ما وراء الخبر

مع اتهامات التعنت والتصعيد والتدويل.. ما مآلات أزمة سد النهضة إذا أًنجزت التعبئة الثانية دون اتفاق؟

قال السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري السابق إن الاتهامات التي وردت في رسالة إثيوبيا إلى مجلس الأمن الدولي باطلة، مؤكدا أن أديس أبابا تصر على فرض سياسة الأمر الواقع على مصر والسودان.

وأضاف هريدي -في حديث لحلقة (2021/5/3) من برنامج "ما وراء الخبر"- أن الادعاء بأن اتفاق التعاون العسكري بين مصر والسودان مُوجّه إلى إثيوبيا غير حقيقي، لأن مصر أكدت دائما خلال جولات التفاوض على ضرورة التعاون بين دولة المنبع (إثيوبيا) ودولتي المصب (مصر والسودان).

وأشار هريدي إلى أن الإستراتيجية الإثيوبية تقوم على وضع مصر والسودان أمام الأمر الواقع، إضافة إلى توجيه الاتهامات لهما بتعطيل التوصل لاتفاق على خلاف الحقيقة.

وعن اتهامات إثيوبيا لمصر والسودان بتدويل أزمة سد النهضة، قال هريدي إن من حق أي دولة عضو في الأمم المتحدة اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي باعتباره الجهة المنوط بها بحث كل ما يتعلق بالأمن والسلم الدوليين.

واعتبر هريدي أن أزمة سد النهضة أزمة دولية منذ اليوم الأول لأنها تخص 3 دول أعضاء في الأمم المتحدة تخضع جميعها لقوانين تنظيم مجاري المياه الدولية.

من جانبه، قال المحلل السياسي السوداني والخبير في فض النزاعات أمين إسماعيل مجذوب إن إثيوبيا اتبعت خلال السنوات العشر الماضية نهج شراء الوقت ووضع "أجندة" جديدة تتغير كل بضعة أيام.

واستعرض مجذوب تاريخا طويلا من تفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا خلال السنوات الماضية، باءت كلها بالفشل، بدءا من وساطة دولة جنوب أفريقيا، ثم لجنة الخبراء الأفارقة، مرورا برفض التوقيع على بيان قمة واشنطن، الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى فرض عقوبات اقتصادية على أديس أبابا، وصولا إلى قمة كينشاسا الأخيرة.

وأضاف مجذوب أن إثيوبيا رفضت أيضا مقترح السودان بوساطة رباعية تتكون من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأشار مجذوب إلى أن الملء الأول لسد النهضة العام الماضي أدى إلى "تعطيش" جميع محطات المياه السودانية، كما أدى فتح المياه إثر سقوط الأمطار إلى حدوث فيضانات شاهد العالم أجمع ضررها على السودان.

وعن عرض إثيوبيا تشكيل لجنة لمعاينة الأضرار التي وقعت للسودان بعد الملء الأول للسد، تساءل مجذوب: كيف نقبل بتشكيل لجنة بعد عام كامل من وقوع الضرر؟ واصفا المقترح الإثيوبي بأنه لا يعدو أن يكون مراوغة وشراء للوقت.

رد على تصعيد

في المقابل، قال الباحث والمحلل السياسي الإثيوبي موسى شيخو إن رسالة إثيوبيا إلى مجلس الأمن الدولي جاءت ردا على ما وصفه بالتصعيد غير المبرر خصوصا من السودان، معتبرا أن وراء هذا التصعيد أزمة داخلية.

وأضاف شيخو أن إثيوبيا قدمت مقترحات متتالية لحل أزمة سد النهضة، لكنها قُوبلت بالرفض، ولم تجد أديس أبابا من القاهرة والخرطوم سوى العزم على تدويل قضية السد ومحاولات متكررة لإفشال المفاوضات التي تتم برعاية الاتحاد الأفريقي.

وبعيدا عن أي مؤشرات للحل، تستمر أزمة سد النهضة الإثيوبي على وقع المعارك الكلامية بين أطرافها، ففي فصل جديد وجهت أديس أبابا اتهامات لمصر والسودان بالتصعيد والحشد العسكري، وبتعطيل المفاوضات والسعي لزعزعة أمن المنطقة.

وجاءت الاتهامات في رسالة إثيوبية إلى مجلس الأمن، تزامنت مع إعلان الخرطوم والقاهرة اتخاذ إجراءات -لم تذكرا تفاصيلها- تحسبا لإقدام أديس أبابا على تعبئة ثانية للسد دون اتفاق يسبق ذلك.

من جهتها، كشفت وزارة الموارد المائية والري المصرية أمس الأحد عن خططها لتفادي خطر التعبئة الثانية لسد النهضة، مشيرة إلى أنها على أتم الاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة وفقا لأسوأ الظروف، من خلال إدارة منظومة قوية لكل قطرة مياه.

وأشار المتحدث الرسمي باسم الوزارة محمد غانم إلى أن مصر ترفض عملية التعبئة الثانية بشكل أحادي، لأنها ستؤثر على مصر والسودان بكل تأكيد، وفق تعبيره.

وأضاف أن إثيوبيا لم تولد طاقة العام الماضي، ومن المحتمل بنسبة كبيرة ألا تولدها هذا العام، ولكنها تسعى لفرض سياسة الأمر الواقع، وهو ما ترفضه القاهرة.

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي إن التعبئة الثانية لسد النهضة دون اتفاق أمر خطير.

وكانت الوزيرة قد أطلعت الرئيس الأوغندي يوري موسفيني على موقف بلادها من التعبئة الثانية لسد النهضة، ونتائج المفاوضات الأخيرة. وأشارت إلى أن تعنت إثيوبيا ورفضها يجعلانها في خانة المعتدي الذي يستنفد الوقت لإنزال الضرر بالآخرين.

من جهته، وعد الرئيس الأوغندي بالاتصال برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أقرب وقت للتباحث معه لتقريب وجهات النظر، بما يؤدي إلى مفاوضات جدية.