ما وراء الخبر

تخلت عن شروطها السابقة.. لماذا تركت السعودية لترامب إعلان تعهدها بتمويل إعمار سوريا؟

ناقشت هذه الحلقة أبعاد ودلالات تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن موافقة السعودية على “المساعدة في إعادة إعمار سوريا بدلاً من الولايات المتحدة”، وبدون شروطها السابقة التي كانت تضعها لذلك.

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن السعودية وافقت على تمويل إعادة إعمار سوريا بدلاً من بلاده. وأضاف أنه من الجيد أن تساعد "دول فاحشة الثراء جيرانَها". وكانت السعودية قد ربطت دفع أي أموال لإعادة إعمار سوريا بتسوية سياسية، وبألّا تستفيد منها إيران أو أي قوات موالية لها.

حلقة (2018/12/25) من برنامج "ما وراء الخبر" ناقشت هذا الموضوع، وتساءلت: كيف يمكن فهم تصدي ترامب وليس الرياض للإعلان عن التزام السعودية بدفع أموال لإعمار سوريا؟ وما دلالة قبول السعودية بدفع الأموال لإعمار سوريا رغم عدم حصولها على أي ضمانة بألّا تستفيد إيران من تلك الأموال كما اشترطت سابقا؟

العجز السعودي
يرى الكاتب الصحفي السوري بسام جعارة أن ما قاله ترامب بشأن التمويل السعودي لإعمار سوريا يحمل أسئلة كثيرة، أحدها لماذا هذا الأمر الآن وواشنطن تعرف أن الإعمار ليس أمرا هينا أو سيحدث سريعا؟ وأضاف أن الانسحاب العسكري الأميركي من سوريا سيخلّف أسئلة كثيرة، وما زال الجميع ينتظر ردا سعوديا يؤكد أن الرياض لن تساهم في الإعمار إلا بعد انسحاب إيران ومليشياتها من سوريا.

وأوضح أن أميركا ستنسحب من هناك لأمرين يريد ترامب إبلاغهما للناخبين الأميركيين: أحدهما هو ما أكده عند نجاحه من أن بلاده لن تدفع دولارا في أي عمليات عسكرية تتم في الخارج، والثاني أن الانسحاب من سوريا هدفه تحويل الاشتباك الأميركي ليكون مع طهران بدلا من أنقرة.

ويعتقد جعارة أن روسيا هي التي تقف وراء طرح موضوع إعادة الإعمار لتقول إن الحرب في سوريا انتهت وبشار الأسد هو المنتصر فيها. وقال: "أعلم بلقاءات تمت بين علي مملوك (رئيس مكتب الأمن الوطني السوري) والسعوديين وكانوا يوافقون خلالها على بقاء بشار لكن بشرط انسحاب إيران، وهو ما لن يحدث لأن بشار لا يجرؤ على المطالبة به بسبب خطر الآلاف من مرتزقة إيران على عرشه".

وأكد أن الرياض لن تدفع شيئا للإعمار الذي سيكلف أكثر من 20 مليار دولار، لأنها لا تملكها بسبب أزماتها الاقتصادية وحاجة الشعب السعودي إليها إن وجدت؛ مشيرا إلى أن القيادة السعودية في ورطة في حال الموافقة على مطالب ترامب وإذا عارضتها أيضا. وأواضح أن واشنطن صارت تتصرف وكأن الرياض تابعة لها في كل شيء، خاصة بعد أن أصبح محمد بن سلمان يتكئ على ترامب لكي ينقذه من ورطة اغتيال جمال خاشقجي.

تغطية الانسحاب
أما الكاتب والمحلل السياسي عمر عياصرة فيقول إن ترامب تعرض لهجوم كبير في أميركا بسبب إعلانه الانسحاب من سوريا، ولكي يواجه ذلك الهجوم استخدم أداتين: أولاهما اتصاله مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمناقشة ترتيبات الانسحاب الأميركي، والثانية قصة إعادة الإعمار لتبقى لدى واشنطن ورقة سياسية تستخدمها في سوريا.

وأوضح أن ما قاله ترامب بشأن الإعمار جاء لتغطية انسحابه ولمواجهة الانتقادات الداخلية لقراره، وكأنه يقول للأميركيين المعارضين للانسحاب: نحن انسحبنا عسكريا ولكننا باقون في الساحة من بوابة الإعمار الذي ستموله السعودية، وهو لا يعبأ بمكانة الرياض لأنه يفكر بعقلية التاجر الذي يبتز الآخر ولا يعترف بمكانة الحليف.

وأضاف عياصرة أن مشروع الإعمار ليس خاصا بالسعودية وإنما هي ستتولاه بالنيابة عن أميركا، خاصة أن إدانة بن سلمان بملف اغتيال خاشقجي لا تسمح له الآن بأن يقول "لا" لطلبات ترامب، والرياض لن تعبأ بمن يحكم سوريا إذا نجا بن سلمان وبقي في الحكم، كما أن السعوديين لن يتحدثوا علنا عن مسألة الدفع لإعمار سوريا لأن ترامب اتصل بهم ووافقوا ولا يمكنهم تكذيبه.

وبشأن السؤال عن لماذا تتخلى الرياض عن شروطها السابقة للمشاركة في الإعمار، وهي انتفاء أي دور للأسد في مستقبل الحكم وإنهاء الوجود الإيراني في البلاد؟ يجيب عياصرة بأن الرياض لا يمكنها الآن إملاء أي شروط لأنها هُزمت إستراتيجياً في سوريا واليمن، وما يهمها الآن هو مستقبل بن سلمان في العرش. ومن سخرية اللحظة أن الرياض ستدفع أموالا لتثبيت المشروع الإيراني في سوريا ولفائدة الشركات الإيرانية.