ما وراء الخبر

زيارة رئيس الأركان الإيراني لجزيرة أبو موسى.. ما هي الرسائل ولمن التحذيرات؟

ناقشت هذه الحلقة دلالات زيارة رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري لجزيرة “أبو موسى” المتنازع عليها بين إيران والإمارات، وتحذيره -من هناك- دولا خليجية من التآمر مع الولايات المتحدة.

قال رئيس هيئة الأركان الإيراني اللواء محمد باقري إن بعض الدول الخليجية تدعو الولايات المتحدة الأميركية لتنفيذ ما دعاها مؤامرات في مياه الخليج. وأضاف باقري -خلال زيارته جزيرة "أبو موسى" المتنازع عليها بين إيران والإمارات– إن هذه الدول ستتحمل عواقب ومسؤولية هذه الدعوات.

حلقة (2019/1/1) من برنامج "ما وراء الخبر" ناقشت هذا الموضوع، وتساءلت: ما دلالة زيارة رئيس الأركان الإيراني لجزيرة "أبو موسى" -المتنازع عليها بين بلاده والإمارات- في هذا التوقيت؟ وما مغزى ودوافع تحذير القائد الإيراني دولا خليجية من التآمر مع الولايات المتحدة وتأكيده قوة حضور بلاده في المنطقة؟

مواجهة للاستهداف
في جوابه على سؤال: ما الذي تقوله زيارة باقري لدول الخليج التي خاطبها في تصريحاته؟ قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي فيصل عبد الساتر إن باقري -من وجهة نظر إيران- كان يزور أرضا إيرانية ذات موقع إستراتيجي ويتفقد قواته عليها، ومن استقدم القوات الأجنبية هو الذي يتحمل المسؤولية عما سيحصل تبعا لذلك، وإيران إنما تدافع عن نفسها.

وأضاف أن السؤال الذي يجب أن يوجه لبعض الدول الخليجية وخاصة الإمارات والسعودية هو: ماذا تريدون بتنفيذ السياسة الأميركية التي من ثوابتها استهداف إيران؟ مشيرا إلى أن طهران لم ترتح منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 لأنها كانت دائما مستهدفة في بنيتها، وهناك سناريوهات يمكن تحريكها في أي لحظة لإسقاط نظامها.

ونفى عبد الساتر أن تكون إيران عنترية في تصريحاتها قائلا إن بعض العرب هم من يجيدون العنتريات، وليس لديهم من القدرة العسكرية سوى الاستقواء بدونالد ترامب ليُسقط لهم إيران، وهم يدفعون له مئات المليارات من الدولار مقابل ذلك الوهم. وأوضح أن تصريحات باقري دعوة صريحة من إيران للتصالح مع الدول الخليجية، واعتراف منها بأن أمن المنطقة لا يمكن أن يتم إلا بتعاون دولها.

ومن جهته؛ أكد الكاتب والمحلل السياسي علي ناصر الدين أن الجيش الإيراني الذي يقوده باقري ليس قويا، بل الحرس الثوري وفيلق القدس أقوى منه. ورأى أن الإيرانيين يعيشون أزمة داخلية، وهدف تصريح باقري هو "شد عصب" الداخلي الإيراني لمواجهة العقوبات التي ستطبق قريبا على إيران، وليس موجها للخليج إلا بقدر قليل منه.

ووصف تصريحات باقري بأنها هوائية وعنتريات غير جدية لأن طهران تعرف أن أي مواجهة مع أميركا في الخليج ستكون نهاية لنظامها. واتهم طهران بأنها تستهدف الجميع بتصدير ثورتها بدءا ببيروت ثم سوريا واليمن، وتدخلاتها هي التي دمرت العالم العربي، وما فعلته بمساندتها لبشار الأسد في تدمير سوريا وقتل شعبها دليل على ذلك.

رسائل متعددة
وأوضح ناصر الدين أن أميركا لا تحتاج دعوة من الإمارات أو السعودية لتهاجم إيران، وإذا قررت واشنطن ذلك فإنها ستدمرها لأسبابها الخاصة. وطالب إيران بأن تكف عن "نشر الإرهاب وتمويله في المنطقة" وتبرهن على أنها جارة سلمية، وقال إن الإمارات تحاول حل مشكلة الجزر سلميا لكن إيران هي التي ترفض الذهاب للقضاء الدولي.

أما أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن البراري فقال إن السياق العام يقول إن موازين القوة في المنطقة تغيرت لصالح إيران والانسحاب الأميركي يقوي ذلك، ولذا تريد طهران توجيه رسالتين بزيارة باقري لجزيرة أبو موسى: الأولى داخلية هدفها لملمة الداخل ليتوحد أمام العقوبات وغيرها، والثانية خارجية تقول لبعض الخليجيين إن أميركا يمكن أن تتخلى عنكم كما تخلت عن الأكراد بسوريا.

وأشار إلى أن إيران تعرف أن أميركا تريد الانفكاك من الشرق الأوسط والذهاب إلى منطقة الباسفيكي التي تعتقد أنها أصبحت أكثر أهمية إستراتيجياً، وأكد أن إيران ليست معنية بمهاجمة الإمارات كما أن الأخيرة غير معنية بـ"تحرير" الجزر المتنازع عليها.

وشدد البراري على أن النظام الإيراني لديه ميزة "الصبر الإستراتيجي" مدركا أن أميركا ستخرج من المنطقة، وأنها تحاول -منذ تسلم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان السلطة- تشكيل "ناتو سني" ضدها بوصفها العدو الأول في المنطقة، ولذلك فطهران تقول للدول التي ستشارك فيه إن ذلك كلفته باهظة عليهم لأنها هي التي انتصرت في كل الصراعات الإقليمية.