ما وراء الخبر

التقارير الأممية بشأن سوريا.. تواطؤ أم ضغوط؟

تناولت حلقة (16/1/2016) من برنامج “ما وراء الخبر” دلالات الكشف عن تدخل النظام السوري في صياغة التقارير التي يصدرها مكتب الأمم المتحدة بدمشق عن المناطق المحاصرة.
يبدو أن الأزمة السورية تأبى إلا أن تفاجئنا كل يوم بفظاعات وغرائب جديدة تضاف إلى كل مآسيها وتعقيداتها، فقد شكل الكشف عن تغيير موظفي مكتب الأمم المتحدة في دمشق صياغات التقارير الدولية الخاصة بحصار المدن -وخاصة مضايا– مأساة أخرى تكشف عن كارثة تتعلق بمصداقية المنظمة الدولية، وسط تساؤلات إن كان يمكن الوثوق بها فيما بعد؟

وكان موقع "ميدل إيست آي" البريطاني قد كشف -نقلا عن مصدريْن مستقليْن ورسالة إلكترونية- أن مكتب الأمم المتحدة للإغاثة في دمشق سمح للنظام السوري بإجراء تغييرات على تقريره وغيّر مصطلحات بناء على طلبه. وخضع المكتب لتدخل النظام وحذف كلمة "محاصرة" عند الحديث عن مضايا واضعا بدلا منها عبارة "يصعب الوصول إليها", واستبدل كلمة "أزمة" بكلمة "نزاع"، من ضمن تعديلات عدة.

حلقة السبت (16/1/2016) من برنامج "ما وراء الخبر" تناولت دلالات الكشف عن تدخل النظام السوري في صياغة التقارير التي يصدرها المكتب الأممي بدمشق عن المناطق المحاصرة، وكيف أثر هذا التدخل على الأوضاع المأساوية في المناطق المحاصرة؟ وما هي خيارات المنظمة الدولية لترميم مصداقيتها واسترداد الثقة بنزاهة تقاريرها؟

الكاتب الصحفي المتخصص في شؤون الأمم المتحدة والأستاذ بمركز دراسات الشرق الأوسط والعلوم السياسية في جامعة رتغرز عبد الحميد صيام قال إن مصداقية المنظمة الدولية تعرضت كثيرا للمساءلة، وليست هذه هي المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، فالدول تجبر المنظمة على تغيير جمل وعبارات.

من جهته قال الخبير في القانون الدولي ورئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية بول مرقص إنه يجب التشدد في أنظمة الأمم المتحدة، لأن الفصل الثالث يتحدث عن أنه يجب ألا يخضع الموظفون الأمميون لتوجيهات أحد، فالمنظمة الدولية ينبغي أن تتحلى بالموضوعية والاستقلال، لافتا في الوقت نفسه إلى ضرورة التأكد مما نشره موقع "ميدل إيست آي". 

أجواء عدائية
لكن صيام لفت إلى أن الموظفين الدوليين عندما يعملون في أجواء عدائية يضطرون أحيانا لتغيير بعض الكلمات من أجل استمرارهم في أداء عملهم، مذكرا بأنه قد حدث من قبل طرد لموظفين أمميين من بعض المناطق.

وأضاف أن الأمم المتحدة تقدمت بـ113 طلبا للسلطات السورية للموافقة على دخول المساعدات الإنسانية، رفضت منها 83 طلبا. وقال إن المنظمة الدولية تقدمت أيضا بطلب للسلطات السورية لإجلاء 97 مصابا بسوء التغذية الحاد من مضايا، لكنه لم يتم الموافقة إلا على خروج سبعة أشخاص فقط.

واتفق مرقص مع صيام في تعرض موظفي الأمم المتحدة للضغوط، لكنه أكد على ضرورة إحالة مرتكبي جرائم الحصار هذه إلى المحكمة الجنائية الدولية وعدم الاكتفاء بالمساعدات الغذائية فقط.

وهنا عاد صيام ليؤكد أن موظفي الأمم المتحدة يعانون في أحيان كثيرة من ضغوط عند ممارسة عملهم، وذكّر باستقالة موظفين أمميين من أداء أعمالهم في إسرائيل والعراق نتيجة ذلك.

وأكد أن الأمم المتحدة لم تخفِ أبدا مسؤولية النظام السوري عما يحدث، وأيضا "مسؤولية الآخرين"، وهي محقة في ذلك، لافتا إلى أن المنظمة الدولية فقدت 85 موظفا في سوريا خلال السنوات الأربع الماضية أثناء قيامهم بعملهم.

وأقر صيام بأن هناك مخالفة بعدم عرض التقرير على مكاتب المنظمة الدولية في تركيا والأردن قبل نشره.

وقال مرقص إن التقرير -أيا ما كان محتواه- لن يُغيّر من حقيقة الحصار المفروض على بعض المدن السورية شيئا.