ما وراء الخبر

مظاهرة حاشدة ترفض قرارات سعيّد.. هل وصلت رسالة المتظاهرين في تونس؟

قال أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية جوهر بن مبارك إن المظاهرة التي خرجت اليوم في تونس العاصمة نجحت في إيصال رسالتها للرئيس قيس سعيد، وما وصفها بسلطة الانقلاب؛ بأن الشارع ليس ملكا لأحد.

وأضاف -في حديث لحلقة (2021/9/18) من برنامج "ما وراء الخبر"- أن الرأي العام التونسي منقسم حول "الإجراءات الانقلابية التي قام بها سعيد، وأن التونسيين لن يسكتوا أبدا على انتهاك حريتهم والانقلاب على مسار الانتقال الديمقراطي".

وأوضح جوهر بن مبارك أن رسالة المظاهرة وصلت عبر المشاركة الواسعة، والشعارات الواضحة ضد الانقلاب، والمطالبة بالعودة إلى الشرعية الدستورية، وعودة عمل المؤسسات الدستورية، والتنديد باحتكار السلطة من قِبل رئيس الجمهورية، الذي يُؤذن بقيام حكم استبدادي تم التصدي له اليوم وسيواصلون التصدي له مستقبلا.

وشهدت العاصمة التونسية مظاهرة مناهضة للإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، ورفعت المظاهرة -التي تتزامن مع مرور تونس بأزمة سياسية واقتصادية خانقة- شعارات رافضة لما وصفته بالانقلاب، داعية لعودة المسار الديمقراطي ووقف الملاحقات الأمنية والقضائية العسكرية بحق معارضي سعيّد.

وقال الداعون للمظاهرة إنها جاءت لكسر حواجز الخوف والترقب حيال الغموض الذي باتت تعيشه الساحة التونسية؛ على وقع إجراءات الرئيس سعيّد الاستثنائية المثيرة للجدل.

وبينما كان سعّيد يشير في تصريحاته وتلميحاته بخصوص ما يريد فعله بالواقع السياسي في تونس استنادا إلى ما درج على وصفه بالاستجابة لرغبة الشعب التونسي؛ حرصت مظاهرة العاصمة تونس على إبراز الصوت الرافض لخطط سعيّد وممارسات الأجهزة الأمنية، التي يقول منتقدوه إنها تشير إلى بوصلة بعيدة عن احترام الدستور والحريات، وخدمة مصالح البلاد.

ورفع المحتجون شعارات تطالب بالحفاظ على مكتسبات الثورة التونسية -لا سيما الحريات- التي يقولون إنها باتت مهددة في ظل الملاحقات الأمنية والقضائية العسكرية لعدد من معارضي سعيّد.

دليل على الحرية

في المقابل، رأى عضو المجلس الوطني التأسيسي السابق رابح الخرايفي أن خروج المتظاهرين اليوم دليل على أن حق الحرية المكفولة دستوريا ما زال ساريا، مشيدا بتأمين وزارة الداخلية المظاهرة.

لكن الخرايفي عبّر عن مخاوفه من اللجوء إلى الشارع، خاصة إذا ردّ أنصار سعيّد بالتظاهر، مما قد يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف بين الجانبين.

وشدد الخرايفي على أن مطالب المتظاهرين اليوم لا تعبر عن مطالب الشعب التونسي، بل هي مطالب حزبية فقط.

وعلى العكس من ذلك، رأى أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية جوهر بن مبارك أن "الحريات حق مصون للشعب التونسي، وهبها دم الشهداء، ولا يمكن لأحد أن يتباهى بالسماح للتونسيين بالتظاهر، فهو حق مكفول للجميع".

وأضاف أن هناك مجموعة من الحريات والحقوق تم انتهاكها بشكل كبير منذ تاريخ 25 يوليو/تموز الماضي، الذي وصفه بتاريخ الانقلاب على الدستور.

وأوضح جوهر بن مبارك أن من بين هذه الانتهاكات فرض الإقامات الجبرية -أو ما وصفها بالسجون المنزلية- بحق المعارضين، وكذلك منع سفر المئات من المواطنين -وبينهم نواب وقضاة ووزراء ورجال أعمال وغيرهم- بشكل عشوائي، ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وهو اختراق كبير لدولة القانون، إضافة إلى العديد من حالات التوقيف والمحاكمات العشوائية، مبينا أن كل ذلك يدل على أن الحقوق والحريات أصبحت مهددة في تونس، على حد قوله.

وفي حين أشاد بن مبارك بتأمين وزارة الداخلية المظاهرة، بعد أن قدّم المنظمون إعلانا رسميا للوزارة بنيتهم التظاهر، فإنه رأى أن ذلك جاء إثر الاعتداء الكبير على مجموعة من المتظاهرين قبل أسابيع، وهو ما أدى إلى إقالات في صفوف الداخلية.