التغطية الصحفية في الحرب على العراق
مقدم الحلقة: | محمد كريشان |
ضيوف الحلقة: | عمرو الكحكي: مراسل الجزيرة السابق في جنوب العراق ماجد عبد الهادي: مراسل الجزيرة السابق في بغداد روبرت مينار: الأمين العام لمنظمة (صحفيون بلا حدود) – باريس |
تاريخ الحلقة: | 20/04/2003 |
– طبيعة العمل الصحفي بالعراق في ظل الضغوط الأميركية والعراقية
– تأثير الضغوط في مهنية وحيادية التغطية الصحفية للحرب
– تقييم نتائج الحرب على العراق إعلامياً
محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في هذه الحلقة التي نخصصها لظروف العمل الصحفي في حرب العراق، بين ضغوط القوات الأميركية البريطانية الغازية، وضغوط الحكومة العراقية المنهارة.
ونبدأ هذه الحلقة بالترحم على الشهيد نزيه دروزه (المصور الصحفي الفلسطيني الذي سقط بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي)، وزميلنا الشهيد طارق أيوب الذي سقط بنيران أميركية، كما سقط زملاء آخرون من جنسيات مختلفة ضحية واجبهم الصحفي في البحث عن الحقيقة في العراق.
بالطبع تغطية الحروب ليست بالأمر السهل، ولكن المهمة تزداد عسراً وتعقيداً عندما يكون الصحفي مخيراً بين أن يكون برفقة القوات الغازية وأوامرها القاطعة، أو أن يكون تحت رقابة وصرامة السلطة المركزية السابقة في بغداد.
وهذا ما سنبحثه مع زميلين عاشا هذين الوضعين، عمرو الكحكي الذي رافق القوات الأميركية والبريطانية في جنوب العراق، وماجد عبد الهادي الذي بقي لأكثر من أربعة أشهر في بغداد، كما نستضيف من باريس روبرت مينار (السكرتير العام لمنظمة مراسلون بلا حدود).
طبيعة العمل الصحفي بالعراق
في ظل الضغوط الأميركية والعراقية
نبدأ بعمرو، عمرو هناك سؤال رئيسي بالنسبة لكل الذين ذهبوا برفقة القوات الأميركية، هل كنتم أحرار في تحركاتكم؟
عمرو الكحكي: الشرط الأساسي في عملية مرافقة القوات الأميركية لتغطية هذه الحرب أو ما يُسمى بالإنجليزية (embedding) هو أن تتحرك كل الوقت مع القوات الأميركية، تكون برفقتها، لا يمكنك أن تخرج عن نطاق الحركة، إذا تكونت قافلة للتحرك من مكان لآخر لا يمكنك أن تقف مثلاً على الطريق لتصور مشهداً، عليك أن تلتقط الصورة والقافلة تسير دون توقف، لا يمكنك أن تخرج عن نطاق السيطرة، ولذلك حرصت القوات الأميركية على ألا يكون مع أي صحفي من الصحفيين المرافقين لها أي وسيلة تنقل، إذن التنقل كان في السيارات التي توفرها القوات الأميركية في حالة..
محمد كريشان [مقاطعاً]: خاصة بالصحفيين أم مع الجنود؟
عمرو الكحكي: لابد وأن يكون هناك سائق لهذه السيارة، كانت هناك سيارة مستأجرة لهذا الغرض، لها سائق هو الضابط المنوط بالإعلاميين، والمكلف بمرافقة الإعلاميين، لها في المقعد الذي إلى جواره لابد وأن يكون هناك قناص يحمل سلاحاً، هذا الضابط يحمل مسدساً، ثم يكون.. أكون أنا والمصور في المقعد الخلفي، كل معداتنا في هذه السيارة رباعية الدفع موجودة، التحرك يكون دائماً هكذا، لا نستطيع أن نتحرك من معسكر إلى مكان نطلبه من دون مرافقة هؤلاء.
محمد كريشان: والتحرك عموماً يكون بالضرورة جماعي، أم يمكن أن تكون بتحرك منفرد خاص بك كصحفي، ولكن برفقة بعض الجنود؟
عمرو الكحكي: نعم، وأود أن أقول هنا.. هنا، كانت هناك محطات أخرى إخبارية غربية موجودة معنا في هذه الوحدة من القوات الأميركية.. وحدة من (المارينز)، ولكن فيما يتعلق بأماكن التواجد كانت هناك ثلاث وحدات مقاتلة أو قطاعات مقاتلة في هذه الوحدة، ثم القيادة ومعها وحدة الدعم والإسناد والشؤون الإنسانية والإداريات، نحن كنا مع هذه.. مع القيادة، أما الصحفيون الغربيون الآخرون فكانوا مع الوحدات المقاتلة على الخط الأمامي دائماً.
محمد كريشان: نعم، ماجد أنت كنت في بغداد لفترة طويلة، في فترة التسخين -إن صح التعبير- قبل الحرب ثم خلال الحرب، بالطبع لا وجود ربما لإشراف ورقابة بالمعنى الذي حكى عنه الآن عمرو، ولكن بالتأكيد كانت هناك ضوابط، كيف كنتم تتحركون في بغداد؟
ماجد عبد الهادي: نعم، يعني في البداية قبل.. قبل نشوب الحرب كان الصحفيون يقيمون في فندقين أساسيين في بغداد، فندق الرشيد وفندق المنصور، ويعملون كل شبكات التلفزة، كل الوكالات الغربية كانت تعمل بمكاتب.. في مكاتب داخل مقر وزارة الإعلام العراقية، كان هذا إلزامياً لا يمكن لأي وسيلة إعلام أن تعمل سوى داخل مقر وزارة الإعلام، تستأجر مكتباً في وزارة الإعلام، و.. وتستأجر كل ملحقاته، و.. وتضع سيارة البث، كله داخل وزارة الإعلام، كان هذا إلى حدٍ ما مقبول قبل.. قبل الحرب.
محمد كريشان: ولكن عفواً (الجزيرة) كانت مستثناة على.. على ما أعتقد هي وتلفزيون أبو ظبي من هذا.
ماجد عبد الهادي: نعم.. نعم، (الجزيرة) وتلفزيون أبو ظبي كان لهما مكاتب سابقة.. مكاتب قديمة في مناطق تبعد مسافة عن وزارة الإعلام، ولكننا كنا قد أُبلغنا قبل بدء الحرب بنحو أسبوعين بأن علينا الانتقال أيضاً إلى وزارة الإعلام فور إطلاق أول رصاصة في الحرب، الذي حدث هنا أن.. أن.. أن الضغط أصبح مزدوجاً، الضغط مزدوج ومتناقض من القوات.. من الأميركيين ومن العراقيين في وقت واحد، الصحفيون الأميركيون الذين كانوا يتواجدون معنا تلقوا تحذيرات من (البنتاغون) من المسؤولين الأميركيين بأن بقاءهم في فندق الرشيد وبقاءهم في وزارة الإعلام يشكل خطراً على حياتهم، وأن وزارة الدفاع الأميركية لن تغير خططها العسكرية لحماية الصحفيين، قالوا لهم: إن العراق منطقة خطرة وبالتحديد هذين المكانين، عليكم أن تغادروا هذين المكانين، في الوقت نفسه رفضت وزارة الإعلام العراقية أن يغادر أي صحفي سواءً الفندق أو مقر وزارة الإعلام، هذه فترة حرجة كانت في.. في عمل الصحفيين قبل.. قبل بدء..
محمد كريشان: قبل.. قبل بدء..
ماجد عبد الهادي: قبل بدء الحرب، وحتى كان مجرد الإشارة، يعني أنا.. أنا أشرت مرة في أحد التقارير إلى هذه البلبلة التي أصابت الصحفيين على ضوء هذه التحذيرات، وأثار ذلك مشكلة، لنشاهد هنا تقريراً قصيراً يتحدث عن وضع الصحافة في بغداد قبل عشية الحرب.
محمد كريشان: نعم.. نعم.
تقرير/ ماجد عبد الهادي: وكان أبرز المؤشرات على اقتراب موعد الحرب المحتملة قد عبَّر عن نفسه هنا بنوع من البلبلة في صفوف الصحفيين الأميركيين، والغربيين عموماً، بعدما قيل إنهم تلقوا تحذيرات من مصادر رسمية أميركية دعتهم فيها إلى تغيير أماكن عملهم وإقامتهم، وهو ما انعكس على مختلف الطواقم الصحفية العربية والعالمية العاملة في بغداد.
ومع اضطرار الصحفيين للرحيل من فندق إلى آخر، ومن ضفة على نهر دجلة إلى الضفة المقابلة، لم يعد السؤال المطروح هنا: هل ستندلع الحرب أم لا؟ بل كم من الأيام بقي لاندلاعها؟ وكيف وبأي درجة من العنف والقسوة ستكون؟
محمد كريشان: ماجد هذا تقرير لم يجد استساغة في.. في..
ماجد عبد الهادي: نعم، هذا التقرير أظن أن (الجزيرة) بثته لمرة أو لمرتين، ثم استُدعيت إلى وزارة الإعلام العراقية في الحادية عشر ليلاً، وقيل لي لدى.. أن.. أن من المحتمل إبعادي عن بغداد لمجرد أنني ذكرت.. قالوا لي في وزارة الإعلام في ذلك اليوم مدير عام وزارة الإعلام: أن الأميركيين أنفسهم لم يجرؤوا على قول ما قلته.. ما قلته في هذا.. في هذا التقرير عن بلبلة، أنت الذي تخلق البلبلة الآن في أوساط الصحفيين.
الذي حدث لاحقاً هو أن وزارة الإعلام العراقية سمحت لنا بالانتقال إلى فندق فلسطين، ولكن العمل بقي في وزارة الإعلام، باستثناء (الجزيرة) وافقوا لنا في اليوم الأخير على أن نواصل العمل.. نواصل البث من مكتب (الجزيرة)، ولكن ما أن بدأت الحرب، ما أن اندلعت الرصاصة الأولى للحرب، وبدأنا البث من مكتب (الجزيرة) حتى فوجئنا بعد حوالي ساعة (بوزير الإعلام العراقي) محمد سعيد الصحاف وقد أتى إلينا إلى (الجزيرة)..
محمد كريشان: يعني شخصياً جاء.
ماجد عبد الهادي: نعم، وهو يمتشق بندقية ومعه مسلحين مستنكراً أننا نبث من.. من مكتب (الجزيرة)، وهو الذي كان بنفسه الذي كان قد أعطى الموافقة على ذلك.
محمد كريشان: نعم، ننتقل إلى باريس وروبرت مينار (السكرتير العام لمنظمة مراسلون بلا حدود)، سيد مينار استمعت معنا لشهادات زميلينا كبداية على الأقل في هذا الحوار ومنظمة (Reporteurs sans frontieres) أدانت في نفس الوقت في بيانات منفصلة تعامل العراقيين.. الحكومة العراقية السابقة مع وسائل الإعلام، وتعامل القوات الأميركية والبريطانية مع الصحفيين، كيف هو تقييمكم لمثل هذا التعامل؟
روبرت مينار: أولاً ينبغي أن نتكلم عن أرقام، تعرفون بالضبط أن عشرة صحفيين قد قُتلوا، 4 آخرين أو 5 بالضبط تم إصابتهم، بالإضافة إلى اثنين مختفين حتى الآن، إذن الأرقام مروعة، إنها إحدى الحروب.. من أقسى الحروب التي شهدتها الصحافة، أو غطتها الصحافة وهو أمر مروع ومهم في نزاع استغرق ما يقل عن شهر، أول عنصر مهم إذن في هذا الأمر هو هذا.. هذه الأرقام المخيفة، العنصر الثاني: وهو أننا رأينا الحدود التي يقع تحتها أي صحفي من الطرفين، سواء من طرف التحالف أو من الطرف العراقي، وعلى الرغم من تلك الحدود، فإني أظن أننا نستطيع القول أننا شهدنا زملاءً قد غطوا بشكل رائع هذه الحرب بالمقارنة بالحرب الثانية، أي حرب 91، أي أننا كان لدينا صور فقط تأتي من مصدر واحد، صور خضراء تأتي تصور سماء مدينة الكويت بأضواء، هذا كل شيء عن كل ما يحدث في هذه الحرب، وكان الصحفيون في هذا الوقت على قدر كبير من الضغط، ولا يحصلون إلا على معلومات من قوات التحالف في ذلك الوقت، يبدو لي أن اليوم تغيرت الأشياء بشكل جذري، وأقول على رغم من تلك العوائق والمعوقات التي شهدها الصحفيون من القوات المتحالفة، ومن السلطات العراقية، فإننا قد استطعنا أن نشهد مالم نره من قبل، آراء مختلفة، تضارب في الآراء، وكان لدينا صور مؤثرة، ومن أطراف متعددة، رأينا صوراً لم نكن نراها من قبل، هذا من ناحية، لأن الصحفيين نتيجة كثرتهم في هذا العمل تركت لهم السلطات سواء العراقية أو قوات التحالف الفرصة في التصوير، ثم هناك سبباً آخر لهذا.. لهذه التغطية الممتازة للحرب الثانية أو الثالثة للعراق هو روح التنافس، ففي 91 كان هناك الوجود الوحيد لمحطة CNN الأميركية، أما اليوم ففي داخل الصحافة الأميركية نفسها هناك عدة محطات فضائية، ثم هناك أيضاً المحطات العربية الفضائية، وهناك تنافس شديد بين CNN و(الجزيرة)، وهذا هو الذي.. أو هذا التنافس هو الذي يعبر بشكل قوي عن اختلاف الآراء في هذا الأمر، وهو ما أعطى لنا تغطية أفضل ومعلومات أعمق بالنسبة للرأي العام، والآن علينا أن نتكلم ومرة أخرى عن سلوك قوات التحالف والسلطات العراقية السابقة أو النظام العراقي السابق، لأن كل منهم قد عاق عمل الصحفيين.
محمد كريشان: نعم، تأكيداً لكلامك هذا السيد مينار، مراسلنا محمد السيد محسن وهو الآن في البصرة، يعني حتى بعد انتهاء الحرب، وهو ليس بالصحفي المرافق للقوات البريطانية.. المعلومات التي لدينا تقول بأن القوات البريطانية صادرت منه الكاميرا ومنعته من التصوير واعتقلته، ولكنها أطلقت سراحه فيما بعد، ولكن المعدات ظلت محتجزة، وهنا نسأل عمرو الكحكي الذي رافق القوات الأميركية في جنوب العراق، وعلى فكرة -هنا فقط لمجرد التذكير- موضوع القوات المرافقة يعني كانت.. البعض يشير إلى أنها فكرة قديمة أصلاً كانت في الحرب العالمية الأولى والثانية، وكانت حتى هناك رتب عسكرية للصحفيين الذين يذهبون للتغطية، ولكن هذه المرة ربما اكتسبت طابع آخر، بالطبع يحد من الحركة، ولكن في نفس الوقت عمرو أنت التقيت بالناس، وكانت لديك ضغوطات أخرى يعني ليس فقط الضغوط الميدانية العسكرية التي أشرت إليها، كان عليك أن تراعي أيضاً زملاءك في.. في بغداد، لو.. لو تحدثنا عن هذه النقطة تحديداً.
عمرو الكحكي: أولاً اللقاء بالناس لم يكن بالأمر اليسير في البداية، يعني حينما جئنا بأول ردود أفعال من منطقة أم قصر حينما دخلنا على باب المدينة، أو على الطرف الخارجي للمدينة..
محمد كريشان[مقاطعاً]: حين سُمح لكم بذلك.
عمرو الكحكي: حين سُمح لنا بذلك.
محمد كريشان: بالضبط.. بالضبط.
عمرو الكحكي: بعد أن طلبنا مراراً.. طلبنا بأن ندخل إلى مبنى الأمم المتحدة المجاور للميناء، كانت هناك دائماً حجج، وكانت هناك عملية رفض لنقلنا لأماكن مختلفة، كانت هناك ردة فعل من الجنود الموجودين في الوحدة، كان الضابط المرافق لي يقول: الجنود هنا يشعرون بالقلق من مرافقة (الجزيرة).
محمد كريشان[مقاطعاً]: عفواً.. عفواً.. المرافق هو نفسه دائماً معك؟
عمرو الكحكي: نعم، هو نفسه دائماً معي، شخص واحد ومعه هذا برتبة نقيب..
محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني المرافقة.. المرافقة اللصيقة مثل كرة القدم يعني؟
عمرو الكحكي: نعم، برتبة نقيب، حتى.. حتى عندما انتقلنا إلى جنوب الناصرية، ولأول مرة نبيت داخل أربع جدران، صحيح الشبابيك كلها مكسورة والزجاج مكسور والأبواب مخلوعة، ولكن داخل أربع جدران كان سريري وسرير المصور بين هذا النقيب.. بين سرير هذا النقيب وسرير رقيب يعمل معه في الإعلام، على كل الأحوال، يعني حينما سُمح لنا أن نتحرك بعد مطالبات كثيرة اصطُحبنا إلى مدخل مدينة أم قصر لمدة تسع دقائق فقط، فيها كانت عصبية شديدة جداً من هذين العسكريين، النقيب والرقيب لأنهما يخشيان من أن يتصيدهما قناص أو شيء، هذه المسألة.. مسألة الـ Security مسألة الأمن، خوفهم من.. من.. من أي طارئ قد يحدث، خاصة وأنهم في هذه المرة حينما اصطحبونا إلى مدخل المدينة لم يكن الاصطحاب في إطار قافلة، كانت سيارتنا وحدها..
محمد كريشان[مقاطعاً]: كان أول..
عمرو الكحكي[مستأنفاً]: وكنا أربعة أشخاص.
محمد كريشان: كان أول احتكاك، هم أيضاً..
عمرو الكحكي: وكان أول احتكاك لهم مباشر مع المدنيين، الناس تحدثوا معنا بصراحة، لكن كنت أرى في العيون اختلاطاً ما بين أننا يعني ننزل من سيارة فيها جنود أميركيون، فيعتقدون أننا تليفزيون أميركي أو تليفزيون القوات الأميركية أو البريطانية، فنشرح لهم أننا تليفزيون (الجزيرة) نتحدث معهم في هذا الشأن، يعني لا يستطيعون الحديث، ماذا يقولون؟ لا يدرون على أي أرض يقفون، هذه هي النقطة الرئيسية.
النقطة الأخرى: لما.. لما تحركنا وبعد ضغوط، وبعد مشاكل كبيرة جداً، لأننا كان يُنظر إلينا على أننا محطة العدو أو العدو المحتمل -كما قال لي هذا الضابط- خشية من الناس، لأننا المحطة التي كانت تذيع شرائط بن لادن في رأيهم، هكذا صور الإعلام الأميركي (الجزيرة)، هكذا تحدث المسؤولون الأميركيون عن (الجزيرة).
محمد كريشان[مقاطعاً]: حتى البريطانيون.. يعني -عفواً- حتى البريطانيون عمرو في حديث مع بعض الصحفيين يقول.. يقولون -وهذا أوردته وكالات أنباء- أنه مهمتنا أن نجعل الحياة صعبة بالنسبة إليكم يعني، وقالوا ذلك بشكل صريح للصحفيين.
عمرو الكحكي: أنا أقول لك -على سبيل المثال- هذه.. كانت هناك تفرقة لا لبس فيها بين معاملة (الجزيرة) -على وجه التحديد- ومعاملة وسائل الإعلام الغربية الأخرى، اكتشفت في يوم من الأيام أنه يُجرى كل يوم في الصباح (Briefing) يعني إطلاع على ما جرى من عمليات في الليلة الماضية، وما سيحدث في الليلة المقبلة للصحفيين الغربيين مع الضباط الأميركيين في آن واحد، أي أن المعلومة التي تُنقل للضابط الأميركي المسؤول المكلف بعملية يحصل عليها الصحفي الغربي، لم نُدع نحن إلى أي من هذه المرات، ولما سألت: لماذا؟ قيل لنا: لأنكم محطة صاحبة سمعة، قلت له: عفواً، هل لك أن تُوثِّق ذلك على ورق؟ إني أريد هذه المعلومة، ماذا تعني أننا محطة صاحبة سمعة؟ أريد تفسيراً سريعاً، وأقول لكم: إن كانت هذه التفرقة بيننا وبين وسائل الإعلام الغربية ستستمر، أنا لن أرضى بذلك، و(الجزيرة) لن ترضى بذلك أنا.. أنا كـ (جزيرة)، ممثل (الجزيرة) هنا على مدى فترة عملي لا يمكن.. لم أشهد مثل هذه التفرقة، عليكم أن توحدوا بيننا، ما يحصل عليه الغربيون نحصل عليه نحن، عادوا إلينا بعد.. بعد ثلاث دقائق وقالوا: نعم، الكل سيحصل على نفس المعلومات، ولكن بشرط: سنلغي حضوركم مع الضباط، سيحضر الضباط ثم يخرجون لكم لكي يطلعوكم على الأشياء.
تأثير الضغوط على مهنية وحيادية التغطية الصحفية للحرب
محمد كريشان: نعم عمرو يعني مثلما كان ماجد يراعي بعض الأمور، بما لا يتنافى -في النهاية- مع الحد الأدنى من.. من المهنية، أيضاً أنت.. هؤلاء الناس التقيت ببعضهم، وتحدثت مع بعضهم، وكانت لبعضهم آراء عنيفة جداً، أنت امتنعت عن.. عن بثها، يعني نريد أن توضح لنا قبل أن نشاهد مع بعض هذه اللقطات.
عمرو الكحكي: نعم، أولاً يعني كان.. كان جُل الغضب شهدته في الناصرية، حينما وصلنا إلى الناصرية، وأقمنا في معسكر جنوب المدينة، أول شخص كان شخصاً ربما شاهده المشاهدون جميعاً يبكي على مسألة تفتيش النساء، لم أستطع أن آخذ منه الكثير، ولكن لنشاهد هذا المشهد الذي يتحدث فيه عن الرئيس صدام حسين وعن الحرب برمتها.
مواطن عراقي: كله بدأ يفرهد، هذا يشيل ميس وذاك يأخذ مروحة، لأنهم محرومين من كل هذا، خيرات العراق موجودة، بس وينها هاي الخيرات؟ من عبد الكريم قاسم (…) إلى صدام حسين، وإحنا نعاني، كلها معاناة، شعب تعبان مُنهك، إحنا أتعس من فلسطين، فلسطين أفضل من عندنا بكثير.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر وليخسأ صدام، لأنه هو اللي أوصلنا لهذا اللي إحنا به، هو اللي خلَّى الأميركان يذلونا، وخلَّى اليهود يذلونا، وخلى نساءنا تنزع ملابسها على مو وتتفتش ليش؟.. ليش هذا؟ ليش؟ أيه مو يقولوا الرئيس.. رئيسنا وحبيبنا وإحنا نصيح صار سنين طويلة: بالروح بالدم نفديك يا صدام، طيب ياللا مو قال من يوصلون سوف أجعل منهم ستار على أسوار بغداد.
أي مو هم مطار بغداد، وين هم؟ وين رئيسنا؟ وين جيشنا اللي يقولون خليه يوصلون؟ أيه شو وصلوا؟ وإحنا نعاني، وللأسف ما أكو أي نتيجة.
محمد كريشان: عمرو.. باللغة التليفزيونية هذا يعتبر (Sound byte) قوي جداً، أنت استعملت بعض المقتطفات، وكانت أيضاً قوية في تقارير سابقة، مثلاً: هذه الإشارة للرئيس صدام حسين أو لغيره، لماذا لم تأخذها؟ يعني لنقل..
عمرو الكحكي: كان هناك اعتباران.. يعني.. أو هو اعتبار واحد، ولكن له شقين الشق.. الاعتبار هو الحياة، الحفاظ على الحياة.. الحفاظ على حياة زملائنا في بغداد أولاً، لأنه إذا بُث مثل هذا التقرير، لابد وأنهم سيتعرضون لضغوط شديدة ولا ندري، أنا عملت في بغداد من قبل.. قبل انضمامي (للجزيرة) لفترة، وأعلم تماماً مدى الضغط الذي يمكن أن يتعرض له الصحفي، لذلك خشيت على حياة زملائنا على وجه التحديد.
الشق الآخر: هذا المواطن.. هذه المسألة.. الحرب لم تكن قد حُسمت، الوضع لم يتضح، ربما هذا الرجل يمكن أن يلحق به أذى إذا ارتدت الأمور على أعقابها في إطار المسار الذي كان جارياً في ذلك الوقت.
محمد كريشان: نعم، قبل أن أتوجه بالسؤال لماجد، فقط أريد أن أوضح أنه مثلاً شبكة التليفزيون الأميركية CNN تعرضت لانتقاد شديد، لأنها كانت لديها معلومات عن بعض الفظاعات ولم تذعها وأيضاً أحد أفراد طاقمها اعتُقل وتعرض للتعذيب، ولم تتجرأ المحطة على أن تعلن ذلك، أيضاً -كما قال أحد مسؤوليها- حفاظاً على بقية الطاقم، وحفاظاً حتى على حياة هذا الذي اعتقل وأهله، ماجد يعني لو بُثَّ مثلاً هذا الأمر كان يمكن أن يؤذيكم بشكل واضح، خاصة وأنكم لستم ناقصين مثل ما يقولون؟
ماجد عبد الهادي: نعم، بالتأكيد يعني أنا حتى في.. في ظل عدم بث هذا التقرير وفي ظل المراعاة التي كنا نلحظها في تقارير الزميلين وضاح خنفر وعمرو الكحكي في الشمال وفي الجنوب، هم كانوا يغطوا في مناطق غير خاضعة للسلطة..
محمد كريشان[مقاطعاً]: كان هناك استياء من تقاريرهم؟
ماجد عبد الهادي: المركزية العراقية.. كان هناك استياء، ونحن سبق أن.. أن لوزير الإعلام العراقي أن طلب اجتماعاً خاصاً معنا، لبحث هذه المسألة. بل لتوجيه تهديد هو توعد بإعدام.. هكذا.. بإعدام..
محمد كريشان: بصريح العبارة يعني.
ماجد عبد الهادي: نعم بإعدام وضاح خنفر وعمرو الكحكي فور إلقاء القبض عليهما في أي مكان من العراق.
محمد كريشان: يعني حمد لله على السلامة يا عمرو.
ماجد عبد الهادي: هو توعد بذلك، وطالب.. يعني توعد (الجزيرة) أيضاً بإغلاق مكاتبها، إذا استمر الكحكي وخنفر في هذا الاتجاه الذي يعملان فيه.
محمد كريشان: ولكن ليس فقط عمرو ووضاح، أنت أيضاً كانت لك إشارة في أحد التقارير وأثارت الاستياء، يعني لو..
ماجد عبد الهادي: نعم.. نعم، يعني أنا أولاً لا أخفي أنني كنت على علاقات مهنية جيدة مع عدد كبير من المسؤولين العراقيين، ولكن فيما يتعلق بوزارة الإعلام يعني أود أن أشير هنا إلى أن الضغوط لم يكن دافعها سياسي في كثير من الأحيان في بعض الأحيان كانت هذه الضغوط خاضعة لحسابات مجموعة معينة في وزارة الإعلام، مجموعة قيادية في وزارة الإعلام، كانت لها حساباتها الشخصية الخاصة، أنا أتحدث هنا عن شيء من الفساد الإداري والمالي، كان من الممكن أن تتعرض (الجزيرة) أو أي قناة أخرى للضغط، ليس لأن الحكومة العراقية لها موقف من هذه.. بل لمجرد الضغط أو الضغط الذي قد يكون سببه فساد، رشوة، دُفعت من قناة أخرى لهذا المسؤول أو ذاك، لا أريد الآن أن أتحدث بالأسماء، ولكن أريد أن أشير إلى أن: ليست السياسة وحدها.. ليس الموقف السياسي وحده كان دائماً هو الدافع للضغط على هذه القناة أو تلك.
فيما يتعلق بالحادثة التي أشرت إليها، في يوم السابع من نيسان/ أبريل دخلت القوات الأميركية لأول مرة توغلت القوات الأميركية لأول مرة إلى وسط بغداد، واقتربت من وزارة الإعلام، اقتربت من فندق الرشيد، وسُئلت في أحد.. إحدى المقابلات مع (الجزيرة) في صباح ذلك اليوم عما إذا كانت القوات الأميركية قد دخلت فعلاً أو لا..
محمد كريشان[مقاطعاً]: نعم، إذن.. إذن لنتابعها..
ماجد عبد الهادي: لنتابع، نعم.
محمد كريشان: لنتابع هذا المقتطف ثم.. ثم تعلق.
ماجد عبد الهادي: أولاً لا يمكننا أن ننفي حدوث معركة، نشوب معركة الآن في وسط مدينة بغداد، وفي المنطقة بالفعل التي تقع فيها وزارة الإعلام، وتقع فيها بعض المؤسسات الحكومية، وهي.. منطقة سكنية واسعة، بناء على أصوات القصف.. أصوات تبادل القصف المدفعي وبالرشاشات الثقيلة، بناء على ما يصلنا من هذه المنطقة، لا يمكننا أن ننفي حدوث معركة بالفعل أو في الغالب في هذه المنطقة، ولكن لا نستطيع لا أن نؤكد ولا أن ننفي ما إذا كان الأميركيون قد دخلوا بعض هذه المؤسسات فعلاً أو لا، وكما قلت يعني الرواية الأميركية.. التجربة، الأنباء الأميركية منذ بداية هذه الحرب، لا تدفع.. لا تحمل كثيراً على.. على أن نصدق مثل هذه الرواية بشكل مباشر، وبدون تدقيق.
محمد سعيد الصحاف: وأنا ألوم (الجزيرة) مرة أخرى، أنها تُسوِّق للأميركان قبل أن تتأكد، أرجوكم دققوا، وأرجوكم لا تلعبون هذا الدور، ابحثوا عن الحقيقة، أنا أقول لكم كلام، ودائماً أطلب منكم أنه تدققوا.
محمد كريشان: إذن هذا.. إذن هذا التحذير كان موجهاً لك تحديداً يعني.
ماجد عبد الهادي: في البداية أنا لم.. أعتقدت أن أحد الزملاء الآخرين، لأنني كنت دقيقاً على ما أعتقد، دقيقاً جداً، في القول إنني لم أشاهد القوات الأميركية، تصل إلى المنطقة، أنا أسمع أصوات معركة، أصوات قصف، ولم أشاهد، لننتظر الرواية العراقية في هذا الموضوع، ولكن بعد.. بعد انتهاء هذا المؤتمر الصحفي، الذي عقده الصحاف، استدعاني، وعلى مرأى من عدد كبير من الصحفيين، هددني بقطع يديَّ، وإلقائي على الحدود العراقية، وشتمني شتائم، يعني لا يمكن الآن ذكرها على.. على.. الهواء، هذا كما قلت جزء من الضغوط، أنا أعتقد أن.. أنه لم يشاهد ما قلت، وإلا لما كان فعل ذلك، أعتقد أن بعض المسؤولين القريبين منه، هم الذين أوحوا له بذلك، خدمة لأغراض شخصية، ولأغراض لها علاقة ربما بالمنافسة مع.. مع قنوات أخرى، بعلاقتهم بقنوات أخرى.
محمد كريشان: إذن مازلتم معنا في هذه الحلقة من برنامج (ما وراء الأحداث) ونخصصها بالتحديد للضغوطات التي يتعرض لها الصحفيون في تغطيتهم للحرب، العراق سواء وهم يرافقون القوات الأميركية البريطانية، أو هم في العاصمة البريـ.. العراقية بغداد، أريد أن أنوه بأن حلقة يوم الخميس المقبل سنخصصها لمأساة المتطوعين العرب، هؤلاء الذين ذهبوا بكل حماس إلى بغداد، وإلى الأراضي العراقية، وعادوا بانطباعات تنشر الآن تباعاً في الصحف، نريد أن نخصص لها حلقة، ونريد من كل من له شهادة في هذا الموضوع، أن يرسلها لنا قبل يوم الخميس، على رقم الفاكس الذي ترونه الآن على الشاشة، 00974 وهو مفتاح قطر، 4887930 كل هؤلاء الذين لديهم شهادة، هم معنيون بها، أو يعرفون عنها، الرجاء الإرسال على هذا الرقم، حتى تكون جزء من مادة البرنامج.
[فاصل إعلاني]
محمد كريشان: سيد روبرت مينار في باريس، ما تابعته معنا الآن من شهادات وبالطبع هي مجرد أمثلة لكثير حالات أخرى تعرض لها الزملاء، هل تعتقد بأن هذا أثَّر على المهنية والحيادية في التغطية الصحفية بشكل عام لهذه الحرب؟
روبرت مينار: اسمعوني جيداً، أظن أن هناك مثال فرنسي يقول: "أن أول ضحايا الحرب هو الحقيقة"، وأظن أن هذا صحيح بعض الشيء، لأنه من الصعب على الصحفيين، أن يكونوا من مواطني بلد ما، وفي نفس الوقت مراسلين على قدر من الموضوعية والحياد لنفس البلد، أضف إلى ذلك أنكم قد رأيتم جيداً أنه من ناحية أو أخرى كان هناك ضغوطات مورست على الصحفيين، من أجل.. أثناء التغطية الصحفية لهذه الحرب على العراق، لقد قلتم لتوِّكم أن الصحفيين المتضمنين في القوات التحالف، ما يربو على 600 من الصحفيين، كانوا على قدر من.. تعرضوا لضغط كبير، لأنهم كانوا عليهم فرض أن يقدم صوراً وكلاماً، إلى تلك القوات التحالف، قبل الإرسال، أو قبل الإذاعة، وإنَّ reporteurs sans Frontieres أي هيئتنا قد شكت وشجبت هذا الموقف، وأنتم كـ (جزيرة) في المنطقة العربية تدركون تماماً كيف أن قوات التحالف الأميركية والبريطانية، لم تألُ جهداً، حتى في دفع أولئك الصحفيين بعيداً عن أماكن الحرب، قبل التنفيذ وأثناء التنفيذ، وعند ضرب فندق فلسطين، نعرف جميعاً أن هناك جزء من الصحافة الدولية، كانت تعمل في هذا الفندق، وأن reporteurs sans Frontieres أي صحفيين بلا حدود، قد تكلمت في هذا الوقت، وشجبت هذا الأمر، وتكلمت على أنها جريمة حرب، لأن الصحفيين وفقاً لاتفاقية جنيف، تحمي المدنيين، ومن ضمنهم بالطبع الصحفيين، هذا من الجانب القوات التحالف.
أما من الناحية الأخرى، السلطات العراقية، فلقد رأينا بالطبع، الضغوطات الكثيرة التي ذكرتموها، والتي مورست ضد الصحفيين، وعلى الأخص أولئك الذين لا يتكلمون العربية، وهذا ليس حال صحافيو.. صحافي (الجزيرة)، ولكن كان على الصحفيين الأجانب أن يصاحبوا دائماً، إذا شئت أن أقول كلمة جواسيس، يذكرون إلى وزارة الإعلام ووزيرها، كل نفس يتنفسوه، ويراقبون ماذا يفعلون بالضبط، بل يدفعونهم دفعاً بعيداً عن ساحة التصوير، والتغطية عندما تكون الأسئلة حرجة، ويمنعونهم في الأخير بممارسة عملهم بحرية، رغم كل ذلك وأعيد وأكرر أن.. أن التغطية لهذه الحرب، كانت أفضل مما كان عليه الأمر في السابق، ما هو الاستنتاج في هذا الأمر بالنسبة للصحفيين المتضمنين في القوات التحالف؟ الأمر بالطبع كان بين يدي القوات المسلحة، ولقد شاهدنا تجارب.. تجارب مماثلة، مارس فيها الأميركيون هذا الأمر، تذكروا -على سبيل المثال- أثناء حرب فيتنام، حيث كان الصحفيون الذين يغطون تلك الحرب في نفس وضعكم، أي وضع الصحفيين المتضمنين مع القوات، يتعاملون مع ضباط، ولم يكن بوسعهم الانتقال من وحدة إلى أخرى، أو يركبون في هذه المروحية أو تلك، كانوا على قدر ضئيل من الحرية، إذن الآن عندما نتكلم عن تلك الممارسات والضغوط.. الضغوطات التي تمارس ضد الصحفيين المصاحبين لقوات التحالف، علينا أن نبتدع الطرق والوسائل التي تمكننا من الحصول على المعلومة رغم كل ذلك، إني إذا كنت هناك معكم كنت سأفعل مثل (الجزيرة) وكل من هم في مستوى (الجزيرة) من وسائل الإعلام الأخرى، أي أن أكون بالطبع قادراً على أن أدفع بصحفيي.. بصحفيين وبمراسلين في قوات التحالف، وفي نفس الوقت دفع فصيل آخر من رجالي إلى بغداد أي إلى تلك المناطق من العراق الخاضعة آنذاك للسلطة العراقية، حتى أستطيع أن أنقل الصورتين، ويستطيع المشاهد في هذا الوقت، أن -بفطنته- أن يعرف الفروقات عبر التغطية من الناحتين..
محمد كريشان: منظمة صحفيين بلا حدود أصدرت في الثامن من أبريل بيان أدانه فيه الإهانات التي كانت يتعرض لها الصحفيون، غير المرافقون للقوات الأميركية، إذا ما صادف أن ألقوا عليهم القبض، والبعض اتهموا بالتجسس، ورُحِّلوا وأبعدوا، أيضاً لجنة حماية الصحفيين، وهي مقرها نيويورك (Committee to protect journalists) أيضاً بعثت برسالة إلى (تومي فرانكس) قائد الأركان تشتكي فيها من إساءة معاملة بعض الصحفيين، سواء من المرافقين أو غير المرافقين.
عمرو، إلى جانب سوء المعاملة هذه، هل هناك رقابة على المواد، يعني لنكن صريحين، يعني مثلاً بعض الزملاء أو بعض المشاهدين، لم يكونوا يستسيغوا بالكامل أن تأتي المراسلات من صحفي مرافق للقوات الأميركية، وأحياناً يتهمونه بأنه موالي لهم أو يروج لوجهة نظرهم، في بعض تقاريرك الأخرى، شعرنا بأنك تحررت شيئاً ما من هذه الضغوط، خاصة عندما احتككت بالناس، لو تشرح لنا هذه النقطة، إلى أي مدى هذه الضغوط وهذه الرقابة تؤثر على استقلاليتك كصحفي مهني؟
عمرو الكحكي: كصحفي مهني، مصادر معلوماتك هي واحد من اثنين: عيناك أولاً، ما تشاهده وتراه على أرض الواقع، هذه حقيقة مُسَلَّمة، لأنك تراها وتعيشها، المصدر الثاني هو القوات التي ترافقها، ما لم تستطع أن ترى هذا الشق، ينقلون إليك معلومة إذا سألت، ماذا جرى مثلاً في ما يتعلق بمدينة أم قصر؟ ماذا يجري في القطاع الجنوبي من الميناء؟ ماذا يجري في الزبير؟ ماذا يجري في صفوان؟ يأتيك بإجابات، لا يريد أن يطلع على الكاميرا ويتحدث هو بها، ولكن يأتيك بإجابات فننسبها إلى من قالها، وليس لدينا تعليق، لأننا لم نرَ، يعني حينما أقول قال لي البريطانيون أو قال لي الأميركيون أو قالت لي القوات، أنا لا أستطيع أن أؤكد فقط، أنسبها إليهم وعلى عهدتهم ومسؤوليتهم وأتنصل من مسؤولية صحة الخبر، لكن ما أراه بعيني هو الصحيح وهو السليم، وما أراه وأستطيع أن أؤكده، هذه جزئية.
إذن ظلت عملية القيود على التحرك فترات طوال، كانت هناك ضغوط من ناحية (الجزيرة) من إدارة (الجزيرة) أيضاً في محاولة لكسر هذه القيود المفروضة عليَّ لكي أتحرك وأستطيع قليلاً أن أتحرك في وسط الناس، أعتقد بعد كل المشادات، وبعد يعني 12 يوماً أو 13 يوماً استطعت أخيراً أن أنزل إلى الناس وأبدأ في الحديث معهم، وهنا نبض الشارع هو الحقيقة الوحيدة كما قلت، في إحدى.. في أحد التقارير، نبض الشارع هو الحقيقة الوحيدة، لأن الشعب العراقي بين فكي رحى، هو ليس راضٍ عن وضعه، وليس راضٍ عما يجري وبالتالي هذه المسألة (..)
محمد كريشان: مرة أخرى يعني عمرو.. مرة أخرى نبض الشارع، يأتيك أحياناً بأشياء تكون جيدة لأي صحفي، ولكن أيضاً تدخل الاعتبارات التي أشرت إليها قبل قليل، لو نطلب من أبو فراس أن.. أن يعطينا هذا الشهادة التي كانت..
عمرو الكحكي: تخص علي حسن المجيد، نعم.
محمد كريشان: علي حسن المجيد، تفضل..
عمرو الكحكي: قبل بداية القتال كان بيقال بأنه علي حسن المجيد أخذ احتياطات وكلَّم الناس، ورؤساء القبائل والعشاير، عندك علم باللي جرى شو.. شو اللي صار؟
مواطن عراقي: علي حسن المجيد من.. قبل ما يصير الهجوم الأميركي على العراق، جمع رؤساء العشائر، وأنطاهم فلوس، إكراميات، وهددهم.. هددهم تهديد، وهددهم أنه قال لهم اللي.. هددهم بالإعدام طبعاً، لأن إحنا ما عندنا لغة بالعراق غير الإعدام، يعني الإعدام أبسط.. أبسط وسيلة لك، وإذا يعدمونك وتموت من وقتها أحسن لك يمكن أحسن ما يعذبونك وتبقى يمكن أشهر بالتعذيب، على ما تموت من التعذيب.
عمرو الكحكي: كيف المقاومة تكون ضعيفة في حين أنه فدائيين صدام مازالوا موجودين داخل، مازال فيه قدر من القوات العراقية يقال أنه الفريق علي حسن المجيد بيقود المقاومة من الداخل وأنه الأميركيين والبريطانيين ما دخلوا المدينة حتى الآن؟
مواطن عراقي: والله علي حسن المجيد خسئ، الجرايد ولابد بجهرة وهسه حتى ما يطلع بالناصرية، وإذا هو راجل ودا يوصل كلام خلوه يطلع، وخلي الناصرية يشوفونه، ما يطلع، هذا جبان، لابد وحتى إذا يدير معارك يديرها مو هو، ما يدير كل معارك هو، أصلاً هو كل ما عنده علم بالمعارك شنو، حتى مو عسكري هو ويدير معارك.
محمد كريشان: إذن هذه شهادة لأحد المواطنين التقاهم عمرو الكحكي في جنوب العراق، وتحدث فيها عن علي حسن المجيد، ماجد.. لو أذيعت هذه الشهادة كيف يمكن أن تكون وقعها بالنسبة لعملكم أنتم في بغداد وكنتم مجموعة يعني؟
ماجد عبد الهادي: يعني لو ترك الأمر لوزارة الإعلام وبعض المسؤولين في وزارة الإعلام، ربما كان يؤدي إلى إغلاق مكتب (الجزيرة) إلى توقيفنا كلنا، وربما ترحيلنا من بغداد، ومن الموصل والبصرة وقفنا عن العمل على..
محمد كريشان: هو.. هو.. هو ديار أُوقف عن العمل، وتيسير طُلب منه المغادرة فقط لأسباب أخرى، يعني ربما لو.. لو بُثت هذه الأمور كانت تنعكس بشكل..
ماجد عبد الهادي: فيما يتعلق بموضوع ديار وتيسير لم يكن هناك مبرر على الإطلاق، هم لم يقدموا مبرراً، وأريد أن أشير هنا إلى أن السياسة الإعلامية، السياسة التي انتهجتها وزارة الإعلام في التعامل مع الصحفيين هي كانت سياسة وزارة الإعلام على ما أعتقد سياسة مجموعة متنفذة في وزارة الإعلام، ولم تكن تحظى بالقبول لدى عدد كبير من كبار موظفي وزارة الإعلام، لم تكن تحظى بالقبول لدى معظم موظفي وكبار موظفي وزارة الخارجية بما فيهم الوزير ناجي صبري نفسه، نحن فيما يتعلق بحادثة التهديد التي تعرضت لها مثلاً، أنا جاء عدد كبير من المدراء العامين من كبار موظفي وزارة الإعلام ووزارة الخارجية، واعتذروا لي باعتبار أن ذلك لا يعبر عن موقف العراق، أنا سمعت مثلاً استياء من بعض موظفي وزارة الخارجية، كبار موظفي وزارة الخارجية على قرار إبعاد أو طرد الـCNN من بغداد، اعتبروا ذلك ضاراً في مصلحة العراق، لا أعتقد أن السياسة التي انتهجها الصحاف فيما يتعلق بالإعلام كانت تحظى بالقبول حتى لدى الوزارات الأخرى، لدى مؤسسات الدولة نفسها.
محمد كريشان: نعم ماجد، قبل قليل عمرو تحدث عن الدقة في التحركات، ولابد أن يكون مرافق، ولابد أن يكون كذا وكذا، ماذا بالنسبة إليكم في بغداد، يعني البعض كان بعض المشاهدين العاديين يتذمرون من أنها لا ننقل وأغلب المحطات لا تنقل إلا هذا القصف، وبتعليق البعض يقول: لماذا لا تذهبون إلى مواقع القصف؟ لماذا لا تذهبون إلى المكان الفلاني إلى المكان؟
هل كان محظوراً عليكم التحرك؟
ماجد عبد الهادي: نعم.. نعم، كان هناك نوعان من الرقابة، الأول: هو وجود مرافقة قبل الحرب حتى كان من الضروري أن يكون معك مرافق من الملزم.. من الإلزامي أن يكون معك مرافق لدى توجُّهك للعمل بالقيام بأي تحقيق صحفي، بأي مقابلة صحفية، بعد الحرب حتى هذه أصبحت غير متاحة، أصبحت الجولات الصحفية تنظَّم بشكل جماعي لكل الصحفيين، وإلى أماكن محددة من تلك التي يستهدفها القصف، إلى أماكن مدنية، تجمعات سكنية تعرضت للقصف الأميركي البريطاني، أُشير هنا إلى نوع آخر من الرقابة أعتقد أنها.. أنه تركز على (الجزيرة) أكثر من غيرها، فيما يتعلق بالقنوات الأخرى كان الصحفيون يستطيعون قول ما يشاءون أحياناً، ولكن في قنوات غير مُتابعة بشكل واسع، لا تحظى بمتابعة كبيرة، كان ذلك يمر في بعض الأحيان، ولكن فيما يتعلق بـ(الجزيرة) كان كل المسؤولين العراقيين.. كل مسؤولي وزارة الإعلام يتابعون كلمة بكلمة كل ما.. ما.. يُقال عليها ويراجعوننا فيها، ويوجهون لنا التحذيرات، يعني على مدار العشرين يوماً تلقينا ما لا يقل عن عشر إنذارات بإغلاق مكتب (الجزيرة) إذا استمر كذا أو إذا قلتم كذا، أو إذا قال فلان كذا.
تقييم نتائج الحرب على العراق إعلامياً
محمد كريشان: نعم، نعود إلى باريس والسيد روبرت مينار. سيد مينار، لو أردنا أن نستخلص العبر من التغطية الصحفية لهذه الحرب بشكل عام، هل تعتقد بأن الظروف التي جرت فيها هذه الحرب، وخاصةً ما قيل عن نوع من البروباجندا تورطت فيها أطراف إعلامية من هذه الجهة أو تلك، هل تعتقد بأن ربما كسبت الولايات المتحدة الحرب ميدانياً، ولكن الإعلام الأميركي ربما أو الإعلام الغربي بشكل عام قد لا يكون كسب معركة المصداقية، وهذه معركة مازالت يعني لم تُكسب بعد؟
روبرت مينار: اسمعوني أيضاً -يقول السيد مينار- أظن أن حتى اليوم فإن في كل صراع مسلح هناك جبهة مسلَّحة، ثم هناك جبهة دبلوماسية، ورأيناها في معارك الأمم المتحدة، ثم هناك الجبهة الإعلامية، إذن من ربح على الجبهة الإعلامية أظن أنه بخلاف الحرب الثانية في الـ91، فإن العلاقات مترابطة ببعضها البعض في هذه اللحظة، إذ.. إذن لم يكن هناك معركة محسومة على الصعيد الإعلامي كما هو الحال الآن، أي أن في فترة التحالف الأولى في الـ91 كانت الحرب الإعلامية محسومة، أما الآن فإن عليَّ أن أقول أنه في البلاد الغربية فإن الأفكار التي طُوِّرت من قبل الوسائل الإعلامية الغربية كانت ذات أثر بالغ، لأنها تحتوي على آراء متعددة عما كان عليه الحال بالمقارنة بالحرب الأولى، عندما يمكن أن أتكلم عن ذلك.. أتكلم عن مختلف الآراء التي تعم أوروبا، أنا أتكلم هنا عن الإعلام الفرنسي، الألماني، البريطاني، الإيطالي، وما إلى آخره، والاختلافات في الآراء، ولكن في الأخير أستطيع أن أقول أنه على الرغم من الصعوبات التي واجهها الصحفيون من ناحية أو أخرى، وكان لكم الحق هنا عندما أشرتم إلى الصعوبات التي وُضعت أو العراقيل التي وُضعت سواء من الجانب قوات التحالف أو من نظام صدام حسين، وعلى الرغم من.. من العائقَيْن أقول أننا نحن كمستهلكين للمواد الإعلامية -كنا أكثر علماً بما حدث، إذن سؤالك من كسب الجبهة الإعلامية؟ أنه لغز بين الـCNN و(الجزيرة) أظن أن لا أحد قد ربح، الذي ربح هو المشاهد، لأنه تمكن للمرة الأولى هذا المشاهد من أن يحظى من.. برأيين مختلفين.
هل الصحفيون يستطيعون التغطية بشكل احترافي تلك النزاعات المسلَّحة؟ رداً على ذلك أقول أنه فيما يتعلق بـ(الجزيرة) فإن الصعوبات التي واجهتموها سواء من العراقيين.. من السلطات العراقية أو من سلطات قوات التحالف تشهد بأن التغطية الإعلامية لقناة (الجزيرة) كانت بالأخير تغطية قوية لهذا الصراع، وأستطيع أن أقول أن هذه الأمور من الممكن أن تُوجَّه أيضاً إلى وسائل إعلامية أخرى عانت من.. من نفس مشاكلكم من الطرفين، وهذا يعني أن بعض الوسائل الإعلامية الأخرى رغم كل تلك العراقيل تمارس عملها بشكل لا بأس به، بالطبع لديَّ بعض النقد لبعض وسائل الإعلام الأخرى فيما يتعلق بما قيل، تذكروا -على سبيل المثال- التصارع الجهات الغربية ووسائل الإعلام الغربية عندما طالت الحرب بعض الشيء عما هو متوقع، أي بعد أسبوع من الحرب، كانوا يقولون إن هذا هو مثال فيتنام يُعاد من جديد إلى ذاكرة الناس، إذن كان هناك نوع من أنواع المبالغة في إظهار وجهة نظر، ولكن في الأخير أعيد القول وأكرر: أظن أن التغطية كانت أفضل بكثير مما كان عليه الحال من حرب الخليج الثانية، وأننا ينبغي علينا في وسائل الإعلام المختلفة، ونحن أيضاً في هيئتنا أن نستطيع أن نتدارس بعض الأمور، وأن نستخلص بعض العبر والدروس ومعرفة كيف نستطيع أن يتم احترام الصحفيين من قبل الصبغة المدنية لهذا الصحفي، وأن.. المؤمنة له والمعطاة له من قِبل اتفاقية جنيف، وإني أكرر أن الطرفين لم يترددا في خرق تلك البنود الملزمة لاتفاقية جنيف، والتي من المفترض أنها تحمي أولئك الصحفيين لكونهم مدنيين.
محمد كريشان: نعم، عمرو وماجد، في دقيقة لكليكما، ما هي العبر عموماً التي يمكن استخلاصها؟
عمرو الكحكي: أولاً: هذه التجربة تجربة مرافقة القوات لم تكن على عمومها سيئة، طبعاً كنا من جانب نتحقق من.. من الوضع على الأرض، هو المشكل في الأفكار المسبقة التي جاءت بها القوات الأميركية، المشكل أيضاً، وقد تلقينا يعني عبارات للسلوى وللتعازي في على هذه المعاملة حينما عُدنا من المسؤولين في قاعدة السيلية هنا طبعاً قالوا: إن هذا الشكل من أشكال المعاملة لم يكن لائقاً، نتأكد من.. من الدروس أيضاً أن هناك رقابة بشكل، وإن كانت غير مباشرة، مثل أن يُؤتى بشخص يعرف العربية ليسمع ما أقوله في إحدى المقابلات فينقلها إليهم، كأن يتم التدخل في أحد التقارير، مثلاً عندما تم منع استخدام هاتف الثريا، وقيل لنا لا يمكنكم الحديث عن قدرات العدو في الحرب الإلكترونيةً إذا.. يعني إذا قُدِّر -لا قدر الله- في حرب أخرى وكان لابد من إعادة هذه التجربة، لابد من النقاش مع أي قوات ستكون.. سيكون الصحفي برفقتها، ماذا نريد خاصةً وأنهم كانوا يريدون منا أن نغطي فقط الجوانب الإنسانية، المعونات وهذه الأشياء، وهذا بالطبع ليس الصورة الحقيقية الكاملة، الوضع عسكري والوضع إنساني، وبالتالي لابد وأن يتم التفاهم على ذلك من قبل حتى تكون التغطية متوازنة.
محمد كريشان: ماجد.
ماجد عبد الهادي: يعني أنا أود أن أشير إلى نقطتين.
الأولى: هي أن كل الضغوط التي تحدثنا عنها سواء من الأميركيين أو العراقيين وصلت ذروتها، يجب ألا ننسى أن هذه الضغوط وصلت ذروتها، وصلت نقطة خطيرة وحرجة للغاية بإطلاق النار على الصحفيين، بإطلاق الصواريخ على مكاتب (الجزيرة) أولاً، ثم (أبو ظبي)، ثم (رويترز)، وأنا أريد هنا أن أستهجن الحديث في.. في الغرب عن قصف فندق فلسطين فقط، هناك تجاهل لأن.. لحقيقة أن مكتب (الجزيرة)، ثم مكتب (أبو ظبي) قُصف، وأن هناك زميل شهيد هو طارق أيوب، هذه نقطة.
النقطة الثانية: هي أن شهادة كل منَّا بحكم هذه الضغوط مجتمعة شهادة كل منَّا، شهادة كل صحفي في هذه الحرب تبقى شهادة ناقصة ومجزوءة لوحدها، هذه الحرب ستظل الحقيقة فيها هي الضحية، طالما لم تكتمل، لم تُوحَّد شهادات كل الصحفيين، طالما لم يُكشف النقاب عن الكثير من الكوارث والمآسي التي تسببَّت في.. فيها الحرب، وكانت بعيدة عنا، بعيدة عن الكاميرات، بعيدة عن وسائل الإعلام بشكل عام.
محمد كريشان: نعم، شكراً جزيلاً لماجد عبد الهادي ولعمرو الكحكي ولضيفنا في باريس سيد روبرت مينار (السكرتير العام لمنظمة مراسلون بلا حدود).
أُنوِّه مرة أخرى بأن حلقة الخميس المقبل -بإذن الله- سنخصصِّها لمأساة المتطوِّعين العرب الذين ذهبوا إلى العراق، ونطلب من كل السادة المشاهدين المعنيين بهذا الأمر، والذين لديهم شهادات، سواءً من تجربة شخصية، أو من تجربة يعلمون علم اليقين بأنها حقيقية وذات مصداقية أن يبعثوا لنا بهذه التجارب على رقم الفاكس الذي تشاهدونه الآن على الشاشة: 00974 مفتاح قطر 4887930.
إلى أن نلتقي في حلقةٍ مقبلة تحيةً طيبة، وفي أمان الله.