتباهي مش الكلب اللي استرعى انتباهي صوت طرق قلبي قبل سمعي لاقيت العساكر بيتفرجوا علينا وأنا مش واخد بالي أنا مشغول مع الكلب اللي بيتعلق بمصيري ومستقبلي..

أحمد منصور: بيتفرجوا من العين السحرية.

فريد عبد الخالق: أيوه لقيتهم بيقولوا كلام وصل لسمعي وهم بيعملوا.. الصوت هو اللي سمعني صحيت يعني من انشغالي بالكلب وحاله وتسوية الأمور اللي بيني وبينه وكده لقيتهم بيقولوا إيه كلام أثلج صدري يحتاج إليه كل إنسان مظلوم وسب من أمر بحبسي وإيداع الكلب معي وقالوا والله بقى هو ده إنسان يستحق اللي عملوه ده ما عنده من طعام اللي هو بيسموه الجراية أعطاها كلها للكلب ومتصور إنه دول عساكر أصلهم من أقاصي الصعيد ممن لا يفرق بين الألف والمدنا زي ما بيقولوا فهو رأى سلوك غير متوقع أنا كمان جعان آكل أو أديله واحدة وهو واحدة يقولوا إداله البيضتين كلهم وهو بيتكلموا هو عنده البيضتين ديه كمان حاجة لها قيمة المهم أنا يعني حصلت أنا النهاية..

أحمد منصور: كيف كانت النهاية معاك؟

فريد عبد الخالق: سمعت أنهم يسبون الظَلمة وينتصفون للمظلومين إلى داخل السجن.

أحمد منصور: وأخذوا الكلب دون أي شكل من أشكال.. لم يؤذك الكلب وأخذوه في النهاية الكلب مشى في النهاية أخذوه.

فريد عبد الخالق: لا هو الكلب يأخذوه الصبح ويرجعوه ثاني بالليل.

أحمد منصور: كم يوم فضل معك؟

فريد عبد الخالق: والله حوالي يمكن أسبوع؟

أحمد منصور: أسبوع ولم يفعل فيك شيئا.

فريد عبد الخالق: لم يفعل بي شيء.

أحمد منصور: وكل يوم نفس القصة تقريبا.

فريد عبد الخالق: وكل يوم أنا هو خلاص أخد إن أنا هأسقيه وهأكله بقى يعني زي ما تقول يعني أنا شامم في يعني نوع من الإنسانية الكويسة يعني.

[فاصل إعلاني]


مرحلة ما بعد السجن

أحمد منصور: أستاذ فريد أفرج عنكم بعد ذلك عن كثير من الإخوان أنا عايز أفهم سر تخفيف الحكم على حسن الهضيبي من الإعدام إلى الأشغال المؤبدة إيه السبب؟

فريد عبد الخالق: لا هو القصة كانت تتعلق بالسن.

أحمد منصور: بالسن.

فريد عبد الخالق: بالسن أه.

أحمد منصور: بعد ذلك بدأ الإفراج عن الإخوان اللي أخذوا خمس سنوات وعشر سنوات تقريبا من بعد سنة 1956 وأنت أفرج عنك في نهاية 1957 بداية 1958 كيف كانت حياتكم الإخوان اللي خرجوا من السجن في ذلك الوقت؟

فريد عبد الخالق: الذين خرجوا كان صدر قرار عام بإقصاء كل موظف عن وظيفته.

أحمد منصور: كان صدر قانون اسمه الحجر السياسي أو الحظر السياسي تقريبا، نعم تفضل قانون العزل السياسي.

فريد عبد الخالق: فأصبحنا دلوقتي كلنا.. فأصبحت أنا الإخوان تحولوا إلى ناس بعد ما كان لهم أعمالهم ومحترمين في مواقعهم..

أحمد منصور: كنت وقتها أنت تعمل في دار الكتب.

فريد عبد الخالق: أنا كنت في دار الكتب ففُصِلنا كما فصل غيري وانقطعت الأرزاق وعندنا بيوت وأولاد شيء طبيعي وبعدين هم كانوا يرقبون المال الذي يأتي من الخارج..

أحمد منصور: كان فعلا الإخوان في الخارج كانوا بيرسلوا أموال لأسر الإخوان المعتقلين.

فريد عبد الخالق: نعم وكان بتصل أموال ويعني توزع على أصحاب الحاجة من الإخوان لسد الحاجة دية وعملوا كمان حتى في الأعمال الحرة زي وهبة الأخ وهبة الحاج وهبة رحمة الله عليه.

أحمد منصور: صاحب مكتبة وهبة.

فريد عبد الخالق: أينعم وغيره وجدوا إن كل الكتب اللي كانت عندهم جرى التصرف فيها بل المحل اللي كان يعيشون فيه أُسكِن غيرهم فيه فخرجوا للشارع بلا مكان أو محل يأويهم ولا..

أحمد منصور: طب دول تجار يستطيعون تدبير أمورهم لكن أنت كموظف ماذا فعلت؟

فريد عبد الخالق: اشتغلت في التصدير.

أحمد منصور: على طول كده مصدر؟

فريد عبد الخالق: أه والله ليه ده كلمني بعض الإخوة الكرام الذين يشغلون مواقع في الشركات أو في الشركات الصناعية اللي هي كان لها محل المقاولون العرب..

أحمد منصور: الإخوان كان لهم نفوذ كبير في المقاولون العرب.

فريد عبد الخالق: وشركة العبد بدون ذكر حتى أسمائهم وإنما المهم إن هم كلموني قالوا لي أنت يعني بتعمل إيه فأنا قلت لهم والله أنا بحاول إن أنا قالوا لي طب إحنا محتاجين إلى من يورد لنا أشياء كثيرة وتستطيع أن.. يعني أي إنسان.. وفعلا أصبحت أنا وجدت نفسي على غير سابق عهدي ولا تصور يعني كان ممكن أنا أخططه لنفسي من راجل بشتغل في دار الكتب ويعني ما يتعلق بالناحية المعرفية هي كل شغلي الشاغل وجدت نفسي أصبحت تاجر وبأجيب مسامير وبأجيب مقاطف وبأجيب حاجات بتاعة نسيت أسمائها فنية كده ملزومة للعمارة ووردت أشياء كثيرة ويعني وجدت ربنا سهلي..

أحمد منصور: رجعت متى إلى دار الكتب إلى وظيفتك؟

فريد عبد الخالق: وبعدين حتى جاء قرار بعودة..

أحمد منصور: أعتقد في 1959 تقريبا.

فريد عبد الخالق: أينعم.


سيد قطب وعلاقته بالإخوان

أحمد منصور: طيب الآن الإخوان بعد ما خرجوا من السجون في تلك الفترة كان هناك إخوان لم يدخلوا إلى السجون بعد وكذا سعى الإخوان بعد ذلك إلى تشكيل واستعادة تنظيمهم مرة أخرى كان سيد قطب آنذاك في السجن محكوما عليه في محكمة 1954 بخمسة عشر عاما سجنا وكان في السجن..

فريد عبد الخالق: وخرج في 1964.

أحمد منصور: خرج في 1964 لكن قبلها..

فريد عبد الخالق: بواسطة رئيس سوريا كان متعاطف مع إنتاجه الأدبي ويحبه..

أحمد منصور: سيد قطب طبعا كان أديبا قبل أن ينتمي إلى الإخوان وكان من مدرسة العقاد وكان له كتب أدبية كثيرة وكتابات في النقد الأدبي وغيره.

فريد عبد الخالق: العدالة الاجتماعية في الإسلام ومعالم في الطريق.

أحمد منصور: انتمى للإخوان بشكل متأخر في سنة 1953 تقريبا كما تشير بعض المصادر وعينه حسن الهضيبي رئيسا لقسم الدعوة خلفا للبهي الخولي الذي أنضم إلى عبد الناصر في عام 1954 ورأس سيد قطب تحرير مجلة الإخوان المسلمين وحُكِم عليه في مارس 1955 بالأشغال الشاقة خمسة عشر عاما متى بدأت علاقتك مع سيد قطب؟

فريد عبد الخالق: في داخل المركز العام لأنه كان هو عرف..

أحمد منصور: سنة كام؟

فريد عبد الخالق: أيام الهضيبي رحمة الله عليه.

أحمد منصور: 1953 نقول مع بداية انتمائه للإخوان.

فريد عبد الخالق: لا هو كان متأخر عن كده.

أحمد منصور: 1954.

فريد عبد الخالق: هو محضرش يعني كانت هي الفترة دية هو كان في أول حياته كان وثيق الصلة بجمال عبد الناصر وكان مستشار يعني وليه فكره وليه إنتاجه وبعدين هو زي ما تقول لم يجد فيه الصورة التي تعكس فكر جمال لإنه كان هو راجل يحب الحرية وراجل كذا وكذا فحصل وأنتقد هو أنتقد العسكر وأنتقد إن فبدأ يشعر إن الشخص ده له فكر وإنما الفكر ده مش في صالحه ويجب أن يُحارَّب صاحبه يعني سلاح في إيده سلاح بس سلاح مش في خدمة عبد الناصر فحصل فخرج وكان ليه بقى دور بقى في ما سيأتي بعد اللي هي محنة 1965.

أحمد منصور: ما أنا بسألك الآن كيف بدأت علاقتك بزينب الغزالي في مذكراتها أيام الحياة بصفتها متهمة رئيسية في تنظيم 1965 تقول أنها التقت مع عبد الفتاح اسماعيل الذي أُعدِم مع سيد قطب بعد ذلك ويقال أنه القائد الحقيقي لتنظيم 1965 بالنسبة للإخوان سنة 1957 في طريقهم إلى الحج وإن التنظيم بدأ في بداية الستينات يتشكل من خلال إن عبد الفتاح إسماعيل بدأ يطوف بالقرى وبالمدن وبالأماكن المختلفة من أجل إعادة تشكيل تنظيم الإخوان مرة أخرى وتقول في صفحة 38 إنها استأذنت من المرشد حسن الهضيبي باسمها وبسم عبد الفتاح إسماعيل وكانت تبلغه بكل ما يتم من تفصيلات حسن طبعا سنة 1956 أُفرِج عن الهضيبي عفو صحي وكان تحت الإقامة الجبرية وتقول إنها في سنة 1962 التقت مع شقيقات سيد قطب حميدة وأمينة بالاتفاق مع عبد الفتاح إسماعيل وبإذن من حسن الهضيبي واتصلوا بسيد قطب داخل السجن وكان سيد قطب يرسل لهم ملازم معالم في الطريق لتدرسها إلى الإخوان آنذاك وكان هناك نوع من الاسترشاد بأفكار سيد قطب أنت إمتى علمت عن تنظيم 1965؟

فريد عبد الخالق: أنا يعني وجودي في السجن خلاني أعايش عن قرب الفكر المعروف بالتكفير والهجرة.

أحمد منصور: أنا لسه موصلتش لـ1965.

فريد عبد الخالق: ما هو ده أفكار سيد قطب كان نُسِبت إليه بسوء فهم منهم.

أحمد منصور: أفكار سيد قطب ديه كانت ظهرت في السجن في فترة 1955 – 1957 لما أنت كنت في السجن ولا بعد 1965؟

فريد عبد الخالق: لا بعد.


دور عبد الخالق بعد السجن وتنظيم 1965

أحمد منصور: أنا الآن لسه مجيتش للسجن ولا للتنظيم الآن أنا في فترة 1965 ديه إمتى كانت علاقتك بالمرشد إيه في تلك الفترة لما أنت طلعت؟

فريد عبد الخالق: أنا كنت المسؤول عن القاهرة.

أحمد منصور: كنت المسؤول عن القاهرة بعد 1957؟

فريد عبد الخالق: يعني أي حد جاي عايز يتكلم سواء كان من خارج مصر أو من داخل مصر..

أحمد منصور: بعد 1957 بعد ما طلعت

فريد عبد الخالق: فكان معروف إن أنا مسؤول وأنا همزة الوصل بالمرشد.

أحمد منصور: يعني أنت كنت همزة الوصل بين المرشد وبين الإخوان في أنحاء العالم وجوه مصر؟

فريد عبد الخالق: كل الإخوان سواء كان من الخارج أو من الداخل.

أحمد منصور: والمرشد كان تحت المراقبة كان تحت المراقبة الجبرية.

فريد عبد الخالق: كان تحت المراقبة أه.

أحمد منصور: كيف كنت بتلتقي به وهو تحت المراقبة؟

فريد عبد الخالق: والله كنت بروح يعني في الضرورة حتى يعني أستطيع إن أنا أروح مرة أو مرتين وكان الأمور مهياش بالصورة اللي تمنع قوي يعني.

أحمد منصور: طيب في هذه الفترة أنت كنت..

فريد عبد الخالق: يعني أنا دخلت مرة وإتكلمنا كلام..

أحمد منصور: كنت مسؤول في تلك الفترة أيضا عن الأموال اللي كان بتيجي وتوزع على أسر الإخوان مثلا.

فريد عبد الخالق: أيوه أنت حضرتك الإخوان في السعودية قرروا إرسال يعني اشتراك أموال لمعاونة أسر الإخوان المعتقلين.

أحمد منصور: أسر الإخوان المعتقلين وكانت الحاجات ديه بتيجي لك وأنت بتوزعها.

فريد عبد الخالق: فأنا الحقيقة يعني أحد الإخوان اللي كان معنيين بتوزيع الأموال على أصحابها..

أحمد منصور: إيه الدور اللي كنتم بتلعبوه في تلك الفترة غير كده؟

فريد عبد الخالق: أنا يعني مما يعني يذكر يعني إن هم كلمني الشخص قال لازم توافق على استلام الأموال قلت له ليه قال لي هم اشترطوا في إرسال الأموال إنها تصل إليك قلت له والله يعني أنا لا أتأخر لأن هتوزع في محلها وثقة برضه منهم أنا يعني أشكرهم عليها ومقدرش أعطل حقيقة ده يعني شهادة أمام الله يعني فأنا حمدت الله على هذا.

أحمد منصور: موقف المرشد إيه من هذا؟

فريد عبد الخالق: المرشد أولا ما ذكرته حضرتك ولو حتى نتكلم بعدين بس حتى لا يُنسَّى يعني الذي خالته الحاجة زينب الغزالي رحمة الله عليها مع تقديري لها ولجهودها ودروها مع صلاح سرية ومع.. يعني هي كان لها..

أحمد منصور: كان لها دور كبير كرئيسة لجمعية السيدات المسلمات.

فريد عبد الخالق: إنما ما ذكرته عن أن الذي جرى معها بصحبة عبد الفتاح إسماعيل وأنها أخذت إذن منه بما كانت هي تعده مع عبد الفتاح وحصل أمر في تنظيم اللي خرج بينا من محنة 1965 هذا للأسف غير صحيح.

أحمد منصور: ما ذكرته زينب الغزالي غير صحيح.

فريد عبد الخالق: غير صحيح.

أحمد منصور: والذي يستند إليه الإخوان على أن تنظيم 1965 كله كان بترتيب مع المرشد.

فريد عبد الخالق: لا غير صحيح وأنا أقول وديه مسألة برضه خطرة، خطرة ليه بقى؟

أحمد منصور: قل لي ما هو الصحيح بقى؟

فريد عبد الخالق: أنا أقول لك الصحيح أولا أنا التقيت في إنجلترا ودعوني الإخوان الليبيين اللي هم مطرودين من النظام الليبي في هذا الوقت وكانوا من الإخوان..

أحمد منصور: دعيت إمتى سنة كام؟

فريد عبد الخالق: في أثناء يعني..

أحمد منصور: بعد ما طلعت من السجن.

فريد عبد الخالق: أه طبعا بعد ما طلعت من السجن.

أحمد منصور: في عهد السادات يعني.

فريد عبد الخالق: بعد ما طلعت أه فبيقولوا لي يعني اللي حصل فأنا قلت لهم هي قالت نفس الكلام فكنا وجها لوجه.

أحمد منصور: هي كانت معك هناك؟

فريد عبد الخالق: في إنجلترا أه وهم دعوها ودعوني هي بما لها وأنا بما لي ودعينا وتواجهنا والتقينا وهي قالت الكلام ده فأنا الحقيقة هم سجلوه معرفش فين التسجيل ده راح فأنا قلت لها يا حاجة زينب مع احترامي الحقيقة فوق تعلو علي ولا يكون لها (كلمة غير مسموعة)..

أحمد منصور: ما هي الحقيقة؟

فريد عبد الخالق: الحقيقة إن المرشد لم يأذن..

أحمد منصور: حسن الهضيبي.

فريد عبد الخالق: أينعم وكلفني شخصيا عندما أنهيت إليه أنني علمت بهذا التنظيم قال لي أنا لم آذن به وأكلفك بأنك أنت يعني تقضي عليه.

أحمد منصور: سنة كام الكلام ده؟

فريد عبد الخالق: الكلام ده بقى قربنا بقى من المحنة.

أحمد منصور: سنة 1964.

فريد عبد الخالق: 1964 أه.

أحمد منصور: أنت كيف علمت إن فيه تنظيم أصلا؟

فريد عبد الخالق: علمت من أحد الإخوان وهو اسمه وهبة الفيشاوي لا أنساه.

أحمد منصور: ماذا قال لك؟

فريد عبد الخالق: قَدِم لي في دار الكتب وقال لي يعني هو من نظام وإنما إنسان كويس يعني متفتح وأنس إلى يعني مشكور وأنهى إلى..

أحمد منصور: أستاذ فريد قل لي كلام واضح عشان نفهمه لأن ده تاريخيا مهم.

فريد عبد الخالق: يعني أنهى إلى إنه فيه تنظيم.

أحمد منصور: جديد.

فريد عبد الخالق: جديد بيعد لعمل يعني زي ما تقول انقلاب أو القضاء على جمال.

أحمد منصور: إيه المعلومات اللي إداها لك عن هذا التنظيم؟

فريد عبد الخالق: هو؟ قال لي فيه مجموعة يجتمعون ويرتبون لمواجهة عبد الناصر والقضاء وقتله.

أحمد منصور: من أهم الأسماء اللي قال لك عليها؟

فريد عبد الخالق: أسماء يعني مش مهم ذكرها دلوقتي المهم إن هو مسؤول عنها المهم إن من إداني هذه المعلومات أنا..

أحمد منصور: من قبيل إيه كان بيبلغك إنك تشترك معاهم ولا..

فريد عبد الخالق: لا بلغني إن ده فيه خطر قال لي هذا فيه خطر أنت لا تعلموه وأنت مسؤول يعني أنت هل تعلم الحكاية ديه نبه إلى خطر قائم وله تداعيات ضروري إذا حصل بقى كلام من ده وإحنا لسه كنا حديثي عهد بالمنشية وكمان هنيجي الثانية على طول بعد عشر سنين بالتوقيت الثاني نهايته أنا كان جديد علي لم أكن أعلم فأنا بداية حبيت أتحرى ممن يعني يمسك بالزمام.

أحمد منصور: من؟

فريد عبد الخالق: فقال لي أنا أرتب لك اجتماع مع عبد الفتاح إسماعيل إن هو وعلي عشماوي لأن كلاهما قائم على التنظيم ده.

أحمد منصور: عبد الفتاح إسماعيل اللي يقال إنه الرئيس الحقيقي أو المنظم الحقيقي للتنظيم وعلي عشماوي يقال إنه كان مسؤول القاهرة في التنظيم.

فريد عبد الخالق: أه معاهم أهو معاهم والسلام فأنا قلت له لا أنا معنديش مانع ألقاه لأن المأمور بالرغم إن كان فيه إحنا تحت الرقابة والتحركات محسوبة وكنا بقدر الإمكان الواحد بيتفادى النتائج إلا أن يكون أمر هام بتسقط الاعتبارات الأخرى وفعلا أنا التقيت بعبد الفتاح إسماعيل وسمعت منه.

أحمد منصور: ماذا قال لك؟

فريد عبد الخالق: قال لي إن الأول قال لي إن إحنا نرمي باللقاء والتنظيم اللي عاملينه إن إحنا نعيد عند الإخوان صلتهم بالقرآن وبالإسلام وعدم تسيب اللي قد يعني يخضع إليه الشباب في..

أحمد منصور: هذا جانب فكري الجانب العملي إيه؟

فريد عبد الخالق: أخفى عني قال لي إحنا عشان نجمعهم بس لإحياء القرآن وصلتهم بالإسلام حتى لا تتفلت نفوسهم إلى السوء فأنا يعني أنا بصراحة قلت له الكلام ده يعني لا يلقى اقتناع عندي وأنت بتستشرني والمستشار مؤتمن لا قل لي الحقيقة قال لا تخرج عن.. قلت له لا أنتم لا شك في رأسكم عمل عسكري وعمل لانقلاب وعمل..

أحمد منصور: كان وهبة الفيشاوي إداك فكرة عن هذا؟

فريد عبد الخالق: نعم؟!

أحمد منصور: وهبة الفيشاوي كان أعطاك بعض الفكر عن هذا؟

فريد عبد الخالق: لا مقاليش.

أحمد منصور: ولا أنت استنتجت؟

فريد عبد الخالق: لا هو أشار إشارة قال لي فيه تنظيم يعني لابد من يعني الوقوف على إيه حكايته فأنا رحت مسؤول برضه فلما أنا كلمت عبد الفتاح إسماعيل الكلام ده أقنعته وقلت له يا ابني إنك أنت لو تورطت وأنت وغيرك في عمل انقلاب أو عمل مواجهة مع عبد الناصر مش هيحصل الانقلاب ولا هيحصل البتاع ده أنا سامع إن هو الآن في وضع يتمكن بقواه وجيشه وكذا وأساليبه وأنتوا لسه مجموعة مش معقول يعني فديه معركة غير متكافئة ثم كمان يعني أنا من الناحية المبدئية لا أوافق عليها فأنتوا تخلوا عن فكرة قتل عبد الناصر لأن هناك من سيقتله فبُهِت وألح علي قال لي من يعني عرفت مع إنه كان الأول بينكر إن الموضوع ده لا يهمه وإنه يعمل للقرآن فقط فأنا قلت له لا مش هأقول لك عليه فلما ألح قلت له هأقول لك عليه قلت له الذي سيقتل عبد الناصر هو عبد الناصر نفسه.

أحمد منصور: ماذا كنت تعني بهذا؟

فريد عبد الخالق: كنت أعني إن أي نظام استبدادي غير شوري ويعني انفراد بالسلطة وبالقرار وأخذ الأمور بطريقة انفرادية لا ينجح ديه سُنة الله في خلقه ولذلك أمر هو ليه أمرنا بالشورى؟ لإن هي السبيل إلى النجاة والصلاح والفلاح فهو نهايته لما أنا قلت له الكلام ده زي ما تقول قال لي طب الكلام ده قله بقى للريس لأن أنا مش الريس قلت له مين الريس قال لي الوزير السابق اللي اسمه عبد العزيز العلي قلت له طب أنا ألقاه أكمل معاك المشوار بقى.

أحمد منصور: عبد العزيز باشا علي كان وزير سابق في بداية الثورة وكان في الحزب الوطني.

فريد عبد الخالق: أينعم فأنا وطبعا أنا يعني التقيت بيه لأنه كان له صلة بالإخوان عبد العزيز العلي أو ميوله ميول إسلامية يعني في أثناء أول ما عُيِن وزير رحت زرته فأنا ليس غريبا علي المهم رحت أنا قعدت معاه قلت له فين أقابله إداني ميعاد قال لي هينتظرك في المكان ده أخدت العنوان العنوان جنب مكان في مصر الجديدة في بيت فيه زينب الغزالي أنا خدت العنوان ولقيت بوابة خشبية ومدخل فيه حديقة وزي القصر كده أنا ماكنتش أعرف من سألقاه أنا رايح لعبد العزيز العلي فقط وبعدين لاقيت الحاجة زينب أنا عارفها الله أنا غلطت ولا إيه يا حاجة زينب أنا بصراحة جي لفلان قالت لي ما هو موجود وهأتيح لك فرصة الانفراد بيه تحت عندنا الفيلا.. البدروم قلت لها خلاص شكرا ووجدت عبد الفتاح إسماعيل هو كان مرافق لها وقريب منها يعني يوميا هناك وكان يعني ياخد صورة اللي بيشتغل في البيت ينفض شبابيك يعمل يقضي مصالح يعني واخد الدور ده نهايته أنا قابلت الرجل وكلمته كلاما طويلا مثل الذي كلمته لعبد الفتاح قلت له ده خطأ قال لي لا أنا أصلي متمرس بالأعمال ديه لأني كنت في الحزب الوطني وكنا بنعمل أيام مصطفى كامل حاجات أكثر من كده فأنا يعني لا تتصور إن أنا خالي من التجربة قلت له حتى لو كنت مش بتجربة الطريق ده غلط الفكرة أساسها غلط وهتجيب لنا عواقب وخيمة وهندفع ثمن رهيب بلا مقابل.

أحمد منصور: وكان واضح إن هم بيستهدفوا قتل عبد الناصر وتصفيته وقلب النظام.

فريد عبد الخالق: أيوه هو كان ماشي على الوضع ده فأنا لما نبهته إلى الخطر ده وإن ده لا يلقى يعني ليس سليما لا من المنظور الإسلامي ولا من المنظور الإخواني كمنهج تغيير المنهج إصلاحه فقال لي طيب أنا الكلام اللي أنا فهمته أنت عايز تقول له بس أنا هرجع برضه للإخوان اللي هم معايا في التنظيم اللي هم الأعضاء عاملين زي مكتب يعني من استشارة لازم أقول لهم فممكن نتقابل ثاني بعد ما أقول لهم فأنا الحقيقة سألت سؤال كمان آخر قبل ما أنصرف قلت له هل حسن الهضيبي كمرشد مسؤول وأنتم تبع جماعة لها عليكم حقوق هل هو يعلم بما أنتم مقبلون عليه؟ أجاب برد زي رد الحاجة زينب إن هو أُستأذِن وإنها راحت له وعبد الفتاح إسماعيل وأذِن عرضت عليه وأذِن أنا الحقيقة يعني حاك في نفسي ما حاك فأنا سبته بعد الخيط اللي أنا مشيت معه عشان أتبين ماذا يدور وإيه من عدمه رحت لحسن الهضيبي.

أحمد منصور: في الحلقة القادمة أبدأ معك من لقائك مع حسن الهضيبي لمعرفة تفصيلات تنظيم 1965 الخاص بالإخوان المسلمين أشكرك شكرا جزيلا كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم في الحلقة القادمة إن شاء الله نواصل الاستماع إلى شهادة الأستاذ فريد عبد الخالق مرافق الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عضو الهيئة التأسيسية ومكتب الإرشاد الأسبق في الجماعة، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.