مستقبل العراق في ظل اجتماع الناصرية
مقدم الحلقة: |
أحمد منصور |
ضيف الحلقة: |
الأمير حسن بن طلال: رئيس منتدى الفكر العربي |
تاريخ الحلقة: |
16/04/2003 |
– تطور الأحداث وحقيقة الوجود الأميركي في العراق
– تداعيات اجتماع الناصرية على مستقبل العراق
– مدى إمكانية عودة الحكم الملكي في العراق
– حقيقة وأسباب حضور الحسن بن طلال مؤتمر المعارضة العراقية في لندن
– الشروط الأميركية الأساسية لحكومة العراق القادمة
– مكاسب إسرائيل من الحرب على العراق وتهديد سوريا
أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة، وأرحب بكم في حلقة اليوم من برنامج (ما وراء الأحداث).
يكاد الزلزال الذي هز العراق والمنطقة أن يسيطر على اهتمامات كافة السياسيين والمراقبين، ففي هذه المرحلة يحاول الجميع فهم ما حدث في العراق وما بعد صدام حسين، وماذا أيضاً بعد العراق.
وفي هذه الحلقة نحاول فهم بعض جوانب ما يدور على الساحة من خلال حوارنا عبر الأقمار الاصطناعية مع.. من عمان مع سمو الأمير الحسن بن طلال (ولي عهد الأردن السابق، ورئيس منتدى الفكر العربي) الذي لازال حضوره المفاجئ لمؤتمر المعارضة العراقية في شهر يوليو من العام الماضي في العاصمة البريطانية لندن يثير علامات استفهام عن أهدافه من وراء الحضور، وما إذا كان يسعى للعب دور في الأحداث، لا سيما بعد سقوط صدام، سمو الأمير مرحباً بك.
الحسن بن طلال: مرحباً أخي الكريم.
تطور الأحداث وحقيقة الوجود الأميركي في العراق
أحمد منصور: بداية ما هي رؤيتك وتفسيرك لما حدث في العراق؟
الحسن بن طلال: بسم الله الرحمن الرحيم، أود أن أعلق أخي أحمد على مقدمتك وأقول: السؤال هو ليس -إذا جاز لي- ما بعد العراق، لأن العراق باقي كدولة وما بعد النظام، ورأينا أمس إحدى سيناريوهات إقامة المجتمع الأهلي في خيمة في صحراء العراق وإدارة الحديث من قبل الأجانب عبر المترجم، فأرجو ألا يكون ذلك مؤشراً على المستقبل.
أحمد منصور: طيب، يعني ربما أمامنا متسع من الوقت للنقاش حول هذه الأشياء، ولكن ما هو.. ما هي رؤيتك وتفسيرك لما حدث في العراق؟
الحسن بن طلال: تفسيري لما حدث كما قال أحد المحللين المصريين هي عملية صدمة وترويع، صدمة للعراق وترويع لسوريا ولإيران، وربما لكوريا الشمالية، وأقول أن امتزجت الحرب ضد الإرهاب مع الحرب على صدام، بعد أن كان الهدف الأساسي هو نزع.. نزع أسلحة الدمار الشامل، النتائج ظهرت اليوم في تصريح للجامعة العربية، أعتقد مأخوذ عن لسان وزير خارجية سوريا في إعلان المنطقة منطقة منزوعة السلاح.. سلاح الدمار الشامل.
أحمد منصور: يعني هذا كلام يُردد من قديم، ولكن أبقى في إطار الانهيار المفاجئ للنظام العراقي بعد أكثر من أسبوعين أو ما يقرب من ثلاثة أسابيع من المقاومة المتواصلة، وسط أحاديث وتفسيرات كثيرة عن وجود صفقة بين النظام العراقي والأميركيين أدت إلى ما حدث، هل تعتقد بوجود صفقة بالفعل؟
الحسن بن طلال: هنالك مدرستين، إحداهما تقول: بعد أن قال صدام حسين أنه سيوزع القادة على مناطق مختلفة من العاصمة، لم نرَ أيه مقاومة جادة، ولم نرَ تدمير الجسور المؤدية إلى العاصمة، لم نفهم كيفية تدمير الفرق.. فرق الحرس الجمهوري التي ذهبت إلى المطار، نوعية التسليح التي استُخدم بهذه العملية، وأقول أن هنالك لغز كبير من الصعب الإجابة عليه، هنالك..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل لديك أي معلومات عن هذا اللغز أو هذه الصفقة؟
الحسن بن طلال: أنا لست مطلع أنا على أية معلومات رسمية، ولكنني أشاركك التشكيك والتساؤل، ولكن الجواب الآخر والمدرسة الأخرى تقول: أن الرجل قال: إنني عراقياً سأموت في العراق، فقد يكون عملياً القصف المفاجئ لبغداد لمعومات استخبارية أدت إلى وفاته.
أحمد منصور: لكن هل هناك بوادر خيانة في المسألة؟
الحسن بن طلال: أعتقد أن المسألة لا تخلو من ذلك.
أحمد منصور: ما هي الأطراف التي يمكن أن تكون قد تورَّطت في هذه الخيانة؟
الحسن بن طلال: لا أعرف مصفوفة القيادة بالأسماء، ولكن أعتقد أن الأجهزة الاستخبارية بمقدورها أن تخترق وتصل، المهم -كما قال معلقاً أميركياً إجابة على ذات السؤال- هل فارق الحياة بن لادن؟ فكان الجواب: المهم أن يعتقدوا عالمياً أنه فارق الحياة. فكأنما صورة الإرهاب يجب أن تبقى، والرموز يجب أن تبقى، وتجارة الإرهاب، لا ننسى أن عملية الخصخصة للمنطقة هي الأجندة المستترة للمستقبل، رفع الديون -على سبيل المثال- عن العراق لتمكين شركات العالم في أن تغزو العراق، وتعولم العراق، كل هذا جزء من سيناريو المستقبل، ولذلك أقول: هل ستبقى الدولة العراقية موحدة في إطار عربي وإسلامي؟
أحمد منصور: لكن بالنسبة لبن لادن، ظل البحث عن بن لادن جارياً، ربما إلى قبيل اندلاع الحرب على العراق، لكن يُلاحظ عدم وجود جدية أميركية في البحث عن صدام مثلاً؟
الحسن بن طلال: هنالك أقاويل صحفية عن مراقبته عبر الستالايت، وهو غيَّر من لون شعره وصبغ شعره باللون الطبيعي أو عاد إلى سنه الحقيقي، ووزع من مثائله في أماكن مختلفة، وكل هذه القصص -حقيقة- تشكل عبارة عن أسطورة رومانسية، ولكن يبدو أن خروجه إلى مكان -بين هلالين- آمن يجنب الدوائر السياسية في العالم كثيراً من الفضائح، وكثيراً ربما من الأسرار التي قد تدين أطراف عديدة مؤثرة في تجارة السلاح أو تجارة النفط أو ما شابه.
أحمد منصور: يعني تعتقد بوجوده خارج العراق الآن؟
الحسن بن طلال: العلم عند ربي حقيقة، أنا أقرأ كما تقرأ أنت، وأراقب كما..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لا من المستحيل أن تقرأ كما أقرأ، وإلا يعني الأمور لا تكون بهذا الشكل يعني.
الحسن بن طلال: أخي أحمد، القاسم المشترك بيني وبينك الصدق والصراحة، وأقول: حقيقة أنني مراقب وأشارك في هذا اللقاء، لقاء إعلامي مع إخوة بصفتي الشخصية، كما شاركت في اللقاء الذي أشرت إليه في لندن لما يسمى بالمعارضة العراقية بصفتي الشخصية، وأنا على استعداد للذهاب للعراق للتحقق من كل هذا بصفتي الشخصية، كرئيس لمنتدى الفكر العربي، أو رئيس لنادي روما، أو عضو في اللجنة الدولية لمكافحة السلاح النووي، وأقول أحياناً أنني ربما أبالغ في الغيرية، وفي استعدادي لخدمة الآخرين، لأنها مع الأسف تؤخذ على محمل الريبة والتشكيك.
أحمد منصور: سآتي بالتفصيل لهذه الأشياء، ولكن الأميركيين أعلنوا أمس أن معاركهم الكبرى بالفعل قد انتهت في العراق، بصفتك ذو دراية ربما تكون خاصة بالعراقيين والشعب العراقي والوضع داخل العراق، هل تعتقد فعلاً أن المعركة أو الحرب في العراق قد انتهت؟
الحسن بن طلال: يبدو لي أن الخسائر الأميركية في ازدياد عدداً، قد تكون بسبب الإصابات البليغة التي تحسب الآن بين الوفايات، ولكن هنالك معارك كثيرة في جيوب متعددة داخل العراق، ولكن المعركة الحقيقية هي الآن عبر الأطلسي بين الولايات المتحدة وأوروبا، معركة تفكيك أوروبا وتفكيك الناتو، وأعتقد أن المسألة العراقية أصبحت ليست ذات الأهمية التي نشعر بها هنا مع الأسف أن نتأثر ونتألم لما يجري، ولكن على الصعيد الأميركي والدولي الأولويات ربما سبقت مسألة العراق..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هل ستكون محور في تغير عالمي؟
الحسن بن طلال: أعتقد أنها محور في تغير عالمي يلغي العمل المتعدد، نرى الأمين العام للأمم المتحدة اليوم في أثينا يحضر اجتماع إقليمي للمجموعة الأوروبية فضلاً عن دعوة المجموعات الإقليمية للحديث مع الأمم المتحدة، نسعى لدور للأمم المتحدة في هذا الإقليم من العالم، وكأنما الدور يُوظف به الأمين العالم من قبل الأقوياء في مجلس الأمن، وأعتقد أن..
أحمد منصور [مقاطعاً]: من تقصد بالأقوياء؟
الحسن بن طلال: الولايات المتحدة بطبيعة الحال وبريطانيا، ولاحظتم اليوم الحدة في انتقاد الرئيس (شيراك) للقيادة الأميركية أو بالأحرى للعمل العسكري ضد العراق، واتهامه بأنه عمل لا إنساني، كما قال وزير خارجية هولندا السابق (جيرانيك) شيراك يحاول أن يلعب دور (ديجول) في هذه المرحلة.
أحمد منصور: يعني سمو الأميركي هل تعتبر القوات الأميركية في العراق قوات احتلال أم قوات تحرير كما تزعم؟
الحسن بن طلال: هي بداية كانت قوات باحثة عن أسلحة الدمار، بموجب قرارات الأمم المتحدة، واليوم أصبح من الواضح، حتى على مستوى القادة الصغار، تلاحظ المقابلات في الـ CNN محيرة في أمرها، هل هي قوات احتلال؟ هل هي قوات تدخل إنساني؟ هل هي وجود شُرَطي؟ كما قال الرئيس (جورباتشوف) لنلغي الناتو على سبيل المثال، ونعتمد فقط على الولايات المتحدة، قالها أمامي في موسكو ذات يوم، وكشرطي العالم، ولكن الآن تتقمص دور المحرر ولذلك أقول: من الغرابة بمكان أن يكون المحرر يلتقي في مكان معزول مع عدد معدود من المدعوِّين بمقاطعة قسم كبير من الشعب العراقي، للقاء للحديث عن مستقبل المجتمع الأهلي ويُدار الحديث من قبل مترجم باللغة الإنجليزية.
أحمد منصور: يعني هذا ما يردده الأميركيون لكن أنا أسألك أنت باعتبارك رئيساً لمنتدى الفكر العربي، هل القوات الأميركية الموجودة في العراق قوات احتلال أم قوات تحرير؟
الحسن بن طلال: بالنسبة إلي من بادئ الأمر أعتقد أن منطقة النفوذ الأميركية -كما ذكرت -تمتد، وهنا أقتبس النص من "القرن الأميركي الجديد"، من ميلدوفا إلى الصين، ومن شمال القوقاز إلى جنوب بحر العرب، بمعنى ذلك ليس فقط العرب لهم سيادة وسيطرة ضمن هذه الرقعة، ولكن عند الحديث عن التأثير الاقتصادي -وهو العامل الأهم -لا يوجد للناتو أو للمجموعة الأوروبية أية دور، هنالك منتصرين الولايات المتحدة وبريطانيا، والخاسرين روسيا وألمانيا وفرنسا..
أحمد منصور [مقاطعاً]: سمو الأمير، اسمح لي بعيداً عن الفلسفة، أنا سؤالي واضح، ولك الحق ألا تجيب عليه، هل القوات الأميركية قوات احتلال أم قوات تحرير؟
الحسن بن طلال: إن أردت أني أقول قوات احتلال، فهي احتلت الأرض العراقية بكل تأكيد.
أحمد منصور: يعني هي قوات احتلال الآن؟
الحسن بن طلال: ولكني أؤمن بالفلسفة لأننا بحاجة للقراءة بين الأسطر لأنه هذا الاحتلال أو هذا العدوان أو هذا الغزو أو هذا الاجتياح كما تريد هو جزءاً من..
أحمد منصور [مقاطعاً]: مش كما أريد، أنا لا أصف أنا بشكل شخصي، ولكن أيضاً كل.. يعني معظم..
الحسن بن طلال: على كل.. على كل…
أحمد منصور: التقارير الدولية أن القوات الأميركية لم تدخل بأي تفويض كما هو معلوم يعني، هي دخلت للبحث عن أسلحة الدمار الشامل دون أن يفوضها أحد ودون إذن من الأمم المتحدة، وإنما بقرار فردي من بريطانيا ومن الولايات المتحدة ليس هناك أي تفويض دولي لها فيما قامت به.
الحسن بن طلال: بارك الله فيك، وفَّرت عليَّ كل ما أريد.. أريد أن أقوله وأوافقك تماماً.
أحمد منصور: معنى ذلك إن من حق القوات.. من حق الشعب العراقي أن يقاوم قوات الاحتلال شأنه شأن القوانين الدولية تتيح له هذا الأمر؟
الحسن بن طلال: بكل تأكيد، ولذلك استندت لحديث صديقي الأستاذ مصطفى الفقي، الذي قال عند دخول (نابليون) -على سبيل المثال- لمصر كانت المقاومة ليست للدفاع عن المماليك أو العثمانيين، كانت للدفاع عن الهوية العربية والإسلامية، وأقول كذلك في العراق، المقاومة للاحتلال ستظهر، ولذلك الفترة الحرجة والخطرة هي الآن، إما نختار بناء الدول ونرى الإرادة العربية والإسلامية في هذا الجانب، يساهم على سبيل المثال إذا كانت هنالك محاكمة لما لا تكون محاكمة عراقية وعربية لمن أجرم في نظر العالم هنا ونواميس العالم، أو تكون عملياً صورة من صور الاحتلال والاستعمار الجديد وهي كذلك.
تداعيات اجتماع الناصرية على مستقبل العراق
أحمد منصور: مع التركيبة.. التركيبة العِرقية والتاريخية المعقدة للعراق، هل تعتقد أن الأميركان يمكن أن يستقروا وأن يحققوا مشروعهم الذي جاءوا من أجله في العراق؟
الحسن بن طلال: الأميركان وغير الأميركان يستغلوا خلافاتنا أيضاً، هنالك معلق سعودي اليوم يقول أن الحذر من إيران أمر واجب، لأن إيران لا تصدر الثورة ولكنها تصدر الدعوة، وأقول في المقابل: لماذا نتحدث عن دعوة سنية ودعوة شيعية؟ لماذا لا نتحدث عن دعوة إسلامية وسطية (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)؟ نتحدث عن الدعوة لعمل الخير، إقامة صندوق زكاة أو صدقات عالمي عندما نتهم بأن البنوك الإسلامية تقوم في تمويل الإرهاب نقول: لأ أبداً هذه البنوك تقوم في تمويل الفقراء وتفويضهم كما فعلوا في (بنجرامين) في بنجلاديش بتفويض المرأة في بناء المجتمع الأهلي، أين دورنا من كل هذا؟
أحمد منصور: هل تعتقد إن اجتماع المعارضة العراقية الذي عُقد تحت رعاية أميركية أمس بالقرب من الناصرية أمس واليوم يمكن أن يسفر عن شيء، لا سيما وأنه قد أُجَّل ليعقد بعد عشرة أيام تقريباً، هل يعكس ذلك خلافات وصراعات؟
الحسن بن طلال: يبدو لي أنا.. أن الاجتماع كان اجتماعاً إدارياً إجرائياً للحديث عن تسيير الحياة اليومية، اجتماع تعارف، ومن الغريب كذلك أنه اجتماع رموز تقليدية لم نرَ نسبة عالية من الشباب، لم نرَ نسبة من النسوة -على سبيل المثال- المشاركين وعند الحديث عن دور القبائل أتذكر أن دور القبائل في أفغانستان كذلك كان من نمطية ما سعت إليه الولايات المتحدة، فأتساءل إذا كان القصد احترام سيادة المواطن، وهذا ما أدعو إليه باستمرار وبناء المجتمع الأهلي من القاع إلى القمة صورة الاجتماع ومضمون الاجتماع لا يعكس ذلك، أما سلسلة الاجتماعات ستستمر وربما تأخذ شكل مسعى للعلاقات العامة لا لبناء الأوطان.
أحمد منصور: يعني أكثر من 80 حزباً من المعارضة العراقية يعملون تحت رعاية أميركية وعشرات من الأحزاب الأخرى أيضاً، هل تعتقد أن المعارضة العراقية بهذا الفسيفساء الواسع الكبير يمكن أن تتفق على نظام حكم في العراق؟
الحسن بن طلال: عندما ذهبت اللقاء في لندن وجهت نفس السؤال: قلت كما قال أخي -رحمه الله- الحسين: الازدحام يعيق الحركة، وقلت أن هنالك حاجة لسلطة معنوية أو.. أو.. أو محاور يستطيع عملياً أن يُقرِّب ما بين الأجندات الخاصة لكل هذه الجماعات، فأعتقد -كما قلت- 80 تجمع ومصالح خاصة للجانب المضيف بما في ذلك مناطق النفوذ وآبار بترول وما شابه، هذه حقيقة مأساة فسيفسائية، بلقنة، نراها فعلاً تتمثل أمامنا الآن.
أحمد منصور: هل تعتقد أن أحمد الجلبي يمكن أن يكون خياراً مقبولاً لحكم العراق في الفترة القادمة؟
الحسن بن طلال: لا أعتقد -كما قلت- أنه يسعى للقب أو منصب، وفي هذا الأمر هو اختير لرئاسة المؤتمر الوطني من قِبل زملائه في المؤتمر الوطني ولكنني أقول: لا يوجد شخص واحد في الإطار العراقي اليوم يمثل صورة أب الأسرة، طبعاً أُشير للأستاذ عدنان الباجه جي وهو الآن بالثمانين من عمره إنسان وسطي، وجه مقبول، في داخل وخارج العراق، ولكن بطَّلت حقيقة أشير لأحد، لأنني أخاف حقيقة على أصدقائي ومعارفي، كما أعبر مرة أخرى عن نعيي لصديقي وابن عمي السيد عبد المجيد الخوئي.
أحمد منصور: معنى ذلك أنك لا تدعم وصول الجلبي إلى السلطة في العراق؟
الحسن بن طلال: مَنْ أنا لأدعم أحد؟ كما قلت لست معنياً في قضية الحكم، هنالك أفراد من الأسرة هنا الهاشمية تحدثوا في صحيفة "الفاينانشيال تايمز" هنالك إثارة على سبيل المثال للأمير رعد، هنالك إشارة للشريف علي، فأقول إن قضية المناصب و.. والخدمة العامة أكانت في إطار ملكي أو جمهوري مسألة حقيقة تعود إلى تقرير مصير للشعب العراقي، وكذلك ينطبق الأمر على أحمد الجلبي.
أحمد منصور: أما توجد.. أما توجد علاقة خاصة تربطك بالجلبي؟
الحسن بن طلال: كانت هنالك صداقة بيني وبين الجلبي، ولكن أعتقد أن الجلبي كان مرحب به في كافة منازل عمان، عندما كان هنا في عمان، وأعتقد أن في لقائه الأخير مع أخي الراحل، قال له بوضوح: أن لا يوجد بيني وبينك أي خلاف شخصي، إذا كان هنالك خلاف فهو في إطار المحاكم الأردنية.
أحمد منصور: لكن سمو الأمير في الثالث من أغسطس 1989 وضع البنك المركزي الأردني يده على بنك البتراء الذي كان يديره الجلبي، ومُنع الجلبي من السفر، ثم صدر عليه حكم من محكمة عسكرية أردنية في العام 92 بالحكم.. بالسجن لمدة 22 عاماً لإدانته بالاحتيال وسوء الائتمان، ما هي حقيقة أنك كنت شريكاً للجلبي في البنك والورطة وكنت وقتها ولياً للعهد؟
الحسن بن طلال: أستغفر الله العظيم، لم أكن في يوم من الأيام من الذين تعاملوا بالمال أو بالأسهم أو بالاستثمارات، لا توجد لدي حسابات بنكية في الولايات المتحدة أو في أي جهة تستطيع أن…
أحمد منصور: لأ في بنك البتراء تحديداً.
الحسن بن طلال: وفي بنك البتراء ربما كان حساباً مديناً وليس حساباً جارياً، ولا أكتم بأن بنك البتراء أو المؤسسات التي أقامها الجلبي خدمت بعض المشاريع في الأردن، إقامة مدارس -على سبيل المثال- إلى آخر ذلك، ولكن أعداء الجلبي كُثر، وأعتقد أن الحكم صدر غياباً، ويا حبذا فعلاً لو استكملت حلقات هذه الصورة في حلقة خاصة للنقاش بوجود أهل هذه المسألة و..
أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن سمو الأمير بعض التقارير الصحفية أشارت إلى أن الجلبي حينما هرب من الأردن ساعدته في الهروب منه.
الحسن بن طلال: هذا ليس صحيحاً.
أحمد منصور: هل يمكن أن يكون المرشح الأميركي لحكم العراق مداناً في حكم عسكري في الأردن بـ22 عاماً بتهمة الاحتيال وسوء الائتمان؟
الحسن بن طلال: السؤال عند صياغته صعب الإجابة عليه، لأنه حقيقة إصدار الأحكام على الآخرين قبل أن يحاكموا أمر في غاية الصعوبة و..
أحمد منصور: حوكم وصدر عليه الحكم.
الحسن بن طلال: ولكنه لم يحضر عملياً إلى.. حوكم غيابياً و..
أحمد منصور: لكن الحكم واجب التنفيذ إلى الآن في المحاكم الأردنية؟
الحسن بن طلال: هو كما قيل لابد من أن يحضر للمحاكمة في الأردن، ولكني أعود مرة أخرى وأقول: هل ارتكبوا بعض حكام العرب جرائم مأساوية وهم كانوا في الحكم إلى فترة قريبة، ماذا عن صفحة صدام حسين في الحكم -على سبيل المثال- هل هنالك محكمة عربية..؟
أحمد منصور: هذه قصة أخرى.
الحسن بن طلال: لا هو يعني أقول مرة أخرى إنه يعني سوء التصرف في المال العام موضوع مختلف عن القتل العمد.
مدى إمكانية عودة الحكم الملكي في العراق
أحمد منصور: بعدما ذاق العراقيون الحكم العسكري منذ العام 58 وحتى الآن ونظام الحزب الواحد أي 45 عاماً من نظام الحكم المستبد، هل تعتقد أنهم يمكن أن يكون قد أخذهم الحنين لحكم الهاشميين مرة أخرى؟
الحسن بن طلال: لا أدري حقيقة، لأن الذاكرة فعلاً قصيرة ونهاية العهد الهاشمي كان في الـ58 وبالمناسبة وهنالك إشارة مثيرة لـ(روبرت فسك) في إحدى الصحف اليوم رأى الأوراق تتطاير في سماء بغداد ويقول: تلون سماء بغداد.. سماء بغداد برماد النسيج الفكري للتاريخ العربي، ومن بينها أوراق الشريف الحسين بن علي ومراسلاته مع الباب العالي مع السلطان العثماني، فأقول أن تاريخنا حقيقة حُرق في ذلك المتحف، وذلك.. تلك المأساة، أما فيما يتعلق في الحنين للحكم الهاشمي أعتقد أن الإنسان العراقي يبحث عن أمن ومأمن لنفسه، لأُسَرِه التي أجبرت على الهجرة للخارج، نرى الآن ذكرنا الجلبي المفارقة ما بين الـSuper Rich من جهة وما بين الفقراء من جانب آخر، وأقول: لابد من عودة الطبقة الوسطى إلى العراق وإلى الوطن العربي لتعمل بجداره، فأقول أيضاً..
أحمد منصور [مقاطعاً]: هل يمكن أن يكون الحكم الملكي هو الغطاء لهذا.. لتحقيق هذا الأمر للشعب العراقي؟
الحسن بن طلال: أي سلطة معنوية أكانت ملكية أم جمهورية، أو إذا اخترعنا اسم جديد جدي عندما أقام ما يُسمى اليوم بالمملكة الأردنية الهاشمية، أشار إلى إمارة الشرق العربي، وأقول المسألة هي ليست -كما قال (شكسبير)- مسألة اسم أو أسماء أو رموز، المسألة هي مسألة المضمون، هل ستكون السيادة للمواطن؟ هل يكون هنالك نظام دولي عربي جديد بعد انهيار العمل المتعدد، انهيار الجامعة العربية، المؤتمر الإسلامي، الأمم المتحدة؟ أم نتحدث عن بداية جديدة وإشراقة جديدة وسلام نرجو أن يكون سلام رحماني من.. من الخالق يفوق فهم البشر وليس سلاماً عادياً نصنعه (Business as usual) واستمرار الصفقات التجارية.
أحمد منصور: هل تؤيد عودة الملكية للعراق في ظل الوضع القائم؟
الحسن بن طلال: أنا لست عقائدياً ملتزم لا في الملكية ولا في الجمهورية، يشرفني أن أكون حفيد .. والدي -رحمه الله- الملك طلال ووالدتي الملكة زين يسمون بالجوهرتين وهم يلتقون بالحفيد الأكبر الحسين بن علي وشقيقه الشريف ناصر بن علي، فأقول مرة أخرى أول أسطر تعلمتها باللغة العربية عند التدريس بالكتاتيب كما يقولوا:
إنا وإن عظمت -أو كبرت- أوائلنا
لسنا على الأحساب نتكئ
فلا توجد لدي أجندة ملكية، المهم لدي أن نري حكماً نزيهاً، أين (كونراد أدوناور) من العراق؟ أين (ديجول) من العراق؟ لا تستطيع أن تخترع ديجول أو كونراد أدناور، عليك أن تتصف بتلك الصفات، ولكن إذا كانت مسألة إدارة العراق هي مسألة تعيين أممي أو تعيين أميركي فأترك التعليق لك وللمشاهدين.
حقيقة وأسباب حضور الحسن بن طلال مؤتمر المعارضة العراقية في لندن
أحمد منصور: فوجئت كافة الأوساط بحضورك لمؤتمر المعارضة العراقية الذي عُقد في شهر يوليو الماضي في العاصمة البريطانية لندن، هل كان حضورك ذلك المؤتمر مرتبطاً بتلك اللحظة التاريخية التي تمر بها العراق الآن؟
الحسن بن طلال: كان مرتبطاً بالملل حقيقة والرغبة بالاستكشاف، ذهبت بسبب دعوة معنوية من قِبل أصدقائي الكثر، الأستاذ بحر العلوم على.. على مستوى الصداقة الشخصية، اشتياق -على سبيل المثال- من أصدقاء أكراد، من أصدقاء من السنة، من أصدقاء من الشيعة، ولكن لم تكن حقيقة تعبيراً سياسياً، فوجئت كما قلت بأعداد الكاميرات والتركيز الصحفي والتركيز عليَّ شخصياً، واعتدت -الحمد لله- على ظلم .. بل وذوي القربى والحكم على القائل وليس على القول..
أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني ألم تكن.. ألم يكن حضورك رسالة موجهة لعمان أو بغداد؟
الحسن بن طلال: كانت.. كانت رسالة موجهة للإنسان العربي، كيف تنتهي الحروب؟ كيف نبني المجتمع المدني، ولكن صدمة مشاركتي والترحيب الحار من كل من اعتقد أن هذا الإنسان ليس له أجندة خاصة، يعني كان بمقدوري أن أتحدث عن تربية الأغنام في شمال سيبيريا حقيقة لم يستمعوا لما قلته.
أحمد منصور: لكن سمو الأمير ألم.. ألم يكن حضورك موجهاً بالدرجة الأولى في رسالة إلى عمان في ذلك الوقت؟
الحسن بن طلال: والله ما خطر على بالي عمان..
أحمد منصور: ولا إلى بغداد؟
الحسن بن طلال: إطلاقاً بغداد بطبيعة الحال الحديث وجهته للمسؤولين العراقيين أثناء وجودهم في الحكم، وهم يأتون إلى عمان، ويقولون إما لأخي الراحل: نحن بحاجة لأمثال الحسن لبناء الجسور وتوضيح الصورة، بناء الجسور الإنسانية، فأدعوهم لتزويدي بالملف الإنساني، ولكن أقول لهم أين المضمون؟ كما يقول (رامسفيلد) في يومنا هذا: أين المضمون في قضية البحث عن أسلحة الدمار الشامل وهو على يقين بأنه سيكتشف أمراً ما؟ أين المضمون فيما يتعلق في 18 مليون عراقي تحت خط الفقر، قد نكون تحت خط الفقر، ولكنَّا لسنا تحت خط الفهم كما قلت، وأما فيما يتعلق في عمان فأردت أن أجنِّب جلالة الملك عبد الله أي إحراج في الإشارة إلى الذهاب إلى مثل هذه اللقاءات، ولكن اسمي تردد في صحف أميركية، ووجدت من المناسب أن أنزِّه اسمي من أي علاقة في أي مطمح أو مطمع دنيوي.
أحمد منصور: طالما ذكرت الصحف الأميركية هل استأذنت من أصدقائك الأميركيين في الحضور لذلك المؤتمر، أم كان ذلك بمبادرة منك؟
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: سمو الأمير، سؤالي لك كنت.. كان حول هل استأذنت من أصدقائك الأميركان في الحضور لذلك المؤتمر الذي عُقد في يوليو الماضي في بريطانيا، أم كان بمبادرة شخصية منك؟
الحسن بن طلال: يقال إن الله مع الواقف، والأميركان بطبيعة الحال مع الواقف، الأميركان صداقاتهم هي مع رؤساء الدول، وأوجِّه كلمة عتاب حقيقة لجملة رؤساء دول عربية لم يجرءوا أن يصلوا باب بيتي لتعزيتي في وفاة أخي قبل أربع سنوات، فلا توجد لي أية صلات بأي جهة رسمية أميركية، ومعاذ الله أن أستأذن من أحد، أنا الحسن بن طلال شخص عربي مستقل، أؤمن بعروبتي، وأؤمن بأنني أُعرِّض نفسي للخطر حقيقة بمثل هذه المصارحة عبر.. عبر الأثير، ولكن خلاصة الكلام كل ما أقوله للأميركان من خلال المنظمات الحكومية ومن خلال الجامعات ومراكز البحوث أننا بحاجة لنظام إنساني عالمي جديد، وهذا ما أركِّز عليه باستمرار، أهمية الإنسان، ليس أهمية المادة، ونرى 3 مليارات من البشر تحت خط الفقر وتحت.. يعانون من سوء الغذاء، وسنراهم في العراق.
أحمد منصور: يعني أشرت لشيء محزن ومؤلم يعني ربما يعني كتمته لسنوات، وأنت تتكلم به على الأثير، وهو أن يعني كأن من يبتعد عن السلطة يُهمل بشكل حتى يعني لا يذهب له من يجب أن يذهبوا له لتقديم العزاء إليه.
الحسن بن طلال: الحمد لله على كل شيء، وربما كلمة النفاق هي أكثر كلمة تتردد في القرآن الكريم، وهذه هي ليست صدفة.
أحمد منصور: لكن أنت ألم.. ألم تكن تنتظر ذلك سمو الأمير؟
الحسن بن طلال: والله يا أخي الكريم، حالتي غير مسبوقة، فما كنت أتوقع أن أنتظر التبعات، ولكن الحمد لله على أعداد من يتصلوا، ليهنئوني بعد المقابلات العربية، ولذلك أشكر الإعلام العربي الذي دفع سقف الحرية عني، ومكَّني على الأقل من تذكير الناس بأنني أنا أنا، أما فيما يتعلق في قضية الوصولية والنخبة الوظيفية في الوطن العربي، ومسألة الكرسي وحب الكرسي، أقول: أن تفتيش القصور، ذكرني في أن القصور بالمعنيين، القصور بمعنى الجامع لقصر، والقصور بمعنى التقصير في الخدمة العامة، والقاعدة الفقهية هي أن المصلحة غاية الحكم، مصلحة الجميع، هل نستعيد تلك الصورة من النهضة العربية والتنوير العربي والدعوة لاستشراف المستقبل في شباب يئسوا لمرحلة الانتحار ومرحلة الاستشهاد، ويئسوا لمرحلة أن يُستغلوا من قِبَل المتطرفين، فشلت الحاكمية لدينا في الوطن العربي، وعلينا أن نعترف في قصورنا في كل هذا.
أحمد منصور: واضح أن كلماتك تعكس مرارة دفينة، يعني لا أريد أن أركز عليها، ولكن أعتقد أن كل من يشاهد البرنامج من الملايين الذين يتابعون (الجزيرة) يشعرون بها، وبها رسائل عديدة، هل تعتقد أنه يمكن أن يكون لك دور فيما يجري في العراق الآن من أحداث؟
الحسن بن طلال: رأيت في الخيمة في الأمس بالناصرية ما رأيته في إندونيسيا بعد مرور 40 عام من الحكم العسكري، أو الحكم السلطوي، لا يمكن التعويد على الحوار والتسامح إلا بمرور فترة من الزمن، وأقول: أن المرحلة القادمة في العراق مرحلة صعبة للغاية، هنالك بُعد ثقافي، اجتماعي، إنساني، صحي، نفساني، وأقول أن هنالك بعد قيمي، والمشكلة حقيقة هنالك باحث كندي يقول: إن الولايات المتحدة الأميركية -وهي جارتنا- تحاول تصدير القيم من أميركا لكندا، فكيف إذا شكا الجار من ذلك؟ كيف سيكون وضعنا.. وضعنا هنا في العالم العربي؟ نحن نريد أن نتحدث عن استشراف المستقبل، ولا نستطيع أن نعيش حاضرنا، ونعيش حاضرنا، ونرى ماضينا يتمزق أمامنا.
أحمد منصور: رغم أنك أعلنت في حوار مع صحيفة ألمانية قبل يومين أو قبل عدة أيام عن استعدادك للقيام بدور في هذه المرحلة، إلا أن أصدقاءك الأميركيين يتجاهلوك بالمرة يعني، ما هو تفسيرك لهذا؟
الحسن بن طلال: إضافة لذلك هنالك كلمة عتب، لماذا قلت إن الجنرال (غارنر) المتقاعد سلَّم في يوم من الأيام على شارون، أقول ذلك في معرض الحديث بقراءة تقرير أميركي، أنا سلمت على (شارون)، وأعتقد أن إذا كان هنالك أمل في سلام، فيجب أن يكون الرجل القوي كما كان (بيجين) و(شامير) هو الذي يوقِّع على ما يُسمى بخارطة الطريق، فلم يؤخذ عليَّ عتباً؟
2: في وسائل الإعلام الأنجلوسكسونية عندما يُقال أن هنالك معارضة لفكرة الإدارة الأميركية تظهر صورتي، وأقول ذلك من منطلق "صديقك من صَدَقك ليس من صدَّقك"، الرئيس مبارك العديد من الأصوات العالمية اليوم تقول: لابد من أن تكون فترة التواجد الأميركية العسكرية على الأرض فترة وجيزة، وإلا انتقلنا إلى انتفاضة عراقية.
أحمد منصور: هل هذه معارضة معلنة منك للتواجد الأميركي في العراق؟
الحسن بن طلال: يا أخي، أنا وريث تركة النهضة العربية، وأؤمن في أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، بأنه ليس شعار حزب البعث مع احترامي لحزب البعث الباقي في سوريا، قلت هذا للرئيس حافظ الأسد في يوم من الأيام، الرسالة الخالدة هي رسالة الثورة والنهضة العربية التي التفوا حولها أحرار العرب، والرسالة الخالدة هي رسالة الديانات السماوية، رسالة الموحدين، رسالة المؤمنين بالله.
أحمد منصور: ربما نكون أمام واقع مرير الآن، ماذا يعني أن الجنرال غارنر أصبح هو الحاكم العسكري الأميركي في العراق؟
الحسن بن طلال: أرجو أن يعني ذلك أن تنظيم المساعدات التي ستأتي للعراق طبعاً مقابل المال العراقي، تأتي بانتظام وتصرف بنزاهة وبموضوعية في عملية إعادة البناء، أنا رأيت مثل الجنرال غارنر جنرالية أميركان يعملوا في صفوف الأمم المتحدة في يوغسلافيا على سبيل المثال.
أحمد منصور: الوضع مختلف، أنا هنا أقصد نظام الحكم سمو الأمير.
الحسن بن طلال: وهذا هو..
أحمد منصور: غارنر ليس قادماً من أجل المساعدات، وأنت تعرف ذلك.
الحسن بن طلال: وهكذا وُصف، يعني توزيع الأدوار كما وُصفت أن الجنرال فرانكس..
أحمد منصور: يعني هو قادم.. الأميركان وضعوه لتوزيع الصدقات على العراقيين بأموالهم؟ هو حاكم عسكري وأنت تعرف ماذا يعني أن يكون حاكماً عسكرياً؟
الحسن بن طلال: الجنرال.. الجنرال.. الجنرال فرانكس كما تعلم، وهو مقيم لديكم في قطر الحاكم العسكري.
أحمد منصور: لدى حكومة قطر، ليس لدينا نحن في (الجزيرة) وضعنا مختلف.
الحسن بن طلال: يعني في محيطكم على أي حال، يعني لو كنت في المدينة الإعلامية الحرة لقلت لك في محيطي الأردني على سبيل المثال، على.. على أي حال الجنرال المتقاعد..
أحمد منصور: عموماً مافيش مكان يخلو من الوجود الأميركي الآن.
الحسن بن طلال: معني.. معني.. معني.. في المسؤولية الإدارية، والجنرال العامل في المسؤولية العسكرية، على أي حال قضية إعطاء دور للأمم المتحدة، يعني أين دور الأمم المتحدة صراحة؟ يعني (كوفي عنان) لم يعلِّق على إنهاء برنامج الغذاء مقابل النفط، لم يعلِّق على سحب المفتشين، لم تصدر عن مجلس الأمن المبادرة الجديدة والمشروع الجديد المنتظر، والآن نرى كوفي عنان يذهب للمجموعة الأوروبية بدعوى أوروبية لتتعاون أوروبا مع كوفي عنان في إيجاد دور معاً لأوروبا وللأمم المتحدة، هل نالت الأمم المتحدة جائزة (نوبل) للسلام على أساس قيامها في دور سياسي مقزم، أم على أساس قيامها بدور أممي إنساني يدعو لنظام إنساني؟
سأدعو مجموعة من المفكرين العرب خلال الأيام القليلة القادمة لبحث هذا الشأن في إطار منتدى الفكر العربي، كما سأوجِّه الدعوة بصفتي مقرراً للمؤتمر العالمي للديانات والسلام لرجال الدين بأطيافهم المختلفة في هذه المنطقة للحديث عن المدن المقدسة، والسلطة المعنوية في المدن في العتبات المقدسة، أكانت في القدس المحتلة التي تواجه الآن ضغوطات من قِبَل سلطات الاحتلال بفتح المسجد الأقصى لزيارة السياحة الإسرائيلية وغيرها؟ كما سأوجِّه الدعوة للحديث عن العتبات المقدسة، وقرأت أهمية الحوزة في الإشارة في المظاهرة في الناصرية في الأمس، أين المحتوى الثقافي للطرح الأميركي والطرح الأممي؟
أحمد منصور: كل ده بالمصري كلام جميل، ولكن أنا سؤالي لك عن نظام..
الحسن بن طلال: هو ليس كلام جميل هو مؤلم حقيقة.. إذا هذا هو الجميل ما يعرفش الوحشة أيه.
أحمد منصور: يعني أنا بأسأل عن الغطاء السياسي لنظام الحكم القائم في العراق كونه الآن حكم عسكري أميركي بحاكم عسكري.
الحسن بن طلال: يا سيدي، فيصل الأول أتى للعراق أثناء فترة الإنجليز.
أحمد منصور: صح.
الحسن بن طلال: واتهمنا كهاشميين، بأننا أتينا بحراب الإنجليز، أقول مقابل ذلك أن الوضع كان مختلفاً، كان هنالك فراغ بعد انهيار الدولة العثمانية، وقيام الدولة التركية، وأعلنت الدولة التركية قصورها عن الدفاع عن خط جنوب.. أقصى جنوب الموصل، فتُركت مكة والمدينة والقدس والنجف وكربلاء، وبُحث عن قيادات جديدة، والتاريخ معروف بطبيعة الحال، آل سعود من جهة من جانب، الهواشم من جانب آخر، الملك فؤاد آنذاك، فأقول أن التاريخ مع الأسف ينسى بسرعة، أول من استخدم السموم في شمال العراق في قتل الأكراد هم الإنجليز، ليعترفوا بتاريخهم، وأقول مرة أخرى: أن استمرار الحكم العسكري باستخدام أسلحة الأذى أكانت تقليدية أم غير تقليدية، وأقول مرة أخرى: هنالك ملف يجب أن يفتح في أنواع الأسلحة التي استخدمت في هذه الحرب، ليس رصيداً عملياً لبناء مجتمع وديع يتمثل بالصدق والعدالة والحرية ولا..
أحمد منصور: كأنك لا تريد أن تمس.. كأنك لا تريد أن تمس الجنرال غارنر مرة أخرى بعدما مسسته مرة قبل ذلك، وهاج عليك الإعلام الغربي.
الحسن بن طلال: والله يا سيدي رحم الله امرأً عرف حده، الرجل لا أعرفه ولا يعرفني شخصياً، ولكن هذا.. هذه ليست أرضية كافية لعدم المساس..
أحمد منصور: لأ هو ربما سيكون قريباً منك، وعمان وبغداد خطوتين يعني.
الحسن بن طلال: طيب يا سيدي، بارك الله فيك الله يسلمك، وأنا دائماً مجاور للنار الحمد لله.
أحمد منصور: ربنا يعفينا وإياك من النار.
الحسن بن طلال: نحن وإياكم إن شاء الله.
الشروط الأميركية الأساسية لحكومة العراق القادمة
أحمد منصور: سمو الأمير في تصورك، ما هي الشروط الأساسية التي ستضعها الولايات المتحدة الأميركية لأي حكومة قادمة في العراق؟
الحسن بن طلال: أقول أن التجربة الفيصلية كانت تجربة واضحة، وضع دستور جديد للعراق، وُضع الدستور في عام 1925، فلماذا لا تؤخذ نقطة انطلاق، ويُبنى عليها، نقطة انطلاق تمثل إجماع عراقي؟
أحمد منصور: الكلام دا إذا العراقيين هم الذين سيبتون في أمرهم، لكن مع وجود أكثر من 200 أو 300 ألف جندي أميركي وبريطاني، ومع وجود حاكم عسكري أميركي، ومع وجود قانون عسكري لحكم العراق فلا أعتقد.. أو كل المراقبين يرون أن بت العراقيين في مصيرهم لن يكون 100%، وإنما ما سيفرض عليهم سينفذ..
الحسن بن طلال: يا سيدي، قد يكون كل ذلك صحيح، ولكن مرة أخرى خلينا نعود للأخلاق والإنسانية.
أحمد منصور: عاد فيه أخلاق في الزمن اللي إحنا فيه دا يا سمو الأمير؟
الحسن بن طلال: والله مع الأسف أنه زمن رديء والمثل واضح "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن ذهبت هم ذهبوا"، ولكن هل ذهبت الجحافل العسكرية لحماية المستشفيات؟ هل ذهبت لحماية المتحف؟ قيل لي من إحدى الجماعات السلمية التي تناصر الإنسان الفلسطيني داخل إسرائيل، من الجماعات اليهودية أن الجالية اليهودية وما تبقى منها دافع عنها الإنسان العراقي، فنجد روايات -حقيقة- عجيبة غريبة في أماكن مختلفة من العالم، ولكن واضح جداً أن قضية الجيش المدرب للقتال ليست رصيداً أو مدخلاً ليتحول تلقائياً إلى قوة كافية أو قادرة على إدارة شعوب، وأصلاً الإدارة الخارجية مرفوضة، نحن نحكي عن.. نتحدث عن الحرية والاستقلال اليوم، وترسيخ الاستقلال في بلد فيه كل الخيرات.
أحمد منصور: أنا أقصد الآن نظام الحكم الذي سيقوم في العراق سيحدد له أُطُر معينة، ما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل، ما يتعلق بالنفط، ما يتعلق بدول الجوار، ما تصورك للخطوط الأساسية أو الأسس التي ستوضع أمام أي حكومة قادمة في ظل وجود احتلال عسكري أميركي للعراق؟
الحسن بن طلال: أي شروط تفرض على الإدارة العراقية القادمة -إذا كانت عراقية صميمية- بفرض السلام مع إسرائيل، أو بفرض التجارة مع إسرائيل، مادامت إسرائيل محتلة.. إسرائيل محتلة لأرض عربية، هذا الكلام حقيقة سيثير موجة غضب حقيقية، وكما قال الرئيس مبارك 100 بن لادن في هذه المنطقة من العالم، إن أردنا أن نتحدث عن الدور الإسرائيلي، فحُيِّد الدور الإسرائيلي من قبل الأميركان والتواجد العسكري الأميركي هذه نقطة مهمة..
أحمد منصور: لكن الذين جاءوا كلهم من أوروبا ومن الولايات المتحدة الأميركية، يحملون أول شيء أنهم سيقيمون علاقات مع إسرائيل؟
الحسن بن طلال: بطبيعة الحال هنالك فرق بين اليهود في إسرائيل، وبين اليهود في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا الفرق قد يتسع، أنا عضو في مجلس الشؤون الخارجية في نيويورك، سكرتيرنا (هنري سيجمان) هو من ألد الذين ينتقدون شارون، يقول الحكومة تغيرت، ولكن شارون لم يتغير، يتساءل عن مضمون خطة الطريق، باسم المجلس المذكور للشؤون الخارجية في أميركا وعندما دعوته لزيارة إحدى الجمعيات المتعاطفة مع إسرائيل ذات يوم بعد توقيع اتفاقية السلام، قال: لا.. لن أدخل مثل هذا المكان إلا بحمايتك …
مكاسب إسرائيل من الحرب على العراق وتهديد سوريا
أحمد منصور: ما هي أهم المكاسب -طالما ذكرت سيجمان وشارون- ما هي أهم المكاسب التي حققتها إسرائيل من وراء هذه الحرب؟
الحسن بن طلال: المكاسب التي حققتها اليهودية العالمية ونفوذ اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة أن تستطيع أن تقول بنفوذها السياسي المعروف لقاءات الإيباك -على سبيل المثال- مع (كولن باول) أننا اليوم نستطيع أن نتحول بنظرة رجل دولة من الحديث عن السياسة الظرفية هنا وهناك بعد زوال الخوف من صدام حسين، والترويع -كما قلت- للأنظمة الأخرى في المنطقة، وكما قال صديقي المصري.
المرحلة الثانية: إلى الحديث عن سلام شامل في المنطقة، إلى بناء شرق أوسط جديد، وهذه الإيحاءات هي من اليهودية العالمية، وهي ليست من قبل شارون والحكومة الإسرائيلية حقيقة الأمر كما قال الملك الراحل الحسين -رحمه الله- أكبر خطر على إسرائيل في نظر المتطرفين هو خطر السلام مع العرب، لأن الميزة النسبية ستتضاءل مقابل الميزة النسبية للنفوذ العربي والإمكانات العربية، وبطبيعة الحال أهمية الدور الإسلامي في هذه المرحلة.
أحمد منصور: سمو الأمير، هل تعتقد أن ما حدث في العراق هو بداية لتغيير -كما أشار الأميركيون- للمنطقة، وأن التهديدات الجادة لسوريا طوال الأيام الماضية تعني أن سوريا هي الهدف الثاني بعد العراق؟
الحسن بن طلال: كما قال المحلل المصري وأكرر الصدمة للعراق والترويع لسوريا، لإيران، لكل من يمثل ما سُمي في يوم من الأيام بمحور الشر، وكما قلت لأصدقائي في إيران: أنتم بادرتم في الشيطان الأكبر، فجاوبوكم في محور الشر، أما فيما يتعلق في قصة سوريا، أُذكر حقيقة أن هنالك مثلث أو مربع ربما، العلاقات السورية الإسرائيلية، العلاقات اللبنانية الإسرائيلية، العلاقات الأردنية الإسرائيلية، وأعتقد أن هذا يشكل حقيقة التحدي، هل نستطيع أن نقيم (بنالوكس) في هذه المنطقة من العالم على أساس من احترام إسرائيل للشرعية الدولية.
لأول مرة أسمع شارون يتحدث عن استعداده لاتخاذ قرارات مؤلمة بتفكيك المستعمرات، فهذه حقيقة إن دلت على شيء تدل -على الأقل- على مجاملة للإدارة الأميركية وللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، ولكن مقابل ذلك يتوقعون من السوريين وذلك يجب أن يتم بحوار ثنائي بين سوريا والولايات المتحدة أن تتفق مع الولايات المتحدة حول بضعة أشياء لا نستطيع أن نتحدث عنها على الهواء لأنها تتعلق في قضايا أمنية وما شابه..
أحمد منصور: في الختام سمو الأمير -بقي دقيقة واحدة- كيف تنظر إلى مستقبل سوريا والمنطقة.. العراق والمنطقة في ظل الوضع الراهن؟
الحسن بن طلال: أدعو ربي صادقاً في أن نرى نصرة للإنسان العربي وللكيان العربي المستقبلي، وليس كما نذكره في ماضي الأيام المؤلمة والحزينة، في هذا الظلام الدامس أرجو أن نستطيع أن نتحدث عن إضاءة شمعة فضلاً عن شطب الظلام، كما قلت في أكثر من مناسبة أشبعناهم شتماً وفازوا بالإبل.
أحمد منصور: سمو الأمير الحسن بن طلال (ولي عهد الأردن السابق، ورئيس منتدى الفكر العربي ورئيس نادي روما)، أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حلقة الغد مع الزميل محمد كريشان حول الضغوط الأميركية على سوريا.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.