الصندوق الأسود لأرامكو السعودية
سلط برنامج "الصندوق الأسود" (2019/2/3) الضوء على طرح شركة أرامكو في سوق الاكتتاب العام، وبحث في حقيقة أرقام الاحتياطات النفطية السعودية، وفند أسباب السحب السريع لفكرة طرح الشركة على أسواق الأسهم.
حقيقة الطرح
وأشار الفيلم إلى حجم الاحتياطي الذي تملكه السعودية والمقدر بنحو 16% من احتياطي النفط في العالم، وأنها تعتبر المصدر الأكبر للنفط في دول أوبك، ويعتمد اقتصادها بشكل كبير عليه، حيث وصلت الصادرات إلى 90% من الإنتاج، وتعتمد الموازنة العامة للبلاد عليه حيث وصلت عوائد الموازنة منه إلى 87%، وقرابة نصف إجمالي الناتج المحلي يعتمد أيضا عليه.
وتمتلك أرامكو واحدا من بين كل ثمانية براميل نفط تستخرج في العالم، وهي الشركة الوحيدة في العالم التي تستطيع إنتاج البرميل بأقل من عشرة دولارات، ويعمل فيها 65 ألف موظف، وتقول إنها توفر مئات الآلاف من الوظائف داخل السعودية وخارجها.
وتقدر أرامكو احتياطيات المملكة من النفط بـ261 مليار برميل، ولم يخضع هذا الرقم للتدقيق الخارجي المستقل، وهو ثابت لأكثر من ثلاثين عاما، رغم زيادة الإنتاج وعدم الإعلان عن اكتشافات نفطية جديدة، وهذا ما يثير التساؤل عن حجم الاحتياطي الحقيقي للنفط في السعودية.
حجم الاحتياطات
وتساءل الفيلم عن الحجم الحقيقي للاحتياطي النفطي السعودي، وعن إمكانية إفصاح المملكة عن ذلك، والبيانات المالية لأرامكو، لأن ذلك يعد شرطا أساسيا للطرح في سوق الاكتتاب القائم على مبدأ الشفافية.
يقول محلل استثمارات النفط تشاد براونستين إن إدراج الشركة في البورصة سيحول وضعها من الحرية المطلقة إلى فرض رقابة شديدة على كل بياناتها للسنوات الخمس أو العشر الماضية، ليكون في متناول العامة.
أما خبير سياسات الطاقة جيم كرين فيرى أن الأرقام التي أعلنتها السعودية عن احتياطاتها محيرة للغاية، متسائلا عن كيفية بقاء الأرقام ثابتة لسنوات رغم استمرار إنتاج النفط. وأضافت المؤرخة إلين والد أن عدم إفصاح السعودية عن الحجم الحقيقي لاحتياطاتها يثير القلق، خاصة للمسؤولين التنفيذين في أرامكو، لأن من واجبهم تحقيق المصلحة القصوى من الاحتياطيات بأفضل السبل الممكنة.
في المقابل، كان للمحلل في بورصة نيويورك بيتر كارديللو رأي آخر، إذ قال إنه لا يعتقد أن السعودية تكذب بشأن احتياطاتها النفطية ولديها احتياطات كافية، لكنه يرى أن الوضع الاقتصادي العالمي المتراجع سيصعب طرح الشركة للاكتتاب، وعلى السعودية تخفيض سعر الطرح.
وشكك كرين في قدرة أرامكو على إنتاج 12.5 مليون برميل في اليوم، لأن الزيادة في الإنتاج تتطلب الكثير ولا تتم بضغطة زر، وأضاف أنه على الرغم من ادعاء الشركة مقدرتها الوصول إلى هذا الرقم بعد ستة شهور من الاستثمارات الإضافية فيها، فإن هذا يعتبر ضربا من المستحيل.
ويعتقد براونستين أن تقييم الاحتياطي النفطي بترليوني دولار مهم للسعوديين، ولكنه مثير للشك لدى المستثمرين مع غياب مصدر مستقل يتمتع بالمصداقية، مشيرا إلى أن الوضع في السوق لا يقاس بالقيمة الأساسية بل بحجم الأرباح، وما سيحدد السعر الفعلي لقيمة الطرح هو السوق.
رؤية 2030
وعن رؤية الأمير محمد بن سلمان للعام 2030 التي يعدّ طرح شركة أرامكو للاكتتاب من أهم أركانها، يرى كرين أن الرؤية لم تقدم شيئا جديدا، لأنها قديمة منذ أيام الملك الفيصل، ومع وصول كل ملك للسعودية فهو يقوم بالإعلان عن خطوات إصلاحية ويروج لها، وما قام به محمد بن سلمان هو تجميع كل الرؤى السابقة والإعلان عنها دفعة واحدة، داعيا للانتظار لمعرفة ما إذا كان سينجح أم لا.
وتقول والد إن هذه ليست المرة الأولى التي تسمع فيها عن إصلاحات في السعودية، فقد أجرى الملك فيصل إصلاحات وكان يحمل أرقام الموازنة في جيبه ويستجوب الوزراء في أي مكان يقابلهم، لكنه لم يحقق شيئا مما أعلنه، و"على حد علمي لم ترَ مشاريع الأسرة المالكة المعلن عنها طريقها إلى النور".
ويتحدث فريمان عن أن السعودية لديها مشكلة في تحصيل الضرائب، وهذا ما أبلغ به الملك السابق عبد الله عندما كان وليا للعهد، وقارن كيف بإمكان الحكومة الأميركية الحصول على عائدات من التجار لقاء تقديم الخدمات، على عكس ما يحدث في السعودية حيث يسمح النظام فيها للتجار بالحصول على أرباح ضخمة على حساب الدولة، وهذا ما يستدعي تغيير طريقة التفكير.