ما وراء الخبر

أبعاد زيارة أوباما إسرائيل والمنطقة

تسلط الحلقة الضوء على أبعاد زيارة أوباما إسرائيل والمنطقة، وتجيب الحلقة على التساؤلات التالية: ما الذي جاء بأوباما إلى المنطقة رغم تأكيده عدم امتلاك أي مبادرة للتعامل مع قضاياها؟
‪محمد كريشان‬ محمد كريشان
‪محمد كريشان‬ محمد كريشان
‪مروان بشارة‬ مروان بشارة
‪مروان بشارة‬ مروان بشارة
‪ميشيل دان‬ ميشيل دان
‪ميشيل دان‬ ميشيل دان

محمد كريشان: بدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما مباحثات في القدس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مستهل جولة في المنطقة تشمل أيضاً الأراضي الفلسطينية والأردن، وكان البيت الأبيض قد استبق الجولة بالتأكيد على أنها لا تتضمن أي مبادرة لتحريك عملية السلام مع الفلسطينيين.

نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه من زاويتين: ما الذي جاء بأوباما إلى المنطقة رغم تأكيده عدم امتلاك أي مبادرة للتعامل مع قضاياها، وكيف يمكن أن تنعكس هذه الزيارة على قضية السلام والموقف من ملف إيران النووي.

السلام عليكم، إلى إسرائيل وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما في أولى محطاته الخارجية خلال ولايته الرئاسية الثانية، لم يزر أوباما إسرائيل خلال ولايته الأولى ولم يقدم تبريراً محدداً لهذا الموقف لكن مقربين منه أكدوا مراراً أنه يرفض أن يأتي إلى المنطقة دون أن يحمل مبادرة محددة لحل أزمتها المزمنة، الآن وقد قرر أخيراً زيارة إسرائيل يأتي أوباما وقد استبق البيت الأبيض زيارته بالتأكيد أكثر من مرة أنه لا يحمل أي جديد فيما يتصل بقضاياها.

[تقرير مسجل]

محمد الكبير الكتبي: في مستهل زيارته إلى إسرائيل وفي بداية جولة تشمل أيضاً الأراضي الفلسطينية والأردن أعلن الرئيس الأميركي أنه جاء لتأكيد التزام واشنطن بأمن إسرائيل معرباً عن أمله بأن يحل السلام في المنطقة دون أن يطرح أية رؤية لكيفية تحقيق ذلك وفق ظروف المنطقة الراهنة، وكان البيت الأبيض قد قلل من حجم التوقعات المحيطة بالزيارة، فهي لا تحمل مبادرات بشأن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتوقفة ولا تحمل جديداً محدداً يتعلق بملفي إيران وسوريا رغم أنهما أبرز نقاط مباحثات أوباما في إسرائيل، لا جديد مطروحاً إذن بين يدي الزيارة التي تشمل المثلث المشترك للقضية الفلسطينية رغم أن بعض الدوائر الأردنية تتوقع أن يقدم أوباما لاحقاً في عمان دعماً من نوع ما لقضية السلام، حتى عندما تحدث أوباما وبيريز علناً عن السلام كان الحديث مقتضباً. بيريز اعتبر رئيس السلطة الفلسطينية شريكاً في تحقيق السلام قائلاً: إن حماس لا تزال منظمة إرهابية تستهدف الأبرياء بينما اعتبر أوباما أن الزيارة كانت سانحة لمعرفة رؤية بيريز بسلسلة من المواضيع الرئيسية منها التغييرات الجارية في المنطقة والملف النووي الإيراني والسلام مع الفلسطينيين، توقفت المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية عام ألفين وعشرة بسبب بناء إسرائيل مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، وطالما أعلن الرئيس الفلسطيني أن التفاوض لن يستأنف ما لم يتوقف البناء الاستيطاني، وطالما أصرت إسرائيل على عدم استئناف المفاوضات بأي شروط. وللمفارقة فإن ربط المفاوضات بوقف الاستيطان كان بالأساس فكرة أوباما أبان اندفاعه نحو قضايا المنطقة في مستهل فترته الرئاسية الأولى، حينها زار أوباما عدداً من دول المنطقة ليس من بينها إسرائيل، بينما اختار هذه المرة أن يجعل من إسرائيل محطته الخارجية الأولى وتراجع اهتمامه بالسلام في الشرق الأوسط حتى خرج من قائمة أولوياته أو يكاد.

[نهاية التقرير]

علاقات أميركية إسرائيلية في أفضل حالاتها

محمد كريشان: ومعنا في هذه الحلقة هنا في الأستوديو الدكتور مروان بشارة أستاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي في شبكة الجزيرة، ومن واشنطن الدكتورة ميشيل دان مديرة برنامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي والمسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الأميركية، أهلاً بضيفينا، نبدأ بواشنطن والدكتورة دان: يذهب أوباما في أول زيارة له خارج الولايات المتحدة في مدته الرئاسية الثانية وهو لا يحمل أي مبادرة معه لماذا؟

ميشيل دان: الهدف الأساسي لزيارة الرئيس أوباما هو إقامة علاقات مع شعب إسرائيل وليس فقط مع رئيس الوزراء نتنياهو ولاستعادة قدرته على ممارسة بعض النفوذ على الرأي العام الإسرائيلي وبالتالي أعتقد أنه يقول بأنه توجه إلى إسرائيل ليستمع أكثر مما يتكلم ويتحدث عن العلاقات بشكل عام، فكما نعلم كانت هناك أزمة بين أوباما ونتنياهو وفشل كامل لمبادرة السلام الأولى التي قدمها أوباما وبالتالي هذه المرة لا يحمل معه أية مبادرة محددة بل سيتوجه في محاولة لبناء علاقات ولكسب ثقة الإسرائيليين حسب رأيي، وبالتالي في المستقبل إذا كان هناك إمكانية أية مبادرة سلام أو أي جهد دبلوماسي لتحقيق السلام سيكون لديه قدرة الحصول على الدعم الإسرائيلي لها.

محمد كريشان: هل ذهب لإزالة الوصمة كما كتب أحد الكتاب الإسرائيليين في إشارة لعلاقاته السيئة سابقاً بنتنياهو؟

ميشيل دان: أعتقد أن هذه الزيارة هي إعادة تكوين وبناء للعلاقات مع إسرائيل وأعتقد أن الرئيس أوباما واقعي جداً فهو يريد أن يكسب تعاون رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بشكل خاص في أي مبادرة سلام، وأعتقد أن الرئيس أوباما أيضاً يحاول أن يأخذ نظرة أوسع بهذا الموضوع فهو بصراحة يجد أن الإدارة تعترف بأنه كان من الخطأ بالنسبة إليه عدم زيارته إسرائيل في ولايته الأولى وبالتالي كان عليه أن يسمع الإسرائيليين ويكسب ثقتهم ليحصل على بعض القدرة لممارسة نفوذ عليهم لاحقاً.

محمد كريشان: دكتور بشارة ألا يبدو غريباً وكأن الأمر يتعلق بعلاقات عامة بين دولتين حديثتي العهد وليس بينهما كل هذا التاريخ المشترك من التحالف والتلاحم يعني؟

مروان بشارة: بلا شك العلاقة الأميركية الإسرائيلية كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أيهود باراك هي في أفضل حالاتها اليوم ربما أفضل من أي فترة سبقت، أوباما دعم إسرائيل بطريقة غير مسبوقة على المستوى الأمني وعلى المستوى الاقتصادي وغيرها من المستويات الدبلوماسية وخاصة فيما يتعلق بالفيتو للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، الأمر الأهم في رأيي في هذا الموضوع محمد هو أن أوباما بالأساس رئيس براغماتي حتى العظم وبالتالي أجندته ليست في إسرائيل أجندته في الولايات المتحدة، هو قال منذ البداية أن لدي أجندة محلية لدي مجموعة من مشاريع القرارات متعلقة بالاقتصاد ومتعلقة بالمجتمع حتى يمررها هو بحاجة لدعم معين من كل أطياف الحزب الديمقراطي وجزء من الحزب الجمهوري، هو بحاجة إلى اللوبي الإسرائيلي ومؤيديه في الكونغرس وبحاجة إلى بعض رموز الحزب الديمقراطي من أمثال بيل كلينتون وهيلاري كلينتون الذين دعموه في الانتخابات السابقة، اعتقد لكي يحصل على ولاية جديدة كما حصل هو أعطى مجموعة من الوعود لصهاينة مثل شومر في الكونغرس ومثل بيل كلينتون وغيرهم الذين دعموه في موضوع إسرائيل، لأن هذا الموضوع مهم للحزب الديمقراطي حتى يتسنى لهيلاري كلينتون أن تصبح رئيسة في الفترة القادمة، وبالتالي عموماً هو يزور إسرائيل ولكن عينه بالأساس على احتواء الأزمة التي ممكن أن تسببها إسرائيل في المنطقة بسبب الموضوع الفلسطيني أو الموضوع الإيراني لكي يتسنى له التركيز في القضايا الداخلية.

زيارات مجاملة لرام الله وعمان

محمد كريشان: دكتورة طالما نتحدث سواء حضرتك أو الدكتور بشارة هنا عن الجانب الإسرائيلي تحديداً في المحطة، هل معنى ذلك بأن الذهاب إلى رام الله أو الذهاب إلى عمان لا معنى له.. هو تقريباً نوع من المجاملة في سياق هذه الجولة؟

ميشيل دان: كلا، كلا ليس بالتأكيد ليس بالتأكيد، أعتقد أنه بإبدائه الدعم للسلطة الفلسطينية في رام الله وبطلبه من الإسرائيليين والحكومة الإسرائيلية أن يفهموا أن من مصلحتهم أن تواصل السلطة الفلسطينية العمل وتوصل لها الموارد، هذه هي أجندة الرئيس أوباما، أما فيما يتعلق بالأردن فهناك قدر كبير من القلق في واشنطن حول تأثيرات مئات آلاف اللاجئين السوريين على الأردن وذلك بسبب النزاع في سوريا، وبالتالي لا بد أن نبدي بعض الدعم للأردن كما أريد أن أعلق باختصار على ما قاله الدكتور مروان حول الجانب المحلي من السياسية المحلية في الولايات المتحدة، صحيح أن الرئيس أوباما تلقى انتقاداً كبيراً من الكونغرس وذلك من بعض كبار أعضاء الحزب الديمقراطي بسبب الضغوط التي مارسها بنجاح على نتنياهو فيما يتعلق بالمستوطنات ولكن الآن هو لن يخوض انتخابات أخرى وبالتالي فإنه لا يقوم بما يقوم به الآن لأغراض انتخابية لأنه لن يحتاجها ولكنني أعتقد أنه لو أراد في أي وقت أن يمارس أي ضغط على إسرائيل لسبب أو لآخر سواء كان له علاقة بعملية السلام أو بإيران فإنه يعني سيكون بحاجة أن يثبت للناس وللشعب في الولايات المتحدة ولأعضاء الكونغرس بأنه استطاع أن يقيم علاقات جيدة مع إسرائيل وهذه الزيارة هي أحد مؤشرات  ذلك.

محمد كريشان: ولكن على ذكر المدة الرئاسية الثانية ألا يفترض أن يكون هذا سبب إضافي أن يأتي بمبادرات لأنه لم يعد تحت وطأة انتخابات جديدة ما قالته السيدة دان يفترض أن يكون لتوظيف في الاتجاه الآخر وليس في الاتجاه الحالي؟

مروان بشارة: تماماً، تماماً أنا ما قلته أنه على ما يبدو أعطى وعودا لكي يحصل على الدعم ولكي يحصل على ولاية ثانية، واليوم حصل على ولاية ثانية وزال الوهم، هنالك وهم عربي ووهم أميركي حول فكرة أن الرئيس إذا تسنى له ولاية ثانية فلن يكون مضطراً لأن يقوم بمجموعة من التنازلات حتى يصل لانتخابات جديدة، أوباما زار إسرائيل في بداية ولايته الثانية، ويعني قص لنا النص الصهيوني لتاريخ فلسطيني، يعني لم نسمع من أي رئيس أميركي حتى من ريغان ومن غيره بمثل هذه الحكاية لتاريخ فلسطين بهذه اللغة الصهيونية، أن إسرائيل.. أن فلسطين هي الأرض الموعودة لليهود وبالتالي الفلسطينيين هم ضيوف عند الصهاينة.. عند إسرائيل، وبالتالي أي كلام عن إهمال فلسطين في السابق وإهمالها اليوم وأنه يريد أن يطمئن الفلسطينيين، هذا بالفعل اليوم أصبح كلاماً فارغاً يعني فلتسمح لي الدكتورة دان هي ليست سلطة فلسطينية ولا دولة فلسطينية، هي الدولة الفلسطينية التي وافق عليها غالبية الأمم المتحدة ورفضتها الولايات المتحدة، الولايات المتحدة لا تهمل فلسطين في فحسب وإنما هي تطحش على فلسطين في الأمم المتحدة وتؤيد إسرائيل أمنياً حينما إسرائيل تستوطن الأراضي الفلسطينية وتستوطن القدس المحتلة، اليوم الولايات المتحدة تدعم إسرائيل وتدعم احتلال إسرائيل  De facto لأنه لا يمكن اليوم أن نفصل الدعم عن إسرائيل لأنه ليس كما قال بيريز: هو دعم أوباما لوجود إسرائيل. وجود إسرائيل غير مهدد، المهدد هو احتلال إسرائيل للأراضي المحتلة وأوباما بهذا المعنى يدعم إسرائيل وبالتالي أي كلام اليوم حول عملية سلمية وما إليه بعد أن أهملها لمدة أربع سنوات هو كلام فارغ إلى حد كبير.

محمد كريشان: أنت بهذا الشكل دكتور مروان تشير إلى الجانب المتعلق بقضية السلام تحديداً في هذه الزيارة، سنتطرق بتفصيل أكثر لهذه الزاوية بعد فاصل قصير وتكون البداية مع الدكتورة دان حول هذه النقطة تحديداً.. الجانب المتعلق  بقضية السلام في هذه الجولة للرئيس أوباما، لنا عودة بعد قليل.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: أهلاً بكم من جديد، ما زلتم معنا في هذه الحلقة التي نتناول فيها أبعاد وتأثيرات زيارة أوباما إلى إسرائيل والمنطقة، سيدة دان رغم كل ما أشرت إليه في بداية هذا البرنامج.. أن يبدأ الرئيس أوباما مدته الرئاسية بكل الآمال التي تحدث عنها خاصة موقفه من الاستيطان وكان شديداً في إدانة الاستيطان حتى أنه دخل في أزمة مع إسرائيل ومع نتنياهو وأن ينتهي به الحال في أول زيارة له في المدة الرئاسية الثانية زيارة أشبه ما تكون بالسياحية والتعارف والعلاقات العامة، ألا يعتبر هذا نوعاً من ضرب ليس مصداقية وإنما حتى هيبة الولايات المتحدة في سياستها الخارجية؟

ميشيل دان: أولاً أريد أن أوضح شيئاً أشار إليه الدكتور مروان وهو أن الولايات المتحدة تقدم دعماً عسكرياً وسياسياً لإسرائيل أكثر من أي وقت مضى في السابق وهذا صحيح، ولم يكن هذا الموقف المفارقة التي تشير إلى أن الولايات المتحدة تمنح المزيد والمزيد من الدعم العسكري لإسرائيل، ومع ذلك قدرتها تقل يوماً بعد آخر على التأثير على تصرفات وأعمال إسرائيل، وبالتالي زيارة أوباما تحاول أن تغير هذا التوازن إذ أدرك أن الولايات المتحدة يجب أن تستطيع أن تمارس بعض القوة المرنة الرخوة على الرأي العام الإسرائيلي والسياسيين والقادة الإسرائيليين ومحاولة استعادة بعض النفوذ الذي يجب أن يرافق مثل هذه المساعدات في المقدمة، وبالتالي فأنا أعتقد أن خبرتي  في الولاية الأولى للرئيس أوباما كانت صعبة إذ أنه كان قد فشل في مجال المبادرة السلمية التي قدمها وأعتقد أنه سيكون بالتالي متردداً أن يكرر المحاولة. والسؤال الأهم بالنسبة لي سيكون هو: هل بعد هذه الزيارة عندما يعود إلى واشنطن وعندما يجلس مع وزير الخارجية كيري ماذا سيقرران العمل؟ نعلم أن وزير الخارجية يريد أن يواصل بعض المبادرة الدبلوماسية حول الموضوع الإسرائيلي الفلسطيني، ولكن السؤال هو هل أن الرئيس أوباما سيكون مستعداً لدعم مثل هذه المبادرة وأن يستخدم قدراته السياسية في واشنطن وهو أمر ضروري إذا ما أرادت الولايات المتحدة أن تواصل مبادرة سلام في الشرق الأوسط، كما أننا نعلم أن لدى الرئيس أوباما قضايا مهمة جداً في المنطقة وخاصة إيران وسوريا وحالياً هذان الموضوعان هما في جدول أولوياته الأولى والأعلى وبالتالي أثناء زيارته هذه سيحاول أن يجد بعض الانفتاح حول هذين الموضوعين من الجانب الإسرائيلي أو الجانب الفلسطيني بما يساعد الدبلوماسية الأميركية.

أسباب تجميد الملف الفلسطيني

محمد كريشان: سنعود  لموضوع إيران وسوريا ولكن سؤال سريع حتى نغلق الجانب الفلسطيني في هذا الموضوع، الدكتور بشارة، دينيس روس وقد كان المكلف بعملية السلام طوال فترة قال: هذا طبيعي الرئيس أوباما يكون متردداً ويتحسس خطاه لأنه عندما تكون الثقة منعدمة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي فمن الأفضل ألا يتقدم بشيء، فهل تعتقد بأنه لم يتقدم بشيء ليس لأنه لا يملك شيئاً وإنما يعرف مسبقاً أنها ستفشل.. أي مبادرة ستفشل؟

مروان بشارة: فقط يعني للسجل أو للتاريخ لنقل أن دينيس روس هو أحد المسؤولين عن هذا الجمود لأنه هو يتحمل قسطا لا بأس به من المسؤولية بعد أن تسلم هذا الملف لمدة نحو عشرين عاماً منذ بيكر 1991 ودينيس روس متورط في هذا الموضوع وكما سماه مساعده آرون ميلر هو كان محامي إسرائيل لدى الولايات المتحدة، إذن ليست لديه أي مصداقية، لدي أنا هنا محمد قراءة ثانية في هذا الموضوع، أنا لا أعتقد أن الموضوع الفلسطيني والموضوع الإيراني منفصلان، أعتقد أن هنالك ترابط وثيق في ذهن أوباما وفي سياسته البراغماتية. أنا أعتقد أن أوباما قد باع فلسطين مقابل أن تهدأ إسرائيل في موضوع إيران، وباع ملف الاستيطان في مقابل أن لا تهدد إسرائيل بضرب إيران، لأنه على المستويين ما يريده أوباما هو تهدئة الوضع في الشرق الأوسط ويريد إدارة الأزمة في الشرق الأوسط، هو يريد إن أردت إدارة التوقعات في الشرق الأوسط حتى يتسنى له التفرغ للملف الداخلي وبالتالي عندما هدد نتنياهو في الموضوع الإيراني حينئذ تراجع أوباما في موضوع الاستيطان وتجميد الاستيطان، حين هدد مرة أخرى نتنياهو في الموضوع الإيراني قام أوباما برفض مشروع الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وأنا أعتقد بأن عليه أن يعتذر لذلك أمام محمود عباس هو اليوم أمام رئيس دولة معترف به دولياً ولكن أوباما كان هو المعرقل الأساسي لمثل هذا الموضوع، وبالتالي هذه البراغماتية أن يبيع فلسطين وأن يبيع العملية السلمية وأن يبيع العملية الدبلوماسية مقابل تهديدات نتنياهو، هذا بالفعل شيء مؤسف لرئيس قوة عظمى اليوم.

محمد كريشان: سيدة دان هل تعتقدين فعلاً بأن أوباما باع المسألة الفلسطينية لصالح نتنياهو والملف الإيراني تحديداً؟

ميشيل دان: كلا كلا لا أعتقد ذلك، لا أعتقد أن هذا صحيح ولكنني أعتقد أن موضوع إيران  يثقل على كاهل أوباما فهو لا يرى طريقاً واضحاً يخرجه من هذا الموضوع وهو ملتزم بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية ليس فقط احتواء القدرات النووية الإيرانية وهناك اختلافات وصعوبات بين الموقفين الإسرائيلي والأميركي حول الموضوع والولايات المتحدة تقول أنها ستمنع إيران من الحصول على سلاح نووي بينما إسرائيل تريد منع إيران من الحصول حتى على قدرات نووية أي النجاح في قدراتها النووية. وأوباما يقول أنه ما زال هناك وقت للتفاوض مع إيران حول الموضوع أو على الأقل هناك سنة أو سنتين على الأقل بينما إسرائيل تقول كلا لقد نفذ الوقت، إذن أوباما إزاء مشكلة في أنه يسمع بشكل مستمر من إسرائيل ومن داعمي إسرائيل في الولايات المتحدة كلاما عن الملف الإيراني، وأعتقد أيضاً أن هناك مسألة مهمة ألا وهي النزاع الرهيب الذي يجري في سوريا والمذابح التي تجري فيها، هذا النزاع لفت انتباهه ثم أبعد الانتباه عن موضوع الفلسطينيين وبهذا لا يمكن القول أن أوباما قد باع أو تاجر بقضية الفلسطينيين من أجل قضايا أخرى، ولكني أعتقد أنه فشل في جهوده الدبلوماسية في ولايته الأولى وأنه لو أطلق مبادرة ما فإنه يريد أن يكون على ثقة مسبقة بأنه سينجح فيها وهو لا يتمتع بهذه الثقة حالياً كما أن لديه قضايا أخرى مهمة جداً في المنطقة، ونحن نعرف أنه فوق كل ذلك الاهتمام الرئيسي لأوباما هو في القضايا المحلية وليس السياسة الخارجية.

رفع سقف التوقعات في الموضوع السوري

محمد كريشان: ولكن دكتور بشارة كيف يمكن لأوباما أن يوازن بين كبح جماح إسرائيل فيما يتعلق بالموضوع الإيراني وبين الاهتمام بالوضع السوري وهو على الحدود؟

مروان بشارة: أعتقد أنا أن أوباما رفع سقف التوقعات في الموضوع السوري يعني حينما قال أن على الأسد أن يتخلى عن السلطة ولكنه لم يفعل أي شيء في هذا الاتجاه، هو ترك الروس ولم..

محمد كريشان: في أيام معدودة إلى آخره.

مروان بشارة: تماماً، تماماً ولكن حينما يصدر هذا الكلام عن رئيس القوة العظمى الأساسية المتورطة  في الشرق الأوسط فلابد أن يأتي من وراءه نوع من الفعل، ولكنه لم يأتِ بأي نوع من الفعل لأنه بالفعل حذر من أي تدخل في المنطقة على الأقل على المستوى العسكري وأعتقد أن هذا يأخذنا إلى الجانب الأهم وأنا لدي قراءة مغايرة في هذا الموضوع، أعتقد بالفعل أن أوباما يدعم إسرائيل حتى النهاية ولا يدعم بالضرورة فك الارتباط ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين في دولتين اليوم بشكل جدي وفعلي، ولكنه يريد فك الارتباط ما بين الفكر الإستراتيجي الإسرائيلي والفكر الإستراتيجي الأميركي، أي أنه لا يريد أن تفرض إسرائيل فكرها الإستراتيجي وعقيدتها الإستراتيجية العسكرية خاصة في موضوع مثل إيران أو موضوع الإخوان المسلمين في المنطقة وما إليه من القضايا الأمنية على الولايات المتحدة. الولايات المتحدة تعتبر نفسها قوة عظمى واهتماماتها ومخاوفها ليست مثل مخاوف إسرائيل بغض النظر إذا كانت صحيحة أو خيالية، أوباما يعتبر اليوم أن  أي عملية ضد إيران، أي عملية عسكرية ضد إيران هي غير صحيحة وغير مجدية، ويعتبر أن الحل الدبلوماسي مازال الحل الأفضل ولذلك هو يفرض على نتنياهو، أنا أعتقد أنه أتى إلى إسرائيل ليقول لنتنياهو لك ما تريد في الموضوع الفلسطيني ولكن في الموضوع الإيراني نحن القوة العظمى، نحن نقرر هذا الموضوع، الفكر الإستراتيجي والعقيدة الإستراتيجية تقول أنه لا يمكن أن تقول للولايات المتحدة ما يجب فعله في المنطقة.

محمد كريشان: سيدة دان في نهاية هذه الحلقة آخر تصريحات نتنياهو يقول فيها بأنه متأكد من أن أوباما سيحول دون حصول إيران على السلاح النووي، إلى أي مدى تعتقدين بأنه يمكن لأوباما أن يجد أرضية تفاهم نهائية مع نتنياهو فيما يتعلق بطريقة التعامل مع إيران في المستقبل؟

ميشيل دان: ثمة الكثير من الشك حول البرنامج النووي الإيراني وأين وصل بالضبط ومتى قد تستطيع إيران تحقيق قدرات كبيرة في صناعة السلاح النووي، لا أعتقد أنه من الممكن أن نصل إلى فهم النهاية أو إنهاء الكلام مع إسرائيل حول هذا الموضوع، بصراحة الأمر سيكون بشكل محادثات وكلام مستمر إذ أن إسرائيل هي التي طلبت من أميركا المزيد من العمل وأن تتخذ الولايات المتحدة عملاً عسكرياً ضد إيران وأن أوباما سيجيبها في هذه الحالة: أعطونا بعض الوقت الإضافي إننا نستخدم الدبلوماسية والعقوبات وهي أفضل من نتائج أي عمل عسكري غير متوقعة، وبالتالي فمثل هذا الكلام سيستمر بين الطرفين ولن ينته إلا في وقت لا نعرف متى أو كيف ولا نعرف هل إيران ستحصل على القدرات النووية أم ستكون هناك صفقة توصلنا إليها بحيث تتراجع إيران عن بحثها أو محاولاتها في صنع السلاح أو حصول تغيير ما في إيران، وبالتالي أعتقد أنه لا بد أن يكون هناك نوع من التفاهم أثناء هذه الزيارة ولكن هذا لن يدير حديثاً بينهما حول الموضوع.

محمد كريشان: شكراً جزيلاً لك دكتورة ميشيل دان مديرة برنامج الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي والمسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية، شكراً لك دكتور مروان بشارة أستاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي في شبكة الجزيرة، في أمان الله.