ما وراء الخبر

لهذه الأسباب تراجع ماكرون عن تهديد تركيا واتصل بأردوغان لبحث أزمة شرق المتوسط

قال الباحث في الشؤون العربية والإسلامية صلاح القادري إن الموقف الأوروبي ووساطة الناتو بأزمة شرق المتوسط هما اللذان دفعا الرئيس الفرنسي للتراجع عن تهديده تركيا ومبادرته بالاتصال بالرئيس التركي.

وأكد القادري في تصريحات لبرنامح "ما وراء الخبر" في حلقته بتاريخ (2020/9/23) أن فرنسا تبنت -منذ بداية الأزمة التركية اليونانية بشأن الثروات في مياه شرق البحر المتوسط- موقفا متشددا من تركيا، وحاولت تصعيد الموقف الدولي ضدها والسعي لحشد موقف أوروبي ينتهي بفرض عقوبات عليها.

وأوضح القادري أن ماكرون وجد نفسه وحيدا في هذا الموقف ضد تركيا، في وقت تبنت فيه بقية الدول الأوروبية الكبرى، مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، موقفا يفضل التوصل لحل سياسي بين الجارتين بعيدا عن التصعيد والانحياز إلى جانب أي من الدولتين.

وبيّن القادري أن نجاح وساطة حلف الناتو في إقناع أنقرة وأثينا -العضوين في الناتو- على بدء محادثات سلمية بينهما، جاءت وأكملت سحب البساط من تحت أقدام ماكرون، الذي لم يجد أمامه سبيلا غير تقبل الأمر الواقع ومجاراته، فبادر بطلب الاتصال بالرئيس التركي.

من جانبه أكد المحلل السياسي التركي عمر فاروق كوركماز أن أنقرة منذ بداية الأزمة تبدي استعدادها للحوار، رغم تشديدها على التمسك بحقوقها وعدم التنازل عنها.

وقال كوركماز إن فرنسا تبنت منذ البداية موقفا تصعيديا عدائيا تجاه أنقرة في هذه الأزمة وبشكل لا يتفق مع قولها إنها تسعى للوساطة، بل إن الباحث التركي أكد أن الموقف الفرنسي كان أكثر تشددا من الموقف اليوناني، وإن تركيا تعتبر الآن أن الاتفاق مع اليونان أصبح أمرا سهلا، طالما أن تحلحلا طرأ على الموقف الفرنسي.

لكن المحلل الفرنسي فرانسوا شوفانسي اعتبر اتصال ماكرون بالرئيس أردوغان لم يتم إلا بعد تقديم أنقرة تنازلات في موقها المتصلب من الأزمة مع اليونان، ودافع عن الموقف الفرنسي، مؤكدا أن باريس سعت للوساطة وحل الأزمة بين الجارتين بطرق سلمية، مع إدراكها كثيرا من المغالطات في الموقف التركي.

العداء الفرنسي لتركيا
ولكن لماذا تعادي فرنسا تركيا؟ يرد القادري على هذا السؤال من خلال التصريحات الأخيرة التي أدلى بها ماكرون على خلفية الأزمة من اليونان، وطالب فيها تركيا بتقديم إجابات على سياساتها في سوريا وليبيا.

وهنا بيت القصيد، حسب القادري، فباريس تعتبر أن تركيا أثرت على مصالحها النفطية في ليبيا من خلال دعمها لحكومة الوفاق الشرعية، بينما تدعم باريس اللواء المتقاعد خليفة حفتر وفقا لتصريحات لوزير الخارجية الفرنسي لأكثر من صحيفة فرنسية موثوقة، وتحدث القادري عن خسائر كبيرة لحقت بشركة توتال الفرنسية.

لذا فإن فرنسا أرادت أن تستغل أزمة أنقرة مع اليونان للانتقام من الدور التركي في ليبيا، لكن الدول الأوروبية والناتو أفشلا خطط ماكرون.

ورغم إعلان فرنسا ترحيببها بالمحادثات التي ستجري بين اليونان وتركيا، فإن شوفانسي أكد أن باريس لا تعول كثيرا على هذه المحادثات، وهي لا تزال ترى أن أنقرة متشددة في مواقفها ولم تقدم التنازلات الكفيلة بإرضاء اليونان أو فرنسا.