
هذا ما ستجنيه الإمارات من دفعها السودان للتطبيع مع إسرائيل؟
قال الكاتب والمحلل السياسي عمر عياصرة إن الإمارات تسعى من خلال دفعها السودان إلى التطبيع مع إسرائيل، لتدشين مقاربة جديدة في المنطقة تقوم على أنه إذا أرادت أي دولة الحصول على حسن سلوك ورضا الولايات المتحدة، فلا بد أن يكون ذلك عبر التطبيع والتقارب مع إسرائيل.
وتعليقا على تأكيد صحيفة "واشنطن بوست" أن الإمارات هي التي رتبت للقاء الذي جمع رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا، قال عياصرة إن أكثر الدول التي استطاعت الإمارات أن تؤثر عليها وتدفعها إلى التقارب مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، هي مصر والسعودية اللتين رسخت لدى القادة فيهما أن استتباب أمنهم وبقاءهم على كراسيهم لن يكون إلا برضا إسرائيل.
وحول الفائدة التي ستجنيها الإمارات من لعب دور عرابة التطبيع، أوضح عياصرة لحلقة الثلاثاء (4/2/2020) من برنامج "ما وراء الخبر" أن الإمارات تظن أن هذا الدور يساعدها في إقناع واشنطن بمنحها دورا مميزا بالمنطقة.
وأكد أن أخطر ما في دور الإمارات هو ترسيخها في عقول حكام العرب أن إسرائيل دولة قوية لا أحد يقوى على مقاطعتها، وأن استقرار الأنظمة العربية ونيل رضا البيت الأبيض لن يتم بدون موافقة تل أبيب، مدللا على ذلك بالتقارب السعودي مع مؤسسات إسرائيلية في الفترة الماضية للتقليل من ردة الفعل الأميركية الغاضبة إثر جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.
رفض سوداني
من جانبه، أكد عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوداني كمال كرار أن ما أقدم عليه البرهان يمثل وصمة عار عليه، ويتحمل هو مسؤوليته، وأنه لا يمثل توجهات الشعب السوداني.
ومع أن كرار أشار إلى أن محاولات جر السودان إلى التطبيع مع إسرائيل لنيل رضا الولايات المتحدة بدأت منذ الفترة الأخيرة لحكم المخلوع عمر البشير، فإنه شدد على أن السودانيين بعد الثورة لن يسمحوا لقطار التطبيع أن يمضي على حساب مصالح الشعب الفلسطيني.
وتحدث عن قناعة لدى القوى الثورية السودانية بأن المكون العسكري في المجلس السيادي يغرد خارج السرب.
لكن الكاتب المصري محمد العطيفي استبعد أن تكون الإمارات هي من رتب اللقاء بين البرهان ونتنياهو، مؤكدا أن العديد من الدول العربية بدأت تتحدث علنا عن تقاربها مع إسرائيل، ولم يعد الأمر سرا، "فلا حاجة للإمارات أن ترتب اللقاء في أوغندا، وكانت تستطيع أن تعقده في أبو ظبي أو القاهرة".
وشدد العطيفي على ضرورة الفصل بين العلاقة مع إسرائيل وبين الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، مشيرا إلى أن من وصفهم بهامات القيادات العربية وهم "الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك السعودي سلمان" -حسب رأيه- عبروا عن رفضهم لخطة السلام الأميركية الأخيرة رغم العلاقات العلنية مع إسرائيل.
واعتبر أن من حق السودان أن يقيم علاقات مع إسرائيل لتحقيق التنمية الاقتصادية، وأن يجنح للسلام شأنه شأن الدول العربية الأخرى التي سبقته إلى ذلك.
لكن كرار اعترض على وجهة النظر هذه وقال إن الشعب السوداني لن يرضى أن يأكل لقمة مغمسة بدماء الشعب الفلسطيني، مشددا على أن الولايات المتحدة بدأت بإجراءات لإزالة العقوبات عن السودان ورفع اسمه من قائمة الإرهاب بعد الإطاحة بالبشير.
واستنكر عياصرة الحديث عن تنمية تجنيها أي دولة عربية تقيم علاقات مع إسرائيل، متسائلا عن الوضع الاقتصادي الذي آلت اليه كل من مصر والسلطة الفلسطينية والأردن بعد عقود من توقيع اتفاقيات السلام مع تل أبيب.
وتساءل عياصرة: لماذا يصر البعض على أن التنمية لن تأتي إلا عبر إسرائيل؟ ولماذا لا تكون التنمية عبر التقارب مع الصين أو كوريا الجنوبية أو أوروبا؟