ما وراء الخبر

الأردن يقترب من بغداد.. فعمّن يبتعد؟

ناقش برنامج ما وراء الخبر في حلقة (2019/2/3) الدلالات السياسية للتقارب الكبير الذي شهدته العلاقات الأردنية العراقية مؤخرا، والذي تجسد في توقيع حكومتي البلدين العديد من الاتفاقيات التجارية والتفاهمات الاقتصادية.

رغم الأهمية الاقتصادية التي انطوى عليها الاجتماع الذي ضم مؤخرا رئيسي حكومتي الأردن والعراق، والذي أعلن فيه عن توقيع اتفاقيات وتفاهمات اقتصادية، فإنه حمل في طياته الكثير من الدلالات السياسية بالنظر إلى طبيعة الظروف الإقليمية وإعادة تشكيل التحالفات في المنطقة.

برنامج "ما وراء الخبر" في حلقته بتاريخ (2019/2/3)، تساءل عما إذا كان اقتراب الأردن من العراق يعني أنه بدأ خطوات عملية للتحرر من تحالفات تقليدية قديمة أصبحت مقيدة ومرهقة له، وأخذ بالاقتراب أكثر من دول في المنطقة تراوحت علاقته بها في الماضي بين الفتور وشبه القطيعة، وقد شهدت الفترة الماضية تقاربا أردنيا ملحوظا مع تركيا، وعلاقات أقل توترا مع إيران.

خيارات الأردن
وبحسب رأي الكاتب والمحلل السياسي عمر عياصرة، فإن اقتراب الأردن من العراق لا يعني أنه اختار الابتعاد عن حلفائه التقليديين مثل السعودية والولايات المتحدة، لكنه يبحث في الحقيقة عن مقاربة أكثر اعتدالا في علاقاته بالمنطقة، دون أن يظل مرهونا ومقيدا بعلاقات محددة.

وبحسب عياصرة، فإن زيارة الملك الأردني عبد الله الثاني الأخيرة للعراق، أحدثت اختراقا كبيرا في جدار الصد بين البلدين، وولدت تفهما أكبر لدى العراقيين بالنسبة لمواقف الأردن وخياراته السياسية.

وفيما يتعلق بمواقف حلفاء الأردن التقليديين -مثل السعودية- من التقارب مع العراق، رأى عياصرة أن السعودية قد تتفهم هذا التقارب، مشيرا إلى أن هناك محاولات سعودية لاختراق المشهد في العراق والتقرب من بغداد، لكنه نبه إلى أن السعودية قد لا تتفهم التقارب الأردني مع تركيا.

وعبّر عياصرة عن قناعته بأن الأردن خرج من منطقة التردد فيما يتعلق بالانفكاك الكامل من قيود تحالفاته القديمة، لكنه لم يتخذ بعد القرار الحاسم والخطوات الثابتة لتنويع علاقاته في المنطقة، مشيرا إلى أن النظام السياسي بالأردن يتعرض لضغوط شعبية وسياسية للتقارب أكثر مع دول في المنطقة، لا يوجد مبررات منطقية للجفاء معها.

ماذا عن العراق
وفيما يتعلق بالموقف العراقي والأسباب التي دفعت بغداد للتقارب مع الأردن، رأى إحسان الشمري مدير مركز التفكير السياسي أن التطورات الأخيرة التي يشهدها الإقليم بما فيها الضغوط الأميركية على إيران ورغبة العراق في تنويع تحالفاته وعلاقاته بما يضمن الحفاظ على مصالحه، هي من أهم الأسباب التي دفعت بغداد للتوجه أكثر نحو الأردن، رغم تأكيده أن العلاقات التجارية العراقية مع تركيا وإيران هي أكبر بكثير من تلك التي جرى التوصل لها مع الأردن.

وأكد الشمري أن العراق يرفض أن يكون تابعا لأي دولة في الإقليم، وأنه يريد أن يحافظ على سيادة قراره، منبها إلى أن بعض الأطراف الإقليمية قد لا ترضى عن التقارب الأخير مع الأردن، وهذه الأطراف بدأت تستغل المقربين منها من النواب لإثارة الضجة والحيلولة دون استكمال الاتفاقيات الأخيرة مع الأردن، بذريعة أنها لا تحقق مصلحة اقتصادية للعراق.

عياصرة من جانبه عبر عن أمله في أن يتمكن الأردن والعراق من تحقيق علاقة جديدة بينهما تقوم على تحقيق المصالح بغض النظر عن ظروف الإقليم وتجاذباته، مؤكدا على أهمية إدراك النظام السياسي الأردني لحقيقة الوجود والتأثير الإيراني في بغداد، ومحاولة الوصول لقدر من تطبيع العلاقات مع طهران بما يؤمّن له استمرارية الاتفاقيات التي وقعها مع بغداد.