ما وراء الخبر

تحقيق فض اعتصام الخرطوم.. هل كشف حقيقة الأحداث وكيف تراه قوى الحراك؟

ناقشت الحلقة تأكيد لجنة تحقيق سودانية ضلوع ضباط من قوات نظامية في مهاجمة المعتصمين أمام القيادة العامة بالخرطوم وارتكاب انتهاكات بحقهم. وتساءلت: كيف ستتعامل مع هذا التحقيق ونتائجه قوى الحراك؟

قال أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشؤون الإستراتيجية الرشيد محمد إبراهيم إن صدور تقرير لجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة العامة بالعاصمة السودانية الخرطوم "خطوة مهمة" تحسب لصالح إنفاذ مبدأ التقاضي، لأن اللجنة حققت في "جريمة" أثارت الرأي العام السوداني.

وأضاف –في حلقة (2019/7/27) من برنامج "ما وراء الخبر"- أن التقرير يفهم في سياق الاتفاق الذي تم بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، وحسم بشأن هذه القضية بتحويلها من "ملف سياسي إلى ملف عدلي وقضائي" تقوم به لجنة مختصة، وهذا التقرير "أنجز ذلك" كما يُفهم من عدم تعليق المجلس وقوى الحرية على نتائج اللجنة.

وأوضح إبراهيم أن الشراكة بين هاتين الجهتين أفضت إلى تشكيل هذه اللجنة، واللجان عادة تتبع الأطراف التي تكلفها بمهماتها وبالتالي فإن سكوت الطرفين ينمّ عن رضاهما عن عمل اللجنة، وليس ذلك بالضرورة "تسوية" بينهما لملف دماء الشهداء الذي هو قضية رأي عام سوداني.

وأكد أن القانون الجنائي السوداني يعتمد في المحاكمة على المسؤولية الفردية وهو ما اعتمدته اللجنة، وإذا كانت هناك ثغرات في التحقيق فإنه يمكن تداركها ولكن لا يمكن إصدار اتهام بأنه سعى لتبرئة "ضباط معينين"، وما دام العسكر هم المتورطين في أحداث فض الاعتصام فإنهم لن يحاكمهم إلا القضاء العسكري.

أما الكاتب الصحفي وعضو تجمع المهنيين السودانيين محمد الأسباط فرأى أن قوى الحرية والتغيير لن توافق على نتائج هذا التحقيق، خاصة أن "تجمع المهنيين السودانيين" أعلن موقفه الواضح الرافض للجنة وعملها، لأنها خالفت الاتفاق بين المجلس وقوى الحرية الذي يقضي بتشكيل لجنة مستقلة وليس لجنة حكومية.

مصداقية معدومة
ووصف لجنة التحقيق الحالية بأنها "معيبة" لأنها تجمع في عضويتها خصما كان مشاركا في "جريمة الفض"، حيث تضم مستشارين قانونيين يمثلون قوات الدعم السريع ومؤسسة الجيش وقوات الشرطة وجهاز المخابرات؛ ثم إن الفض لم يكن خاصا باعتصام الخرطوم فقط بل شمل جميع الاعتصامات على عموم التراب الوطني، إذ تعرضت للفض بالقوة "في ساعة صفر واحدة".

وأشار الأسباط إلى تنظيم مظاهرات عمت البلاد رافضة لنتائج تقرير اللجنة "المعيب والذي أغفل حقائق كثيرة"، إذ تم استجواب أقل من 60 شخصا أكثرهم من العسكريين مع أن الشهود بالمئات، وهناك عشرات الفيديوهات التي سجلت ما دار في الاعتصام، ولذا فإن عمل اللجنة "عبث سياسي لا قيمة له" ولن يقبل به أحد من قوى الحرية ولا من الشارع السوداني.

ومن جهته؛ أكد الخبير القانوني سيف الدولة حمدنا الله أن نتائج تحقيق اللجنة يعني النائب العام السوداني وليس الأطراف السياسية، لافتا إلى أن الاتفاق بين هذه الأطراف يقضي بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة ليس فيها مناديب عن الأطراف المتهمة بالأحداث، وعليها أن تصدر نتائجها بعد الاتفاق السياسي النهائي بينما هي الآن استبقت بنتائجها حصول هذا الاتفاق.

ورأى حمدنا الله أن "جريمة الفض" اتُّهمت بالمشاركة فيها -منذ يومها الأول- قواتٌ نظامية من أربع مؤسسات، ووجود عناصر من هذه الجهات تتلقى توجيهات من قيادتها "يجعل اللجنة مخترقة وغير محايدة"، ثم إن النائب العام هو المختص وليس له أن يستعين بجهات هي محل شكوك. وأضاف أن التقرير يقول إن اللجنة وضعت النتيجة -وهي براءة المجلس العسكري- أمامها وبحثت في الحيثيات، وهو ما يهز الثقة في النائب العام باعتباره جهة مستقلة مكلفة بحراسة حقوق الناس.