ما وراء الخبر

على ضوء تصريحات بلينكن بشأن أزمة تونس.. في أي صف تتخندق واشنطن؟

رأى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة السوربون الدكتور محمد هنيد أن القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لا تريد دعم الديمقراطية في تونس لأنها تتعارض مع مصالحها، محذرا من تكرار سيناريو سريلانكا.

وفي تعليقه على بيان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والذي دعا فيه إلى ما سماه إصلاحا شاملا وشفافا في تونس، قال هنيد إن المواقف الغربية عموما من الأوضاع في تونس أو غيرها من الدول العربية تقتصر على الخطابات والشعارات دون الفعل، وهي لا تشجع على الممارسة الديمقراطية بدليل أن واشنطن تاريخيا هي من أعطت الضوء الأخضر لانقلابات وحروب في المنطقة.

غير أن المشكلة في تونس -كما يضيف المتحدث لحلقة (2022/7/28) من برنامج "ما وراء الخبر"- لا تتعلق بمواقف الخارج، وإنما بسلطة ومعارضة تتصارعان في ظل غياب مشروع اقتصادي، واتهم القوى المعارضة والنخب السياسية بأنهم ركبوا على الثورة التونسية وأسهموا في عودة الاستبداد من جديد إلى تونس، داعيا إلى محاسبة الجميع، سلطة ومعارضة.

وقال إن الصراع بين السلطة والمعارضة وغياب مشروع اقتصادي فتحا الباب أمام صندوق النقد الدولي لمحاولة فرض رؤيته على تونس من خلال تكبيلها بقروض تسمح له بوضع يده على ثرواتها وتحويلها لدولة "متسولة" كما حدث في مصر.

وبينما أشار إلى الوضع الاقتصادي الصعب في تونس، حذر الضيف التونسي من مغبة ذهاب تونس إلى النموذج السريلانكي أو اللبناني، مستشهدا بمقال صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times) البريطانية التي وضعت تونس ضمن نحو 20 دولة من البلدان النامية مهددة بمصير مشابه لما حدث في سريلانكا بسبب المشاكل الاقتصادية والديون المتراكمة.

إعلان

موقف واشنطن صعب

ورفض مدير دراسات الديمقراطية والحكم في جامعة جورج تاون الدكتور دانيال برومبرج ما ذهب إليه محمد هنيد من أن الولايات المتحدة لا تدعم الديمقراطية في تونس، وذكر أن السفير الأميركي والحكومة الأميركية مارسا ضغوطا خلال الثورة التونسية من أجل أن يكون هناك حوار وطني مع الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، إضافة إلى مساهمة واشنطن -يقول الضيف- في وضع أسس الديمقراطية في تونس وتكريس مبدأ المشاركة في السلطة.

وبشأن بيان بلينكن، أعرب الضيف الأميركي عن اعتقاده بأنه يهدف إلى وضع واشنطن على طريق دعم حوار وطني تونسي شامل وتشارك فيه كل أطراف المعارضة، لكنه أقر بأن ذلك غير كاف. ووصف موقف الولايات المتحدة بالصعب والمعقد إزاء ما يجري في تونس، لكنه شدد على أن موقفها هذا يختلف عن موقفها الداعم للنظام المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي.

وكان وزير الخارجية الأميركي أصدر بيانا للتعليق على مسار الأحداث في تونس بعد الاستفتاء على الدستور الجديد فيها، وما رافقه من جدل. وقد دعا بلينكن في البيان إلى ما سماه إصلاحا شاملا وشفافا في تونس لاستعادة ثقة ملايين التونسيين الذين لم يشاركو في الاستفتاء، أو من عارضوا الدستور الجديد، وأكد أنه يحث السلطات التونسية بشكل خاص على وضع قانون انتخابي يؤسس لانتخابات تشريعية نزيهة في ديسمبر/كانون الأول القادم.

وأضاف بلينكن، في البيان، أن بلاده تدعم تشكيل حكومة ديمقراطية خاضعة للمساءلة في تونس.