ما وراء الخبر

بعد انكشاف دعمها العسكري لحفتر.. ما حقيقة دور فرنسا بالصراع الليبي؟

ناقشت هذه الحلقة حقيقة الدور الفرنسي في الصراع الراهن في ليبيا، وذلك في ضوء الكشف عن إنزال بارجة فرنسية زوارق ومعدات وأسلحة بميناء رأس لانوف الذي يخضع لقوات خليفة حفتر.

قال الباحث الفرنسي في المعهد الأوروبي للاستشراف والأمن بيير برتولو إن الدعم الذي تقدمه فرنسا إلى قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر له عدة تفسيرات؛ منها أنه لمّا تردد الحديث عن اتصال الرئيس الأميركي دونالد ترامب هاتفيا على حفتر مقدما له دعم إدارته، أرادت فرنسا أن تأخذ نفس الموقف رغم أنه سيقوّض موقفها في ليبيا الذي يجب أن يكون عاملا وسيطا في الأزمة.

وأضاف برتولو –في تصريحات للجزيرة ضمن حلقة (2019/4/26) من برنامج "ما وراء الخبر"- أن ماكرون يراهن على قدرة حفتر على حسم المعركة لصالحه، وبالتالي يرى أن عليه أن يدعم الأقوى من أطراف الصراع، رغم أن الحل العسكري يبدو بعيد المنال في ليبيا لأن طرابلس مدينة كبيرة وقد لا تسقط.

وأشار إلى أن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون "لا يتصرف بحكمة في ليبيا"، والسبب في ذلك أنه يتلقى ضغوطا من حلفائه الخليجيين (الإمارات والسعودية) الذين يشترون الأسلحة الفرنسية، ويطالبون باريس بدعم حفتر لكي يشتروا منها أسلحة إضافية. وأكد أن هؤلاء شركاء اقتصاديون وعسكريون هامون جدا لفرنسا، ومن الصعب أن تمارس عليهم ضغطا أو تظهر لهم انزعاجها من دعمهم لحفتر.

وأوضح أن الأطراف الليبية ترفض الوساطة الفرنسية في الصراع وخاصة حكومة الوفاق التي باتت تفضل بلدا يتسم بالحياد مثل إيطاليا. كما أن فرنسا تخشى أن تصبح معزولة نتيجة لعلاقات حفتر مع روسيا التي صارت لاعبا قويا في الفضاء العربي، وكذلك نتيجة للموقف الأميركي الجديد بعد تواصل ترامب مع حفتر، بينما لم يتصل برئيس حكومة الوفاق فائز السراج ليعبر له عن رفض واشنطن لهجوم حفتر على طرابلس.

تورط موثق
أما المحلل السياسي الليبي جمال عبد المطلب فيرى أنه لا مصداقية للرواية الفرنسية التي تؤكد سفيرتها في ليبيا ووزارة خارجيتها عدم انخراط باريس في الصراع الليبي، وأنها فوجئت بهجوم حفتر على طرابلس ولا تدعم إلا مساعي الحل السلمي. وأكد أن الدليل على التورط الفرنسي هو قصة الضباط الفرنسيين الذين خرجوا من غريان وقبضت عليهم تونس وتم ترحيلهم من جربة بطيارة خاصة.

وتساءل عبد المطلب: لماذا تعول فرنسا على جنرال قاتل للأبرياء ولا تراهن على الشعب الليبي الذي يريد تأسيس دولة ديمقراطية؟ لافتا إلى أن تفسير ذلك يكمن في أن فرنسا ليس جديدا عليها التدخل في أفريقيا، خاصة أن ليبيا قريبة من مستعمراتها المليئة بالمعادن الثمينة التي تستحوذ عليها الشركات الفرنسية.

واتهم الإمارات والسعودية بأنهما وعدتا باريس بالنفط الليبي إذا انتصر حفتر لأنه مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "رأس واحد يمكن التعامل معه وليس حكومة منتخبة" ستغلب مصالح الشعب الليبي، وقد تتحالف مع تركيا وألمانيا وإيطاليا وتحرم فرنسا من الكعكة. كما اتهم السيسي بأنه حرض ترامب على ليبيا وقال له إنها ليست جاهزة للديمقراطية وإن الانتخابات ستأتي بالإسلاميين، وإن حفتر سيمكّن أميركا وحلفاءها من ليبيا ونفطها.

ووصف عبد المطلب الموقف الأميركي بشأن ليبيا بأنه "ليس في المستوى لكنه ليس مع حفتر بالكامل"، مضيفا أن مواقف ترامب متناقضة وتتغير يوميا، وإدارته مختلفة معه في موقفه من حفتر، لأن وزير خارجيته مايك بومبيو وصف حفتر بـ"المارق" قائلا إن الحل في ليبيا لا بد أن يكون سياسيا. وأكد أن حسابات فرنسا وترامب وبن زايد والسيسي "خاطئة كلها"، لأن فرنسا بالذات تعرف من خلال متابعتها الاستخبارية ومراقبتها للميدان عبر الأقمار الصناعية أن حفتر يتراجع.