صورة عامة - ما وراء الخبر 29/07/2012
ما وراء الخبر

أبعاد زيارة المعلم لطهران

تتناول الحلقة وصف وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي ما يجري في سوريا بأنه مؤامرة تقف وراءها إسرائيل، وأنه مواجهة بين الحق والباطل. وتطرح الحلقة سؤالين: ما الأسس والحسابات التي تبني عليها طهران موقفها المستميت في الدفاع عن نظام الأسد؟

– دوافع زيارة المعلم إلى طهران
– الأسباب وراء التحالف بين طهران ودمشق

– مظاهر الدعم الإيراني لنظام الأسد

– مستقبل التحالف السوري الإيراني

– مكاسب إيران من موقفها الداعم للنظام في سوريا

‪ليلى الشيخلي‬ ليلى الشيخلي
‪ليلى الشيخلي‬ ليلى الشيخلي
‪أمير الموسوي‬ أمير الموسوي
‪أمير الموسوي‬ أمير الموسوي
‪رضوان زيادة‬ رضوان زيادة
‪رضوان زيادة‬ رضوان زيادة
‪مصطفى اللباد‬ مصطفى اللباد
‪مصطفى اللباد‬ مصطفى اللباد

ليلى الشيخلي: وصف وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي ما يجري في سوريا بأنه مؤامرة تقف وراءها إسرائيل، وأنه مواجهة بين الحق والباطل. وقال صالح في مؤتمر صحفي عقده مع نظيره السوري في طهران، إن فكرة نقل السلطة في سوريا من النظام الحالي إلى نظام آخر فكرة خاطئة وواهمة.

حياكم الله، نتوقف مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين: ما هي الأسس والحسابات التي تبني عليها طهران موقفها المستميت في الدفاع عن نظام الأسد؟ وما أبعاد الدعم الذي تقدمه إيران للنظام السوري، وما حدود استعدادها للذهاب في هذا الاتجاه؟

في هذه الظروف بالغة الدقة والتعقيد بالنسبة للنظام السوري ترك وزير الخارجية السوري وليد المعلم بلاده وتوجه إلى طهران في زيارة تعددت التكهنات في محاولة ردم الهوة بين أهدافها وأجندتها الحقيقية، تلك التي أعلنها الوزيران في مؤتمر صحفي عقداه في طهران شهد الكثير من مواقف التأييد الإيراني لنظام الأسد.

[تقرير مسجل]

 نبيل الريحاني: في مرحلة اشتدت فيها عزلة النظام السوري دوليا على وقع مواجهات حامية الوطيس بين جيشه وقوات معارضيه، تكتسي زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى طهران صبغة استثنائية تخرجها عن الزيارات العادية المتبادلة تسلط في نظر كثيرين الضوء على الاختبار القاسي الذي يمر به التحالف المتين بين البلدين، في برنامج الزيارة لقاءات عديدة بقادة إيرانيين، تتصدر أجندتها مباحثات تتناول مستجدات الوضع السوري، وفي مقدمتها معركة حلب التي يجمع المراقبون على أنها مصيرية بالنسبة لطرفي النزاع. من طهران أكد المعلم أن بلاده ستنتصر على ما وصفه بالمؤامرة التي تستهدفها قائلا إن حكومته إذ تواصل تصديها للرامين إلى إسقاطها، تتمسك بخطة أنان أفقا لحل الأزمة القائمة. زمن شدة هو إذا يتفقد فيه الحليف دعم حليفه، وهو ما لم يتردد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي لتقديمه لنظيره السوري في صيغة اصطفاف كامل مع الموقف السوري، فسوريا في نظره تتعرض لمؤامرة كونية تقودها إسرائيل، بضاعتها أخبار إعلامية تزيّف حقيقة الأوضاع في سوريا، ولا حل سوى بإعطاء الفرصة للإصلاحات التي وعد بها الرئيس الأسد. موقف بدا أقرب إلى رد الجميل لحكومة دمشق التي رفضت دائما فك عرى التحالف مع طهران، لكن ذات الموقف لاح في نظر المعارضة السورية، شراكة إيرانية فيما يقترف نظام الأسد بحق شعبه وضربا من الازدواجية الصارخة في التعامل الإيراني مع ثورات الربيع العربي. وفيما نفت إيران أي دور ميداني لها في الأزمة السورية تبدو طهران معنية للغاية بمصير الأسد ونظامه، إلى الحد الذي جعل المعارضة السورية تعبر من خلال أسرها لبعض الإيرانيين في سوريا عن شكوكها في ضلوع الإيرانيين في الحدث السوري بأكثر من مجرد إطلاق المواقف السياسية بين الحين والآخر.

[نهاية التقرير]

دوافع زيارة المعلم إلى طهران

ليلى الشيخلي: لمناقشة هذا الموضوع معنا من طهران أمير الموسوي الباحث والخبير في الشؤون الإستراتيجية، من واشنطن معنا الدكتور رضوان زيادة مدير مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري، من القاهرة معنا الدكتور مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية أهلا بكم جميعا، أبدأ معك سيد أمير الموسوي ما الذي جاء المعلم ليطلبه من إيران؟

أمير الموسوي: نعم، بسم الله الرحمن الرحيم، أعتقد أن هذه زيارة مهمة يقوم بها السيد وليد المعلم إلى طهران في هذه الظروف كما ذكر التقرير، لكن كما أعتقد أن هناك نوع من الالتباس في الترجمة لأنه الدكتور صالحي وزير الخارجية الإيراني قال أن الجزء الأكبر من هذه الأزمة هي في الحقيقة مؤامرة صهيونية غربية استكبارية ضد الشعب السوري، إذا هناك جزء حقيقي، هناك معارضة، هناك مواجهة سياسية  بين. 

ليلى الشيخلي: نعم هذا التوصيف بالتحديد الذي نقلناه بدقة.

أمير الموسوي: قسم من المجتمع السوري تجاه النظام السوري.

ليلى الشيخلي: نعم، لفظ المؤامرة هذا الذي أشرت إليه، في الواقع النظام السوري نفسه تجاوز هذه النظرية من خلال اعترافه بوجود مشكلة واستعداده للحوار، فهل طهران أكثر أسدية من الأسد إن جاز التعبير؟

أمير الموسوي: صوت ما في، قطع الصوت على ما يبدو.

ليلى الشيخلي: سيد موسوي تسمعني الآن، لا أدري إن كنت تسمعني، تسمعني؟ طيب السيد دكتور رضوان زيادة، سمعت ما قاله السيد موسوي من الإصرار على التمسك بهذا التوصيف، توصيف المؤامرة، ولكن المعلم نفسه في المؤتمر الصحفي في طهران جدد تمسكه بخطة أنان القائمة في جوهرها أصلا على نقل السلطة على نحو ما ، الأمر إلى الصالحي طبعا قال إنه فكرة خاطئة وواهمة، في تقديركم كيف سيتأثر هذا بالموقف الإيراني، رأيك؟

رضوان زيادة: يعني في البداية دعيني أقدم الدعاء بالرحمة لكل الشهداء وخاصة الذين سقطوا في درعا، في الشيخ مسكين، والمذبحة التي جرت في المعظمية الشام، وغيرها، وما يجري في دير الزور وفي حلب بشكل كبير، أعتقد أنه الزيارة بشكل رئيسي هدفها هو خارجي وإعلامي بمعنى نعرف بأن العلاقة بين نظام الأسد وبين إيران لا تسلم إلى وزارة الخارجية بهذا المستوى، من يدير العلاقة مع إيران بشكل رئيسي هو الشخص محمد ناصيف أبو وائل، وبالتالي هي العلاقة أمنية بشكل رئيسي واستخباراتية وزادت مع بداية الثورة السورية مع دعم اعتماد نظام الأسد على الدعم الإيراني، وعلى المدربين، وعلى القنّاصة، وعلى مختلف أنواع الأسلحة، وأيضا على المعدات التي يمكن من خلالها مراقبة الاتصالات، السيطرة على الإنترنت، وما إلى ذلك مما كل ذلك وثّق طبعا عبر تقارير، سواء نشرت في وسائل الإعلام الغربية أو وسائل الإعلام العربية، وبالتالي الهدف حقيقة من هذه الزيارة هي تقريبا إرسال رسالة إلى روسيا بأن الشكل الرئيسي، أن موقف إيران لم يعتريه أي تغيير، عندما دعت إيران أنها مستعدة لاستضافة حوار بين المعارضة و نظام الأسد، وبالتالي شعر نظام الأسد أن هناك تغير ما، واقتراب إيران من الموقف الروسي بالرغم من أنهم ما زالوا داعمين لنظام الأسد بشكل رئيسي، لكن نظام الأسد يحتاج في هذه اللحظة الحرجة إلى دعم مطلق وأعمى من إيران خاصة مع تغير القوى على أرض الواقع بشكل كبير، الآن الجيش السوري الحر يسيطر نفوذه على مناطق كثيرة وهناك معركة حاسمة في حلب، إضافة إلى ذلك، أن إيران تجد معارضة داخلية قوية لموقف نظامها إلى الأسد خاصة هناك بيانات مختلفة تصدر من الحركة الخضراء، المعارضة الإيرانية دعما للثورة السورية ضد المجازر، وبالتالي من الصعب على نظام يحكم باسم مبادئ الإسلام أن يجد تبريرا لنظام يرتكب كل هذه الجرائم وهذه الفظائع التي تجري يوميا في سوريا، وبالتالي هناك تناقض كبير تقع فيه إيران بين خطابها الذي يحمل قيم الإسلام، أو على الأقل تدعي بذلك، وبين ممارساتها في دعم نظام الأسد، وأعتقد، ولذلك كان من هذه الزيارة فقط هو رسالة المؤتمر الصحفي أن كلا الموقفين نظام الأسد وإيران متطابقين.

الأسباب وراء التحالف بين طهران ودمشق

ليلى الشيخلي: ربما التناقض دكتور لباد أيضا وضح في الموقف الإيراني في دعم الثورة اليمنية والثورة التونسية والمصرية، واعتبارها امتداد للثورة الإسلامية في إيران، بينما ما يحدث في سوريا هو مؤامرة وإصرار على هذه النقطة، هذا التحالف وهذا الإصرار على التحالف بين دمشق وطهران نريد أن نفهمه ما الأساس الذي بني عليه، مبادئ، مصالح، ما هي؟

مصطفى اللباد: أولا قبل الإجابة على سؤال حضرتك بالطبع من يملك الأفضلية الأخلاقية في هذا الصراع هو الشعب السوري، وبوضح ونقطة وبدون فاصلة أو لكن، الشعب السوري الذي يتعرض إلى هذه المذابح ويشتري حريته بدمه عند هنا نتوقف، إيران دولة إقليمية لها مصالح الدول الأخرى، الثلاثي الذي يواجه إيران الآن، تركيا، السعودية، وقطر، لها أيضا مصالح في سوريا، وبالتالي لا يملك أي منهم الأفضلية الأخلاقية، مثلما كما تفضلت حضرتك إنه إيران تعتبر ما يجري في سوريا مؤامرة، السعودية وقطر اعتبرتا أن ما يجري في البحرين مؤامرة أيضا، لذلك نحن نتحدث عن حسابات دول ومصالح، وفي هذه الحسابات لا يلعب العامل الأخلاقي الدور الأكبر، حسابات إيران في الموضوع السوري، يبدو أن إيران تعتقد أن النظام السوري ليس في وارد السقوط الآن ولا حتى على المدى المتوسط، وإيران تقرأ أن روسيا والصين ليستا في وارد الدخول في صفقات حول سوريا، وإيران أيضا تعتقد أن الحدود على إسرائيل ستكون معرضة للخطر عند حصول أي خلخلة في النظام السوري، وأيضا ما يجري في سوريا يحرف الأنظار عما يجري في موضوع الملف النووي الإيراني، وبالتالي إيران تستميت في الدفاع عن سوريا لأسباب ثابتة، أسباب جيوسياسية، وإطلالة سوريا على البحر المتوسط، وأسباب تخص إيران وحضورها الإقليمي، وأسباب تخص أيضا ملفها النووي، لأنه في حال سقوط النظام في سوريا ستعود إيران إلى طاولة المفاوضات للملف النووي وهي في حال أسوأ بكثير عما كانت عليه قبل ذلك، لذلك الاستماتة الإيرانية في الدفاع عن النظام السوري واضحة كثيرا.

ليلى الشيخلي: طيب، لكن السؤال هو ربما يبقى، إلى أي مدى إيران مستعدة أن تذهب في هذه الاستماتة في الدفاع عن النظام السوري ؟ هذا ما سنطرحه في الجزء الثاني من البرنامج أرجو أن تبقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

مظاهر الدعم الإيراني لنظام الأسد

ليلى الشيخلي: أهلا بكم من جديد إلى حلقتنا التي تتناول دوافع وأبعاد الموقف الإيراني من نظام الأسد، في ضوء زيارة المعلّم إلى طهران، رضوان زيادة، الحديث دائما عن دعم إيراني لنظام الأسد، هل لديكم أي معلومات موثقة عن هذا الدعم؟

رضوان زيادة: يعني كما ذكرت لك، هناك الكثير من الوثائق التي نشرت على المواقع المختلفة، وأيضا التي تؤكد أولا بشكل رئيسي، تقديم الأجهزة والمعلومات والخبرات الخاصة في الإنترنت من أجل مراقبة النشطاء، ومتابعة تحركاتهم، ومراقبة الاتصالات، أيضا تقديم التدريب الخاص باستخدام القنّاصة، وإرسال عدد من القنّاصات، إضافة إلى ذلك، الدعم السياسي على كل مستوى المحافل الدولية،  فضلا عن ذلك، هناك الدعم العسكري للكثير من المعدات العسكرية، والاستخباراتية التي تقدمها، طبعا هذه لم تعد فقط تقارير أو إشاعات، هناك بشكل رئيسي هناك وثائق مؤكدة تدل على ذلك، وبحوزتنا الكثير، وليست، وأعتقد أن ويكيليكس في النهاية نشرت عدد كبير من هذه الوثائق التي تثبت هذا الموضوع المهم، أن إيران تماما تشعر بأنها في موقف صعب للغاية، لأنها كل ما زادت دعمها للأسد تدرك بنفس الوقت أن أيام الأسد أصبحت تقريبا تصارع، وبالتالي قدرات الجيش الحر تتزايد وبالتالي يجب.

ليلى الشيخلي: لننقل هذه الفكرة لأمير الموسوي، هل فعلا تشعرون بأنكم في موقف حرج في إيران؟

أمير الموسوي: لا بالعكس، هذا موقف أنا أعتقد الإيرانيين، يعني مفتخرين بهذا الموقف ، باعتباره موقف مبدئي ويخالف المواقف الصهيونية، الأميركية الغربية، والرجعية في المنطقة، فلذا نعتقد أن الجانب الإيراني يفتخر بهذا الموقف، ويبتعد عن الموقف الآخر شرفا له وعزة له، وحتى لا يتناغم صوته مع صوت الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية والدول المنبطحة في المنطقة للسياسات الأميركية والصهيونية، طبعا هناك إيران تعتقد أن هناك أزمة موجودة في سوريا، وهناك مطالبات من شرائح محددة من الشعب السوري، وعلى النظام السوري أن ينصت إلى هذه المطالبات، وقد نصت لها، ووافق الرئيس بشار الأسد على إجراء إصلاحات، لكن لاحظنا أن الدول الغربية والكيان الصهيوني وبعض الدول العربية في المنطقة رفضت هذه الخطوات الإصلاحية، ودعمت المسلحين بالسلاح والمال والإعلام، وكذلك لخلط الأوراق في المنطقة، أنا أقلك بصراحة، إيران عندما وقفت إلى جانب الثورات العربية في تونس وليبيا، وكذلك مصر، واليمن، والبحرين، لاحظنا أن الولايات المتحدة الأميركية، وهذه الدول العربية التي تتباكى الآن على سوريا، كلها وقفت ضد هذه الثورات، السعودية استقبلت علي عبد الله صالح، وزين العابدين بن علي، ووقفت أمام الثورة المصرية كذلك، والدول الداعمة الآن لما يسمى الثورة السورية، كلها وقفت ولخبطت الأوراق في الثورات العربية الأخرى وتدخلت في شؤونها وركبت موجات هذه الثورات، ولكن أنا أعتقد أن ما يحصل في سوريا.

ليلى الشيخلي: ولكن هذا الكلام غير دقيق تماما يعني هذا غير صحيح، هذه الدول لم تقف كلها ضد هذه الثورات فيعني نريد فقط أن نضع النقاط على الحروف.

أمير الموسوي: لماذا؟ علينا أن لا نغالط أنفسنا، بعض الدول الخليجية وقفت أمام الثورة المصرية ودعمت حسني مبارك إلى اللحظات الأخيرة، ووقفت مع علي عبد الله صالح وفرضت عليها خطة يرفضها الشعب اليمني إلى اليوم، ولاحظنا أن المشاكسات الموجودة الآن في مصر ضد الرئيس مرسي تدل على ذلك، وكذلك ما يحصل الآن في تونس.

ليلى الشيخلي: ولكن ما نحن بصدد مناقشته اليوم هو التدخل العسكري الذي يتم الحديث عنه في سوريا، ما تتحدث عنه ربما فيه كثير من الجدل، وكثير من النقاط التي لا يتسع المجال لها الآن.

أمير الموسوي: لم يكن هناك تدخل عسكري في سوريا.

ليلى الشيخلي: نعم، ما الذي ستفعله إيران إذا تم فعلا تدخل عسكري؟

أمير الموسوي: إيران لن تتدخل عسكريا في سوريا، لدى إيران علاقات إستراتيجية لا يخص الداخل السوري أبدا، وإنما يخص مواجهة المخططات الصهيونية والأميركية في المنطقة.

ليلى الشيخلي: لا أتحدث عن تدخل عسكري إيراني إنما أنا أتحدث.

أمير الموسوي: ودعم المقاومة الفلسطينية في المنطقة.

ليلى الشيخلي: إذا ما تحقق الحديث عن تدخل عسكري في سوريا، ما الذي ستفعله إيران عندها؟ هل ستقف مكتوفة الأيدي؟

أمير الموسوي: أنا أعتقد لكل مقام مقال، لدى إيران علاقات إستراتيجية مع سوريا، ولن تترك سوريا لوحدها لأن سوريا لن تترك إيران لوحدها، ولن تترك حزب الله، ولن تترك المقاومة الفلسطينية، سوريا محسوبة، وما زالت محسوبة بامتياز على خط الممانعة والمقاومة في المنطقة. 

ليلى الشيخلي: طيب، أريد أن أعود للدكتور رضوان، يعني الحديث عن المصالح، مصالح كثيرة، إيران لها مصالح، دول أخرى لها مصالح هل أنتم تعتبرون الموقف من إيران ميؤوس منه تماما، ملف مغلق تماما، أم أنكم مستعدون أيضا للتفاهم مع إيران لفك ذلك الارتباط بينها وبين النظام ؟

رضوان زيادة: يعني في البداية دعيني أعلّق، يقول إن إيران تفتخر في موقفها، تفتخر بقتل الأطفال والنساء، تفتخر بعمليات الاغتصاب التي جرت في حمص، وفي إدلب، وفي غيرها، أعتقد أن هذا يعبر أكبر تعبير على موقف الخزي الذي تقفه إيران في دعم نظام الأسد، أما فيما يتعلق، أعتقد أنه أي حكومة انتقالية تجري بعد سقوط نظام الأسد سوف تفتح تحقيقا مسؤولا حول دعم إيران وحزب الله لنظام الأسد، وبالتالي على نتائج هذا التحقيق سوف يقرر الشعب السوري فيما بعد استمرار هذه العلاقات أم قطعها، أم وضعها في أي مستوى، وسوف تتم محاسبة ومسؤولية أي جهة إيرانية تتورط في مسألة قتل السوريين، ليست مسألة سهلة، وأعتقد أن كل شخص يتورط بها سواء كان إيرانيا أو من أي جنسية أخرى، سوف يتم محاسبته على مستوى الداخل السوري بكل تأكيد، هذا الموضوع لا يستطيع أن ينساه السوريون، فدماء السوريون غالية وعزيزة على أي شخص يتحمل المسؤولية، يجب عليه أن يكون شفافا في هذا الموضوع. الموضوع الآخر المصالح، أعتقد أنه المعارضة السورية منذ البداية والثوار على الأرض حاولنا تجنيب سوريا أن تكون بأي شكل من الأشكال ضحية صراعات دولية، أو إقليمية، وقلنا ذلك بكل صراحة إلى الطرف الروسي وإلى الطرف الأمريكي، وإلى كل الأطراف العربية والدولية، لا نريد للشعب السوري أن يكون ضحية صراعات دولية وإقليمية، لكن للأسف نجد أن الدعم الإيراني والدعم الروسي على المستوى الدولي هو الذي حول نظام الأسد الذي يعتمد بشكل رئيسي على هذا الدعم من أجل إعطاء الضوء الأخضر لمزيد من المجازر والقتل بحق السوريين في كل ضاحية وفي كل منطقة وفي كل مدينة، وبالتالي، أصبح بشكل أو بآخر في عيون السوريين، السوريون يرون أن إيران وروسيا هي داعمة لنظام الأسد، ويجب على بكل ذلك أن منطق المصالح لا يكون بديلا أبدا عن المنطق الأخلاقي، لاسيما عندما يكون هناك دم غزير يسيل في الشوارع السورية، وأن هناك المجازر ترتكب بشكل يومي، وبالتالي هذا الموضوع لا يقبل المساومة.

ليلى الشيخلي: دكتور مصطفى اللباد، أنت في بداية حديثك عندما سألتك عن المصالح والمبادئ والأسس التي يقوم عليها هذا الدعم قلت حييت الشعب السوري، وقلت بأن هناك مصالح لإيران ولكن في نفس الكفة وضعت مصالح لقطر والسعودية، هل يستوي الأمران؟

مصطفى اللباد: في الواقع نحن إزاء دول وليس جمعيات خيرية، الشعب السوري يدفع ثمن نظام باطش يتحالف مع إيران، ويدفع ثمن تكالب إقليمي عليه، ليس بالضرورة لنصرة الشعب السوري والديمقراطية، ولكن لتحقيق مصالح وتغيير التركيبة الإقليمية الراهنة، حيث أن سوريا وعبقرية موقعها هي إضافة لإيران، هناك دول تريد توجيه ضربة لإيران على ظهر الشعب السوري وعلى حساب الثورة السورية ولذلك التضامن مع الشعب السوري واضح.

ليلى الشيخلي: ولكن هذا الكلام، ألا يقلل من ما يفعله، ما يقوم به الشعب السوري الآن من صرخة الاستغاثة الآن التي يطلقها الشعب عندما نتحدث بهذا المنطق؟

مصطفى اللباد: لا يقلل أبدا، الشعب السوري أكثر شعب عربي قدم دم من أجل حريته، وله كل الاحترام والتقدير والمساندة والمؤازرة، ولكن عندما يتعلق الموضوع بمصالح دول ومصالح دول إقليمية لا تملك أفضلية أخلاقية إزاء دول مجاورة، إذا نحن نتحدث عن مصالح، والشعب السوري يدفع الثمن مصالح هذه الدول الإقليمية كلها، من هو مع النظام ومن هو ضد النظام لأغراض في نفسه.

مستقبل التحالف السوري الإيراني

ليلى الشيخلي: ولكن يبدو الآن وكأن العالم تقريبا يكاد يكون في كفة ودولة أو دولتين في طرف آخر, الآن بالنسبة للتحالف السوري الإيراني تحديدا كيف ترى مستقبله؟ إلى أي حد ترى أن إيران ستذهب في تمسكها في هذا النظام؟

مصطفى اللباد: أعتقد أنه إيران ستتمسك بالنظام، وكخطوة ثانية ستتمسك بعدم تغيير التوازن الإقليمي الراهن حتى لو استبدل رأس النظام في سوريا، إيران لن توافق على استبدال هذه المعادلة الإقليمية، وبالتالي كان هناك مبادرات روسية، وأحاديث مع فرنسا بشأن يعني إجراء تغيير في رأس النظام، وربما حتى في النظام لكن مع الاحتفاظ بالمواقع الإقليمية، هذا لم يأت بجديد، اليوم هناك أقاويل أن هناك تحرك دولي لإنشاء حكومة في المنفى برعاية أوروبية وفرنسية، تحديدا أعتقد أن هذا هو سبب زيارة وليد المعلم إلى طهران لأنه تضامن إيران مع سوريا لا يحتاج إلى زيارات هو واضح، إيران تدافع عن نفسها في الواقع ولا تدافع عن النظام السوري بالضرورة، إيران حققت هذا التمدد الإقليمي، في سنوات دفعت رأس مال سياسي كبير ومن الغفلة توقع أن إيران سترفع يدها عن الموضوع وتترك سوريا كحديقة خلفية لتركيا، أو منطقة نفوذ للسعودية وقطر، هذا هو المنطق الداخلي للصراع الإقليمي الدائر على سوريا الآن.

ليلى الشيخلي: تعتقد أمير موسوي أن هذا يعني سيذهب بلا ثمن، هل هناك ثمن يمكن أن تدفعه إيران في مقابل هذا التمسك والتحالف؟

أمير الموسوي: إيران دفعت الثمن مسبقا، يعني ثلاثة عقود بسبب موقفها الداعم للمقاومة الفلسطينية والمقاومة الإسلامية في لبنان، وكذلك كتلة الممانعة، دفعت أثمان كثيرة فرضت عليها حرب ثماني سنوات بتحرش والنظام العراقي السابق، وبدعم الدول الخليجية بصورة كاملة من المال والاستخبارات، والدول الغربية، وكذلك في ذلك الوقت الإتحاد السوفيتي من خلال دعم صدام حسين بالصواريخ بعيدة المدى ضد طهران والمدن البعيدة، إذا إيران دفعت الثمن وما زالت تدفع الفاتورة الكبيرة في موضوع ملفها النووي السلمي، في موضوع دعم القضية الفلسطينية بصورة غير محددة وغير محدودة، إذا إيران سائرة في هذا المسير وتعرف هي متجهة إلى أين، هناك نوع من التكالب الدولي والإقليمي على الرأي العام العربي والإسلامي، أنا أعتقد أن إيران تحرص على هذا الأمر ولها أمل أن تغير نوعا ما من هذا الهجوم الفكري والإعلامي على الرأي العام العربي والإسلامي، لأنه حوّل الموضوع إلى قضية طائفية بامتياز للأسف الشديد وربما له أبعاد هذا الكلام، أنا اعتقد أن الدول.

مكاسب إيران من موقفها الداعم للنظام في سوريا

ليلى الشيخلي: دكتور لباد لنختم الحلقة فقط، نعم، لنختم الحلقة في ميزان الربح والخسارة ما الذي ستكسبه إيران من هذا الموقف برأيك؟

مصطفى اللباد: إيران لا خيارات أمامها، في الواقع لم يعرض عليها يعني تفاهمات compromises إيران أمام معادلة صفرية، إما تتمسك بالنظام أو ستخسر كل شيء، لم يعرض عليها غير ذلك لم يعرض عليها أي تفاهم إقليمي، نحن أمام كباش إقليمي، إما تربح أو تخسر، وبالتالي لا يوجد إلا طريق وحيد أمام إيران وهو التمسك بالنظام السوري لأنه لا خيارات أمامها في هذه التركيبة الإقليمية الراهنة.

ليلى الشيخلي: شكرا لك دكتور مصطفى اللباد، رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية، أشكرك أيضا دكتور رضوان زيادة، مدير مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري، وشكرا لأمير الموسوي، الباحث والخبير في الشؤون الإستراتيجية من طهران، وشكرا لكم مشاهدينا الكرام، على متابعة هذه الحلقة من برنامج ما وراء الخبر، نلتقي بإذن الله في قراءة جديدة وفي ما وراء خبر جديد في أمان الله.