ما وراء الأحداث

فصائل المعارضة العراقية

ما الأسرار الكامنة وراء السقوط الدرامي لبغداد؟ وإلى متى سيستمر الوجود العسكري الأميركي؟ ما شكل الحكومة العراقية المقبلة؟ وهل للمعارضة فيها أي دور؟ ما تداعيات هذه الحرب على دول المنطقة؟ ومن المستفيد الأكبر منها؟

مقدم الحلقة:

غسان بن جدو

ضيوف الحلقة:

– محمد صادق الحسيني: محلل سياسي
– د. إبراهيم جعفري: الناطق الرسمي باسم حزب الدعوة
– محمد الشيخلي: عضو تنظيم أحرار العراق – بغداد

تاريخ الحلقة:

12/04/2003

– مسؤولية المعارضة العراقية ومفهوم حياديتها
– الخلافات والاتفاقات بين فصائل المعارضة العراقية

– مستقبل التعامل العراقي مع الوجود الأميركي بين المقاومة والتعايش

– دلالات مقتل عبد المجيد الخوئي

– رؤية المعارضة العراقية للموقف الإقليمي لدول الجوار


undefinedغسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين، سلام الله عليكم، ورحم الله أخانا الشهيد طارق أيوب، ولتطمئن السيدة أرملته الفاضلة أننا لن ننساه أبداً، طبعاً ولن ننسى أبداً ما حصل في العراق، بما تأكد سلبيات للبعض، وبما بدى إيجابيات للآخرين، الحدث كان زلزالاً بكل المقاييس، وتداعياته المحلية والإقليمية والدولية قد تكون هي ذاتها زلزالاً، بل ربما زلازل.

جزء من هذه التداعيات سنناقشها اليوم منطلقين من تساؤلات تقدير موقف لخيارات المعارضة أداءً قبل.. قبل العاصفة، وأفاقاً للعراق ما بعد صدام، وأيضاً مراجعة للدور الإقليمي ولاسيما الإيراني منه تحديداً.

في (ما وراء الأحداث) هذه الليلة نستضيف الدكتور إبراهيم جعفري (الناطق الرسمي باسم حزب الدعوة الإسلامية)، والأستاذ محمد صادق الحسيني (المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإقليمية والعراقية تحديداً)، ومعنا على الهواء مباشرة من بغداد الأستاذ محمد الشيخلي، وهو (عضو من تنظيم أحرار العراق)، أهلاً وسهلاً بكم جميعاً أيها السادة.

مسؤولية المعارضة العراقية ومفهوم حياديتها

أستاذ محمد صادق الحسيني، إذا سمحت لي سأبدأ معك، أنت قبل أيام كتبت في مقال مثير للجدل، بأي وجه ستدخلون؟ ووجهت كلامك مباشرة للمعارضة العراقية، قلت باختصار شديد: أقول لبعض أرباب الحركة الإسلامية الشيعية المعارضة في العراق بأنكم مسؤولون اليوم عما يحصل للعراق الجريح والمستباح، ولست أدري كيف تريدون أن تدخلوا العراق، لماذا حمَّلت مسؤولية كل ما حصل تقريباً للمعارضة.. للمعارضة العراقية وتحديداً منها المعارضة الشيعية؟

محمد صادق الحسيني: بسم الله الرحمن الرحيم، يعني في الواقع ما حصل في العراق المسؤولية الكبرى كانت على صدام حسين، باعتباره الطاغية والمستبد الأول، الذي جرَّ العراق إلى ما نحن فيه، لكن السياسة والسنن الكونية لا تحمي المغفلين، السنن الكونية تقول: إنما الأعمال بالنتائج، وليس إنما الأعمال بالنيات، الله -سبحانه وتعالى- يحاسب الناس على نياتهم إن كانوا صادقين أو غير صادقين، أما بالسياسة ما حصل من جانب فصائل الاستدعاء الستة تحديداً الذين استدعتهم واشنطن إلى الدولة الأميركية التي كانت تعد للعدوان، وكانت تعد للاحتلال أرادت منهم أن يضفوا الشرعية والمقبولية، الشرعية الدينية والمقبولية الجماهيرية على عملهم، الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول أخرى كثيرة في العالم رفعت غطاء الشرعية عن هذا العدوان وعن هذا الاحتلال، بينما الفصائل الستة أعطت انطباعاً، وقال العرب: الانطباع أقوى من الحقيقة، أعطت انطباعاً إن ما يحصل إنما هو إنما بإرادة فعلية ومباشرة منهم، أو لأنهم عملوا تبسيطاً ساذجاً للسياسة، وقالوا: وكأن أميركا جمعية خيرية لتطيح بصدام حسين، ثم تقدِّم العراق لنا، بعد ذلك نحن نبدأ بإعادة بناء العراق على أساس إيديولوجياتنا وتفكيرنا وطريقة تحليلنا بالسياسة.

غسان بن جدو[مقاطعاً]: يعني أنت تنتقد الفصائل الست فقط ولا تنتقد عموم المعارضة العراقية التي بدا وكأنها لا تملك مشروعاً سياسياً حقيقياً بديلاً في العراق، أم ماذا تحديداً؟

محمد صادق الحسيني: أيضاً بقية أطراف المعارضة، لكن نصيبهم من تحمل المسؤولية أقل، نصيبهم من تحمل المسؤولية أقل، لأنه يمكن أن يدرج في تقدير الموقف الخاطئ أو.. أو الصائب..

د. إبراهيم جعفري: نعم، صحيح.

محمد صادق الحسيني: بينما الفصائل الستة تحديداً منها من قال: إن قواتي هي تحت إمرة (تومي فرانكس)، هذا ما أعلنه بعض الفصائل في شمال العراق.

غسان بن جدو: تحديداً من؟

محمد صادق الحسيني: تحديداً القوتين.. الفصيلين الرئيسيين الكرديين، قالوا من الآن فصاعداً أبلغوا زلماي زاده: إن قواتنا تحت إمرة تومي فرانكس، الآخرون قالوا: نحن على الحياد، دولتنا.. دولتهم تتعرض لعدوان واحتلال، لا يمكن أن يكون أي طرف موجود في العراق أو معني بشؤون العراق وهو عراقي أن يقف على الحياد..

غسان بن جدو[مقاطعاً]: يعني أنت لم.. لا.. لن توافق من كان على الحياد.

محمد صادق الحسيني: هذا.. هذا خطأ استراتيجي رهيب ارتكبه من قال إنه على الحياد في العدوان والاحتلال على العراق، لأن المعركة والخديعة الكبرى إنها بين (جورج بوش) الابن وصدام حسين، اكتشفنا أنه المعركة لم تكن بين صدام.. بوش الابن وصدام حسين.. بل كانت بين الإدارة الأميركية التي تريد أن تضع يدها نهائياً على العراق، وبين الشعب العراقي والدولة العراقية والكيان العراقي الذي يُنهب اليوم ويُستباح على أعين.. أمام أعين الجميع.. جميع العالم وخاصة قوات الاحتلال الأميركية البريطانية.

غسان بن جدو: طبعاً أنتم.. طيب طبعاً أنتم دكتور جعفري كحزب دعوة إسلامية، صحيح أنكم لم تكونوا.. لم تكونوا من الفصائل الست، ولم تحاوروا الإدارة الأميركية، وإن قيل وتردد أنك شخصياً قد تحاورت مع جماعات أميركية أو مسؤولين أميركيين في لندن في وقت من الأوقات، لكن في كل الأحوال أنتم كحزب دعوة وجموع المعارضة بشكل عام وقفتم على الحياد في هذه المعركة، واعتبرتم أن المعركة كانت بين جورج بوش وبين نظام صدام، وبياناتكم أمامي بين في هذا الأمر، بينما السيد محمد صادق الحسيني يعتبركم ارتكبتم خطأ استراتيجياً، وليس ظرفياً بطبيعة الحال.

د. إبراهيم جعفري: بسم الله الرحمن الرحيم. نحن لم نقف على الحياد لحظة من اللحظات، بل نحن ممن حمل لواء المعارضة.. حمل لواءها منذ اعتلاء صدام حسين السلطة حتى الآن، ونحن نواصل نضالنا ضد هذا النظام، ومعنا طبعاً منظومة من الإسلاميين وكذلك غير الإسلاميين من المعارضة العراقية، وكل ما في الأمر كنا نؤكد على مسألة تجسيد الإرادة العراقية التي غُيِّبت من قبل الإعلام عموماً، حاول عن قصد أو غير قصد أن يغيب الإرادة العراقية، ويطرح القضية بشكل مبسط وساذج، إما أن تكون أنت ضد الاحتلال فأنت إذن تحت لواء صدام حسين، أو أنت تكافح الاحتلال الأجنبي، تكون مع صدام أو أنت ترفض نظام صدام، فتكون تحت لواء الحلفاء، نحن كنا نعتقد أن الأمانة الإسلامية والوطنية والإنسانية تقتضي أن نكون أوفياء لمسيرة شعبنا (المضمخة) بالدم، والتي كانت قد سبقت كل الصراعات التي جاءت فيما بعد، سواء كان حرب الخليج الأولى، أو حرب الخليج الثانية، نحن نعبِّر عن صوت الشعب العراقي، ولذلك لم نكن نتردد على الإطلاق، أننا نقول لسنا مع الحرب، نحن نرفض الحرب، الحرب ليست خياراً عراقياً، بنفس الوقت لم نكن نسمح لأنفسنا أننا نوقف مسيرة المواجهة ضد صدام حسين التي بدأناها منذ زمن بعيد بدعوى وجود حرب على الأرض، ولذلك نتكلم بلغة واقعية واضحة أننا لسنا مع الحرب، كما أننا لسنا مع صدام، لا من منطلق الحياد، وإنما من منطلق الثبات على خط المواجهة التي شقوا شعبنا على ….

غسان بن جدو[مقاطعاً]: لكن عملياً كيف يعني أنا أرجو ألا تحمل الإعلام مسؤولية كل ما حصل، يعني عندما نقول أنكم محايدون أو غير محايدين كانت هناك معركة.. معركة على الأرض، ما الذي تعنيه عدم الحياد بالتحديد؟

د. إبراهيم جعفري: نحن دخلنا في مسألة حيادية.. لإيجابية الحياد، دخلنا في المسارين معاً، دخلنا في مسار ومواصلة المسار ضد صدام حسين كسلطة على الأرض ومن الناحية السياسية وفي كل مشروع سواء كان ابتكرناه أو وجدناه في طريقنا من جانب، من جانب آخر حاورنا بعد أن أبدت الإدارة الأميركية والخارجية الأميركية على وجه التحديد الشهر العاشر من العام المنصرم، ولأول مرة يتحقق لقاء بين حزب الدعوة الإسلامية والخارجية الأميركية، برغبة من الخارجية، وزارونا إلى المكتب في لندن، عبرنا عن وجهة نظرنا في رفض الحرب كخيار، بل رفض التدخل في شؤون العراق حاضراً ومستقبلاً، ومن هذا الموقع فحياديتنا ليست بذلك المعنى التي تكون فيه نحن فقط نكتفي بأن نقول لا مع هذا ولا مع ذاك، نحن نقول لا مع صدام من خلال المواجهة المستمرة الميدانية، وكذلك الخطاب السياسي والأداء السياسي في التعاون مع كافة الفرقاء السياسيين العراقيين وعندما نقول: لا للحرب، ليس من موقع الانكفاء والحديث بلغة الهمس، بل بمعنى الذي نصدح بصوتنا أننا نُنظِّر أن الحرب ليست خياراً لكل شعوب العالم وبصورة خاصة للشعب العراقي.

غسان بن جدو: طيب.. طيب بصراحة سيد محمد صادق قبل أن أنتقل إلى بغداد، هل أقنعك هذا الكلام هذا الحياد؟

محمد صادق الحسيني: أبداً.. أبداً، والسبب.. السبب يا أخي أنا لا أتهم المعارضة بأنها خانت القضية العراقية، لا أتهم المعارضة بأنها لم تقم بواجبها في الصراع ضد الطاغية صدام حسين، ولا بموقفها النظري المخالف للدخول الأميركي إلى العراق، لكن أنا أقول في العمل السياسي، العمل السياسي ليس عملاً خيرياً، يعني الولايات المتحدة الأميركية لم تأتِ لتوزع الماء والكهرباء والحرية على الشعب العراقي وعلى العراق، دخلت إلى العراق معركة كسر عظم، تريد أن تحطم العراق وتضع اليد على العراق، من جملة ما تريد أن تضع يدها عليه هو مقدرات الشعب العراقي، وبما أنكم ممثلين للشعب العراقي مقابل صدام الطاغية الذي لم يكن يمثل الشعب العراقي باعتباره غير شرعياً لا منتخباً ولا قانونياً، ولا معترفاً به من قبل فئات وطبقات الشعب العراقي كلها، إذن كان يجب أن تتصدوا، كما عمل الصينيون، كما عمل الكثير من الثوار في العالم، عندما نزلوا إلى الأرض، ووقفوا ضد الاحتلال، ووقفوا ضد العدوان، ووقفوا ضد الهيمنة الأجنبية، فاستأهلوا قيادة الشعب العراقي ما بعد سقوط الطاغي قبل سقوطه وبعد سقوطه..

غسان بن جدو: طيب لنسمع.. لنسمع رأي بغداد. أستاذ محمد الشيخلي، أولاً: مساء الخير، ومرحباً بك، وأنت تتحدث اليوم لأول مرة على ما أعتقد، كنت ربما أول من اخترق الحصار الأميركي أمام فندق فلسطين لأنك كنت أول شخص تجاوز تلك الحدود، وتحدث مباشرة إلى كاميرا قناة (الجزيرة) مع ماهر عبد الله على ما أعتقد، ولكن اليوم نريد أن نفهم هل أنتم في الداخل كنتم فعلاً محايدين في هذه المعركة باعتبارها معركة بين جورج بوش وصدام حسين، أم لا يعنيكم هذا الأمر مطلقاً ما يُسمى بالحياد.

محمد الشيخلي: بسم الله الرحمن الرحيم. ابتداءً أخ غسان أهنئ نفسي وأهنئ الشعب العراقي وجميع فصائل المعارضة في الداخل وفي الخارج المعلنة والسرية بتحرير العراق وإزاحة الطاغوت الجاثم على صدورنا منذ ثلاثة عقود، وبنفس الوقت أعزي نفسي وأعزي الشعب العراقي بأنني جالس حالياً في بغداد ومن حولي الدبابات الأميركية التي كنت أتمنى -وأنا أول من صرخت في بغداد- كنت أتمنى أن تكون هذه الدبابات هي الدبابات العراقية التي تزيح الطاغوت عن صدور العراقيين، ولكن الجميع يعلم أن ثلاث عقود مرت علينا كانت عقود سيذكرها التاريخ ونحن لا نتمنى أن نتذكرها.

عندي تعليق بسيط على ما.. على ما ورد من الأستاذ محمد صادق، يكفي تجريح، يجب أن نتسامى عن هذه المسائل، يكفي تجريح بيننا كعراقيين، أنا أحترم الرأي الآخر، ولكن لنتسامى عن هذه الأمور، حالياً نحن في وضع وُضع فيه الشعب العراقي بدون اختيار، يعني بدون اختياره، هذا الوضع الآن اللي نحن فيه يجب أن نجد له حلاً، كيف يأتي هذا الحل يا أستاذ غسان والسادة الضيوف الكرام؟ يجب أن نتعاون جميعاً، أنا أدعو الفصائل اللي.. المعارضة في الخارج للدخول إلى العراق، نحن الآن في وضع وضعنا فيه بدون اختيارنا، لم نكن نختار أن تكون الولايات المتحدة الأميركية هي التي تدخل العراق، وتزيح رموز النظام وتزيح التمثال الموضوع كان في ساحة الأندلس، ومازالت هنالك مئات من التماثيل، وهي من دماء الشعب العراقي، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى نُقلت صورة عن الشعب العراقي -للأسف- بالفضائيات، والكل يعلم أنه ليس هذا هو الشعب العراقي، الشعب العراقي هو الذي ضحى بدمائه مجبراً أيضاً لا مخيراً في الحرب مع الدولة الجارة إيران، وذهب ضحيتها طرفين من المسلمين، هذا أولاً.

من ناحية أخرى غزا دولة الكويت الشقيقة، وراحت ضحيتها أيضاً بخيانة من الطاغية..

غسان بن جدو: خضت في الحديث كثيراً في عدة قضايا. من فضلك أستاذ محمد الشيخلي، هل تسمعني؟

محمد الشيخلي: نعم.. نعم.. نعم.

غسان بن جدو: يعني أنا أعرف بس.. ولكن الوقت ضيق جداً، فأرجو أن نختصر في نقاطٍ محددة، قد تكون لنا فرص عديدة حتى تشرفنا بالحديث وتتحدث عن أكثر من قضية، سؤالي كان واضحاً، هل أنتم كنتم على الحياد في تلك المعركة، هل يعني لكم الحياد شيئاً أم لا؟

محمد الشيخلي: كلمة الحياد قد تكون أيضاً لها معاني عديدة، لأنه لكل مقامٍ مقال، الشعب العراقي لم يكن يريد صدام من ناحية، ولم يرد.. ولم يكن يريد الولايات المتحدة الأميركية من ناحية أخرى، فنحن في معادلة صعبة، الاثنان لا يريدهم الشعب العراقي، وهذا الشيء معقد -أستاذ غسان- هذا الشيء معقد، نحن الآن ذهب الشر عنا وأتى شيء أمر منه.. أمر منه، الآن أنا قلت لكم جالس وسط الدبابات الأميركية، وأنتم تعلمون ماذا يعني ذلك.

الحياد.. الحياد الذي تريده مني أن أقوله وأنا معارض في داخل العراق، ليس مع الأميركان، لأ نحن نريد أن نتعاون يا أخي، نحن نريد أن نعيش هذا الشعب العراقي، أرجوك أنه تتغاضى عن كلمة الحياد، حتى لا ندخل في تجريح هذا الفصيل أو ذاك، أو هذه الطائفة أو تلك، نحن أيضاً في داخل العراق كلنا شعب واحد، فأرجو أنه نتغاضى عن هذه الكلمة، لأننا في وضع لا نستطيع أن نجد لها تفسيراً الآن.

غسان بن جدو: طيب، نعم.

محمد الشيخلي: تفضل أستاذ غسان.

غسان بن جدو: ملاحظتك مفهومة سيد محمد الشيخلي، وإن كان النقاش السياسي بطبيعة الحال يعني أحياناً يتطلب صراحةً وليس بالضرورة تجريحاً، لكن قبل أن أعود إليك دكتور جعفري، يعني أنت سيد محمد صادق الحسيني عندما تتحدث عن الحياد ربما كثيرون الآن يسمعونك ولا يصدقون ما تقوله، باختصار شديد إيران دعت بوضوح إلى الحياد، يعني الموقف الإيراني كان محايداً حتى المرشد علي خامنئي عندما تحدث في آخر مرة خطبة الجمعة، قالوا: نحن كنا.. كان موقفنا على الحياد بين.. في هذه الحرب بين النظام وبين جورج بوش، طيب لماذا أنتم تطالبون المعارضة العراقية، ولاسيما المعارضة الموجودة هنا في العراق في إيران جزء منها، يعني مرتبط بشكل أو بآخر بإيران، لماذا تطالبونها بالحياد، وهي الطرف الضعيف التي لا حول لها ولا قوة، بينما كل الدول العربية والإقليمية والدولية إلى آخره لم يكن لها.. لم يكن تستطيع أن تفعل أي فعل، وأنتم في إيران كنتم محايدين؟

محمد صادق الحسيني: هذا.. هذا بيت القصيد، وأنا أشكرك على هذا السؤال الهام جداً، وهذا هو ما أردت أن أقوله، أنا لست بصدد تجريح أحد، ولست بصدد تخوين أحد، لكنني أقول من خلال خبرتي، من خلال دراستي، من خلال تقديري للموقف، أقول: هناك فرق كبير بين حركة تحرر وطني، بين فصيل معارض، أنا أحلل، أنا ما خصمك، أنا لست هنا مصدر لصناعة قرار، وبين دولة لها مصالحها القومية العليا، يعني ليس.. لا يجوز أن نقول لقد ذهب الرئيس بشار الأسد إلى الأمم المتحدة وخاطب العالم وذهب الرئيس خامنئي عندما كان رئيساً للجمهورية، وخاطب العالم، ونحن نذهب إلى وزارة الخارجية الأميركية مستدعين.. تمت دعوتنا على عجل لأمر لدول أخرى تريد أن تقرره للعراق هو في صف واحد، هذا فرق كبير في الاستراتيجية، إيران دولة مستقلة تذهب إلى الدول الأخرى تتفاوض معها، تتحاور معها، وهي دولتها، وأراضيها، ومنطقها يعني في.. في.. في صناعة السياسة وصناعة القرار لم يتعرض لعدوان، لا يستطيع.

أنا أقول لك ذلك آية الله العظمى فضل الله نوري، كبار علماء الدين المراجع من ثوار الثورة الدستورية عندما اشتبك كقائد عظيم للثورة الدستورية إلى بقية زعماء العالم.. زعماء إيران ضد الطاغية المستبد آخر طاغية في الدولة القاجارية، عندما جاء الأجنبي وعرض عليه علماً أجنبياً على بيته ليحميه من الغوغاء، ويحميه من اختلاط الأمور، قال: لقد عشت 70 عاماً تحت راية الإسلام، أرفض أن أكمل بقية حياتي تحت راية الكفر، يعني أبقى تحت راية الاستبداد ولا أقبل براية الكفر الأجنبي المحتل.

غسان بن جدو: نعم، ما هي..

محمد صادق الحسيني: هذا لأنه كان داخلاً في معركة مباشرة، فلذلك تقديره للموقف يختلف عن تقدير إذا كان من هو واقف على الحياد في الثورة الدستورية من خارج إيران …

غسان بن جدو[مقاطعاً]: طيب سيد محمد صادق الحسيني، ما هي خيارات المعارضة الآن بعد ما حصل؟ ما هي إمكاناتها؟ هل هناك إمكانات للتعاون، للمقاومة، للتعاون، للتكيُّف مع أميركا؟

هذا كله سنسألك دكتور إبراهيم جعفري، ولكن أنا مضطر للعودة إلى استوديوهاتنا في الدوحة.

[فاصل إعلاني]

غسان بن جدو: دكتور إبراهيم جعفري، الآن وقد حصل ما حصل، قبل العاصفة.. قبل العاصفة الزلزال كان هناك تباين واضح بين عدة فصائل من المعارضة العراقية، الآن وقد حصل ما حصل، هل أنكم بالفعل كتلة واحدة؟

هل أنكم ستشاركون في مؤتمر الناصرية التي.. التي دعت إليه الولايات المتحدة الأميركية؟ هل ستتعاونوا مع الولايات المتحدة في الإدارة الجديدة، هل.. يعني هل هناك إمكانات حقيقية للتوافق بين فصائل المعارضة، أم لأ؟

هناك الآن نقاط اختلاف حقيقية بينكم.

د. إبراهيم جعفري: اسمح لي دقيقة واحدة قبل ما أدخل في صلب سؤالك أن أعرج على المقطع السابق.

غسان بن جدو: اتفضل.

د. إبراهيم جعفري: مسألة الحياد والوقوف على الحياد لا يقال للحركة الإسلامية بشكل خاص، والدعوة بنحو أخص، ولا عموم المعارضة العراقية بأنها كانت على الحياد، لأنه باب الستة كان أمامنا مفتوح، وعندما لم نستجب، وباب مؤتمر لندن كان مفتوح، عندما لم نستجب، وعندما تحاورنا مع الإدارة الأميركية، وقلنا لهم ما قلنا من كل السياقات التي حصلت، هذا ما يعني الحياد الانكفائي، هذا يعني نحن نرفض شيئين في آن واحد، نرفض صدام حسين ونظام صدام حسين، ونرفض حالة الاحتلال والحرب وما يترتب عليها من استحقاقات ولذلك..

غسان بن جدو[مقاطعاً]: طيب واضح دكتور جعفري..

د. إبراهيم جعفري: طيب.

غسان بن جدو: هذه التاريخ.. سيقاوم أكثر، فيما يتعلق بهذه النقطة بالتحديد.

د. إبراهيم جعفري: ما يتعلق..

غسان بن جدو: هل هناك نقاط اشتراك أم لأ؟

الخلافات والاتفاقات بين فصائل المعارضة العراقية

د. إبراهيم جعفري: نقاط اشتراك.. نقاط الاشتراك جداً كثيرة بين فصائل المعارضة العراقية، وليست بدعة بالعمل السياسي أن تتعدد فصائل المعارضة العراقية، وبتعددها تكون هناك وجهات نظر متفاوتة، هناك اختلافات، وهناك اتفاق كبير جداً، يُشكِّل مساحة ومنطلق ومرتكز تدور حوله المعارضة العراقية، كان المرتكز الأساس هو إسقاط نظام صدام حسين.

غسان بن جدو: حصل.

د. إبراهيم جعفري: هذا حصل..

غسان بن جدو: انتهى، الآن.

د. إبراهيم جعفري: بغض النظر عن الآليات. نقطة الارتكاز الثانية اللي تدور حولها المعارضة العراقية هو جعل الشعب العراقي يختار البديل بطريقة دستورية عبر صناديق الاقتراع، والآن النضال مستمر من أجل إتاحة فرصة وتهيئة مناخ سياسي لعملية توليد نظام جديد بسلطاته الثلاث يولد من رحم الشعب العراقي، هنا هذه أيضاً تمثل نقطة ارتكاز مشتركة، وما من فصيل عراقي إلا وثبت ذلك في ثوابته ومنطلقاته. يبقى الآن في المرحلة الحاضرة هناك اختلافات تأتي مشاريع معارضة بالطريق، كالمشروع اللي تفضلت به.. أشرت إله في مسألة الآن أكو لقاء، هسه عرفت هويته مرة لقاء للتعارف، ومرة لقاء لجس النبض، ومرة لتقريب وجهات النظر وإلى آخره، هذا الآن موجود، ويراد.. يزمع عقده في الأيام القليلة القادمة تحديداً يوم الثلاثاء، ولعله في أرض الناصرية كما..

غسان بن جدو: الناصرية نعم.

د. إبراهيم جعفري: كما سمعنا، طبعاً أنا من نافلة القول لابد أن أقول أنا أتكلم كعراقي من أختلف ويا أحد، لأنه معني بتعاملنا، فنقطة الخلاف تبرر لي أن أنظِّر وأن أثبت وجهة نظري، وأيضاً أفند وجهة نظره، لكن لا تبرر لي على الإطلاق أن.. أن أحول الخلاف في وجهات النظر إلى عملية احتراب، لأن مسؤوليتي بالأساس هو الاحتضان والاستيعاب والتعبير على كامل وجدان الشعب العراقي بكل فصائله، حتى من أختلف معه، هذا يجب أن أثبته من حيث المبدأ.

غسان بن جدو: طيب.

د. إبراهيم جعفري: ولذلك سواء كان في هذا المؤتمر أو في المؤتمرات السابقة أو مؤتمرات لاحقة، نحن نقول بكل صراحة رأينا، وأين نتفق وأين نختلف، ورأس مالنا الثقة والصدق في التعامل، نحن لا نشترك في مؤتمر، تعده وتنفذه ويدعو إليه جنرالات عسكرية، هذا إحنا نقوله بكل صراحة، لأننا نعتقد أن الشارع السياسي العراقي..

غسان بن جدو[مقاطعاً]: لكنهم أصحاب الأمر الواقع الآن.

د. إبراهيم جعفري: وليكن، أنا لذلك.. أجاوبك على الأمر الواقع.

غسان بن جدو: يعني ما الذي ستفعلون أمام الأميركان الآن أنتم؟

د. إبراهيم جعفري: بالنسبة لنا لا نعتقد أن مؤتمراً سياسياً يعقد بالعراق بدعوة من جنرالات عسكرية، ونعتبره مؤتمر وطني صالح أن يولد آلية عسكرية، آلية حكم.. آلية سياسية للحكم، ولذلك سيكون موقفنا موقف سلبي ومو فقط إحنا، نحن نعتقد أكو بعض الإسلاميين، وحتى من غير الإسلاميين ممن يتفقون معنا أن هذه المقدمة مقدمة غير صالحة لإنجاب آلية سياسية عسكرية.. سياسية للمعارضة تمهيدية لمرحلة الفترة القادمة.

غسان بن جدو: طيب أمشي معك خطوة خطوة، الوجود العسكري الأميركي الآن تعتبره وجود محتل، أم وجود محرر؟

د. إبراهيم جعفري: الشعار الذي طرحته الإدارة الأميركية أنه نحن جئنا للتحرير وليس للاحتلال، هذه (……).

غسان بن جدو: أنت ماذا تعتبره؟

د. إبراهيم جعفري: بعض.. طريقة التعامل هي التي ستكشف النقاب عن مدى صحة هذه الادعاءات، هذه الممارسات التي الآن تمارس من أمثال طريقة التعامل مع النفط العراقي، والمس بسيادة العراقي.

غسان بن جدو: دكتور جعفري، من فضلك.. هذا الوجود العسكري الآن تعتبره وجود محتل، أم وجود أمر واقع وتحرري؟ وأنا سأختبر التعامل معه، ماذا تريد؟

د. إبراهيم جعفري: أصل.. أصل.. أصل التواجد العسكري بهذه الحالة بغض النظر عن ما يعقبه من فصول نحن نرفضه.

غسان بن جدو: طيب كيف.

د. إبراهيم جعفري: اسمحوا لي. نحن نرفضه.

غسان بن جدو: نعم.

محمد صادق الحسيني: يعني سامحني، عفواً..

د. إبراهيم جعفري: أما.. اسمح لي.

محمد صادق الحسيني: الناس بيقولوا قوات حليفة، هل نعتبرها قوات حليفة أم قوات احتلال؟

غسان بن جدو: حليفة.

د. إبراهيم جعفري: أنا.. أنا.. إحنا.. إحنا ما نقول هذه قوات حليفة.

محمد صادق الحسيني: إذن قوات احتلال.

د. إبراهيم جعفري: اسمحوا لي. مفهوم الاحتلال إذا ما خرجت أميركا وطبقت سياسة الاحتلال بمسألة السيطرة على الأراضي، والسيطرة على الثروة الاقتصادية، والتحكم بالإدارة السياسية، هذا مفهوم احتلال، بالنسبة لنا مرفوض.

الشعب الذي رفض صدام حسين، رغم ديكتاتوريته ومسيرته الطويلة سيرفض أي احتلال آخر، هذا خليه يصير واضح، أما بالنسبة لنا أنا نقول من الآن أصل الدخول وأصل الحرب (…) نحن رفضنا الحرب قبل اندلاعها، ونرفض التواجد العسكري مع وجوده، بس ما نقدر نخلي حرب مصطلحات نصطلح عليه كذا أو كذا، ما يثبته الواقع نتعامل عليه يوم بيوم، و.. و.. ونتعاطى مع مفردات الواقع بما تستحق.

مستقبل التعامل العراقي مع الوجود الأميركي بين المقاومة والتعايش

غسان بن جدو: طيب دكتور محمد الشيخلي في بغداد، وأنت هناك في قلب بغداد ترى الدبابات الأميركية، ترى الوجود الأميركي هناك، واليوم بحسب ما فهمت بأنك التقيت القادة العسكريين في فندق فلسطين، ماذا تصف الوجود العسكري هناك؟ ماذا كانت نتيجة لقائك؟

وباختصار شديد، أنتم.. في الداخل كيف ستتعاملون مع هذا الوجود العسكري؟ هل ستتعاملون بمنطق التعاون والتكيف، أم بمنطق المواجهة والمقاومة؟

محمد الشيخلي: حقيقة هو ليس اجتماعاً، وإنما كان لقاءً مع الوجود الأميركي، لأنه لم يكن هنالك شخص أمامنا يعرفنا بنفسه، وأنا انسحبت من هذا اللقاء بعد ساعتين دامت، لأنني شعرت، قد يكون شعوري خاص برأيي، أنه كانت هنالك مسرحية لتقديم فقط شكلية إعلامية أمام العالم أنه نحن نسعى لاستتباب الأمن والنظام في البلد بواسطة عناصر من داخل البلد، وهم كانوا يطرحون أسماء موجودة بنفس رموز السلطة الطاغية التي ذهبت، نفس الأسماء يريدون أن يعيدوها، أصروا على شيء واحد، هو أنه نريد من كان في الخدمة في وزارة الداخلية من المدراء العامين، يا أخي تصور إذا كان المدير العام للشرطة العراقية وصل إلى هذا المنصب، هل هو هذا كان.. لم يكن بعثياً أو لم يكن من المقربين؟ هل هذا نأتي به الآن، ونضعه بنفس الكرسي الذي كان عليه، والآن هو.. هو الآن هارب، لا.. لا يعلم أحد عنه شيء، تُطرح الأسماء نفسها، فكانت عملية متناقضة حقيقة، ومسرحية شرفني أن أنسحب، وكنت أتمنى أن أتحاور مع هذه الوجوه الطيبة من فصائل المعارضة العراقية في الخارج وليس مع الأميركان، أنا.. أنا أتمنى الجميع ليحضروا ونتفق بيننا، ونتداول، ولنتفق على أنه الآراء تُعرض ولا تُفرض، هنالك مبدأ للحوار..

غسان بن جدو [مقاطعاً]: طيب سألتك دكتور شيخلي..

محمد الشيخلي: سيكون بين جميع فصائل المعارضة.

غسان بن جدو: سألتك دكتور شيخلي هذا الوجود العسكري الموجود الآن في العراق كيف تصفه؟ وكيف ستتعاملون معه؟ هل ستتعاملون معه بمنطق التعاون والتكيف والاختبار، أم بمنطق المواجهة؟ كيف ستتعاملون معه؟

محمد الشيخلي: لنضع.. لنسمي الأشياء بمسمياتها، نحن الآن في حالة احتلال، يا أخي العزيز هذه أرض محتلة الآن، كلمة التحرير شيء وكلمة الاحتلال شيء آخر، نحن الآن محتلين، يا أخي ليس أنا في حصار فقط، الصحفيين كوادركم 5 أيام في حصار مستمر، نحن أرض محتلة الآن، نسمي الأشياء بمسمياتها بدون أي تحرج رجاءً، تفضل.

غسان بن جدو: نعم، سيد محمد صادق الحسيني يعني..

محمد الشيخلي [مقاطعاً]: إذا كنت تسألني أيضاً.. نعم.

غسان بن جدو: الأخ الدكتور.. الدكتور محمد الشيخلي اعتبر أن ما حصل.. هو طبعاً اليوم التقى بعض المسؤولين الأميركان هناك، واعتبر أن ما حصل كان مجرد مسرحية إعلامية، ووصف ما يحصل الآن بأنه.. بأنه حالة احتلال..

محمد صادق الحسيني: مسرحية إعلامية..

غسان بن جدو: مسرحية إعلامية.. لا لا ما حصل اليوم، التقى ببعض القادة العسكريين الأميركان، واعتبر أن القادة العسكريون الأميركيون هناك يقومون بمسرحية إعلامية وكأنهم يريدون أن يقولوا إنهم يريدون استتباب الأمن إلى آخره، هذه وجهة نظره على كل حال، وإن كان طبعاً يعني كل البيانات والتصريحات الأميركية سواء في واشنطن أو في.. في أماكن أخرى تقول: بأن القوات الأميركية والبريطانية هناك يعني جاءت فعلاً.. ليس فقط لتحرير شعب العراق، ولكن لإعادة هيكلة الدولة في العراق، وربما المعارضة العراقية تجد لها منفذاً وفرصة هناك، أنت -باعتبارك يعني مراقب لهذه الأجواء- كيف تتصور.. هل أن المستقبل الأفق يوحي بأن العراق سيعيش حالة تكيف، خاصة لا ننسى بأن الشعب العراقي عانى طويلاً، يعني يقولون إن 30 سنة من القمع ومن الاضطهاد، يعني مُرهَق.. مُرهَق اقتصادياً، مُرهق من الحصار، مرهق أمنياً، هل تعتقد بأن مثل ها الشعب العراقي ممكن أن يُواجه، أم لا هو سيتكيف؟ ولعل النخبة العراقية نفسها هي التي تولِّد خيارات جديدة من الداخل؟

محمد صادق الحسيني: يعني -عفواً- بتواضع جداً، أولاً أريد أن أصحح أمراً، أنا لست فصيلاً عراقياً، ولست مسؤولاً عما سيحصل في العراق، أهل مكة أدرى بشعابها، وهم سينتخبون الطريق والحل الصحيح لمستقبلهم، كما اختاروا حتى الآن ما كانوا قد اختاروه، لكن كمحلل وقارئ للأحداث، أقول -حسب معرفتي- الشعب العراقي سوف لن يرضى بالحكم الأجنبي، الشعب العراقي سوف لن يرضى بالنخبة القادمة إلى الحكم عن طريق الحراب والدبابات الأميركية لتصنع ثقافة أو لتعيد بناء ثقافة صدامية جديدة، الشعب العراقي سيطالب أول ما يطالب بإعادة صياغة شخصيته العراقية الحقيقية التعددية، القابلة للأخذ والعطاء، الجمهور العراقي سينتفض على العائلات التي تريد أن تستبدل الدوري والراوي والتكريتي و.. بعائلات أخرى ربما، حتى تقيم ثقافة أو تستمر بثقافة صدامية أخرى، الشعب العراقي سيقول -بكل قومياته، بكل طبقاته، بكل فئاته- أنا شعب حضارة، وشعب ثقافة وشعب..

غسان بن جدو [مقاطعاً]: يعني كيف سيقولها؟ يعني أجبني كيف سيقولها؟ هل سيواجه؟ سيتكيف ديمقراطياً؟ كيف سيواجه؟

محمد صادق الحسيني: سيكون.. سيكون.. سيكون شعاره: كل المعاول للبناء وليس للهدم وكل البنادق نحو الاحتلال.

غسان بن جدو: هكذا ترى؟ ترى أن الشعب العراقي قادر الآن على أن يرفع شعار المقاومة، المواجهة بعد كل ما حصل له؟

محمد صادق الحسيني: البناء.. البناء والمقاومة مع بعض..

د.إبراهيم جعفري: الشعب.. الشعب العراقي أنا أتفق مع السيد الحسيني في أن الشعب لن يتقبل احتلالاً، ما يقبله، ولذلك… الناظر المدقق والموضوعي في صفحات التعامل داخل الشارع العراقي مع القوات الأميركية ما كان مستجيباً لها من الموقع الذي صدره مملوء سخطاً وحنقاً ضد صدام حسين ويريد يزيله، بس فرق.. ولذلك جسَّد بأمانة ما نردده في الخطاب أنه هو في الوقت اللي يرفض صدام حسين، لا يعتبر الحرب آلية صالحة للتغيير، الآن الحرب قد.. قد حصلت، والشعب العراقي الآن على من هو الآن على الأرض عليه أن يبرهن، الشعب العراقي حتى الآن السجناء يئنون.. يسمعون الناس أنينهم، ويسمعون أصواتهم، ولا يستطيع أحد أن يخرجهم، أين الآن القوات الموجودة بالشارع العراقي، وإنقاذ أعداد غفيرة من السجناء؟ الشارع العراقي الآن يعاني من مواد ضرورية، من حليب الأطفال، ومن الأدوية، ومن الغذاء، أين الذي جاء وقال نحن جئنا إلى هنا محررين، ولسنا محتلين؟ أين؟ يجب أن.. لاحظوا الشارع العراقي الآن كيف يسيطر، المناطق التي انطلقت من المساجد بدت تعيد بعض المسروقات التي مارسها بعض الشذاذ.. بعض الأشخاص، من نداء المساجد، فلو اعتمدوا الإدارات المنطلقة من رحم الشارع العراقي لوجدوا الاستجابة والتفاعل، الشارع العراقي عندما يجد أن الذي يوجهه عراقياً، عراقي.. الذي يوجهه هو عراقي، وكذلك يتفاعل مع الشعار العراقي والرمز العراقي والخط العراقي ويربط حاضره بتاريخه، لوجدت المسألة مشت بطريق آخر، ولذلك يعلمون جيداً، وسيرون على الشارع بأن الشارع يرفض يرفض أن أي قوة أجنبية تحتله أياً كانت هذه القوة، أنا أتفق بهذا المقطع صحيح.

دلالات مقتل عبد المجيد الخوئي

غسان بن جدو: سيد محمد الشيخلي.. الأستاذ محمد الشيخلي في بغداد، هناك حدث حصل قبل يومين تقريباً وهو مقتل السيد عبد المجيد الخوئي في النجف الأشرف، هذا الحدث هناك من حلله بشكل.. بأشكال متعددة، ولكن السؤال بالتحديد: هل أن هذا الحدث ينبئ أو ربما يقلق ويخيف بأن هناك إمكانية لحصول انشقاقات في الداخل، خاصة في أجواء الفوضى الحالية التي تؤدي إلى هذا الاحتراب والقتل أم لا؟ الإمكانات في الداخل ربما هناك إمكانيات كبرى للتوافق والتعاون، أم ربما هناك خشية من فتنة لا سمح الله؟

محمد الشيخلي : قد.. قد أقول لك نعم، نعم هنالك خشية من فتنة منظمة.. من فتنة منظمة بإشراف الولايات المتحدة الأميركية، نحن نأسف لمقتل أي عراقي، السيد مجيد الخوئي رجل له رأي معين وجاء مع الأميركان، ولكنه تعرض إلى ما تعرض إليه للأسف، فنحن الآن لا نريد أن يُقتل أي عراقي، يكفي دماءً، يكفي ما سال من دماء العراقيين خلال هذه الدهور، يكفي -مثل ما تفضل الأستاذ الجعفري حالياً- أنه نعم مازالت هنالك سجون لم يعلم بها أحد، ونسمع الأنين، ولا نستطيع أن نصل إليها وأؤيده بذلك، وأؤيد أنه نعم الشعب العراقي لا يستطيع أن يتكيف مع هذه القوات المحتلة حالياً، الشعب العراقي له قيمه وتقاليده وله النخوة، ومعروف بشعب الحضارة، يعني نحن لا نتمنى أن تكون هنالك فتنة، ولكني أتوقع ذلك إن.. إن لم نتعاون نحن العراقيين بيننا.. نعم.. نعم.

غسان بن جدو [مقاطعاً]: السيد محمد الشيخلي وهو في قلب بغداد.. السيد محمد الشيخلي.. السيد محمد الشيخلي وهو في قلب بغداد ناظر عن قرب يقول بشكل صريح وثمة خشية حقيقية من فتنة داخلية ومنظمة بإشراف أميركي هكذا يقول وهو في الداخل، سيد محمد صادق الحسيني، السيد عبد المجيد الخوئي -رحمه الله- هو الآن عند الله -سبحانه وتعالى- ونحن لا نقوِّم الأشخاص هكذا، ولكن هناك حدث حصل، مقتل هذا الرجل، يعني برأيك هل.. هل أن ما حصل هو مجرد أخذ بالثأر، أم إشارة معينة.. إشارة سياسية قبل أن تكون إشارة غوغائية كما وصفها البعض؟

محمد صادق الحسيني: يعني بالنسبة للمرحوم عبد المجيد الخوئي ذهب إلى رحمة الله.. إلى الرفيق الأعلى، والله -سبحانه وتعالى- هو يعني المحاسب الأكبر لنا جميعا، لكن أنا عندي نقطة في هذا الموضوع بشكل أعم، ندخل منها وهي الخطر الأكبر أنا برأيي، الأميركيون قادمين إلى هذه المنطقة.. قادمون إلى هذه المنطقة بأمرين: السطو والقرصنة على سيادتنا ووحدة أراضي دولنا وعلى إمكاناتنا وثرواتنا وقادمون بأمر آخر أخطر وهذا ما لمسه العراقيون سريعاً، أنهم يقولون لنا: لا.. لا تُدخلوا الدين بالسياسية، حتى يفرغوننا من مساجدنا، يفرغوننا من علمائنا، يفرغوننا من قيمنا، لكنهم يُدخلون السياسة بالدين إنهم جاءوا أو يريدون أن يأتوا بإسلام أميركي، يرفع الآيات التي تشير إلى اليهود في القرآن، يقللوا مناهج دروس الدين في التربية، وقد طبقوه في عدد من الدول العربية بشركات أميركية، والآن يريدوا أن يطبقوه في العراق كنموذج أعلى، يريدون أن يشوهوا ثقافتنا في العراق، ثقافة المسلمين في العراق، وبالتالي ثقافة المسلمين في مناطق، ستكون العراق البداية لإعادة صياغة إسلامنا وديننا وثقافتنا وحضارتنا على الطراز الأميركي، هذا هو الخطر، لذلك ما يحصل.. ما حصل بداية في العراق الآن، سواء كان على خطأ أو على صواب، أنا ضد الاحتراب، ضد القتل، ضد الاغتيال، لأنه هذه ثقافة إذا ما تعممت ستكون خطيرة جداً على الشارع العراقي، يجب أن يلتزموا بالوحدة الوطنية، بالتآلف، بالنظر إلى المستقبل، وليس إلى محاسبة الماضي، ولكن من الطبيعي أن يكون الشارع العراقي أيضاً حساساً، شفافاً، منتهكة أعراضه وقيمه، أن يغضب لأي إشارة خاطئة من أي رجل سيأتي….

غسان بن جدو [مقاطعاً]: مقتل الخوئي كان سياسياً أم غوغائياً؟

محمد صادق الحسيني: لا ليس غوغائياً حركة سياسية واعية وإن أخطأت الهدف والممارسة، لكنها تعبير طبيعي عن غضب لخوف..

غسان بن جدو [مقاطعاً]: تعبير عن خوف أم ماذا؟

محمد صادق الحسيني: لخوف.. لخوف من أن يأتي أحد.. من أن يأتي أحد ليروِّج لثقافة صُنعت في لندن وواشنطن والعواصم الكبرى عن الإسلام، عن السياسة.. عن الإسلام السياسي، هذا ما أفهمه أنا بعيداً عن القضايا الأخرى، أما إنه أخطأوا بالطريقة والممارسة وهذا فيها احتمال أن يكون احتراب فهذا خطأ كبير نعم، لكن هذه هي حال الشعوب عندما تهجم عليها بقوة كبرى بزخم كبير، تدافع عن نفسها بطريقتها..

غسان بن جدو [مقاطعاً]: نعم، قبل أن أعود إليك دكتور جعفري أنا.. أنا أريد أن أعود إلى الأستاذ محمد الشيخلي في بغداد، أستاذ محمد الشيخلي، هناك.. هناك قضية تثيرنا نحن الموجودين في الخارج، العراق الآن تقولون إنه تحرر من طاغية ما، ولاشك أن الجميع الآن يتوقوا إلى وضع بديل ديمقراطي حقيقي بكل ما للكلمة من معنى، ثمة وجود عسكري أجنبي وصفته بالمحتل، لكن السؤال الأساسي بالنسبة لنا نحن في الخارج.. هل بعد كل هذه السنوات ربما بعد كل هذه العقود، هل توجد نخبة في الداخل -غير النخب المعارضة التي ستأتيكم من الخارج- هل هناك نخبة في الداخل يمكن أن تحمل ثقافة التعددية، ثقافة التسامح، ثقافة الديمقراطية، أم لا؟ عذراً على هذا السؤال هل أن ثقافة القمع التي تقولون إنكم ورثتموها هي أيضاً ستجسدون أم لا؟ هناك نخبة حقيقية يمكن أن توجد بديل حقيقي تعددي وديمقراطي.

محمد الشيخلي: أستاذ غسان، بشأن هذا السؤال، وهو سؤال وجيه حقيقة، الشعب العراقي هو شعب الحضارات، نعم هنالك نخبة في العراق في الداخل، وأيضاً هي ترحب من بالخارج، لأنه خرجت كوادر من العراق خلال فترة عقد التسعينات نتألم لخروجها من العراق، نعم الشعب، هذا شعب حضاري لديه مقوماته التي تجعله أن يؤمن بالتعددية وأنا أتحدث معك الآن، أدعو الجميع أنه نتحاور ونتفق، نحن الآن في أمر واقع، تعقيب بسيط على كلام الأستاذ محمد صادق أو على سؤالك السابق أيضاً، نعم مقتل السيد عبد المجيد الخوئي يعني نعتبره جرس إنذار للجميع، جرس إنذار للجميع، كان إشارة موجهة لهذه الجهة أو تلك أنا لا أعلم، أنا في الداخل فقط، ولكن يا أخي نعم نحن في الداخل نؤمن بالتعددية، و-إن شاء الله- سنقلب صفحات الماضي، ونتناساها، لأننا نريد أن نلملم الجراح التي نحن فيها الآن، إضافة إلى الجراح التي نامت على قلوبنا، وصدورنا منذ ثلاثة عقود، أنا هذا رأيي وأتمنى أن يتفق معي الأستاذ محمد صادق والأستاذ الجعفري.

غسان بن جدو: نعم.. نعم الدكتور جعفري وجه لكم نداء قال: أتمنى أن يتفق معي الأستاذ محمد صادق الحسيني والجعفري حول نقطتين أول.. الأولى: أن بالفعل ثمة نخب داخل العراق تستطيع أن توجد البديل التعددي والديمقراطي، لأن وصف الشعب العراقي بأنه شعب حضاري، لكنه أراد أن يرجعنا أيضاً إلى نقطة أخرى حول مقتل السيد الخوئي قال: إن مقتل السيد الخوئي كان جرس إنذار للجميع، ربما أراد أن يقول جرس إنذار لكل من يأتي من الخارج ربما عبر.. بتحالفه مع القوات الأميركية أو البريطانية أو.. هل توافقه هذا الرأي أم لا؟

د.إبراهيم جعفري: اسمح لي بمقطعين سريعين أجاوبك على هذا السؤال..

غسان بن جدو: تفضل.

د.إبراهيم جعفري: المقطع الأول هناك عدة تفسيرات .. طرحت لمقتل السيد عبد المجيد الخوئي رحمه الله، وأنا أتصور يعني حتى واحد يقدر يستطيع أن يتهجى الموقف بشكل دقيق صعب عليه جداً من.. من على البُعد حتى يتحرى الدقة والموضوعية..

غسان بن جدو: نعم.. نعم.

د.إبراهيم جعفري: أياً كانت الأسباب التي تقف وراء الاغتيال، فهي في تقديرنا ظاهرة غير طبيعية، وغير صحيحة، لشعب ينوء بديكتاتورية واغتيال وإرهاب، ونحَّى هاي الديكتاتورية والإرهاب ويستقبل هكذا حاله جديدة. هاي نقطة

النقطة الثانية: نحن نعتقد أن شعبنا على وضوح كامل أنه سيخنق ممارسات القتل والاغتيالات وما شاكل ذلك أياً كانت الأسباب.

أما عن المقطع الثاني: نحن لسنا معارضة جئنا من الخارج نحن ولدنا في رحم العراق، ولازلنا موجودين بالعراق وفي كل مدينة، بل وفي كل بيت، وتركنا بصمات وجودنا على.. عبر دماء الشهداء وفي كل مكان صُدح به صوت الإسلام، الدعوة الإسلامية موجودة، وكذلك فصائل المعارضة الأخرى، فإنما تخرج بعض الرموز للخارج هذا ليس بدع، رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- هاجر وجاء فاتحاً، وبالتاريخ الإسلامي المعاصر السيد الإمام الخوميني -قدَّس الله نفسه- كان في (….)، وعاد منتصراً إلى إيران، ليس بدعاً أن يكون الإنسان المهاجر كما أعطاه القرآن الكريم موقعاً بعد الشهادة أن يصدح المهاجر يهاجر لا يهاجر من قضيته، ولا يهاجر سياسياً، ولا يهاجر نفسياً، يهاجر من أرضه بحثاً عن أرضٍ أخرى يستطيع أن يوصل صوته ومعاناة شعبه، ولذلك ينشد انشداداً حقيقياً وميدانياً إلى بلده، ويتوق في كل لحظة يعود يعود ويتمم هذا الصوت، صدام حسين قمع ولم يترك وجوداً، ولذلك الآن بموت صدام بدأت المعارضة العراقية في أرض العراق وجوداً يتحرك على شكل شواخص، هذا الشاخص لم يكن موجود، شوف في كل ديكتاتوريات العالم المعاصرة حتى الآن اللي.. أي ديكتاتورية معاصرة شوفها، شوف الناس بالحجارة تقاتل في.. في الأرض المحتلة، رقم من.. المعارضة موجودة رقم تتحرك، هذا الحق الحد الأدنى لم يوجد في العراق، المعارضة العراقية ستتواجد على أرضها، وعندما تتواجد على أرضها تواصل مسيرة النضال من أجل تحقيق كامل طموحات شعبها.

غسان بن جدو: أنا لن أعلق على ما ذكرته من موت صدام، هل تقصد موت جسدي أم موت سياسي؟

د.إبراهيم جعفري: أقصد الموت السياسي.

غسان بن جدو: موت سياسي.

د.إبراهيم جعفري: الموت السياسي.

رؤية المعارضة العراقية للموقف الإقليمي لدول الجوار

غسان بن جدو: ولكن أنا قبل أن أعود إليك، أنا أيضاً أعود إلى بغداد مع الأستاذ محمد الشيخلي، أستاذ محمد الشيخلي أنتم في.. في العراق هناك في بغداد كيف ترون الموقف الإقليمي بشكل عام سواءً الموقف العربي، وتحديداً الموقف الإيراني ونحن هنا نتحدث معكم من طهران خاصة وأن إيران على تماس مباشر، ويبدو أنها معنية بشكل كبير بالتطورات المقبلة في العراق؟

محمد الشيخلي: حقيقة نحن نريد أن نتسامى عن الماضي، الموقف الإقليمي بعيداً عن ما سمعناه في الأيام الماضية، وما جرى من هذه الجهة أو تلك، نحن الآن لسنا في مقاضاة لهذه الجهة أو تلك، نحن نحترم الجميع، نحن نريد الآن في داخل العراق أن يكون هذا البلد بلد سلام، يكفي دماءً أيها الناس، يكفي ما ذهب من شباب العراق السواعد السمراء العراقية التي ذهبت ضحية الطاغية السابق، الموقف الإقليمي حقيقة لكلٍ له رأيه، نحن لا نستطيع أن نتحدث بلسان الشعب الإيراني المسلم الشقيق، أو بلسان الشعب السوري، أو الأردني، أو السعودي، أو الخليجي بصورة عامة، هذا الشيء يعود لهم، ولكننا في العراق نريد أن نعلن أنه العراق سيصبح دولة سلام، ويكفي دماءً، يكفي دماءً، يكفي دماءً، الشعب العراقي، الطفل العراقي، الشاب العراقي، النساء في العراق، الشيوخ، جميع يعني الناس في الشوارع، أنا جالس الآن يا أخي وروائح الجثث حالياً على أبو نواس وعلى قناة الجيش يعرفون الإخوان مواقعها وفي على الخط السريع، نحن نتحدث الآن ونتحاور، وأنا أريد أن ألملم ما.. ما تبقى من شبابنا الآن الجريح أو الشهيد الآن المقتول في الشوارع، يا أخي الروائح أصبحت في بغداد لا تُطاق، نحن أمام كارثة إنسانية ونتحاور عن موقف فلان، هذه الجهة أو تلك ليأتي الجميع.. ليأتي الجميع إلى بغداد، أهلاً وسهلاً، هذه أرضكم، اظهروا الآن، اظهروا وبينوا وأدوا آرائكم، سنتفق إن شاء الله، لا يوجد هناك.. هناك خلاف بيننا، نريد أن نتفق جميعاً، ولكن بحضور عراقي، أنا..

غسان بن جدو [مقاطعاً]: نعم أنا.. أنا أحيي فيك طبعاً، نحن نتفهم.. نتفهم موقفك يا أستاذ محمد..

محمد الشيخلي [مستأنفاً]: اسمح لي أستاذ غسان.. اسمح لي أستاذ غسان، اسمح لي بهاي الكلمة..

غسان بن جدو: تفضل.. تفضل.

محمد الشيخلي: أنا أريد أن أتحاور مع العراقي وليس مع الأميركي، أنا أريد الآن ليأتي جميع الفصائل -عذراً من مصطلح- المعارضة في الخارج، هذا المصطلح لأن هم خرجوا، هم نعم أبناء البلد، هم نعم من تراب هذا البلد، هم نعم ضحوا أيضاً، وقدموا ضحايا، وقدموا شهداء وقدموا وقدموا وقدموا، نعم، كلنا نعلم ذلك، ولكن هذا لا يعني الآن فُسح المجال، أزيح.. أزيح الطاغية ليأتوا لنتحاور.. لنجتمع ليس في الناصرية، ليس في الناصرية أنا.. نعم.. نعم.

غسان بن جدو: رسالتك وصلت أستاذ محمد الشيخلي رسالتك وصلت وأنا طبعاً نحن نتفهمك بأنك موجود هناك في بغداد وكل هذه الظروف المحيطة بك، ونحيي فيك بالفعل يعني روح هذا التسامح والرغبة في الحوار خاصة وأنه دعا أريد التحاور مع العراقيين وليس مع.. ليس مع الأميركيين، ولكن ينبغي أن نناقش حقيقة الموقف الإقليمي أستاذ محمد صادق الحسيني لأنه يعني كل شيء في العراق إما مرتبط بالخارج أو الخارج أيضاً أصبح مرتبطاً بالعراق، طالما وأن المسألة أصبحت أمنية كبيرة، ونحن هنا في طهران المرشد علي خامنئي تحدث وأطلق عدة مواقف، ولكن من أهمها التي أثارت انتباه الجميع أنه أولاً وصف أي تعاون المعارضة العراقية أو الأطراف العراقية مع أميركا بأنها خيانة، رغم أن هناك من يقول: إن إيران هي دفعت بهذه القوة حتى تتحاور مع أميركا في السابق، لكن المسألة الأهم التي ينظر إليها الجميع الآن ونريد أن نفهم ما المقصود بالتحديد عندما يقول: إن إيران لم تقف على الحياد بين الشعب العراق وأميركا؟ ما الذي يعنيه تحديداً؟ هل هو مجرد شعار.. مزايدة عفواً؟

محمد صادق الحسيني: يعني أنا كل ما أستطيع أن أفهمه من القيادة الإيرانية بأن موقفها النظري وإن كان يبدو صلباً وصائباً في الاتجاه العام، لكن هناك إشكالية كبيرة جداً وأخاف إنها تتحول إلى إشكالية استراتيجية، لأنه هذا الموقف النظري إن بقي هكذا دون أن يُترجم إلى ممارسات عملانية سيقع في نفس خطأ المعارضة العراقية، لأنه من السهل بمكان أن تقول أنك تقف على الحياد أو لا تقف على الحياد، في الموقف الأول كان..

غسان بن جدو: انتهى.. انتهى أستاذ.. الآن لأنه دقيقة فقط، الآن ما الذي سنفعله؟

محمد صادق الحسيني: أنا أقول: أنا على الدول الإقليمية..

غسان بن جدو [مقاطعاً]: لا ليس على الدول، أريد أن نفهم ما المقصود عندما تقول إيران إنها لن تقف على الحياد؟ ما المقصود تحديداً؟ ستواجه أميركا يعني؟

محمد صادق الحسيني: لأ، إيران لا.. لا أعتقد أنها ستواجه أميركا بقدر ما هي ستقدم كل الدعم الذي قدمته للبنان ولفلسطين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي هنا في مواجهة الاحتلال الأميركي..

غسان بن جدو: هذا كلام…

محمد صادق الحسيني: هذا ما أفهمه أنا وهذا ما أقراه أنا وإذا أردت أن أقرأه لك عن طريق فتوى للإمام الخوميني صدرت في 69، يقول: لو غشي بلاد المسلمين أو حضورها عدو يخشى منه.. يُخشى منه على بيضة الإسلام يجب عليهم الدفاع عنه بأية وسيلة ممكنة، فأنا..

غسان بن جدو: خلاص.. نعم، انتهى الوقت من فضلك، بس.. عفواً انتهى الوقت، ولكن بـ30 ثانية هل تنتظروا شيئاً من القوى الإقليمية حقيقة بعد كل ما حصل؟

د.إبراهيم جعفري: الدول الإقليمية لها مصالحها بس بنفس الوقت لنا.. لنا وياها مصالح مشتركة وأقدار مشتركة وتربطنا وياها عدة مساحات مشتركة من.. من.. من القضايا الفكرية والمصالح وكثير من القضايا، ولذلك نحن لا نعزل العراق عن المنظومة الإقليمية عامة ودول الجوار الجغرافي خاصة، شريطة ألا تمتد أية سواء كانت إقليمية أو دولية لاستفراغ الإرادة العراقية من سيادة العراق.

غسان بن جدو: هذا كلام مهم، مع شكري لك دكتور إبراهيم جعفري (الناطق الرسمي باسم حزب الدعوة في العراق)، شكراً لك يا أستاذ محمد صادق الحسيني (المحلل السياسي هنا في طهران)، شكراً لك يا أستاذ محمد الشيخلي (من تنظيم أحرار العراق في بغداد)، مع شكري الجزيل للمخرج منصور الطلفيح في.. في الدوحة، مع شكري الجزيل لإسلام حجازي في الدوحة، مع شكري الجزيل لماهر عبد الله في بغداد، مع شكري الجزيل لجميع الفريق الذي ساعدنا هنا في.. في.. في طهران ولاسيما رضا اسكندر..

شكراً لكم مشاهدينا المحترمين على حُسن المتابعة، وإلى لقاءٍ آخر -بإذن الله- السبت المقبل، في أمان الله، مع تقديري لكم.. غسان بن جدو.