ما وراء الخبر

تغرق السوق النفطية وتهوي بالأسعار.. لماذا تستهدف السعودية نفسها؟

ناقشت هذه الحلقة الدور السعودي في تراجع أسعار النفط، وتساءلت: لماذا تسعى السعودية إلى إغراق سوق النفط؟ وما هي خيارات الدول المنتجة لوقف هذا التراجع وتفادي وقوع مثله مستقبلاً؟

نقلت وكالة رويترز عن مصادر قولها إن إنتاج النفط السعودي سجل هذا الشهر 11 مليونا وثلاثمئة ألف برميل لأول مرة. وكانت أسعار النفط تكبدت نهاية الأسبوع الماضي خسائر كبيرة، وهبطت إلى أدنى مستوى لها خلال عام. وهو الأمر الذي رده الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى ما سماه تعاون السعودية، وطالبها بالمزيد.

حلقة (2018/11/26) من برنامج "ما وراء الخبر" ناقشت هذا الموضوع متسائلة: ما هي الأسباب التي تدفع السعودية إلى إغراق سوق النفط وخفض أسعاره رغم أنها أكبر المتضررين من هذه السياسة؟ وما هي خيارات الدول المتضررة من سياسة الرياض في مجال النفط لمواجهة هذه السياسة ومنع تطبيقها مستقبلاً؟

ما الأسباب؟
في إجابته على السؤال عن أسباب انخفاض أسعار النفط؛ يقول المستشار والخبير في شؤون النفط والطاقة مصطفى البازركان إن ذلك يرجع إلى خدعتين مارسهما ترامب، أولاهما أنه قال إن واشنطن ستجعل صادرات إيران النفطية في مستوى الصفر ثم تراجع بسماحه لها بتصدير 75% منها، والخديعة الأخرى هي أن الصادرات الأميركة تراجعت 900 ألف في سبتمبر/أيلول الماضي، ولذلك قررت أوبك بقيادة السعودية خفض الإنتاج.

وأضاف البازركان أن أوبك تراعي حاجات المستهلكين والمصدرين على حد السواء ولم تعد احتكارية كما يصفها ترامب، ولذلك فإن أسباب الانخفاض مختلفة عما يقوله ترامب لأن أوبك حين أقرت الزيادة كانت تحتاجها الأسواق وإلا لارتفعت الأسعار فوق 90 دولارا، ولذلك قد تتخذ أوبك –في اجتماعها القادم- خطوة معاكسة.

ويذهب أستاذ الاقتصاد في كلية أوكلاند مصطفى شاهين إلى أن أسباب انخفاض أسعار النفط سياسية واقتصادية معا، لكنها تعتبر سياسية في المقام الأول، لأن ترامب قال –إثر تفجر قضية جمال خاشقجي– إنه سيحمي الاقتصاد الأميركي ولن يتعامل بغباء مع الرياض في هذه القضية، ولذلك تحمل الضغط الداخلي عليه بسبب خاشقجي لكنه وفر أسعارا نفطية ميسورة للمستهلك الأميركي.

أما الكاتب والمحلل السياسي عمر عياصرة فأكد أن الرياض مستعدة لأن تضر بنفسها اقتصاديا لأنها لا تفكر أساسا إلا في الجانب السياسي؛ فقبل اغتيال خاشقجي كانت مواجهة إيران في صدارة الاهتمام السعودي، لكن قضية خاشقجي دفعتها أكثر لإرضاء ترامب بتقديم أسعار أرخص للنفط لكي يساعد في نجاة ولي العهد محمد بن سلمان من المحاسبة، حتى ولو أضر ذلك بالسعودية كبلد وبأوبك.

إلى متى؟
وبشأن السؤال عن موقف شركاء السعودية في أوبك وخارجها وخاصة روسيا؛ يرى البازركان أن أوبك الآن في أصعب فتراتها واجتماعها القادم سيكون صعبا جدا، لأن روسيا تفكر في زيادة الإنتاج لكون انخفاض قيمة عملتها "الروبل" يحفزها على ذلك، ولأن أي خفض في إنتاج أوبك سيتم تعويضه بالنفط الأميركي.

أما شاهين فقال إنه لا يتوقع أن تتفق الدول المنتجة للنفط على تخفيض الإنتاج، خاصة في ظل انخفاض الصادرات الإيرانية واتفاق القيادة السعودية مع ترامب على زيادة الإنتاج السعودي لخفض الأسعار وبالتالي تقليل الضغط الشعبي على ترامب، كما أن هناك حاجة لزيادة الإنتاج بسبب قدوم فصل الشتاء.

ويؤكد عياصرة أن ترامب سيواصل استثمار الحالة السعودية وحاجة بن سلمان للحماية والتثبيت في منصبه، ولذلك فإن الرياض في ورطة لأنها تتعامل مع ترامب الذي هو "تاجر مقامر" يستطيع استغلال نقاط ضعفها من أجل زيادة مشتريات السلاح وتحصيل تنازلات في ملف القضية الفلسطينية، وهذا الاستنزاف المتواصل يقلق الجميع خاصة إذا ظل ملف اغتيال خاشقجي مفتوحا.