ما وراء الخبر

تهديدات متصاعدة وتحركات ميدانية.. هل اقتربت الحرب بين أميركا وإيران؟

ناقشت الحلقة مدى دلالة تصريحات المسؤولين بأميركا وإيران والتحركات الميدانية الصادرة عنهما على قرب المواجهة العسكرية بينهما. وتساءلت: ما خيارات المنطقة والعالم لتلافي اندلاع حرب بين البلدين والتعامل مع تداعياتها؟

قال مدير الأبحاث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى باتريك كلاوسن إنه يتوقع زيادة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، مؤكدا أن واشنطن مهتمة بإجراء مفاوضات مع طهران ولكن القيادة الإيرانية -ممثلة في المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي- غير مهتمة بذلك، وعليها أن تدرك أن المواجهة العسكرية سيئة لجميع الأطراف.

وأضاف كلاوسن –في تصريحات له خلال حلقة (2019/5/10) من برنامج "ما وراء الخبر"- أنه لا يتوقع اندلاع مواجهة عسكرية بين البلدين، والدليل على ذلك هو أن واشنطن اتسمت بحذر شديد بشأن قصف استهدف مؤخرا مصالح أميركية بالعراق ونفذه محسوبون على إيران هناك، ولم تقل واشنطن إنه كان بأوامر إيرانية.

وبشأن طبيعة قواعد التفاوض الجديدة التي يريدها ترامب من طهران؛ أوضح كلاوسن أن ترامب يريد مفاوضات لصفقة كبرى تضم البرنامج النووي لإيران وبرنامجها الصاروخي، إضافة إلى ضبط التحركات الإيرانية في المنطقة التي تقلق حلفاء أميركا في الخليج وإسرائيل. ووصف ترامب بأنه "صادق" حين يقول إنه قد يحاور الإيرانيين ويعقد صفقة معهم، إلا أنها -إن حصلت- ستكون سرية ولن يُعلم بها إلا بعد أشهر؛ فذلك ما تريده طهران.

شروط استسلام
أما أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة طهران حسن أحمديان فأكد أن لدى الحرس الثوري الإيراني مجموعة من القدرات تمنحه الثقة بأن أميركا لن تجرؤ على مهاجمة إيران عسكريا، مشيرا إلى أن عشرات القواعد الأميركية تقع في مرمى النيران الإيرانية، كما أن ملاحة سفن الطاقة العالمية المصدرة من الخليج ستكون في خطر كبير، والإيرانيون يدركون أن أولوية واشنطن الأولى هي ضمان حرية الملاحة في الخليج.

وأوضح أحمديان أن هناك إجماعا إيرانيا على الاستعداد للمواجهة وعدم الرضوخ لشروط إدارة ترامب، وهذا الإجماع يشمل –إضافة إلى الحرس الثوري- مؤسسة المرشد الأعلى ومجلس الأمن القومي والحكومة، لأن التفاوض وفق ما يراه ترامب معناها الاستسلام لأميركا في سياسة إيران الخارجية وتجريدها من حلفائها الإقليميين كما تريد واشنطن.

ورأى أنه لا يوجد حاليا توجه إيراني نحو التفاوض مع أميركا ما دام منطق الاستسلام هو السائد لدى إدارة ترامب التي تغلق كل الأبواب ثم تطلب المفاوضات من أجل الإذعان، وأكد -في المقابل- أن الحرب لن تكون خيارا للإيرانيين لكنهم لن يستسلموا إذا هوجم بلدهم وسيدافعون بقوة.

حرب كلامية
ومن جهته؛ يرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية حسن البراري أن هناك تغيرا في فهم واشنطن لإستراتيجية إيران يقول إنها انتقلت إلى إستراتيجية التحرش بأميركا في العراق، لافتا إلى أن واشنطن قد تكون غير راغبة في الحرب ولكن الحرب حين تندلع لا تكون دائما برغبة طرف ما، بل بمنطق تداعي الأمور بعد بلوغ أطرافها حافة الهاوية.

وذهب البراري إلى أن القيادة الإيرانية ربما ترى أن التحرش بأميركا مخرج لها من أزماتها، مع أنها تدرك أن موازين القوة ليست في صالحها رغم قدرتها على إيذاء المصالح الأميركية في المنطقة؛ كما أن ترامب قد يقع تحت ضغط مستشاره للأمن القومي جون بولتون الذي قد يُلجئ إيران لتكون البادئة، فيكون ذلك مشجعا لترامب على خوض الحرب معها وإحراز نصر كاسح عليها.

ووصف التصريحات الإيرانية القوية بأنها "حرب كلامية" ووسيلة لطمأنة الصف الداخلي ومحاولة لرصّه في مواجهة الخطر الأميركي الداهم، بينما هي في الحقيقة ستلجأ للتفاوض ولكنها تريد الآن تحسين شروط التفاوض عبر تهديد الاتحاد الأوروبي بالانسحاب من الاتفاق النووي. ورأى أن الخاسر عموما هو الشعب الإيراني المحاصر والذي سيخسر أكثر جراء الحرب إن وقعت.