فلسطين رمزية تتنفس رغم ضجيج المحتل
لا يزال الفلسطينيون منذ الثورة الكبرى التي وقعت عام 1936 يناضلون لتفنيد مقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، التي اعتمدها زعماء الصهيونية الأوائل من أمثال ثيودور هيرتزل في تأسيس إسرائيل على أرض فلسطين استنادا لتاريخ مزعوم.
ومنذ وعد بلفور (1917)، مرورا بنكبة 1948، دأب الإعلام الصهيوني ومن دعمه على تمييع هوية الفلسطينيين وصولا إلى محوها تماما عبر وصفهم بـ"العرب"، وكأنهم عابرون ضلُّوا طريقهم إلى القدس وعسقلان وعكا، التي يؤكد المؤرخون وعلماء الآثار أنها فلسطينية حتى قبل ظهور اليهودية كدين.
وكعادة اللصوص، حاول الإسرائيليون طمس معالم جريمة الاحتلال التي اقترفوها بحق شعب كامل، بأن بدَّلوا أسماء المدن الفلسطينية بأخرى عبرية تتماشى مع رواياتهم التاريخية التي لا دليل عليها.
ومن هذا المنطلق، تحولت القدس إلى أورشليم وصارت عسقلان أشكلون، وأصبحت عكَّا -التي أوقفت نابليون بونابرت 1799- تحمل اسم عكُّو.
وفي امتداد لهذا النهج، حظرت وسائل الإعلام الغربية ومنصات التواصل الاجتماعي كل ما من شأنه فضح جرائم الاحتلال -خلال العدوان الأخير على قطاع غزة– وروَّجت لأكاذيبه، لكن الرد الشعبي على هذا التضليل تجسد في صورة مظاهرات وأياد مخضبة بدم رمزي في وجه من يريدون تثبيت الرواية الإسرائيلية، ويواصلون ترديدها كأنها نص على العالم كله أن يحفظه ويؤمن به.
ورغم قمع الأمن لكل من يحاولون الدفاع عن فلسطين في دول الغرب التي تتبنى رواية إسرائيل كنص مقدس لا يجوز المساس به، فإن شعوب العالم الحرة لم تقبل بهذا التزييف المتعمد، فراحت ترمز لفلسطين بالكوفية والزعتر والطفل الذي قتل في مهده.
ورغم محاولات المحو المتواصلة منذ 75 عاما، أصبحت فلسطين رمزية تتنفس في عقول أحرار العالم وشوارع الدول التي تحاول تثبيت إسرائيل التي لا جذور لها في هذه الأرض، حتى أصبح صمت أصحاب الأرض الذين يحاولون إسكاتهم أعلى من كل أبواق الزيف التي ملأت العالم ضجيجا.