
السعودية.. ما حصاد السياسات الجديدة لعهد ابن سلمان؟
سلطت تطورات قضية اختفاء الصحفي جمال خاشقجي الضوء على الجدل الدائر بشأن ما أصبحت عليه السياسات السعودية داخليا وخارجيا منذ صعود نجم الأمير محمد بن سلمان وتوليه ولاية العهد، في مسيرة تعاظمت الانتقادات بشأن الحصاد الفعلي الذي قادت المملكة إليه.
حلقة الاثنين (2018/10/15) من برنامج "ما وراء الخبر" ناقشت هذا الموضوع، طارحة على ضيوفها أسئلة من قبيل: كيف بدت بصمة الأمير محمد بن سلمان في موقع السعودية ودورها من خلال المطبات التي دخلت فيها المملكة منذ تقلده مناصب عليا تُوجت بولاية العهد؟ وكيف للسعودية أن تتدارك ما آلت إليه سياسات قيادتها في ظل الانتقادات الدولية المتصاعدة لها خاصة بعد اختفاء خاشقجي؟
الأكاديمي والباحث السياسي عماد الدين الجبوري نفى وجود أي إخفاقات بالمطلق في السياسة السعودية، ورأى أن هناك سياسات صائبة وأخرى خاطئة خاصة في العراق حيث تريد الرياض مجابهة نفوذ طهران بأذرع إيرانية، ومثل الانسياق مع المصلحة الأميركية عند تضاربها مع المصلحة الوطنية السعودية.
وهو يؤكد أن سياسة الرياض في اليمن كانت ناجحة لأن الحوثيين تم انحسارهم والحكومة الشرعية والمقاومة اليمنية تسيطر على 80% من البلاد.
أما عن السياسة في الداخل السعودي؛ فيرى الجبوري أن هناك إيجابيات تتمثل في التحديث والعصرنة الاقتصادية والاجتماعية، وبخصوص الاعتقالات يقول إنه يجب التمييز بين أصحابها وهم ثلاثة تيارات: التيار الصحوي الذي أثبتت الأحداث صوابية مواقفه؛ وتيار الحقوق المدنية الذي يجب دعمه؛ وتيار "من يسيرون ضد بلدانهم مثل الإخوان المسلمين"، وصدام الدولة السعودية معه مفهوم لأنها تعتبره إرهابيا.
إيجابيات وسلبيات
لكن كبير الباحثين في مركز العلاقات عبر الأطلسي بجامعة جونز هوبكنز السفير روبرت هانتر يؤكد أن محمد بن سلمان تحدث كثيرا عن الإصلاح وقام بحملة علاقات عامة في الغرب، وتتلخص إيجابيات سياسته في أنه داخليا سمح بدور السينما وقيادة النساء للسيارات وأعلن خطة لتطوير اقتصاد البلاد.
أما السلبيات فهي أنه واصل السياسات السعودية التقليدية التي ترمي لتعزيز الوهابية، وهو يعمل مع إسرائيل لتحجيم الفلسطينيين، إضافة إلى حصار قطر والمطالبة بإغلاق الجزيرة.
وأضاف أن الرياض تؤثر على سياسات أميركا في عهد دونالد ترامب الذي أكد صراحة –قبل أيام- أنه لا يمكنه خسارة المليارات المتحصلة من صفقات السلاح مع السعودية، وهو بذلك يتخلى عن قدرة واشنطن على صنع سياسات المنطقة ويتركها في يد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.
أما الكاتب والباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي فقد أكد أن السعودية بلد كبير ومهم للمنطقة خاصة بعد الشلل الذي أصاب الدول الكبرى فيها مثل مصر والعراق، لكن الرياض في السنتين الأخيرتين خالفت سياساتها القديمة المحافظة وغير المتدخلة في شؤون الغير، بل أصبحت تُحدث صخبا في الإقليم باتباعها سياسات متهورة.
وقد تجلى ذلك خارجيا في حرب اليمن التي خلفت 13 مليون شخص مهدد بالموت في أسوأ مجاعة منذ قرن حسب الأمم المتحدة، فلمن مصلحة هذه الحرب؟ كما خسرت الرياض لبنان الذي أصبح تابعا بالكامل لحزب الله، وكذلك قطر التي أطلقت الرياض النار على قدمها بحصارها لها.
وأوضح أن سبب تلك السياسات الخاطئة هو تغييب المؤسسة السياسية التقليدية لصالح القصر الملكي ومستشاري ابن سلمان الذين هم من أصحاب الثقة لا الخبرة، وهذا عكس مستشاري ملوك السعودية السابقين.
وأكد أنه بعد ما جرى لجمال خاشقجي لا بد أن تتغير أشياء في نمط صناعة السياسات السعودية بضغوط دولية، وربما يتم تغيير أشخاص أيضا من المستوى الثاني أو الثالث في نظام الحكم.